المجموع : 10
وروضٍ له من جَلْمَدِ الصَّخرِ أَزْهارُ
وروضٍ له من جَلْمَدِ الصَّخرِ أَزْهارُ / خَصيبٌ إذا ما أُضْرِمتْ تحتَه النارُ
تَجنَّبَ قرب الشمسِ والبدرِ دائماً / فأكثرُ ما فيه شموس وأقمار
تولَّد فيه من جحيمٍ وجنةٍ / مِزاجٌ لتعديلِ المزاجاتِ مختار
تأملْ ففي الكانونِ أعجبُ منظرٍ
تأملْ ففي الكانونِ أعجبُ منظرٍ / إذا سَرَحتْ في فحِمه جمرةُ النار
كما مَيَّل الدنَّ المروَّقَ ساكبٌ / فدَبَّ احمرارُ الخمرِ في حَلَك القار
نَهتْهُ النُّهَى في خفيةٍ وتَستُّرِ
نَهتْهُ النُّهَى في خفيةٍ وتَستُّرِ / فأَقْصَرَ لولا أنّه في تَذكُّرِ
إذا خَطرتْ في خاطرٍ منه جَدَّدتْ / أسىً يَتلظَّى بين وِرْدٍ ومَصْدَر
سَقَى ذلك العهدَ الذي طال عهدُه / حَيَا كلِّ مُنَهلٍ من الغيثِ مُمطِر
أأَيامَنا بالثغرِ هل لكِ عودةٌ / إلى حافظٍ للعهدِ لم يتَغيَّر
وهل أتَملَّى من نسيمِك سُحْرةً / يُصافحُ مطلولَ النباتِ المنوِّر
وأرفُلُ في ثَوْبَي صِباً وصبابةٍ / وأسحَبُ ذيلي مِشْيَة المُتبختِر
ودمعُ الندى في وَجْنةِ الوردِ حائر / كجامِ عقيقٍ تحتَ دُرٍّ مُنثَّر
ونورُ الأَقاح الغَضِّ يحِكي إذا بدا / تَبسُّمَ خَوْدٍ عن شتيتٍ مُوشَّر
كأنّ بياضَ الماء في كل جَدْولٍ / إذا لاح في غصنٍ من الروض أخضر
غِلالُة شَرْبٍ ضَمَّها فوق لابسٍ / رشيقُ قَباءٍ أخضرٍ لم يُزرَّر
إذا جَمَّشت أيدي النسيم مُتونها / حَكَت من حَبيكِ السَّرْد كلَّ مقدَّر
وإنْ نَعَرت فيها النَّواعيرُ رَجَّعت / بها الطيرُ ألحانَ الغناءِ المُحرَّر
كأنّ الغصونَ المائساتِ رَواقصٌ / تَثنَّت على إيقاعِ دُفٍّ ومِزْهَر
تَضايقتِ الأشجارُ في الجوِّ فوقها / سوى فُرَجٍ تُهْدِى الضِّياءَ لمُبْصِر
فيَبْسُط منها البدرُ كلَّ مُدَرْهَمٍ / وتَنشُر منها الشمسُ كلَّ مُدَنَّرِ
عَسى يرجِع العيشُ الذي فات وانقضى / وصورتُه معلومةٌ في تَصَوُّري
سلامٌ على القَصْرَين من مَنْشَأ الصَّبا
سلامٌ على القَصْرَين من مَنْشَأ الصَّبا / إلى ساحل الثَّغرِ المُطِلِّ على البحرِ
سلامُ امرىءٍ ما غادرَ الدهرُ عندَه / سِوى أَنَّه يَرْفَضُّ عن ضَرَم الصَّدر
ودمعٍ إذا ما غُصَّ جفنى بمائه / تَرَقْرق مُحْمَرُّ الغروب على سخري
تمسكت من قولى لَعلَّ بهُدْبَةٍ / فلما وَهَت باليأسِ مات لها صبرى
فقدتُ شبابي بعدَ أهلى وَمنْشَىء / فها أنا مَيْتٌ غيرَ أني بلا قبر
ومَن فارقَ الأوطانَ في طلب الغِنى / فقد نالَ لو حاز الغِنَى أنكدَ الفقر
تذكرتُ أيامَ الشّبيبةِ من عمرى / وعيشا خلا من ناظِري وهْو في صدري
فيا دهرُ ألاَّ كان ليلَى كُله / كليلةِ شَرْقيِّ الخَليِج من الثغر
