القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 23
وذاك الذي ألقاك من خطَراته
وذاك الذي ألقاك من خطَراته / هوانا فلم يخطرك بالبال هاجسا
أصمُّ صُمَيميتٌ إذا ما سألتَه / حسِبتك ساءلتَ الرسومَ الدوارسا
ليهْنك لبس المِهرجان وإن غدا
ليهْنك لبس المِهرجان وإن غدا / تُهنِّئه الدنيا بأنك لابسُهْ
وأنك ركنُ الملك والملِك الذي / تطول مقاييسَ الملوك مقَايسُهْ
ويَهنيك أنْ لم يبقَ مجدٌ ترومُهُ / يداك وأن لم تبق كف تُنافسه
وأنك ذلَّلت الخطوبَ فأذعنتْ / لعزِّك حتى ليس خَطْبٌ يمارسه
فقد فرَّغتك الشاغلاتُ وحبَّذا / فَراغُك من أحكام ما أنت سائسه
ألا فالْهُ لهوَ المرء مثلِك إنهُ / مُدارسُ علمٍ لا تُملُّ مَدارسه
تظل له من ذاتِ نفسك قادِحاً / وليس يُداني قادحَ العلم قابسه
وبذل كريم ليس ينفكُّ مالُهُ / كرائمُهُ مبذولةٌ ونفائسه
لكل جليسٍ من يديه ووجهه / يدَ الدهرِ يومٌ غائمُ الجو شامسه
تطيب مَجانيه جميعاً وإنما / تطيب مجاني من تطيب مَغارسه
وأخذٌ بحظٍّ من سماعٍ إذا التقى / وهمُّ الفتى المهموم ماتت هَواجِسه
تسيرُ بك الدنيا إذا ما تَنازَعتْ / نَواطقُة ألحانَهُ وخوارسُه
وشربُ شَمول أطلق اللَهُ شُربَها / تَدين لها بِكرُ الشباب وعانِسه
من الكُمت ألواناً ولولا اصْطِلاؤها / عَلاها قميصٌ أصفر اللون وارِسه
وقَتْ شاربيها النارَ عمداً بنفسها / وما كان جسمُ النار جسماً تُلامسه
فقاست أليمَ الطبخ يوماً مُكَمَّلاً / يخالسُها أجزاءها وتُخالسه
فلما تجلَّى حِلُّها من حرامها / وزالت عن المرتاب فيها وساوسه
ثوتْ في قَرار الدَنِّ حتى تهلهلت / ملابسُها عنِ صَفْوها وملابسه
وزُفَّت إلى شَربِ كرام فمهْرجوا / بها مِهْرجاناً غاب عنه مَناحسه
وحَفَّته في أفقِ السماءِ سُعودُهُ / وفي الأرض خِيريَّاته ونَراجسه
لدى ملك يأبَى له الزَّهوَ قَدْرُهُ / ويُزهَى به جُلاسه ومَجالسه
له راحة لو مستِ الصخر أنبعت / جوانبُه ماءً وأورق يابسه
إذا وجهُهُ أو رأيُهُ أو فَعالُهُ / تبلَّجن فيِ ليلٍ تجلّتْ حَنادِسه
رأى الراح قدْماً والسماع ولم تزل / مسدَّدةً آراؤُهُ ومَحادسه
شعارَين يهتز الكريمُ عليهما / كما اهتزَّ صَمْصَامٌ جلتْه مَداوِسه
إذا خامرا نفسَ امرئٍ زيّنا له / سدى أو ندى أو وِرْدَ موتٍ يُغامسه
فضافاهما للمجد لا أن نفسهُ / إذا لم يَهزّاها لمجدٍ تُشاكسه
وما البحر أضحى والبحارُ شعابه / ولا الليث أمسى والليوثُ فرَائسه
بأصدق جوداً منه في كل أزمة / وبأساً إذا ما الروْع ريعت فَوارسه
به أعتب الدهرُ المذمَّم أهله / فأثَّل راجيه وَأَمَّل يائسه
غدا يَبتني ما يبتني ولو اكتفى / كفاه من المجد الحديثِ قَدامِسه
ولكن أبَى إلا فعالاً بمثله / إذا ضاع إرثٌ يحرس الإرثَ حارسه
