القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ قَلاقِس الكل
المجموع : 9
أَقول رياضٌ إِذْ تُرَصِّعُها زَهْرا
أَقول رياضٌ إِذْ تُرَصِّعُها زَهْرا / أَقول سَمَاءٌ إِذ تُلْمِّعُها زُهْرا
أَقولُ سيوفٌ إِذ تُجَرِّدُها بُتْرَا / أَقولُ شُفوفٌ إِذ تُرَدِّدُها بُتْرَا
معانٍ بإِمعانٍ هيَ النَّدُّ والنَّدَى / حريقٌ رحيقٌ سائِلِ الجَمْرَ والخَمْرَا
تَعَلَّقَ حظِّي بالحضيضِ فخَلِّه / وإِخلادَهُ يا مُلْحِقَ الشعرِ بالشِّعْرَى
وعندِيَ فكرٌ قَدِّم الكافَ تُلْفِهِ / بِهِ فَهْوَ فِكْرٌ ما عَدِمْتُ به كُفْرا
تَغيَّرَ مثلَ الدَّهْرِ فاسْمَع حكايَةً / أَتيتُ بها نَظْماً وإِن عُرفَتْ نثرا
أَقولُ له زَيْدٌ فيَسْمَعُ خالِداً / ويكتُبُه بكراً ويقْرَأَهُ غَمْرا
وأَما الطُّيوُر المُرْسَلاَتُ فإِنَّها / طوائِرُ مِدْحاتٍ أَبَتْ تَأْلَفُ الوَكْرا
نَصَبْتُ لها لو سَاعَدَتْ شَرَكَ النُّهى / وأَوسَعْتُها من حَبِّ شُغْلِي بها بِذْرَا
وقلتُ عَسَى البَبْغَاءُ يأْتي بِبُغْيَةٍ / أَو النَّسْرُ يُولِي مثلَ تَصْحِيفهِ بُسْرا
فَما كان إلا بلبلٌ لبلابِلِي / أَتَى أَوْ حُبَارَى كنتُ من قَبْلِها الحَبْرَا
فَلا خَيْرَ لليَعْقُوبِ منَّا فإِنَّهُ / عِقابٌ ولا الكُرْكِيِّ من حيثُ ماكَرَّا
وَلا رُزِقَتْ مِنِّي خلاصاً وكيفَ لا / غَلِطْتُ فسامِحْنِي أَلم تُولِها الحَصْرا
وكنتُ سُلَيْماناً لفَهْمِ لُغاتِها / ومذ سَلَبُوني خاتَمِي سَلَبُوا الأَمْرا
فَدَعْ ذا وَعدِّ الأَمرَ عنه ونُصَّ لِي / أَحادِيثَ أُخْرَى لا بَرِحْتَ لنا ذُخرا
فماذا ترى في ناكحٍ بِنْتَ غيرِهِ / بلا غَيْرَةٍ منهُ ولم يَدْفَعِ المَهْرا
وكنتُ أَرَى يوماً ويَوْمَيْنِ مُدَّةً / وقد زاد حتى كادَ أَنْ يَبْلُغَ الشَّهْرا
فإِنْ قُلْتَ لِي لا بُدَّ منهُ فعاجِلٌ / وإِلا فمَنْ هذا الذي يَضْمَنُ العُمْرا
وقد مَرّ لي في ذا النهارِ عجيبَةٌ / لو اعتْمَدَتْ كِسْرَى لما أَمِنَ الكَسْرَا
شَكَتْ لِيَ نَفِسي العُسْرَ ثم تأَلَّمَتْ / فقلتُ لبعضِ الأَصدقاءِ ادْفَعِ العُسْرا
وجئني بها عَشْراً ثقالاً فقالَ ها / وقَبَّل من كَفِّي لأَقْبَلَها العَشْرَا
فيا حُسْنَها صُفْراً ويا قُبْحَ مَوْضِع / عَدَا بَعْدَها منها ولم أَعْتَرِفْ صِفْرا
وكنتُ كَمَنْ عَيْنَاهُ تَرْقُبُ فَجْرَهُ / فلما تَبَدَّى الفَجْرُ أَوْسَعَنَا الفَجْرا