فيا ليلةٌ ماذا مضى تحت جُنْحِها / من المُلَح اللاتي تَجِلُّ من القَدْر
حديثاً لوَ أْنّ الصخرَ باشَر بعضَه / لأَرْقص من إطْرابِه جَلْمَدَ الصَّخر
ودمع دلالٍ في دموع صَبابةٍ / كما انْهَلَّ منظومُ العَقيق على الدُّر
وشكوى كما رقَّ النسيمُ بسحْرةٍ / فساق دموعَ الطْلِّ عن وَرَق الزَّهْر
صَفتْ خُلسةً من كاشِحٍ ومُراقبٍ / كما رُوِّقت في الكأس مَشْمولةُ الخمر
ولا عيبَ فيها غيرَ أنّ عِشاءَها / أَتَى قائداً أو سائقاً آخِرَ الفجر
تأملتُ بحرَ النيلِ طولا وخَلفَه
تأملتُ بحرَ النيلِ طولا وخَلفَه / من البركةِ الغَنّاء شكلٌ مُدَوَّرُ
فكان وَقد لاحتْ بشَطَّيْهِ خُضْرة / وكانتْ وَفيها الماءُ باقٍ مُوَفَّر
عِمامةَ شَرْبٍ في حواشٍ بُخضْرةٍ / أُضيف إليها طَيْلسانٌ مُقَوَّر
أَسيرُ وقلبي في يديكِ أَسيرُ
أَسيرُ وقلبي في يديكِ أَسيرُ / وحادِى غرامي لوعةٌ وزَفيرُ
أظلُّ أُناجي الشوقَ حتى كأنما / فؤادي لأنواعِ الهموم سَمير
أَلا هلْ لأيامِ الوصالِ تَواصُلٌ / وهل لي إلى سكانِ مِصْر مَصير
متى كانتِ الأيامُ تُسْعِف بالمُنَى
متى كانتِ الأيامُ تُسْعِف بالمُنَى / وروضُ الهوى غَضُّ النباتِ نَضيرُ
وعينُ النّوَى وَسْنانةٌ وشَبا العِدَا / كَليلٌ وباعُ الحاسِدين قصير
لياليَ لا خوفُ النوى يَسْتَفِزُّني / ولا جاريا دمعي أَسىً وزَفير
إذا كان عُقْبَى ما يَسوء التَّصبُّرُ
إذا كان عُقْبَى ما يَسوء التَّصبُّرُ / فتَعْجِيله عند الرَّزِيّة أَجْدَرُ
وغايةُ أحزانِ النفوسِ سُلوُّها / فأَوْلَى بها تَقْديُمه وهْي تُؤْجَر
وليس الشجاعُ النَّدْبُ من يضرب الطُّلَى / دِراكا ونارُ الحرب تُذْكَى وتُسْعَر
ولكنَّه من يُؤلمُ الثُّكْلُ قلبَه / وتَعروه أحداثُ الزمانِ فيَصْبر
فيا مالكَ الدنيا الذي الأرضُ والورى / من العدلِ في أيامه تتبختر
لئِنْ عَظُم الخطبُ الشديد مَحَلُّه / فحلمُك أعلى منه قَدْرا وأكبر
وبعضُ الذي يَحْوِيه صدرُك هِمَّةٌ / تضيق به الدنيا جميعاً وتَصْغُر
فللحلم منه والجلالِ شَوامِخٌ / وللعلم منه والفضائل أَبْحُر
لقد زَعْزعتْ شُمَّ الجبال رزيةٌ / أَلمَّتْ ولكنْ طودُ حلمِك أَوْقَر
وفضلُك مثلُ الشمسِ نورا ورفعةً / وحاشاهُ بل أَعْلَى وأَسْنَى وأَسْيَر
بعلمِك تَسْتهدِي نفوسُ ذَوِي النُّهَى / وأنت بما قال المُعَزُّون أَخْبر
وحكم التَّعازى سُنّةٌ نَبوية / وإلا فمنك الحزمُ يَبْدو ويَصدُر
وما قيل إلا بعض ما أنت عالم / فسِيّانِ فيه مُقْصِرٌ ومُكَثِّر
وعلمُك بالأشياءِ مالا زيادةٌ / عليهِ ولا تَنْساه ثم تُذَكَّر
إذا صَحَّ فهمُ المرءِ صَحَّ لنفسه / يقينٌ ومِسْبار العقولِ التَّصوُّر
لقد دانتِ الدنيا لعادٍ وتُبَّعٍ / ودَبَّر فيها الملكَ كِسْرى وقَيْصَرُ
