المجموع : 3
تعشقته ظبيَ الكناس إذا عطا
تعشقته ظبيَ الكناس إذا عطا / وعلّقته ليث العرين إذا سطا
وأسكنته عيني فزادَ ملاحةً / وقد راحَ فيها بالدّموع مقرطا
نصبت له من قبل أشراك هدبها / فباتَ بها طول الدّجى متورّطا
وخلفتها بالدَّمع شكراً لأنه / إليها من الجنَّات فرّ وأهبطا
وكم من عذولٍ رامَ منيَ سلوةً / وأمسى كقلبي بالهموم مخلّطا
فما زادني في الحبّ إلاَّ تسرُّعاً / وما زادني في الصبر إلا تثبُّطا
أأترك ذاكَ الريق كالشهدِ مخبراً / وأطلب صبراً ما أشرّ وأحبطا
عليَّ يمينُ لا سلوت مهفهفاً / ولا بتُّ في رمَّان صدرٍ مفرّطا
ولا حلت عنهُ فاتر اللحظ أغيداً / يخرُّ له الغصن الرطيب إذا خطا
تصيدني من شعرهِ بحبائلٍ / غدوت بها عمَّا سواهُ مربطا
ولم أرَ مثل البند ما بين خصره / وأردافه من جورها قد توسطا
يطول إذا لم ألقَه عمرُ الدّجى / إلى أن أراهُ بالكواكبِ أشمطا
ليالٍ تولت ما أرقّ معاطفاً / وعيشاً تقضى ما ألذّ وأغبطا
رمى ثغرهُ كاللؤلؤ الرطب ساطعاً / علي جيده زاهي النظام مسمّطا
فيا حامي الإسلامَ من كلماته / بأجهد من حربِ الأسود وأربطا
أحاطَ به جيشُ السطور وإنما / أدارَ به الأمر الذي كانَ أحوطا
وسادَ البرايا كلَّما نال مصعداً / بأفق المعالي نال شافيه مهبطا
وما أن رأينا مثل أنهار طرسه / لدُرّ معانيه مغاصاً وملقطا
تألَّق فيها كالكواكب لفظها / فلم تشكُ عينٌ في دُجى النفس مخبطا
ولا عيبَ فيه إن تأمَّلت خلقه / سوى أنه يطغي الخليقة بالعطا
على مثله فليعقد المرءُ خنصراً / لإنا رأيناه لدى الجود مفرطا
نوالٌ تلظى الغيث بالبرق حرقةً / لتقصيره عنه وبالرَّعد عيَّطا
وبشرٌ لدى العافين أحلى من المنى / ورأيٌ إلى العلياء أهدى من القطا
من القومِ فاتوا الناس سبقاً إلى العلى / ألم ترهم أندى أكفًّا وأبسطا
كأنَّ لهم فيها طريقاً مفسراً / وعندهم فيها طريقاً مخبَّطا
إذا ابْتدروا غايات لفظٍ رأيتهم / من الروض أنشى أو من الريح أنشطا
مطاعين في الهيجا مطاعين في الورى / قريبين من رشدٍ بعيدين من خطا
كأنهمُ في السلم زهرٌ وفي الوغى / قتادة تأبى أن تلين فتحبطا
أبى الله إلاَّ أن يذلَّ حسودهم / ويرضون في كلّ الأمور ويسخطا
إليكَ شهابَ الدين جدت ركائبٌ / كأنَّ لها في تربِ أرضك مسقطا
فداكَ بخيلٌ لا يسود وإنما / قصاراه أن يخشى افتقاراً ويقنطا
تهتك لمَّا ضنَّ بالمال عرضهُ / ألا إنَّ جودَ المرء للعرض كالغطا
وما أنت إلاَّ البحر في كلّ حالةٍ / نوالاً وعلماً ما أبرّ وأقسطا
تجاوزت في الإنعام كعباً وحاتماً / وطاولت في الإرغام عمراً وأحبطا
وفقهتهمُ إن كنت حقًّا مصححاً / وكانوا حديثاً في الأنام مغلّطا
وطالَ كما تختارُ قدرُكَ في الورى / لأبعدَ من شأوِ النجوم وأشحطا
كأنَّ ثريا الأفق كفٌّ تطاولت / لتلقي له فرش الغمام وتبسطا
إذا حاق خطبٌ أو تطلَّع حادثٌ / سلكت من الأقلام عضباً مسلَّطا
يراع يربَى في سيول دوافق / وأغيال أسدٍ لا تفرّ تحمطا
فمن أجل هذا سرّ عافيه في الندى / ومن أجل هذا ساء شانيه بالسطا
لك الله من حرٍّ يرى ليَ برّهُ / وقد مدَّ لي دهرِي الهموم ومطَّطا
وشيد لي بالذكرِ قدراً ورفعةً / بعيد عليها أن تحول وتكشطا
فخذْ مدَحاً تنشي لك الروض يانعاً / إذا شئت أو تبدِي لك الوصف أرقطا
إذا أشرقت في محفلٍ ظنَّ أهله / سنا المشترى من ضوئها متقمّطا
وإن كنتَ فيها قد تفردت بالثنا / فإنَّك أيضاً قد تفردت في العطا
بروحيَ مشروطٌ على الخدِّ أسمرٌ
بروحيَ مشروطٌ على الخدِّ أسمرٌ / دنا ووفى بعد التجنب والسخط
وقال على اللثم اشترطنا فلا تزد / فقبَّلته ألفاً على ذلك الشرط
بروحي كحلا الطرف لا بتكحُّلٍ
بروحي كحلا الطرف لا بتكحُّلٍ / مخطَّطة لكن بغير خطوط
تخير طرفي قدَّها العدل شاهداً / فألفيته أيضاً أجلّ شروطي