المجموع : 14
ولمّا استقلّتْ للرَّواحِ حُمولُهُم
ولمّا استقلّتْ للرَّواحِ حُمولُهُم / فلم يبقَ إلاّ شامتٌ وغَيورُ
وقفنا فمِنْ باكٍ يكفكفُ دمعَهُ / وملتزمٍ قلباً يكادُ يَطيرُ
لقد نَطَقَتْ بالوجدِ منكَ مدامعٌ
لقد نَطَقَتْ بالوجدِ منكَ مدامعٌ / وهَبْتَ زَماناً حُسْنَها لسُرورِها
أبَتْ زفراتٌ تَستَحِمُ خُيولَها / يدُ الشّوقِ إلاّ مسّةً في ظُهورِها
إذا كنتَ لم تَشْهَدْ مكارِمَ صاعدٍ
إذا كنتَ لم تَشْهَدْ مكارِمَ صاعدٍ / وقَصّرَ عن إدْراكِهِنَّ بكَ العُمْرُ
فطَرْفَكَ فارفعْ فالمجَرَّةُ قَبْرُهُ / وأفْعالُهُ من حَوْلِها الأنْجُمُ الزُّهْرُ
دَعُوا شَبَحي في الحبِّ يَخفى ويَظهرُ
دَعُوا شَبَحي في الحبِّ يَخفى ويَظهرُ / ولا تعذلوني والصّبابةُ تَعْذرُ
فإنّ الذي حملتموهُ ملامَكم / فتىً ظهرُهُ من حادثِ الدهرِ موقرُ
تلومونَ فيكُم كلَّ شَيءٍ صنعتُم / سوى اللؤمِ فيكُم يُستفادُ ويُشكرُ
فإنْ تَنزِفوا ماءَ الجفونِ فإنّما / لكَمْ كنتُ أستَسقي الدموعَ وأذْخَرُ
سَقى اللهُ أرضاً لا أبوحُ بذِكْرِها / فتُعْرَفُ أشجاني بها حينَ تُذكرُ
سِوى أنّها مسكيةُ التربِ ريحُها / تَروقُ وتَنْدَى والهَواجِرُ تَزْفُرُ
نَعِمْتُ بِها يجْلو عليّ كؤوسَه / أغَرُّ الثّنايا واضحُ الجيدِ أحْوَرُ
فوَاللهِ ما أدري أكانتْ مُدامَةً / من الكرمِ تُجْنى أم منَ الشّمسِ تُعصرُ
إذا صَبّها جنحُ الظّلامِ وعبَّها / رأيتَ رداءَ الليلِ يُطْوى ويُنشَرُ
أصاحِ تأمَّل هل تَرى اليومَ ما أرَى / تَرى فتنةً نيرانُها تُتَسَعَّرُ
فلا تصحبِ الصّمْصامَ إنْ كنتَ صاحبي / نهيتُكَ عن خُلْقي وأنتَ مُخيَّرُ
ستعلمُ إنْ جرّبْتَني في ضَريبةٍ / وجربتَهُ أيُّ الحُسامَيْنِ أنصَرُ
وإنّ الذي يُعطيكَ عقلكَ أبكَراً / وعامِلُه من نَحْرِ مولاكَ أحْمَرُ
يَسومُكَ أمراً يلمعُ الضيمُ خلفَهُ / فهلْ أنتَ بالضيمِ المحاولِ تَشْعُرُ
غَدا كلُّ قومٍ يَجبُرونَ كسيرَهم / وعثرةُ جاري كسرُها ليس يُجْبَرُ
يَبيتُ مبيتَ المطمئنِ سَوامُهُ / وباتَ سَوامي بالأسنّةِ تَذعرُ
فلو بعبيدِ اللهِ لبستُ أحبُلي / أمرَّ قُواها المشرفيُّ المُذَكَّرُ
ولو عندَهُ قاضيتُ من أنا خصمُه / قضى لي قاضٍ حكمُه لا يُغَيَّرُ
ولكنّما سامرتُ أحلامَ باطلٍ / وجاورْتُ وسْناناً يَنامُ وأسهَرُ
تفكَّر لمّا جئتُ مستصرخاً بهِ / ولا يَصْرُخُ المَحْروبُ مَنْ يتفكّرُ
رأى المجدَ بين الجحفَلين غنيمةً / يكون لمن يَغشى الطِّعانَ ويَصبِرُ
فلم يَركَبِ التغريرَ في طلبِ العُلا / تسربلُ ثوبَ الذُّلِ من لا يُغَرّرُ
