المجموع : 12
لذاتي بذاتي لا لكم أنا ظاهرُ
لذاتي بذاتي لا لكم أنا ظاهرُ / وما هذه الأكوان إلا مظاهرُ
تقيدت والإطلاق وصفي لأنني / على كل شيء حين لا حين قادر
ومرتبة التقييد أظهرت رحمة / ومرتبة الإطلق إني ساتر
وتلك بمخلوق وهذي بخالق / تسمّت وفي التحقيق أين التغاير
وأحببت بالتكليف إظهار حكمة ال / ظهور وحكمي ما أنا فيه جائر
وصوتي لأفعالي عن العبث اقتضى / خطابي ومن لم يمتثل فهو كافر
جسوم وأعراض تلوح وتختفي / وما هي للمحبوب إلا ستائر
وخلف حجاب الكون ما أنت طالب / ومن لفظة المقهور يلزم قاهر
تأمل حروف الكائنات فإنها / تشير إلى معنى به أنت حائر
وبرق الحمى هذا الوجود وميضه / ولكن بما تجنيه تعمى البصائر
فيا ظاهراً في خلقه وهو باطن / ويا باطناً في أمره وهو ظاهر
تجليت لي في كل شيء ولم أكن / سواك فمنظور كما أنت ناظر
وللقلب مني قد ظهرت بكل ما / ظهرت ولم تنكرك مني الخواطر
بكل مليح بل بكل مليحة / تراءيت حتى حققتك الضمائر
وما مذهبي حب المظاهر إنما / أحب الذي دانت عليه المظاهر
أما ومقام البيت والحجر الذي / عهدناه قد دارت عليه الخناصر
لأنت المنى والقصد يا غاية المنى / وإن لامني فيك القنا والبواتر
وما ملت يوما عنك للغير سلوة / وكيف ويا نوري معي أنت حاضر
وأنت رفيقي لا رفيق سواك لي / وإن أنا عن إيفاء حقك قاصر
أحبك لا بي بل بك الحب منة / علي كما أني بك الآن شاكر
يقول عذولي لا تخاطر بقربه / وهل يدرك المأمول إلا المخاطر
وإني لأدري أن طرق وصاله / تدور على الأقوام فيها الدوائر
ولكن له سلمت نفسي فإن يرد / هداها وإن يضلل فما هو جائر
وماذا عسى نفسي تعادل في الورى / فمن أجلها عن مالكي أنا نافر
فررت به مني إليه لأنني / تحققت أن لا غير والأمر ظاهر
فكان اضطراراً كون قلبي موحداً / له وبه لا بي أنا اليوم ذاكر
أهيم بأنفاس النسيم وإنني / بطيب الحمى لا بالنسائم عاطر
وأُظهر أني قد ظفرت بعلمهم / وقلبي بذات الخال لا العلم ظافر
ودونك شرعي إن هويت طريقتي / فإني مدى عمري إلى الحب سائر
وكن هكذا مثلي فقيراً من السوى / ومن نفسه تأتيك منك الذخائر
وغب عنك وامحو نقطة الغين ثابتاً / وغص في بحار الجمع تبد الجواهر
ولا تك من قوم أماتت ذنوبهم / نفوساً لها الأجسام منهم مقابر
فإن طريق الحق سهلٌ سلوكُه / وأوضح منه ليس يدرك ناظر
وليس بذكر أو بفكر تناله / سوى بالصفا والمحو عما يغاير
وهذا حجاب النفس يصعب خرقُهُ / وعقلك منه وهو للحق ساتر
فمت في الهوى تحيى وأغمض عن السوى / تقر بذاك الوجه منك النواظر
طلبت مقاماً بذل روحك شرطه / وأنت على ما أنت ناه وآمر
وما هكذا شرط الهوى إن ترد فرد / فناء الفنا وانس الذي أنت ذاكر
ووطِّن على الإنكار نفسك والأذى / فمَن عسلاً يجني على النحل صابر
وقد كثرت فيه العواذل غيرة / وقلَّ لطلاب الحقيقة ناصر
فإن شئت فاقدم هكذا الشرط بيننا / وإلا فلا تقدم لأنك آخر
عيون العلا نحو السعيد نواظرُ
عيون العلا نحو السعيد نواظرُ / ومنصبه في حضرة العز فاخرُ
وللكون معنى دق عن فهم عارف / تشير إليه الباطنات الظواهر
ومعنى لمعنى ليس معنى وماله / سوى الكون معنى وهو للعقل باهر
يناديك يا مدهوش لو كنت سامعاً / فتلهيك عن ذاك النداء الخواطر
وكنت بعيداً ثم جئت فلم تكن / لأنك عن معنى القصور لقاصر
