المجموع : 60
وراءكِ أقوالَ الوشاة الفواجر
وراءكِ أقوالَ الوشاة الفواجر / ودونك أحوال الغرام المخامرِ
فلولا ولوعٌ منك بالصَّدِّ ما سعوا / ولولا الهوى لم انْتدبْ للمعاذرِ
تَزاورَ نَومي أن هَجرتِ وطالما / صفا صفوَ جفنٍ إذ وصلت وناظر
لقد أنجمتْ تلك العهودُ كأَنَّها / جوافلُ طيرٍ نُفِّرتْ بالخوادرِ
فلا الطيفُ للطرفِ القريح بسانحٍ / ولا الحِبُّ للقلب المعنَّى بزائرِ
سليمٌ من الأشواق شِيبْ بكاذبِ / وأمْنٌ من الإِلمام ريْعَ بهاجرِ
وباكٍ إذا ما أجْدبَ العامُ عنده / سقى التُرابَ من أجفانه بالمواطرِ
أصختِ ولو أرعيت وجدي مسْمعاً / لَرُدَّ على أعقابه كلُّ فاجرِ
وحمَّلتني ذنب الكذوب ولم تزلْ / يدُ الخطب تُدمي ناقلاً غير عاثرِ
عصيتُ أمير العذلِ فيكِ وطالما / تداول سمعي مجلباً بالزَّواجرِ
إذا عددت أنواع صدك واغتدت / أوائلها مشفوعة بالأواخر
محاها هوىً ما يستفيق كما انمحى / بحلم جَلا الدين عُظْمُ الجرائر
إذا ما أتاه مُجرمٌ وهو قادرٌ / توهَّمتهُ من عفوه غيرَ قادرِ
لقد علمت زوراء دجلة أنني
لقد علمت زوراء دجلة أنني / وقورٌ إذا خفَّتْ حلوم العشائر
وأني قتولٌ بالأناة إذا نبتْ / صدور العوالي والسيوف البواتر
وأني غفورٌ للسفيه وآخذُ النَّبي / هِ ومنَّاع النزيل المجاورِ
أعير الجهولَ الغِرَّ لينة راحم / وأضرب في رأس الكميِّ المغامر
وأصدف عن هزل المقال ترفُّعاً / بمجديَ عن مؤذٍ لجديِّ ضائر
وكم من سفيه الرأي والقول أجلبت / فواحشُه اجلاب هوجاءَ داعرِ
يقول لي الفحشاء كما أجيبه / فيغدو بقولي في عِداد النَّظائر
كررت عليه الحلمَ حتى تبدلت / جرائمه من خلجةٍ بالمعاذر
وحاجة مصدورٍ سهرت لنُجحها / وقد نام عنها ربُّها غير ساهر
قطعت لها ليْليْ سُرىً ورويَّةً / فجاءت وما نَمَّ الصباحُ بجاشِر
إذا شطَّ مأمولٌ أروم دراكه / ركبت متون العزم قبل الأباعر
وإني لمشتاقٌ إلى ذي حفيظةٍ / شديد مضاءِ البأس مُرِّ البوادر
متى سمته بالقول نصراً جرت به / مقاولُ أغمادٍ فصاحُ المجازر
إذا أغمد البيض الصوارم في الطلى / وحطَّم مَّران الوغى في الحناجر
تخيَّر مني جالب الشر في العِدا / تَخيُّرَ معزٍ لا تخير زاجر
فيفتك فيمن رام ظُلمي بأول / ويسأل عما جَرَّ حربي بآخر
يكون نصيري عند إدراكي العُلى / ولن تُدرك العلياءُ إلا بناصر
شأوت بني الزوراء مجداً فأبغضوا / وهل يُضمر المقهور حباً لقاهر
وأنكر جِدي هزلهم فتنافروا / نفارُ المواشي عن مقام القساور
وكيف يقيم الليل والشمس برزةٌ / ويدنو حمامُ الأيك من وكر كاسر
ولو عقلوا كان الفخارُ بهمَّتي / على المدن أحرى بالنُّهى والبصائر
ولكن أضاعوني وفي الله حافظٌ / وليس تغطي الشمس راحةُ ساتر
فلو لحظوا عن أعين الحق همَّتي / رأوا ملك الآمال في زيِّ شاعرِ
أبى السيف إلا فتكةً دارميةً / تروي صداه من دماء المساعر
وخيلاً تَعادى بالكماة كأنها / نسور الموامي أو ذئابُ القراقر
يخف بها غِمر إلى كل ناكثٍ / ويجذبها ضغن إلى كل غادر
تمارحُ تحت الدارعين مراحَها / على كلأٍ من منبت الحَزْن ناضر
إذا قيل هذا الروع أغنى نشاطها / بقرع العوالي عن جلاد المخاصر
عليهن منا كل لافظ جُنَّةٍ / ترفَّع أن يلقى الردى غير حاسر
أخي ضَمَدِ ضاق الفؤاد بهمهِ / فأوسع ضرباً هاتكاً للمغافر
هجرنا إلى آمالنا كل مطعمٍ / فلم ترَ إلا ضامراً فوق ضامر
بيوم وغىً تعمي العجاجةُ شمسه / وتُطلعُ زهر الذابلات الشَّواجر
جبهناهم فيه بطعنٍ كأنه / خروقُ العَزالي واستنانُ المواطر
وسُقناهم تحت العجاج كأنما / نخبُّ بغزلان الصَّريم النوافر
فلو لا ادِّكارٌ من أناة ابن خالدٍ / لما كفَّ عن ضرب الطُّلى غرب باتر
فتى سنَّ نهج الحلم من غير ذلةً / لكل حديد في الخصام مساور
وأسبل ماء الجود حتى تزاورتْ / عيون بني الَّلأواءِ عن شيم ماطر
مطاعٌ بلا فتك ولم تشهر الظُّبى / لحب الردى بل لامتثال الأوامرِ
تَوَهَّمُ ريَّا عرضه نشر روضةٍ / أصاب الحيا من صيِّباتِ البواكر
إذا ما سعى للمال قومٌ فسعيه / بناءُ المعالي واكتساب المفاخر
حمي إذا خيف الردى بات جاره / على عِظم الأعداء غير محاذر
وذي فرق ضاقت به الأرض خيفة / كما ضاق أُحبولُ الملا باليعافر
تدافع لا الحصن المنيع بآمنٍ / عليه ولا الليل البهيم بساتر
إذا قال هذا معقل قذفت به / نواجِيه قذف الراشقات العوابر
يودُّ لو أنَّ الأمر في عربيةٍ / فتحميه أطناب البيوت الدواسر
