المجموع : 9
أَقول رياضٌ إِذْ تُرَصِّعُها زَهْرا
أَقول رياضٌ إِذْ تُرَصِّعُها زَهْرا / أَقول سَمَاءٌ إِذ تُلْمِّعُها زُهْرا
أَقولُ سيوفٌ إِذ تُجَرِّدُها بُتْرَا / أَقولُ شُفوفٌ إِذ تُرَدِّدُها بُتْرَا
معانٍ بإِمعانٍ هيَ النَّدُّ والنَّدَى / حريقٌ رحيقٌ سائِلِ الجَمْرَ والخَمْرَا
تَعَلَّقَ حظِّي بالحضيضِ فخَلِّه / وإِخلادَهُ يا مُلْحِقَ الشعرِ بالشِّعْرَى
وعندِيَ فكرٌ قَدِّم الكافَ تُلْفِهِ / بِهِ فَهْوَ فِكْرٌ ما عَدِمْتُ به كُفْرا
تَغيَّرَ مثلَ الدَّهْرِ فاسْمَع حكايَةً / أَتيتُ بها نَظْماً وإِن عُرفَتْ نثرا
أَقولُ له زَيْدٌ فيَسْمَعُ خالِداً / ويكتُبُه بكراً ويقْرَأَهُ غَمْرا
وأَما الطُّيوُر المُرْسَلاَتُ فإِنَّها / طوائِرُ مِدْحاتٍ أَبَتْ تَأْلَفُ الوَكْرا
نَصَبْتُ لها لو سَاعَدَتْ شَرَكَ النُّهى / وأَوسَعْتُها من حَبِّ شُغْلِي بها بِذْرَا
وقلتُ عَسَى البَبْغَاءُ يأْتي بِبُغْيَةٍ / أَو النَّسْرُ يُولِي مثلَ تَصْحِيفهِ بُسْرا
فَما كان إلا بلبلٌ لبلابِلِي / أَتَى أَوْ حُبَارَى كنتُ من قَبْلِها الحَبْرَا
فَلا خَيْرَ لليَعْقُوبِ منَّا فإِنَّهُ / عِقابٌ ولا الكُرْكِيِّ من حيثُ ماكَرَّا
وَلا رُزِقَتْ مِنِّي خلاصاً وكيفَ لا / غَلِطْتُ فسامِحْنِي أَلم تُولِها الحَصْرا
وكنتُ سُلَيْماناً لفَهْمِ لُغاتِها / ومذ سَلَبُوني خاتَمِي سَلَبُوا الأَمْرا
فَدَعْ ذا وَعدِّ الأَمرَ عنه ونُصَّ لِي / أَحادِيثَ أُخْرَى لا بَرِحْتَ لنا ذُخرا
فماذا ترى في ناكحٍ بِنْتَ غيرِهِ / بلا غَيْرَةٍ منهُ ولم يَدْفَعِ المَهْرا
وكنتُ أَرَى يوماً ويَوْمَيْنِ مُدَّةً / وقد زاد حتى كادَ أَنْ يَبْلُغَ الشَّهْرا
فإِنْ قُلْتَ لِي لا بُدَّ منهُ فعاجِلٌ / وإِلا فمَنْ هذا الذي يَضْمَنُ العُمْرا
وقد مَرّ لي في ذا النهارِ عجيبَةٌ / لو اعتْمَدَتْ كِسْرَى لما أَمِنَ الكَسْرَا
شَكَتْ لِيَ نَفِسي العُسْرَ ثم تأَلَّمَتْ / فقلتُ لبعضِ الأَصدقاءِ ادْفَعِ العُسْرا
وجئني بها عَشْراً ثقالاً فقالَ ها / وقَبَّل من كَفِّي لأَقْبَلَها العَشْرَا
فيا حُسْنَها صُفْراً ويا قُبْحَ مَوْضِع / عَدَا بَعْدَها منها ولم أَعْتَرِفْ صِفْرا
وكنتُ كَمَنْ عَيْنَاهُ تَرْقُبُ فَجْرَهُ / فلما تَبَدَّى الفَجْرُ أَوْسَعَنَا الفَجْرا
بثَثْتُكَ سِرِّي والحديثُ كما حَكَوْا / شُجونٌ فيا صَدْرَ الكمالِ احْفَظِ السِّرَّا
