المجموع : 21
تَداوَلَني صُبحٌ وَمِسيٌ وَحِندِسٌ
تَداوَلَني صُبحٌ وَمِسيٌ وَحِندِسٌ / وَمَرَّ عَلَيَّ اليَومُ وَالغَدُ وَالأَمسُ
يُضيءُ نَهارٌ ثُمَّ يُخدِرُ مُظلِمٌ / وَيَطلُعُ بَدرٌ ثُمَّ تُعقِبُهُ شَمسُ
أَسيرُ عَنِ الدُنَيا وَما أَنا ذاكِرٌ / لَها بِسَلامٍ إِنَّ أَحداثَها حُمسُ
صَرورَةَ ما حالينِ ما لِكِعابِها / وَلا الرُكنِ تَقبيلٌ لَدَيَّ وَلا لَمسُ
وَلَم أَرِثِ النِصفَ الفَتاةَ وَلَم تَرِث / بِيَ الرَبعَ بَل رِبعٌ تَطاوَلَ أَو خِمسُ
لَعَمري لَقَد جاوَزتُ خَمسينَ حِجَّةً / وَحَسبِيَ عَشرٌ في الشَدائِدِ أَو خَمسُ
وَإِن ذَهَبَت كَالفَيءِ فَهِيَ كَمَغنَمٍ / يُحازُ وَلم يُفرَد لِخالِقِهِ الخُمسُ
فَلِلخَبِرِ المَروى وَلِلعالَمِ القِلى / وَلِلجَسَدِ المَثوى وَلِلأَثَرِ الطَمسُ
بَدارِ بَدارِ الخَيرَ يا قَلبِ تائِباً / أَلَستَ بِدارٍ أَنَّ مَنزِلِيَ الرَمسُ
وَأَجهَرُ حياً ثُمَّ أَهمُسُ تارَةً / وَسِيّانِ عِندَ الواحِدِ الجَهرُ وَالهَمسُ
وَأَقمُسُ في لُجِّ النَوائِبِ طالِباً / وَيُغرِقُني مِن دونِ لُؤلُؤِهِ القَمسُ
وَلَم أَكُ نِدّاً لِلكِلابيِّ أَبتَغي / مِنَ السُؤرِ ما فيهِ لِذي شَنَبٍ غَمسِ
إِذا ما أَسَنَّ الشَيخُ أَقصاهُ أَهلُهُ
إِذا ما أَسَنَّ الشَيخُ أَقصاهُ أَهلُهُ / وَجارَ عَلَيهِا لنَجلُ وَالعَبدُ وَالعِرسُ
وَصارَ كَبِنتِ المومِ تَسهَرُ في الدَُجى / بُكاهُ لَهُ طَبعٌ وَلِمَّتُهُ بِرسُ
وَأَكثَرَ قَولاً وَالصَوابُ لِمِثلِهِ / عَلى فَضلِهِ أَن لا يُحَسُّ لَهُ جَرَسُ
يُسَبِّحُ كَيما يَغفِرُ اللَهُ ذَنبَهُ / رُوَيدَكَ في عَهدِ الصِبا مُلِىءَ الطِرسُ
وَقَد كانَ مِنَ فُرسانِ حَربٍ وَغارَةٍ / فَلَم يُغنِ عَنهُ السَيفُ وَالرُمحُ وَالتِرسُ
وَأَصبَحَ عِندَ الغانِياتِ مُبَغَّضاً / كَأَنَّ خَزُّهُ خِزيٌ وَعَنبَرُهُ كِرسُ
عَجِبتُ لِقَبرٍ فيهِ ضيقٌ تَزاحَمَت / عَلى الكَونِ فيهِ العُربُ وَالرومُ وَالفُرسُ
مَتّى يَأكُلِ الجُثمانَ يَسكُنهُ غَيرُه / يَدَ الدَهرِ حَرَساً جاءَ مِن بَعدِهِ حَرسُ
وَكَم دَرَسَت هَذي البَسيطَةُ عالَماً / وَعالَمُ جيلٍ مِن عَوائِدِهِ الدَرسُ
لَقَد فَرَسَت تِلكَ الأُسودُ طَوائِفاً / أَنيساً وَوَحشاً ثُمَّ أَدرَكَها الفَرسُ
