القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : علي الجارم الكل
المجموع : 1
جَفَأ الرَّوْضَ مُغْبَرَّ الأَسارِيرِ مَاطِرُهْ
جَفَأ الرَّوْضَ مُغْبَرَّ الأَسارِيرِ مَاطِرُهْ / وغَادَرَه قَفْرَ الخَمائِلِ طَائِرُهْ
ذَوَى نَبْتُه بَعْد البَشَاشةِ وارْتَمَتْ / مُصَوِّحةً أَثْمارُه وأزَاهِرُه
تَلَفَّتُّ أَيْنَ الرَّوْضُ أينَ مكانَهُ / وأَيْنَ مَجاليه وأَيْن بَوَاكِره
وأَيْنَ الّذي لَمْ يَطْرُق الأُذْنَ مِثْلُه / إذا صَدَحَتْ فوق الغُصُون مَزاهِرُهْ
حَمائِمُ أَلْهاها النَّعِيمُ عَنِ البُكَا / وأَذْهَلَها عن عابسِ العَيْشِ نَاضِرُه
إِذا أَرْسَلَتْ أَلْحانَها في خَمِيلةٍ / تَوثَّبَ زَهْرُ الرَّوْضِ واهْتَزّ عاطِرُه
لها صَوْتُ دَاودٍ وحُسْنُ رَنِينه / إِذا ما عَلَتْ مَتْنَ النَّسِيم مَزَامِرُهْ
إِذَا بَدَأَتْ أَشْجَاكَ أَوَّلُ صَوْتِها / وإنْ سَكَتَتْ أَعْيَا بَيَانَك آخِرُه
وإنْ هَتَفَتْ في الدَّوْحِ مَالَ كَأنَّما / يُسَايِرُها في لَحْنِها وتُسَايِرُه
تَحَدَّتْ فُنُونَ المَوْصِليِّ وطوَّحَتْ / بأَنْفَسِ ما ضُمَّتْ عَلَيْه بنَاصرُهْ
أُولئِك أَوْتَارُ الإِلَهِ وصُنْعُهُ / إذا عَزَفَتْ فَلْيُسْكِتِ الْعُودَ وَاتِرُه
ألَمَّتْ بأَسْرَار النُّفُوس فَتَرْجَمتْ / كَمَا فَسَّرَ الْحُلْمَ المحَجَّب عَابِرُه
يُصِيخُ إِلَيْها أَسْوَدُ اللَّيْلِ باسِماً / فتفْترُّ عَنْ زُهْرِ النُّجُومِ مَشَافِره
يَوَدُّ لَوَ أنّ الغِيدَ ضَمَّتْ شُعورَها / إِلى شَعْرِهِ الدَّاجِي فطَالتْ غَدَائِرُه
ويَرْجُو لَوَ انّ الفَجْر عُوِّقَ خَطْوُه / وطاشَ به نَائي الطَّرِيقِ وجَائِرُهْ
وزَلَّتْ بشُطْآنِ المَجَرَّةِ رِجْلُهُ / فَطَوَّحَه في غَمْرَةِ اليَمِّ زَاخِرُه
سَل الرَّوْضَ إن أصْغَتْ إليْكَ رَسُومُه / مَتَى رُوِّعَتْ أَطْلاَؤُه وجَآذِرُه
وأَيْن الغَديرُ العَذْبُ طَابَ وُرُودُه / لِذِي الغُلَّةِ الصَّادِي وطَابتْ مَصَادِرُه
إِذا فَاضَ بَيْنَ الزَّهْر تَحْسَبُ أنَّه / يَمَانيُّ بُرْدٍ أَذْهَلَ التَّجْرَ ناشِرُه
تَأَزَّر مِنْ أَثْوابِه الرَّوْضُ واكْتَسَى / فَرقَّت حَواشِيه وطَالت مَآزِرُه
تَدُورُ به جَمَّ البَلابِل مُطْرِقاً / ولَمْ تَدْرِ أَنَّ الدَّهْرَ دَارَتْ دَوَائِرُهُ
وتُصْغي فلا يَجْتازُ سَمْعَكَ نَغْمَةٌ / سِوَى أَنَّةٍ يُلْهِي بها الْحُزْنَ قاهِرُه
وتَدْعُو فلا تَلْقَى مُجيباً سِوى النَّوَى / تُطَارِح مَطْوِيَّ الأسَى وتُحَاوِرُه
وَقَفْتُ به والقَلْبُ يَحْبِسُ وَجْدَه / فيَطْغَى ودَمْعُ العَيْنِ يَنْهَلُّ بَادِرُه
وما وَقْفَتي بَيْن الرِّياضِ وقَدْ عَفَتْ / سِوَى حَاجَةٍ يَقْضي بها الْحَقَّ ناذِرُه
أرَى ما أَرَى إلاَّ غُباراً أَثَارَه / خَمِيسُ اللَّيالي حِينما ثَارَ ثَائِرُه
