القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو الصوفيّ العُماني الكل
المجموع : 10
لِذِكرَى ليالي الوصل يُستعذَبُ الذِّكْرُ
لِذِكرَى ليالي الوصل يُستعذَبُ الذِّكْرُ / ويَحْلو وإنْ طال التَّباعدُ والهجْرُ
فيا ذِكرَ ليلى شَنِّفِ السمعَ مُوقَراً / أحاديثَ من ليلى يَذوب لَهَا الصَّخر
ويا سعدُ عَلِّلني بذكرى أحِبَّتِي / فعندكَ يَا سعد الأحاديثُ والذِّكر
ورَتِّل حديثَ الحب يَا سعد إنني / لقد عَزَّني سعدُ التجلدُ والصبر
مَنيتُ هَوىً لولا التأملُ بالِّلقا / ولولا أَمانِي النفسِ مَا عُمِّر الدهر
سُهادٌ إذَا جَنَّ الظلامُ رأيتُني / أُراقبُ حينَ النجمِ أَوْ يَشْفَع الفجر
أُكفِكف بالمنديل دمعاً كَأَنَّما / بعينيَ والمنديلِ يَلْتَطم البحر
ومن لي بأن ألقَى حبيباً إذَا بَدا / لطَلْعَتِه تَخْبُو الكواكبُ والبدر
تَسلَّط فِي قلبي بسلطان حبِّه / فبُحتُ بما تُخفي الجَوانحُ والصدر
كذلك سلطانُ الغرامِ وحكمِه / برغم جنودِ العشقِ يُقضَى لَهُ الأمر
فيا ظبيةَ المَسْعَى ريا ساعةَ اللِّقا / بحقِّكما عُوداً فقد نَفِد العمر
ويا أَيُّهَا العُذّال كُفوا فإنما / بقلبي لَظى الأشواقِ يُطفَى لَهُ الجمر
إذَا ذُكرت ليلى أَميل لذكرِها / كَأَنّي بحان الخمرِ أَسْكرني الخمر
نشرتُ عَلَى الآفاق راياتِ صَبْوَتِي / وسِرتُ وطُرْقٌ الحب أيسرُها وعر
وطفتُ بأسواقِ المحبّين برهةً / فما فيهمُ مثلي جميلٌ ولا عمرو
فكم مُدَّعٍ بالحبِّ يقضَى لغيره / إذَا احتكم الخَصْمَان يتضح السرُّ
فبالله يَا رَكْبَ الحجاز إذَا بدتْ / طلائعُ من ليلى ولاحَ لَكَ السَّفْر
وبانت لَكَ البانات عند طُوَيْلِعٍ / ونامتْ عيونُ الرَّكبِ وانتعشَ الفكرُ
وهبّ نسيمُ القُربِ ثُمَّ تأرّجت / روائحُ من ليلى وفاحَ لَكَ النَّشْرُ
فنادى بأعلى الصوتِ أهلُ مودتي / كثيبٌ لبُعدِ الدار أَجْهَده الصُّر
يُعاني من الأشواق مَا لَوْ تحمَّلت / بأعبائِه رَضْوَى لأَثْقلها الوِقْر
وكم قمتُ فِي ليلٍ كَأَنَّ نجومَه / عيونٌ من الحُسّاد تَرْمُقني خُزر
أكابِد حَرَّ الوجدِ والليلُ مُطرِق / تُسامرني الظَّلماءُ والأَنْجُم الزُّهْر
أَبُثُّ رَعيلَ الفكرِ شرقاً ومغرباً / وأَعتَنِق الأهوالَ مَا صدَّني الذُّعر
وأُرْحل خيلَ العزم أَغتنم السُّرى / ومن يطلبِ العلياءَ يَحْفِزه الصَّبر
فجُبْنَ بيَ الآفاقَ حَتَّى وردنَ بي / رِحابَ أبِي تيمورَ نِعْمَ الفتى البَرّ
سليلُ الملوكِ الصِّيدِ من جَلَّ قَدْرُه / وعُنَّ بأنْ يأتي بأمثالِه الدهر
لَهُ الشَّرف الأَسْنَى لَهُ المجد والعُلى / لَهُ النِّعمة العُظمى لَهُ البَسْط والقمر
هو البدرُ فِي الظَّلماء هو الشمس فِي الضُّحى / هو المُخْضِب الدَّفْعاءَ إِنْ عَزَّها العَطْر