لهنّ ربوعٌ بالعقيقِ دواثرُ
لهنّ ربوعٌ بالعقيقِ دواثرُ / خلتْ وقلوبُ العاشقين عوامرُ
منازلُ لا عهدُ الشبابِ يعودُ لي / بهنّ ولا بعدَ الفراقِ الجاذرُ
لقد فقدَتْ عيني المنامَ لفقدِهم / فهل أنا يوماً للأحبّة ناظرُ
أبيتُ أراعي النجم حتى كأنني / رقيبٌ عليه أو جليسٌ مسامرُ
وفي الكِلّةِ الورديّةِ اللونِ ساحرٌ / وما آفةُ العشّاقِ إلا السواحرُ
نَفورٌ يصيدُ القلبَ وقت نفارِه / فوا عجبا من صائدٍ وهْو نافرُ
له منظرٌ لم تبلُغِ العينُ وصفَه / جمالاً غدَتْ وَقْفاً عليه المناظرُ
لقد كسّرَتْ أُسْدَ العرين لحاظُه / كذا كل مكسور اللواحظِ كاسرُ
جفا وحَمى عينيّ طيفَ خيالِه / وقد كان طيفٌ في الكرى منه زائر
لقد طال ليلي بعد فُرقتِه أما / لليل فراقِ الحَبِّ يا قومُ آخرُ
الى ضمّرٍ راحت بنا أريحيّةٌ / يُبيدُ الفيافي سيرُها المُتواتِرُ
شققتُ بها ثوبَ الظلامِ مخاطراً / ولن يبلُغَ الحاجات إلا المخاطرُ
وأصبحتُ أحدوها على عجلٍ الى / أجلِّ امرئٍ تُحدى إليه الضوامِرُ
الى الحافظ الحبر الإمام الذي غدا / يُراوحُنا إنعامه ويُباكر
الى ذي سماحٍ لو يعدَّدُ فضله / الى أن يكون الرّمْلُ ممّن يكاثِرُ
تقيٌّ نقيٌّ طاهرُ الذيل أروعٌ / على وجهه نورُ الديانة ظاهرُ
الى السوءِ والفحشاءِ غيرُ مبادرٍ / ولكن الى نيلِ الثوابِ مُبادرُ
أوائلُ هذا البيت تُعرَفُ بالتقى / وبالدين من دون الورى والأواخرُ
يجودُ ويبدي للعُفاةِ تبسُّماً / كذا البرقُ يأتي والسحابُ المواطرُ
هو البحر يعطي للذي يستميحُه / جواهرَ تأتي إثرهنّ جواهرُ
هو الصبحُ إلا أن ذاك تُزيلُه الد / ياجي وهذا في دُجى الليل زاهرُ
هو السيف لكن فيه من كل وجهةٍ / لأهل الردى حدّ مدى الدهر باترُ
لقد أصبحتْ آراؤه وكأنها / نجومٌ لدى الخطبِ البهيم زواهرُ
لقد عُذْتُ من هذا الزمان وشرّه / بمن هو ناهٍ فيه نهياً وآمرُ
بأروعَ أما مجدُه فهو عنده / مقيمٌ وأما مالُه فمسافرُ
مبيدَ العِدى بحرَ النّدى علَمَ الهدى / أكفُّك تهمي أم هوامَ هوامِرُ
أتى العامُ كي نحظى بقُربك ضاحكاً / وطائرُهُ الميمونُ بالسعدِ طائرُ
فعِشْ مثلَه ألفاً عزيزاً مكرماً / وأعداؤكَ السّودُ الوجوهِ صواغرُ
دعِ العذلَ إني أكره العذلَ والغَدْرا
دعِ العذلَ إني أكره العذلَ والغَدْرا / وإن خان من أهوى أقمتُ له العُذرا
