المجموع : 12
فأحفظَهُ هذا الكلامُ وغاظَهُ
فأحفظَهُ هذا الكلامُ وغاظَهُ / وأنشدني في صدِّهِ وازوِرارِهِ
دمشقُ كما كنتَ تَسَمَّعُ جنَّةٌ / ألمْ تَرَها محفوفةً بالمكارِهِ
أقبِّلُ أطرافَ السهامِ إخالُها
أقبِّلُ أطرافَ السهامِ إخالُها / نبالَ لحاظٍ قدْ أُصيبَ بها صدري
وأعتنقُ الهنديَّ والرمحَ في الوغى / لأنَّهما من جملةِ البيضِ والسمرِ
إذا ما تعاصى مَنْ تحبُّ لقاءَهُ
إذا ما تعاصى مَنْ تحبُّ لقاءَهُ / عنِ الوصلِ واستولى عليهِ التَّغيُّرُ
فأرسلْ لهُ الدينارَ فهْوَ طبيبُهُ / ومِنْ عجبِ الدنيا طبيبٌ مصفَّرُ
علا لكَ ذكرٌ لا يشابهُهُ ذكرُ
علا لكَ ذكرٌ لا يشابهُهُ ذكرُ / وحزْتَ فخاراً ليسَ يدركُهُ الفخرُ
هنيئاً بنعمى خلَّد اللهُ ذكرَها / وطال بها بشْرٌ وطابَ لها نشرُ
نصرْتَ بفتحِ الناصريَّةِ دينَنا / ألا في سبيل اللهِ ذا الفتحُ والنصرُ
وسميتَها دارَ الحديثِ لأنها / حديثةُ عهدٍ جاءَ في نزعِها الأمرُ
وهمزاً قلبتَ الكافِ فَهْيَ أنيسةٌ / لعمرُكَ لي قلبٌ بذا القلبِ مُنْسَرُّ
فكم حَسَدَتْها بَيْعَةٌ وكنيسةٌ / وقد فُكَّ من أيدي اليهودِ لها أَسْرُ
عقدتَ لها الإجماعَ فانتثرتْ لهم / دموعٌ وعندَ العقدِ لا يُنكرُ النثرُ
وأحييتَها بالدرسِ بعدَ اندراسِها / وصارَ لذكرِ اللهِ في ربعها جَهْرُ
وضاعفْتَ أمراضَ اليهودِ بنزعِها / فأوجُهُهم تحكي عمائمهمْ صُفْرُ
لئنْ أحزنَ الحزَّانَ ذكرُ محمدٍ / بها فكليمُ اللهِ للحقِّ يفترُّ
بذا قلبُ حزَّان الملاعينِ نازحٌ / وذلكَ مِنْ وجهينِ فَلْيُفهم السرُّ
وكانتْ بلثغاتِ الخبيثين طامثاً / فتمَّ بذكرِ الطيبينَ لها العطرُ
تعمُّ المثاني السبعُ ستَّ جهاتِها / وخُصصَ بالتوحيدِ كلْماتُها العشرُ
وَمَنْ غاظَهُ هذا فليسَ بمسلمٍ / وهلْ مسلمٌ يختارُ أنْ يُنصرَ الكفرُ
فإن أُبْدِلَتْ عنْ صوتِ قرنٍ مؤذناً / فإبدالُ تعريفٍ منِ اسمٍ لهُ نكْرُ
صَرَفْتَهم عنْ ربعها إذْ أضفْتَهُمْ / إلى الذلِّ والمصروفُ يدخلُهُ الكسرُ
أيا حاتمَ الإسلامِ ودُّوا خلاصَها / بما ملكوا فليخسؤوا قضي الأمرُ
وقدْ علمَ الأقوامُ لو أن حاتماً / أرادَ ثراءَ المالِ كانَ لهُ وفرُ
ولو حلفوا أنَّا سننزعُ أختَها / لما وجبيتْ كفارةٌ ربَّما برُّوا