فيا قائل السوءَى لتُطفِئَ نورَه / وذلك نورٌ لا تبوخ مَقابسه
نَل النجمَ فاطمسْه وأنَّى تنالُه / ولو نلتَه ما خلتُ أنك طامسه
أبا أحمدٍ لا زال مجدك غُصّةً / لكل حسودٍ أو يواريه رامسه
حلفتُ لأنت القائلُ الفاعل الذي / غدا المجدُ محبوساً عليه حَبائسه
يراك إذا نال النظيرُ نظيرَهُ / نَظيرك مثلُ النجم عَزّت مَلامسه
رأستَ بني الدنيا وليس بنازل / بمنزلةِ المرؤوس من أنت رائسه
ألا رُب قول قلتَهُ يا ابن طاهرٍ / أصاختْ له بعد الهدير قَناعسه
وفعل رآك الفاعلون فعلتَهُ / فأغضوا وكلٌّ ذلُّه لك عاكسه
لك القولُ يستحيي ذوو القول بعدَهُ / من القول حتى يترك النبسَ نابسه
إلى الفعل يَستخذي له كل فاعل / من الناس حتى الأصيد الرأس ناكسه
عجبتُ لمن أهدى لك الشعرَ تحفة / ومن قال شعراً وهو دونك خانسه
أيهدي إليك الشعرَ بعد سماعِه / بشعرِك إلا غافِلُ القلب ناعسه
وأنت الذي يدعو الكلامَ بقدرةٍ / فيأتيه وَحْشي الكلام وآنسه
أذلك أم يَزويه عنك وقد رأى / عطاياك إلا عاثرُ الجَدّ ناعِسه
وأنت الذي سحَّ النوالَ بَنانُهُ / كما سحَّ غيثٌ ضاحك المزنِ راجسه
تكاد تعوق الشعرَ عنك عوائق / إذا قاسه يوماً بشعرك قائسه
فيَحدو به أنْ ليس للحمدِ بائع / يراك وإن أغْلى عليك تُماكسه
تقول الذي ينهى عن الشعر أهلَه / بكل طِرازٍ لم يَرَوا ما يجانسه
وتفعل ما يدعو إليه فكلُّهم / يكرُّ عليه عائداً فيُلابسه
فتركهُمُ إياه إقرار أنفُس / بأنك دون الإنس والجن فارِسه
وقولُهُمُ إياه شكر تقودهم / إليه بفعل لم تَشنْه خَسائسه
عوائدُ عُرْفٍ يوقظ الشكرَ نخسُه / وكيف ينام الشكرُ والعرفُ ناخسه
على أنهم مَنْ أحسن القول منهمُ / فمنك ومن آثارِك امتار هاجسه
تعلَّم ما قد قلتَهُ وفعلتهُ / فأهدى جنى الغرس الذي أنت غارسه
لئن نَفِس الأعداءُ حظك إنه / لحَظّ جزيل لا يعنَّف نافسه
وإن بخسَ المُطْرون حقك إنهُ / لحق ثقيل لا يُظلَّم باخسه
فعِش أبداً في خفض عيشٍ وغبطةٍ / وإن رَغمت من ذي شقاقٍ مَعاطسه
ولا زلتَ في يوم ترنُّ قيانه / فكم لك من يوم أرنت معاجِسه
يُصلِّي لقرن الشمس ميلاً رؤوسه / إليها إذا لم يتبع الريحَ مائسه
فطوراً تُولِّيه المجوسَ صلاتُة / وطوراً توليه النصارى بَرانسه
على أنه يُثني على اللَه نشْرُهُ / بنُعمى غدٍ إذ لم يزل وهو غارِسه
حَياً جاده وَسميُّهُ ووليُّهُ / يراوحه طوراً وطوراً يُغالسه
إذا لم يُصِبه وابلٌ طلَّه الندى / فغادَره خُضراً حِساناً طنافسه
وكنتَ إذا ما الشعر صينت بناتُهُ / حقيقاً بأن تُجلَى عليك عرائسه
تقاعس شعري عن سواك فسقْتُهُ / إليك فأضحى مُعْنِقاً مُتقاعِسه
وخضراءَ من حَوكِ الربيع شهدتها
وخضراءَ من حَوكِ الربيع شهدتها / مغيمةَ شمس اليوم معهودةَ الأمس