لَحا اللهُ ملانَ الفؤادِ من المُنى / إذا أمكنته فُرصةٌ لا يُشَمِّرُ
يُلاحظُها حتى يفوتَ طلابُها / ويُصْبِحُ في إدبارِها يتَدَبَّرُ
دعوتُكم للخيلِ وهي تَلُفُّني / فكنتم إماءً للقَوافلِ تَزجُرُ
ومن حَذرِ البلْوى فررتُ إليكُم / فلاقيتُ منكم فوقَ ما كنتُ أحذَرُ
ولم أدرِ أنّ الضّيمَ يومَ أتيتكم / تخيرتُه في بعض ما أتَخَيَّرُ
وقلتُ لكم رُدّوا وسيقةَ جارِكُم / فلم تَقدِروا أنتم على اللؤمِ أقدَرُ
فهبْكم زَهِدْتُم في الجَميلِ لعينِه / ألم تَعْمَلوا أنّ الأحاديثَ تؤثَرُ
سيحفظُ ما ضيعتُم متيقظٌ / يضيءُ إذا اسودّ الزمانُ ويُسفِرُ
إذا خوّفوهُ الذّلَّ لاحظَ سيفَه / وكيفَ يَغيبُ العِزُّ والسيفُ يَحضُرُ
وكنتم تُسِرونَ الضّغائِنَ دونَهُ / فقد جَعلت تلكَ الضّغائنُ تَظْهَرُ
أردتم بِها العُظمى فنالَتْ رؤوسَكم / ومن تحتِه كان المُبَخْتِرُ يَحفِرُ
وما غرّكُم من صادقِ الشدّ باسلٌ / يظَلّ إلى أعدائِهِ يتبخترُ
ضَعوا حَلَقَ الماذيِّ فوقَ قلوبِكم / فإنّ عيونَ السّمهريّةِ تَنْظُرُ
ولا تأمَنوا ثَغرَ الهُمامِ فإنّهُ / يُقَهقِهُ في أبصارِكُم وهو يَزأَرُ
فَيا حاكمَ الحكّامِ أنتَ بسطتَهُم / بحلمكَ حتى كاشَفوكَ وأصحَروا
أتوكَ يهزّونَ الصوارمَ والقَنا / وعادُوا تشَظّى فيهُمُ وتكسَّرُ
فقدْ بقيتْ للسّمهريّةِ فيهِمُ / كُلومٌ بمثلِ السمهريةِ تُسْبَرُ
أقِلهُم سَفاهَ الرّأي واغْفرْ ذنوبَهم / فرَبُّ الأيادي مَنْ يُقيلُ ويغفِرُ
وسخطُكُم للمذنبينَ منيةٌ / وعفوكم منها يُجيرُ ويَخفرُ
أرى شجراً قد أورقَ الوعدُ عودَه / وأنتَ له إنْ سَلّمَ اللهُ مُثْمِرُ
وغيرُكَ كدَّ الظنَّ والأمرُ مُقبلٌ / وعلّلَ بالتشْريفِ والأمرُ مدبرُ
ولكنّني لا أظلِمُ المجدَ حقَّهُ / مَحلُّكَ أعلى في الخُطوبِ وأكبرُ
أحلكَ أطرافَ الذّرى وأحلَّهم / بُطونَ الثّرى واللهُ بالناسِ أبصَرُ
وما بَرحَتْ من راحتَيْكَ غَمامةٌ / تُطبِّقُ أرضي نَبْتُها الدهرَ أخْضَرُ
وتاللهِ لا أنْسى يداً لكَ إنّما / يضِلُّ ويَنْسى الشيءَ من يتذكّرُ
يداً كيفَما أومأتُ نلتُ نوالَها / وفيها غِنىً للمستنيلِ ومَفخَرُ
جلوتَ القَذى حتى تأمّلَ ناظري / وما كنتُ من فرطِ المذلةِ أبصُرُ
وأنتَ حسَمتَ الداءَ عني وزَفرَتي / تُفرّقُ نفسي والعوائدُ حُضَّرُ
عشيةَ عزّاني الطبيبُ وقالَ لي / دَواؤكَ معدومٌ وجُرحُكَ أغبَرُ
فبَلّغ أميرَ المؤمنينَ رسالةً / وكل مؤدٍ ما سواكَ مقصرُ
أتُقْطِعُ داري خارجياً لسانُه / لكم وعليكُم قلبُهُ حينَ يُدبِرُ