تَدين لَهُ الأيامُ ذلاً وهيبةً / وَتَعْضُله الأقدارُ والبَرّ والبحر
يُحاكي نسيمَ الروضِ خُلْقاً إذَا بدا / تُحيِّيك بالترحاب أخلاقُه الغُر
تقابلك البُشْرى إذَا مَا رأيته / سَباك مُحَيّاه ولاح لَكَ البِشر
ويبديكَ قبلَ النطق مَهْمَا تخيلَتْ / بقلبِك حاجاتٌ وَقَدْ كَنَّها الصدرُ
فلولا نزولُ الوحيِ سُدَّت سبيلُه / لَقلتُ أتاه الوحيُ أَوْ جاءه النُّذْر
إذَا مَا سعى البر يوماً تَفَجَّرتْ / يَنابيعُ ذَاكَ البر واعْشَوْشَبَ القَفْر
وإن سار فِي بحرٍ ترى الفُلْكَ تَحْتَه / تَميد كنشوانٍ يُرَنِّحه الشكر
يَشُقُّ عبابَ البحرِ زَهْواً كمِثلما / تَشقّ رقابَ الخصمِ أسيافُه البُتْر
دَعتْه فلَبَّاها ظفَارِ وإنما / دعتْه لكشفِ الصُّرِّ أَنْ مَسَّها الضر
بشهر يفوق الدهرَ فضلاً وحُرْمة / فأُنْعِم بشهر الصوم يَا نِعْمَ ذا الشهر
لسبعٍ خلتْ منه وعشرون قبلَها / فبارِكْ بِهَا يوماً سيُمْحَى بِهَا الوِزْر
مَضْيناً ونورُ البحرِ يجرِي كَأَنَّه / سحابٌ تُزَجِّيه ملائكةٌ غُفْر
نَدوسُ أَديم البحرِ والبحرُ زاخرٌ / وانجينه يَغْلِي بموجٍ لَهُ جَمْر
ترى الطير والحيتان تجري بجنبِه / سِراعاً كما تجري المُطَّهمة الضُّمر
فلما تَنسَّمنا شَذا البر أَقبلتْ / شَواهقُ من ياى تحُف بِهَا جُزْر
رَسَينا ببحر الدُّرِّ بحر مَصيرةٍ / فلِّلهِ من بحرٍ بِهِ يُجتَنَى الدر
فَهلَّ علينا الفِطْرُ فِيهَا فأصبحتْ / تَحفُّ بنا النُّعْمَى وأنفاسُنا عِطْر
فلله يوم أجمع الأنسَ كلَّه / مليكٌ وذا بحر وعيد وذا فطر
فلما تَهانَيْنا جَرى الفُلك ماخراً / وَلَمْ يَثْنِه مَدُّ البحارِ ولا الجَزْر
ومُدَّت سِماطات المآكل والسما / تُظلِّلنا والبحرُ كلتاهما خُضر
ظَللنا ونورُ البحرِ يهوِي كَأَنَّه / رياحُ بقاعِ الأرضِ أصواتُها زَجرُ
أَوْ الرعدُ فِي الظَّلماءِ يرمي بأَشْهُبٍ / من البرقِ والصوتُ المُهبل هو المَخْر
فما أَقْصرَ الأوقاتَ والشهرَ عندنا / إذَا أَسْفر الفَجرانِ باغتَنا العصر
كذلك أوقاتُ السرور كَأَنَّها / طَوارِقُ أوهامٍ يمر بِهَا العصر
وثالثُ يومِ الفطرِ لاح لنا البُنا / مصانعُ مرباطٍ تَسامَى بِهَا قَصْر
فأشرلقَ نور البِشْر فِيهَا فأُلقِيتْ / مَدافعُها والعُسْر يَعْقُبه اليُسْر
وأقبل أَهْلُوها عَلَى السُّفْن شُرَّعاً / عديداً بِهِم من خوف سلطانهم وَقْر
فحَيَّوه إجلالاً وسَكَّن رَوْعَهم / بنطقٍ يفوق الدرَّ إنْ نُثِر الدر
فقامتْ عَلَى ساقٍ تودع فيصلاً / قبائلُ مرباطٍ وأدمُعُها نَثْر
وفي أَبْركِ الساعاتِ واليومُ رابعٌ / من الشهر وافَيْنا وَقَدْ قَرُب الظهر
ظَفاراً وَقَدْ غَنَّت بلابلُ حَلْيِها / وزَمجرتِ الأصوابُ وابتسم الثَّغْر