سقاها الحيا ثم استحار جَهامُهُ / عليها فلم تظمأ ولم تَضْحَ للشمس
أيركب عمرٌو حوله من يحفُّهُ
أيركب عمرٌو حوله من يحفُّهُ / ويُعوِزُني قوتٌ أعولُ به عِرسِي
كذبتَ لقد أغنى عفاتيَ قاسمٌ / وإني لأعطي الحق ما حَملتْ خمسي
سوى أنني أشكو إذا ما امتدحتُهُ / فضائل تُعييني وتعيي بني جنسي
وإيعادُهُ إياي منه وقد صفتْ / ظلالي ولم تُذمم سَجاياه في غرسي
هو الشمس يَغشاني سناها ونفعُها / وتُعجزُ لمسي حين يطلبُها لمسي
صفا وجفا واشتدّ وجدي بقربهِ / وفي دينكم ضربي وفي دينكم حَبسي
وإني لأرجو أن ينِكِّر مُنعماً / على زمن قد طال إعمالُهُ بخسي
رأيت أباك الخيرَ شَقَّ من اسمه
رأيت أباك الخيرَ شَقَّ من اسمه / لك اسمك إذ قال القوابلُ فارسُ
طلعت عليه يوم تمِّك طلعةً / مباركةً لم تحتضرها المناحسُ
فلما رأى فيك النجابةَ محضةً / كساكَ من الأسماءِ ما هو لابسُ
وزادك حرفاً لا يراه مُميّزٌ / يخالف بين اسمَيْكُما بل يجانِسُ
تقاربتما في اسميكما وكذا كما / تكونان في المعنى إذا قاس قائِسُ
رأيتُ خضابَ المرء عند مشيبه
رأيتُ خضابَ المرء عند مشيبه / حِداداً على شرخ الشبيبة يُلْبَسُ
وإلا فما يُغري امرءاً بخضابه / أيطمع أن يَخفى شَبابٌ مُدَلَّسُ
وكيف بأن يَخفى المشيبُ لخاضب / وكل ثلاث صبْحُه يتنفّسُ
وهبْه يُوارِي شَيْبَه أين ماؤُهُ / وأين أديمٌ للشبيبة أملسُ
أرى خالداً يرمي صَفاتي عَداوةً
أرى خالداً يرمي صَفاتي عَداوةً / ويشتِمُ عرضي سادراً في المجالس
ولو كان من قحطانَ حقاً كما ادعى / لمَا جازَ أن يَنْسى أياديَ فارس
أخالد لِمْ ناقضتَ أصلَكَ ضَلَّةً / وقد كنتَ شيخاً عالماً بالمقايس
أتَنمى إلى قطحان ثم تسبني / ضَلَلْتَ سبيل الأدعياء الأكايس
هجوتَ المُسيغي الماءَ قحطانَ بعدما / لقوا من أبي يَكْسوم إحدى الدهارس
ولو كنتَ ذا طبٍّ بتصحيح دعوةٍ / بكيتَ على أصدائهم في النَواوس
سُلالة نورٍ ليس يُدرِكُهُ اللَمسُ
سُلالة نورٍ ليس يُدرِكُهُ اللَمسُ / إذا ما بدا أغضى له البدر والشمسُ
به أمْست الأهواءُ يجمعُها هوىً / كأن نفوسَ الناس في حُبِّه نفسُ
ألم تُسأل اليوم الظباءُ الكوانسُ
ألم تُسأل اليوم الظباءُ الكوانسُ / متى ظَعنتْ أشباهُهنَّ الأوانسُ
لئن أضمرتْهُنّ الحدوجُ ولن ترى / بدوراً بدتْ ليست لَهُنَّ حنادِسُ
لَربَّت يومٍ قد جَلاهُنَّ لي ضُحىً / وللأرض من وشي الربيع ملابسُ
يَسُفن الخُزامى بين أكناف عازبٍ / غذته الغواذي وهو بالماء راغسُ
كَسَاهُ من النوار أبيضُ ناصعٌ / وأحمر قِنوانٌ وأصفرُ وارس
تشب خزاماه إذا الشمسُ طَفَّلتْ / مصابيحُ لم يقبِس لها النارَ قَابس
يُغَازلن منه روضةً بعد روضةٍ / زَرَابيُّها مبثُوثةٌ والطنافس
يظل بها النوّار للشمس راكعاً / يَدورُ إذا دارت له وهو ناكس
