القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الوَرْدي الكل
المجموع : 12
فأحفظَهُ هذا الكلامُ وغاظَهُ
فأحفظَهُ هذا الكلامُ وغاظَهُ / وأنشدني في صدِّهِ وازوِرارِهِ
دمشقُ كما كنتَ تَسَمَّعُ جنَّةٌ / ألمْ تَرَها محفوفةً بالمكارِهِ
أقبِّلُ أطرافَ السهامِ إخالُها
أقبِّلُ أطرافَ السهامِ إخالُها / نبالَ لحاظٍ قدْ أُصيبَ بها صدري
وأعتنقُ الهنديَّ والرمحَ في الوغى / لأنَّهما من جملةِ البيضِ والسمرِ
إذا ما تعاصى مَنْ تحبُّ لقاءَهُ
إذا ما تعاصى مَنْ تحبُّ لقاءَهُ / عنِ الوصلِ واستولى عليهِ التَّغيُّرُ
فأرسلْ لهُ الدينارَ فهْوَ طبيبُهُ / ومِنْ عجبِ الدنيا طبيبٌ مصفَّرُ
علا لكَ ذكرٌ لا يشابهُهُ ذكرُ
علا لكَ ذكرٌ لا يشابهُهُ ذكرُ / وحزْتَ فخاراً ليسَ يدركُهُ الفخرُ
هنيئاً بنعمى خلَّد اللهُ ذكرَها / وطال بها بشْرٌ وطابَ لها نشرُ
نصرْتَ بفتحِ الناصريَّةِ دينَنا / ألا في سبيل اللهِ ذا الفتحُ والنصرُ
وسميتَها دارَ الحديثِ لأنها / حديثةُ عهدٍ جاءَ في نزعِها الأمرُ
وهمزاً قلبتَ الكافِ فَهْيَ أنيسةٌ / لعمرُكَ لي قلبٌ بذا القلبِ مُنْسَرُّ
فكم حَسَدَتْها بَيْعَةٌ وكنيسةٌ / وقد فُكَّ من أيدي اليهودِ لها أَسْرُ
عقدتَ لها الإجماعَ فانتثرتْ لهم / دموعٌ وعندَ العقدِ لا يُنكرُ النثرُ
وأحييتَها بالدرسِ بعدَ اندراسِها / وصارَ لذكرِ اللهِ في ربعها جَهْرُ
وضاعفْتَ أمراضَ اليهودِ بنزعِها / فأوجُهُهم تحكي عمائمهمْ صُفْرُ
لئنْ أحزنَ الحزَّانَ ذكرُ محمدٍ / بها فكليمُ اللهِ للحقِّ يفترُّ
بذا قلبُ حزَّان الملاعينِ نازحٌ / وذلكَ مِنْ وجهينِ فَلْيُفهم السرُّ
وكانتْ بلثغاتِ الخبيثين طامثاً / فتمَّ بذكرِ الطيبينَ لها العطرُ
تعمُّ المثاني السبعُ ستَّ جهاتِها / وخُصصَ بالتوحيدِ كلْماتُها العشرُ
وَمَنْ غاظَهُ هذا فليسَ بمسلمٍ / وهلْ مسلمٌ يختارُ أنْ يُنصرَ الكفرُ
فإن أُبْدِلَتْ عنْ صوتِ قرنٍ مؤذناً / فإبدالُ تعريفٍ منِ اسمٍ لهُ نكْرُ
صَرَفْتَهم عنْ ربعها إذْ أضفْتَهُمْ / إلى الذلِّ والمصروفُ يدخلُهُ الكسرُ
أيا حاتمَ الإسلامِ ودُّوا خلاصَها / بما ملكوا فليخسؤوا قضي الأمرُ
وقدْ علمَ الأقوامُ لو أن حاتماً / أرادَ ثراءَ المالِ كانَ لهُ وفرُ
