أَحبةَ قلبي طالَ ليليَ بعدكمْ
أَحبةَ قلبي طالَ ليليَ بعدكمْ / أَسىً فمتى أَلقى بوجهكم الفَجْرا
سكنتمْ فؤادي وهو في نار شوقكمْ / فهلاَّ أَخذتُمْ فيه من نارِه حِذْرا
فقدتُ حياتي مذْ فقدتُ لقاءَكم / فهل بحياتي منكم نشأةٌ أُخرى
لقد عادَ أُنسي وحشةً بفراقكم / كما عادَ عرفُ الدَّهرِ بعدكم نُكرا
وقد كنتُ مُغترّاً بأيامِ وصلكم / ولا يأمن الأيَامَ من كانَ مغترّا
أجيرانَ جيرونَ المجبرينَ جارهمْ / من الجَوْرِ حوزوا في مشوقكم الأجرا
محبّتُكم قد خانَهُ الصّبْرُ فاطلبوا / مسحباً سواء عنكمُ يحسنُ الصّبرا
ومذ غبتُ عن مَقرْي مَقَريَّ قد نبا / سقَآ ورعَى ربّي مَقريَّ في مقْرى
أَحنُّ إلى عذرا وعذريَ واضحٌ / لأَنَّ الهوى العذريَّ منّي في عذرا
إذا القدرُ المحتومُ من جلِّقٍ بنا / إلى مصر أَسرى فالقلوبُ بها أسرى
رحلنا فما باحتْ بأسرارنا سوَى / عبارةُ عينٍ خوف يومِ النّوَى عَبْرَى
تركنا دمشقاً والجنانُ وراءَنا / وقد أَمّنا بالكسوةِ الرفقة السّفرا
وجئنا إلى المَرْجِ الذي طابَ نشرُهُ / فلا زالَ من أَحبابنا طَيّباً نَشرا
رحلنا بمرجِ الصُّفرِ بالعيسِ غدوةً / فسارتْ وحطّتْ في محجَّتها ظهرا
وقد قطعتْ تُبْنى إلى الديِّرِ بعدها / وما عرستْ حتى أناختْ على بُصرى
نزلنا الدِّناحَ والجلاعبَ بعدها / وبعدهما غدرَ البشاميَّةِ الغزرا
ورأسَ الجشا والقريتينِ وكلُّها / مواردُ فيها السُّحبُ قد غادرتْ غدرا
وردنا من الزَّيتونِ حِسْمىَ وأَيلة / وجزنا عُقاباً كان مسلكها وعرا
إلى قلّةِ الرَّاعي إلى نابعٍ إلى / جراولَ فالنخلِ الذي لم يزل قفرا
إلى منزلٍ في روضةِ الجملِ اغتدتْ / به عيسنا في صدرِ شارحه صدرا
ودونَ حَشَا لمّا حَثَثْنا ركابنا / عيون لموسى لم يزل ماؤها مُرا
هناكَ تلقانا الوفودُ بِبرِّهم / فسروا بنا نفساً وزادوا بنا بِشرا
قطعنا إلى بحرِ النّدى بحرَ قُلْزُم / ومَنْ قصدُهُ بحرَ النَّدى يقطعُ البحرا
عبرنا إلى من كاثر الرمل جوده / وجزنا إليه ذلكَ الرَّملَ والجسرا
ولم يرونا ماء الثماد بعَجرَد / ولم يقتنع بالقل من يأمل الكثرا
وجبنا البوَيْب والمصانع قبله / إلى بركة الجب التي قربت مصرا
إلى عزمةٍ في المجدِ غيرِ قصيرةٍ / وكان قُصارى أَمرنا أَنْ نرى القصرا
ولما نزلنا مصرَ في شهر طوبة / وردنا بكف العادل النيل في مسرى
غدا قاصراً عن قصرِه قصرُ قيصرٍ / وإيوانُ ةكسرى عند إيوانهِ كسرا