ونأخذُ منهمْ أَجْرَ سكناهمُ بها / وقد عُرف المبتاعُ وانفصلَ السعرُ
أيُنسى أذاهم للنبيِّ وبغضُهُمْ / وتكذيبُهُمْ والسمُّ في الشاةِ والسحرُ
كأنهمُ في التيهِ بعدُ فمنهمُ / تحققَ سلواهم وقدْ عظمَ المكرُ
وحقِّكَ ما هذا الذي تستحقُهُ ال / يهودُ ولا العشرانِ كلا ولا العشرُ
لقدْ فعلَتْ أقلامُكَ الحمرُ فيهم / منَ الحقِّ ما لا تفعلُ البيضُ والسمرُ
وقدْ أفرحَ النوريةَ الآنَ ما جرى / لجارتِها والجارُ بالجارِ ينسرُّ
أصاخَتْ إلى دارِ الحديثِ وأنصتَتْ / وكانَ بها عنْ سمعِ كفرهُم وَقْرُ
عجبتُ لها لمَّا حللْتُ بريعِها / وما رقصتْ عجْباً ولكنَّها صخرُ
وما بقيتْ واللهِ تخشى مذلةٌ / وأوقافُ نورِ الدينِ مِنْ خلفها ظهرُ
وكيفَ تخافُ النقصَ عندَ كمالها / وقدْ صارَ من قاضي القضاةِ لها ذخرُ
إمامٌ يؤمُّ المقترونَ جنابَهُ / وَمِنْ كفِّهِ في كلِّ قطرٍ لها قطرُ
حليفُ الندى غيظُ العدى صارفُ الردى / إمامُ الهدى فاتَ المدى جودُه الغمرُ
حوى العلمَ عنْ آياتِهِ ومعاشرٍ / من السادةِ الأنصارِ أوجُهُهُمْ زَهْرُ
أرى أنَّ ذا الإحرام يخرجُ فديةً / إذا ما جرى بينَ الحجيجِ لهُ ذكرُ
إذا قالَ أحيا الشافعي تفقهاً / ونقلاً وإنْ يسبرْ فيا حبذا السبرُ
وما منصبَ الشهباءِ كُفْواً لعلمِهِ / غلطتَ ولا دارُ السلامِ ولا مصرُ
فإنْ زُمَرُ الأحزابِ راموا امتحانَهُ / سبى ليلَ فرقانِ المجادلةِ النصرُ
ولو لم يؤثرْ عمرَهُ غيرَ هذِهِ / كَفَتْه وكم أخرى له عسرَ الحصرُ
أمنقذَها من بؤسِها وعنائها / فديتُكَ أنقذني فقدْ نَفَدَ العمرُ
فإني أرى غيباً بأني مُضَيَّعٌ / وكسبي منَ الحكمِ الخصوماتِ والوزرُ
مقيماً بأرضِ الحرثِ جاراً لمعشرٍ / وجوههمُ غُبْرٌ وأثوابُهُمْ حمرُ
يرون جميلاً أنهم لم يرفعوا / وليسَ لأهلِ القدرِ عندهمُ قدرُ
متى دخلَ الشهباءَ منهم جماعةٌ / لأشغالهمْ يخلو بخاطريَ الفكرُ
أقولُ عساهم أضمروا لي مكيدةً / لعلَّ انحرافاً أو بدا لهمُ غدرُ
وما ذاكَ عنْ ذنبٍ جنيتُ وإنما / عنانيَ عرضٌ عنْ مرافعةٍ بكرُ
وحُقَّ لمثلي صونُ عرضي فإنَّهُ / نقي بحمدِ اللهِ ما شانَهُ غَمْرُ
وكلهمُ راضٍ عليَّ وذاكري / بخيري ولكنْ لو عبثتُ لما قرُّوا
