القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : القاضي الفاضِل الكل
المجموع : 50
أَمَطلَعَ شَمسِ الحُسنِ لا مَطلَعَ الفَجرِ
أَمَطلَعَ شَمسِ الحُسنِ لا مَطلَعَ الفَجرِ / جَلَوتَ ظَلامَ اللَيلِ بِالكَأسِ وَالثَغرِ
وَلَم يَنتَقِصهُ الثَغرُ مِثقالَ ذَرَّةٍ / وَشُهدُ اللَمى جَرَّ الدَبيبَ مِنَ الذَرِّ
وَقَلبِيَ مِن صَخرٍ وَلَكِن عَدِمتُهُ / فَعَينِيَ كَالخَنساءِ تَبكي عَلى صَخرِ
أَخا طُرَّةٍ بي مِن عَجائِبِ ثَغرِهِ / سَلِ العَينَ إِنَّ العَينَ حاضِرَةُ البَحرِ
أُدافِعُ مِنكَ العَذلَ منِّيَ بالعُذرِ
أُدافِعُ مِنكَ العَذلَ منِّيَ بالعُذرِ / وَمَن لَم يَلِن لِلِّينِ لَانَ عَلى القَسرِ
فَإِن كانَ أَمري في يَدي فَكَما تَرى / وَإِلّا فَدَبِّرهُ وَلا تُسمِهِ أَمري
وَما الصَبرُ إِلّا مُعقِبٌ ما أُريدُهُ / وَلَكِنَّني اِستَبطَأتُ عاقِبَةَ الصَبرِ
وَقُلتُ لَهُ يا صَبرُ إِن كُنتَ مُعقِباً / بِعُقبى فَمِن قَبلِ الخُروجِ مِنَ العُمرِ
كَمِ اِستَأذَنَت عُقبى عَلى المَرءِ مَيِّتاً / فَما أَذِنَت حُجبٌ عَلَيهِ مِنَ القَبرِ
يُلامُ لِما لا يَستَطيعُ وَيُعذَرُ
يُلامُ لِما لا يَستَطيعُ وَيُعذَرُ / وَيُسهَبُ فيهِ القَولُ أَو فَيُقَصَّرُ
وَأَفعالُكُم تَنهاهُ لَو كانَ يَنتَهي / وَما غابَتِ الآراءُ لَو كانَ يَحضُرُ
لِساني بِأَمري وَهوَ مِنّي وَمِنكُمُ / عَنِ البَثِّ يُنهى أَو فَبالكَتمِ يُؤمَرُ
فَأَمّا جُفوني فَهيَ بَينَ يَدَيكُمُ / ضَميري بِها يَبدو وَسِرِّيَ يَظهَرُ
صَبَرتُ وَكانَ الصَبرُ مِنِّيَ عادَةً / وَما صَبَرَ الدَمعُ الَّذي يَتَفَجَّرُ
وَقالَ اِستَدِم صَبري عَلَيكَ فَإِنَّني / وَإِن كُنتُ أَبدَيتُ السَرائِرَ أَستُرُ
أَيَسكُتُ عَن شَكوى الهَوى بِكَ مَنطِقٌ / وَتُعدَى جُفوني بِالسُّكوتِ وَتُحصَرُ
وَمَن ذا الَّذي يُملا بِهِ خَلوَةُ الهَوى / وَفي رَوضَةِ التَذكارِ ماذا يُفَجَّرُ
وَمَن ذا عَلى قَلبِ الحَبيبِ وَدونَهُ / مِنَ الغَيظِ أَغلاقٌ تُرى يَتَسَوَّرُ
أَغَيرِيَ مَن يُدعى لِيَومِ كَريهَةٍ / وَساعَةِ شَكوى مِن حَبيبٍ فَيَحضُرُ
وَما نَهَضَت مِن قَلبِهِ لَكَ رِقَّةٌ / إِذا لَم تَرَ الشَكوى فَذَيلِيَ يَعثَرُ
لَعَلَّ بَغيضَ العَذلِ يُحدِثُ لي ذِكرى
لَعَلَّ بَغيضَ العَذلِ يُحدِثُ لي ذِكرى / حَبيبٍ حَبيبِ الذِكرِ عِندي إِذا مَرّا
كَأَنَّ جُفوني السُحبُ وَالقَطرُ أَدمُعي / وَقَد أَمطَرَت فِكري فَقَد أَنبَتَ الشِعرا
وَعَرَّفَني قَدري الزَمانُ مُطالِباً / بِوِترِ زَمانٍ ما عَرَفتُ لَهُ قَدرا
لَها نَظرَةً لا يَدَّعي فِعلَها الخَمرُ
لَها نَظرَةً لا يَدَّعي فِعلَها الخَمرُ / وَلي سَكرَةٌ لا يَقتَضي مِثلَها السُكرُ
هِيَ الدارُ في حالَي نَواها وَقُربِها / فَإِن تَدنُ فَالمَغنى وَإِن تَنأَ فَالقَفرُ
وَيَبكي دَماً إِن بِتَّ ضَيفاً لِذِكرِهِ / وَما اِسمُكَ إِلّا الضَيفُ بَيَّتَهُ الفِكرُ
وَأَمّا الدَمُ الجاري فَمِن عَقرِ قَلبِهِ / وَأَعلى كَراماتِ الضُيوفِ هَوَ العَقرُ