ولو حلفوا أنَّا سننزعُ أختَها / لما وجبيتْ كفارةٌ ربَّما برُّوا
ونأخذُ منهمْ أَجْرَ سكناهمُ بها / وقد عُرف المبتاعُ وانفصلَ السعرُ
أيُنسى أذاهم للنبيِّ وبغضُهُمْ / وتكذيبُهُمْ والسمُّ في الشاةِ والسحرُ
كأنهمُ في التيهِ بعدُ فمنهمُ / تحققَ سلواهم وقدْ عظمَ المكرُ
وحقِّكَ ما هذا الذي تستحقُهُ ال / يهودُ ولا العشرانِ كلا ولا العشرُ
لقدْ فعلَتْ أقلامُكَ الحمرُ فيهم / منَ الحقِّ ما لا تفعلُ البيضُ والسمرُ
وقدْ أفرحَ النوريةَ الآنَ ما جرى / لجارتِها والجارُ بالجارِ ينسرُّ
أصاخَتْ إلى دارِ الحديثِ وأنصتَتْ / وكانَ بها عنْ سمعِ كفرهُم وَقْرُ
عجبتُ لها لمَّا حللْتُ بريعِها / وما رقصتْ عجْباً ولكنَّها صخرُ
وما بقيتْ واللهِ تخشى مذلةٌ / وأوقافُ نورِ الدينِ مِنْ خلفها ظهرُ
وكيفَ تخافُ النقصَ عندَ كمالها / وقدْ صارَ من قاضي القضاةِ لها ذخرُ
إمامٌ يؤمُّ المقترونَ جنابَهُ / وَمِنْ كفِّهِ في كلِّ قطرٍ لها قطرُ
حليفُ الندى غيظُ العدى صارفُ الردى / إمامُ الهدى فاتَ المدى جودُه الغمرُ
حوى العلمَ عنْ آياتِهِ ومعاشرٍ / من السادةِ الأنصارِ أوجُهُهُمْ زَهْرُ
أرى أنَّ ذا الإحرام يخرجُ فديةً / إذا ما جرى بينَ الحجيجِ لهُ ذكرُ
إذا قالَ أحيا الشافعي تفقهاً / ونقلاً وإنْ يسبرْ فيا حبذا السبرُ
وما منصبَ الشهباءِ كُفْواً لعلمِهِ / غلطتَ ولا دارُ السلامِ ولا مصرُ
فإنْ زُمَرُ الأحزابِ راموا امتحانَهُ / سبى ليلَ فرقانِ المجادلةِ النصرُ
ولو لم يؤثرْ عمرَهُ غيرَ هذِهِ / كَفَتْه وكم أخرى له عسرَ الحصرُ
أمنقذَها من بؤسِها وعنائها / فديتُكَ أنقذني فقدْ نَفَدَ العمرُ
فإني أرى غيباً بأني مُضَيَّعٌ / وكسبي منَ الحكمِ الخصوماتِ والوزرُ
مقيماً بأرضِ الحرثِ جاراً لمعشرٍ / وجوههمُ غُبْرٌ وأثوابُهُمْ حمرُ
يرون جميلاً أنهم لم يرفعوا / وليسَ لأهلِ القدرِ عندهمُ قدرُ
متى دخلَ الشهباءَ منهم جماعةٌ / لأشغالهمْ يخلو بخاطريَ الفكرُ
أقولُ عساهم أضمروا لي مكيدةً / لعلَّ انحرافاً أو بدا لهمُ غدرُ
وما ذاكَ عنْ ذنبٍ جنيتُ وإنما / عنانيَ عرضٌ عنْ مرافعةٍ بكرُ
وحُقَّ لمثلي صونُ عرضي فإنَّهُ / نقي بحمدِ اللهِ ما شانَهُ غَمْرُ
وكلهمُ راضٍ عليَّ وذاكري / بخيري ولكنْ لو عبثتُ لما قرُّوا