ولم أرضَ أيضاً ما حييتُ جنايةً / فمثلي لا يرضى الجناية والغدرا
بَراني هوى ظبيٍ غريرٍ مهفهفٍ / كبدرِ الدُجى بل وجهُه يُخجِل البدرا
نذرتُ إذا ما زار في النوم مضجعي / خيالٌ له صوماً ولا أخلِفُ النّذرا
تأمّلْ ترى في طرفِه السّحرَ كامناً / وذُقْ ريقَه تلق المعتّقة الخمرا
إذا جاد لي يوماً بخمرةِ ثغرِه / على ظمأٍ أحسَسْتُ في كبدي جمرا
ذلِلْتُ به من بعدِ عزٍّ ومنعة / وأوسعتُه وصلاً فأوسعني هَجرا
إذا جئتُه أستنجزُ الوعدَ في الهوى / يرفّعُ عِرنيناً ويُسمعُني هُجرا
بوجنته روضٌ أنقٌ مدبّجٌ / يفتّحُ في عين الذي ينظرُ الزّهرا
بدا لي وكأس الخمرِ في يده بدت / فأبصرتُ بدراً يحملُ الأنجُم الزّهرا
وقد كنتُ في ليلٍ من الصدّ مظلمٍ / فلما بدا أبصرتُ في وجهه الفجرا
حوى الحسنَ والظّرفَ البديعَ كما حوى ال / إمامُ الفقيهُ الحافظُ الأمجدُ الفخرا
هو العالمُ العلاّمةُ العلَم الذي / له همّةٌ علياءُ جاوزتِ النّسْرا
له راحةٌ فيها لراجيه راحةٌ / إذا ما رآها معسِرٌ صاحَبَ اليُسرا
وأحسنُ ما فيه إذا جئت طالباً / ندى راحتَيه يُكثرُ الرّحْبَ والبِشرا
لقد طيّب الرحمن أخلاقه لنا / كما منه فينا طيّب الذِّكر والنّشرا
إذا ما رأيتَ الوافدينَ ببابه / فقُل لهمُ يهنيكمُ لكمُ البُشرى
ترى مالَه نهباً ترى عِرضَه حِمًى / وسؤدُدَه جمّاً ونائلَه غَمرا
حمى الفضلَ والمجدَ المؤثّلَ والحِجى / ولم أرَ زيداً قد حواها ولا عَمرا
وليس بمُفشٍ سرّ خِلٍّ وصاحبٍ / حفاظاً له حاشاهُ أن يفشيَ السّرا
على الخيرِ موقوفٌ برغمٍ عدوّه / ولم يره قطّ امرؤٌ يقصد الشّرا
وجوهُ أعاديه من الغيظِ أصبحتْ / على رغمِهم من فرطِ غيظهم صُفرا
جوادٌ بما تحوي يداه تبرّعاً / وراحتُه من جودِه لم تزلْ صِفْرا
عهدناهُ ذا فضلٍ ومجدٍ وهمّةٍ / عليماً علياً عالماً صادقاً بَرّا
فمَن مثلُه بين الورى أين مثله / يُميرُ البرايا كلما قحَطوا بُرّا
عليمٌ بأخبارِ الرسولِ وصحْبِه / وجدوى يديهِ تُخجِلُ الغيثَ والبحرا
بجَودِ يَديهِ زيّن الله للعلى / وللمجدِ والإفضالِ والسؤدُدِ النّحرا
أسيّدَنا خُذها إليك عروسةً / مجانسةَ الأبيات أخرجْتُها بِكرا
ولم أتكلّفْ مثلَ غيري صُنْعَها / ولم آتِ فيما قلتُ مفتخراً نُكرا
فدُم وارْقَ واسلَمْ وابقَ واعلُ وطُلْ وسُدْ / وعشْ ألفَ عامٍ هكذا بعدَها عَشْرا