وَما بَرِحَ الإِنسانُ في البُؤسِ مُذ جَرَت / بِهِ الرَوحُ لا مُذ زالَ عَن رَأسِهِ الغِرسُ
فَلا تَعذُلينا كُلُّنا اِبنُ لَئيمَةٍ / وَهَل تَعذُبُ الأَثمارُ إِن لُؤمَ الغَرسُ
طَفَونا وَنَرسو الآنَ لا سُرَّ أَسوَدي / بِمِلكِ البَرايا ما العِراقُ وَما النَرسُ
فَإِنّي أَرى الكافورَ وَالطيبَ كُلَّهُ / يَزولُ بِمَوتٍ جاءَ في يَدِهِ وَرسُ
مَضى الناسُ إِلّا أَنَّنا في صُبابَةٍ / كَآخَرِ ما تُبقي الحِياضُ أَو الخَرسُ
وَلَم يَسمَعوا قَولاً أَمِن صَمَمٍ بِهِم / وَلَم يَفهَموا رَجعاً كَأَنَّهُمُ خُرسُ
لَو اِنِّيَ كَلبٌ لا عَتَّرَتني حَميَّةٌ
لَو اِنِّيَ كَلبٌ لا عَتَّرَتني حَميَّةٌ / لِجَّروِيَ أَن يَلقى كَما لَقِيَ الإِنسُ
أَرى الحَيَّ جِنساً ظَلَّ يَشمُلُ عالَمي / بِأَنواعِهِ لا بورِكَ النَوعُ وَالجِنسُ
نَصَحتُكِ أَجسامُ البَريَّةِ أَجناسُ
نَصَحتُكِ أَجسامُ البَريَّةِ أَجناسُ / وَخَيرٌ مِنَ الأَعراسِ بُرسٌ وَعِرناسُ
وَلا تَلِجي الحَمّامَ قَد جاءَ ناصِحٌ / بِتَحريمِهِ مِن قَبلِ أَن يَفسُدَ الناسُ
فَكَيفَ بِهِ لَمّا اِعتَدى في طَريقِهِ / رُجَيبٌ وَحَوّاشٌ وَتَنجٌ وَأَشناسُ
تَمازَجَ بِالعُربِ الأَعاجِمُ وَالنَقى / عَلى الغَدرِ أَنواعٌ تُذَمُّ وَأَجناسُ
أُناسٌ كَقَومٍ ذاهِبينَ وُجوهُهُم / وَلَكِنَّهُم في باطِنِ الأَمرِ نَسناسُ
جَزى اللَهُ عَنّي مُؤنِسي بِصُدودِه / جَميلاً فَفي الإيحاشِ ما هُوَ إيناسُ
تَخافينَ شَيطاناً مِنَ الجِنِّ مارِداً / وَعِندَكِ شَيطانٌ مِنَ الإِنسِ خَنّاسُ
أَلَم تَرى لِلشِعرى العَبورِ تَوَقَّدَت
أَلَم تَرى لِلشِعرى العَبورِ تَوَقَّدَت / بِعالٍ رَفيعٍ لَم تَنَلهُ القَوابِسُ
تَبارَكَ رَبُّ الناسِ لَيسَ لِما أَبى / مُريدٌ وَلا دونَ الَّذي شاءَ حابِسُ
سُيوفٌ بِها جَونانِ جارٍ وَجاسِدٌ / وَخَيلٌ عَلَيها الماءُ رَطبٌ وَيابِسُ
وَيَعبِسُ وَجهُ الدَهرِ وَالمَرَءُ ضاحِكٌ / وَيَضحَكُ هُزءاً وَالوُجوهُ عَوابِسُ
تَكَرَّهَ نُطقَ الناسِ فيما يَريبُه / فَأَفحَمَ حَتّى لَيسَ في القَومِ نابِسُ
بُرودُ المَخازي لِاِبنِ آدَمَ حُلَّةٌ / لَعَمري لَقَد أَعِيَت عَلَيهِ المَلابِسُ
نُراقِبُ ضَوءَ الفَجرِ وَاللَيلُ دامِسُ
نُراقِبُ ضَوءَ الفَجرِ وَاللَيلُ دامِسُ / وَما يَستُرُ الإِنسانَ إِلّا الرَوامِسُ