قرأتْ لنا الأعلامُ تخفِق والهنا / يرفرف والأطيار تهتف والنفر
فحل بِهَا سعدُ السُّعودِ فأقبلتْ / عروساً متى زُفَّت يجَلِّلها الفخر
ترى الأرضَ من رؤوس الرجالِ كَأَنَّها / أكاليلُ من ليل التمامِ لَهَا سِتر
وغلمانَ كالليلِ البهيم نَظنُّهم / جنوداً من الخُزّانِ عن مالكٍ مَرّوا
وأرضٌ من البارودِ تُشْعَل والظُّبا / بأيديهمُ بالدمِّ مخضوبةٌ حمر
ظفارٌ لأَنتِ اليومَ أَرْفَعُ منزلاً / وأعلى مقاماً أنتِ إِنْ طاولَتْ مِصر
بلاد إذا طال المقام بأرضها / مأعوامها من حسن أوقاتها قصر
فأرضٌ بِهَا حل المليكُ فإنها / لأَرْضٌ بِهَا الخيراتُ أَجْمَعُ والبِرُّ
تَحلَّتْ بكَ الدنيا لأنك عِقْدُها / وإنسانُ عينِ الدهرِ أنت فلا نُكْر
إذَا مَا دَجَتْ ظلماءُ للشر أَسْفرتْ / شموسُك للظلماءِ فاسْتَدْبَر الشر
تَحاسدتِ الأيامُ فيك فإن يكن / جَنابُك فِي قُطرٍ تَخسَّده قُطر
وإن كنت فِي أرضٍ تُخال عِراصُها / ذَنائبَ من كَفَّيك يجري بِهَا التِّبر
فطُفنا بأنحاءِ البلاد كَأَنَّنا / نجومُ سماءٍ والمَليك هو البدر
تحفُّ بنا خُضر الرِّياض وكلما / عَبَرنا إِلَى نهر يُعارِضنا نهر
إِلَى أن عبرْنا نهر أرزات واستوتْ / نَجائبُنا تَحْتَ العَجاج لَهَا زَفْر
حَططْنا رِحال الأُنسِ فَوْقَ رِحابِها / وبستانُها غَنَّت بأغصانه القُمْرُ
وهبَّ نسيمُ الروضِ من جانب الحِمى / فأسكَرنا من طيبِ أَرياحه الزَّهْرُ
كَأَنَّ علة بستانِ أرزاتَ أُنزِلتْ / رياضٌ من الفِرْدوس يَخْفِرها الخِضر
غَدوْنا وضوءُ الصبحِ مَدَّ ذِراعَه / وجِنحُ الدُّجى يُطوَى كما طُوِي السَّفْر
وأَظلالُها بالغربِ يمتد باعُها / تُعانِقها الكُثبانُ والطَّلْحُ والسِّدْرُ
نُدالِس أسرابَ الظِّباءِ وتحتفِي / مخافةَ أن يبدو لآذانِها الجَهْر
فلما فَشا ضوءُ الصباحِ وَقَدْ بَدتْ / نجومُ السما تَخْبو وألوانُها غُبر
تَبدَّى لنا سِرْبُ الظِّباءِ كَأَنَّه / سَرابٌ بظهرِ البَيْدا وَقَّدَه الحر
فتارتْ عليها الصُّمع تُمطر فَوْقَها / كَأَنَّ عَلَى الكثبانِ قَدْ نُثر البَذر
فما أبهجَ الساعاتِ إذ هبتِ الصَّبا / وفاح علينا البانُ والرَّنْد والعِطر
تَدانَعُ أقداحُ المَسرَّةِ بَيْنَنا / وَقَدْ هُزِج الفصلانِ حَرّ ولا صرُّ
ويوماً عَلَى ظهر الكثيب وَقَدْ بدتْ / قُبيلَ الضحى حُمران أرجاؤها خُضْر
ونهرٌ كماءِ المُزْنِ يجري حلالَها / إذَا مَا سَقَى شَطْراً يُعارِضه شطر
وفيها من الإعجاب مَا قَدْ رأيته / أُناسٌ بأعلى الشُّمِّ كالطيرِ قَدْ فَرُّوا
ونيامٌ كما نام العروسُ وتارةً / قِيام كما قام البُزاة أَوْ النَّسْر
فأَعْجِبْ بحُمران الأنيق ومائه / وأعجِبْ بأقوامٍ شُراماتُهم سمر
