القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : تَمِيم بنُ المُعِزّ الفاطِميّ الكل
المجموع : 23
طوى البينُ عهد الوصل فهو قصيرُ
طوى البينُ عهد الوصل فهو قصيرُ / ففاض له دمع وطال زَفِيرُ
أحادِي الحُدوج المستحِثَّ أَخُذَّلُ / من الأُدْم فيها أم نواعِم حُور
صَدَعْنَ فؤاداً كاد ينهلُّ أدمُعاً / وقلباً غداة البين كاد يطير
أوانِس في أثوابهن وفي المُلاَ / غُصون وفي تنقِيبهن بُدور
كأنَّ نقا خَبْثٍ لهن روادفٍ / تأَزَّرنها والأقحوان ثغور
إذا ما دجا جِنْحُ الظلام أناره / لهنّ تَراقٍ وُصَّحٌ ونُحور
وإن هنّ حاولن النهوضَ تمايدتْ / بهنّ مُتونٌ وانتصبن صدور
فهنّ المُنَى لولا رقيبُ وحاسد / عدوٌّ وواشٍ كاشحٌ وغَيُور
وإني على ما بي إليهنّ من جَوىً / بكّل عفافٍ كاملٍ لجَدير
تبعِّدُني عن منزل الذمّ والخنا / خلائقُ زُهْرٌ كالنجوم وخِير
ولو شئتُ عاودتُ الصِبا واستفزَّني / من الغِيد مكحولُ الجفون غَرير
ولكن سمت بي هِمَّةٌ عَلَوِيَّةٌ / وقلبٌ إذا ارتاع الجَبانُ جَسُور
ونَفْسٌ سواءٌ عندها الفقرُ والغنى / وسيَّانِ بؤسٌ نالهَا وحُبُور
وما لي أخاف الدهر أو أحتنى له / ولي من أبي المنصور فيه نصير
عَزيزٌ به عزَّت خلافةُ هاشمٍ / وراح عمودُ البغي وهو كسيرُ
تباشرت الدنيا به وبملكه / وأشرق منه مِنْبَر وسرير
فيا بن الذين استُنبِطَ الوحيُ عنهمُ / وأضحى بهم وجه الزمان ينِير
ويا بن الملوك الشُمِّ من آل هاشمٍ / ومن طاب منهم ظاهر وضمير
لك الأوّل العالي الزكيُّ الذي انتهى / به المجد يُزْجَى والأوائل زُور
إذا عدّ قوم للفَخار عشيرةً / غدا لك من آل النبيّ عشير
هنيئاً لك العيدُ الذي أنت بالرضا / من الله للمرضيك فيه بشير
برزت كبدر التِمّ تَقْدُم جَحْفَلاً / تكاد بن الأرض الفضاء تمور
فلِلبيض بَرْقٌ في أعاليه خاطفٌ / وللأُسْد رَكْضٌ تحته وزئير
كأنّ الدُّروعَ السابِغاتِ عليهمُ / لمِا ألَفوها سُنْدُسٌ وحرير
وقد منحوك الّلحظّ من كل جانبٍ / وكلّهمُ صافي الضمير شَكور
فمِن مُقْلةٍ منهمْ عليك حبِيسةٍ / ومن إصبع فيهمْ إليك تِشير
ولو نطقت أحجار أرضٍ لسَلَّمتْ / عليك المُصَلَّى أو أتتك تسير
فلمَّا بلغت المِنبر الطاهر الّذي / له بك فضلٌ لا يُنال كبير
تواضعت للرحمن ثم علوتَه / خطيباً وكُلُّ اللحظ عنك حسير
فأبديت ما أبدى النبيُّ من الهدى / كذا الفَرْعُ للأصل الزكيّ نظير
وأسهبتَ في حمد الإله بخطبة / تَفَجَّرُ منها للصواب بحور
وبَشَّرتَ ترغيباً وأنذرتَ خَشْيةً / بإيجاز قولٍ ما حواه نذِيرُ
فُدمْ لأبي المنصور يا مُلْكُ سالماً / فليست عليك الدائرات تدور
