المجموع : 4
أهاجَكَ ذكرٌ منهمُ ووساوسُ
أهاجَكَ ذكرٌ منهمُ ووساوسُ / وَقد نَزَحَتْ بِيدٌ بهمْ وبسابِسُ
وَما رحلوا إلّا وَحَشْو حُدوجهمْ / شموسٌ لرُوّادِ الهوى ومقابِسُ
كأنّ قطينَ الحيِّ لمّا تحمّلوا / جميعاً ضُحىً جُنحٌ من اللّيل دامسُ
أو الصَّخرُ من أعلامِ ثَهْلانَ زائلاً / أو الدَّوْحُ دوحُ الغابة المُتكاوسُ
فجادَ ديارَ العامريّةِ وابلٌ / وعادَ ديارَ العامريّةِ راجِسُ
ولا دَرَستْ تلك الرّسومَ مُلِمّةٌ / ولا رَمَسَتْ تلكَ الطّلولَ الروّامسُ
فَقد طالَما قضَّيتُ مأْرَبَةَ الصِّبا / بهنَّ ونُدماني الظّباءُ الأوانسُ
وبيضٍ لبسنَ الحسنَ عن كلٍِّ مَلْبَسٍ / فَزانَ لَنا ما لا تزين الملابسُ
يُعِرْن الصِّبا مَنْ لم يكن هَمُّهُ الصِّبا / فيطمع فيه كلُّ من هو آيسُ
وَساقَطن عَذباً من حديثٍ كَأنّهُ / نسيمُ رياضٍ آخرَ اللّيل ناعسُ
وَلَمّا اِلتَقينا وَالرّقيبُ على الهوى / يُخالِسنا من لحظِهِ ونخالسُ
أريْنَ وجوهاً للجمال كأنّها / نُصولٌ جَلَتْها للقُيونِ المداوسُ
فهنّ كمالاً ما لهنَّ صواحبٌ / وهنّ عَفافاً ما لهنَّ حوارسُ
حَلفتُ بِمَن طافَ الحجيجُ ببيتِهِ / ومن هو للرّكنِ اليمانِيِّ لامسُ
وأيدي المطايا يبتدرْن مغَمِّساً / وهنّ خميصاتُ البطون خوامِسُ
طواها السُّرى طيَّ الحريرِ على البِلى / فهنَّ قِسِيٌّ ما لهنّ معاجِسُ
ومَنْ أمَّ جَمْعاً والمطيُّ لواغبٌ / تماطل مِضْماضَ الكَرى وتماكسُ
وَما هَرقوا عند الجمارِ على مِنىً / من الدمِ منه مُستَبِلٌّ وجامِسُ
لقد ولدتْ منّي النساءُ مُشيّعاً / له الرَّوْعُ مَغْنىً والحروبُ مجالسُ
وَقَد جرّبوا أنّي إذا اِحتَدم الوغى / لأَثْوَابِها دون الكتيبة لابسُ
بِضَربٍ كَما اِختارَتْ شِفارُ مَناصِلٍ / وطعنٍ كما شاء الكَمِيُّ المداعسُ
تطامَنَ عنِّي كلُّ ذي خُنْزوانَةٍ / وغَمّض دوني الأبلجُ المتشاوسُ
فلم يُرَ لِي لمّا سمقتُ مُطاوِلٌ / ولم يبقَ لِي لمّا سبقتُ منافِسُ
وَذلّلتُها هَوجاءَ سامية القرا / وما كلُّ روّاضٍ تطيعُ الشوامِسُ
فَقُل للّذي يَبغي الفَخارَ وَدونَهُ / مَفاوزُ لا تَسطيعهنَّ العَرامِسُ
قَعدتَ عنِ الحُسنى وغيرُك قائمٌ / وقمتَ إلى السوأى وغيرُك جالسُ
وَرُمتَ الّذي لَم تسعَ يوماً بطُرْقِهِ / ونَيْلَ الجَنَى عفواً وما أنتَ غارسُ
وإنّي ببرْحِ الأمر في القوِم ناهضٌ / وأنتَ عن الأمر المُبرِّحِ خانِسُ
ولِي النظَرُ السّامي إلى كلّ ذِرْوَةٍ / فكيف تساميني العيونُ النّواكسُ
تَرومونَ أَن تعلوا وأنتمْ أسافلٌ / وأن تُشرقوا فينا وأنتم حنادسُ
نَهسْتُمْ لَعَمْرِي مَرْوَتي جهلةً بها / فَيا للنُّهى ماذا اِستَفادَ النّواهسُ