وثالث والعشرون لاح كَأَنَّه / بأُسطولِه البالوزُ معترِضاً جِسْر
يَفُدّ أديمَ البحرِ مُنصِلتاً كما / من الجو نَنقضُّ الأَجادِلُ والصَّقْر
فساح بأطرافِ البلاد وَفِي غدٍ / قُبيلَ غروب الشمس عَنَّ لَهُ السفر
فشَيَّعه السلطانُ والقوم خلفَهم / كثاني ليالي الرَّمْيِ حَلَّ بِهِ النَّفْر
فلما تَكاملْنا عَلَى السُّفْنِ واستوى / عَلَى بطنها السودانُ والبِيض والصُّفْرُ
سَمرْنا وجنحُ الليل مُرخٍ جِلالَه / وخمرتُنا بُنٌّ وناقوسُنا شِعر
فيا لَكَ من وقتٍ حكمتَ بجمعِنا / تمر كلمحِ الطَّرفِ أيامُك العشر
فسافر نور البحر لما تَنفَّستْ / بَليلُ الصَّبا وارتاح من بردِها السَّحْر
فمر بمرباطٍ يودِّع أهلَها / كما ودع الأهْلِين أبناهُمُ الصِّغر
وبالجمعة الزَّهْراء أرستْ سَفينُنا / بسدحٍ فنِعْمَ الدارُ خيراتُها كُثْر
فشَرَّفها السلطانُ بالوَطْءِ فانثنتْ / تتيه بع فخراً وأرامُها العُفر
فسِرْنا ونور البحر يكتب فِي الهوا / بدُخّانه خطا كما يُكتب السَّطْرُ
إِلَى أن حَذَوْنا بالأشاخر إذ بدا / عموداً بناه الريح أَوْ شاده العَفر
بحادي هواع هَبَّت الريحُ ضَحْوَةً / وهاج عُباب الماءِ إِذ زَمْجَرَ البحر
كَأَنَّ عباب البحر رَضْوَى إذَا بدتْ / عَلَى صدره الأمواجُ وارتفع الصدر
كَأَنَّ السما سقفٌ عَلَى البحر نازلٌ / أَو البحر شالتْه السموات والزُّهر
كَأَنَّ زَفير البحر زَجْراتُ مالكٍ / إذَا سَمَّر النيرانَ أَوْ سِيقتِ الكُفْر
كَأَنَّ عَلَى بطن السفينة مُنكَراً / يناقش طاغوتاً متى ضَمَّه القبر
كَأَنَّ جبل الطُّور دُكّت وزُلزلت / إذَا اقترع الأفياف واصطدم الصفر
كَأَنَّ سُوَيعاتٍ من الليل أقبلتْ / بثاني هواعٍ دونها الحَشْر والنَّشْر
ترى القومَ صَرْعَى يَنْزِعون كَأَنَّهم / قَرابينُ يومِ العَشْر أَرداهُم النَّحْر
ومنهم قيامٌ ينظرون كَأَنَّهم / يُنادَون بالوَيْلات ألوانُهم صُفْر
ومنهم قعودٌ رافعون أكفَّهم / يَضِجّون بالتهليل رُحْماك يَا بَر
فيومٌ ولا يومُ الأَشاخِر إنها / يهون لذِكراها القيامة والحَشرُ
فأَسْفَر ضوءُ الفجرِ والبحرُ مُزْبِدٌ / وَقَدْ غاب عنا الجاه والنَّعسُ والغفر
فجُسْنا خلالَ البحرِ نَنتشِق الصَّبا / فبعد ارتفاعِ الشمس بان لنا البَر
نَشَقنا نسيمَ الروح لما تَبينتْ / لمنظرِنا صورٌ ولاح لنا البِشر
طَفِقنا تُجارى البر كَيما تَلمًّنا / عن البحرِ أكنافٌ يهون بِهَا الأمر
إِلَى أن دخلنا الخَورَ خور جرامة / فقَرَّت بع العينان وارتفع الضُّرُّ
فبُورِكْتَ من حورٍ وبورك ساعةٌ / دخلْناك فِيهَا واستُرِد بِهَا العمر
بأيِّ سبيلٍ أم بأبةِ حالةٍ / تَجَوَّزْتَ فِي نكثِ العُهودِ أيا بحر