أَيا دَهرُ لا مَن قَد هَويتُ وَلا الصِبا / وَلَم يَبقَ لا كاسي الشَبابِ وَلا الوَفرُ
فَيا لَيتَ دَهري بَعضُ مَن قَد عَدِمتُهُ / وَيا وَيلَتي أَفنى وَما فَنِيَ الدَهرُ
سَأُبقي عَلى الأَحرارِ مِنهُ بَقِيَّةً / يَسوءُهُمُ أَلّا يُنادي لَها حُرُّ
وَإِنَّ العَذابَ الأَكبَرَ البَينُ فَاِبكِهِ / وَإِنَّ عَذاباً دونَ ذَلِكُمُ الهَجرُ
وَلِهتُ فَوَصفي لَم يُحَصِّلهُ واصِفٌ / فَلا جَزَعٌ لي يَومَ بانوا وَلا صَبرُ
وَلَو بَدَّلوني مِن مَلامٍ شَفاعَةً / إِلى مَن عَلَيهِ اللَومُ لَاِعتَدَلَ الأَمرُ
أَرى نُذُراً لِلبَينِ صَرَّحَ وَعدُها / عَلَيَّ إِذا ما الدَهرُ أَخلَفَها نَذرُ
وَلَو أَنَّني سايَرتُ رَوضَةَ حُسنِهِ / لَسايَرَها مِن بَينِ أَجفانِهِ نَهرُ
يَقولونَ إِنَّ الدَمعَ باحَ بِسِرِّهِ / وَهَل كانَ ما بَيني وَبَينَكُمُ سِرُّ
وَماذا عَلى عَينٍ تَرى الحُسنَ رَوضَةً / إِذا ما جَرى مِن فَيضِ أَدمُعِها قَطرُ
أَفيكُم لِهَذا الحُسنِ بالله مِنكِرُ
أَفيكُم لِهَذا الحُسنِ بالله مِنكِرُ / فَإِن كانَ فَالأَعمى الَّذي لَيسَ يُبصِرُ
تُؤَدّي إِلى قَلبِ الفَتى نَغَماتُهُ / هَوىً غَيرَ ما كانَت بِهِ العَينُ تَشعُرُ
هِيَ الكأسُ ما دارَت بِكَفٍّ عَلى فَمٍ / فَبِالسَمعِ نُسقاها وَبِالقَلبِ نَسكَرُ
فَيالَكَ مِن دُرٍّ مِنَ اللَفظِ مُقتَنىً / وَيا لَكَ مِن خَمرِ مِنَ اللَحظِ تُعصَرُ
يُمَجمِجُ أَلفاظاً بِخَمرَةِ ريقِهِ / سُكارى الخُطا في ذَيلِها تَتَعَثَّرُ
فَمَحبوبُ هَذا اليَومِ بِالأَمسِ مُجتَوىً / وَمَعروفُهُ قَد كانَ مِن قَبلُ يُنكَرُ
فَأَنجَزَ هَذا الدَهرُ ما كُنتُ أَرتَجي / وَأَنجَزَ هَذا الدَهرُ ما كُنتُ أَحذَرُ
فَأُدرِكُ في هَذاكَ ما لا غَرَستُهُ / وَأَغرِسُ في ذا غَيرَ ما هُوَ مُثمِرُ
فَيا وَيلَتي مِن بُعدِ ما لا أَذُمُّهُ / وَيا ضَيعَتي في قُربِ ما لَيسَ يُشكَرُ
وَما في يَدي مِنهُ سِوى أَنَّ خاطِري / بِعابِرَةِ الأَخبارِ عَنهُ يُخَبَّرُ
عَلى أَنَّ لَيلاً لِلصِبا لا يَسُرُّني / إِذا كانَ عَن صُبحِ الشَبيبَةِ يُسفِرُ
مَلامُكُمُ وَالحُبُّ ضِعفانِ مِن نارِ
مَلامُكُمُ وَالحُبُّ ضِعفانِ مِن نارِ / وَفي واحِدٍ ما زادَ عَن كُلِّ مِقدارِ
وَلِم لُمتُمُ الأَبصارَ فيما أَتَت بِهِ / فَإِنّا دَفَعنا عَن قُلوبٍ بِأَبصارِ
فَلَم تَبتَدِع فيما سَهِرنا لِأَجلِهِ / فَقَد سَهِرَ الناسُ اللَيالي لِأَقمارِ
وَأَقسَمَ طَرفي وَهوَ لَيسَ بِحانِثٍ / بِأَن لا رَأَيتُ الرَوضَ إِلّا بِأَنهارِ
بِقَلبي وُجوهٌ إِن رَأَيتَ رِياضَها / فَلا تَنسَ مِن أَلفاظِها مِثلَ أَزهارِ
مَحاسِنُ قَد سَبَّحتُ مِنها بِسُبحَةٍ / فَمَن يُنكِرُ التَسبيحَ لِلخالِقِ الباري
وَفَرَّطتَ في قَلبي وَلَم تَحتَفِل بِهِ / فَصِرتُ بِلا قَلبٍ وَصِرتَ بِلا دارِ
أَفي الحَقِّ أَم في العَدلِ مَطلُ مَواعِدي / فَقَضَّيتُ أَيّامي وَلَم تُقضَ أَوطاري
فَصِلني إِذا اِستَكتَمتَني السِرَّ في الهَوى / وَإِلّا فَإِنَّ الهَجرَ يَكشِفُ أَسراري
وَلَمّا بَدا خَطٌّ بِخَدِّ مُعَذِّبي