رمى بالحريم الطاهريِّ رحاله / إلى سالمٍ من شائب العيب طاهر
فباشر أمناً لا أداءُ عُهودهِ / بزورٍ ولا أيمانهُ بفواجر
تميل بعطفيه القوافي كم مشى / دبيب الحميَّا في عظام المُعاقر
إذا فجر المُداح في مدح غيره / فمادحُه في مدحه غير فاجر
تتيه به الدنيا فخاراً وينثني / بما ناله من مجد غير فاخر
عليمٌ بإصلاح الورى /
تحيل رقى ألفاظه الضغن خلَّة / ويغدو بها لموتور سلماً لواتر
تُناخ مطايا مُعتفيه بماجدٍ / رفيع عمادِ البيت جَمِّ المآثر
إذا انتجعوه جاد صوب يمينه / بمغدودقٍ يُنسى انهمال الهوامر
لهم منه رفْداً وجهه ونواله / فلم يُرَ إِلا باذلاً غِبَّ باشِر
هناك قدوم الصَّوم والعيد إذ هما / شريكاكَ في تقواهما والبشائر
أمنتُ صروف الحادثات وعصمتي / بردءٍ شديدٍ من يديك مُظاهري
وأخرست ضوضاء الخطوب وربما / رمتني لو لم تحمني بالفواقر
أيادي الفتى في الناس ذخرٌ وأنها / بودِّ الفصيح الحرِّ خيرُ الذخائر
وما أنا للنعماء منك بجاحدٍ / ولا لأياديك الجسام بكافر
وحاشاك يومأً أن تُرى غير مُنعم / وحاشاي حيناً أن أرى غير شاكر
ألفْتكَ سراءً على الأين في العُلى
ألفْتكَ سراءً على الأين في العُلى / وصول الدجى فيما تحاول بالفجر
إذا جمح المطلوب رُضْت جماحه / برأسٍ وثير اللمس مخشوشن الخبر
تقوم بنصري والسيوف كليلة / وتُمطر أرضي والسماء بلا قطْر
وترعى مقالي سمع يقظان عالمٍ / بما أودع الرحمن عندي من سر
فهل نَمَّ واشٍ أو تخرص كاشح / فبُدل لي عذبُ المودة بالمرِّ
ولي فيك ما لم أحْبُهُ لمنوِّلٍ / وإن جادَ لي بالوفر وبالدَّثر
قوافٍِ كعرف المسك غيرُ خفيَّةٍ / إذا كتمت نمَّ النسيم على النشْر
تُعيدُ جبان الحي عند نشيدها / شجاعاً وتغني الشاربين عن الخمر
سوالمُ من عيب الكلام إذا بدت / أقرَّ لها القِتلُ المعاند بالفخْر
مخلَّدة عمر الزمان مُقيمةٌ / نمر كلانا وهي تبقى على الدهر
أيذهبُ إدراري شَعاعاً وعصمتي / بحبل سديد الحضرتين أبي نصْر
ولي أن ألَمَّ الخطب سيف ومقول / قَتولانِ للأعداء في الأمن والذُّعر
يروح بشطر منه من راح جاحداً / ويغدو زكي الدين منه على شطْر
ويمضي بباقيه ابن كَوْزان لا سَقى / مواطنهُ إلا ربابٌ من القطر
وأُغضي على شوك القتاد مسامحاً / ليسلم لي عيش ببغداد في ضُرِّ
إذا ساورتني عن مرامي ضرورةٌ / عطفتُ على مدح المباخل بالشعر
إذْن فردائي نيطَ مني بعاجزٍ / وزرَّت أثيوابي على ضرعٍ غَمْر
إذا هو لم يحفل باتْباع مُلْجأٍ / له فحماه غير فخرٍ ولا أجْر
وما راعني إلا عميدٌ مُعظَّمٌ / مشيرٌ على السلطان بالمنع والحظْر
وهبة كما قد قيل ضاق توصلاً / بإطلاق نزْرٍ يسترقُّ به شكري
ألنت له قولاً ولو شئت رُعتهُ / بتعريف قدري واعتنائك في أمري
ألستَ الذي أوغلت في حق اسْود ال / كلابي حتى فاز بالغُنْم والوفر
إذا شئت كان الصمت عندك كافياً / وإن لم تشأ لم يغن قولي ولا ذكري
لئن منع الإدرار بعد إباحةٍ / ولم يخش من نظمي الفصيح ولا نثري
ولج ابن كوزانٍ وإن لَجاجَهُ / ردىً ذاهب بالعرض منه وبالعمر
ولم يتلافَ الأمر في أُخرياته / عميد مطاع القول في النهي والأمر
ورحت على ما خصني الله من عُلاَ / أجَرِّر أثواباً من الهون والفقر
فلم يضق الجو الفسيحُ بسارحٍ / ولا سُدَّت البيد القواء على سفر
بني عمنا كفوا العضيهة أنها
بني عمنا كفوا العضيهة أنها / تُعيدُ بياض الصبح بالنقع أغبرا
ولا يسخرن الحلمُ منكم برفقه / فإن رواء الحلم بأساً مُعفِّرا
لنا ما أفاد المالكان من العُلى / ومكتسبُ القعقاع مجداً ومُفْخراً
ومنا الذي أحيْا الوئيد بماله / فوافق من قبلُ الكتابَ المحبرَّا
وكنا إذا ما التاث حيٌّ بغدرةٍ / ركبنا إليه كاهلَ الشر أوعَرا
وقْدُنا إليه تحت كل عجاجة / شوازِبَ يعلكن الشَّكائم ضُمَّرا
فإن تخْتلوا أعراضنا فوخيمةٌ / وإن كان مرآها من المجد أخضرا
عجبت من الحي اللقاح ومعشرٍ / يُجنون ضغناً أن أغُر وأُكبرا
ينازعنُي قولي رجالٌ وإنما / أشدُّ اكتئابي أن رأوني أشْعرا
ومن دون صبح العز ليلٌ مؤرِّقٌ / جعلتُ القوافي من تماديه سُمَّرا
أطالوا سفيهَ الاعتراض ونمَّقوا / إلى الطعن ألفاظاً هُذاءً وأسْطُرا
يزيدهم جمعُ الجراميز ضلَّةً / كما ازداد ظمئاً ورادُ الآجن الصَّرى
لئن نقلوا ما يجهلون فإنني / لفارسُ علمٍ ناقلاً ومفسِّرا
و ما العلم إلا الصبح ما فيه مرشدٌ / لأعمى ويهدي الصبح من كان مبصرا