ومن تحت تحت التحت عندي إشارة / إلى فوق فوق الفوق والغير حائر
إذا قلت حرفاً جاء معنى لها وإن / سكت بموج البحر تبدو الجواهر
حروف المباني والمعاني تنزهت
حروف المباني والمعاني تنزهت / مقاصدها فهي التي لم تكن تقرا
فإن رمت يا أولي سواك محققاً / عليك بك افهم منصفاً أنك الأحرى
وفوق مقام القصد للكل مقصد / إليك أتى باعاً إذا جئته شبرا
تحقق بآثار الأواني مجانباً / بروق المعاني فالعظيم بنا أحرى
عليك سلام الله يا طالب الهدى / مدى الدهر ما مالت غصون الحمى سكرى
دوائرُ أوهامٍ بها شغل الفكرُ
دوائرُ أوهامٍ بها شغل الفكرُ / فظاهرها خلقٌ وباطنها أمرُ
فتوحات محي الدين عنها عبارة / أتتنا منَ البكري مشرقة بكر
فهمنا بها لما فهمنا خطابها / وفي قولنا قد بان من بحرها الدر
وذلك علم العين بالغين نقطة / هي الكاس والسر الإلهي هو الخمر
وما العين إلا الغين بالذات باطناً / كما ظاهراً بالوصف ثنّاهما الذكر
مقام أولي التحقيق كالشمس رفعة / ومرتبة الإفصاح عنه هي البدر
ولم ينتقل شيء إلى البدر في السما / من الشمس بل طي الضياء له نشر
فغيرية الأعيان خلق لأنها / بظاهرها الفاني الكثير هي المكر
وباطنها الباقي الذي هو واحد / هدىً حيث لا زيد هناك ولا عمرو
وما ثمَّ إلا الوهم قوة حضرة / إلهية عنها بدا السر والجهر
تجلت كما شاءت وشاءت كما درت / وتدري كما يعطيه في نفسه الأمر
فكنهاً على غيب ولا كنه ترتجي / لها فسواها موجها وهي البحر
وما حل في الأمواج بحر ولا به / قد اتحدت بل تلك عنه لها البر
ولا هي حلت فيه إذ لم يكن لها / وجود سواه وهي منه لها قدر
هو الحق والأكوان قاموا به له / كما صور التخييل يحفظها الفكر
نعم لقلوب العاشقين سرائرُ
نعم لقلوب العاشقين سرائرُ / من الغيب قد ضمت عليها الضمائرُ
يحركها صوت السماع بوقعه / فتظهر منها للعيان الأشائر
هو الدف والطنبور والوتر الذي / يسير به للوتر في الكون سائر
أعد ما بدا يا منشد القوم عندنا / بصوتك واطربنا فيرشد حائر
وتفتح أغلاق المعارف واللقا / تدق له بين القلوب البشائر
كشفت حجاب الكون عنا بذكر من / عليه من الأغيار مدت غدائر
وأظهرت سراً طالما قد كتمته / وبالغير في أرض القريحة غائر
وأذكرت عهداً مِن ألستُ بربكم / به شخصت منا إليه البصائر
وقد حَيْعَلَ المزمار بالوجد بيننا / وضجَّت بتأذين الغناء المنابر
ألا أيها الناي الرخيم كشفت عن / سرائر شوقي يوم تبلى السرائر
وأشبهتني في نفخ روحي وقد بدت / لقلبي هنا من سر قلبي ذخائر
عليل الهوى أضحى يعلله الهوى / وقد جبرت بالكسر منه الجبائر
يموت ويحيى كلما لمعت له / بروق الحمى النجديْ وغرد طائر
وإن نفحت ريح الصبا في دياره / بها هو نقع كله وهو ثائر
سمعت كلاماً قد أتاني به الصبا / عن المطلع الشرقيْ له أنا دائر
فهمت بوجدي إذ فهمت رموزه / فها أنا للبرق اللموع أساير
وما كل أذن طارقات الهوى تعي / ولا كل طرف فيه تجلى الحرائر
تغار سليمى إن رأى غيرها امرؤٌ / كما قد عهدناها تغار الضرائر
صدقتك هذا الركب طال به السرى / وجار علي بالمحبة جائر
ولولا التسلي بالتجلي لأحجمت / دوائر أفلاك الوجود الدوائر
على مثل هذا الوجه تلتهب الحشى / ومن حسنه فينا تشق المرائر
وما ذاك إلا وجه سلمى فإنه / يغاير للأشيا وليس يغاير
