يُنازِعُني شوقٌ إلى الثغرِ هاجسُ
يُنازِعُني شوقٌ إلى الثغرِ هاجسُ / أَثارتْه أنفاسُ النسيمِ النَّفائسُ
تَحمَّلْنَ من روضِ الكنيسةِ بهجةً / بليلةِ أَنْداءٍ نَمَتْها المجالس
وصافحْنَ أَجْناسا من النَّوْر سُحْرةً / رياض بني في تُرْبِها القصرَ فارس
ووافتْ طهورَ الظاهرية والرُّبا / عليهنَّ من رَقْم السحابِ طَنافس
وثامِرُ أَثْمارِ الكُرومِ مُنثّر / عليها كما بَثَّت فَريدا أَوَانِس
وشقت رياحين السّواقى بُرودها / براب لها لما سَرى وهْو قارِس
وسِرْن إلى الحيلى فغادرْنَ غُدْرَها / دُروعا حَكتْ ما اعْتَدَّ للحربِ فارِس
ودَرَّجْن بالقَصْرين رملا كأنه / غُصونُ جباهِ الروم وهْي عوابِس
ومَرَّت على ماءِ الخليج بسُحْرةٍ / وللطير فيها بالغصون وَساوِس
وفي الطيرِ والدولابِ شادٍ وزامرُ / لَدى شجرٍ تُجْلَى بهن العرائس
كأن الرُّبا في الزهرِ والماء حولَها / قَلانسُ وَشْىٍ حولَهن طَيالِس
كأن بياضَ الماءِ في كل جدولٍ / نُصولُ سيوفِ أَخلصَتْها المدَاوِس
كأن نبات النرجسِ الغضِّ إذ بدا / شَراريبُ خضرٌ فوقَهن كَبائسُ
وقد قابلتْ وردا جَنِيا كأنه / مَطَارفُ خَزٍّ فيه قانٍ ووارِس
وقد أظرَ الخِيرِىُّ صلبان عسجدٍ / على أربع حززن والقمعُ خامس
ديارٌ لبستُ اللهو فيها مع الصِّبا / فنِعْمَ الحُلَى فيها ونعم الملابس
لياليَ أُعطي الحبَّ فَضْلةَ مِقْوَدي / ذَلولا وعند العَتْب واللوم شامِس
أَصيدُ المَها فيهنّ ثم يَصِدْنَني / فكلٌّ لقلبي بالشباب فَرائس
تساوتْ بنا حالُ الصَّبابةِ والصِّبا / فكلٌّ لكلٍّ مُشبهٌ ومُجانس
وَأَوْفَى سلاحٍ سالمتْنيِ لأجله / شبابٌ ومُسْوَدُّ الضفيرةِ ناقِس
فأرشُفُ درّا لم يُثَقِّبه ناظمٌ / ونَوْرَ أقاح ما نَمَتْه المَغارس
وأقطف وردَ الخدِّ والوردُ زاهرٌ / وأَلزَم غصنَ البانِ والغصنُ مائس
وأَكْرع في سَلْوى حديثٍ كأنه / سُلافٌ تَبدَّتْ من فم الدن عانس
زمانٌ كطيفٍ زار وازْوَرَّوَشْكَ ما / تَصافَح جَفْنَا مُغْرَمٍ وهْو ناعس
وتُطْمِعُني نفسي إليها بعودةٍ / على أنه نوعٌ من الظن حادس
وكم رُمت عَوْدا مرةً بعد مرةٍ / إليها فيَثْنِى من عنانىّ حابس
أُعلِّل قلبي بالأماني طَماعة / على أنني عند الحقيقة آيس
إذا نام طَرْفُ الخَلْقِ أَرَّقنى أسى / تُضَرِّمه تحت الضلوع الحَنادس
لقد كنتُ بالإسكندرية في غِنىً / من القربِ لكني مع البعدِ بائس
عليها سلامي ما حَييتُ وإن أَمُتْ / تَولتْه للرَّاوِينَ شِعْرِي مدارس