وتصرفُ أحياناً عن الشمس وجهَهُ / وجوهٌ تضاهي الشمس بل لا تجانس
إذا الشمس يوماً قابلتهنَّ لم يكد / يُميِّزُها مِنهُنَّ إلا المُقايس
خرجن يُبارينَ الربيع وروضَهُ / بما هُنَّ من تلك البُرودِ لوابس
يَرُدن خلال الروض واليومُ داجنٌ / على أن يوم الدَّجن مِنهن شَامس
كأن العناقيدَ الجِعادَ تهدَّلتْ / بهن على أعْجازهنَّ الفَرادس
بدورٌ وكثبانٌ تُواصل بينها / غصونٌ رَوِيّات المُتون مَوَائس
غصون غَذَاهُنَّ النعيم بمائه / ولم يُسقهنّ الماء في الأرض غَارس
حملن ثُدِيّا لم يجدنَ بِدرَّةٍ / ولم تَبْتذلهنَّ الأكفُّ اللوامس
غرائر ما لم يدَّرين لريبةٍ / نوائرُ من هُجْر الحديث شوامِس
عليهنَّ من إحسانهنَّ ملابسٌ / طَواهرُ لم تعْلق بِهن المدانِس
بأمثالهنَّ انقاد ذو الحلم للهوى / جَنيباً وأبكتهُ الرسومُ الدوارس
بني طاهر ما مَن رأى ما بلغتمُ / بمستنكرٍ أن يلمس النجم لامس
إذا عُدِّدت آلاؤُكم آل طاهرٍ / أقرَّ بها منا مَسُوس وسائس
بلغتم من العلياء والمجد رُتبةً / طوى كشحه من رَامها وهو يائس
ولمْ لا وأثمانُ المعالي لديكُمُ / رِغابُ العطايا والنفوسُ النفائس
مسامعكم نَصبٌ لداعي كريهةٍ / تساقي المنايا رحلُها والفوارس
وطوراً لملهوفٍ تَعرَّق لحمُهُ / عن العظم ذؤبانُ الخطوبِ النَواهس
تُجيبون كلتا الدَعْوتين كأنكمْ / غيوثٌ وأحياناً ليوثٌ عنابس
لأيديكُمُ في الموْطنين كليهما / نقائذُ من أيدي الردى وفرائس
مكارم للماضين منكم تقدَّمت / وأخرى على الباقين منكم حبائس
سأثني على الدهر المذَمّم إذ أتى / بأمثالكم أو لا فإنِّيَ باخس
تضَمَّنتُ أن لا يبخل الدهرُ بعدها / بأي نفيسٍ بعدكم هو نافس
بِكم نَعشَ اللَه الخلافةَ بعدما / هوى جَدُّها من حالق وهو تاعس
تدارك ذاتَ البيْنِ إصلاحُ طاهرٍ / وقد شمَّرت غَبراءُ تَجري وداحس
إذ الدين هَرج والخلافةُ فِتْنَةٌ / يُبلّدُ منها الأحزمُونَ الأكايس
ولما أبت بغداذ إلا شِمَاسها / ولجَّ بها من جِنّة النفر ناخس
تخمَّطها بالبيض والسُّمر عُنوةً / أبو الطَّيب الليثُ الهِزبر الخُنابس
فجاسَ بخيل النصر عُقرَ ديارها / وما جاسها من قبل ذلك جائس
به ألف اللَهُ القلوبَ فأصبحت / مَقاومُ تلك الحرب وهْي مَجالس
وما زال منكم للخلافة مِدرهٌ / يُناضل عنها تارةً ويُرادس
أوائلكُمْ داووا أوائلَ دائِها / وأنتم لها إن تاح للداء ناكس
بأحكامِكم تَمضِي السيوف مضاءها / وتقضي قضاياها الرماحُ المداعِس
إذا القومُ راموا شأْوَكُم خلَّفتْهُمُ / جدودٌ لِئامٌ أو جدودٌ قواعِس
أعمُّكُمُ مدحاً وأختصُّ منكُمُ / فتاكم عبيدَ اللَه والرأسُ رائس
همام له في المجد والخير مقْيسٌ / طويلٌ إذا ما طاولته المَقايس
رأى الملكانِ الهاشميان فضلَهُ / برأيٍ جَلَتْ عن صفحتيه المَداوس