وَلَمّا بَدا خَطٌّ بِخَدِّ مُعَذِّبي / كَظُلمَةِ لَيلٍ في ضِياءِ نَهارِ
خَلَعتُ عِذاري في هَواهُ وَلَم أَزَل / خَليعَ عِذارٍ في جَديدِ عِذارِ
تَوَهَّمَهُ قَلبي فَأَصبَحَ خَدُّهُ
تَوَهَّمَهُ قَلبي فَأَصبَحَ خَدُّهُ / وَفيهِ مَكانَ الوَهمِ مِن نَظَري أُثْرُ
وَمَرَّ بِقَلبي خاطِراً فَجَرَحتُهُ / وَلَم أَرَ جِسماً قَطُّ يَجرِحُهُ الفِكرُ
دَعَوتُ بِماءٍ في إِناءٍ فَجاءَني
دَعَوتُ بِماءٍ في إِناءٍ فَجاءَني / غُلامٌ بِهِ خَمراً فَأَوسَعتُهُ زَجرا
فَقالَ هُوَ الماءُ القَراحُ وَإِنَّما / تَجَلّى لَهُ خَدّي فَأَوهَمَكَ الخَمرا
وَقَد كُنتَ تَستَغني بِلَحظِكَ وَحدَهُ
وَقَد كُنتَ تَستَغني بِلَحظِكَ وَحدَهُ / فَكَيفَ وَفيهِ سَبعَةٌ خَيرُها شَرُّ
سَقامٌ وَأُسدٌ ضارِياتٌ وَأَسهُمٌ / وَسُمرُ القَنا وَالنَبلُ وَالسَيفُ وَالخَمرُ
فَماذا نَرى فيمَن حَوى فيكَ أَربَعاً / بِواحِدَةٍ مِنهُنَّ يَنفَطِرُ الصَخرُ
فَأَيّامُهُ سودٌ وَبيضٌ لِحاظُهُ / وَأَضلُعُهُ صُفرٌ وَأَدمُعُهُ حُمرُ
صَحا الدَهرُ لَكِن بَعدَ ما طالَ سُكرُهُ
صَحا الدَهرُ لَكِن بَعدَ ما طالَ سُكرُهُ / وَما كانَ إِلّا مِنَ دَمِ البَغيِ خَمرُهُ
أَقَمتَ عَلَيهِ الحَدَّ بِالحَدِّ ضارِباً / بِسَيفٍ إِذا ما اِهتَزَّ قَد بانَ سُكرُهُ
عُلاكُم عُلىً أَسكَرتَهُ بِمُدامِها / فَلَم يَجنِ إِلّا قامَ بِالسُكرِ عُذرُهُ
فَمَن كانَ ذا هَمٍّ فَقَد زالَ هَمُّهُ / وَمَن كانَ ذا نَذرٍ فَقَد حَلَّ نَذرُهُ
فَيا مَلِكاً لا يَملِكُ الخَطبُ صَبرَهُ / كَما أَنَّهُ لا يُجهَلُ الدَهرَ شُكرُهُ
يَجوزُ عَلى الهاماتِ عادِلُ سَيفِهِ / وَيَجري عَلى أَهلِ الأَوامِرِ أَمرُهُ
لَقَد قُمتَ في نَصرِ النَبِيِّ وَآلِهِ / مَقاماً عَلى الرَحمَنِ قَد حَقَّ أَجرُهُ
سَرى مَلِكُ الإِفرَنجِ يَنصُرُ جَمعَهُم / فَما ضَرَّهُم في نُصرَةِ الحَقِّ كُفرُهُ
وَما هِيَ إِلّا آيَةٌ نَبَوِيَّةٌ / أَقامَت لَهُم بِالنَفعِ مَنْ خيفَ ضُرُّهُ
وَعادَتُهُم من قَبلُ آيَةُ جَدِّهِم / فَينصُرُهُم مَن لا يُؤَمَّلُ نَصرُهُ
كَلِفتَ بِتَعنيفي بِلا طَلَبٍ عُذري
كَلِفتَ بِتَعنيفي بِلا طَلَبٍ عُذري / وَأَفرَطتَ في عَذلي وَفَرَّطتَ في عُذري
إِذا ما جَرى دَمعي جَواباً لِعاذِلٍ / فَإِنَّ انتِظامَ الوَجدِ في ذَلِكَ النَثرِ
وَحارَبتَني فَأْذَن بِحَربِ لَواحِظٍ / أُجَرِّدُها نَصلي فَتَضمَنُ لي نَصري
وَإِنّي لَأَهوى العَذلَ في حُبِّ قاتِلي / وَلَم أَرَهُ يُغني وَلَكِنَّهُ يُغري
وَإِنّي إِذا أَجرَيتُ ذِكرَكَ خالِياً / لَأَلتَذُّ فيكُم بِالدُموعِ الَّتي تَجري
عَلى أَنَّها جَمرٌ وَإِن غَرَّ ماؤُها / فَلي راحَةٌ في أَن أُجَفِّفَ مِن جَمري
يَقولونَ إِنَّ الصَبرَ يُعقِبُ راحَةً / وَما ضَمِنوا تَبليغَ عاقِبَةِ الصَبرِ
وَفي الصَبرِ رِبحٌ أَو طَريقٌ مُبَلِّغٌ / إِلى الرِبحِ لَكِنَّ الخَسارَةَ في عُمري
وَقَد هَدَّدوني بِالرَحيلِ وَما دَرَوا / بِأَنَّهُمُ قَد سافَروا قَبلُ بِالهَجرِ
وَلَو أَنَّ قَلبي بَينَ جَنبَيَّ حاضِرٌ / شَكَوتُ بِهِ ما قَد لَقيتُ مِنَ الضُرِّ