بثَثْتُكَ سِرِّي والحديثُ كما حَكَوْا / شُجونٌ فيا صَدْرَ الكمالِ احْفَظِ السِّرَّا
لهنّ ربوعٌ بالعقيقِ دواثرُ
لهنّ ربوعٌ بالعقيقِ دواثرُ / خلتْ وقلوبُ العاشقين عوامرُ
منازلُ لا عهدُ الشبابِ يعودُ لي / بهنّ ولا بعدَ الفراقِ الجاذرُ
لقد فقدَتْ عيني المنامَ لفقدِهم / فهل أنا يوماً للأحبّة ناظرُ
أبيتُ أراعي النجم حتى كأنني / رقيبٌ عليه أو جليسٌ مسامرُ
وفي الكِلّةِ الورديّةِ اللونِ ساحرٌ / وما آفةُ العشّاقِ إلا السواحرُ
نَفورٌ يصيدُ القلبَ وقت نفارِه / فوا عجبا من صائدٍ وهْو نافرُ
له منظرٌ لم تبلُغِ العينُ وصفَه / جمالاً غدَتْ وَقْفاً عليه المناظرُ
لقد كسّرَتْ أُسْدَ العرين لحاظُه / كذا كل مكسور اللواحظِ كاسرُ
جفا وحَمى عينيّ طيفَ خيالِه / وقد كان طيفٌ في الكرى منه زائر
لقد طال ليلي بعد فُرقتِه أما / لليل فراقِ الحَبِّ يا قومُ آخرُ
الى ضمّرٍ راحت بنا أريحيّةٌ / يُبيدُ الفيافي سيرُها المُتواتِرُ
شققتُ بها ثوبَ الظلامِ مخاطراً / ولن يبلُغَ الحاجات إلا المخاطرُ
وأصبحتُ أحدوها على عجلٍ الى / أجلِّ امرئٍ تُحدى إليه الضوامِرُ
الى الحافظ الحبر الإمام الذي غدا / يُراوحُنا إنعامه ويُباكر
الى ذي سماحٍ لو يعدَّدُ فضله / الى أن يكون الرّمْلُ ممّن يكاثِرُ
تقيٌّ نقيٌّ طاهرُ الذيل أروعٌ / على وجهه نورُ الديانة ظاهرُ
الى السوءِ والفحشاءِ غيرُ مبادرٍ / ولكن الى نيلِ الثوابِ مُبادرُ
أوائلُ هذا البيت تُعرَفُ بالتقى / وبالدين من دون الورى والأواخرُ
يجودُ ويبدي للعُفاةِ تبسُّماً / كذا البرقُ يأتي والسحابُ المواطرُ
هو البحر يعطي للذي يستميحُه / جواهرَ تأتي إثرهنّ جواهرُ
هو الصبحُ إلا أن ذاك تُزيلُه الد / ياجي وهذا في دُجى الليل زاهرُ
هو السيف لكن فيه من كل وجهةٍ / لأهل الردى حدّ مدى الدهر باترُ
لقد أصبحتْ آراؤه وكأنها / نجومٌ لدى الخطبِ البهيم زواهرُ
لقد عُذْتُ من هذا الزمان وشرّه / بمن هو ناهٍ فيه نهياً وآمرُ
بأروعَ أما مجدُه فهو عنده / مقيمٌ وأما مالُه فمسافرُ
مبيدَ العِدى بحرَ النّدى علَمَ الهدى / أكفُّك تهمي أم هوامَ هوامِرُ
أتى العامُ كي نحظى بقُربك ضاحكاً / وطائرُهُ الميمونُ بالسعدِ طائرُ
فعِشْ مثلَه ألفاً عزيزاً مكرماً / وأعداؤكَ السّودُ الوجوهِ صواغرُ
دعِ العذلَ إني أكره العذلَ والغَدْرا
دعِ العذلَ إني أكره العذلَ والغَدْرا / وإن خان من أهوى أقمتُ له العُذرا