ولا خيرَ في مالِ الفتى بعدَ عرضِهِ / ولا عيشَ في الدنيا إذا قبَّحَ الذكرُ
بِذَيْلِ بديلِ الرافعي تَمَسُّكي / فقد مسَّني للبعدِ عن بابِهِ الضرُّ
سئمتُ مداراةَ الأراذلِ في الورى / وقدْ بانَ لي أنَّ القضا جبلٌ وعرُ
شريكُ شرورٍ لا سرورٍ نسيتُ ما / حفظْتُ ومما كنتُ حصَّلْتُ أجترُّ
تقدَّمني مَنْ كانَ خلفي وساءَني / خمولي ولكنْ هكذا يفعلُ البَرُّ
بُليتُ بحجرِ الحكمِ منْ زمنِ الصِّبا / فهلْ بكمالِ الحجرِ يرتفعُ الحجرُ
على أنني راضٍ بأنْ أليَ القضا / وأُعزلَ عنهُ لا أثامٌ ولا أجرُ
لئنْ زادَ مالُ المرءِ معْ نَقْصِ علمِهِ / فذلكَ خسرٌ لا يقابلُهُ خُسرُ
أيا أوحدَ الإسلامِ إني معوِّلٌ / عليكَ وما المملوكُ في قصدِهِ غرُّ
فوجهُكَ إنْ قابلتُهُ أو رأيتُهُ / يكونُ لقلبي بالمقابلةِ الجبرُ
أقلني منَ الأحكامِ في البرِّ محسناً / إليَّ بفصلي عَنْهُ يا مَنْ هو البحْرُ
ففي القلبِ مِنْ نيلِ الفروعِ ببابكم / أصولُ اشتياقٍ حَمْلُ أغصانِها جمرُ
شُغِلْتُ بحبِّ العلمِ عن رفعةِ القضا / أيلوي على الأصدافِ مَنْ قصدُهُ الدرُّ
تعجَّبَ قومٌ كيفَ أترك منصبي / وأرفضُهُ عمداً وما أنا مضطرُّ
وقالوا ترى مَنْ حلَّ في رتبةِ القضا / وفارقَها حتى يواريَهُ القبرُ
أرى العلمَ أعلى رتبةً لي منَ القضا / ولو لم يكنْ إلا فوائدُكَ الزهرُ
وأنتَ خبيرٌ بالقضاءِ وعسرِهِ / ألا فلعلَّ العسْرَ يتبعُهُ اليُسْرُ
إذا قيلَ قاضٍ بالعراقِ جرى له / كذا خلتُ أني ذاكَ واستحكمَ الذعرُ
وإنْ قاصدٌ منكمْ أتاني فانثنى / كما انتفضَ العصفورُ بللهُ القطرُ
طباعُ عفيفٍ لا يرى حبَّ منصبٍ / ولكنْ تشفِّي حاسديهِ بهِ مرُّ
ولي مِنْ هباتِ اللهِ عَنْ كلِّ ذا غنى / وإنْ دامَ بي هذا العناءُ فما العذرُ
قنعتُ فخلتُ النجمَ دوني رتبةً / وهيهاتَ خوفُ الفقرِ عندَ الغنى فقرُ
وفيَّ لتحصيلِ العلومِ بقيةٌ / فلا كبرٌ عنها يصدُّ ولا كِبْرُ
ومالي أرى الحكامَ غيرَكَ إنْ رأوا / ذكياً فأوفى حظِّهِ منهمُ الهجرُ
يولُّونَهُ في البرِّ قصدَ خمولِهِ / فيصبحُ ميِّتاً والضياعُ له قَبْرُ
ومثلُكَ لا يرضى لمثليَ بالقُرى / وفي النفسِ حاجاتٌ وفي سيدي جبرُ
فدونكها ورديةٌ عربيةٌ / سليلةَ بكريٍّ لها ودُّكمْ مَهْرُ