تَنَمَّسَ مِنّا بِالدِيانَةِ مَعشَرٌ / وَقَد بَطُلَت عِندَ اللَبيبِ النَوامِسُ
فَكَيفَ تَرى المِنهاجَ وَاللَيلُ مُقمِرٌ / وَلَم تَرَهُ وَاليَومُ أَزهَرُ شامِسُ
وَتَحمِلُنا الأَيّامُ حَملَ عَوائِمٍ / بِنا في خِضَمٍّ كُلُّنا فيهِ قامِسُ
فَهُنَّ لِأَهلِ اليُسرِ نوقٌ أَذِلَّةٌ / وَهُنَّ لِأَهلِ العُسرِ خَيلٌ شَوامِسُ
فَما سَئِمَ الساري وَقَد بَلَغَ المَدى / وَلا رَزَمَت في السَيرِ تِلكَ العَرامِسُ
وَدُنياكَ دارٌ مَن يَحُلُّ فِناءَها / فَقَد غَمَسَتهُ في الشُرورِ القَوامِسُ
وَسُلطانُها كَالنارِ إِن هِيَ لومِسَت / تُحَرِّقُ ما يَدنو لَها وَيُلامِسُ
وَيَجمَعُنا مِن صَنعَةِ الرَبِّ أَربَعٌ / وَمِن فَوقِها وَالمُلكُ لِلَّهِ خامِسُ
وَما فَتِئَت نيرانُ فارِسَ يَعتَلي / بِها العِزُّ حَتّى أَبطَلَتها الأَحامِسُ
تَكَلَّم هَذا الدَهرُ بِالنُصحِ مُعلِناً / جَهاراً بِما أَخفَتهُ عَنّا الهَوامِسُ
وَكَيفَ نُرَجِّيَ لِلثِمادِ بَقاءَها / إِذا نَضَبَت عَنّا البُحورُ القَلامِسُ
يُباكِرُنا الجَونُ المُضيءُ فَيَنقَضي / وَيَعقُبُنا مِنهُ الأَحَمُّ الدُلامِسُ
وَإِنّا رَأَينا المَلِكَ يُخلِقُ ثَوبُهُ / وَتُخبِرُنا عَنهُ الدِيارُ الطَوامِسُ
إِذا دَخَلَ الهِرماسُ جِلَّقَ والِياً / فَما كَذَبَت فيما تَقولُ الهَرامِسُ
لَهُم سَلَفٌ قُدّامَ سِنبِسَ أَيِّدٌ / وَعِزٌّ عَلى وَجهِ الزَمانِ قُدامِسُ
وَتَبسُطُ فينا قُدرَةُ اللَهِ حادِثاً / فَتودي الثَعالي وَاللُيوثُ الكَهامِسُ
تُشادُ المَغاني وَالقُبورُ دَوارِسُ
تُشادُ المَغاني وَالقُبورُ دَوارِسُ / وَلا يَمنَعُ المَطروقَ بابٌ وَحارِسُ
يَقولونَ إِنَّ الدينَ يُنسَخُ مِثلَ ما / تَوَلَّت بِإِقبالِ الحَنيفَةِ فارِسُ
وَمَهما يَكُن فَاللَهُ لَيسَ بِزائِلٍ / وَيَجني الفَتى مِن بَعدُ ماهُوَ غارِسُ
أَرى مَقِرّاً في آخَرِ العَيشِ كائِناً / نَسيتَ لَهُ ما أَطعَمَتكَ الجَوارِسُ
أَيا قَيلُ إِنَّ النارَ صالٍ بِحَرِّها / مُقيمُ صَلاةٍ وَالمُهَنَّدُ وارِسُ
وَبِالرَملَةِ الشَعثاءِ شَيبٌ وَوِلدَةٌ / أَصابَهُمُ مِمّا جَنَيتَ الدَهارِسُ
فَأَبعِد مِنَ الصَفراءِ وَاليَومُ واقِدٌ / وَأَدنِ مِنَ الشَقراءِ وَاللَيلُ قارِسُ
وَقَد ظَهَرَت أَملاكُ مِصرَ عَلَيهُمُ / فَهَل مارَسَت مِن ظُلمِها ما تُمارِسُ