حلفتُ بربِّ الراقصات كأنها / نقانقُ يرهبن الأنيسَ المُنَفِّرا
موارقُ من جُنح الظلام كأنما / نَشَقْنَ نضيراً بالصَّباح مُنوَّرا
تدافعن في خرق تخالُ سرابهُ / بمخترق الدهناء سحلاً مُنشَّرا
حملنَ رجالاً من بلادٍ بعيدةٍ / منيبين كي يعفوا الإلهُ ويغفرا
لقولهم عندي أشد مهانة / من الفقح منجول المنابت بالعرا
ومن لي بيومٍ دراميٍّ يُعيضهم / مكان القوافي والقوارصِ عسكرا
كأن جياد الخيل عند طعانهِ / قشاعمُ يحذبنُ العبيطَ المُنَسَّرا
سحبن رعابِيل الجِلالِ خضيبةً / كما سحب الغيدُ المُلاءَ المعصفرا
ولو بنصير الدين صُلْتُ عليهم / لعَفَّى على الآثار منهم ودمَّرا
هو المرءُ لا مُستكرَهٌ إن سألته / نوالاً ولا مستعذبٌ أن تنكَّرا
أغرُّ يضيءُ الليل والحظ وجهه / إذا جاد بالغمْر الجزيل وأسفرا
يُدوِّمُ في سَمْت الرويِّ اعتزامُه / فإن لمح الجزْلَ الصَّوابَ تمطَّرا
على لاحبٍ من جو أرضٍ صقيلةٍ / إذا ما مشى فيها اليراعُ تبخترا
كأن البنان السبط يزجي سطورهُ / أخو الحرب يقتاد العديد المجمهرا
يكونُ وما جفَّت بلائلُ خطَّه / رباباً بأكناف البلاد وعِشْيرا
فيبعثُ في حربٍ وجدب برقشهِ / غنياً عزيزاً أو قتيلاً مُعَفَّرا
إذا عصف الخطب الجريء بأرضه / رأيت شَروْرى والنسيم إذا جرى
وإن نبت البيضُ الخفاف وجدتُه / حساماً جريّاً حيثُ وجَّهتَه بَري
ومحلولكٍ لولا بريقُ حديدهِ / حسبت الدجى في غَرِّه الصبح أضمرا
تميدُ به القِيعان حتى كأنما / شربن من الوكْف السُّلاف المخمرا
تغمغم حتى خيل طيراً ومورداً / وأجلب حتى كان أسداً وعَثَّرا
مَحا جَدَدَ البيداء فرطُ اعتراكه / فعادت صعيداً بالطِّراد مُدَعْثرا
يفتُ رعان الطَّودْ من جولانه / ويُذري كثيباً بالسَّنابك أعْفَرا
ويزجي سحاباً من مُثار عجاجه / فإن رعدت فيه الأنابيب أمْطَرا
سطوت به من غير حربٍ وحلمةٍ / ولو شئت كنت الشَّمريَّ المُغرِّرا
وما مغدقٌ من صيِّب المزن هاطلٌ / إذا قيل نجديُّ المُناخ تَغوَّرا
سحوح كأن الوطْف تسكب ماءه / روايا يُرَعْبِلْنَ المزاد المشرشرا
يسفُّ فيغدو للجبال مُعمما / ويدنو فيغدو للهضاب مُؤزِّرا
له رَجفانٌ بالرياح مُقعقعٌ / كما رجفت رايات كسرى وقيصرا
تألَّق حتى خلتُ أن بريقهُ / سيوف تميمٍ تعقر النِّيب للقِرى
وجاد فلا المحلُ الموات بهامدٍ / عليه ولا العام الشديد بأغبرا
بأنقعَ من نُعْمى الوزير وربما / غدتْ كفُّه بالجود أهمى وأغزرا
من القوم لا يُعطون إلا تبرعاً / ولا يفعلون الخير إلا مُكررا
إذا كتبوا أدَّوا فِصاحاً صحيحةً / وإن ركبوا رَدوا وشيجاً مُكسَّرا
لهم كل أُملودٍ من الرأي مُشرعٍ / قويمٍ إذا ما السمهريُّ تأطَّرا
هُمُ زند مجدٍ أنت نارُ اقتداحه / وأفخرُ ما كان الزنادُ إذا وَرَى
ضعي لامتداحي ما استطعت من العذر
ضعي لامتداحي ما استطعت من العذر / سأغسل عني بالعُلى دَرنَ الشعرِ
توهمته عاراً على ذي حفيظةٍ / أطال وعيد القوم بالجحفل المَجْرِ
صدقت ولكن لا نتال كريمةٌ / من العيش إلا تحت هُونٍ من الضر
صبحت زماني مغضياً عن ذنوبه / إلى حين إمكان الحسام من الوتْر
ولاحظت من جور الخطوب مثقفاً / قناتي وإن خيَّلتهُ طالب الكسر
فكنت كمثل المسك فاح بسحقه / وإن بددتْ أجزاءه صكَّةُ الفِهْر
بني دارمٍ أن يم تُغيروا فبدلوا / عمائمكم يوم الكريهةِ بالخُمْرِ
فإن القرى والمدن حيزْت لأعبدٍ / لا سلمتْ أفحوصةٌ لفتىً حُرِّ
ربطتم بأطناب البيوت جيادكم / وخيلُ العِدى في كل ملحمة تجري
إذا ما شببتم نار حرب وقودها / صدور المواضي البيض والأسل السمر
ضمنت لكم أن ترجعوها حميدةً / تواجف غِب الروع بالنَّعم الحمر
أنا المرء لا أرمي المنى عن ضراعةٍ / ولا أستفيد الأمْن إلا من الذُّعْر
لا أطرقُ الحي اللئام بمدحهِ / ولو عرقتني شدةُ الازم الغُبْر
تغانيت عن مال البخيل لأنني / رأيت الغنى بالذل ضرباً من الفقر
خصاصة عيش دونها سورة الردى / وعزُّ اقتناعِ فوق مُلْك بني النضر
صبرت وطول الصبر عزٌّ وذلَّةٌ / وهذا أوان يحمدُ الصبر بالنَّصر
لاقتحمنَّ الحي عزَّ حريمهُ / بشعواء تحوي شارد المجد والفخر
بشزر طعان يفقد الرمح صدره / إذا اندق ما بين التَّريبة والصَّدر
له من عجاج الطرد سحب مسفَّةٌ / ومن علق الأبطال قَطْرٌ على قطر
كأن نجيع القوم عند مجالِه / سحاب سماءٍ هاطلٍ أو ندى بدْرِ
يقرُّ بعيني أن أراها مُغيرةً