أتُظهِر ليناً ثُمَّ تُخفى مداوةً / فما العذرُ يَا مُخفِي العداوةِ مَا العذر
خفضتَ جناحَ الذلِّ لِيناً وهيبةً / وأنت عَلَى العدوان باطنْك الغدر
دَعتْك أيا ساجِي الجفونِ عداوةٌ / أن ارتحت مختالاً متى عَمَّك الفخر
ألا شُلَّتا كفاك يَا بحر أن تكن / دعتْك حَزاراتُ الفؤادِ أَو الأسر
ألستَ ترى الأَملاك فَوْقَك إنهم / ملوك بني سلطانَ والسادةُ الغُر
أبو نادرٍ فخرُ الوجودِ وتاجُه / وغرَّة وجهِ الدهر أبناؤه الطُّهْر
وفي سابعٍ عُدْنا لمسقطَ بالهَنا / فللهِ من يومٍ يحقُّ بِهِ الشكر
فأُنشِرت الأعلامُ بِشْراً وأُطلِقت / مدافعُها والعُسرُ يَعقبُه اليُسْر
فلم أر قبلَ اليوم يوماً تبسَّمتْ / وَلَمْ أر بعدَ الموت يُسترجَع العمر
فتِيهي فَخاراً يَا عمانُ ومسقط / فمثلُ نوالِ اليوم لَمْ يسمحِ الدهر
فهذا أميرُ المؤمنينَ ورَهْطُه / وتيمورُ عزُّ الدين والسيدُ الحَبْر
سموتِ بأعلى الخَلْق مجداً وسؤدداً / فأنت عروسُ الكونِ والغادةُ البِكرُ
لِتَهْنِكِ يَا دارَ السعادةِ عودةٌ / يعود بِهَا صدرُ المَمالك والظَّهرُ
ويرتدُّ عودُ المجدِ بالمجد مُورِقاً / وتُستطَر الأنوا ويَعْذَوْذِبُ البُسْر
بنفسي ومالي الخليقةِ كلِّها / نُفدِّي مَليكاً باسمة يُطرَد الفقر
لساني وقلبي كَلَّتا ثُمَّ ساعدي / لذي مدحِه ثُمَّ اليَراعة والحِبر
فمن أَيْنَ تُستقصَى مقاماتُ مجدِه / ودون انتِها عَلياه يُسْتَبهَمُ الخُبرُ
مزاياه جَلَّتْ أنْ تُعدَّ وإنما / يُقصَّر عن إحصائها النَّظْمُ والنثر
أمولاي إن العيد جاء مهنِّئاً / يهز قوامَ البِشْرِ يحدو بِهِ الفخر
أتاك وثغرُ الأنسِ يَبْسِم بالهَنا / ودُرّ الشفا بالحمدِ يَنْثُره الثَّغر
فشَرَّفْه بالقُربانِ منك فإنما / لتشريفه جَزْرُ القرابينِ والنَّحر
تعود بِهِ الأيامُ مَا ذَرَّ شارِقٌ / وَمَا صَدحتْ ورقاءُ قَدْ شاقَها الوَكْر
فلا زلتَ فِي دستِ الممالك راتعاً / تُعانقك العَليا ويخدمك النصر
أَتتْكَ ودمعُ العينِ بالدمِ يَقْطُر
أَتتْكَ ودمعُ العينِ بالدمِ يَقْطُر / وجمرةُ نارِ الوجد بالقلب تُسَعَّرُ
تَهزّع فِي زَهْوِ الشبابِ تَخيُّلاً / وتَمْرح فِي ثوب الفَخارِ وتَخْطِر
وتَعْثر فِي ذيل الدَّلالِ وتنثني / وَلَمْ تدرِ فِي أَيِّ المَهاوِي ستعثرُ
ومن كَانَ مَسْراه بدَهْماء دامسٍ / يُرَدُّ عَلَى العُقْبى ولا هو يَشْعر
تَبصَّر فما ظلتْ مساعِي ذوي الهدى / ومقدام أهلِ العزم فِيهَا التَّبصُّر
أخا العزمِ قَدِّم إن سموتَ إِلَى العُلا / من الرأيِ حَزْماً لَمْ يَغُلَّه التأخُّر
وفَكِّر زماناً فِي النتيجة إنه / مَا ضل فِيهَا ساعياً يتفكَّرُ
أخا العزمِ قَدِّر للسوابقِ إنها / عَلَيْها حَواتيمُ الأمورِ تُقدّر
أخا العزم إن تنهضْ إِلَى الحق إنني / إِلَى الحق نَهّاضٌ وللحق أَنصُر