فلا زلتَ دون العالمين بأسرِهم / تبدِّلُ يُسراً من رأيتَ به عُشْرا
وهيفاءَ فيها إن تأمّلت أمرَها
وهيفاءَ فيها إن تأمّلت أمرَها / عجائبُ لا يُبْدي سوى الفكر سرَّها
تقومُ ولكنْ ليس تنقُلُ رجلَها / وترنو ولكن ليس تُطْبق شفرَها
إذا نظرتْ منها النواظرُ دوحةً / رأت بأعاليها من النارِ نَوْرَها
وأبيضَ لونَ الآبنوسِ إذا سَرى
وأبيضَ لونَ الآبنوسِ إذا سَرى / تمزّقَ عن صبحٍ من العاجِ باهرِ
وإن خاضَ في بحرِ الثغورِ رأيتَهُ / يُنشِّرُنا أطرافُهُ بالجواهِرِ
شجَتْهُ بظهرِ الصالحيّةِ دورُ
شجَتْهُ بظهرِ الصالحيّةِ دورُ / أقام بها يبكي فليسَ يَسيرُ
منازلُ عفّى رسمَها بعد جِدّةٍ / سحابٌ أثارتْهُ الرياحُ غَريرُ
لئن أقفرتْ من شخصِ أسماءَ أدْوُرٌ / لقد عمَرَتْ منها الغداةَ صُدورُ
عجبتُ لها تنأى جفاً وخيالُها / يُلمُّ إذا جنّ الدُجى ويَزورُ
ولي عندَ زَوْرِ الطيفِ من طيبِ نَشْرِها / ومن فيضِ دمعي روضةٌ وغَديرُ
ولمّا بدَتْ أسماءُ يخطُرُ حولَها / كواعبٌ يصرَعْنَ البيبَ وحورُ
حكتْ ما بقلبي من غرامٍ روادفٌ / وما لي من صبرٍ لهنّ خُصورُ
وأبصرتُ كُثْباناً يميسُ يمينُها / غصونٌ ومن فوق الغصونِ بُدورُ
مَرَرْن بغِزْلانِ الصريمةِ فالتقى / أنيسٌ على حافاتِها ونَفورُ
ودانَيْنَ أكنافَ الحِمى فتشابهَتْ / ثغورُ أقاحٍ في الرُبى وثُغورُ
ألا قاتلَ اللهُ العيونَ فإنّها / تحكّمُ فينا عزةً وتَجورُ
تتبّعُ حبّاتُ القلوبِ كأنّها / لها عند حبّاتِ القلوبِ ثُؤورُ
أقاطعةً حبلَ الوصالِ ترفّقي / قليلاً فقلبي في يديكِ أسيرُ
نسيتُنّ عهداً قد عقدناهُ بيننا / وإني له يا هذه لذَكورُ
وما ذاك إلا أن بدا لك مَوْهِناً / فراعكَ بين العارضينَ قَتيرُ
وفيفاءَ تكبو الريحُ في جنَباتِها / ويرجِعُ عنها الطرفُ وهو حَسيرُ
تعسّفتُها ثبْتَ الجَنانِ ببازلٍ / تكادُ إذا استنّ الطريقُ تطيرُ
يقول الحُدا فيها وقد رُفعت من الد / ياجي لأسفارِ الصّباحِ سُتورُ
كأنّ بياضَ الصبحِ في حالِكِ الدُجى / من البيضِ مفتوقُ الأديمِ شَهيرُ
فقلتُ بعُدْتُمْ بل حكى وجهَ أحمدٍ / كذلك يسْري ضوؤه ويَنورُ
فقالوا جميعاً قد أصَبْتَ شبيهَهُ / لعمرُك ما في ذي المقالةِ زُورُ
أبا طاهرٍ فخراً بما قد حوَيْتَه / فما لك في أهلِ الزمانِ نظيرُ
محيّاك هذا ألبسَ العيدَ حُلّة / بها وجهُه للناظرينَ يَنورُ
أقمتَ منارَ العلمِ شرْقاً ومغرِباً / فأحكامُه طُراً عليك تَدورُ