أَغَرَّ عُيونَ القَومِ أَنِّيَ مُطلَقٌ / وَما عَلِموا أَنّي مِنَ الوَجدِ في أَسرِ
وَإِنّي لَأَجرا الناسِ قَلباً عَلى أَسىً / وَدَمعاً عَلى رَبعٍ وَقلَباً عَلى فِكرِ
وَأَجبَنُهُم في الحُبِّ جَفناً عَنِ الكَرى / وَنُطقاً عَنِ السَلوى وَعَزماً عَنِ الصَبرِ
فَلا تَحسَبَنّي ضاحِكاً عَن مَسَرَّةٍ / فَكَم ضاحِكٍ باكي العُيونِ مِنَ الفِكرِ
وَغَيداءَ مِثلِ الخَمرِ يُعقِبُ وَصلُها / خُماراً وَلَكِنَّ الخَديعَةَ بِالسُكرِ
عَلى أَنَّني أَستَوقِفُ الخَمرَ إِن سَرَت / وَتَبلغُ ما لا يَبلُغُ الخَمرُ مِن سِرّي
مُحَلِّيَةٌ لِلحَلي عاطِلَةٌ بِهِ / وَحَسبُكَ ما في الغيدِ من حِليَةِ السِحرِ
عَلامَ جَحَدتِ البَدرَ مِنكِ مَكانَهُ / أَما تَكتُميهِ بِالقُطوبِ لَدى الثَغرِ
وَلَم يُخرِجِ الدُرَّ الَّذي البَحرُ دارُهُ / سِوى غُلَّةٍ مِنهُ إِلى ذَلِكَ البَحرِ
وَما سَمِعَت أُذنايَ قَبلَ لِقائِها / بِحَلْي عَلى حَلْيٍ وَدُرٍّ عَلى دُرِّ
بَدَت فَأَرَتني غُرَّةَ الدَهرِ طَلعَةٌ / فَمَن لي بِها وَالعَيشُ في غُرَّةِ الدَهرِ
وَلَمّا رَأَت عَيني شُجاعَ بنَ شاوِرٍ / عَجِبتُ لِأَخبارِ تَقِلُّ عَنِ الخُبرِ
بدت صورةٌ بل سورةٌ قد تنزَّلَت / محيَّاهُ منها موجبٌ سجدةَ الشكرِ
وَسَبَّحتُ رَبَّ العالَمينَ لِأَنَّني / رَأَيتُهُم مُستَجمِعينَ بِلا حَشرِ
وَقَد سُيِّبَت أَرزاقُهُم مِن يَمينِهِ / وَهَل يَستَجيرُ القُطرُ يَوماً سِوى القَطرِ
وَأُقسِمُ لَولا أَنَّهُ طَودُ عِزَّةٍ / وَمِن مَوعِدِ الأَطوادِ في الحَشرِ أَن تَسري
ذُهِلتُ لِأَسرارِ القِيامَةِ إِذ بَدَت / لِأَنّي رَأَيتُ الجودَ مُنفَجِرَ البَحرِ
وَدارُكَ بِالدُنيا وَكَفُّكَ بِالحَيا / وَظِلُّكَ بِالمَحيا وَيَومُكَ بِالدَهرِ
وَمَن خَطَبَ الحَسناءَ مُرخِصَ مَهرِها / فَإِنَّكَ أَنصَفتَ المَكارِمَ في المَهرِ
بِحِلمٍ بِلا ضَعفٍ وَحُكمٍ بِلا هَوىً / وَفَتكٍ بِلا ذُعرٍ وَجودٍ بِلا عُذرِ
وَسُحبِ يَدٍ لَم تَهمِ إِلّا بِأَحمَرٍ / فَفي الحَربِ أَو في السِلمِ بِالدَمِ وَالتِبرِ
وَطَهَّرتَ أَرضاً قَد وَطِئتَ تُرابَها / فَلَسنا نَرى فيها لِصَدِّكَ مِن فِترِ
فَأَلوِيَةٌ حُمرٌ مِنَ الطَعنِ في العِدى / وَفي اللَيلِ مِن نارٍ بِأَلوِيَةٍ حُمرِ
تُعيدُهُمُ تِلكَ العَزائِمُ إِن سَطَت / حَواصِلَ مِصرٍ في حَواصِلَ مِن نَصرِ
وَتَكسو الظُبا مِنهُم دِماءٌ بَدَت بِها / لَنا النارُ لا تُطفى وَتَطفو عَلى النَهرِ
كَأَنَّ عِداكُم مُغضَبونَ عَلى القَنا / وَإِن يَلقَها مِنهُم جَريءٌ فَبِالظَهرِ
أَلا شَدَّ ما أَسقَت يَداكَ فَأَنبَتَت / غُصونَ قَناً وَالهامُ فيهِنَّ كَالثَمْرِ
إِذا شَرِبَت خَمرَ الدِما وَتَرَنَّحَت / أَقَمتَ بِأَن حَطَّمتَها الحَدَّ في السُكرِ
إِلى القَومِ جادوا قَبلَ أَن يَسأَلوا النَدى / وَما اِفتَقَرَت قُلبُ الغَمامِ إِلى حَفرِ
حُماةٌ كَأَنَّ الشَمسَ بَعضُ نِسائِهِم / فَقَد كَتَموها لِلغِنى في خِبا خِدرِ
هُمُ خَطَبوا بِكرَ العُلا وَعَوانَها / بِجُردٍ عَوانِ البِكرِ