وإني لعَشّاق لما قَدْ تَرومُه / ولكنني أخشى أموراً وأحدَر
وما أنا ذو جزمٍ عَلَى الدِّينِ مُشْفِق / إِذَا لَمْ أُقدِّر للأمور وأنظر
أُدبِّر أمراً فِيهِ إصلاحُ أمةٍ / تكون بِهِ هَلكي فماذا أُدبِّر
فأيُّ ظهورٍ للديانة يُرْتَجَى / وطلاّلُ دينِ اللهِ فِي الأرض أَظْهَر
أمَا فِي ظروفِ الدهر للمرءِ عِبرةٌ / وأيُّ اعتبارٍ للفتى حين يُبصر
تمر علينا بالليالي عجائبٌ / وهذِي الليالي بالعجائبِ أَجدَر
زَواجِرَ عن شقِّ العصا بَيْنَ أمةٍ / وذو العقلِ بالأيام لا شك يُزْجَر
أيحفِر ذو العقل السَّديد بظِلْفِهِ / شِفارُ المنايا تَحْتَ مَا هو يَحفر
ويَنبِذ دينَ الله بَيْنَ أُساودٍ / تُمَزِّقُ أَشْلاهُ جِهاراً وتَنشُر
فلِلَّهِ من أمرٍ يُحاميه دونَنا / بَصيرٌ عَلَى دفعِ الرَّزايا مُشَمِّر
عَليمٌ بأَدْواءِ القلوبِ مُجرِّب / لَهُ خاطر من سنا الصبح أنور
خبيرٌ بعِلاّتِ الأعادِي وكيدِهم / فإن دبروا أمراً فبالردِّ أَجْدَرُ
غَيورٌ تحوم الأُسْد حول حِمائه / ومهما رَعاياه سامَ فأَغْيَر
يقسِّم ساعاتِ الحياةِ تفكُّراً / ليَصْدَعَ كيد الملحدين ويَقْصُر
يَكيدونه خَدْعاً ومكراً وإنه / لأَدْهَى دَواهِي الكائناتِ وأمكَر
عَلَى مُعضلاتِ الدهرِ حِرْصاً عَلَى العُلَى / يُكابِد دَهْياء الخطوبِ ويَصْبر
فمن كَانَ فِي أمر الرعيةِ شأنُه / حَفيظاً عَلَيْهِم كَيْفَ يُجْفَى ويُغْدَر
حريص عَلَيْهِم أنْ يُكادُوا بخَدْعَةٍ / عطوفٌ رؤوفٌ فِي الخُطوبِ غَضَنْفَر
حليم غَضيض الطرفِ عنهم إِذَا جَنَوا / وأعظمُ قَهْراً فِي القَصاص وأَقْدَر
فأموالُه سُحْبٌ عَلَيْهِم مَواطِر / من الفضَّةِ البيضاءِ والتِّبْرِ تُمطر
إِذَا قَلَّ وَفْرُ المالِ دونَ وُقورِه / تَكلَّفه ديناً لكيما يوفِّروا
حَنانَيْكَ من دهرٍ تَروم عِنادَه / تَذكّرْ عظيمَ الفضلِ إن كنت تَذْكُرُ
فمن أكبرِ الأشيا خِصامُكَ فيصلاً / وكُفْرانُك النَّعماءَ لا شكَّ أكبر
عزيزٌ عَلَى الأيامِ فيصلُ أن يُرى / مثيلٌ لَهُ والمِثلُ عن ذَاكَ يَقْصُر
غريبٌ يُراه اللهُ للخلقِ رحمةً / فمن قابل الرَّحْموتَ بالسُّخط يَخسر
فيا أمةً قامتْ إِلَى الحق فاقعُدي / فإن اقتحامَ الصخرِ للعظم يَكْسِرُ
ومهما تُهاجُ الأُسْد فِي الغِيل تَفْترِس / وإن شُمَّتِ الأنفاسُ فِي الأُجْمِ تَزْأَر
فإياكِ أن تَلْقَيْ أُميمةُ دينَنا / وأرواحَنا وسطَ الحَبائلِ تُقهَر
ويا أمةً تسعَى لتُحيي رسومَها / فإحياؤكِ الساعاتِ بالعلم أَعْذَر
فرِفقاً أُباةَ الضَّيمِ رفقاً بأمةٍ / عَلَى مَنْهَجِ التوحيد تَنْهَى وتأمُر
تُقِر بتوحيد الإله وإنما / محمدٌ خيرُ الرُّسْلِ ديناً وأَفْخَر
