القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَعرُوف الرُّصافِيّ الكل
المجموع : 2
بني وطني ماذا أُؤمّل بعدما
بني وطني ماذا أُؤمّل بعدما / تفشّت سعايات لكم بالتجسّس
أقول لمن قد لامني في تشدٌّدي / على كل تدليسٍ أتى من مدلّس
لو أسوَدّ وجه المرء من قُبح فعله / لما كنت تَلقي بيننا غير مُدفِس
ولو نال بالأخلاص مُثرٍ ثراءه / لما كنت تلقي بيننا غير مفلس
نحاول عزاً بابتذال نفوسنا / فنشري خسيساً بالثمين المقدّس
ومن جهلنا استكراهُنا في معاشنا / شقاءً نزيهاً للنعيم المدنّس
سأرحل عنكم للذي قد أقامني / على مُوحش من أمركم غير مؤنس
أبَيت لنفسي أن تحُلّ مكانة / من العيش إلاّ فوق عزٍّ مؤسَّس
ولو أنّ هذا الصبح كان انبلاجه / بغير شروق الشمس لم يتنفّس
فلا أبتغي بالذلّ عيشاً مرفَّهاً / ولو عشت في العُزّى بفول مدمّس
وما أنا كابن العبد إذ عانق الردى / لجَدْوَى أبتها رغبة المتلمّس
إذا ابتسمت لي عزتي ونزاهتي / فلست أبالي بالزمان المعبّس
أقابل أخلاق الرجال بمثلها / وأعرف منهم وجهها بالتفرُّس
فأعنُو لمن يعنو وأقسو لمن قسا / وأظهر كالغِطريس للمتغطرس
ولست أجازي المعتدي باعتدائه / ولكن بصفح القادر المتحمّس
وما أنا من أهل الدَعارة والخنى / ولا من أولي حمل السلاح المسدّس
ولكنّ لي فيكم يراعاً إذا شدا / أتاكم بكافٍ من علاه ومخرس
وما خالق الأكوان إلاّ مهندس / وإن جلّ عن تعريفه بالمهندس
تجلّى على أكوانه بصفاته / وأغلس فيهم كنهُهُ كلَّ مُغلَس
وأقبسهم نوراً شديداً جلاؤه / فساروا به كالعُمي في كلِ حندس
وألبسهم حمر الغرائز فأغتنَوْا / بحمرتها عن كل ثوب مُوَرّس
وما مقبِس عند النهى غير قابس / ولا لابس عند النهي غير مُلبس
فأيّان جان الطرف لم يَرْءَ غيره / إذا كان في ألحاظه غير مبلِس
حقيقة مخلوقاته لم تكن سوى / حقيقته دع عنكَ حدس المحدّس
ألا أنني للكائنات موحذِد / ولو أرغمت كل المذاهب معطسي
أرى الحسن في لبنان أينع غرسه
أرى الحسن في لبنان أينع غرسه / وقارب حتى أمكن الكفّ لمسه
إذا ما رأته عين ذي اللبّ مشرقاً / تنزّت به في مدرح الحبّ نفسه
زكا مغرساً فالذام ليس يؤمّه / وطاب جنىً فالسوء ليس يمسّه
قسا صخره لكن تفجّر ماؤه / فلان بكفّ العيش منه مجسّه
لقد لبس الجوّ اللطيف فزانه / بما فيه من غرّ المحاسن لبسه
ففي الليل لم يزعجك برد نسيه / وفي الظهر لم تلفحك بالحرّ شمسه
وقد عبّدت للسالكين طريقه / وحرّر أهلوه وبورك أنسه
فمن كان في طرق التواصل عثرةً / فقد جاز في شرع المحبّة دعسه
تضيء نجوم السعد واليمن فوقه / فينجاب شؤم الدهر عنه ونحسه
ويهمس في أذن الطبيعة جوّه / فيضحكها فوق الربا الخضر همسه
كأن النسيم الطلق بين جنانه / غناء حبيب يطرب النفس جرسه
كأن جبال المَتن حدبة عابد / هوى ساجداً شكراً وبيروت رأسه
يقال عن الأضواء في جوف ليله / ببيروت إذ يغشى من الليل دمسه
تزوّج صنّين الفتى بنت جاره / فأضواء بيروت الوسيطة عرسه
ونبع الصفا والقاع فيه كلاهما / من الحسن ملأى بالبدائع كأسه
جرى الماء في واديهما متدفقاً / بانشودة الأطراب تنطق خرسه
أن تَزُرِ الشاغور يوماً تجد به / من الحسن ما قد خصّ بالفضل جنسه
جرى ماؤه العذب الزلال محاكياً / به الماس صفواً أو هو الماس نفسه
ترى طبع واديه رءوفاً بأهله / شديداً على ما يزعج النفس بأسه
فمن زاره مستوحشاً فهو انسه / ومن جاءه مستنزهاً فهو قدسه
فيا لائمي في حب لبنان انني / أحسّ لعمري منه ما لا تحسّه
إذا كان لبنان كليَلى محاسناً / فلا تعجبوا من أنيي اليوم قيسه
وأن تحمدوا منهُ الأيادي فإنني / أنا اليوم من بعد الأيادي قسَه
عجبت لمدفون به بعد موته / ولم ينتفض حيّاً وينشقّ رمسه
فمن لم يزُره وهو ربّ استطاعة / تحتّم في سجن الحماقة حبسه
ومن زاره مستشفياً زاره الشفا / وإن كان قبلاً يائساً منه نطسه
ولو جاءه من فَيه مسّ وجنّة / لما حلّه إلاّ وقد زال مسّه
وما حلّه مستوحش النفس واجم / من الناس إلاّ تمّ بالضحك انسه
محلّ اصطياف الأغنياء من الورى / يعيش عزيزاً فيه من ذلّ فلسه
فمن يبذلِ الدينار فيما يريده / فمأواه محمود وإِلاّ فعكسه
كمثل الذي لا تصرف الفلس كفُّه / ولو كان دون الفلس يقلع ضِرسه
كتبت كتاب المدح في وصف حسنه / فضاق ولم يستوعب الوصف طرسه
فما كل ما قالت به شعراؤه / سوى ثلث ما يحويه بل هو خمسه
ألا أن في لبنان جوّاً مروّقاً / إذا ما شفى المسلول لم يخش نكسه

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025