ولو أنني لم أنتسبْ ما خفِي على / ذكيٍّ بأنَّ الدرَّ معدنُهُ البحرُ
ولستُ بمدَّاحٍ ولا الشعرُ حرفتي / بلى لكمالِ النفسِ نظميَ النثرُ
ولو عَقَلَ الإنسانُ لم يهدِ مدحةً / إليكَ وهل يُهدى إلى هجرٍ تمرُ
بقيتَ بقاءَ المكرماتِ ونلتَ ما / تؤمِّلُهُ ما لاحَ في الظُّلَمِ البدرُ
وما أشبهَ الحمَّامَ بالموتِ لامرئٍ
وما أشبهَ الحمَّامَ بالموتِ لامرئٍ / تَذَكَّرَ لكنْ أينَ مَنْ يتذكرُ
تجرَّد منْ أهلٍ ومالٍ وملبسٍ / ويصحبُهُ مِنْ كلِّ ذلكَ مئزرُ
وعاجلَهُ العذارُ بخدِّهِ
وعاجلَهُ العذارُ بخدِّهِ / فزادَ بهِ حسناً فَعيلَ بهِ الصبرُ
تردى ثيابَ الموتِ حمراً فما أتى / لها الليلُ إلا وَهْيَ منْ سندسٍ خضرُ
عجبتُ لشيءٍ كلُّ شيءٍ يهابُهُ
عجبتُ لشيءٍ كلُّ شيءٍ يهابُهُ / وكمْ فيهِ مِنْ نفعٍ عظيمٍ ومِنْ ضررْ
لهُ وجنةٌ محمرَّةٌ وذوائبٌ / طوالٌ وعنقٌ لا يلابُسُهُ قصرْ
وسعيٌ بلا رجلٍ وبطشٌ بلا يدٍ / وحقدٌ بلا قلبٍ وأكْلٌ بلا ثغرْ
لهُ فردُ عينٍ في وجوهٍ كثيرةٍ / ومِنْ عجبٍ أنْ ليسَ يوصفُ بالعورْ
لهُ نقطةٌ سوداءُ مِنْ فوقِ رأسِهِ / وهذا لعمري حليةُ الحيَّةِ الذكَرْ
وسرَّتُهُ بالمعنيين كنخلةٍ / سحوقٍ وخيرُ اللغزِ ما حيَّرَ الفكرْ
تراهُ نهاراً كالبعوضةِ خسَّةً / وبالليلِ كالطودِ الذي طالَ واشمخرْ
على أنَّهُ حامي الحمى ويضيعُ مَنْ / يجاورُهُ هذان ضدانِ في النظرْ
يعجُّ ويُبدي أنَّةً وتحرُّقاً / على أهلِهِ حتى يلينَ لهُ الحجرْ
إذا أبدلوا بالباءِ حرفَ ختامِهِ / ترى اسماً وفعلاً ثم حرفاً له وبرْ
وتصحيفُهُ يا أيها العدلُ جارحٌ / فإياكَ منهُ فَهْوَ كالوخزِ بالإبرْ
وإنَّ لهُ ضداً هوَ الخلدُ فاعجبوا / لخلْدٍ لهُ عينانِ فَهْوَ منَ العبَرْ
إذا لم تجدْ في جنةِ الخلدِ حلةً / فحذركَ يا مسكينُ تلقاهُ في سقرْ
فيا ناظراً في اللغزِ لو رمتَ كشفَهُ / رجعْتَ إلى القولِ الذي قالَهُ عمرْ
خشونةُ أهلِ العلمِ غيرُ عجيبةٍ
خشونةُ أهلِ العلمِ غيرُ عجيبةٍ / وإنْ بالغوا في الحفظ والبحثِ والفكرِ
لهمْ أنفسٌ وحشيةٌ ما تأنَّسَتْ / بجاريةٍ تسقي وساقيةٍ تجري
أقولُ لبدرٍ سائرٍ بينَ أنجمٍ
أقولُ لبدرٍ سائرٍ بينَ أنجمٍ / أأنتَ أميرُ المصرِ قال أميرُهُ
فقلتُ إذا ماتَ الكرامُ بأسرِهمْ / أأنتَ تُمير الوفدَ قالَ أميرُهُ