يقرُّ بعيني أن أراها مُغيرةً / لها برؤوس المترفين عِثارُ
سوابح في بحرَيٌ دمٍ وعجاجةٍ / فمندفقٌ مُثعنجرٌ ومُثارُ
كأن على أعوادها جنَّ عبقرٍ / من الصَّول لولا منطقٌ وشِعارُ
تدافعن في غِرْبيب ليلٍ كأنما / جباهُ وجوه السَّابقات نهار
لهن إلى وطءِ القتيل تقدمٌ / ومنهن عن أخذ الأسير نِفارُ
على الحي لا راجي النَّوال لديهم / يُجادُ ولا باغي الذِّمام يُجارُ
إذا قدروا لم يحملوا عن جريمةٍ / فسيَّان حربٌ فيهم وإِسارُ
سلاحهمُ يومَ التسالم زينةٌ / وحربهمُ يوم اللقاءِ فِرار
كأن مداف الورس فوق وجوهم / إذا قيلَ هذا معْركٌ وغِمار
تصالح فِهْرٌ فيهم وزنادهُ / وأُوْمِنَ كومٌ عندهم وعِشار
فلا الضيف يقري وهو غرثان ساغب / ولا خابطُ الليل البَهيم يُنارُ
حلومٌ كعيدان الأراكِ ضعيفةٌ / وأعطافُ هزلٍ ما بهن وقارُ
تمنيت أن الحي خرَّتْ عمادُهُ / فتُنقضُ أوتار ويدركُ ثارُ
غرست الحجا والودَّ في غير حقه / ولم أدر أنَّ الحادثات ثمارُ
وهون وجدي أن تراخت منيةٌ / ولم يكتسف بدر العلاء سرارُ
فإن نحت الدهر المعاند أثْلَتي / فأنجمَ وُجْدٌ واستُعيد مُعارُ
فعند ابن سلطانٍ عطاءٌ ونجدةٌ / كفاني عِزٌّ منهما ويَسارُ
أقولُ ودمعي مُستهلٌ وددِتنُي
أقولُ ودمعي مُستهلٌ وددِتنُي / نُعيتُ ولم أسمعْ نعي المُظفَّرِ
كأنَّ شَبا مَطْرورةٍ فارسيَّةٍ / أصاب فؤادي من حديث المُخبِّرِ
فبتُّ قتيلَ الهمِّ والحزنِ بعده / وباتَ قتيلَ الذابلِ المُتأطِّرِ
نَعَوا فارس الخيل المغيرة في الضحى / ومُختلسَ الأرواح تحت السنوَّر
فتىً لم يكن جهماً ولا ذا فظاظة / ولا بالقطوب الباخل المتكبر
ولكن سَموحاً بالودادِ وبالنَّدى / ومُبتسماً في الحادث المُتنمِّرِ
سقى ابن أبي الهيجاء صائب مُزنةٍ / كفيضِ يديه الهاطل المُتَحدرِ
بكيتُ عليه حيث لم يُدرِكِ المُنى / ولم يرْوَ من ماءِ الحياةِ المكدَّر
وهَوَّنَ وجْدي أنه ماتَ ميتةَ ال / صريعاً بين مجدٍ ومَفْخرِ
كأنَّ دمَ النَّجلاء تحت بُرودهِ / لَطيمةُ مسكٍ في إِهابِ غضنْفرِ
كأنَّ بلادَ اللهِ ممَّا أُجِنُّه
كأنَّ بلادَ اللهِ ممَّا أُجِنُّه / من الهم أحْبولٌ تحاذرهُ العُفْرُ
يضيقُ بيَ الخرقُ الوسيعُ كآبةً / ولولا هموم النفس لم يضق القفرُ
أُبِيَّةُ فضلٍ دونها المُلك والغنى / وهول اضطرارٍ دونه الذل والفقرُ
وأكرمت عن ذُلِّ السؤال مَطالبي / فما اقتادني إلا مع العِزةِ الوفْرُ
سجيَّةُ ممرورِ الخليقةِ كاره ال / دنيَّةِ لا يغتالُ هِمَّته الضُّرُّ
إذا همَّ فالليلُ البَهيمُ ظَهيرةٌ / ولينُ الحشايا عنده المسلك الوعرُ
وزورٍ عن العَلياءِ لا يَطبيَّهُمُ / إلى المجد لا نظم فصيحٌ ولا نثْرُ
إذا شيمَ منهم بارقُ الجود أخلفوا / وإنْ طرقوا في حندس الليل لم يقروا
وإن نُوزعوا في السلم جالوا وقحَّموا / وإن نوزلوا في يوم معركةٍ فرُّوا
ظماءُ القنا والبيضِ لا يشتكيهمُ / بيوم الوغى قرن الكمي ولا النحرُ
يظنون فخري مُعجز الشعر عندهم / ولا عيب لي إلا الفصاحة والشعر
إذا لم يكن لي ناصرٌ من صوارمي / فما لي من قولٍ أنمقُه نصرُ
وكم عارٍ مدْحٍ مُثْقِلٍ لمناقبي / وإنْ كان لي لما نطقتُ به عُذْرُ
تواترت الشهبُ الشداد فأصبحتْ / رياضُ الربيع وهي يابسةٌ غُبْرُ
فضلتْ التهاني بالمراتب والعُلى
فضلتْ التهاني بالمراتب والعُلى / فكان فصيح الحي بالصمت أجدرا
وجاوزتَ مقدارَ المديحِ فكلَّما / أراد لساني ذكر وصفك قصَّرا
وطبْت ثناءً في المجامع ذائعاً / كما طبت أصلاً في النِّجار وعنصرا
تعيد الفجاج الغُبْر خضراً من الندى / وترجع ضوء الصُّبح بالبأس أغبرا
وتسفر حيث الخطب ليل معسعس / فتثنيه رأداً من صباحٍ مُشَهَّرا
تودُّ الرزان الشم حلم ابن خالدٍ / إذا القرم من حمل العظيمة جرجرا
إذا أجلبت ضوضاء خطبٍ بسمعه / رأيت شروْري والنسيم إذا جرى
سليم دواعي الصدر سهل رجوعه / أشدُّ هوىً بالعفو إذ كان أقْدرا
فتىً لا يُريد العزَّ إلا لنجدةٍ / ولا المالَ إلا للرَّغائب والقِرى
ومُعتكر النَّقعين جَمٍّ رماحُه / إذا حلَّ ظُهراً بالعراءِ تديْجَرا
شديدِ ازدحام الدَّارعينَ كأنهُ / غواربُ تيَّارٍ طَما فتحدَّرا
غدا مالئْ الألباب ذُعراً وهيبةً / وقلبَ الموامي ذُبَّلاً وسَنَوَّرا
وخاض نهاءَ القاع حتى حسبْتها / خَباراً قُطارياً ووعْثاً مُدَعْثَرا
وفرَّ له الوحش القصيُّ مخافةً / من الطَّرد حتى أخل الجنُّ عبقرا