مضَى الطّائِرُ الصَّدَّاحُ فالأُفْقُ مُوحِشٌ / حَزينُ النَّواحي عابسُ الوَجْه باسِرُه
وَأَوْدَى الزَّهاوِي فانْتَهى مَلْعَبُ النُّهَى / وأُطْفِئَتِ الأَنْوارُ وانْفَضّ سَامِرُهْ
أَقامَ عَلَى رَغْمِ النُّبُوغِ بحُفْرةٍ / وسارَتْ عَلَى رَغْمِ المَنُونِ سَوائِرُه
وغَادَر عَرْشَ اللَّوْذَعيّةِ رَبُّه / وخَلَّى نَدِيَّ العَبْقَريّةِ شاعِرُه
دَعُوا ذِكْرَ إِعْجَازِ البَيَان وسِرِّه / فقَدْ غَابَ عَنْهُ طِيلةَ الدَّهْرِ ساحِرُه
له خاطِرٌ لَوْ سَابَقَ البَرْقَ في الدُّجَى / لَجَلَّى عَلىَ بَرْقِ السّمواتِ خَاطِرُه
تملَّكَ حُرَّ الشِّعرِ سِنُّ يَرَاعِهِ / فيَا عَجَبا أَنْ حَرَّرَ الشِّعْرَ آسِرُهْ
تَمنَّى العَذَارَى لو تَقَلَّدْنَ دُرَّهُ / ورَفَّتْ عَلَى أَجْيَادِهِنَّ جَواهِرُه
ويُزْهي العُيونَ الدُّعْجَ أَنّ سَوادَها / شَبِيهٌ بما ضُمَّت عليه مَحابِرُهْ
وما جاشَت الصَّهْبَاءُ إلاّ لأنّها / وقَدْ صَفَّقُوا مَشْمُولَها لا تُناظِرُه
تَمُرُّ به مَرّاً فَيَسْبِيكَ بَعْضُهُ / وتَقْرَؤُه أُخْرَى فَيَسبِيكَ سَائِره
تَرَى فيه هذا الكَوْنَ صُورَةَ حاذِقٍ / أَحَاطَتْ بأسْرَارِ الحيَاةِ بَصَائِرهْ
وتَلْمحُ فيه الرَّأْيَ في بُعْدِ غَوْرهِ / كما غَاصَ تَحتَ المَاءِ للدُّرِّ ذَاخرِه
وتَلْقَى به الآذِيَّ في ثَوَرَانِه / إِذا عَقْلُهُ الْجَبَّارُ مارَتْ مَوائِرُه
له قَلَمٌ لو لاَمَس الطِّرْسَ مَرَّةً / تَدَانَى له صَعْبُ القَرِيض ونَافِرُه
لَقَدْ كانَ مِنْظَارَ النُّفُوسِ فَلَمْ يَجُلْ / بِنَفْس هَوىً إلاّ وطَرْفُكَ ناظِرُهْ
يلُوحُ بَعِيدُ الرَّأْيِ خَلْفَ زُجاجهِ / وحاضِرُ تاريخ الْحَيَاةِ وغَابِرُه
برَاه إِلَهُ الْخَلْقِ عَزْماً وَجُرْأَةً / تَهابُ الرَّواسي حَدَّه وتحَاذِره
وصَوَّرَه عَضْباً تَفِرُّ لِهَوْلِهِ / ذِئابُ الدَّنَايا شُرَّداً وَهْو شَاهِرهْ
كأنَّ عَصَا مُوسَى أُعِيدَتْ بكَفِّه / يُصَاوِلُ مَنْ يَرْمي بها ويُغَاوِره
يَقُولُ جَريئاً مَا يُريد ورُبّما / يَقُول الفَتَى ما لم تُرِدْه سَرَائِرُه
وكَمْ مِنْ فَتىً يَقْضي بنفْسَيْن عَيْشَهُ / مَظَاهِرُه نَفْسٌ ونَفْسٌ مخَابِرُه
تَراهُ مع النُّسَّاكِ في خَلَواتِهم / وفي الْحانِ قد نَمَّتْ عَلَيْه سَتائِرُه
لِسَانٌ كما طَالَ الْجَريرُ مُسَبِّحٌ / رِيَاءً ومِنْ خَلْف اللِّسانِ جَرَائِره
إِذا لَمْ يَكُن في الْحَرْب قَلْبك بَاتِراً / فماذَا يُفِيدُ المَرْءَ في الْحَرْبِ باتِرُهْ
حَناناً له كَيْفَ استقَرَّتْ به النَّوَى / وكَيْفَ ثَوَى بَعْدَ التَّلَهُّف حائِرُه
وهَلْ بَعْدَ لَيْلٍ في الْحَيَاةِ مُرَرِّقٍ / كَثِيرِ التَّظَنِّي أَبْصَرَ الصُّبْحَ ساهِرُه
شَقَقْتُ إِليكَ الطرْقَ والقَلْبُ خافِقٌ / تُراوِحُهُ آلامُه وتُباكِرُه