لأنك بالمَلْك العزيز ممنَّعٌ / وأَنّ له يعقوبَ فيك وزير
أغَرُّ إذا ما قابل الخطبَ رأيُهُ / تيسَّر صَعْبُ الخَطْب وهْوَ عسير
تطلّبتَ مرضاة الإِله فنِلتَها / وقصَّر عنها طالبون كثير
فأنت له في الحرب سَهْم ومُنْصُلٌ / وفي السِّلم لألاءٌ يلوحُ ونور
فيا بن معزّ الدين دعوةَ شاكرٍ / على كلّ ما أوليتَ ليس يحور
ودادُك في قلبي صحيحٌ صفاؤه / وغَرْسُك عندي فيه ليس يبور
بلغُت بك الحالَ التي كنتُ أرتجي / عُلاها فحالِي غِبْطةٌ وسرور
وماليّ لا أحوِي بك العزَّ والمنى / وأنت على كلّ الأمور قدير
وكيف أخاف الحاسِدين وبغَيهم / وأنت عليهمْ لي يدٌ وأمير
كلانَا لأصلٍ واحد ولوالدٍ / إذا ما دعانا الانتسابُ نصير
فلا تَنْسَ منّي ناصحاً وابنَ والدٍ / ووالدةٍ ما فيه عنك نُفُور
يودّ بأن تبقى عزيزاً مسلَّماً / ويَفديك من صَرْف الرّدى ويُجير
وإني بتقبيلي لك الأرض والثرى / على كل من فاخرته لفخور
عليك صلاةُ الله ما ذَرّ شارقٌ / وما دام رَضْوَى باقياً وثَبِير
غدا عامرُ الأوطان في مقلتِي قَفْراً
غدا عامرُ الأوطان في مقلتِي قَفْراً / لِبَيْنك عنها واغتدى سهلُها وَعْرا
وأظلمت الآفاقُ منها توحُّشاً / كأنك كنتَ الصبح والشمس والبدرا
ومالي أرى هذي القصورَ كأَنها / قد امتلأَت مذ غِبت عن أرضها ذُعْرا
ولم أتخلَّف أَنني عنك صابِر / فكيف تُطِيقُ العين عن نورها صبرا
ولكنَّ دهراً عاقني واستهاضني / فخلَّفَني رَغْماً وأوجعني ضُرّا
ولو طار مِن قبلي مَشُوقٌ لشائقٍ / لِطرتُ بشوق يقطع القلب والصدرا
وعلمك بي يكفينَي العذَر كُلَّه / لأنك تدري صفو سِرِّيَ والجهرا
فيا ليتني أَفدِيك من كل حادثٍ / وألقَي خطوب الدهر دونك والدهرا
ولو أنّ عمري كنتُ أدري أتنهاءَه / أحطتُ به علماً وأعطتك الشطرا
سَقَى سَردوسَ الغيثُ ما دمتَ ثاوياً / بها وكساها صوبُه الورقَ الخُضْرا
ولا برحتْ تختال في حَليْ روضها / كم اختالت العذراءُ في حَليْها كِبرا
رُبوعُ ديارٍ بالعزيز عزيزةٌ / يطاول فيها مجدُه الأَنجمَ الزُهْرا
عليك صلاة الله من مَلِك به / نفى الله عنا الجور والظلم والفَقْرا
أخَفّف تسليمي وأُصفِي مودَّتي
أخَفّف تسليمي وأُصفِي مودَّتي / وأطوى على نصحي لك القلب والصدرا
وإني إذا ما غِبتُ عنك لناظِرٌ / إليك بقلب منك ممتلئ فِكرا
ويذكر قلبي حسْن وجهك إن رأى / شبيهك في إشراقك الشمس والبدرا
ألا هل لألفاظي طريقٌ إلى العذرِ
ألا هل لألفاظي طريقٌ إلى العذرِ / فدون الذي أوليتني رُتْبةُ الشكرِ
وما الشعر في قدر الأئمة زائد / ولكنَّ نظم الدّر أشهى من النثر
