شواهد قلب الصب لا تقبل الرشا
شواهد قلب الصب لا تقبل الرشا / فكيف قبول النصح من كاشح وشى
أيأمر خلو بالتصبر مغرما / وآنس ربع الحب أصبح موحشا
أما في الهوى العذري عذر لشيق / إذا لاح برق من تهامة أجهشا
ويهتز من وجد إذا نفس الصبا / سحيراً بأعطاف الخزامى تحرشا
متى يرد الماء النمير محلأ / فينقع من ورد الصفا غلة الحشا
وينهل من ماء بطيبة حائم / يروي فؤاداً نحوها متعطشا
سقى حرمي أرض الحجاز حيا روى / ليحيي ميت الحرتين وينعشا
أتى ونبات الأرض بالجدب خامل / فدر له كاس العمائم فانتشا
فأضحت أزاهير الرياض كأنها / مطارف وشي زانها صنع من وشى
إذا هيمنت فيها النسيم تظنها / تحبر في الغدران خطاً مرقشا
فثم لعمر الله أشرف دارة / إلى نارها طرف لمستوقد عشا
إذا أمها ركب وددت بأنني / جعلت له خدي على الأرض مفرشا
أعظم أخفافا كرائم ترتمي / إلى الفاتح الختام أكرم من مشى
محمد المبعوث بالحق والذي / لموسى وعيسى في الكتابين أدهشا
وحاز من الرهبان سلمان وصفه / فطاف عليه في البلاد وفتشا
وفاز بما أبدى بحيرا وخاب من / بظلم على كتمان أوصافه ارتشى
فبورك حملا واستوى الخير مرضعا / وباء بأنواع الكرامة مذ نشا
ولاحت أمارات النبوة عنده / لذي نظر ما شاب أوصافه العشا
تبشبش وجه الأرض مذ حلها كما / بطلعته وجه السماء تبشبشا
حباه بما يعلو من الوصف ربه / وعلمه من أشرف العلم ما يشا
وجاء بحق مستبين نفى به / زخارف إفك كان في الناس قد فشا
وجاهد حتى شاد بالسيف رافعا / من الدين ما أوهى الضلال وشوشا
حوى الحسن والإحسان والحلم والتقى / فلم يك صخابا ولا متفحشا
ولا عباساً فظاً غليظاً فلم يلم / حبوشاً على زفن ولا عاب أنجشا
حيي جواد زاهد متوكل / فما اعتد فضلاً من غداء إلى عشا
شجاع إذا ما الحرب مدت رواقها / وأسبل فيها النقع ليلا فأغطشا
لا كربها حتى تبين أنه / لدى الباس منهم كان أقوى وأبطشا
له القمر انشق امتثالا لأمره / وحيته جهراً ظبية فارقت رشا
شفاعته للناس عن طول حبسهم / كما من لظى ينجي بها من تمحشا
وفي الحشر يسقي الناس من حوضه الروي / إذا كان كرب الحشر للناس معطشا
وإني لأرجوه إذا اغتالني الردى / وبؤئت في البيداء قبراً منبشا
وفي الموقف الصعب الشديد الذي به / تخال الجبال الصم عهنا منفشا
يعطر شعري ذكره فكأنما / لشعري بالكافور والمسك قد حشا