وكيفَ ولم نذنبْ تُصانُ عَصاهُمُ / وتُبْرَى بأيديكُم عَصانا وتُقْشَرُ
فَلا تتركنها شُبْهَةً لمبائعٍ / يخونُ بِها عندَ الخَصامِ ويَغْدُرُ
وإنْ يكُ إنصافي تعَذّرَ عندكم / فإنّ ورودَ الموتِ لا يَتَعذّرُ
ألا صارمٌ قد هذّبَ القينُ نَصلَه / ألا صَعْدَةٌ فيها سِنانُ مؤمَّرُ
رَكِبنا إليها السيلَ في الليلِ مقبلاً
رَكِبنا إليها السيلَ في الليلِ مقبلاً / ولا يَركَبُ الأهوالَ إلاّ المُخاطِرْ
تعافُ وتأبى أن تسامَ دنيةً / وفي الجهلِ إنْ لم ينفعِ الحلمُ زاجرْ
أَلَمْ يأتِ أَملاكَ الطَّوائفِ أَنَّهُ
أَلَمْ يأتِ أَملاكَ الطَّوائفِ أَنَّهُ / نَبا عن طِلابِ المجدِ كلُّ مُخَاطِرِ
ولم ينب صَمْصَامُ الخِلافةِ أنَّهُ / مضى راضياً عن عزمهِ لم يُشَاوِرِ
وباتَ نَجيباً للهمومِ كأَنَّهُ / على الجَمرةِ الحَمراءِ شحمةُ صَاهِرِ
رأى رأيَهُ ثم استبدَّ فلم يُطِعْ / نصيحاً ولم يَسْمَعْ مَقَالَةَ زاجِرِ
ولم يَنْهَهُ عن هَمِّهِ وَزماعِهِ / وعيدُ الأَعادى وأعتراضُ المقَادِرِ
رأَى كلَّ ساعٍ في الأَنامِ مغَرَّراً / فغَرَّرني كسبُ العُلا والمآثِرِ
نظرتُ ولم أبَصرْ وقد بعدَ المَدَى / كجريكَ في جَري الجيادِ المُحَاصِرِ
ولا مثلَ أَمْرٍ رُضْتَه لا يروضهُ / من الناسِ إلاَّ مُسْتَمِرُّ المَرائِرِ
إذا همَّ كانَ العزمُ أَهونَ سَعيهِ / يَزيدُ على كيدِ العدوِّ المكابِرِ
وللهِ مربوطٌ على الحربِ جَاشُهُ / إذا فَتَرَتْ أَلفَيتَهُ غيرَ فاتِرِ
تقدَّم يَغلى كيدها لِصِحَابِهِ / ولا خيرَ في مُسْتَقْدِمٍ غيرِ حَاذِرِ
هو الجَدُّ حتى يفرِقَ المرءَ ظِلُّهُ / ويَقْصُرَ من الحاظهِ كل ناطِرِ
فلم يَنْهَ عنكَ الناسَ مثلُ مْحَلِّقٍ / من الضَّربِ أَو قالٍ من الطَّعْنِ فَائِرِ
لَعَمري لقد أَنذرتُ ساكن قُوْمسٍ
لَعَمري لقد أَنذرتُ ساكن قُوْمسٍ / وحذرتُ لو عاقَ القضاءَ حذارُ
وقلتُ لهم لو كان للرأي مُبصرٌ / لكان لكم مما ترونَ نفارُ
نفى الهمَّ واستولى على عزماتكم / سَمَاعٌ يُثَنّي رَجْعَهُ وعُقَارُ
وَصِلُّ صَفاً بالسنِّ سِنِّ سُميرةٍ / له في عيونِ الناظِرينَ وجَارُ
يُخادعُ أَلَبابَ الرجالِ كأَنَّهُ / اذا ما تَطوى للأكُفِّ سِوارُ
من الصمِّ أَعيا حادثَ الدَّهْر كيدُهُ / تَصَرَّمَ ليلٌ دونَه وَنَهَارُ
أَرى بكمُ ما لا تَرونَ وأنتُمُ / يُقربكم دونَ النجاةِ قَرَارُ
سرى يكتُمُ الظلماءَ غُرَّةَ وجههِ / وناظرُ عينِ الشمسِ فيه يحَارُ
طلوبٌ لاقصى الضِّغْنِ غيرُ مسامحٍ / عليه لفعلِ المكرُماتِ مَدَارُ