بدا فأزيلت عنه أستار غيره / وقد غفرت للمذنبين الكبائر
وكنا وما كنا وكان ولم يكن / وما ثم إلا قدسه والحظائر
وجود ولا أعني الوجود الذي بدت / من الكون أشباه له ونظائر
ولكن وجود مطلق عن تقيُّدٍ / بإطلاقه والكل منه شعائر
وكل وجود مطلق أو مقيد / بعقل وحس فهو عنه ستائر
إذا لاح غبنا فيه عنا جميعنا / وإن غاب نحن السائبات البحائر
هو الكون ثوب والسداءُ هو الأمرُ
هو الكون ثوب والسداءُ هو الأمرُ / ولحمته الخلق اقتضى نهيه الأمرُ
وحائكه الأسماء أسماء ربنا / تعالى بمكّوك الوجود به الضفر
وما غزله إلا من العدم الذي / تقدر في العلم القديم له القدر
ملونة أطرافه في حباكها / فبيض وسود تلك والخضر والحمر
ولا بس ذاك الثوب حائكه على / نهاية تنزيه وهذا هو الستر
فيخلعه طوراً ويلبس تارة / كلمعة برقٍ ما له أبداً حصر
تنزُّلُ حقٍّ في غيابة ذاته / إلى فعله بالعلم سرٌّ هو الجهر
ألا هكذا الآفاق فانظر جميعها / ونفسك لا يغررك زيد ولا عمرو
وحقق وجود الحق في الكون وحده / ولا كون لا شفع هناك ولا وتر
ولكنها الأقدار منه تقدرت / فلا تلغها واعرف فإلغاؤها كفر
ودع عنك أقواما عليها تزندقوا / يقولون بالتوحيد توحيدهم نكر
فينفون لا بالحس والذوق كل ما / يرون من الأكوان عندهم المكر
يقولون غير الله ما في قلوبنا / بزور وبهتان وكذب هو الوزر
يريدون إسقاط التكاليف بالفنا / فنا الوهم والدعوى وما عندهم خبر
ولو صدقوا ماتوا وزالت نفوسهم / ولم يبق فيهم قائل وله فكر
بلى يدَّعون الموت والحال كاذب / وما الصحو عند الناس يخفى ولا السكر
وهيهات أين الفتح والكشف والهدى / وأين علوم الله يقذفها البحر
وهم يزعمون اللب ما اعتقدوه من / ضلالاتهم والناس عندهم القشر
وأقوال محيي الدين بالجهل غيروا / وقد ألحدوا فيها وهم كلهم غُمْر
وأقوالنا أيضاً يظنون أنها / يوافقهم من لفظها النظم والنثر
ومنهم بريءٌ إنني وإن انتموا / إلي على كره لدي ولي زجر
عوامٌّ ولا علم لديهم يردُّهم / ولا عقل ينهاهم وليس لهم عذر
حججت إلى البيت المقدس حجةً
حججت إلى البيت المقدس حجةً /
وللحب فيه قد سلكت محجةً /
وكنت إذا ما رجني العشق رجةً /
عقلت بمن أهواه عشرين حجةً / ولم أدر من أهوى ولم أعرف الصبرا
ألا إنها سلمى دعيت لفقهها /
ممنعة لم أستطع درك كنهها /
وما العقل راج أن يفوز بشبهها /
ولا نظرت عيني إلى حسن وجهها / ولا سمعت أذناي قط له ذكرا
تجلت جهاراً والبرية في عمى /
سوى من بها ذاق الفنا فتنعما /
وما زلت أسعى في رضاها مصمما /
إلى أنا تراءى البرق من جانب الحمى / فنعَّمني يوماً وعذَّبني دهرا
لقد قيل لي ما الفرق عند أولي الذكرِ
لقد قيل لي ما الفرق عند أولي الذكرِ / فبسمله الإسلام بسملة الكفرِ
فقلت تعالى الله ربي عن الذي / أضل به كل النصارى مدى الدهر
فبسملة الإسلام أسماء ربنا / تبارك في القرآن جاءت عن الطهر
محمد المبعوث للخلق رحمة / بوحي هو القرآن للحمد والشكر
وبسملة الكفر التي قيل أنها / بها جاء عيسى ضمن إنجيله الزهر
وما صدق الراوي لها وهو كافر / وأخبار أهل الكفر باطلة الخُبْر
وإني على تسليم زعم رواتها / سأبدي لكم معنى عبارتها العبري
يقولون عيسى قال باسم الأب الذي / تولد عيسى منه بالنفخ في البكر