بهادرُ عَبْدِي لا بهاءٌ ولا درُّ
بهادرُ عَبْدِي لا بهاءٌ ولا درُّ / فما أنا حرٌّ يومَ قولي لهُ حرُّ
رقيقٌ غليظُ القلبِ فظٌّ مقطِّبٌ / كثيرُ الأذى بادي البذا جبلٌ وعرُ
نمومٌ نؤومٌ ماكرٌ غيرُ شاكرٍ / حقودٌ نقودٌ مائنٌ خائنٌ غمرُ
ذكيٌّ دقيقُ الفكرِ منتبهٌ لما / عناهُ ولكنْ عندَ مصلحتي غرُّ
لئيمٌ متى أحسنْ إليهِ يكافني / بسيئةٍ لم ينكتمْ عندَهُ سرُّ
ثقيلٌ خفيفُ الكفِّ فيما ائتمنْتُهُ / وَثوبٌ على مالي كما يثبُ النمرُ
لهُ كلَّ يومٍ فتنةٌ أو شكايةٌ / وقالٌ وقيلٌ هكذا ينسلُ الكفرُ
له نهمةٌ في الأكلِ والشربِ مالها / شبيهٌ سوى التنورِ أَكْلَبَهُ السجرُ
يكونُ الرغيفُ السخنُ والأكلُ حاضراً / له ويقولُ الجوع قدْ أعوزَ الصبرُ
تساوى لديْهِ منيَ السخطُ والرضى / فما شقَّ إعراضي عليهِ ولا الهجرُ
إذا حضرَتْ أعيانُ قومي بمجلسي / لهُ حركاتٌ ضمنها النقصُ والصغرُ
ويقصدُ في العيدينِ غيظي فكبدهُ / ولبتُهُ ودي لها الفطرُ والنحرُ
إذا قلتُ قُمْ برِّدْ لنا الماءَ قال لي / أترغبُ في فإني النعيمِ وتغترُّ
وإنْ قلتُ توبلْ خبزَنا قالَ لا تكنْ / مخالفَ ما يعتادُهُ السلفُ الصدرُ
وإنْ قلتُ طيِّبْ مطعمي قالَ قد مضتْ / أماثلُ ما للأكلِ عندهمُ قَدْرُ
وإنْ قلتُ جمِّلْ بيتنا قالَ كلُّ ذا / فضولٌ وفي أشباهِهِ لمْ يلِقْ فكرُ
وإنْ قلتُ قدِّمْ للوضوءِ مسينتي / يقولُ إذا لمْ تستعِنْ يكملُ الطهرُ
وإنْ قلتُ قدِّمْ شربةَ الماءِ هزَّها / بغيظٍ رجاءَ أَنْ يكدِّرَها العكرُ
وإنْ قلتُ باشرْ بعضَ ما قدْ أهمَّني / يقولُ إذا باشرْتَ أنتَ لكَ الأجرُ
وإنْ أقلْ امسحْ لي مداسي يقلْ صهٍ / أتنصرُ إبليساً عليكَ وما النصرُ
إنْ قلتُ قدِّم بغلتي قالَ بغلتي / ويشخرُ لي بالموصليِّ ويَزْوُرُ
وإنْ قلتُ صوِّل قمحَنا قالَ بدعةٌ / أصوِّلُ للهادي وأصحابِهِ البرُّ
وإنْ قلتُ في الحمامِ حكَّ رجيلتي / يقولُ ليَ اخشوشِنْ فقد يُبتلى الحرُّ
وإنْ قلتُ حقّ الطيبِ قدمْهُ لي يقلْ / قبيحٌ بمنْ لا يخْلُدُ الطيبُ والعطرُ
وإنْ قلتُ فاصقلْ ثم فرِّكْ ثيابنا / يقولُ أتفريكٌ لِمَنْ خلفَهُ القبرُ
وإنْ قلتُ فانظر في الطعامِ هل استوى / يقولُ افتقدتُ الملحَ فانكبتِ القدرُ
أقولُ فهلْ مِنْ أمسِ عندَكَ فضلةٌ / يقولُ أضعتُ الحزمَ فاجترَّهُ الهرُّ