وَأَندِيَةٍ خُضرِ مِنَ الخِصبِ دونَها / سُيوفٌ رَمَينَ الجَدبَ في اللُجَجِ الخُضرِ
وَرَأيٍ بِتَقديرٍ وَعَفوٍ بِقُدرَةٍ / وَجودٍ عَلى قَدرِ وَقيلٍ عَلى قَدرِ
وَقَد حَفِظَ الرَحمَنُ بِاللَوحِ ذِكرَهُ / فَيَهنيكُمُ أَن كُنتُمُ سِرَّ ذا الذَكرِ
وَأَخذِهِمُ أَلواحَ مُعجِزِ آيِهِ / كَما أَخَذَ الأَلواحَ موسى عَلى قَدرِ
كَما كانَ نوحٌ إِذ طَغى الماءُ راكِباً / عَلى ذاتِ أَلواحٍ بِتَدبيرِهِ تَجري
ثَبَتُّم بِأَلواحٍ ثَباتَ عَزيمَةٍ / بِها السُمرُ قَد نُظِّمنَ لِلصَفِّ في سَطرِ
وَحَذَّرَهُم مَن كانَ يُعنى بِأَمرِهِم / وَما يَنفَعُ التَحذيرُ عِندَ اِنقِضا الأَمرِ
وَقالَ لَهُم نِمتُم فَلا تُنبِهوا القَطا / وَلَو لَم تُنَبَّه باتَتِ الطَيرُ لا تَسري
وَلَمّا اِستَغاثوا ما أُغيثوا وَكَيفَ أَن / يُغاثَ بُغاثٌ وَهوَ في مِخلَبِ الصَقرِ
تَوَقَّ اِبتِداءَ الأَمرِ قَبلَ اِنتِشارِهِ / وَحاذِر شَرارَ النارِ مِن قَبلِ أَن تَسري
وَأَكثَرُ ضُرِّ المَرءِ مِن أَهلِ وُدِّهِ / أَلَم تَرَ أَنَّ الخَمرَ مُظهِرَةُ السِرِّ
قَدِمتَ عَلَينا بِالبَشاشَةِ وَالنَدى / فَفَجرٌ إِلى لَيلٍ وَمُزنٌ إِلى قَفرِ
وَوافَيتَ مِن لينِ الخَلائِقِ وَالظُبا / بِأَسهَلَ مِن مُزنِ وَأَخشَنَ مِن صَخرِ
بِجَيشٍ إِذا ما النَقعُ أَبدى حَديدَهُ / حَسِبتَهُمُ قَد نَصَّلوا السُمرَ بِالزُهرِ
تَرى مِنهُ سَدّاً مِن حَديدٍ كَأَنَّما / رَأَيتَ بِهِ في اليَومِ لَيلاً إِذا يَسري
إِذا اِشتَجَرَت راياتُهُم وَتَأَلَّفَت / طُيورٌ إِلَيهِم قُلتَ حَنَّت إِلى وَكرِ
تَجَلّى فَأَجلى وَجهُكَ النَقعَ إِذ بَدا / وَأَحسَنُ نورِ الوَصلِ في ظُلمَةِ الهَجرِ
بِأَضوَأَ مِن بَرقٍ وَأَزيَدَ في السَنا / وَأَهيَبَ مِن سَيفٍ وَأَملَأَ لِلصَدرِ
فَيا حُسنَ سَيفِ الهِندِ في عاتِقِ الهُدى / وَيا حُسنَ تاجِ العَدلِ في مَفرِقِ الأَمرِ
وَحَدَّث بِها بيضَ اللَيالي وَسودَها / بِأَنَّ الوَغى اِنجابَت بِلا البيضِ وَالسُمرِ
وَأَنَّ صُروفَ الدَهرِ أَغرَبَ حُكمُها / فَلا الرَفعُ في زَيدٍ وَلا النَصبُ في عَمرو
وَأَنَّ سِياساتِ العُقولِ عَجيبَةٌ / يَضيقُ بِها المَجرى عَلى العَسكَرِ المَجرِ
وَتُصمي بِلا سَهمٍ وَتَفري بِلا ظُباً / وَتَسري إِلى بَعضِ الرِجالِ وَلا يَدري
إِذا ما خُيولُ النائِباتِ تَراكَضَت / فَهَيهاتَ أَن يُغنى الفَتى الفَوتُ بِالفَرِّ
تَصَرَّفَ صَرفُ الدَهرِ في كُلِّ ما تَرى / سِوى ما بِذاكَ الوَجهِ مِن حِليَةٍ البِشرِ
وَلَم يَستَطِع نَقصاً لَهُ وَزِيادَةً / عَلَيهِ إِذا ما مَنَّ بِالحُلوِ وَالمُرِّ
أَسَيِّدَنا إِن جِئتَ في الدَهرِ آخِراً / فَقَد جاءَ عيدُ الفِطرِ في آخِرِ الشَهرِ
وَتَمَّ لي التَمثيلُ فيما ذَكَرتُهُ / فَقَد جاءَ عيدُ النَحرِ في آخِرِ العَشرِ
وَرَتَّبَتِ الأَقدارُ قَدرَكَ أَوَّلاً / كَما جاءَنا التَرتيبُ في لَيلَةِ القَدرِ
أَتى الفِطرُ فَاِستَقبَلتَهُ مِنكَ بِالنَدى / مَضى الصومُ فَاِستَودَعتَهُ تُحَفَ الأَجرِ
وَمَسَّكتَ فيهِ الصُبحَ بِالعَدلِ وَالتُقى / وَخَلَّقتَ فيهِ اللَيلَ بِالشَفعِ وَالوَترِ