كأنَّ ظُباهُ في متونِ عجاجةٍ / بوارق يقتدن السَّحاب الكَنَهْورا
فغادرتهُ أمَّا هزيماً مُنَفَّراً / قتيلَ الموامي أو عبيطاً مُسنَّرا
إذا ما شكت بيض السيوف ظماءةً
إذا ما شكت بيض السيوف ظماءةً / سقاها فروَّاها من الهامِ عنترُ
ولم أُرِدِ العَبْسيَّ لكن سميَّهُ / ومَن هو أوْلى بالثَّناء وأجْدرُ
فإنْ فخرت عبسٌ بفارس روْعها / فإنَّ بني الجاوانِ أعْلى وأفْخرُ
بزولٍ لبيقٍ في مُتونِ جيادهِ / بغُرَّتهِ جُنْح العجاجةِ يُقْمِرُ
فتىً هو للْعافي من الجودِ مُورِدٌ / و للخائف الجاني عن الخوف مصدر
إذا ملك الدَّثْرَ الجزيل فواهبٌ / وإنْ غنم النَّزر الزهيد فمؤثِرُ
أفرُّ أباة الضيم عن ذُلِّ موقفٍ / وأثبتهم حيث القَنا يتكسَّرُ
وأرأفهم والقطر في المحْل ممسكٌ / وأقساهُمُ والمشْرفيةُ تقْطُرُ
كأنَّ بعودَيْ سرجه ليث غابةٍ / على أنه يخشى سُطاهُ الغضنْفرُ
يسدُّ فروجَ اليوم والليلِ عندهُ / بجدب ٍ وفي حرب دخانٌ وعِثْيرُ
فيوسعُ طُعم الذئبِ واليوم قاتمٌ / وعقر كرام النِّيب والعامُ أغْبَرُ
جريءٌ وأطرافُ الرماحِ ذليلةٌ / وفيٌّ ووافي الحيِّ بالعهد يغْدرُ
شكرتُ صنيعاً جاءني مُتبرعاً / وما زلتُ قبل اليوم أُثني واشكرُ
وكمْ عندي من ثناءٍ يودُّهُ / نسيم الخزامى حين يُتْلى وينشرُ
يكادُ الدُّجى يغْدو صباحاً مشرقاً
يكادُ الدُّجى يغْدو صباحاً مشرقاً / إذا عُدِّدتْ فيها مناقبُ عنترِ
ويذْكو نسيم الجوِّ عند مديحهِ / كأن بأعلى لُوحِه نشرَ عنبرِ
يُعيرُ قَناهُ عَزْمَهُ في نِزالهِ / فلا طعْنَ إلا ف ضميرٍ ومحْجرٍ
تشكَّى العدى والنِّيب سورة فتكه / بظلماء ليلٍ أو بهبوةِ عِثْيَرِ
فللضيف لُحْمان العشارِ مُنيفةً / وللطير جُثمان الكميِّ المُعَفَّرِ
ترفَّع عن سكنى الغمودِ سيوفهُ / فيُغمدها ما بين رأسٍ ومِنْحرِ
وتكرهُ مُبْيضَّ المواردِ خيلهُ / فيوردها في ناصعِ اللون أحمر
بقيتَ غياث الدين ما أظلم الدُّجى
بقيتَ غياث الدين ما أظلم الدُّجى / وما حان من شمس النهار ذُرورُ
يلوذ بك المستعصمون وسائلوا ال / نَّوالِ فتُعطي واسِعاً وتُجيرُ
فكم مات في كفيك قرنٌ مُنازلٌ / وكم عاش منها بالعطاء فقيرُ
غزاتك يُعمي مقلة الشمس نقعها / ورمحكَ فيها بالنَّحورِ بَصِيرُ
لبيضك هاماتُ الغطاريف في الوغى / عَمودٌ وللزُرْق اللِّدانِ نُحورُ
حوى المجد حتى لم يدع منه شارداً / أبو الفتح طِفلاً والقميصُ بَقيرُ
أبيٌّ إذا ما سيمَ خسْفاً مُنكِّبٌ / ولكنهُ تحت اللواءِ صَبورُ
بودي لا أنْفكُّ تحت عجاجهِ / وطرفيَ من كُحْل العجاج فخورُ
ولكنني في القرب والبعد مخلصٌ / ولي على مرِّ الزمان شكورُ
دلفْتَ بجيشٍ ذي زُهاءٍ كأنه
دلفْتَ بجيشٍ ذي زُهاءٍ كأنه / غوارب يَمٍّ أو هضابُ نَقاً عُفْر
تضيق المُروتُ الفِيح عند نزوله / ويدجو إذا ما سار من نقعه الظُهر
فأغنتكَ عنه نيَّةٌ وطويةٌ / ببعضهما يُستنزل الفتحُ والنَّصرُ
وكنت إذا جاولت غزو قبيلةٍ / هزمت ولا بيضٌ هُززنَ ولا سمر
يُحاذَرُ منك البشرُ واليوم كالحٌ / ويرهب منك الصبر إذ نفذ الصبرُ
غياثٌ لدينِ اللهِ حامي عبادهِ / وغيثٌ لأرضِ الله إذ حبُس القطر
أغرَّ كأن الشمس منْ قسماتِه / خلائقهُ في كل مكْرُمةٍ زُهْرُ
فتى الخيل تجري بالكُماةِ كأنها / عواسلُ معطٌ مَدَّ أنفاسها القفرُ
إذا ما طوتْ ماء النِّهاءِ تخمُّطاً / فموردها ما أنبعَ الهامُ والنَّحرُ
يُغيرُ بها المنعوتُ في كل معْركٍ / إذا ما استقى العَسالُ واستطعم النسر
أبو الفتح ضرَّاب الجماجم بالضُحى / ومولي الندى إذ صرح الأزمُ الغبر
على عطفه من مجدهِ أريحيَّةٌ / به نشوةٌ منها وما دارتِ الخمرُ
تكرَّمَ منها أن يُرى غير راحِمٍ / عطوفٍ فلا ظلمٌ لديه ولا كِبْرُ
فدامَ مُطاع الأمر يُرجى ويتَّقى / لأعْدائه منه الإِبادةُ والقهرُ
مريرُ القوى لا ينقضُ الدهر حزمه / ولكنه يجري بمأثورهِ الدهْرُ
هنيئاً لك الأيامُ طُراً ففخرها
هنيئاً لك الأيامُ طُراً ففخرها / بقاؤكَ فيها للصيامِ وللفِطْرِ
ولا زلتَ محمود المساعي ومُنْجِح ال / مباغي ومحسودَ المناقبِ والفخْرِ
تخاف سلطاك البيض وهي صوارمٌ / ويحسد جدواكَ الغمامُ مع القطر
فانك اِما صرَّح الجدبُ والرَّدى / هزمتهما بالجود منكَ وبالنَّصرِ
إذا ما بهاءُ الدين شدَّ عليهما / غدا العزُّ والنَّعماء بالخوف والفقر
فأضحى طريد الأرض ذا قعسريةٍ / من العز والمُقوي الضَّريكُ أخا دثر