وإنْ قلتُ مَنْ بالبابِ قالَ مفوِّلاً / على البابِ عزرائيلُ وانفصلَ الأمرُ
وإنْ قلتُ ما الأخبارُ قالَ رديئةٌ / سعَوا فيك أو ماتَ امرؤٌ أو غلا السعرُ
وإنْ قلتُ لا تسرقْ ففي المالِ ضيقةٌ / يقولُ أحرْصاً بعدما ذهبَ العمرُ
وإنْ قلتُ لا تسألْ منَ الناسِ نفتضحْ / يقولُ فموسى استطعمَ الناسَ والخضرُ
وإنْ قلتُ لا تفعلْ أو افعلْ يقولُ قد / بُليتُ بكمْ حتى متى النهْيُ والأمرُ
وكم ضَحْوَةٍ كلفْتُه ردَّ لهفةٍ / فغابَ ووافاني وقدْ أذَّنَ العصرُ
ثيابي وشاشي عندَهُ في إهانةٍ / وطرحٍ ولا طيَّ عناهُ ولا نَشْرُ
وحصري ماذا تحتها مِنْ زبالةٍ / فيا كسرَ قلبي عندما تُرفعُ الحصرُ
وعنديَ قنديلٌ شبيهٌ بوجهِهِ / إذا ما مضى الشهرانِ يُغْسَلُ والشهرُ
وعنْ أكثرِ الحاجاتِ يُكبرُ نفسَهُ / فيا أقدَرَ الغلمانِ ما أنتَ والكبرُ
أعبدٌ خسيسٌ أنتَ أمْ أنتَ زاهدٌ / عظيمٌ كما كانَ ابنُ أدهمَ أو بشرُ
بماذا يدلُّ الكلبُ لا أنا عاشقٌ / ولا حسنُهُ باهٍ ولا ثغرُهُ درُّ
ولا وجهُهُ صبحٌ ولا شعرُهُ دجى / ولا قدُّهُ غصنٌ ولا ريقُهُ خمرُ
لقيتُ نقيضَ القصدِ يومَ اشتريتُهُ / رجوْتُ به نفعاً فمسنيَ الضرُّ
وقلتُ أسيرٌ أستريحُ برقِّهِ / فأتعبني واللهِ وانقلبَ الأسرُ
ولوْ أنني عاملتُهُ برذيلَةٍ / لقلتُ بعصياني يعاقبُني الدهرُ
فيا ليتَ شعري ذلكَ الثمنُ الذي / بهِ ابتعتُهُ هلْ أصلُهُ النردُ أم خمرُ
فلا تحسبوا هذا الذي قلتُ وصفَهُ / غلطتُمْ فلا العشرانِ هذا ولا العشرُ
إذا بعتُهُ رَدُّوهُ بالعيبِ سرعةً / عليَّ وللمبتاعِ في ردِّهِ العذرُ
ولو كانَ في إعتاقِهِ ليَ راحةً / فعلتُ ولكنْ خيفتي يعظمُ الشرُّ
بعيدٌ خلاصي منهُ إلا بموتِهِ / فقدْ سرَّني أنْ لا يطولَ لهُ عمرُ
لقد عجَّلَ المحبوبُ نَبْتَ عذارِهِ
لقد عجَّلَ المحبوبُ نَبْتَ عذارِهِ / فزادَ به حُسناً فعيلَ بهِ الصبرُ
تردى ثيابَ الموتِ حمراً فما أتى / لها الليلُ إلا وَهْيَ منْ سندسٍ خضرُ
وكنتُ إذا قابلتُ جبرينَ زائراً
وكنتُ إذا قابلتُ جبرينَ زائراً / يكون لقلبي بالمقابلةِ الجبرُ
كأنَّ بني نبهانَ يومَ وفاتِهِ / نجومُ سماءٍ خرَّ من بينِها البدرُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025