وقد علَّم الغزوَ الجيادَ فسيرُها / اذا طلبتْ أرضَ العدوِّ سِرارُ
غوامضُ لا وقع السنابكُ مُسْمِعٌ / ولا النقعُ في آثارِهِنَّ يُثَارُ
قَضَتْ وَطَراً من أَهلِ جُرْجَانَ والتوى / لِقَسْطَلِها بالهِندُوانِ أَطَارُ
طلبنَ السيوفَ الهندَ حتى تعارفتْ / وجوهٌ على حَوضِ الرَّدى وشِفَارُ
وعوَّدَها طولَ القيادِ مُشِمِّراً / اذا همَّ لم يَبْعُدْ عليه مَزارُ
عيونهم عما يَراه كَلِيلَةٌ / وأَذرُعُهُمْ عما يَنَالُ قِصَارُ
ومُسْتَظْهرٍ بالحزمِ دونَ جُنُودهِ / تأملهُ في المشكلاتِ سِبَارُ
أَكادُ على ما سِمْتَ أَعِتبُ جَرُأَةً / وانْ لم يكنْ تُنَوِّلُ عَارُ
أَهُزكَ للجُلَّى وأَنتَ تَخالني / بُروقُ لُجينٍ هِمَّتي ونُضَارُ
وواللهِ لولا المجدُ ما جِئتُ طَائِعاً / اِليكَ ولو أَنَّ السِّنَانَ عِذَارُ
أَغثْ مرضعاً لم يبقَ الاَّ رجاؤها / وطفلاً لهُ حتّى الصَّباحِ جُؤارُ
وقوماً بهم فقر الى أَنْ تَسوسَهم / كما بأكُفِّ الخَامِعاتِ عِثارُ
وفتكَ العِدى ما تتقيهِ فانَّها / غُصونٌ لها جَدوى يَدَيكَ ثِمَارُ
وعُمِّرتَ ما لاحَ الجَديُّ علامَةً / وما دامَ بينَ الفَرقَديْنِ جِوَارُ
نشدتُكَ بالوُدِّ الذي كانَ بينَنَا
نشدتُكَ بالوُدِّ الذي كانَ بينَنَا / وللوُدِّ بينَ الصَّالحينَ أَواصِرُ
متى قلت فيما ساءني أَنتَ مذنبٌ / اِليَّ وفيما ضرَّني أَنتَ ضائِرُ
وكلُّ فتىً في الناسِ يُظِهرُ وُدَّهُ / ظنينٌ اذا لم تَختَبره المَخَابِرُ
اذا انجابتْ الَّلأْواءُ عنَّا وعنكُمُ
اذا انجابتْ الَّلأْواءُ عنَّا وعنكُمُ / سيندَمُ قومٌ يجزعون ونَصْبِرُ
مشى سَابقاً والخيلُ تَعْثُرُ خَلفَهُ / الى غايةِ المَجْدِ الأَغرُّ المشهَّرُ
على المِسحِ يأبى كلُّ لبدٍ ومسحلٍ / وكلُّ عَذَار ظهرُهُ والمُعَذَّرُ
بني الأملِ المغبونِ هلاَّ سأَلتم / غَداةَ جزعتمُ أَينَ عادٌ وحميَرُ
وقومٌ ببطنِ الأرضِ تُنْسَى قبورُهم / وأَفعالُهم حتّى القيامةِ تُذكَرُ
ضَجَجْتُم ولما تضغَمِ الحربُ ضَغْمَةً / كما ضجّ من ظِلِ ابن دأية أَدْبَرُ
نشدتكم باللهِ هل ما أَخذتُم / من العارِ أو أعطتيم القومَ أكثرُ
فمن مبلغٌ عنّي أحقٌ مؤخر / بتفديتي والموتُ لا يتأخرُ
أَمن حذرِ لم تَرجُ ما أَنتَ خائفٌ / ألا رُبَّ مغبوطٍ بما كانَ يَحذَرُ
عذرتُكَ في حَامي الضِّرابِ مُضَرَّسٍ / بركتَ به لو أَنَّ زَوْرَكَ أزْوَرُ
وقد يكظم الغَيظَ الفتى وهو كاسِفُ / ويُخفي دفينَ الحُزنِ منه فيظهَرُ
نزلتَ على حكمِ العَدوِّ بمنزلٍ / تلمُّ فتجفى أو تزورُ فَتُهْجَرُ