ولم أرضَ أيضاً ما حييتُ جنايةً / فمثلي لا يرضى الجناية والغدرا
بَراني هوى ظبيٍ غريرٍ مهفهفٍ / كبدرِ الدُجى بل وجهُه يُخجِل البدرا
نذرتُ إذا ما زار في النوم مضجعي / خيالٌ له صوماً ولا أخلِفُ النّذرا
تأمّلْ ترى في طرفِه السّحرَ كامناً / وذُقْ ريقَه تلق المعتّقة الخمرا
إذا جاد لي يوماً بخمرةِ ثغرِه / على ظمأٍ أحسَسْتُ في كبدي جمرا
ذلِلْتُ به من بعدِ عزٍّ ومنعة / وأوسعتُه وصلاً فأوسعني هَجرا
إذا جئتُه أستنجزُ الوعدَ في الهوى / يرفّعُ عِرنيناً ويُسمعُني هُجرا
بوجنته روضٌ أنقٌ مدبّجٌ / يفتّحُ في عين الذي ينظرُ الزّهرا
بدا لي وكأس الخمرِ في يده بدت / فأبصرتُ بدراً يحملُ الأنجُم الزّهرا
وقد كنتُ في ليلٍ من الصدّ مظلمٍ / فلما بدا أبصرتُ في وجهه الفجرا
حوى الحسنَ والظّرفَ البديعَ كما حوى ال / إمامُ الفقيهُ الحافظُ الأمجدُ الفخرا
هو العالمُ العلاّمةُ العلَم الذي / له همّةٌ علياءُ جاوزتِ النّسْرا
له راحةٌ فيها لراجيه راحةٌ / إذا ما رآها معسِرٌ صاحَبَ اليُسرا
وأحسنُ ما فيه إذا جئت طالباً / ندى راحتَيه يُكثرُ الرّحْبَ والبِشرا
لقد طيّب الرحمن أخلاقه لنا / كما منه فينا طيّب الذِّكر والنّشرا
إذا ما رأيتَ الوافدينَ ببابه / فقُل لهمُ يهنيكمُ لكمُ البُشرى
ترى مالَه نهباً ترى عِرضَه حِمًى / وسؤدُدَه جمّاً ونائلَه غَمرا
حمى الفضلَ والمجدَ المؤثّلَ والحِجى / ولم أرَ زيداً قد حواها ولا عَمرا
وليس بمُفشٍ سرّ خِلٍّ وصاحبٍ / حفاظاً له حاشاهُ أن يفشيَ السّرا
على الخيرِ موقوفٌ برغمٍ عدوّه / ولم يره قطّ امرؤٌ يقصد الشّرا
وجوهُ أعاديه من الغيظِ أصبحتْ / على رغمِهم من فرطِ غيظهم صُفرا
جوادٌ بما تحوي يداه تبرّعاً / وراحتُه من جودِه لم تزلْ صِفْرا
عهدناهُ ذا فضلٍ ومجدٍ وهمّةٍ / عليماً علياً عالماً صادقاً بَرّا
فمَن مثلُه بين الورى أين مثله / يُميرُ البرايا كلما قحَطوا بُرّا
عليمٌ بأخبارِ الرسولِ وصحْبِه / وجدوى يديهِ تُخجِلُ الغيثَ والبحرا
بجَودِ يَديهِ زيّن الله للعلى / وللمجدِ والإفضالِ والسؤدُدِ النّحرا
أسيّدَنا خُذها إليك عروسةً / مجانسةَ الأبيات أخرجْتُها بِكرا
ولم أتكلّفْ مثلَ غيري صُنْعَها / ولم آتِ فيما قلتُ مفتخراً نُكرا
فدُم وارْقَ واسلَمْ وابقَ واعلُ وطُلْ وسُدْ / وعشْ ألفَ عامٍ هكذا بعدَها عَشْرا