وَأَحسَنُ مِنكُم في الرَعيَّةِ سيرَةً / طُغُجُّ بنُ جُفٍّ حينَ قامَ وَبارِسُ
وَبِالحَظِّ يُدعى تابِعُ القَومِ سَيِّداً / وَتَأكُلُ آسادَ العَرينِ الهَجارِسُ
تُقيمُ عَلى الدَهرِ الفَوارِسُ في الدُجى / وَتَرحَلُ مِن فَوقِ الجِيادِ الفَوارِسُ
تَمَنَّت غُلاماً يافِعاً نافِعاً لَها
تَمَنَّت غُلاماً يافِعاً نافِعاً لَها / وَذاكَ دَهاءٌ دُسَّ فيهِ الدَهارِسُ
سُرِرتِ بِهِ إِذ قيلَ أَعطَيتِ فارِساً / وَما هُوَ إِلّا ضَيغَمٌ لَكِ فارِسُ
أَلَم تَسمَعي الأَيّامَ نادَت صُروفُها / خُذوا مَقِرّاً مِمّا تَفيءُ الجَوارِسُ
وَحاذَرَ أَن نَنسى الزَمانُ فَما وَنى / يُذاكِرُنا أَحداثَهُ وَيُدارِسُ
يُخَوِّفُنا أَهوالَ ما هُوَ كائِنٌ / وَيكَفيهِ مِن أَهوالِهِ ما نُمارِسُ
يُنَشَّرُ في الدُنِّيا الحَديثُ وَيَنطَوي
يُنَشَّرُ في الدُنِّيا الحَديثُ وَيَنطَوي / وَتَفرِسُ آسادُ العَرينِ وَتُفرَسُ
إِذا أَوجَدَت يَوماً مِنَ الوُجدِ أَوجَدَت / مِنَ الوَجدِ هَذا خُلُقُها وَهوَ أَشرَسُ
وَقَد يَعِظُ الإِنسانَ عَيٌّ مِنَ الدُجى / وَيَنذُرُهُ داعٍ مِنَ الصُبحِ أَخرَسُ
وَما حِرصُهُ في العِلمِ يَدرُسُ كُتبَهُ / وَقَد شاهَدَ الآثارَ تُمحى وَتُدرَسُ
نَسيرُ نَهاراً ثُمَّ نَسري إِذا دَجَت / عَلَينا اللَيالي وَالخَفيرُ المُعَرِّسُ
أَلَم تَرَ أَشجاراً تُحَرَّقُ عَهدُها / قَديمٌ وَأُخرى لِلشَبيبَةِ تُغرَسُ
وَتَختَلِفُ الأَغراضُ ماءٌ عَلى الصَلى / يُحَمُّ وَماءٌ في الشَمالِ يُغَرَّسُ
مَتّى ما تُحاوِل فارِساً مِن فَراسَةٍ / فَإِنّي مِن زَيدٍ وَبِسطامَ أَفرَسُ
إِخالُ فَلا أُشوي وَتِلكَ فَضيلَةٌ / وَلَكِنَّني بِالخَيلِ لا أَتَمَرَّسُ
وَنَومُكَ في الصَحراءِ أَروَحُ مِن ذُرى / تُشادُ وَأَموالٍ تُصانُ وَتُحرَسُ
وَكَم عُضَّ مُغبَرُّ البَنانِ تَنَدُّما / عَلى ما جَنى قَبلُ البُنانُ المُوَرَّسُ
نُفوسٌ أَصابَتها المَنايا فَلا تَكُن
نُفوسٌ أَصابَتها المَنايا فَلا تَكُن / يَؤوساً لَعَلَّ اللَهَ يَوماً يُؤوسُها
وَما بَرِحَت أَجسادُها تَطلُبُ العُلا / مِنَ الدَهرِ حَتّى زايَلَتها رُؤوسُها
بَنَت بِالظُبى أَبياتَ عِزٍّ فَأَودَعَت / بُيوتَ حَفيرٍ أَحكَمَتها فُؤوسُها
