إِلى أَيِّ ضوءٍ مِن بُروقِ المُنى تَعشو
إِلى أَيِّ ضوءٍ مِن بُروقِ المُنى تَعشو / وَغَيث الصَوادي سارَ منكَ بِهِ نَعشُ
أَلا عَمِيَت عَينُ الزَمانِ فَلا هُدى / وَشلَّت يَمينُ المَجدِ مِنكَ فَلا بَطشُ
يَخيّلُ لي أَنَّ الضُّحى بَعدَكَ الدُجى / وَأَنَّ النَدى القَفرُ وَالأنسُ الوحشُ
أَهمُّ بِنَبشي قَبركَ الطَيِّب الثَرى / لَعَلّي أَستَشفي وَإِن حُرِّمَ النَبشُ
كَأَنّي وَقَد أَودَعتكَ القَبر طائِرٌ / كَسيرُ جَناحٍ لا فراخَ وَلا عُشُّ
مَحَلٌّ لِعَيني دَمعُها وَسُهادُها / وَحُرمٌ عَلى جَنبي الأسرّةُ وَالفرشُ
أعَزّى وَصَوتي بِالنَعِيِّ أَمُدُّهُ / كَما مَدّ بالتَحقيقِ حَمزَة أَو وَرشُ
أَراضَت بِمَثواكَ القُبورُ وَلَم يَزَل / عَلَيها لِساجي المزنِ مِن أَجلِهِ خَفشُ
نَعَتكَ مَعي زَهرُ الشُموسِ ثَواكِلاً / وَفي وردها طَلُّ المَدامِعِ وَالخمشُ
فَسودٌ مِنَ التَكحيلِ حُمرٌ مِنَ البُكا / عَلَيكَ وَملسٌ مِن نَعيمِ الصبا حَرشُ
شغلنَ عَنِ الحمامِ وَالطيبِ وَالحلى / فَما مُيِّزَت مِنهُنَّ عفرُ الفَلا الحمشُ
وَرَدَّ يَدي عَن حرِّ وَجهي حَياؤُهُ / فَإِن كانَ لَم يَخدِش فَفي قَلبيَ الخَدشُ
بِرغمِ أَبيكَ اللَيث بَزّتكَ عَن يَدٍ / يَدٌ يَتَساوى عِندَها الشِبلُ وَالجَحشُ
وَلَو فَهِمت مَعنى الزَمانِ بهيمَةٌ / لَأَعرَضَ خَوفَ النَسلِ عَن شاتِنا الكَبشُ
وَمن عَرَفَ الدُنيا صَحا مِن سُرورِهِ / وَأَمسى كَما أَمسَيتُ مِن هَمِّهِ يَنشو
فَأَيُّ شَبابٍ لا يفلُّ شَباتهُ / وَأَيُّ حَشاً لِلحرِّ بِالحرِّ لا يَحشو
حَبيبي الَّذي لا صَدرهُ لي يَنطَوي / عَلى غَيرِ ما أَرضى وَلا سرّهُ يَفشو
وَكُلُّ حَبيبٍ ما خَلا الوَلد الَّذي / تَقرُّ بِهِ العَينان في حُبِّهِ غشُّ
خلقتَ كَريماً في السَناءِ وَفي السنى / وَمتَّ صَغيراً لا فجورٌ وَلا فُحشُ
حَلَلتَ بِطوبى وَاِحتَلَلتَ جَزيرَةً / يروّعني فيها اِبنُ رَدمير وَاِدفننشُ
أَفاعي يفاع نَحنُ بَينَ نُيوبِها / رقاها بيوتُ المالِ لَو أمِنَ النَهشُ
وَما كُنتَ إِلّا جُنّتى وَتَميمَتي / إِذا عَضّت الأَيّامُ أَو عَضَّتِ الرقشُ
فَقَد أفردَت مِنكَ المَنِيَّة وَاِشتَفَّت / عداً طَعَنوا بِالكيدِ مِنهُم وَإِن بَشّوا
وَلا حَولَ إِلّا بِالإلهِ وَقُوَّةً / بِهِ مِن كَلامٍ طَيِّبٍ حُمل العَرشِ
رَضيتُ بِحُكمِ اللَهِ وَاِسمكَ وَالأَسى / ثبوتانِ في قَلبي كَما ثَبَتَ النَقشُ
وَهُنتُ عَلى أَنّي فَتى الفِئَةِ الَّتي / غَطارفَةُ الدُنيا إِلى نارِهِم تَعشو
كرامٌ يَنابيعُ النَدى في أَكُفِّهِم / إِذا غَرِقوا ظَنّوا بِأَنَّهُم رشّوا
تَسَلَّوا بِماءِ الكرمِ أَيّامَ عَصرِهِ / وَعافوهُ لمّا قيلَ حَرَّمَهُ النَشُّ
وَقَد تَركَبُ الخَيلَ العِتاقَ عَبيدُهُم / وَيَرضونَ حُبّاً لِلتَواضُعِ أَن يَمشوا
يَرى حَسَناتي ذو الجَهالَةِ حاسِدي / وذو العِلمَ أَرأى لَيسَ كَالنَخلِ الحَفشُ
مَغانيكَ يا عَبدَ الغَنِيَّ حُبَيّبي / بِها عَطَشٌ هَل مَن حباكَ لَها طَشُّ
جَعَلتُ أُداوي عِلَّتَيك تَعِلَّةً / عَسى الدَمُ يرقا وَالتَوَرُّمَ يَنفَشُّ
سَأَلتُ أَطِبّاءَ المَرِيَّةِ عَنهُما / وَقُرطُبَة حَتّى الَّذي دارهُ أَلشُ
فَحارَت عُيونُ القَومِ فيكَ مِنَ السَنا / كَأَنَّكَ شَمسٌ قابَلتهُم وَهُم عُمشُ
وَفهم سُلَيمانٍ لِفَضلِ قَضائِهِ / لَدى نَفش غَيري يَقولُ لَهُ نَفشُ
خَبا وَنَبا لَمّا أَتاهُ حمامُهُ / فَخَرّ لقىً وَالجِنُّ عَن أَمرِهِ تَعشو
ثَكلتُ أَحبّائي فَهَل كُلُّ شامِتٍ / عَلى ثِقَةٍ أَن لا يُغَشّى الَّذي غَشّوا
تَزَهّدت في الدُنيا وَتُهتُ عَلى المَلا / فَلَو بِتُّ أطوى لَم أَقُل لَهُما عشّوا
بِمَوتِ الَّذي يسقي وَيُطعِمُ مالَهُ / وَمَن شُربُه وَغلٌ وَمَطعَمُهُ وَرشُ