المجموع : 7
وآنسةٍ زارتْ معَ الليلِ مَضْجَعي
وآنسةٍ زارتْ معَ الليلِ مَضْجَعي / فعانقتُ غُصْنَ البان منها إلى الفجرِ
أُسائِلُها أينَ الوشاحُ وقد غَدَتْ / مُعَطَّلةً منه مُعَطَّرةَ النشر
فقالتْ وأَوْمَتْ للسِّوارِ نَقَلْتُهُ / إلى مِعْصَمي لمّا تقلقلَ في خصري
ومُرْتجةِ الأعطافِ مُخْطفَةِ الحَشا
ومُرْتجةِ الأعطافِ مُخْطفَةِ الحَشا / تميلُ كما مالَ النزيفُ منَ السكر
بذلتُ لها من أَدمُعِ العينِ جوهَراً / وقِدْماً حَكاها في الصِّيانة والستر
فقالتْ وأبدتْ مِثْلَهُ إذ تبسمت / غنيتُ بهذا الدرِّ عنْ ذلك الدر
خليليَّ ما عُذْري إلى الركبِ بعدما
خليليَّ ما عُذْري إلى الركبِ بعدما / تقضَّتْ لياليهمْ ولم يَنْقَضِ العمرُ
بكيتُ فلم يقضِ البكا حقَّ مَدْمَعٍ / حياتيَ يوماً بعد فُرْقَتِهِ غَدْرُ
وما جَزَعي إلاّ لأبلجَ إن سرى / مع البدرِ وَهْنَاً قيلَ أيُّهما البدر
رعى اللهُ عبد الله حيثُ تيممتْ / ركائبُهُ أو حيثُ حلَّ به السَّفْر
أُوَدِّعُهُ والليلُ يُودِعُ أَضْلُعي / بلابلَ جَرَّتْها الصبابةُ والفكر
إلى الله أشكو نيّةً بعدَ نيّةٍ / يُكلفنا منها عوائدَهُ الدهر
ألا ليتَ شعري والحوادثُ جمّةٌ / متى يَرْعَوي عنْ جَهْلِهِ الحادثُ البكر
أفي كلِّ يومٍ لابنِ دأيةَ فَتْكَةٌ / عوانٌ بساحاتِ المنازلِ أو بِكر
لقد سعتِ الأيّامُ بيني وبينكمْ / بكفٍّ لها نظمٌ وأُخرى لها نثر
وقد كنتُ أشكو منكمُ هجرَ ساعةٍ / فمنْ لفؤادي أنْ يدومَ له الهجر
سلامٌ على أيّامكمْ ما بكى الحيا / وَسَقْياً لذاكَ العهدِ ما ابتسمَ الزهر
كأنْ لم نَبِتْ في ظلِّ أَمْنٍ يَضُمُّنا / منَ الليلةِ الليلاءِ أرديةٌ خُضْر
ولم نغتبق تلك الأحاديثَ قهوةً / وكم مجلسٍ طِيْبُ الحديثِ به خمر
ألا في ضمانِ اللهِ من كلَّ ساعةٍ / يُجَدِّدُ لي فيها لشوقي له ذكر
يُذَكِّرُنِيهِ البرقُ جذلانَ باسماً / ويُذَكِّرُني إسْفارَ غُرَّتِهِ الفجر
وما رفَّ زهرُ الروضِ إلاّ تمثَّلَتْ / لناظرِ عيني منهُ آدابُهُ الزُّهر
فيا مربعَ التوديعِ لا غروَ أنني / تحمّلتُ منه فوقَ ما يسعُ الصدر
فوالله ما للقلبِ بعدك سلوةٌ / ولا للدموعِ الحمرِ إنْ لم تَفِضْ عُذْر
خليليَّ ما حبُّ البنين ببدعةٍ
خليليَّ ما حبُّ البنين ببدعةٍ / فهل أنتما فيه مقيمانِ من عذرِ
تقسَّم قلبي بين طفلين شطرُهُ / لهذا وهذا قد تعلَّقَ بالشَّطر