وَكانوا كَآسادِ الشَرى لَيسَ فيهِمُ / كُؤوسٌ فَدارَت لِلمَنايا كُؤوسُها
إِذا ما غَضوبٌ غاضَبَت كُلَّ رَيبَةٍ
إِذا ما غَضوبٌ غاضَبَت كُلَّ رَيبَةٍ / وَكانَت لَميسٌ لا تَقِرُّ عَلى اللَمسِ
فَقَد حازَتا فَضلَ الحَياةِ وَعُدَّتا / مَكانَ الثُرَيّا في المَكارِمِ وَالشَمسِ
أَخَمسينَ قَد أَفنَيتُها لَيسَ نافِعي / بِتَأخيرِ يَومٍ أَن أَعَضَّ عَلى خَمسي
نُرَجّي إِياباً مِن غَدٍ وَهُوَ آيِبٌ / وَكانَ صَواباً لَو بَكَينا عَلى أَمسِ
وَمازالَ هَذا الجِسمُ مُذ فارَقَ الثَرى / عَلى تَعَبٍ حَتّى أُعيدَ إِلى الرَمسِ
أَلَم تَرَ أَيّامَ الفَتى في عِظاتِهِ / بِهَمسٍ تُناجي أَو أَدَقَّ مِنَ الهَمسِ
تَوَخَّت عَواريَّ المُلوكِ بِرَدِّها / جِهاراً وَآثارَ الأَكارِمِ بِالطَمسِ
وَلَم تَترُكِ العِزَّ القَديمَ لِفارِسٍ / وَلَم تَرعَ حَقّاً مِن فَوارِسِها الحُمسِ
أَرَتكَ بِرُغمِ الأَنفِ سَيفَ اِبنِ ظالِمٍ / حَمائِلُهُ مَوصولَةٌ بِفَتى الحُمسِ
وَصارَ دَمُ الديكِ المُؤَذِّنِ سُحرَةً / لِأَهلِ المَغاني حُسوَةً لِفَمِ النِّمسِ
وَما سَرَّني أَنّي اِبنُ ساسانَ أَغتَدي / عَلى المَلِكِ في الإيوانِ أُصبِحُ أَو أُمسي
تَصَدَّق عَلى الطَيرِ الغَوادي بِشُربَةٍ
تَصَدَّق عَلى الطَيرِ الغَوادي بِشُربَةٍ / مِنَ الماءِ وَاِعدُدها أَحَقَّ مِنَ الأُنسِ
فَما جِنسُها جانٍ عَليكَ أَذيَّةً / بِحالٍ إِذا ماخِفتَ مِن ذلِكَ الجِنسِ
لَقَد فَرَّعَتنا قُدرَةٌ أَزَليَّةٌ / فَعِشنا وَعُدنا راجِعينَ إِلى القِنسِ
تُذَكِّرُنا الأَيّامُ أَمراً فَنَنطَوي / عَلَيهِ زَماناً ثُمَّ لا بُدَّ أَن تُنسي
فَلا تَتَعَرَّض في طَريقِكَ ناظِراً / نِساءَ النَصارى غَادِياتٍ إِلى الكُنسِ
أَيا ظَبَياتِ الإِنسِ لَستُ مُنادِياً
أَيا ظَبَياتِ الإِنسِ لَستُ مُنادِياً / وُحوشاً وَلَكِن غانِياتٍ مَعَ الإِنسِ
يُشَبَّهنَ في بَعضِ المَحاسِنِ رَبرَباً / وَما هُنَّ بِالسُفعِ الخُدودِ وَلا الخُنسِ
تَمَسَّكَنَ طيباً أَم تَمَسَّكنَ حِليَةً / فَإِنّي رَأَيتُ النَوعَ يَلحَقُ بِالجِنسِ
وَلا خَيرَ في جَونِ الذَوائِبِ عانِسٍ / إِذا لَم يَبِت فَوقَ الرِحالَةِ وَالعَنسِ
وَمَن لا يُجِد حِفظَ التَجارُبِ لا يَزَل / عَلى السِنِّ غُمراً إِنَّ طولَ المَدى يُنسي
إِذا حَضَرَت عِندي الجَماعَةُ أَوحَشَت