ولا خيرَ في مالِ الفتى بعدَ عرضِهِ / ولا عيشَ في الدنيا إذا قبَّحَ الذكرُ
بِذَيْلِ بديلِ الرافعي تَمَسُّكي / فقد مسَّني للبعدِ عن بابِهِ الضرُّ
سئمتُ مداراةَ الأراذلِ في الورى / وقدْ بانَ لي أنَّ القضا جبلٌ وعرُ
شريكُ شرورٍ لا سرورٍ نسيتُ ما / حفظْتُ ومما كنتُ حصَّلْتُ أجترُّ
تقدَّمني مَنْ كانَ خلفي وساءَني / خمولي ولكنْ هكذا يفعلُ البَرُّ
بُليتُ بحجرِ الحكمِ منْ زمنِ الصِّبا / فهلْ بكمالِ الحجرِ يرتفعُ الحجرُ
على أنني راضٍ بأنْ أليَ القضا / وأُعزلَ عنهُ لا أثامٌ ولا أجرُ
لئنْ زادَ مالُ المرءِ معْ نَقْصِ علمِهِ / فذلكَ خسرٌ لا يقابلُهُ خُسرُ
أيا أوحدَ الإسلامِ إني معوِّلٌ / عليكَ وما المملوكُ في قصدِهِ غرُّ
فوجهُكَ إنْ قابلتُهُ أو رأيتُهُ / يكونُ لقلبي بالمقابلةِ الجبرُ
أقلني منَ الأحكامِ في البرِّ محسناً / إليَّ بفصلي عَنْهُ يا مَنْ هو البحْرُ
ففي القلبِ مِنْ نيلِ الفروعِ ببابكم / أصولُ اشتياقٍ حَمْلُ أغصانِها جمرُ
شُغِلْتُ بحبِّ العلمِ عن رفعةِ القضا / أيلوي على الأصدافِ مَنْ قصدُهُ الدرُّ
تعجَّبَ قومٌ كيفَ أترك منصبي / وأرفضُهُ عمداً وما أنا مضطرُّ
وقالوا ترى مَنْ حلَّ في رتبةِ القضا / وفارقَها حتى يواريَهُ القبرُ
أرى العلمَ أعلى رتبةً لي منَ القضا / ولو لم يكنْ إلا فوائدُكَ الزهرُ
وأنتَ خبيرٌ بالقضاءِ وعسرِهِ / ألا فلعلَّ العسْرَ يتبعُهُ اليُسْرُ
إذا قيلَ قاضٍ بالعراقِ جرى له / كذا خلتُ أني ذاكَ واستحكمَ الذعرُ
وإنْ قاصدٌ منكمْ أتاني فانثنى / كما انتفضَ العصفورُ بللهُ القطرُ
طباعُ عفيفٍ لا يرى حبَّ منصبٍ / ولكنْ تشفِّي حاسديهِ بهِ مرُّ
ولي مِنْ هباتِ اللهِ عَنْ كلِّ ذا غنى / وإنْ دامَ بي هذا العناءُ فما العذرُ
قنعتُ فخلتُ النجمَ دوني رتبةً / وهيهاتَ خوفُ الفقرِ عندَ الغنى فقرُ
وفيَّ لتحصيلِ العلومِ بقيةٌ / فلا كبرٌ عنها يصدُّ ولا كِبْرُ
ومالي أرى الحكامَ غيرَكَ إنْ رأوا / ذكياً فأوفى حظِّهِ منهمُ الهجرُ
يولُّونَهُ في البرِّ قصدَ خمولِهِ / فيصبحُ ميِّتاً والضياعُ له قَبْرُ
ومثلُكَ لا يرضى لمثليَ بالقُرى / وفي النفسِ حاجاتٌ وفي سيدي جبرُ
فدونكها ورديةٌ عربيةٌ / سليلةَ بكريٍّ لها ودُّكمْ مَهْرُ