وكيف بأن تخفَى محاسن مِثله / وهُنَّ لأبصار القلوبِ مَقابس
إلى مِثله تُلقي الرعاءُ عِصِيَّها / إذا عاثَ في الشاء الذئاب اللَعاوس
فتى غيرُ مفزاع إذا الحربُ زمجرتْ / زماجِرَها وارتاعَ منها الضغابِس
سواء عليه عندها أترنَّمتْ / مزاهرُ قيْناتٍ له أو معاجس
مَهيب إذا ما كان في القوم أمْسكتْ / عن الهدر والخطر القُروم القَناعس
له هيبةٌ لم يكتسبْها بكلْفةٍ / إذا اكتسبتْ ذاك الوجوهُ العوابس
حَييٌّ وفيه جُرأةٌ وصرامةٌ / إذا هابَ حوماتِ الأمورِ المُغامس
وليس يَعيبُ السيفَ لينُ مَهَزِّهِ / إذا كان عَضْباً تجتويه الأيابس
يُساهي مُساهيه كريماً مُغَفَّلاً / وأمَّا مُداهيه فحوتاً يُقامس
له خُلُقا خيرٍ ونفعٍ كلاهما / يُحاذره عاتٍ ويَرجُوه يائس
من المبْشرين المؤْدمِين خلائقاً / له تحت أيدي اللامسين مَلامس
يلين لمن أعطاه سمعاً وطاعةً / ويخشنُ محموداً على من يمارس
له عزماتٌ ليس للسيف مِثلُها / مضاءً ولا للسيل والسيلُ مارس
ورأي كرأي العين صدقاً وصحةً / إذا أخطأتْ بالحادسين المَحادس
يرى آخر العقبى بأول نظرةٍ / وبينهما غيبٌ من الليل دامس
حياةٌ لمن والاهُ حتفٌ على العدى / مُصابُ الرمايا لا تَوقّاهُ تارس
هو الأجل القاضي على كل حائن / وفيه لمن أمْلى له اللَّه حارس
وفيٌّ وتلكم شيمةٌ طاهريةٌ / له سلفٌ فيها قديمٌ قُدامس
يرى الوعدَ مثل العهد سِيان عنده / إذا خاس بالوعد المؤكدِ خائس
جميلُ المحيا بين عينيه غرّةٌ / تُضيء لساري الليل والنجمُ طامس
جوادٌ إذا سامَ المكارمَ نفسه / فليس له منها شريكٌ مشاكس
وكم من يدٍ تُعطي اللهى ووراءها / ضميرٌ بما جادت به متقاعس
إذا بذل المعروفَ أغْضى جُفُونَهُ / وطاطأ رأساً لم يذلِّله عاكس
لكي لا يرى في وجه حُرٍّ مذلةً / على أنها من يُغض والوجه عابس
يُساجل أنواءَ الربيع إذا جَرَتْ / ويخلُفُها في المحْل والعودُ يابس
وحُق لمن بين النجوم مقامُهُ / مُبَاراتُها إن النظير منافس
كفى الماحلين السائلين بجوده / وأغنى تِجار الحمدِ عمَّن يُماكس
به صدَق اللَه الأماني حديثَها / وقد مر دهرٌ والأماني وساوس
فتىً آنس الآدابَ من بعد وحشةٍ / وجدَّد منهاجَ العلا وهو دارس
رأى الشعرَ ديوان المكارم فاغتدى / يُدارس منه أهْلَهُ ما يدارس
فتى لو تُجاري الريحُ في المجد أوْلَهُ / غدا شأوُها عن شأوه وهو خانس
دعا الصمَّ حتى أسمع الصمَّ جُودُهُ / وأنطق حتى قال فيه الأخارس
تطاول أفلاكٌ فقصَّر جدُّهم / ونال الثريّا عفوُهُ وهو جالس
غدا والعلا أفعالُهُ وخصالُهُ / وهنّ لأقوامٍ هُمومٌ هواجس
لعمرِي لئن طابتْ عُصارةُ عوده / لقد كرمتْ أعراقه والمغارس
زهى الملكُ والإسلامُ ممن مضى له / بخمسة آباءٍ لهم منه سادس
فأوَّلهم قاد الجيوش وذادها / زُريقٌ وعبد الله للقوم خامس