فلا زلتَ دون العالمين بأسرِهم / تبدِّلُ يُسراً من رأيتَ به عُشْرا
وهيفاءَ فيها إن تأمّلت أمرَها
وهيفاءَ فيها إن تأمّلت أمرَها / عجائبُ لا يُبْدي سوى الفكر سرَّها
تقومُ ولكنْ ليس تنقُلُ رجلَها / وترنو ولكن ليس تُطْبق شفرَها
إذا نظرتْ منها النواظرُ دوحةً / رأت بأعاليها من النارِ نَوْرَها
وأبيضَ لونَ الآبنوسِ إذا سَرى
وأبيضَ لونَ الآبنوسِ إذا سَرى / تمزّقَ عن صبحٍ من العاجِ باهرِ
وإن خاضَ في بحرِ الثغورِ رأيتَهُ / يُنشِّرُنا أطرافُهُ بالجواهِرِ
شجَتْهُ بظهرِ الصالحيّةِ دورُ
شجَتْهُ بظهرِ الصالحيّةِ دورُ / أقام بها يبكي فليسَ يَسيرُ
منازلُ عفّى رسمَها بعد جِدّةٍ / سحابٌ أثارتْهُ الرياحُ غَريرُ
لئن أقفرتْ من شخصِ أسماءَ أدْوُرٌ / لقد عمَرَتْ منها الغداةَ صُدورُ
عجبتُ لها تنأى جفاً وخيالُها / يُلمُّ إذا جنّ الدُجى ويَزورُ
ولي عندَ زَوْرِ الطيفِ من طيبِ نَشْرِها / ومن فيضِ دمعي روضةٌ وغَديرُ
ولمّا بدَتْ أسماءُ يخطُرُ حولَها / كواعبٌ يصرَعْنَ البيبَ وحورُ
حكتْ ما بقلبي من غرامٍ روادفٌ / وما لي من صبرٍ لهنّ خُصورُ
وأبصرتُ كُثْباناً يميسُ يمينُها / غصونٌ ومن فوق الغصونِ بُدورُ
مَرَرْن بغِزْلانِ الصريمةِ فالتقى / أنيسٌ على حافاتِها ونَفورُ
ودانَيْنَ أكنافَ الحِمى فتشابهَتْ / ثغورُ أقاحٍ في الرُبى وثُغورُ
ألا قاتلَ اللهُ العيونَ فإنّها / تحكّمُ فينا عزةً وتَجورُ
تتبّعُ حبّاتُ القلوبِ كأنّها / لها عند حبّاتِ القلوبِ ثُؤورُ
أقاطعةً حبلَ الوصالِ ترفّقي / قليلاً فقلبي في يديكِ أسيرُ
نسيتُنّ عهداً قد عقدناهُ بيننا / وإني له يا هذه لذَكورُ
وما ذاك إلا أن بدا لك مَوْهِناً / فراعكَ بين العارضينَ قَتيرُ
وفيفاءَ تكبو الريحُ في جنَباتِها / ويرجِعُ عنها الطرفُ وهو حَسيرُ
تعسّفتُها ثبْتَ الجَنانِ ببازلٍ / تكادُ إذا استنّ الطريقُ تطيرُ
يقول الحُدا فيها وقد رُفعت من الد / ياجي لأسفارِ الصّباحِ سُتورُ
كأنّ بياضَ الصبحِ في حالِكِ الدُجى / من البيضِ مفتوقُ الأديمِ شَهيرُ
فقلتُ بعُدْتُمْ بل حكى وجهَ أحمدٍ / كذلك يسْري ضوؤه ويَنورُ
فقالوا جميعاً قد أصَبْتَ شبيهَهُ / لعمرُك ما في ذي المقالةِ زُورُ
أبا طاهرٍ فخراً بما قد حوَيْتَه / فما لك في أهلِ الزمانِ نظيرُ
محيّاك هذا ألبسَ العيدَ حُلّة / بها وجهُه للناظرينَ يَنورُ
أقمتَ منارَ العلمِ شرْقاً ومغرِباً / فأحكامُه طُراً عليك تَدورُ