سَتُفني يَدُ الأَيّامِ كُلَّ ذَخيرَةٍ / سِوى ما لَكُم في ذِمَّةِ اللَهِ مِن ذُخرِ
وَإِنّي لَأَعتَدُّ الأَهِلَّةَ إِذ نَمَت / ضُيوفاً لِهَذا البِشرِ عِندَكَ تَستَقري
وَقَلَّمتَ صَرفَ الدَهرِ عَنّا وَقَد رَأَوا / هِلالَهُمُ مِثلَ القُلامَةِ في الظُفرِ
وَكَم جيدِ لَيلِ سِمطُهُ مِن سِماطِهِ / عَلى أَنَّهُ سِمطٌ تَنَظَّمَ لِلنَثرِ
تُضاهونَ بِالأَرضِ السَماءَ لِأَنَّكُم / تُرَونَ بِها أَشباهَ أَنجُمِها الزُهرِ
فَيا عَجَباً رَوضٌ إِلى النارِ يَعتَزي / إِذا ما اِعتَزَت كُلُّ الرِياضِ إِلى القَطرِ
مَوائِدُ مِنهُنَّ البِلادُ مَوائِدٌ / تَضَمَّنَّ ما يعلو عَنِ الحَصرِ وَالحَصرِ
وَلا عَيبَ فيها غَيرَ أَنَّ بَني الدُنيا / قَد اِفتَقَروا لَمّا رَأَوها مِنَ القَفرِ
يَحُجُّ إِلَيها مَن يُجيبُ نِدا النَدى / وَلَكِنَّهُ حَجٌّ يَدومُ بِلا نَفرِ
مَكارِمُ حَدَّثتُ الصَباحَ حَديثَها / وَإِن لَم يَكُن مِن ظُلمَةِ اللَيلِ في سِترِ
وَأَخبارُكُم في طَيِّها وَمَسيرِها / وَتَخليدِها بَينَ البَرِيَّةِ كَالخِضرِ
وَفي كُلِّ أَرضٍ مِن نَداكُم شَواهِدٌ / فَما اِنتَقَلَت عَنهُ الأَحاديثُ بِالشُفرِ
وَلَمّا رَكِبتُم لِلخَليجِ وَكَسرِهِ / عَجِبتُ لِأَن سارَت بُحورٌ إِلى نَهرِ
كَما أَنَّني أَيضاً عَجِبتُ لِأَنَّكُم / بِكَسرٍ جَبَرتُم كُلَّ أَرضٍ مِنَ الكَسرِ
وَجُدتُم فَأَورَدتُم وَجادَ فَلَم نَرِد / لِأَنّا ضِيافٌ لِلسَماحَةِ في قُطرِ
وَقَد جاءَ قَبلَ النَيلِ نَيلُكَ سابِقاً / إِذا النيلُ في شُغلٍ مِنَ المَدِّ وَالجَزرِ
وَكَم لَكَ عِندي مِن أَيادٍ جَميلَةٍ / وَلا عَيبَ فيها غَيرُ عَجزي عَنِ الشُكرِ
فَإِن خَفَّفت قَيدي فَقَد أَثقَلَت ظَهري / وَإِن رَوَّحَت سِرّي فَقَد أَتعَبَت فِكري
تَخَيَّرتِ أَرضي يا سَماءُ فَأَنجَبَت / فَدونَكِ رَبعَ الشُكرِ عَن ذَلِكَ البَذرِ
أَتَحسَبُ أَنّي لِلمَواهِبِ كاتِمٌ / أَما قيلَ إِنَّ الأَرضَ مُخرِجَةُ السِرِّ
وَلَو جَحَدَ الرَوضُ السَحائِبَ قَطرَها / لَأَخجَلَهُ ما فاحَ عَنهُ مِنَ النَشرِ
أيا سامِعاً وَحيَ المُنى مِن عَبيدِهِ / إِذا كانَ داءُ البُخلِ في السَمعِ كَالوَقرِ
تَكَبَّرَ عَن كِبرٍ وَلَكِنَّ عَبدَهُ / بِأَن عَدَّهُ عَبداً تَحَقَّقَ بِالكِبرِ
فَقُل لِلَّيالي قَد وَصَلتُ بِلا سُرىً / وَقُل لِلأَماني قَد وَصَلتُ بِلا صَبرِ
وَحَسبُ الأَماني أَن سُقيتُ بِلا حَياً / وَحَسبُ السُرى أَنّي هُديتُ بِلا فَجرِ
وَبَيَّنَ هَذا الفَضلُ فَضلَكَ لِلوَرى / أَلَم تَرَ أَنَّ الدُرَّ يوجَدُ في الغَمرِ
وَما زِلتَ تَستَعفي العُفاةَ مِنَ الثَنا / فَقَد شُغِلوا بِالشُكرِ عَن طَلَبِ الوَفرِ
كَفَتكَ اللَيالي ما تَخافُ فَإِنَّها / عَلى خَوفِها مِنكُم تَخافُ عَلى الحُرِّ
فَواعَجَباً مِنها وَمِنّا فَإِنَّنا / وَفَينا لَها حيناً عَلى العِلمِ بِالغَدرِ
تُقَلِّدُ أَعناقُ اللَيالي جَواهِرا
تُقَلِّدُ أَعناقُ اللَيالي جَواهِرا / أَظَلُّ لَها مِن بَحرِ جودِكَ جاهِرا