فلو كانَ يعطي لابسُ العِزّ مثلها / عذرتُكَ لو أَني ألومُ وأُعْذَرُ
أَلا من للَيلى وهي حَالِفةُ الخِدرِ
أَلا من للَيلى وهي حَالِفةُ الخِدرِ / تروحُ وتَغدو بالنميمةِ أَو تَسري
تُؤَرِّشُ ما بيني وبين معرِّضٍ / لأَقطعه وهو النخاع من الظهرِ
دعى لي أَخي لا تتبعيه ملامة / وكوني له في السر مثلكِ في الجهرِ
لعلكِ يوماً أَنْ يسرَّم قُربُه / اذا كان وِرْدُ الموتِ أَقربَ من شِبرِ
أَأُعدِلُ قوماً في التمول والغِنى / بقومٍ رموني بالخَصَاصةِ والفقرِ
طويتُ فلم أَنشر صحيفةَ ودهم / ولو نُشروا بالسيفِ ما نشِروا سِرّي
وَمَنْ فتش الاخوانَ أَفردَ نفسَه / وعاشَ بلا بيت يُزارُ ولا قَبْرِ
سلى الشائمَ المخدوعَ أَيُّ مخيلَة / جناني اذا ظن السحائب بالقطرِ
وأيهما في المجد أبعد غايةٍ / عشيةَ تَقريني الأَسنةُ أَو أَقري
رقدت على زأر الأُسودِ ولم أَهب / لظى النار لما أَنْ وطئتُ على الجمرِ
وهل أَنا اِلاَّ من فوارس عَسْعَسٍ / اذا اتجروا في الطعن رحت مع التجرِ
ميامينُ حلوا من حياطةِ جارهم / محلَّ جناحِ الصقرِ من بيضةِ الوكرِ
اذا كاثَرتْهُم بالسوامِ قبيلةٌ / ثروها بأَيام المكارمِ والفخرِ
تُسدُّ وتَعرورى بهم كل ثُلمة / وثغر كأَنيابِ الهزبر بلا ثَغرِ
وعهدي بهم في كل حرصٍ ومارنٍ / يلوُّون أعطاف المثقفة السمرِ
اذا لبسوا النعماءَ لم ينظروا لها / وانْ جُهدوا حل البلاء مع الصبرِ
فويلهُم لو يسلمون من الردى / ويستنفدون العيش من عَتَب الدهرِ
أَرى اِبلي بينَ الفراتِ وجازرٍ / كأَنَّ بها وخزَ الرماحِ من الذعرِ
دعت ويلها واستصرختْ كلَّ غاصبٍ / على الأَرضِ من أَملاكها السودِ والحمرِ
وما زادها عورانُ آلِ مقلدٍ / على النظرِ المشفونِ والكلمِ النزرِ
فذو النون لم يفضُل عن الماءِ نصرُه / وضبَّةُ لم تُصطد بحرشٍ ولا حَفرِ
وليس بها فقرٌ الى متلومٍ / قصيرُ الخُطى والباعِ يغنى عن الشكرِ
أراكَ بصدرِ العَينِ يا ابنَ يزيد / وأَنتَ تراني بالتشاوسِ والشَّزْرِ
دواليكَ من هنديةٍ انْ سللتَها / سللتَ عليها حَدَّ اٍخوتها البُترِ
وأنتَ الذي يُلحى على الذنبِ مرةً / وانْ يعتذر يُلحى مِراراً على العُذْرِ
فلا دنستْ أَحسابُ قومٍ سليمةٍ / نَفَوكَ كما يُنفى الشَّرارُ عن الجمْرِ
هم نَصلوا من لؤمكم بعد خُلْطَةٍ / كما نصل النبعُ الكريمُ من القِشرِ
وجبهانُ لم يغضب لها فَحَضَضْتُهُ / ولا خيرَ في جارٍ يُحضُّ على النَّصرِ
وأُغرىَ بها أَنباطُ دجِلةَ عادةً / تصنَّع مِقلاتُ البنين من الظَّهرِ