نعم هو روح الله بالبشر السوي / أتى وهو جبريل المؤيد بالبشر
وجبريل كانت في السموات صورة / له عظمت فوق السماكين والنسر
وتلك له قد صورت عن حقيقة / لأول مخلوق هو الروح فاستقر
ألا فافهموا مخلوقة قد تثلثت / وكانت هنا من قبل واحدة الأمر
هي الروح جبريل وفي صورة امرئٍ / سويٍّ كما قد جاء في محكم الذكر
بآيةِ أرسلنا إليها فروحنا / وجبريل والشخص الممثل كالبدر
ثلاثة أشباحٍ وهم واحدٌ بدا / من العدم المقدور يعظم في القدر
فما الأب إلا الروح وهو أبو الورى / جميعاً لمن يدري كلامي كما أدري
وما الإبن إلا صورة قد تمثلت / هي البشر الآتي وجبريل ذو الفخر
يؤيد هذا قوله جئت من أبي / إليكم أبوه الروح منه أتى يبري
وقد فهمت منه النصارى بأنه / هو الله جل الله عن موجب الحصر
وحاشى رسول الله وهو ابن مريم / يقول كلام الكفر والشرك والوزر
وهذا بعيد أن عيسى بن مريم / يظن بأن الله يدرك بالحجر
وحاشاه من تشبيه ربي عنده / ومن نسبة التجسيم في السر والجهر
وإن لمخلوق عليه تسلّطاً / بعقل فإن العقل منه لفي خسر
وهيهات أن الأنبيا يجهلونه / تعالى وكل منه في قبضة الأسر
وما أنبياء الله إلا لكلهم / عقائد تنزيه تشعشع في الصدر
ولكن ذوو الطغيان والجهل والعمى / حيارى من الإنكار للحق والغدر
هم الأشقيا الضالون عن سنن الهدى / وعن شم طيب الحق من فائح العطر
أتاهم رسول الله بالحق واضحاً / فلم يفهموا ما قال من أول الأمر
وظنوا بأن الله مقصده بها / يقول وضلوا عن تنزه ذي القهر
وأغواهم الشيطان حتى تكلموا / بوسواسه المذموم من شدة المكر
وقد حسبوا كفراً لديهم مشابهاً / لإيماننا بالله في العسر واليسر
وما نور تصديق كظلمة جاحد / ولا ماء معمودية ماء ذي طهر
ولا طاهر سراً وجهراً بمشبه / لذي نجس سراً وجهراً مدى العمر
فبسملة الإسلام نور مضيئة / وبسملة الكفر اعتقاد أولي الكفر
وإن كان معناها على المشرب الذي / به جاء عيسى عندنا علمها يجري
كما نحن قلنا وهو ذوق ابن مريم / يشير به عن نفسه كاشف الستر
فإن الذي لم يعرف النفس منه لم / يكن يعرف الرب المحقق بالحزر
محمدُ ذاتيٌّ فبسملة له / أتت من مقام الذات قاصمة الظهر
بأسماء ذات الله قد صرحت لنا / وعيسى صفاتيٌّ كآدم في البر
وأسماء ربي للصفات مظاهر / بها تظهر الآثار حدث عن البحر
لآدم أنبئهم بأسمائهم أتى / وإنباء عيسى كان بالخلق والأمر
فبسملة الأسماء تلك إذا بدت / تكون بآثار المؤثر في الأثر
خذ العلم عني بالذي أنا مرشد / إليه عن الأمر الإلهي في شعري
ودع عنك إفهام العقول التي بها / لقد أولوا المنقول بالرأي والفكر
لأجل عوام الناس حيث تقاصرت / بصائرهم عن علم صاحبة القصر
فما عندهم عجز عن الغيب دائماً / كما عندنا خوفاً عليهم من النكر
يظنون أن العلم بالله مثل ما / يقولون عن زيد بعلم وعن عمرو
ونعلم نحن الرتبتين كلاهما / ونعرف ما قد غاب عن جاهل غمر
وإن لكل الأنبياء مشارباً / محققة عندي لها نفحة الزهر
فإن شئت أبدي بعض ذاك وربما / ترى في كلامي منه في النظم والنثر
وإني لمن من نال ميراث جامع / فنيت به فيه فأيقنت بالنصر
محمد المبعوث بالحق قاصماً / رقاب الأعادي بالمهندة البتر
عليه صلاة الله ثم سلامه / مدى الدهر ما غنى على عوده القمري
مع الآل والأصحاب ما العبد للغني / أتى بنظام طيب الطيِّ والنشر