إِذا حَضَرَت عِندي الجَماعَةُ أَوحَشَت / فَما وَحدَتي إِلّا صَحيفَةُ إيناسي
طَهارَةُ مِثلي في التَباعُدِ عَنكُمُ / وَقُربُكُمُ يَجني هُمومي وَأَدناسي
وَأَلقى إِلَيَّ اللُبَّ عَهداً حَفِظتُهُ / وَخالَفتُهُ غَيرَ المَلولِ وَلا الناسي
وَأَعجَبُ مِنّي كَيفَ أُخطِئُ دائِماً / عَلى أَنَّني مَن أَعرَفِ الناسِ بِالناسِ
نَصَحتُكِ يا أُمَّ البَناتِ فَحاذِري / وَساوِسَ وَلّاجِ الأَساوِدِ خَنّاسِ
وَلا تُلبِسي الحِجلَينِ بِنتَكِ وَالبُرى / لِتَشهَدَ عُرساً وَاِشغِلَنها بِعِرناسِ
خِصاؤُكَ خَيرٌ مِن زَواجِكَ حُرَّةً
خِصاؤُكَ خَيرٌ مِن زَواجِكَ حُرَّةً / فَكَيفَ إِذا أَصبَحتَ زَوجاً لِمومِسِ
وَإِنَّ كِتابَ المَهرِ فيما اِلتَمَستَهُ / نَظيرُ كِتابِ الشاعِرِ المُتَلَمِّسِ
فَلا تُشهِدَنَّ فيهِ الشُهودَ وَأَلقِهِ / إِلَيهِم وَعُد كَالعائِرِ المُتَشَمِّسِ
وَلُبسُكَ ثَوبَ السَقمِ أَحسَنُ مَنظَراً / وَأَبهَجُ مِن ثَوبِ الغَويِّ المُنَمِّسِ
وَإِنَّكَ أَن تَستَعمِلَ العَقلَ لا يَزَل / مَبيتُكَ في لَيلٍ بِعَقلِكَ مُشمِسِ
إِذا صَفَتِ النَفسُ اللَجوجُ فَإِنَّما
إِذا صَفَتِ النَفسُ اللَجوجُ فَإِنَّما / تُعاني مِنَ الجُثمانِ شَرَّ المَحابِسِ
وَما لَبِسَ الإِنسانُ أَبهى مِنَ التُقى / وَإِن هُوَ غالى في حِسانِ المَلابِسِ
وَيُبدي لِدُنياهُ الفَتى وَجهَ ضاحِكٍ / وَما فَتِئَت تُبدي لَهُ وَجهَ عابِسِ
سَرى مَلَكُ الأَوّابِ يَحمِلُ رَوحَهُ / تُنيرُ كَما تَجلو الدُجى نارُ قابِسِ
شَبابٌ وَشَيبٌ كَالنَباتِ كَثيرَةٌ / فَمِن بَينِ رِطبٍ يُستَباحُ وَيابِسِ
وَخَيرُ بِلادِ اللَهِ ما كانَ خالِياً / مِنَ الإِنسِ فَاِسكُن في القِفارِ البَسابِسِ
غَدَت أُمُّ دَفرٍ وَهِيَ غَيرُ حَميدَةٍ
غَدَت أُمُّ دَفرٍ وَهِيَ غَيرُ حَميدَةٍ / مُغَنِّيَةً عَوّادَةً في المَجالِسِ
تَعودُ عَلى مَن لَم يَمُت بِحِمامِهِ / وَتُعلي فَقيراً عُدَّ بَعضَ المَفالِسِ
وَما نَفسُ حَسّانَ الَّذي شاعَ جُبنُهُ / بِأَسلَمَ مِن نَفسِ الكَميِّ المُخالِسِ
فَيا لَيتَ أَني لَم أَكُن في بَريَّةٍ / وَإِلّا فَوَحشيّاً بِإِحدى الأَمالِسِ
يُسَوِّفُ أَزهارَ الرَبيعِ تَعِلَّةً / وَيَأمَنُ في البَيداءِ شَرَّ المَجالِسِ