أولئك آباءٌ بمثل تُراثهم / تَشَاوس وسط المحفل المتشاوس
وكم من ملوكٍ قَبلهم سَلفوا لهُ / لياليَ كانت تملكُ الناسَ فارس
لتهْنَك يا ابن الأكرمين إمارةٌ / بطالع سعدٍ جانبتْه المنَاحس
مَقَالةُ لا مُسْتَعْظمٍ ما وَليتَهُ / ولو كان ما هبَّتْ عليه الروامس
وإن التي سُرْبلتهما لتطُولُها / إذا قاسَها يوماً بقدرِك قائس
يَدلُّ على إقبال أمْرك أنه / غريسةُ حينٍ فيه تحيا الغَرائس
فَقُلِّدتَ ما قُلِّدتَ والعودُ مورق / بجدته والعرق ريانُ قالس
وليتَ التي تهوي إليها نَوازعاً / قلوبُ الورى واليعمُلات العرامس
ولما تولاها اسمُكَ الخير أصبحتْ / وجانبُها الوحشي باسمك آنس
تَلَقَّتْكَ في بَزِّ الربيع وحَلْيهِ / تِهامةُ والأنجادُ وهي عرائس
ولو زُرتها في وغرة القَيْظ أمرْعت / بوَجْهِكَ وانهلَّ الغمامُ الرواجس
وأضحى وأمسى كل ما بين بَلْدحٍ / به حرماً حتى القفارُ البسابس
تَجَلَّلها أمنٌ وعدلٌ فظبيُها / مع الذئبِ راعٍ كيف شاء وكانس
إليك ذعرتُ الوحشَ من كل مأمنٍ / لهنَّ به عن سَخْلهن مَلاحس
إليكَ تداعتني القوافي ولم أقل / إليك تداعتني الفيافي البسابس
أتيْتُك من أدنى مزاري يخب بي / إليك رجائي لا القِلاصُ العرامس
أجاوزُ بيتاً بعد بيتٍ وأمتطي / هواجسَ فكرٍ بعدهُنَّ هواجس
دعوتُ غريب الشعر باسمك فارعوى / إليَّ مُجيباً وهو باسمك آنس
فألَّفت منه إذ تجمَّع وحشُهُ / وهنَّ رُتوعٌ بالفلا وكوانس
فجاءتْ قوافيه تُباري صدورَهُ / كما تتبارى القاربات الخوامس
منحتُكها تحدو المطيَّ على الونَى / وتنفي الكرى عن ذي السُرى وهو ناعس
من اللائي لا يُخزي الوجوه نشيدُها / إذا منشدٌ باهَى بها من يُجالس
تهزُّ قناةَ الظهر عن أرْيَحيَّةٍ / كما هز رُمحاً للطعانِ مُداعس
وما زلت لَبَّاساً مديحاً تَحُوكُهُ / مساعيك لم يَلبسْه قبلك لابس
ولا مدحُ ما لم يمدح المرءُ نفسَهُ / بأفعال صدقٍ لم تَشُبها الخسائس
ليأمنْ صروفَ الدهرِ من أنت جارُهُ / فقد أفلَتْ عنه النجومُ النواحس
إذا ما بنو الحاجات كان مجازُهم / على ملك كانت عليك المحابس
وينصرف العافُون تُثْني عيابُهُم / عليك ولم ينبسْ من القوم نابس
فعش سالماً لا زال مجدُك باقياً / وإن رغمت من حَاسدِيك المعاطس
ألا إنما الدنيا كجيفةِ مَيْتةٍ
ألا إنما الدنيا كجيفةِ مَيْتةٍ / وطُلّابها مثل الكلاب النواهِسِ
وأعظمهمْ ذمّاً لها وأشدُّهم / بها شعفاً قوم طوالُ القلانِسِ
إذا شئتُ حيِّتني رياحينُ جنّةٍ
إذا شئتُ حيِّتني رياحينُ جنّةٍ / على سُوقها في كل حينٍ تَنفَّسُ
وإن شئتُ ألْهاني سماعٌ بمثله / حمامٌ تغنَّى في غصونٍ تُوَسوسُ
تُلاعبها أيدي الرياح إذا جرتْ / فَتَسمو وتَحنو تارةً فتنكَّس