حميتَ ببذْلِ الجودِ عِرْضَكَ فاحتَمى / وللعِرْضِ من بذْلِ المكارمِ سُورُ
أُريتَ سحابَ الجودِ في أفُقِ الدُجى / فبابُك من ماءِ السحابِ مطيرُ
فلا غرْوَ إذ كانتْ أياديكَ لم تزَلْ / تسُحّ النّدى أن لا يكونَ فقيرُ
إليك أتَتْ تطوي الفَيافي ركائبي / ولما يخِبْ ركبٌ إليك يَسيرُ
إذا لم تُجِرْنا من صروفٍ تواترتْ / علينا فمَنْ هذا سواكَ يُجيرُ
فلا زِلْتِ في عزٍ نجومَ سُعودِه / وإن طالتِ الأيامُ ليس تَغورُ
بعينيهِ شُكْري لا بكأسِ عُقارِهِ
بعينيهِ شُكْري لا بكأسِ عُقارِهِ / رشاً صادَ آسادَ الشرى بنُفارِهِ
فيا حبّذا خمرُ الفتورِ يُديرُها / على وردِ خديْهِ وآسِ عِذارِه
سَقاني فلما أن تملّكَني الهَوى / ثنى معطَفَيْهِ عن صريعِ خُمارِهِ
فللبدرِ ما يُبديهِ فوق لِثامِه / وللغُصْنِ ما يُخفيهِ تحت إزارِه
تضيءُ بروقُ البيضِ دون اجتلائهِ / وتهوي نجومُ السُمرِ دون اقْتِسارِه
وقد غَنيتْ أعطافُهُ عن رِماحِه / كما غنِيَتْ أشْفارُهُ عن شِفارِه
لئن كان طرْفي مُقْفراً من جَمالِه / فإنّ فؤادي عامرٌ بادِّكارِه
وواللهِ لولا أنه جنّة المُنى / لَما كان محفوفاً لنا بالمكارِهِ
وفي فلكِ الأحداجِ بدرُ محاسنٍ / كسَتْهُ أيادي البين ثوبَ سِرارِه
كأنّ الثريّا والهلالَ تقاسما / جمالَهُما من قُرطِهِ وسِوارِه
وكم جرّدتْ دونَ الظِباءِ من الظُبى / لقتلِ شحٍ لا يُرْتَجى أخذُ ثارِه
وما أطلقت بالسّحْر غزلانُ بابلٍ / لواحظَها إلا انثنى في إسارِه
إذا غرَسَتْ أيدي الصبابةِ في الحشا / أصولَ الهوى فالوجدُ بعضُ ثِمارِه
إذا هبّ نجديُّ النسيمِ أخالَهُ / سموماً بما يُمْليهِ من وهْجِ نارِه
ومن لي بطيفٍ من تهامةَ طارقٍ / على بُعْدِ مَسراهُ ونأيِ مزارِه
غراماً بباناتِ اللِوى وأراكِه / وشوقاً الى قُلاّمِه وعَرارِه
ووجداً كوجدِ الحافظِ الحَبِر العُلا / يضيءُ شموساً في سماءِ افتخارِه
يجودُ فللعافي جزيلُ نوالِه / ويعفو فللجاني جميلُ اغتفارِه
ويُغْني عيونَ المُجْتَدين وعيشُهُمْ / بنضْرتِه مملوءة ونُضارِه
نمَتْه الى المجدِ المؤمّلِ عُصبةٌ / أشادوا بناءَ المجدِ بعد دثارِه
رَقوا رُتَبَ العلياءِ إرثاً وسؤدداً / وكم مستجدِ المجدِ أو مُستَعارِه
إذا ادّخر المالَ الأنامُ أفادَه / جوادٌ يَرى الإسعافَ خيرَ ادّخارِه