حميتَ ببذْلِ الجودِ عِرْضَكَ فاحتَمى / وللعِرْضِ من بذْلِ المكارمِ سُورُ
أُريتَ سحابَ الجودِ في أفُقِ الدُجى / فبابُك من ماءِ السحابِ مطيرُ
فلا غرْوَ إذ كانتْ أياديكَ لم تزَلْ / تسُحّ النّدى أن لا يكونَ فقيرُ
إليك أتَتْ تطوي الفَيافي ركائبي / ولما يخِبْ ركبٌ إليك يَسيرُ
إذا لم تُجِرْنا من صروفٍ تواترتْ / علينا فمَنْ هذا سواكَ يُجيرُ
فلا زِلْتِ في عزٍ نجومَ سُعودِه / وإن طالتِ الأيامُ ليس تَغورُ
بعينيهِ شُكْري لا بكأسِ عُقارِهِ
بعينيهِ شُكْري لا بكأسِ عُقارِهِ / رشاً صادَ آسادَ الشرى بنُفارِهِ
فيا حبّذا خمرُ الفتورِ يُديرُها / على وردِ خديْهِ وآسِ عِذارِه
سَقاني فلما أن تملّكَني الهَوى / ثنى معطَفَيْهِ عن صريعِ خُمارِهِ
فللبدرِ ما يُبديهِ فوق لِثامِه / وللغُصْنِ ما يُخفيهِ تحت إزارِه
تضيءُ بروقُ البيضِ دون اجتلائهِ / وتهوي نجومُ السُمرِ دون اقْتِسارِه
وقد غَنيتْ أعطافُهُ عن رِماحِه / كما غنِيَتْ أشْفارُهُ عن شِفارِه
لئن كان طرْفي مُقْفراً من جَمالِه / فإنّ فؤادي عامرٌ بادِّكارِه
وواللهِ لولا أنه جنّة المُنى / لَما كان محفوفاً لنا بالمكارِهِ
وفي فلكِ الأحداجِ بدرُ محاسنٍ / كسَتْهُ أيادي البين ثوبَ سِرارِه
كأنّ الثريّا والهلالَ تقاسما / جمالَهُما من قُرطِهِ وسِوارِه
وكم جرّدتْ دونَ الظِباءِ من الظُبى / لقتلِ شحٍ لا يُرْتَجى أخذُ ثارِه
وما أطلقت بالسّحْر غزلانُ بابلٍ / لواحظَها إلا انثنى في إسارِه
إذا غرَسَتْ أيدي الصبابةِ في الحشا / أصولَ الهوى فالوجدُ بعضُ ثِمارِه
إذا هبّ نجديُّ النسيمِ أخالَهُ / سموماً بما يُمْليهِ من وهْجِ نارِه
ومن لي بطيفٍ من تهامةَ طارقٍ / على بُعْدِ مَسراهُ ونأيِ مزارِه
غراماً بباناتِ اللِوى وأراكِه / وشوقاً الى قُلاّمِه وعَرارِه
ووجداً كوجدِ الحافظِ الحَبِر العُلا / يضيءُ شموساً في سماءِ افتخارِه
يجودُ فللعافي جزيلُ نوالِه / ويعفو فللجاني جميلُ اغتفارِه
ويُغْني عيونَ المُجْتَدين وعيشُهُمْ / بنضْرتِه مملوءة ونُضارِه
نمَتْه الى المجدِ المؤمّلِ عُصبةٌ / أشادوا بناءَ المجدِ بعد دثارِه
رَقوا رُتَبَ العلياءِ إرثاً وسؤدداً / وكم مستجدِ المجدِ أو مُستَعارِه
إذا ادّخر المالَ الأنامُ أفادَه / جوادٌ يَرى الإسعافَ خيرَ ادّخارِه
ولا فضلَ في نيلِ العُلا دون بذلِه / كذا الماءُ يَرْوي من صدًى في قرارِه