رآها تضاغي في الجبالِ وتجتوي / مباركُها بين التخمطِ والقَسرِ
فأَعجلها من طيّها رُكباتُها / وقيدَها فوقَ المَعَاقمِ بالعَقرِ
وقال أَبو رمحٍ بسَمْعِي وَقْرَةٌ / فقلتُ تأَملْ هل بعينكَ مِن وَقْرِ
حَماها من الأَعداءِ ثم بدا لَهُ / كما نَدِمَ الصاحي على هبةِ السُّكْرِ
وكنت كأَني اذْ عَلِقْتُ بحبله / عِلِقْتُ بأَطرافِ الخيالِ الذي يسري
له من رواء الغيث والسيفِ منظر / يَروق ولكن لا يجود ولا يَفري
فيا ليتَ لي من كلِّ جاءٍ بلوتُه / ولم أَبله يوماً فتىً من بني الفِزرِ
كريمُ الغنى والفقر يتبع لونَه / تَحوّلُ لوني في العبوسِ وفي اليسرِ
له من يديهِ حينَ يطلُب ساعداً / هصورٌ وان يُطلَب فقادمتا نسرِ
وكم دونَ سعدٍ من بلادٍ بليدةٍ / بها الشفق المحمر أدهى من الفجرِ
وفرج غَوانٍ طُلقت فهي أَيّمٌ / لاخرى من الركبان خاويةٍ بكرِ
بها العِينُ والظُلمانُ ترضع بنتها / وترضع فيها نبتَها حلب القطرِ
كأَن أَخاها من مجاوبةِ الصدى / اذا زجر الوجناءَ يزجر بالزجرِ
وحدبٍ كأن العصم في قذفاتها / سفينُ خَريقٍ لاطمت حَدَبَ البحرِ
أنا ابن الذين استرفدوا المجد والعلا / فضنوا وجادوا بالحياةِ وبالوفرِ
مضى عَرضُ الدنيا ولم يمض ذكرهم / وليس على الأيام أَبقى من الذكرِ
يربُّونَ نعماهم ولا يلحقونها / كما تفعلُ الشمسُ المضيئة بالبدرِ
أَزاحوا الرَّبابَ من اِسارِ جوارِهمْ / وكلُّ جِوارٍ يستضيمكَ كالأَسْرِ
غزا الأَضبطُ اسلعدي صنعاءَ ترتمي / به عُقُبُ الأيامِ شهراً الى شَهْرِ
ففكَ رقابَ اليُتمِ من أَسْرِ حميرٍ / فتىً بأسهُ فيهم كنائلِة الغَمْرِ
ويومَ الكلابِ نحن فُزنا بِعُسرهِ / وفازت تميمٌ من مساعيه باليُسْرِ
يَزيدُ بني الدَّيانِ يركبُ عُرفَه / يزيدُ بني المأمونِ يا لكَ من مَجْرِ
ولمّا دعا الابطالُ يالَ مقاعسٍ / تقاعسَ عنا مالكٌ وبنو عَمْرو
وما فَتِئَتْ خيلٌ تجُرُّ رعالها / دوابرهم بين اليمامة والقهْرِ
ويومَ النَّقا لم يَدرِ بسطامُ أَنَّه / يُلاقي غلاماً لا يحيد عن النَّذْرِ
فلا عاصِمٌ عنه فشكَّ صِماخَه / بذات جدالٍ لا يناظرُ بالسَّبْرِ
لقد هجرتْ شيبانُ في أَرضِ هاجرٍ / فتى ليس يَدري بالوصالِ وبالهَجْرِ
ويومَ جَدُودٍ شَدَّ قيسُ بنُ عاصمٍ / على ابن شريكٍ شِدَّةَ الحازمِ الغمْرِ
وأفلتَ منها الحَوفَزانُ برجلهِ / شِكال أُمِرَّ الفتك منه على شَزْرِ
ويومَ أَجاءَ ابنُ الضنيمِ أَميرَه / وفرَّ عبيدُ اللهِ من شُرَفِ القَصْرِ
غمزنا جموعَ الأزدِ حتى تكثَّرَتْ / ببكرٍ وما هذا بيومكَ في بكْرِ