وما هَزَّني إلا الإمام وعطفُه / وإطفاء ذاك الجمر من ذلك الصدر
تبشِّرني عنه البشاشة بالرضا / وطيِّ الخطاب المتر والنظر الشَزْر
فيا حبَّذا ماءُ القَبول وحبذا / طلاوة ذاك البِشْر والمنظَرِ النضر
حباني معز الدين منه بنعمةٍ / كساني بها ثوبَ افتخارٍ على الفخر
وجرَّد من غمد الإذالة جانبي / وزحزح أقدام الحوادث عن ذِكري
وإن أمير المؤمنين لعالِم / بما يُمتطَى يوم الرهان وما يجري
أأُحصي أياديه ومِن بعضها أنا / أم أنعت جدواه ومن بعضها قدري
ومن كفّه أسطو ومن لحظه أرى / ومن مائه أَنمي وفي نوره أَسري
وقد جادني المَلْكُ الهمام فخصَّني / بِملْكٍ من الدُّهْم المطهَّمة الغُرّ
سأبلغ حظّي من أمانِيّ فوقه / وأدرِك أَثْارِي عليه من الدهر
ولا زال نصر الله دون وليّه / إذا سار عن مصرٍ أناخ على مصر
وصلّى عليه الله ما أنّ وامِق / وما غرّد القُمْرِي في فَنَن السِدْر
لِيهنك أني لم أجِد لك عائباً
لِيهنك أني لم أجِد لك عائباً / سوى حاسدٍ والحاسدون كثير
لَيهْنِ المعالي أنني أنا رَبُّها / وأني متى ما رمت صعباً تيسّرا
غذتنِيَ مذ كُنتُ النبوّةُ والهدى / فحسبيّ أَن كانا هما لِيَ عُنصُرَا
فمن شاء فليحسد ومن شاء فليَدَعْ / فلست أبالي مَن أَقَلّ وأكثرا
كفانيَ صنعُ الله في كل ظالم / وكلّ حسودٍ في المكاره شمَّرا
وقد قبضتْ كفُّ المنون نفوسَهم / وقد محقتْ منهم أُناساً ومعشرا
ولما تلقّى الغيثُ حسن غنائنا
ولما تلقّى الغيثُ حسن غنائنا / تلقتْ نجوم السعدِ أنجمنا كرّا
فيا صاحبي حُثَّ المدامة واسقني / فإني أرى في الدهر بعد الدجى فجرا
ولمَّا رأيت الله حضَّ على الشكر
ولمَّا رأيت الله حضَّ على الشكر / وجازى عليه الجزيل من الأجرِ
وقال اشكروا لي يا عبادي أزِدكمُ / شكرت أمير المؤمنين على بِرّي
إمامَ الهدى كم نعمة لك جَمَّة / لديّ وتقريبٍ رفعتَ بها قدري
وما زلتَ توليني الجميلَ تكرّماً / وتحفظتني من حيث أدري ولا أدري
وتُحسِن إيناسي وترفعُ مجلسي / وتَكْبِت حَسّادي وتُجمل في أمري
بلغتُ بك الآمال والسؤل والمُنَى / ونِلتُ الذي قد كنت أرجو من النصر
ولولاك لم أَلقَ الخطوب خواضعاً / إليّ ولم آخذ أماني من الدهر
ولم تَنْمُ أحوالي ولم تَسْمُ هِمَّتي / ولم تَعْلُ آمالي ولم يتّسع صدري
سأنشر ما أوليتني من تفضُّل / ثناء كما تُثنِي الرياضُ على القَطْر
وإن لم أصل شكري لفضلك دائماً / فلا زلتُ موصول المسامع بالوَقْر
يميناً غدا فيها اعتقادي كظاهري / ولم يختلف فيها مقالي ولا سِرّي
لقد قادني سمعي إليك وناظري / ولم يتخلّف عنك قلبي ولا فكري