ولو أنني لم أنتسبْ ما خفِي على / ذكيٍّ بأنَّ الدرَّ معدنُهُ البحرُ
ولستُ بمدَّاحٍ ولا الشعرُ حرفتي / بلى لكمالِ النفسِ نظميَ النثرُ
ولو عَقَلَ الإنسانُ لم يهدِ مدحةً / إليكَ وهل يُهدى إلى هجرٍ تمرُ
بقيتَ بقاءَ المكرماتِ ونلتَ ما / تؤمِّلُهُ ما لاحَ في الظُّلَمِ البدرُ
وما أشبهَ الحمَّامَ بالموتِ لامرئٍ
وما أشبهَ الحمَّامَ بالموتِ لامرئٍ / تَذَكَّرَ لكنْ أينَ مَنْ يتذكرُ
تجرَّد منْ أهلٍ ومالٍ وملبسٍ / ويصحبُهُ مِنْ كلِّ ذلكَ مئزرُ
وعاجلَهُ العذارُ بخدِّهِ
وعاجلَهُ العذارُ بخدِّهِ / فزادَ بهِ حسناً فَعيلَ بهِ الصبرُ
تردى ثيابَ الموتِ حمراً فما أتى / لها الليلُ إلا وَهْيَ منْ سندسٍ خضرُ
عجبتُ لشيءٍ كلُّ شيءٍ يهابُهُ
عجبتُ لشيءٍ كلُّ شيءٍ يهابُهُ / وكمْ فيهِ مِنْ نفعٍ عظيمٍ ومِنْ ضررْ
لهُ وجنةٌ محمرَّةٌ وذوائبٌ / طوالٌ وعنقٌ لا يلابُسُهُ قصرْ
وسعيٌ بلا رجلٍ وبطشٌ بلا يدٍ / وحقدٌ بلا قلبٍ وأكْلٌ بلا ثغرْ
لهُ فردُ عينٍ في وجوهٍ كثيرةٍ / ومِنْ عجبٍ أنْ ليسَ يوصفُ بالعورْ
لهُ نقطةٌ سوداءُ مِنْ فوقِ رأسِهِ / وهذا لعمري حليةُ الحيَّةِ الذكَرْ
وسرَّتُهُ بالمعنيين كنخلةٍ / سحوقٍ وخيرُ اللغزِ ما حيَّرَ الفكرْ
تراهُ نهاراً كالبعوضةِ خسَّةً / وبالليلِ كالطودِ الذي طالَ واشمخرْ
على أنَّهُ حامي الحمى ويضيعُ مَنْ / يجاورُهُ هذان ضدانِ في النظرْ
يعجُّ ويُبدي أنَّةً وتحرُّقاً / على أهلِهِ حتى يلينَ لهُ الحجرْ
إذا أبدلوا بالباءِ حرفَ ختامِهِ / ترى اسماً وفعلاً ثم حرفاً له وبرْ
وتصحيفُهُ يا أيها العدلُ جارحٌ / فإياكَ منهُ فَهْوَ كالوخزِ بالإبرْ
وإنَّ لهُ ضداً هوَ الخلدُ فاعجبوا / لخلْدٍ لهُ عينانِ فَهْوَ منَ العبَرْ
إذا لم تجدْ في جنةِ الخلدِ حلةً / فحذركَ يا مسكينُ تلقاهُ في سقرْ
فيا ناظراً في اللغزِ لو رمتَ كشفَهُ / رجعْتَ إلى القولِ الذي قالَهُ عمرْ
خشونةُ أهلِ العلمِ غيرُ عجيبةٍ
خشونةُ أهلِ العلمِ غيرُ عجيبةٍ / وإنْ بالغوا في الحفظ والبحثِ والفكرِ
لهمْ أنفسٌ وحشيةٌ ما تأنَّسَتْ / بجاريةٍ تسقي وساقيةٍ تجري
أقولُ لبدرٍ سائرٍ بينَ أنجمٍ
أقولُ لبدرٍ سائرٍ بينَ أنجمٍ / أأنتَ أميرُ المصرِ قال أميرُهُ
فقلتُ إذا ماتَ الكرامُ بأسرِهمْ / أأنتَ تُمير الوفدَ قالَ أميرُهُ