وإن الَّذِي أَنْبأ بِهِ الخلقَ كلَّه / من اللهِ تنزيلٌ وحكمٌ مقدَّرُ
فدَعْها أخا الهيجاءِ واحفظْ حياتَها / ولا تكُ هَدْفاً للدَّمار فتُدْمَر
فلو أن قتلاً للسعادةِ ينتهي / ولا دونَه فَوْقَ الممات مكدِّر
شَنَنّاً لَهُ الغارات والليلُ دامسٌ / وخُضْنا حياضَ الموتِ والصبحُ مُسفِر
ويِعْنا إِلَى المولى حياةً ثمينة / لِنَبتاعَ جناتٍ وفيها نُعمَّر
ولكنّما دونَ الممات مَذَلّةٌ / نُورِّثها الأبناءَ والموتُ أَيْسَر
أنعرِض للإلحادِ ديناً ونبتغِي / شعائرَ دينِ الله تُحْيَى وتُنشر
أمورٌ يَحارُ الفكرُ فِيهَا وإنها / نَتائجُ دهرٍ للبَرايا تُحيِّر
فيا مُنشِداً هَوِّنْ عَلَيْكَ فإنها / نُفَيثات صدرٍ من لساني تَخطَّرُ
فخذْها هِجاناً لا ترى للسَّبَّ قيمة / فإن غراسَ السبِّ بالقلبِ يُثمِر
فما هي إِلاَّ طعنةٌ من مثقفٍ / بقَلبِ ذوي الإتقانِ بالدمِّ تنفِر
فلا يحسِب القراءُ رَوْعي تفجَّرت / يَنابيعُه والثغرُ منهم مُفْغَرُ
فلستُ أخا قلبٍ يُروَّع بالظُّبا / ولا من لَظى الهَيْجا إِذَا الحربُ تُسْعَر
ولكن ظروفُ الدهرِ تُعرِب للفتى / بما بَيْنَ جنبيها جَهاراً وتُنْذِر
وإني عَلَى مَا قلتُ إن كنتُ مخطئاً / أتوب لربِّ العرشِ والله يَغْفِر
وأُملي ظروفَ الكونِ بَدْءاً ومُنتهىً / عَلَى سببِ التَّكوينِ مَا الكون يَعمر
صلاةً وتسليماً يَعُمان أهلَه / وأصحابَه راح العَشيرُ وهَجَّروا
إِن فِي الخلقِ أنت أحسن جاراً
إِن فِي الخلقِ أنت أحسن جاراً / لَمْ أُطقْ عنك مَا حييتُ اصْطِبارا
كيف أسلو وَقَدْ بَعُدتَ مزاراً / أَشعل الله فِي القَرَنْفُلِ نارا
حَيْثُ صَدَّ المُحبِّ عمن أَحبَّهْ /
لنا الشرفُ السامي عَلَى كل معشرِ
لنا الشرفُ السامي عَلَى كل معشرِ / إذَا افتخر الأقوامُ فِي كل مَحْضرِ
علَوْناهُم فخراً بمجدٍ وعنصرِ / إذَا اجتمعتْ يوماً قريشٌ لمَفْخَر
فعبدُ مَنافٍ سِرُّها وصميمُها /
صديقي عدوي إِذن لا تَزِدْني
صديقي عدوي إِذن لا تَزِدْني / فإني بَلوتُ الزمانَ اختبارا
وجربتُ دهرِي فأيقنت حتْماً / بأن الأنامَ بدهرِي حَيارَى
هو البحرُ إِنْ عَزَّت من المُزْنِ مَطْرة
هو البحرُ إِنْ عَزَّت من المُزْنِ مَطْرة / كريمٌ إِلَيْهِ الجودُ خُلْقٌ وفِطْرَة
مَحا الفقرَ حَتَّى مَا لذي الحاجِ خَطْرة / إذَا قطرتْ من جودِ كَفَّيه قَطْرة
محت من قراطيسِ السَّماحِ اسمَ حاتمِ /
منحتُك قلبي فِي الهوى وسَرائِري
منحتُك قلبي فِي الهوى وسَرائِري / وتَخفِض قدري ثُمَّ تعلو نَظائِري
لَعُمرك هَذَا فِي هواك لَضائِرِي / فإني وإِنْ حَنَّت إِلَيْكَ ضمائري
فما قدرُ حبي أن يَذِلَّ لَهُ قدري /
جعلتُك زندي فِي الهوى وبواترِي
جعلتُك زندي فِي الهوى وبواترِي / فما لِي أراكَ اليومَ تُبدي سَرائرِي