صدقتم هي الأكوان تطوي وتنشرُ
صدقتم هي الأكوان تطوي وتنشرُ /
وفي صدف الأوقات للحق جوهر /
كما قال محيي الدين وهو المقرر /
لنا دولة في آخر الدهر تظهر / فتظهر مثل الشمس لا تتستر
ألا نحن قوم قد عرفنا بهولنا /
بقوتنا لا نستقل وحولنا /
تنحَّ ولا تنكر نُصِبْكَ بصولنا /
فمن كان منا أو يقول بقولنا / فبشره بالدنيا واِلأُخرى يبشر
خذوا علمكم بالله لا تتأخروا
خذوا علمكم بالله لا تتأخروا / وبالكون من كن لا من العقل تبصروا
فكن قوله الحق الذي هو كلْمةٌ / وجودية عنها الحوادث تظهر
ظهور ضياء من خروق تقدرت / لكم في جدار والضيا لا يُقدَّر
ولكنه يبدو بها وهي فعله / وما حل فيها وهو فيها يؤثر
ولا تحسبوا مني المثال ضربته / هو الله للأمثال يضرب فانظروا
ونحن أولاء العالمون بها كما / لنا قال في القرآن وهو المصور
يصور أمثالاً ونعقلها به / وما الغير إلا حائر متنكر
وأمثاله مخلوقة كبعوضة / فما فوقها يدري بها المتدبر
عليكم كتاب الله أي فالزموه كي / تكون اعتقادات لكم فيه تحصر
وقال كتاب الله قدّمه على / عليكم لينفي غيره فتدبروا
وكن فيكون الشيء يوجد نسبة / إليه بلا استقلاله حين يؤمر
ألا هكذا فافهم كلام إلهنا / فإن كلام الله يطوَى وينشر
كما كل أمر ربنا آمر به / لنا هو فينا خالق ومدبر
فنفعله في ظاهر وهو فاعل / له باطناً مثل الوجود يقدر
هو الشيء ربي شاءه وهو هالك / كما قال إلا وجهه فتبصّروا
ولا تحسبوا الأشياء منه تولدت / فليس من الحق الأباطل تصدر
وليس وجود من وجود يكون قل / هو الله واقرأ ما هو المتقرر
فربك لم يولد ولم يلد استمع / مقالته في الذكر أيان تذكر
وكن مثل ما قد كنت في علمه بلا / وجود وجود الله لا يتكرر
ولكنه لما بدا متجلياً / حسبتم لكم صار الوجود المطهر
وأنتم به التقدير من عدم له / على صولة الأسماء يخفى ويظهر
وقد قال أطواراً لنا هو خالق / مرتبة طوراً فطوراً يطوَّر
فتحيا به طرواً زماناً وتارة / نموت به والله لا يتغير
اقم عاجزاً عنه وآمن به ولا / تشبِّهه بالمعنى الذي فيه تفكر
ونزهه عن محسوس حسك دائماً / ومعقول عقل الكل فالله أكبر
ألا يا فتى كيلان حُفَّ بجحفلٍ
ألا يا فتى كيلان حُفَّ بجحفلٍ /
من الأوليا يا نسل أفضل مرسلٍ /
ويا من هو السلطان من غير مجهلٍ /
أأظما وأنت العذب في كل منهلٍ / وأظلم في الدنيا وأنت نصيري
مقامك ما بين البرية نادرٌ /
وعن عزك الإذلال للغير صادرٌ /
وقد مسني ضيم وإني مبادرٌ /
وعار على راعي الحمى وهو قادرٌ / إذا ضاع في البيدا عقال بعيري
معان بدت فينا حروف سطورها
معان بدت فينا حروف سطورها / وقد أعجزت أفهامنا عن خطورها
تلوح بنا فينا لنا ثم تختفي / فيحشرنا عنا لها نفخ صورها
إذا رام موسى العقل ينظرها أبت / ولكن له قد كملت فوق طورها
أمات عليها القوم أنفسهم هوى / وأفنوا دعاوى هم أسارى غرورها
فكانوا بها في جنة عجلت لهم / تمتعهم منهم بهم في قصورها
تبارك قلب وحيها فيه نازل / بآيات حق ناسخ لزبورها
وجل فتى يدري جمال صفاتها / على وجه ولدان الجنان وحورها
غزالة روض القلب ترنو بأعين / إلينا فتنفي الصبر خوف نفورها
تبدت بوجه نوره بهر الورى / وقد سترتني عنه خلف ستورها
ولو لم يكن ماء الحياء بوجهها / يدافع عني لاحترقت بنورها