ودِدْتُ ودادي منك في عين همّتي / وفي القلب والأحشاء والجِلْد والشَعْر
فهل أنت إلا الغيث جاد بسَيْبه / فَعَمّ به الآفاق في البرّ والبحر
فَضَلتَ الورى حزماً وعزماً وهمّةً / كما فضلت شمسُ النهار على البدر
وقمتَ بثأر الملك من كل غاصب / وأيَّدت أركان الوفاء على الغدر
فأنت المنار المستضاء بضوئه / وأنت الإمام المصطفى من أولى الأمر
أقرّت لك الأيام بالبأس والندى / وزالت لك الأملاك طرّاً عن الفخر
وسلّمت الدنيا إليك أمورها / فلم يَنْبُ فيها حَدُّ عزمك عن أمر
وجَرّب منك الدهرُ يقظان حازماً / إذا شجَّه باليأس داواه بالصبر
ألذَّ من الشهد المصفَّى مذاقُه / وأمضى من الصُمّ المثقَّفة السُمْر
عزيزاً أعزَّ الدينَ والمُلْكَ سيفُه / وأطلق أبناء الرجاء من الأسر
شكرتك في الشهر الذي كلّ صائم / بحبّك فيه يستزيد من الأجر
وصدّقتُ فيك السرَّ بالجهر إنه / أشفّ الهوى سِرّ يصدَّق بالجهر
فلا زلت تلقى الصوم دأباً بمثل ما / حواه من الإخلاص والبِرّ والطُهْر
ولا زال مَن والاك في كلّ نعمة / ولا زال من عاداك ما عاش في خُسْر
عليك سلام الله ما مَتَع الضحى / وما أسفرت عن ضوئها غُرَّة الفجر
زمانٌ كريعان الشبيبة ناضرُ
زمانٌ كريعان الشبيبة ناضرُ / وعيَش كما آب الحبيب المسافر
تقضّي بما فيه وأُعقِب بعده / زمان بأنواع المكاره ماطِر
ومن لؤمه أن فاز فيه أصاغرٌ / بنَيل معاليه ومات الأكابرُ
كأن نصيب الحُرّ منه مغَّيبٌ / وحظَّ الوضيع الساقِط النذل حاضر
دعا باسمك الداعي بمكَّة معلناً
دعا باسمك الداعي بمكَّة معلناً / فطاب لأهل الموسم الحجُّ والنَفْرُ
وحنَّت إليك المَرْوتان وزمزم / وثوْبَ تصريحاً بك الركنُ والحِجْرُ
مسارح آياتِ القُرَآن وَأَرْبُعٌ / بها ظَهرَ الإيمان واندمَغَ الكفر
وأرضٌ غد للوحي بين عِراصها / مجالٌ وللإسلام في أهلها نصر
وأنت بها يا بن النبي محمد / أحَقّ إذا ما بانت الحُجَجُ الزُهْر
لك الشرف الأعلى القديم الذي بَنَت / قريشٌ وأولىَ هاشم ولك الفخر
فأنت العزيز المستضاء به الذي / أنارت له الدنيا وتاه به الدهرُ
فحسْبُ العلا والمجد أنك رَبّها / وأنك في ظلماء كلِّ دُجىً فجر
وأنك مَنْهَلُ الندى بيِّن الهدى / كريم الثنا ما فيك بخل ولا كِبْر
وأنك للإسلام حْرز وللهدى / عماد وللعافين يومَ الندى بحر
فِداؤك منّي مُقلة أنت نورها / ونفس بك أستعلت وطاب له العمر
وصلّى عليك الله يا خير خلقِه / وأبقاك ما لاح الضحى وهَمَى القَطر
قد اجتمع البستان والروض والخمرُ
قد اجتمع البستان والروض والخمرُ / وحُرِّكِت الأوتارُ وارتفع الزَّمْرُ