فتىً ألَّف العلياء وهي شواردٌ / فأحرزَها بين المكاسبِ والنَّجْرِ
فللسَّعي نشر كالخمائل في الدجى / وكم تكلَّفتُه حملاً فلم اُطِقِ
وعند أبي الفضل الجواد أخي الندى / زوائدُ شتى من خلائقهِ الزُّهْر
أناةٌ واِقدامٌ ولِينٌ وشِدَّةٌ / وعونٌ على الأيام في العسر واليسر
يتيه الخميس المجر بابن مُهلهلٍ
يتيه الخميس المجر بابن مُهلهلٍ / ونفس حسام الدين من بأسه مجْر
وتعبس جُرْدُ الخيل تحت عجاجه / فيطربُها منهُ السعادةُ والنَّصرُ
فتىً علَّم السُّمر الذوابل والظبى / بسالتَهُ حتى شكى الهامُ والنَّحْر
اذا أوقد النارين بالصبح والدجى / تباشر بالخِصب المَعاديمُ والنَّسر
تركتُ عليه شُرَّداً من مدائحي / تَسرُّ المعالي حين يُنشَدُها بدْرُ
أبى اللّهُ أن تمسي همومي صواحبي
أبى اللّهُ أن تمسي همومي صواحبي / ويُجهل فضلي وهو في الأرض سائرُ
وأنْ تلحظ الأعداءُ مني خصاصةً / لها من اِبائي والتَّصوُّن ساتِرُ
وبالقصر من حجْر الخلافة ضيغمٌ / نطوقٌ وبحرٌ من بني الصيد زاخرُ
فما عضدُ الدين الجوادُ بحارِمٍ / ولا خاذلٍ اِن عزَّ مُجْدٍ وناصرُ
وشيك القِرى والنصر يحسد بأسه / وجدواهُ أطرافُ القَنا والمواطِرُ
اذا خاض حرباً فهي سِلْمٌ لبأسه / واِن حلَّ جدباً فهو أخضرُ ناضرُ
وفي حكمه عند الرعيَّةِ عادلٌ / ولكنهُ بالجودِ في المالِ جائِرُ
هنيءُ الندى لا يحبس العذرُ جوده / ولكنهُ تَمْري نداهُ المَعاذِرُ
ولا يشفعُ الجودَ الجزيلَ بمنِّه / ولكن لباغي جود كفَّيهِ شاكرُ
اذا اخروَّط السير العنيف براكبٍ / دياجيرهُ عَرَّاقةٌ والهَواجِرُ
وبَزَّ الكَرى والأمن اِدمان سيره / نهاراً وليلاً فهو خشيانُ ساهِرُ
تطيرُ به الوجناءُ حتى اذا وَنَتْ / فسائقُها التَّأميلُ والعزمُ زاجِرُ
طوى الورد سلسالا وأصبح معرضاً / عن الثَّعْدِ جادتهُ الصبا والبواكرُ
فلا مَعْلقٌ اِلا أنابيشُ مِحْدَجٍ / ولا بللٌ اِلا المسيحُ الجُراجِرُ
يرومُ كريماً يوسعُ البثَّ مسمعاً / ويمسي على اللأواء وهو مُظاهرُ
فلا منْزلٌ اِلا فِناءُ مُحمَّدٍ / ولا كافلٌ بالجودِ اِلا العُراعِرُ
مقامٌ يُعيدُ الضرب بالجود حادراً / ويصبح نضو العيس عذافرُ
فِناءُ سَموحٍ والغَوادي بخيلَةٌ / وحامي حمى من أسلمتهُ العشائرُ
وواقفُ ما تحوي يداه على الندى / يقِرُّ له بالفضل بادٍ وحاضِرُ
نُمَتْهُ بهاليلُ العُلى ومعاقِل ال / نُّهى والسَّراةُ الماجدون العراعرُ
حوى المجد منهم لا حقٌ بعد سابقٍ / اذا كابرٌ منهم ثوى قامَ كابِرُ
فجاؤا به غمْرَ السَّجايا كأنَّهُ / على بأسه المرهوب زَوْلٌ مُعاقرُ
تطيشُ الرواسي حولهُ وهو ثابتٌ / وتكبو السواري وهو في العزم طائرُ
ويكسِرُ أبْطال الخميسِ وانهُ / لكسرِ مَعاديمِ الرجالِ لَجابِرُ
فهُنِّيء شهر الصوم منه بناسكٍ / حليف التُّقى ما أنبت العشب ماطرُ
تَودُّ القوافي لو جُلينَ بمقولي / واِن أعربتْ عن فضلهنَّ الدفاترُ
فتزدادُ حُسْناً بالبيان ولم يزلْ / بحسب قوى الفرسان تجري الضوامر
حببتُكمُ قبل الأيادي وقبلَ ما / همى ليَ رجّافٌ من الجود هامرُ
فكيف وأنتُم لي على الدهر نجدةٌ / أطارِدهُ من بأسكم وأغامِرُ
أظُنُّ ظلامَ الحظِّ حانَ نُصوله
أظُنُّ ظلامَ الحظِّ حانَ نُصوله / إِلى واضحٍ من نيِّر الصُّبح مسفر
بأبيضَ وضَّاحِ الجبينِ مُؤمَّلٍ / لنُصْرة مخذولٍ وثروةِ مُقْترِ
بغيثٍ وليثٍ في نزالٍ وأزمْةٍ / لِطردِ مُحولٍ أو كميٍّ مُشهَّرِ
بفضلِ قريع الدهر والحوَّل الذي / يُشارُ اليه في مغيبٍ ومَحْضَرِ
حميد المساعي لا بنكسٍ مُنكِّبٍ / جبانٍ ولا بالمُستشيطِ المُغّرِّرِ
اذا افتخرتْ عُليا تيميم بن خندفٍ / وعَدَّتْ عُلاها مفخراً بعد مفْخر
سراعاً إِلى صوت الصَّريخ ورجَّحاً / رزانَ الحُبى في الحادثِ المُتنكر
تُغامسُ نيرانَ الحروبِ أجيجةً / وتقري القرى في كل هوجاء صرصرِ
وغادرت الأحياءَ عن شأوِ مجدها / رذايا سُرىً كالخابطِ المُتنوِّرِ
حوى شرفُ الدين المساعي قديمها / وحدثَها من دارسٍ ومُحَبَّرِ
به استرجعت ما بزَّها الدهرُ وارعوى / لها المُلكُ باللَّيث الهزبر الغضنفر
وما زالَ فينا كلُّ صاحب رايةٍ / من المجدِ متبوعِ اللواءِ مُؤمَّرِ
ثوى المُلكُ منَّا هامداً وحَديثهُ / حليفُ السُّرى من مُنْجدٍ ومغوِّرِ
فأنْشَرَهُ رَبَّ الأنام بمصطفى الاِ / مامِ ومُخْتارِ المُطاعِ المُطَهَّرِ
وزيرٌ تحاماهُ الكُفاةُ ويقتدي / به كلُّ طَبٍّ بالمَعالي مُكَرَّرِ