صغيرين لم تَصْغُرْ حياتي عليهما / ولا كان حظِّي باليسير ولا النزر
فمن قائلٍ آثرت سرَّاً محمداً / وآخرُ إبراهيمَ تُؤْثِرُ في السرِّ
فقلتُ هما غصنان أَعْدِلُ فيهما / إذا جار ذو النجلين عَدْلَ ندى القطرِ
وما استويا سنّاً ولكن تَساوَيا / ولوعاً وحُبَّاً في الجوانحِ والصَّدر
محلُّهما في منزلِ القلبِ واحدٌ / فحيثُ أبو بكرٍ فثمَّ أبو عمرو
أُحبُّ صلاحَ الدهرِ في جانبيهما / ولولاهما ما كنتُ أَحْفَلُ بالدهر
فمن كان يبغي العمرَ مستمتعاً به / فلا أبغِ إلاّ في صلاحهما عُمري
تأرَّجَ مطلولُ الروابي فَزُرْتُها
تأرَّجَ مطلولُ الروابي فَزُرْتُها / وأمثالُ هاتيكَ الربى يَقْتَضي الزَّوْرا
وأتحفني منها الربيعُ بِوَرْدِهِ / عبيراً به الأنفاسُ إذ فَتَقَ النورا
حكتْ نفحةً ممّن هَوِيْتُ ووَجْنَةً / فأنْشُقُها طَوْرَاً وألثمها طَوْرَا
سَقَتْني بيُمْناها وفيها فلم أزل / يُجاذبني من ذاكَ أو هذهِ سُكْرُ
ترشّفتُ فاهاً إذ ترَشّفتُ كأسَها / فَلا والهوى لم أَدْرِ أيَّهما الخمر
هُوَ البينُ لا تَعصِي الدُمُوعُ لَهُ أَمرا
هُوَ البينُ لا تَعصِي الدُمُوعُ لَهُ أَمرا / فَعُذراً إِلى العُذّال في فَيضِها عُذرا
وَتعساً لأحداثِ الليالي فَإِنَّها / مَسالِمَةٌ يَوماً وَحارِبَةٌ دَهرا
فِراقُكَ عَبدَ اللَهِ لَم يَدَعِ الهَوى / عَلى حالِهِ أَو يُجمَعَ الماءُ وَالجَمرا
وَما هِيَ إِلّا أَدمُعٌ وَلَواعِجٌ / يُميتُ الغَرامُ الصَبرَ بَينَهُما صَبرا
فَمِن فُرقَةٍ قاسَيتُها بَعدَ فُرقَةٍ / وَمِن لَوَعَةٍ في إِثرِها لَوعَةٌ أُخرى
وَقَد فارَقَ الأَحبابَ قَومٌ فَأَسبَلُوا / دُمُوعَهُمُ بَيضاً وَأَسبَلتُها حُمرا
وَما وَدّعُوا إِلّا أُناساً كَمِثلِهِم / وَوَدّعت مِنكَ الغُصنَ وَالقمرَ البَدرا
فَيا كَبِدِي زِيدي ضَنىً وَصَبابَةً / وَيا جَلَدِي لَن تَستَطيع مَعي صَبرا
سَلامٌ كَما هَبَّ النَسيمُ عَلى الوَردِ
سَلامٌ كَما هَبَّ النَسيمُ عَلى الوَردِ / وَخاضَت جُفونَ اللَيلِ إِغفاءَةُ الفَجرِ
وَهَزَّ هُبوبُ الريح عِطفَ أَراكَةٍ / فَمالَت كَما مالَ النَزيفُ مَع السكرِ
عَلى مَن إِذا وَدّعتُهُ أَودَع الحَشى / لَهيباً تَلَظّى في الجَوانِحِ وَالصَدرِ
وَمَن لَم يَزَل نَشوانَ مِن خَمرَةِ الصِبا / كَما لَم أَزَل نَشوان مِن خَمرَةِ الذُكرِ
عَسى اللَهُ أَن يُدني التزاوُرَ بَينَنا / فَأُنقَلَ مِن عُسرِ الفِراقِ إِلى يُسرِ