وشادوا القصرَ المُشْمَخِرّات في الوَرى / يُقَصِّر طرف العين عنها فَيَحْسَر
فهل أَبقتِ الأيامُ أو جانَبَ الرَّدى / ذليلا فيُنْسَى أو عزيزا فيُذْكَر
ولو خَلَّف الموتُ امرأً لجَلاله / لكان بها أَوْلَى وأَحْرَى المُظَفَّر
لقد سَلبتْ كفُّ المنية مُهْجةً / تَكنَّفها للحزم والعزم عسكر
فويحَ المَنايا كيف غالتْه وهْي من / صَنائِعِكم فيما يُخاف ويُحْذَر
وتصريفُها بين الصَّوارم والقَنا / بأيديكمُ والخيلُ بالهام تَعْثُر
وأنتَ لها مثلُ الذريعة في الوَغى / إذا صان نفسَ القوم درعٌ ومِغْفَر
وأحسَبُه جادتْ يَداهُ بنفسه / لقاصِده والموتُ في ذاك مُخْدر
وما مات من أَحْيا بك اللهُ ذِكْرَه / ولكنّه في الدهر باقٍ مُعَمَّر
ولم تَعْدم الدنيا فَقيدا وإنْ سَما / ووجهُك فيها مشرقُ النّورِ أَزْهَر
فأنت لهذا الخَلْق روحٌ وناظِر / وكهفٌ به يَحْيَا ويَغْنَى ويَنظر
فلا عيشَ إلا في زمانك طيب / ولا نفسَ إلا من نوالك تُجْبَر
ولا مَلْكَ في الأرض إلا وظاهرٌ / على وجهه من ذكر فضلك أسطر
لآمنت حتى ليس في الأرض خائفٌ / ورَوَّعتَ حتى ذَلَّ من يَتجبَّرَ
وأنصفتَ حتى ليس في الأرض مُشْتكٍ / وأَغنيتَ حتى ليس في الأرض مُعْسِر
لك السيرة المشهورةُ الفضلِ في الورى / ففي كل قُطرٍ نَشْرُها يَتعَّطر
إذا قيل شاهِنْشاهُ لم يبقَ معجزٌ / من الفضلِ إلا وهْو فيه يُحرَّر
فللأَفضلِ الفضلُ الذي كلُّ فاضلٍ / من الناسِ عن إدراكه متأخِّر
فيا مهجةَ الإسلاِم رِفْقا بها له / فهذا الأسى فيها وفيه مُؤَثِّر
وما قيمةُ الدنيا قياسا لفعلها / حِيالكَ كلا فهْي أَدْنَى وأَحْقَر
وإن كان أثير الفراق مثيره / فقد نالك من فارقتَ ما هو أفخر
غَدا في جوارِ الله حيث يزوره / سحابُ حَياً من رحمةِ الله يَهْمِر
فإن قَبَروا جُثْمانَه فثَناؤُه / معَ الدهرِ في ألأفواهِ ما ليس يُقْبَر
بقاؤك يُسْلِى النفسَ عن كلِّ فائتٍ / وجودك يحيى الهالكين ويَنْشُر
سلمتَ مُفَدًّى بالنفوس جميعها / وعمرُك ممندُّ الحياةِ مُكرَّر
تأمَّلْ فَدَتْكَ النفسُ يا صاحِ منظرا
تأمَّلْ فَدَتْكَ النفسُ يا صاحِ منظرا / يُثب به قلبُ اللبيبِ على الفِكْرِ
حَيا وابلٍ يَهْمِي على شجرٍ بدا / به ثمرُ النّارنجِ كالأُكَرِ التِّبْر
دموعٌ حَداها الشوقُ فانهملتْ على / خدودٍ تراءتْ تحتَ أَنْقَةٍ خُضْر
وللهِ مَجْرَى النيل فيها إذا الصَّبا
وللهِ مَجْرَى النيل فيها إذا الصَّبا / أَرتْنا به في سيرها عسكرا مَجْرا
فشَطٌّ يهزّ السَّمْهَريَّة ذُبَّلا / ونهر يهز البيض هِنْديةً بُتْرا
إذا مَدَّحاكَي الوردَ غَضّا وإنْ صَفا / حَكَى ماءَه لونا ولم يَعْدُه شبرا