مهابته تغني عن السيف في الوغى / وسطوتُه عن جحْفَلٍ وسَنَوَّرِ
فليتَ الشهيد الصِّنْوَ شاهدَ مو / سمَ العُّلى ومقامَ العبقريِّ المُوَقَّرِ
وعاينَ صِيد الحيِّ بينَ مُسَلِّمٍ / مُرِمٍّ وسّجَّادِ الجَبينِ مُعفَّرِ
فيأخُذَ حقاً عاقَهُ الدهرُ دونَهُ / فغادرهُ رهنَ الحمامِ المُقَدَّرِ
ولولا التسلِّي بالوزيرِ ومجْدهِ / لماتَ له صبري وعِيلَ تَصبُّري
ولي خطراتٌ بعد ذلك مُرَّةٌ / يُهيِّجُها وُدِّي لهُ وتَذكُّري
اذا احتدمت نيرانُها في جوانحي / فَزْعتُ إِلى دمْعٍ بها مُتَحدِّرِ
أراكَ حُساماً ذا غِرارٍ ورونقٍ / يَقُدُّ شَباهُ كل دِرِعٍ ومِغْفرِ
عَليماً بضربِ الهامِ في كل مأقطٍ / رشيداً اليها في دُجى كل عِثْيرِ
سكَنْتَ غمود الصَّوْن دهراً لعزَّ / ة الكميِّ وفقْدان الشجاع الحَزوَّر
فأيْداكَ من قلب الغمودِ خليفةٌ / تَظنِّيهِ كشَّافٌ لكل مُسّتَّرِ
فسُسْتَ له الصقع العيد بصائبٍ / من الرأي مَقرونٍ بعزمٍ مُظفَّرِ
فلما رأى عضْب الكفاية ماضياً / جُرازاً وصفو النُّصح غيرَ مَكدَّر
رأى حضرة العلياء أكثر حاجةً / اِليك من الصَّادي لصوبِ الكنهور
فقلَّدك الأمرَ الجسيمَ وانما / لِعبء المعالي بازلٌ لم يُجرْجِرُ
أبا جعفرٍ حيث النداءُ لخِضْرمٍ / بعيدِ النَّواحي لا خليجٍ وجعفرِ
غواربُه جيَّاشةٌ من نوالِهِ / ومن بأسه ما بين مُغْنٍ ومُخطر
ودادي وحسن الرأي لي منك قد سرى / به الركبُ وَشْكاً من مُغِذٍّ ومُحضِر
وصار سميرَ الحيِّ حتى تعوَّضوا / به عن نِدامٍ مُستطابٍ وسُمَّرِ
ونوديتُ بالأفواه من كل جانبٍ / أتاكَ الذي ترجو من اللّهِ فابْشرِ
اذا افتخرتْ عليا ربيعة بالذي
اذا افتخرتْ عليا ربيعة بالذي / سَما من عُلاها بين كعبٍ وعامرِ
وجاءت كرملِ الأنْعُمين وعالجٍ / مناقبُ زُهْرٌ بين باقٍ وغابرِ
تُعيد الدجى صبحاً وتنمي فخارها / إِلى واضحٍ من قيس عيْلان باهرِ
وأدركها مسعى الشُّنينة فاحتوتْ / تُراثَ المعالي كابراً بعد كابرِ
فانَّ قديمَ المجد اُرسي فخاره / بغمر الندى من آل شوقٍ عُراعر
فكان مكان السُّحب والغيث توبةٌ / وما فخر سحبٍ لا تجودُ بماطرِ
وجادوا بفيَّاض النوال وفارس ال / نزال ومنَّاعِ النَّزيلِ المجاورِ
بماضٍ على الهول المخوف وناكصٍ / عن العار طَبٍّ باكتسابِ المفاخرِ
فتى الخيل تعدو بالكُماةِ كأنها / فوارطُ عِقبان الشُّريف الكواسر
خوارجُ من ليل الغُبار كأنها / سهامٌ غِلاءٌ غير غرْبٍ وعائِرِ
حراصاً على رعي النواصي وقد ثنت / هواديها عن كل أغيدَ ناضِر
تٌعلِّمُ طعن النَّحر كل مُثقَّفٍ / وتهدي إِلى ضرب الطُّلي كلَّ باتر
هنالك يُلْفى توبةُ الخير كافلاً / بِرِيِّ المواضي من دماء المساعرِ
فما تمنعُ الدرع الحصينةُ رُمحهُ / ولا تُتَّقى أسيافهُ بالمَغافر
ونعمَ مُناخ الطارقين عشيَّةً / اذا حارَدتْ غبر السنين العواقر
يعيدُ الضحى ليلا دخان قدُورهِ / ويهدي سَنا نيرانِه كلَّ جائرِ
وتمشي بمعبوط السديف اِماؤهُ / إِلى الضيف مشي المقربات الصوادر
اذا شبحٌ من جوَّ أرضٍ بدا لهُ / تناذرت الكومُ العِشارُ بعاقرِ
عبادةُ عينٌ في المعالي ونوْبةٌ / مكان البآبي من بياض المحاجرِ
وانَّ شهاب الدين في المحل والوغى / لعيش فقيرٍ أو لحتفِ مُغامرِ
مدحتك عن ودٍ قديمٍ وخبرةٍ / بما حُزْت قِدماً من عُلًا ومآثر
على حين هَمٍّ كالسِّنان وحالةٍ / أعادت بُغاثاً كل أجدلَ كاسرِ
فانْ نالت الأيامُ مني فلم تَنَلْ / شبَا هِممٍ عُلْويَّةٍ وخواطر
واِن رحتُ كالهنديِّ من غير ساعد / فعارٌ على الأبطال جهلُ البَواترِ
اُعيذُ قريشاً أن تُصيخ لكاشحٍ
اُعيذُ قريشاً أن تُصيخ لكاشحٍ / كذوبٍ وما يقضي بظُلْمٍ أميرُها
وعند قُريشٍ شيمةٌ نبويَّةٌ / يُخبِّرها ما في النفوس ضميرها
لهم مهبطُ الوحي المجيدِ ومنهمُ / بشيرُ البَرايا مُرْسلاً ونذيرُها
ومنهم أغَرُّ الوجه يشرقُ نورُه / بشيبته جادَ البلاد مَطيرها
وجهلٍ بحلمٍ قد غفرتم عظيمَه / إِذا ما شفى غيظ النفوس قديرها
ويوم نزالٍ قد دلفتم لشَرَّهِ / فأبليتمُ والخيلُ تدْمى نُحورُها
أعدتمْ به السُّمر الصِّحاح كسيرةً / وخيرُ العَوالي غبَّ طعن كسيرها
ومن كقريشٍ في المعركِ والنَّدى / يموتُ مُناويها ويحيا فقيرها
إِذا ما مساعيهم اُعيدت وكُرِّرتْ / أضاء الدجى والشمس لم يبدُ نورها
أبَرَّ عَليَّاها على كل ماجِدٍ / فأولها حازَ العُلى وأخيرها