تَذَكَّر أُلاَّفاً أَلَمُّوا فَودَّعُوا / كطَيْفِ خَيالٍ أَرَّقَ الصَّبَّ زَائِرُه
ونَحْنُ حَياةٌ والْحَياةُ إلى مَدىً / ولَوْلاَ المُنَى لَمْ يَبْذُرِ الْحَبَّ باذِرُه
وإنَّ المُهودَ الزَّهْرَ لَوْ عَلِم الفَتَى / وَفَكَّرَ في غَاياتِهنْ مَقَابِرُهْ
سَمَوْتُ إِلى بَغْداد والشَّوْقُ نَحْوَها / يُسَاوِرُني حِيناً وحِيناً أُسَاوِره
كِلاَنَا نَأَى عن أَهْلِهِ وعَشِيرِهِ / ليَلْقَاه فيها أَهْلُه وعَشَائِره
حَبِيبٌ إلى نَفْسِي العِراقُ وأَهْلُه / وسالِفُه الزَّاهي المَجِيدُ وحَاضِرُه
دِيارٌ بها الإِسْلامُ أَرْسَل ضَوْءَه / فَسار مَسِير الشَّمْس في الأُفْقِ سَائِره
ومَدَّتْ بها الآدَابُ ظِلاً على الوَرَى / تَسَاوَتْ به آصالُهُ وهَواجِرُه
تَجَلَّى بها عَهْدُ الرَّشِيد وعِزُّهُ / وزَاهِرُ مُلْكِ الفَاتحِين وبَاهِرُهْ
إِذا شِئْتَ مَجْدَ العُرْبِ في عُنْفَوانِهِ / فَهذِي مَغَانيه وهَذِي مَناثِرُهْ
أطَلَّتْ عَلىَ الدُّنْيَا فأَبْصرَتِ الهُدَى / كما لَمَعتْ في جُنْحِ لَيْلٍ زَوَاهِرُه
تفاخِرُ بالغَازِي الّذِي سَارَ ذِكْرُه / ودَوَّتْ بآفاقِ البِلادِ مَفَاخِرُه
هُو الملكُ أَمْضَى من شَبَا السَّفِ عَزْمُهُ / وأَغْزَرُ من مَاءِ السَّحائِبِ هَامِرُه
نَماه بُناةُ المَجْدِ من آلِ هاشمٍ / فجلَّتْ مَرَامِيهِ وطابَتْ عَناصِرُه
أَعَاد إلى عَهْدِ البَيَانِ شَبابَه / فهَبَّ فَتِيّاً يَنْفُضُ التُرْبَ دَائِرُه
يُرِيكَ بهِ المنْصُورَ مَأْثُورُ حَزْمِه / وتُذْكِرك المَهْدِيَّ فِيه مآثِرُهْ
ذَكَْنَا اسْمَه طُولَ الطَّرِيق فَذُلِّلتْ / مَصَاعِبُ مَتْنَيْه وضَاءَتْ دَيَاجِرُهْ
جَمِيلُ نِدَاءٌ مِنْ أَخٍ يَقْدُرُ النُّهَى / وإِنْ لَمْ يُمَتَّع باجْتِلائِك نَاظِرُه
عَرَفْتُكَ في آثارِك الغُرِّ مِثْلَما / تُنَبِّىءُ عَنْ وَجْهِ الصَّبَاحِ بَشَائِره
عَرَفْتُ جَميلاً في جَميلِ بَيَانِه / يُشاطِرُني وجْدَانَه وأُشَاطِره
تُجاوِرُني في دَوْحة النِّيلِ رُوحُه / ورُوحي بِدَوْحِ الرافِدَيْن تُجَاوره
إذا اجتمعَ القَلْبانِ فَالْكَوْنُ كُلُّهُ / مَانٌ وإِنْ شَقَّتْ وطالَتْ مَعَايره
لنَا نَسَبٌ في المَجْد يَجْمَع بَيْنَنا / تَعَالَتْ أَوَاسِيه وشُدَّتْ أَوَاصِرُهْ
أَلَسْنَا حُمَاةَ القَوْلِ في كُلِّ مَحْفِلٍ / تَتِيهُ بِنَا في كُلِّ أَرْضٍ مَنَابِرُهْ
صَبَبْتُ عَلَيكَ الدَّمْعَ سَحّاً ومَدْمَعي / عَزيزٌ ولَكنْ أَجْوَدُ الدُّرِّ نَادِرُه
وأَرْسَلْت فِيك الشِّعْرَ لَوْعَةَ مُوجَعٍ / تَئِنُّ قَوَافيه وتَبْكي صَدَائِبه
عَلَيْكَ سَلاَمُ اللّه نُوراً ورَحْمةً / وغَادَتْك من سَيْبِ الإِله مَوَاطِره

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025