فَلا زِلتَ ذا رَبعٍ مِنَ المَجدِ عامِرٍ / وَإِن لَم تَدَع بَيتاً مِنَ المالِ عامِرا
تَقولُ اللَيالي فيكَ بِالمَدحِ قَولَها / فَلم يَنفَرِد بِالفَضلِ مَن كانَ شاعِرا
وَما قُلتُ إِنَّ النَجمَ باتَ مُسَمَّراً / بَلى باتَ مِن تِلكَ المَعالي مُسامِرا
نَصَبتَ لَهُ سوقاً مِنَ المَجدِ نافِقاً / وَيَجبي إِلَيهِ الحَمدَ مَن كانَ تاجِرا
وَأَحيَيتَ حَمداً كانَ بِالأَمسِ بائِداً / وَأَغلَيتَ شِعراً كانَ قَبلَكَ بائِرا
وَما كُنتَ إِلّا لِلمَكارِمِ رابِحاً / وَإِن كُنتَ فيهِ لِلذَخائِرِ خاسِرا
أَوَجهَ العُلا أَسفِرْ فَقَد أَقبَلَ البَدرُ
أَوَجهَ العُلا أَسفِرْ فَقَد أَقبَلَ البَدرُ / وَكَفَّ النَدى أَمطِر فَقَد بَخِلَ القَطرُ
وَيا دَهرَنا أَحسِن فَإِنَّكَ مُحسِنٌ / وَمَن سادَ أَهلَ الدَهرِ كانَ هُوَ الدَهرُ
وَيا مَن سَقى بِالخَمرِ مِن طيبِ ذِكرِهِ / أَلا فَاِسقِني خَمراً وَقُل لي هِيَ الخَمرُ
عَدَدنا بِحارَ الماءِ سَبعَةَ أَبحُرٍ / وَلَكِن بِحارُ الجودِ أَنمُلُكَ العَشرُ
أَمِنتُ بِحَمدِ اللَهِ مِمّا أُحاذِرُ
أَمِنتُ بِحَمدِ اللَهِ مِمّا أُحاذِرُ / وَأَمسى لي التَوفيقُ مِمّا يُحاصِرُ
وَأَيُّ مَساءٍ ها هُنا قَد رَأَيتُهُ / فَها أَنا فيهِ إِذ دَجا اللَيلُ باكِرُ
سَأَذكُرُ ما أَولَيتَ وَالذِكرُ شُكرُهُ / وَضامِنَتي فيهِ اللَيالي الغَوابِرُ
وَحَسبُكَ أَنّي بَعدَ عُقلَةِ مِقوَلي / وَبَعدَ بِلاهُ شاكِرٌ لَكَ ذاكِرُ
فَإِنَّ الَّذي تُبقي المحابِرُ لَيسَ مِن / قَبيلِ الَّذي تَعدو عَلَيهِ المَقابِرُ
أَخَذتُ الَّذي أَولَيتَني وَشَكَرتُهُ / وَما لَكَ مِثلي آخِذٌ مِنكَ شاكِرُ
وَقَد بَقِيَت عِندَ الأَمانِيِّ فَضلَةٌ / وَأَنتَ عَلى ما يُعجِزُ الناسَ قادِرُ
فَلا تَرَكنن مِنّي إِلى صَبرِ مُقتَضٍ / فَقَد كادَني مَن قالَ إِنّيَ صابِرُ
إِذا ما مَشى ماشٍ إِلَيكَ بِحاجَةٍ / فَدَع قَولَهُم يَمشي وَقُل هُوَ طائِرُ
أَسَرَّكَ أَن قالوا مَشى في طَريقِهِ / إِلَيكَ المُرَجّي وَاِحتَوَتهُ المَعاثِرُ
أَتَتكَ بِيَ الدُنيا لِتَغفِرَ ذَنبَها / إِلَيَّ فَبَشِّرها بِأَنَّكَ غافِرُ
فَلا يَشغَلَنَّ المَجدُ بِالحَمدِ قَلبَهُ / فَإِنَّ الَّذي يَبغيهِ عِندِيَ حاضِرُ
أَتى تاجِراً لِلحَمدِ سوقُكَ بابُهُ / وَغُرُّ القَوافي في الكِرامِ مَتاجِرُ
وَأَخسَرُ خَلقِ اللَهِ في الصِدقِ صَفحَةً / عَدُوٌّ يَرى أَنّي بِبابِكَ خاسِرُ
حَلَفتُ لَهُم يا بَحرُ أَنَّكَ راجِعي / وَفي فِيَّ وَالكَفَّينِ مِنكَ الجَواهِرُ
لَقَد أَسِفَ الأَعداءُ أَنّي إِلَيكُمُ / حَجَجتُ فَلا سُرّوا بِأَنِّيَ نافِرُ
أَحاديثُ أَذكى الحَقُّ جَذوَةَ نارِها / وَكُلُّ حَديثٍ يَفتَريهِ فَفاتِرُ
إِذا نَحنُ فَضَّلنا عَلى كُبَرائِهِم / فَهَل فيهِمُ مُستَكبِرٌ أَو مُكابِرُ
وَشَرَّفَني دونَ السَريرِ بِوَقفَةٍ / بِها اِستُخلِصَت في الوُدِّ مِنّي السَرائرُ
وَأَدخُلُ مَأَموراً وَأَخرُجُ آمِراً / كَذَلِكَ مَأَمورُ السَلاطينِ آمِرُ
تَلَفَّتُّ فيها لَم أَجِد لَكَ كاثِراً / وَمَن ذا الَّذي فَوقَ السَماءِ يُكاثِرُ