تلا ابنُ طِرادٍ في المعالي سميَّهُ / فلا سورةٌ الا الوزيرُ أميرها
هُمامٌ رحيب الصدر يرجى نوالُه / إِذا السَّنَةُ الشهباء جفَّ غديرها
تدلُّ عليه المُعْتفينَ طَلاقَةٌ / ونارُ يَفاعٍ ما ينامُ مُنيرها
هو المُكتفي بالحمد عن شرف الغنى / وبالرأي عن حربٍ يُشبُّ سعيرها
يصول به عن حومة البأس والردى / إِذا المرهفاتُ البيض كلَّ طريرها
زهيد الكَرى تجلو الروية نوْمَه / إِذا الليلة الليلاءُ نام دَثورُها
فلا راحةٌ الا افْتراعُ مُنيفةٍ / واِنْ ضُمِّن الأخطار منها خطيرها
كريمة نفسٍ عُوِّدت نصب العُلى / فشدَّتْ قواها واستمر مريرها
يُطاعُ إِلى غيرالدَّنايا عَذولُها / ويُعصي إِلى غير المعالي مُشيرها
إِذا عُدِّتْ أطواد حلم من الورى / فانك يا ابن العُنصرين ثَبيرها
وما أجْلب الخطبُ المهيبُ صيالُه / بأنديةٍ اِلا وأنت وقورُها
لك الشَّرَفان من نِجارٍ ورُتْبةٍ / إِذا فَضَلَ الأحياء يوماً فَخورُها
ويا راكباً تطْوي به أرْحبِيَّةٌ / سواءٌ عليها سهلُها ووعورُها
يُخدِّدُ في الأرض العَراءِ رسيمها / وترفضُّ من فرط الذميل صخورها
نضا نحضها طول السِّفار فأصبحت / كأن سَنام الأرْحبيَّةِ كورُها
ترودُ الغنى والعزَّ عند مُعَذَّلٍ / يُفيدُ المَقاوي والجُناةَ يُجيرها
أنخْها على الزوراء شرقيَّ دجلةٍ / بحيث تُقَضَّى للمعالي أمورها
فما ابنُ طِرادٍ بالخذولِ للائِذٍ / إِذا نوَبُ الأيامِ ذَلَّ نَصيرُها
وما اُنُفٌ من روضةٍ ذات بهجةٍ / مُمنَّعةِ الأكناف غضٍّ نَضيرُها
لها نَفَحاتٌ بالعَشيِّ كأنها / لَطيمةُ داريٍّ يُفتُّ عَبيرها
أقامَ بها القَيْلُ التَّريفُ وأسْرةٌ / كِرامُ التَّلهِّي نشؤُها وكبيرها
تُصَبُّ على نوَّارِها قرْقفيَّةٌ / يميسُ لعَرْف الطِّيب منها مديرها
يكادُ نسيم الجوِّ بعد ركودهِ / يموجُ انشاءً اذْ تصبُّ خمورها
بأطيب من عِرض الوزير ولو غدت / أصائلُها مَطْلولةً وبُكورها
تيمَّمتُ زوراء العراقِ وذادني / عن القصد بهْتان الأعادي وزورها
وماليَ ذنبٌ أختشي من عِقابهِ / سوى صُحبةٍ مجد الاِمام غفورها
أقمتُ بها حيث الرضا ذو مخائلٍ / وفارقتُها لمَّا بدا لي غُرورها
فمن مُبْلِغ عني الوزيرَ واِنها / لدولةُ مجدٍ حيث أنت وزيرها
ألوكَةَ مغلوبِ اللسان من الأسى / تدلُّ عليه لوعةٌ وزَفيرها
اتُعْرضُ عني والمَدائِحُ جَمَّةٌ / تَتيهُ قوافيها وتُزْهى سُطورها
ولي فيك ما لم يره الموت بعدهُ / اِذِ العمر أذْكارُ الرجال وخيرها
قوافٍ تخطَّت عرض كلِّ تنوفةٍ / يشقُّ على أيدي الرَّكاب مسيرها
سَرَتْ في بلاد اللّهِ حتى قليلُها / لكثْرَةِ ترجيعِ الرُّواةِ كثيرها
ومن عجبٍ تغْشى البلادَ قلائدي / وتُعْرض عن زورائكم لا تزورها
وفيكم غَدتْ ألفاظُها مُسْتجيبةً / مُلائمةً أعْجازها وصُدورها
ومال زلْت تهوى الحمد من غير أفوهٍ / فكيف بأقوالي وأنت خَبيرُها
ومن قبلها قصَّرت عني يد الرَّدى / وأنت بأخرى والسَّلام جديرُها
عداك الردى ما جنَّ ليلٌ غُرانقٌ / وما حانَ من شمس النهار ذرورها
ولا زلْتَ ماضيَّ العَزائمِ نافِذَ الأ / وامر لا يَعْيا عليكَ عَسيرُها
ومن يدك النَّضَّاحةِ البأس والندى / يُفَكُّ ويْغني ضيفُها وأسيرُها
أقِلْني عِثاري واتَّخذْها صنيعةً / يُطَرَّبُ شاديها ويلْهى سميرُها
فما الدهر اِلا حِلْيةٌ مُسْتعارةٌ / جديرٌ بكسب الحمد من يستعيرها
على مَهَلٍ يا ابنَ الحسينِ فانما
على مَهَلٍ يا ابنَ الحسينِ فانما / وداديَ درعٌ لا يُفَكُّ قَتيرُها
أتحسبُ اِعراضي عن الزور غدرةً / بعهك والأيامُ جَمٌّ غُدورها
أبتْ لوفاءٍ هِمَّةٌ دارِ ميَّةٌ / يُطاول عُلْويَّ النجومِ قصيرُها
تَوَدُّ على لُؤْمِ الرجالِ وظلمها / فكيف إِذا ما استغرق الحمد خِيرُها
بيوتُ عُلاً عندي سواءٌ أزورُها / إِذا صَحَّ مني الوِدُّ أو لا أزورها
يحلُّ بها نشوانُ بالمجد موجِفٌ / الى الحمد متبوعُ المعالي كبيرها
طريرٌ كنصل السيف غمرٌ نواله / إِذا السَّنَةُ الشهباء غاض غديرها
يُقلُّ فؤاد لوذعيّاً ويقْظةً / يُخَبِّرُ عن سرِّ المغيب حُضورها
إِذا قيل سعد الدين فالنطق والحجا / وجُمَّةُ فضلٍ لا يُرامُ غزيرها
وغُرُّ سجاياك الصَّباحِ مضيئةٌ / تُجَلَّي غيابات الدُّجى وتُنيرُها
تزيدُ عى ماء السَّحائب رِقَّةً / إِذا ما سقى الحُرَّ العزيب مطيرها
تعلَّمْ خلاكَ الذمُّ أنِّيَ راهِنٌ / على الحبِّ ما قادَ المطايا جريرها