وَمَن يَسكُنِ الأَمصارَ لا يَعدَمِ الأَذى / بِإِبليسَ مَشفوعاً بِمِثلِ الأَبالِسِ
يُساوِرُ أسداً مِن غُواةِ مُساوِرٍ / وَطُلسَ ذِئابٍ مِن رِجالِ الطَيالِسِ
مَتّى ما تُصِب يَوماً طَعاماً لِظالِمٍ / فَقُم عَنهُ وَاِفغَر بَعدَهُ فَمَ قالِسِ
وَما جاوَزَت خَيلٌ خَوائِلَ أُلَساً / إِلى الرومِ إِلّا بِالشُرورِ الأَوالِسِ
أُدالِسُ نَفسي ثُمَّ أَظلِمُ صُحبَتي / إِذا رُمتُ خِلّاً مِنهُمُ لَم يُدالِسِ
هِيَ الدارُ ماحالَت لَعَمري عُهودُها
هِيَ الدارُ ماحالَت لَعَمري عُهودُها / وَلا اِفتَقَدَت مِن زَيِّها غَيرَ ناسِها
فَكَم حَلَّها مِن ضَيغَمٍ في عَرينِهِ / وَكَم سَكَنَتها ظَبيَّةٌ في كِناسِها
إِذا طَلَعَ النِسرانِ غارَت ظَعائِنٌ
إِذا طَلَعَ النِسرانِ غارَت ظَعائِنٌ / وَكانَ مِراسُ القُرِّ شَرَّ مِراسِ
وَإِن تَبدُ في الصُبحِ الثَرَيّا فَإِنَّها / تُيَمِّمُ بِالتِسيارِ آلَ قَراسِ
لَو أَنَّ بَني الدُنِّيا يَدَ الدَهرِ مَشيُهُم / عَلى الزَفِّ لَم أَعدُدهُ غَيرَ هَراسِ
وَما ظَفِرَت أَفراسُ قَومٍ يَحُثُّها / فَوارِسُها في عُنجُدٍ وَقَراسِ
جُسومٌ ثُمَّ عادَت فَأَصبَحَت / ضُروباً كَزَرعٍ نابِتٍ وَغِراسِ
وَما تَرَكَت بيضُ الزَمانِ وَسَودُه / كَراسيَّ عِزٍّ كُلُّهُنَّ كَراسِ
وَلَم يَمنَعوا بِالضَربِ وَالطَعنِ حادِثاً / أَتى دونَ أَدراعٍ لَهُم وَتِراسِ
تَداعَت بِلَفظِ العُجمِ أَعرابُ مَذحِجٍ / وَأَعرَبَ أَهلا فارِسٍ وَخُراسِ
فَإِنَّ لُيوثَ الحَتفِ نالَ اِفتِراسُها / ضَراغِمَ مِن لَيثٍ وَحيِّ فِراسِ
فَيا أُمَّ دَفرٍ لا سَلِمتِ غَويَّةً / عَلَيكِ قِراعي دائِباً وَضِراسي
أَتَبغَينَ مِنّي في المَقالِ تَعَصُّباً / وَأَيُّ أَذاةٍ ما عَصَبتِ بِراسي
تَسيرُ بِنا هَذي اللَيالي كَأَنَّها / سَفائِنُ بَحرٍ ما لَهُنَّ مَراسي
تَرومونَ بِالناموسِ كَسَباً فَسَعيُكُم
تَرومونَ بِالناموسِ كَسَباً فَسَعيُكُم / إِذا لاحَت الأَطماعُ سَعيُ نُموسِ
وَما وَعظَتَكُم لَيلَةٌ بَعدَ لَيلَةٍ / وَلا ضَوءُ أَقمارٍ بَدَت وَشُموسُ
نُوَقِّرُ دُنيانا لِناسٍ وَبَعضُنا / تَبَوَّأَ مِنها فَوقَ ظَهرِ شَموسِ
فَواهاً لِأَشباحٍ لَكُم غَيرَ أَنَّها / تُبَدَّلُ مِن أَوطانِها بَرموسِ
وَأَعظَمُ آثارِ الأَنامِ بَقيَّةً / تُغَيّرُهُ أَيّامُهُ بِطُموسِ