ألستَ ترى اليوم المليح المُغايظا
ألستَ ترى اليوم المليح المُغايظا / رعاكَ مليكٌ لم يزل لك حافظا
غدا الدجْنُ فيه يقتضي اللهو أهله / وقد يقتضيك الحقَّ من ليس لافظا
فطوراً ترى للشمس فيه ستارةً / وطوراً ترى للشمس طرْفاً مُلاحظا
غدا بالذي أهداه خِلّاً مُلاطفاً / وإن كان ضِدّاً بالصيام مغالظا
تحفَّى فقد أضحى الندى فيه فائضاً / وأعفى فقد أضحى الأذى فيه فائظا
وقد عدم المعصومُ فيه رقيبه / كما عدِم القينات فيه الحوافظا
ولكنه الشهر الذي غاب لهوُهُ / فعادت ملاهي الناس فيه مواعظا
أصامكموه اللَّهُ في ظلِّ غِبطةٍ / وأبْقاكمُ غيْظاً لذي الغِلِّ غائظا
جزاءً بما لقَّيْتموهُ طلاقةً / وخالفتُمُ فيه الشهاوَى اللَّعامِظا
ألا أيها المكنيُّ باسم محمدٍ / فدتْك نفوسُ اللاحظيك الملاحظا
حكى يومُنا هذا نداكَ وحُسنَه / إذا ما غدا يحمي نثاك مُحافظا
على أنه لم يحْكِ فعلك إنما / حكى وعْدك الغوثَ النفوسَ الفوائظا
ولم يحك شيئاً من ذكائك إنه / إذا كنتَ فيه شاتياً كنت قائظا
فعش لابن حاجاتٍ وصاحب دولة / إذا الأمر أضحى فادحَ الثِّقل باهظا
ولا زلتَ محمودَ البلاء جميلَه / إذا استخرَجَتْ منك الهناتُ الحفائظا
أراكَ إذا ما كنتَ صدراً لموكبٍ / أثار عجاجاً واستثرت مغائِظا
وظلَّت عيون الناس شتى شؤونُها / فغضتْ ومدّت عند ذاك لواحظا
يصادون من لولاه لاقت كُفاتُهم / شدائدَ من شغْب الخطوب غلائظا
جَللْتَ فلم تعدم من الناسِ مُغضِياً / ورُقْتَ فلم تعدم من الناس لاحظا
وإن كنتَ يوم الحفل صدراً لمجلس / تركتَ خصيمَ الحق أخرس واعظا
تظل إذا نامت عُقولُ ذوي العمى / وإن حدَّدوا زُرقاً إليك جواحظا
تغاضى لهم وسنانَ بل متواسِناً / وتوقظهم يقظان لا متياقظا
وترمي الرمايا في المقاتل عادلاً / إذا أكثرت نبلُ الرُّماة العظاعظا
حلوتَ ولم تضعفْ فلم تكُ طُعمةً / ولا أنت مجَّتْك الشِّفاهُ لوافظا
بقيتُمْ بني وهبٍ فإن بقاءكم / صلاحٌ وإن ساء العدوَّ المغايظا
ومُلِّيتُمُ للحظِّ ركناً موطَّداً / يُملِّيكمُ للعزِّ ركناً مدالظا
مقايظنا فيكم مشاتٍ بجُودكم / وكانت مشاتينا بقَومٍ مقايظا
عجبتُ لقوم ينفسونَ حُظوظَكُم / وأنتم أناسٌ تحملون البواهظا
وكنتْم قُدامى حين كانوا خَوافياً / وكنتم صميماً حين كانوا وشائظا
يغيظهمُ استحقاقكم وحقوقكم / فلا عدموا تلك الأمور الغوائظا
أيا حسناً أحسِنْ فما زلتَ مُحسناً / تيقَّظ للحسنى فتشْأى الأياقظا
أفِضْ من ندى لو حُمِّل المزنُ بعضَهُ / لراحت روايا المزنِ منه كظائظا
أعيذُك أن تغشاكَ فيَّ ونيَّةٌ / ولستُ على مَوْلىً سِواكَ مُواكظا
أجِرنيَ أن أُلفَى لغيركَ سائلاً / مُكاتبَ أقوامٍ وطوراً مُلافظا
ولا تُسْرحَنِّي في اليبيسِ مُشاتياً / كفاني لعمري باليبيس مُقايظا
ألم تجدوني آل وهبٍ لمدحكم / بنظمي ونثري أخطلاً ثم جاحظا
نسجتُ لكم حتى تُوُهِّمتُ ناسجاً / وقرَّظتكم حتى تُوهمتُ قارظا
وكنتم غُيوثاً خارقاتٍ شواتياً / روائع ثرَّاتِ العزالي قوائظا
فإن أنا لم تحظُظْ لديكم وسائلي / فمن ذا الذي تُلفى لديه حَظائظا
على أنه لا حمد لي إن منحتُكم / مسامحَ مجدٍ جاءني لا مناكِظا
يسيرٌ على المدَّاح أن يمدحوكمُ / أصابوا لألفاظ المديح ملافظا
ولو حاولوه في سواكمْ لصادفوا / مناكبَ دفع دون ذاك مدالظا
منحتُكها حوليةً بِنت يومها / عُكاظية أُشجِي بها المتعاكظا
ففوِّق قِداحي واهدِها بنصالها / وريِّش ورعِّظ لا عدمتُك راعظا