وَكَيفَ عَجَمْتُمْ هاتماً كلَّ عاجمٍ / ومارستُمُ مَن كَلَّ عنه الممارسُ
فَما لعجاجِي منكُمُ اليومَ تابعٌ / وَلا لعُبابي منكُمُ اليومَ قامسُ
فَإِنْ أَنتُمُ أقذيتُمُ صفوَ عيشنا / فَقَد رَغِمَتْ آنافكمْ والمعاطسُ
وَإنْ جرّ دهرٌ نحوكمْ بعضَ سعدِهِ / فَما أنتُمُ في الدّهرِ إلّا المناحسُ
وَمَن ذا الّذي لَولاي آوى سُروحَكمْ / وأنتمْ لآسادِ الخطوب فرائسُ
وما البِيضُ بيضُ الهند لولا أكفُّها / وما الخيلُ يومَ الرَّوْع إلّا الفوارسُ
وَإنْ أنتَ لم تحرسْكَ نفسُك نَجْدَةً / فليس بحامٍ عن جنابك حارسُ
وما لكَ مِن كلّ الذين تراهُمُ / وَإنْ غضبوا إلّا الطُّلولُ الدّوارسُ
أَيا حادِيَ الأظعانِ لمْ لا تُعرِّسُ
أَيا حادِيَ الأظعانِ لمْ لا تُعرِّسُ / لعلّك أنْ تحظى بقربك أنفسُ
أَنِخْ وَاِنضُ أَحلاساً أَكَلنْ جلودَها / فَصِرنَ جُلوداً طالَما أنتَ مُحلِسُ
فَفي الحَزْنِ مُخْضَرٌّ منَ الرَّوض يانِعٌ / وعَذبُ زُلالٍ بات يصفو ويَسْلَسُ
تُدَرِّجُهُ أيدي الشّمال كأنّه / إذا أبصرَتْهُ العين نَصْلٌ مضرَّسُ
وَإِنْ لَم تردْ إلّا اللّوى فَعَلى اللّوى / سلامٌ ففيه موقفٌ ومُعَرَّسُ
وقومٌ لهمْ في كلّ علياءَ منزلٌ / وعزٌّ عَلى كلّ القبائل أقعسُ
كرامٌ تضيءُ المشكلاتُ وجوهَهمْ / كما شفّ في تَمٍّ عن البدر طِرْمِسُ
وَما فيهِمُ لِلهُونِ مَرعىً ومَجْثَمٌ / ولا منهُمُ للذّلِّ خدٌّ ومَعْطِسُ
خَليليَّ قولا ما أُسرُّ إِلَيكُما / وَقَد لَحَظَتْنِي عينُهُ المتفرِّسُ
عَلى حينِ زايَلنا الأحبّةَ بَغتَةً / وَكُلُّ جليدٍ يومَ ذلك مبْلِسُ
صَموتٌ عَنِ النَّجوى فَإِنْ سِيلَ ما بِهِ / فَلا قَولَ إلّا زَفرَةٌ وتنفّسُ
تُزعزعه أيدي النّوى وهو لابثٌ / وتُنطقُهُ شكوى الهوى وهو أخرسُ
وَمِمّا شَجاني أنّني يومَ بَينِهم / رَجَعت ورَأسي مِن أذى البين مُخلِسُ
وَقَد كنتُ أخفيتُ الصّبابةَ منهُمُ / فَنمّ عليها دَمعِيَ المُتَبَجِّسُ
عَشيّةَ أُخفِي في الرّداءِ مَسيلَهُ / لِيَحسبَ صَحبي أنّنِي مُتعطِّسُ
وَلَيلةَ بِتنا بِالثنيّةِ سُهَّداً / وَما حَشْوها إلّا ظَلامٌ وحِنْدِسُ
وَقَد زارَنا بَعَد الهدوِّ تَوصُّلاً / إِلى الزّادِ غرْثانُ العشيّاتِ أطْلَسُ
شَديدُ الطَّوى عاري الجناجِنِ ما بهِ / من الطُّعْم إلّا ما يُظنُّ ويُحْدَسُ
أَتانِيَ مُغبرَّ السَّراةِ كأنّه / مِنَ الأرضِ لَولا أَنّه يتلمّسُ
تَضاءل في قُطْرَيه يَكتم شخصَه / وأطْرَقَ حتّى قلتُ ما يتنفّسُ
وَضَمَّ إِليهِ حِسَّهُ مُتَوجّساً / وَما عِندهُ في الكيد إلّا التوجّسُ
يُخادِعنِي من كيسِهِ عن مطيّتِي / ولم يدرِ أنّي منه أدهى وأكيَسُ