أتطلب ذلي إِذ جعلتك ناصري / فإني وإن حنت إِلَيْكَ ضمائري
فما قدر حبي أن يذلَّ لَهُ قدري /
كتمتُ الهوى جهدي وَمَا كنتُ مخبِراً
كتمتُ الهوى جهدي وَمَا كنتُ مخبِراً / وَلَمْ يدرِ جسمي بالغرام وَمَا جرَى
أتعجَب من شوقي وجسمي موفَّراً / وقائلةٍ مَا بالُ جسمِك لا يرى
سَقيماً وأجسامُ المحبين تَسْقَمُ /
كَأَنَّك لَمْ تغدو بحبي ولن تَرُحْ / ولن تشرب الكأسَ الرَّوِيَّ وتَصْطَبِحْ
أراك خَلِيّاً فاترك الحبَّ واسترِح / فقلت لَهَا قلبي بحبك لَمْ يَبُحْ
لجسمي فجسمي بالهوى لَيْسَ يَعْلم /
سَباني من الأتراك أَحْوَى وأَحْوَرُ
سَباني من الأتراك أَحْوَى وأَحْوَرُ / وأبيضُ فِي عيني وَفِي الناس أسيَرُ
أَهيمُ بِهِ والليل داجٍ ومُقْمِر / يُزهِّدني فِي حبِّ مَيَّةَ مَعْشَر
قلوبهمُ فِيهَا مخالفةٌ قلبِي /
يقولون لي والشوقُ للقلبِ أَمْرَضا / وعنيَ من أهواه صَدَّ وأَعْرَضا
أَلاَ إن من تهواه لَيْسَ بمُرْتَضى / فقلت دَعُوا قلبي وَمَا اختار وارْتَضى
فبالقلبِ لا بالعينِ يُبصِر ذو اللُّبِّ /
فما نظرُ العشاقِ فِي الحبِّ بالسَّوا / وَمَا حِدَّةُ العينين فِي القرب كالنَّوى
وَلَيْسَ كخالي القلبِ من شَفَّه الجوى / وَمَا تُبصر العينانِ فِي موضع الهوى
ولا تسمع الأذْنان إِلاَّ من القلب /
أَيا للهِ من تشتيتِ فِكْرِي / أَرقتُ لَهُ بأوهام وذِكْرِ
ذكرت لَهُ ليالينا بعَصْرِ / وطال الليلُ بي ولَرُبَّ دهرِ
نَعِمتُ بِهِ لياليه قِصارُ /
أُطارحُ ليلتي بالذكر عنها / فما خانت وتعلم لَمْ أَخنْها
أَحدِّثها وأملى من لَدُنْها / وكم من ليلةٍ لو أَرْوَ منها
جُننتُ بِهَا وأَرَّقَتي ادِّكارُ /
فكم قمنا نداول جواب / وتَسقيني سُلافاً من خِطاب
سكرتُ بِهَا وَلَمْ تك من شرابي /
سكرتُ بِهَا وَلَمْ تك من شرابي / فبِتُّ أُعلُّ خمراً من رُضاب
لَهَا سُكْرٌ وَلَيْسَ لَهَا خُمارُ /
فبِتْنا نُحْتَسِي الإيناسَ وَهْناً / أُفارِعُها الهوى سِنّاً فسِنا
وألثم ثغرها والليلُ جَنّا / إِلَى أن رَقَّ ثوبُ الصبح عنا
وقالت قم فقد بَرَد السِّوار /
فكان مقامُنا بالأنسِ يحوِي / وضوء الصبح للظَّلماء يَزْوِي
فقامت والحيا للجِيدِ يَلْوى / وولتْ تسرق اللحظاتِ نحوي
بمُلْتَفتٍ كما التَفتَ الصِّوار /
لقد جمعنا الدُّجَى ثغراً بثغرِ / أُعانقها وثدياها بصدرِي
وأدمُعنا من الأفراح تجري / دنا ذَاكَ الصباحُ فلستُ أدري
أشوقٌ كَانَ منه أم صِرار /
فما بَيْنَ الدُّجَى والصبحِ شَتَّى / فذا بظلامِه وَصْلِي تَاَتَّى
وذاك بضوئه للوصل بَتّا / وَقَدْ عاديتُ ضوءَ الصبح حَتَّى
لطَرفي عن مَطالعِه ازْورارُ /

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025