المجموع : 5
هنيئاً لأهل الشرق من حضرة القدسِ
هنيئاً لأهل الشرق من حضرة القدسِ / بشمسٍ جلت أنوارُها ظلمةَ الرَّمس
وجلّت عن التشبيه فهي فريدة / فليست بفصل في الحدودِ ولا جنس
ويدرك منها في الكمال وجودُنا / كما يدرك الخفّاشُ من باهر الشمس
فللَّه من نورٍ أتته رسالةٌ / تصانُ عن التخمين والظنِّ والحدس
أتانا بها والقلبُ ظمآن تائه / إلى المنظر الأعلى إلى حضرة القدس
فجاء ولم يحفل بيوت كثيرة / فخاطبها من حضرة النعل والكرسي
أنا البعلُ والعرس الكريم رسالتي / فبورك من بعلٍ وبورك من عِرس
غرستُ لكم غصن الأمانة يانعاً / وإني لجانٍ بعده ثمر الغرس
تولعت بالتبليغ لما تبينتُ / أمور ترقيني عن الانس والإنس
ورحتُ وقد أبدت بُروقي وميضَها / وجزتُ بحار الغيب في مركب الحس
ونمتُ وما نامت جفوني غدية / وتهتُ بلا تيهٍ عن الجن والإنسِ
فيا نفس بذا الحق لاح وجودُه / فإياكِ والإنكار يا نفس يا نفسي
فعني فتش في تلقان في أنا / أنا في أنا إني أنا في أنا نفسي
أقول وروح القدسِ ينفث في النفسِ
أقول وروح القدسِ ينفث في النفسِ / بأنَّ وجودَ الحق في العدد الخمسِ
أيا كعبةَ الأشهادِ يا حرمَ الأنسِ / ويا زمزمَ الآمالِ زُمَّ على النَّفسِ
سرى البيت نحو البيتِ يبغي وصاله / وطهر بالتحقيق من دَنَس اللبسِ
فيا حسرتي يوماً ببطن محسر / وقد دلّني الوادي على سَقَر الرَّجْسِ
تجرّعتُ بالجرعاء كأس نامةٍ / على مشهدٍ قد كان مِنيَ بالأمس
وما خفت بالخَيفِ ارتحالي وإنما / أخاف على ذي النفس من ظلمة الرَّمسِ
لمزدَلفِ الحجاجِ أعلمت ناقتي / لأنعمَ بالزُّلفى وألحقَ بالجنسِ
جمعتُ بجمعٍ بين عيني وشاهدي / بوترين لم أشهد به رتبةَ النفس
خلعتُ الأماني بعدما كنتُ في منى / وطوّفتها فانظره بالطرد والعكسِ
ففي الجمرات الغرّ في رَونَق الضحى / حصبتُ عدوّ الجهلِ فارتدّ في نكس
ركنتُ إلى الركن اليماني لأن في اس / تلام اليماني اليمن في جنةِ القدس
صفيتُ على حكم الصفا عن حقيقتي / فما أنا من عُربٍ فصاحٍ ولا فُرس
أقمت أناجي بالمقامِ مهيمناً / تعالى عن التحديد بالفصل والجنسِ
فشاهدته في بيعة الحجر الذي / تسوَّد من نكثِ العهود لذي اللمس
وبالحجر حجرت الوجودَ وكونه / عليَّ فلا يغدو الزمانُ ولا يمسي
وفي رمضان قال لي تعرف الذي / تشاهده بين المهابةِ والأنس
فلما قضيتُ الحج أعلنتُ مُنشداً / بسيري بين الجهر للذات والهمس
سفينة إحساسي ركبت فلم تزل / تسيرها أرواحُ أفكاره الخرس
فلما عدت بحر الوجودِ وعانيت / بسيف النهي من جلعن رتبة الأنس
دعاني به عبدي فلبيت طائعاً / تأمل فهذا القطف فوق جني الغرس