بهادرُ عَبْدِي لا بهاءٌ ولا درُّ
بهادرُ عَبْدِي لا بهاءٌ ولا درُّ / فما أنا حرٌّ يومَ قولي لهُ حرُّ
رقيقٌ غليظُ القلبِ فظٌّ مقطِّبٌ / كثيرُ الأذى بادي البذا جبلٌ وعرُ
نمومٌ نؤومٌ ماكرٌ غيرُ شاكرٍ / حقودٌ نقودٌ مائنٌ خائنٌ غمرُ
ذكيٌّ دقيقُ الفكرِ منتبهٌ لما / عناهُ ولكنْ عندَ مصلحتي غرُّ
لئيمٌ متى أحسنْ إليهِ يكافني / بسيئةٍ لم ينكتمْ عندَهُ سرُّ
ثقيلٌ خفيفُ الكفِّ فيما ائتمنْتُهُ / وَثوبٌ على مالي كما يثبُ النمرُ
لهُ كلَّ يومٍ فتنةٌ أو شكايةٌ / وقالٌ وقيلٌ هكذا ينسلُ الكفرُ
له نهمةٌ في الأكلِ والشربِ مالها / شبيهٌ سوى التنورِ أَكْلَبَهُ السجرُ
يكونُ الرغيفُ السخنُ والأكلُ حاضراً / له ويقولُ الجوع قدْ أعوزَ الصبرُ
تساوى لديْهِ منيَ السخطُ والرضى / فما شقَّ إعراضي عليهِ ولا الهجرُ
إذا حضرَتْ أعيانُ قومي بمجلسي / لهُ حركاتٌ ضمنها النقصُ والصغرُ
ويقصدُ في العيدينِ غيظي فكبدهُ / ولبتُهُ ودي لها الفطرُ والنحرُ
إذا قلتُ قُمْ برِّدْ لنا الماءَ قال لي / أترغبُ في فإني النعيمِ وتغترُّ
وإنْ قلتُ توبلْ خبزَنا قالَ لا تكنْ / مخالفَ ما يعتادُهُ السلفُ الصدرُ
وإنْ قلتُ طيِّبْ مطعمي قالَ قد مضتْ / أماثلُ ما للأكلِ عندهمُ قَدْرُ
وإنْ قلتُ جمِّلْ بيتنا قالَ كلُّ ذا / فضولٌ وفي أشباهِهِ لمْ يلِقْ فكرُ
وإنْ قلتُ قدِّمْ للوضوءِ مسينتي / يقولُ إذا لمْ تستعِنْ يكملُ الطهرُ
وإنْ قلتُ قدِّمْ شربةَ الماءِ هزَّها / بغيظٍ رجاءَ أَنْ يكدِّرَها العكرُ
وإنْ قلتُ باشرْ بعضَ ما قدْ أهمَّني / يقولُ إذا باشرْتَ أنتَ لكَ الأجرُ
وإنْ أقلْ امسحْ لي مداسي يقلْ صهٍ / أتنصرُ إبليساً عليكَ وما النصرُ
إنْ قلتُ قدِّم بغلتي قالَ بغلتي / ويشخرُ لي بالموصليِّ ويَزْوُرُ
وإنْ قلتُ صوِّل قمحَنا قالَ بدعةٌ / أصوِّلُ للهادي وأصحابِهِ البرُّ
وإنْ قلتُ في الحمامِ حكَّ رجيلتي / يقولُ ليَ اخشوشِنْ فقد يُبتلى الحرُّ
وإنْ قلتُ حقّ الطيبِ قدمْهُ لي يقلْ / قبيحٌ بمنْ لا يخْلُدُ الطيبُ والعطرُ
وإنْ قلتُ فاصقلْ ثم فرِّكْ ثيابنا / يقولُ أتفريكٌ لِمَنْ خلفَهُ القبرُ
وإنْ قلتُ فانظر في الطعامِ هل استوى / يقولُ افتقدتُ الملحَ فانكبتِ القدرُ