فأكرهتْ مسعوداً على حِلْفِ وائلٍ / كما يُكره العظمُ الكسيرُ على الجبْرِ
أَلا انَّ وصلَ الغانياتِ غُرُورُ
أَلا انَّ وصلَ الغانياتِ غُرُورُ / وساكنها عَبدٌ لها وأَجيرُ
اذا لم يُعاطَينَ العناقَ صبابةً / فكل غَنىٍّ عندهنَّ فقيرُ
حَذَارِ فانَّ الشَّرَّ يَسْري دفينُه / ويكبُر سَقطُ الزَّندِ وهو صَغيرُ
ومازحني بالأمسِ وغل فسبني / وبعض كلامِ المازحين عَقورُ
خلا المعهدُ المألوفُ ممن تُحِبُّه / فما لكَ الا عَبرَةٌ وَزَفيرُ
وبدَّدَ أَهواءَ الجميعِ ببدْيَدٍ / مُلجٌ على ذاتِ السِّتارِ نَحيرُ
من النجمِ بسَّامٌ يضاحكُ وكنَه / له بعدَ ترجيعِ الحنينِ زَميرُ
أَدَبَّ لهُ شيحُ الرياضِ وَبَانُه / وأقبلَ يُسدى نَسجَها وينيرُ
شعوبٌ من الجَرَّانِ سَنَّتْ عَصَاهُم / نَوىً مالها بعد الكسورِ حَبُورُ
وكيفَ تُرجَّى عَطَفةُ الدَّهرِ فيهم / وللشىءِ فيه أَولٌّ وأَخيرُ
فيا حَبَّذَا كَرُّ السنينَ التي خلت / وعيشٌ بمصحوبِ الشَّبابِ نَضيرُ
وطولُ التقاضي والعِتابُ وَزَورَةٌ / تكاد لها حَبُّ القُلوبِ تطيرُ
دعانى بهاءُ الدولتين وبيننا / رواحٌ لتغوير القَطَا وبكورُ
فلبيكَ يا ربَّ الملوكِ تحيَّةً / تُعرِّسُ بالأسحارِ وهي تيرُ
وكم مثلها لى فيك من متمثل / وبيتٍ شَرودٍ لا يزال يُغِيرُ
قَدِرتَ ولا استعلى عليكَ مدَبِّرٌ / وقابلك الاقبالُ حيث تُشيرُ
ولا زالَ فتحٌ يُمْنُهُ مترقَّبٌ / وآخَرُ يُهديه اليكَ بشيرُ
تحوز وتحوى بلدةً بعد بلدةٍ / وتنهب أَغمارَ العِدى وَتُثِيرُ
أَقامَ قَوامُ الدينِ زَيغَ قنانِه / وأنضجَ كَيَّ القَرحِ وهو فَطيرُ
رميتُ به صَرفَ الزَّمانِ ففلَّه / جَرىء على صرف الزَّمانِ جسورُ
اذا دَجَتِ السَّراءُ فهو شكورُ / وان غزتِ الضراءُ فهو صبورُ
رفيعُ المنى والهم غرةُ وجههِ / صباحٌ على سرج النجومِ مغيرُ
حَواجِلُ أَو رُبْدُ الظهورِ قشَاعِمٌ / قوانصُها للذَّارعينَ قُبُورُ
طرقتَ طروقَ السيلِ أَهلَ مُناذرٍ / وليلُهُمُ حلوُ الرُّقادِ قَريرُ
فما شعروا بالخيلِ حتّى كستهُمُ / قساطلَ لفْعٍ بريهن مطيرُ
أَخذتَ بأَفواهِ الفجاجِ عليهم / فلم يأتهم قبلَ العَجاجِ نَذِيرُ
بني المكَسَى لا نومَ حتى تَدوسُكمُ / سَنَابُكُ خيلٍ وقعُهن صُخورُ
تناهوا وفي الأغمادِ ذاتُ مضاربٍ / اذا هَمَزَت فالنائباتُ حُضورُ
وكل مُنَدَّىً في الجوانحِ باهلٌ / وصادٍ له درعُ الكَمِى غَدِيرُ
له الطعنة الشتراءُ يَهِدر فرغُها / ويُنجِد فيها حشوُهَا وَيَغورُ
اذا خالطت قلبَ المُدَجَّجِ أنبطت / خليجاً كَعَطِّ الثَّوبِ فيه شُطورُ