ولا فضلَ في نيلِ العُلا دون بذلِه / كذا الماءُ يَرْوي من صدًى في قرارِه
إذا هزّ في الطُرْسِ اليراعَ منمَّقاً / تصرّفتِ الأقدارُ طوعَ اقتدارِه
جَلا سُدُفاتِ الجهلِ شارقُ عِلْمِه / كما صدعَ الإظلامَ ضوءُ نهارِه
إمامٌ غدا المحرابُ والجودُ دأبَهُ / وكم عاكفٍ في خمرِه وخُمارِه
وجوٍّ يُصيبُ العيدَ غيثاً سحابُه / وقدرُ سماءِ المجدِ قُطْبُ مَدارِه
عميمٌ بلِ الإحسانُ يُمْنُ يمينِه / لمَنْ يترجّاهُ ويُسْرُ يسارِه
تضيءُ بروقُ البِشْرِ في صَفَحاتِه / وتعشو عيونُ الطارقينَ لنارِه
فحسبُ الأماني أن يُضيءَ جبينُه / وحسبُ المنايا أن يُناخَ بِدارِه
جدَتْ سُحُبُ الآمالِ ريحَ ارتياحِه / يُحكمُها كيفَ اشتهتْ في بِحارِه
فبتْ جارَه إن شئتَ أن تُدْركَ العُلا / وإن شئتَ أن تلقى المنونَ فجارِه
هنيئاً له الشهرُ الأصمُّ وأنّهُ / لَيسمَعُ ما نظّمْتُه في مَنارِه
فلا زال يُكْسى حُلّةَ الفضلِ عِطْفُهُ / وكلُّ معادٍ لابسٍ ثوبَ عارِهِ
ولما بَدا ركْبُ السحابِ تسوقُه
ولما بَدا ركْبُ السحابِ تسوقُه / حُداةُ الرياحِ الهوجِ وهي تُزمجِرُ
ركنتُ لبيت أستجَنُ من الحَيا / بهِ وإذا غيثٌ من السقفِ يقطُرُ
فلا فرقَ ما بين السحابِ وبينِه / سوى أنّ ذا صافٍ وذاك مكدَّرُ
أعن وسَنٍ ترنو عيونُك أم سُكْرِ
أعن وسَنٍ ترنو عيونُك أم سُكْرِ / أم اسْترَقَتْ من بابلٍ صنعةَ السِّحْرِ
وهلْ حملَتْ تلك الروادفُ أغصناً / تأوّدَ في أوراقِ أبرادِها الخُضْرِ
وما لحُدَوجِ العامليّةِ حُرِّمَتْ / زيارتُها إلا على المَهْمَهِ القَفْرِ
كفى حزَناً أن لا تَزاوُرَ بينَنا / على القُربِ إلا بالخيالِ الذي يسْري
وقَفْرٍ كأطرافِ المواضي قطعتُهُ / برَكْبٍ كأطرافِ المُثقّفَةِ السُمرِ
وقد شقّ صدرُ الأفْقِ عن قلب بدرِه / كما نشَروا طيّ الصحيفةِ عن عَشْرِ
وما راقَني إلا حمائمُ أنجُمٍ / تحومُ من الفجرِ والمُطلِّ على نهْرِ
إذا بلغْت بابَ الأعزِّ ركائبي / فلا شُدَّتِ الأكوارُ منها على ظهْرِ
إمامٌ إذا استنصرْتَهُ في مُلمّةٍ / قَضاها ببيضٍ من عزائمه بُتْرُ
نوالٌ كما قد سحّ مُنبجِسِ الحَيا / وعزمٌ كما قد شُبّ متّقدُ الجُمْرِ
عليه يمينٌ أن تفيضَ يمينُه / بيُمْنٍ وأن تنهلّ يُسْراهُ باليُسْرِ
سأحمِلُ من فِكْري إليه طرائفاً / من الشِعْرِ قامتْ للمُقصِّرِ بالعُذْرِ
خفضتُ بها الأشواقَ حتى كأنّها / وإن رفعتْني الآن من أحرفِ الجرِّ