فعانيت موجوداً بلا عينِ مبصر / وسرَّح عيني فانطلقتُ من الحبس
فكنت كموسى حين قال لربّه / أريد أرى ذاتاً تعالتْ عن الحسِّ
فدكَّ الجبالَ الراسياتِ جلاله / وأصعقَ موسى فاختفى العرشُ في الكرسي
وكنتُ كخفَّاشٍ أراد تمتعاً / بشمسِ الضحى فنهدّ من لمحةِ الشمس
فلا ذاتُه أبقى ولا أدركَ المنى / وغودر في الأمواتِ جسماً بلا نفس
ولكنني أدعي على القرب والنوى / بلا كيف بالبعل الكريم وبالعرس
خُصصتُ بعلم لم يخصَّ بمثله
خُصصتُ بعلم لم يخصَّ بمثله / سواي من الرحمن ذي العرشِ والكرسي
وأشهدتُ من علمِ الغيوبِ عجائباً / تصانُ عن التذكارِ في عالم الحسِّ
فيا عجباً إني أروحُ وأغتدي / غريباً وحيداً في الوجود بلا جنسِ
لقد أنكر الأقوامُ قولي وشنَّعوا / عليَّ بعلمٍ لا ألومُ به نفسي
فلا هم مع الأحياء في نور ما أرى / ولا هم مع الأموات في ظلمة الرمسِ
فسبحان من أحيى الفؤاد بنورِه / وأفقدهم نور الهدايةِ بالطَّمسِ
علومٌ لنا في عالم الكونِ قد سَرَت / من المغربِ الأقصى إلى مطلع الشمس
تحلَّى بها من كان عقلاً مجرَّداً / عن الفكرِ والتخمين والوهم والحدس
وأصبحتْ في بيضاءَ مثلي نقيةً / إماماً وإن الناسَ منها لفي لَبسِ
نمشّ بأعرافِ الجيادِ أكفنا
نمشّ بأعرافِ الجيادِ أكفنا / لأنَّ لها جوداً على نشأةِ النفسِ
لما جاء في الأنباء عن خيرِ مُرسَلٍ / بأصدقِ قيل جاء من حضرةِ القدُسِ
وضعفه النقادُ من أجلِ واحدٍ / رواه عن الأثبات عن عالم الإنس
وكم صحَّ من أمثاله فهو واحد / من النوع إن شئتم وإلا من الجنس
وما فيه إن أنصفتَ في القول مُثَبتٌ / له عندنا ويل تحققُ من لبس
وكيف يكون اللبس والأمر ظاهرٌ / يلوح لذي عينين من حَضرةِ الأنس
لقد كان خيرُ الناسِ يفعل مثلَ ما / بأعرافها والبيعُ بالثمنِ البخسِ
لقد صُغتُ معناه بأدنى عبارةٍ / وألطفِها للعقلِ بالفكرِ والحسِّ
سأحرفُ عن قومٍ عن الحقِّ أعرضوا
سأحرفُ عن قومٍ عن الحقِّ أعرضوا / بنا فهم الأفراد يدعون بالخرسِ
سروراً يتكوين وعزاً بجَلوة / ليستوحشن الأقوام في حالة الأنسِ
سموا بل علوا إلا قليلاً لأنهم / تعالوا عن التنزيه في حضرةِ القُدس
سلامٌ على قوم تباهوا بربِّهم / على كلِّ موجودٍ من الجنِّ والإنس
سروا وظلامُ الليلِ يَستر سيرهم / إلى أن علوا فوق الإشارة بالكرسي
سرتْ همة مني على خيرِ مركبٍ / من الطبع من عقلٍ نزيهٍ ومن حسِّ
سرى نحوه سرِّي ليدري حديثه / على هيكلٍ قد بيع بالثمنِ البخسِ
سباها وأسلاها وجود منزه / عن الحدِّ بالفصل المقوّمِ والجنسِ
سناه مزيلُ ظلمةِ العرشِ والعمى / وما كان من أين يقالُ ومن جنسِ
سلت بوجودِ القيد عن نيل مُطلقٍ / عن الحبسِ بالتقييد باليومِ والأمس