أقولُ فهلْ مِنْ أمسِ عندَكَ فضلةٌ / يقولُ أضعتُ الحزمَ فاجترَّهُ الهرُّ
وإنْ قلتُ مَنْ بالبابِ قالَ مفوِّلاً / على البابِ عزرائيلُ وانفصلَ الأمرُ
وإنْ قلتُ ما الأخبارُ قالَ رديئةٌ / سعَوا فيك أو ماتَ امرؤٌ أو غلا السعرُ
وإنْ قلتُ لا تسرقْ ففي المالِ ضيقةٌ / يقولُ أحرْصاً بعدما ذهبَ العمرُ
وإنْ قلتُ لا تسألْ منَ الناسِ نفتضحْ / يقولُ فموسى استطعمَ الناسَ والخضرُ
وإنْ قلتُ لا تفعلْ أو افعلْ يقولُ قد / بُليتُ بكمْ حتى متى النهْيُ والأمرُ
وكم ضَحْوَةٍ كلفْتُه ردَّ لهفةٍ / فغابَ ووافاني وقدْ أذَّنَ العصرُ
ثيابي وشاشي عندَهُ في إهانةٍ / وطرحٍ ولا طيَّ عناهُ ولا نَشْرُ
وحصري ماذا تحتها مِنْ زبالةٍ / فيا كسرَ قلبي عندما تُرفعُ الحصرُ
وعنديَ قنديلٌ شبيهٌ بوجهِهِ / إذا ما مضى الشهرانِ يُغْسَلُ والشهرُ
وعنْ أكثرِ الحاجاتِ يُكبرُ نفسَهُ / فيا أقدَرَ الغلمانِ ما أنتَ والكبرُ
أعبدٌ خسيسٌ أنتَ أمْ أنتَ زاهدٌ / عظيمٌ كما كانَ ابنُ أدهمَ أو بشرُ
بماذا يدلُّ الكلبُ لا أنا عاشقٌ / ولا حسنُهُ باهٍ ولا ثغرُهُ درُّ
ولا وجهُهُ صبحٌ ولا شعرُهُ دجى / ولا قدُّهُ غصنٌ ولا ريقُهُ خمرُ
لقيتُ نقيضَ القصدِ يومَ اشتريتُهُ / رجوْتُ به نفعاً فمسنيَ الضرُّ
وقلتُ أسيرٌ أستريحُ برقِّهِ / فأتعبني واللهِ وانقلبَ الأسرُ
ولوْ أنني عاملتُهُ برذيلَةٍ / لقلتُ بعصياني يعاقبُني الدهرُ
فيا ليتَ شعري ذلكَ الثمنُ الذي / بهِ ابتعتُهُ هلْ أصلُهُ النردُ أم خمرُ
فلا تحسبوا هذا الذي قلتُ وصفَهُ / غلطتُمْ فلا العشرانِ هذا ولا العشرُ
إذا بعتُهُ رَدُّوهُ بالعيبِ سرعةً / عليَّ وللمبتاعِ في ردِّهِ العذرُ
ولو كانَ في إعتاقِهِ ليَ راحةً / فعلتُ ولكنْ خيفتي يعظمُ الشرُّ
بعيدٌ خلاصي منهُ إلا بموتِهِ / فقدْ سرَّني أنْ لا يطولَ لهُ عمرُ
لقد عجَّلَ المحبوبُ نَبْتَ عذارِهِ
لقد عجَّلَ المحبوبُ نَبْتَ عذارِهِ / فزادَ به حُسناً فعيلَ بهِ الصبرُ
تردى ثيابَ الموتِ حمراً فما أتى / لها الليلُ إلا وَهْيَ منْ سندسٍ خضرُ
وكنتُ إذا قابلتُ جبرينَ زائراً
وكنتُ إذا قابلتُ جبرينَ زائراً / يكون لقلبي بالمقابلةِ الجبرُ
كأنَّ بني نبهانَ يومَ وفاتِهِ / نجومُ سماءٍ خرَّ من بينِها البدرُ