هي البدر لكن الثريا لها قرط
هي البدر لكن الثريا لها قرط / ومن أنجم الجوزاء في نحرها سمط
مشت وعليها للغمام ضلائل / تظل ومن نسج الربيع لها بسط
تؤم صريعاً في الرحال كأنه / من السقم والأيدي تقلبه خطُ
فما اخضر ترب الأرض إلا لأنها / عليه إذا زارت بأقدامها تخطو
ولا طاب نشر الروض إلا لأنه / يجر عليه من جلابيبها مرطُ
ولا طار ذكر الظبي إلا وقد غدا / يصد كما صدت ويعطو كما تعطو
من البيض مثل الصبح ما للظلام في / محاسنها لولا ذوائبها قسطُ
إلى العرب الأمحاض يعزى قبيلها / وقد ضمها في الحسن مع يوسف سبط
ولما غدت كالعاج زين صدرها / بحقين منه قد أجادهما الخرط
وأرسل فوق الخد صدغ مكلل / كما انساب في الروضات حياتها الرقط
ذوائب زار الخصر منهن فاحم / تحدر لا جعد النبات ولا سبط
ينافي سنا الكافور إن مشطت به / ويخفي سواد المسك فهو لها خلط
ولما نأت عنا على كل حالةٍ / تساوَى الرضا والسخط والقرب والشحط
فاذكرنا ذاك البعاد معاشراً / نأوا فكأنا ما ما لقيناهم قط
وألقوا وقد شطوا فؤاد محبتهم / إلى بحر شوق ما للجته شط
وليس نسق السفن أمواجه ولا / بساحله للعيس رفع ولا حط
أأحبابنا بالشام عفتم جوارنا / فجاوركم في أرضها الخوف والقحط
وما كان بعد النيل والنيل زاخر / بمصر ليغنى عنكم ذلك الخط
وقد عشتم فيها زماناً فما اعترى / رضاكم بها لولا تخوفكم سخط
وكنتم لنا دون الأقارب أسرة / ونحن لكم من دون رهطكم رهط
وإنا أناس ليس يبرح جارنا / يحكم في الأموال منا فيشتط
ويمتاحنا زوارنا فكأنما / غدا لهم شرطٌ علينا ولا شرط
ويصبح بسط الكف بالمال عندنا / وكل مليك عنده القبض والبسط
وتخرق شرق الأرض والغرب خيلنا / عليها الشباب المرد والجلة الشمط
وظلماء للشهب الدراري إذا سرت / هناك مع السارين في جنحها خبط
كما أول الفجرين سقط يسل من / حشاها كذاك البرق في جوفها سقط
سللنا بها البيض السيوف فلاح في / شباب الدجى لما بدا لمعها وخط
سيوف لها في كل درع وجنة / إذا ما اعتلت قدُّ أو اعترضت قط
ذخرنا سطاها للفرنج لأنها / بهم دون أهل الأرض أجدر أن تسطوا
لهم قسطهم في الحرب منها ومالها / عليهم لدى الهيجاء عدل ولا قسط
وقد كاتبوا في الصلح لكن جوابهم / بحضرتنا ما ينبت الخط لا الخط
سطور خيول لا تغب ديارها / لها بالمواضي والقنا الشكل والنقط
وحرب لها الأرواح زاهقة لما / تعاين والأصوات من دهش لغط
إذا أرسلت فرعاً من النقع فاحماً / أثيثا فأسنان الرماح لها مشط
كأن القنا فيها أنامل حاسبٍ / أجد بها في السرعة الجمع واللقط
رددنا بها ابن الفنش عنا وإنما / يثبته في سرجه الشد والربط
فقولوا لنور الدين ليس لجائف ال / جراحات إلا الكي في الطب والبط
وحسم أصول الداء أولى لعاقل / لبيب إذا استولى على المدنف الخلط
فدع عنك ميلاً للفرنج وهدنه / بها أبدا يخطى سواهم ولم يُخطُوا
تأمل فكم شرط شرطت عليهم / قديماً وكم غدر به نقض الشرط
وشمر فإنا قد أعنا بكل ما / سألت وجهزنا الجيوش ولن يبطوا
ودونك مجد الدين عذراء زفها / إليك الوفاء المحض والكرم السبط
هديَّا تهادى بين حسن وفائنا / وانعامنا ذا التاج زان وذا القرط
على أنها تشتط إن هي ساجلت / أجيرة قلبي إن تدانوا وإن شطوا