إذا ما أعارتها الصَبا حركاتِها / أفادت بها أنسَ الحياة فتؤنس
تَوامَضُ فيها كلَّما تَلع الضحى / كواكبُ يذكو نورُها حين تُشمس
كريمٌ أتاه أنني قلتُ مُنكراً
كريمٌ أتاه أنني قلتُ مُنكراً / فظن ولم يوقن وما حك بالنفسِ
فعاقبني والحلمُ بيني وبينهُ / عقاباً بلا ضرب أليمٍ ولا حَبس
ولكن بشمِّ المسك والبان ذُوِّفا / فلا يكن الحساد من ذاك في لَبِس
ولا يأملوا إظلام جانب مثلِهِ / عليَّ فلا إظلام في جانب الشمس
أرقْتُ كأنِّي النجمُ يجري ويكنسُ
أرقْتُ كأنِّي النجمُ يجري ويكنسُ / مدى ليلتي أنْضُو دُجَاها وألبسُ
أغرّ أناساً أن تجافيت عنهُمُ
أغرّ أناساً أن تجافيت عنهُمُ / وراخيتُ من أخْطامهم فتنفسُوا
وما ذاك أنِّي نصبُ كل مُناضلٍ / ولا أن عرضي جذلُ من يتمرسُ
ولكنني مستضلعٌ بجريرتي / فغيريَ من يمشي الضَراء ويهمسُ
سلاحي لسان لا يُفلُّ وجُنَّتي / أديمٌ صحيحٌ يضرحُ العار أملس
فلا سارق شخصي من العين رَهبةً / ولا خافضٌ رِزِّي لمن يتوجس
أنا ابن الرخاميِّ الذي تعرفونَهُ / شهاب منيرٌ صخرة لا تؤيِّس
زئيري نذيري فاهرُبوا قبل وقعةٍ / تُقَضقِضُ أصلاب الرجال وتَفرس
دعوا تلكم الأحقاد وهي دفينةٌ / ولا تبعثوا أدواءهن فتنكَسوا
ولا تأمنوني إن جرى الصلحُ مرةً / فقد تعطف الحربُ الضروس فتضرِس
وإن لكم فيمن وسمتُ لعبرة / تُحنِّكُ من غِراتكم وتُجرِّس
خُذُوهم عِظاتٍ قبل أن يأخذوكُمُ / أسى إن تقوى الشر أحْجَى وأكيس
لذي الحلم قبل اليوم ما تُقرعُ العصا / وقد قالها من قبليَ المتلمس
وظلماءَ ما في سُدِّها من خَصَاصةٍ
وظلماءَ ما في سُدِّها من خَصَاصةٍ / لعين ولا فيها لذي الرأي مَحْدِسُ
عفا جُلبُها آي الهدى من سمائها / وغطَّى على أضوائها فهْي طُمَّسُ
صقيلٌ صقال الطبع لم يُكسَ غيرُهُ
صقيلٌ صقال الطبع لم يُكسَ غيرُهُ / صقالاً ولم يَعْهدهُ مذ قُدَّ مِدْوَسُ
ولو شئت ماطلتُ القوافيَ جريها / مدى ما تمادى شأوُها المتنفسُ
ولكنني أُعطي الكلامَ حقوقَهُ / وفاءً وحقُّ الشعرِ عندك يُبْخس
فذاك وإني أستقي من قريحتي / وأقدحُ إذ غيري من الناس يقبِس
بَروكٌ لحاجاتِ الغواةِ مُلظّة
بَروكٌ لحاجاتِ الغواةِ مُلظّة / ولو لبثْت حولاً تُساط وتُنخسُ
كفيل أبي يكسومَ عند بُرُوكه / غداةَ نهاه عن نواهُ المغمِّسُ
تُقارفُ منهنَّ الليالي مخازياً / تكاد لها قَمراؤُهُنَّ تَحنْدسُ
حفزتُ إليك الشعرَ بالشعر ترتمي
حفزتُ إليك الشعرَ بالشعر ترتمي / غواربُهُ حتى كأنك أخرسُ
فظلت تَلَقَّى طلَّ مُرفَضِّ دمعِها
فظلت تَلَقَّى طلَّ مُرفَضِّ دمعِها / مَلاطمُ وردٍ عن محاجرِ نرجسِ
وقت شاربيها النارَ عمداً بنفسها
وقت شاربيها النارَ عمداً بنفسها / وما كان جسمُ الفار جسماً يلامسُهْ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025