وَأقْعى إِزاءَ الرّحلِ يَطلب غِرَّةً / ويُلقِي إليه الحرصُ أنْ سوف أنعسُ
فقلتُ له لمّا توالى خداعُهُ / تَعَزَّ فما عندي لنابك مَنْهَسُ
وَما كُنتُ أَحميك القِرى لو أردتَهُ / برفقٍ ولكن دار منك التَّغَطْرُسُ
فلمّا رأى صبري عليه وأنّنِي / أضنُّ على باغي خداعي وأنفسُ
عَوى ثمَّ وَلّى يَستَجير بِشدّةٍ / ويطلبُ بَهْماً نام عنها المُحَبِّسُ
وَكَم خُطّةٍ جاوزتُها مُتَمهّلاً / وعرضِيَ من لومِ العشيرة أملَسُ
وَمَكْرُمةٍ أَعطيتُها متطلّقاً / وقد ضنّ بالبذل الخسيس المُعبِّسُ
وَطُرقٍ إِلى كَسب المَكارمِ وَالعُلا / وبذلِ اللُّها أنهجتُها وهي دُرَّسُ
وَمَولىً يداجينِي وفي لحظاتهِ / شراراتُ أحقادٍ لمن يتقبّسُ
يرمّسُ ضِغْناً في سويداءِ قلبِهِ / ليُخفِيَهُ لو كان للضِّغْنِ مَرْمَسُ
وَيعجبُ أنّي في الفَضائلِ فُتُّهُ / ولمْ لا يفوتُ المصبحين المُغَلِّسُ
كَأنّ وإيّاه مُعَّنىً بمُدْنَفٍ / يَبلُّ قليلاً ثم يأْبى فينكُسُ
وَمُشكلةٌ أَخلاقُهُ وخصالُهُ / كَما شِئتَ لمّاعاً يضيءُ ويُبْلِسُ
فَلا أَنا عَمّا يُثمرُ الوصلُ أنتهِي / ولا هو عن شأوِ القطيعة يحبسُ
أَجيرَتَنا لا جمَع اللَّه شَملَنا
أَجيرَتَنا لا جمَع اللَّه شَملَنا / فَما أَنتُمُ إلّا الذّئابُ الأطالسُ
وَما أنتُمُ إلّا سَرابٌ بقِيعَةٍ / تُغرُّ بِرُؤياه الظِّماءُ الخوامسُ
وَما أنتُمُ فيما رَجاكمْ وَما دَرى / لِمَنفَعةٍ إلّا الطُّلولُ الدَّوارسُ
بَذلتُ لَكُمْ منّي الوِدَادَ تكرّماً / وَما فيكُمُ إلّا الّذي هو شامسُ
وَلانَ لَكُمْ صَعبي وأَغصانُ دوحتي / وأغصانُكمْ لِي كلَّ يومٍ يوابِسُ
مَتى اِمتَلأتْ أَبصارُكمْ مِن فَضيلتي / فَفيهنّ عُوّارٌ بها ونواخسُ
وَإِنْ تُنبئوا عنّي بأدنى مسرّةٍ / فَلَيسَ لَكُمْ إلّا الوجوه العوابسُ
وَهَل حَسَدُ الأقوامِ طاروا إلى العُلا / وَأَنتمْ بِطاءُ الخَطْو إلّا وَساوسُ
فَلا وَرَدتْ ماءً زُلالاً مشافرٌ / وَلا حُبِيتْ مِنكمْ بخيرٍ معاطسُ
وَلا كنتُمُ إلّا كَما تَكرهونَهُ / وَلا اِعتادَكمْ نوءٌ من الرّزق راجسُ
شبابَكِ عنّي فالمشيبُ لباسي
شبابَكِ عنّي فالمشيبُ لباسي / وقد ملأتْ منه الطّوالعُ راسي
ولا تطلبي عندي الصَّبابةَ بعدها / سَفاهاً فإنّي للصَّبابةِ ناسِ
فَلم تُطْفَ إلّا بِالمَشيب عَرامَتي / وَلَم يُمْحَ إلّا بِالمَشيب شِماسي
وَمِن غَير أَحواضِ البَطالةِ مشربي / وَفي غَيرِ أَسبابِ الغرامِ مِكاسي
وما لِيَ تَعريجٌ إلى ريمِ رملةٍ / ولا لِيَ إلمامٌ بظبْي كِناسِ
لَقَد كانَ قَلبي كالقلوب على الهَوى / فمُذْ زارَ هَذا الشّيب صُيِّرَ قاسِ
فَلا لَهْوَ مُذْ لاحَ المَشيبُ بمَفْرَقي / وصار قناعاً في العيون لراسي