مركبةٌ زرقُ النِّصالِ كأَنّها / اذا هي دُست في الدروعِ قَتِيرُ
يُصرفها في حومةِ الموتِ راكدٌ / اذا قامَ لم يَعتلْ رَحاه مديرُ
أَبوكَ نفى قَيسَ العراقِ زئيرُهُ / فلم يرعَ بينَ الواديينِ بعيرُ
وطارت بهم حُدبُ الظهور كأَنَّها / سَفَاينُ في لُجّ الفَلاةِ تَمورُ
اذا سأَلوها الوخدَ عاند سيرها / خوائفُ من جَذبِ الأَعنةِ زورُ
تضلُ فتَهديها بحدِّ نُسورها / قوادحُ مَروٍ ليلهُنَّ بَصِيرُ
فما وثقتْ بالبيدِ حتى تَسَنَّمَتْ / غَواربَ طامٍ تَهتدى وَتَجورُ
كأَنَّ مخاضاتِ الفراتِ صحائفٌ / وَهَرَّتَها حتى عَبَرنَ سُطُورُ
أَقامت على العَمياءِ تَقسِمُ أَمرَهَا / وقد عَلِمَتْ أَنَّ المَقَامَ مَسيرُ
رَأَتْ حِلللاً بين النُّصَيْعِ وَبَاذنٍ / تَهادَى القَنا أَيدٍ لها وَنُحورُ
كِلابٌ على جُندِ العَواصمِ كاسمِها / كِلابٌ لها دونَ البيوتِ هَرِيرُ
وَعيسٌ برأسِ الطُّورِ حِرباءُ فَارهٍ / تدورُ مع البيضاءِ حيثُ تَدورُ
وكلبٌ ببيداءِ السَّماوةِ فَارِكٌ / لعورتها صُمُّ الرِّماحِ سُتُورُ
وَهُمْ بمقيلِ الوحشِ رِجْلُ جَرَادةٍ / من الحّرِ تَنزو تَارةً وتَطيرُ
بنو مرضعاتٍ بالفَلاةِ غَذَتْهُمُ / بِدَمَّاعَةٍ أَو كانَّهُنَّ سُتُورُ
وأُقسم لو عاذَ المسىءُ بِعَفْوهِ / لنُفِّسَ مكروبٌ وفُكَّ أَسير
فآل بويهٍ للحَياةِ شَواهِقٌ / يُلاذ بها أَو للعُفَاةِ بحورُ
هم من جوادٍ بالصَّوارم هَبوةٌ / أُسِرَتْ ومن وِردِ الأَسنةِ سُورُ
ملوكٌ حَبوا خُرجَ البلادِ ولم يزلْ / على الناسِ والٍ منهم وأَميرُ
ولولا هم لم يعرِف العبُد ربَّه / ولم يكُ تاجُ يُصطفى وَسَريرُ
وان أبن حَمدٍ منكَ بالعفوِ انْ هَفَا / وبالصَّفْحِ والاحسان منكَ جَديرُ
وما زالَ يُبلى في رضاكَ شَبَابه / الى أَنْ بدا في العَارضَينِ قَتيرُ
ولا مُسِعدٌ الا مسامرةٌ سختْ
ولا مُسِعدٌ الا مسامرةٌ سختْ / بدمعٍ ولم تُفجع ببينٍ ولا هَجرِ
اذا اقتربتْ للموتِ بادرتُ رأسها / بقطعٍ فتستحيي جديداً من العمرِ
حكتنَي في لونٍ وحُزنٍ وحُرقةٍ / وفي بَهرِ بَرْحٍ وفي مدمعٍ هَمرٍ
أَلا فاسقنى من خمرةٍ لذَّ طعمُها
أَلا فاسقنى من خمرةٍ لذَّ طعمُها / بفيكَ ولا تبخل وقل لى هي الخمرُ
وحُطَّ لِثاماً حَجَّبَ اللثمَ عن فمى / فَلا خيرَ في اللذاتِ من دونها سِترُ
أُناشِدُهُ الرحمنَ في جمع شَملِنَا
أُناشِدُهُ الرحمنَ في جمع شَملِنَا / فيقسِمُ هذا لا يكونُ الى الحَشْرِ
اذا ما غدا مثلَ الحديدِ فؤادُهُ / فوالعصر انَّ الاشقينَ لفي خُسْرِ