إذا هزّ في الطُرْسِ اليراعَ منمَّقاً / تصرّفتِ الأقدارُ طوعَ اقتدارِه
جَلا سُدُفاتِ الجهلِ شارقُ عِلْمِه / كما صدعَ الإظلامَ ضوءُ نهارِه
إمامٌ غدا المحرابُ والجودُ دأبَهُ / وكم عاكفٍ في خمرِه وخُمارِه
وجوٍّ يُصيبُ العيدَ غيثاً سحابُه / وقدرُ سماءِ المجدِ قُطْبُ مَدارِه
عميمٌ بلِ الإحسانُ يُمْنُ يمينِه / لمَنْ يترجّاهُ ويُسْرُ يسارِه
تضيءُ بروقُ البِشْرِ في صَفَحاتِه / وتعشو عيونُ الطارقينَ لنارِه
فحسبُ الأماني أن يُضيءَ جبينُه / وحسبُ المنايا أن يُناخَ بِدارِه
جدَتْ سُحُبُ الآمالِ ريحَ ارتياحِه / يُحكمُها كيفَ اشتهتْ في بِحارِه
فبتْ جارَه إن شئتَ أن تُدْركَ العُلا / وإن شئتَ أن تلقى المنونَ فجارِه
هنيئاً له الشهرُ الأصمُّ وأنّهُ / لَيسمَعُ ما نظّمْتُه في مَنارِه
فلا زال يُكْسى حُلّةَ الفضلِ عِطْفُهُ / وكلُّ معادٍ لابسٍ ثوبَ عارِهِ
ولما بَدا ركْبُ السحابِ تسوقُه
ولما بَدا ركْبُ السحابِ تسوقُه / حُداةُ الرياحِ الهوجِ وهي تُزمجِرُ
ركنتُ لبيت أستجَنُ من الحَيا / بهِ وإذا غيثٌ من السقفِ يقطُرُ
فلا فرقَ ما بين السحابِ وبينِه / سوى أنّ ذا صافٍ وذاك مكدَّرُ
أعن وسَنٍ ترنو عيونُك أم سُكْرِ
أعن وسَنٍ ترنو عيونُك أم سُكْرِ / أم اسْترَقَتْ من بابلٍ صنعةَ السِّحْرِ
وهلْ حملَتْ تلك الروادفُ أغصناً / تأوّدَ في أوراقِ أبرادِها الخُضْرِ
وما لحُدَوجِ العامليّةِ حُرِّمَتْ / زيارتُها إلا على المَهْمَهِ القَفْرِ
كفى حزَناً أن لا تَزاوُرَ بينَنا / على القُربِ إلا بالخيالِ الذي يسْري
وقَفْرٍ كأطرافِ المواضي قطعتُهُ / برَكْبٍ كأطرافِ المُثقّفَةِ السُمرِ
وقد شقّ صدرُ الأفْقِ عن قلب بدرِه / كما نشَروا طيّ الصحيفةِ عن عَشْرِ
وما راقَني إلا حمائمُ أنجُمٍ / تحومُ من الفجرِ والمُطلِّ على نهْرِ
إذا بلغْت بابَ الأعزِّ ركائبي / فلا شُدَّتِ الأكوارُ منها على ظهْرِ
إمامٌ إذا استنصرْتَهُ في مُلمّةٍ / قَضاها ببيضٍ من عزائمه بُتْرُ
نوالٌ كما قد سحّ مُنبجِسِ الحَيا / وعزمٌ كما قد شُبّ متّقدُ الجُمْرِ
عليه يمينٌ أن تفيضَ يمينُه / بيُمْنٍ وأن تنهلّ يُسْراهُ باليُسْرِ
سأحمِلُ من فِكْري إليه طرائفاً / من الشِعْرِ قامتْ للمُقصِّرِ بالعُذْرِ
خفضتُ بها الأشواقَ حتى كأنّها / وإن رفعتْني الآن من أحرفِ الجرِّ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025