وَصِرتُ بِكَهفٍ تُحجَبُ الشَمسُ دونَهُ / فَللشَمسِ تَحتي مَنكِبٌ مُتَزاوِرُ
لَكُم في زَبورِ اللَهِ يا مُبلِغي الذِكرِ
لَكُم في زَبورِ اللَهِ يا مُبلِغي الذِكرِ / وِراثَةُ هَذي الأَرضِ وَالخَلقِ وَالأَمرِ
فَلا تَحسَبوا مِصراً تُخَصُّ بِمُلكِكُم / فَلا مِصرَ إِلّا سَوفَ يَلجا إِلى مِصرِ
وَإِنَّ ثُغوراً في يَدَي غَيرِ عامِلٍ / لِمِصرِكَ أَمسَت غَيرَ باسِمَةِ الثَغرِ
هَل الحُبُّ إِلّا أَن وَقَفتُ بِدارِ
هَل الحُبُّ إِلّا أَن وَقَفتُ بِدارِ / وَرَدتُ إِلَيها فَاِستُخِفَّ وَقاري
وَلَيسَ لِذِكرِ جَرَّ دَمعاً جِنايَةٌ / وَهَل غَيرُ ماءٍ كَفَّ جُرأَةَ نارِ
غُصونُ النَقا أَنكَرتُها وَعَرَفتُها / بِقَلبِ مُقِرٍّ أَو بِعَينِ مُمارِ
إِذا هِيَ هَمَّت بِاِعتِناقي رَدَدتُها / وَقُلتُ لَها ما جِئتِني بِثِمارِ
وَأَنتُم زَماني ما عَرَفتُ سِواكُمُ / رِضاكُم وَسُخطٌ لَيلتي وَنَهاري
وَأَنفاسُكُم لَيلُ الوِصالِ وَصَدُّكُم / لَهُ أَثَرٌ ما سَرَّكُم بِعِذاري
فَإِن عاقَبوني في الهَوى بِذُنوبِهِم / فَمِنهُم إِلَيهِم أَن فَرَرتُ فِراري
مَنابِرَ لِلإِسلامَ قامَت سُيوفُكُم / يَقومُ لَها في الدَهرِ أَيُّ مَنارِ
تَمُرُّ بِها أَسماءُ قَومٍ عَوارِياً / وَأَسماؤُكُم يَخلُدنَ غَيرَ عَوارِ
فَلا بَرِحَت سُحبُ المَنابِرِ مِنكُمُ / مُرَصَّعَةً مِن آلِكُم بِدَراري
سَأَسكُتُ عَن شُكري نَداهُ لِعِلَّةٍ
سَأَسكُتُ عَن شُكري نَداهُ لِعِلَّةٍ / يَقومُ لَها ذَنبي بِأَحسَنِ عُذرِه
إِذا أَنا بَعدَ الجُهدِ قَصَّرتُ شاكِراً / فَقَد صارَ لِلتَقصيرِ ذَنبي كَشُكرِه
كِلانا جَنى هَذا الهَوى وَاِصطَلَيتُهُ
كِلانا جَنى هَذا الهَوى وَاِصطَلَيتُهُ / فَناظِرُهُ أَصلُ الغَرامِ وَناظِري
أُراقِبُ وَجهَ الأُفقِ حَتّى كَأَنَّما / أُحاوِلُكُم بَينَ النُجومِ الزَواهِرِ
أَمَنّا عَلى المُلكِ اللَيالِيَ بَعدَما / أُمِدَّ بِسَعدِ الناصِرِ المُتَناصِرِ
إِمامٌ أَقَرّوا جَوهَرَ المُلكِ عِندَهُ / وَلا عَجَبٌ لِلبَحرِ صَونُ الجَواهِرِ
دِيارُ العِدى مِن نَقعِهِ وَدِمائِهِم / كَرَبعِ الهَوى ما بَينَ سافٍ وَماطِرِ
يُلاقيهِمُ بِالسَيفِ وَالطَيرِ طاعِماً / فَهُم مِنهُما بَينَ الرَدى وَالمَقابِرِ
وَلَمّا اِنثَنَت مِنّا عَلَيهِ خَناصِرٌ / جَعَلنا حُلى تَختيمِنا لِلخَناصِرِ
لَأَفنَت ظُباكُم في الوَغى وَصِفاتُها / دِماءَ الأَعادي أَو دِماءَ المَحابِرِ
فَيا عَجَباً لِلمُلكِ قَرَّ قَرارُهُ / بِمُختَلِفاتٍ مِن قَناكَ الشَواجِرِ
طَواعِنُ أَسرارِ القُلوبِ نَواظِرٌ / كَأَنَّكَ قَد نَصَّلتَها بِنَواظِرِ
تَمُدُّ إِلى الأَعداءِ مِنها مَعاصِماً / فَتَرجِعُ مِن ماءِ الكُلى بِأَساوِرِ
لَها غُرَرٌ يَستَضحِكُ النَصرُ وَجهَها / وَتَفهَمُ مِنها العَينُ مَعنى البَشائِرِ
إِذا ما أَتَت تَختالُ بَينَ سُطورِها / فَهُنِّئتَها عَذراءَ ذاتَ ضَفائِرِ
هِيَ السائِراتُ الخالِداتُ بِمَجدِهِ / وَسائِرُ ما يُؤتى بِهِ غَيرُ سائِرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025