فما لك لا تغدو إلى الراح غَدْوة / يبيحك فيها كلَّ ما تشتهي السكر
هل العيش إلا قينةً ومدامة / وساقٍ مليح ليس يُعصَى له أمر
فبادِر بقايا العمر ما دمت قادِراً / وما جرّ أرسانَ الحياة لك العمر
بفتيان صِدق من نداماك سادةٍ / إذا ما انتشَوا لم يجر بينهمُ هُجْر
كرامٍ ظِرافٍ لا يُمَلّ حديثهمْ / ولا يعتريهمْ في مجالسهم كِبر
وكأسٍ تُعيد العسر يسرا وتجتني
وكأسٍ تُعيد العسر يسرا وتجتني / ثمارَ الغِنى للشَرْب من شجر الفقرِ
كأنّ بياض الكأس فوق احمرارها / سماءٌ من الكافور ذُرَّت على جمر
إذا احتثَّها الساقي الأغنّ حسبتها / نجوم الثريّا لُحْنَ في راحة البدر
يولِّد فيها المزجُ دُرّاً منضّدا / كما كُتبت فوق الثرى نُقَطُ القَطْر
صِغارا وكبرى في الكؤوس كأنها / على الراح واوات تجمّعن في سطر
صبحتُ بها صحبي وقد رُنْدِج الدُجَى / بفضَة لألاء الصباح من الفجر
وقد زهرتْ بِيض النجوم كأنّها / على الأفُق الأعلى قلائد من درّ
ثلاثة أعيادٍ تلاقين جمعةٌ
ثلاثة أعيادٍ تلاقين جمعةٌ / وفِطْرٌ وعِيدٌ بالإمام نِزارِ
كذا قرَّر الله المحاسن كلَّها / عليك أبا المنصور خير قرارِ
برزتَ بروز البدر ليلة تِمَّه / وسِرْت برهبانةٍ ووَقار
وقمتَ خطيباً تورِد الحقَّ وِرْدَه / وتنصر دينَ الله غير مُدَار
كأن ملوك الأرض في الأرض ظلمةٌ / وأنت على الآفاق ضوءُ نهارِ
أَمِن بعدما أطلعِت من وجهك الضحى
أَمِن بعدما أطلعِت من وجهك الضحى / وأسمعتِني من قطع ألفاظك السحرا
تريدين مني الصبر عنك تجنّباً / متى تركت عيناكِ لي في الهوى صبرا
رُوَيدكِ ما قلبي حديداً فينثني / على هجر من أهوى ولا كبِدي صخرا
وباكيةٍ من غير دمع بأعينٍ
وباكيةٍ من غير دمع بأعينٍ / على غير خدّ دائماً تتحدّرُ
يغنّي بها زجل المدِير لقُطْبها / فيطرِبها حُسْن الغِناء فتنعَر
إذا نزف العشّاق دمعَ عيونهمْ / فأدمعها مع كثرةِ السكب تغزُر
ومُذْكرةٍ ريحَ الحبيب بريحها
ومُذْكرةٍ ريحَ الحبيب بريحها / وحاكية خدَّيه لي باحمرارها
تجاورَ لوناها اخضرار وحمرة / فيا عجباً من مائها قرب نارها
أسهم أصاب القلب أم لَحظُكِ الشَزْرُ
أسهم أصاب القلب أم لَحظُكِ الشَزْرُ / وسُقمٌ بدا ما بين جفنِيك أم سِحْرٌ
وماذا الذّي في صحن خدّكِ لائحٌ / أماءُ جَمالٍ جائلٌ فيه أم خمرُ
سَفرتِ فَجوّلتِ الدُّجَى قبل فَجرِه / أشمس أضاءت من نِقابك أم بدرُ
لقد أسكرتْ عيناكِ قدَّكِ فانثنى / كما ينثني بالشارب الثمِل السُّكْرُ
وحَمَّلْتِني ما لا أطيقُ من الهوى / كما لم يُطِقْ حَمْلاً لأَردافِك الخَصْرُ
أجَوْراً على العُشّاق والعدلُ ظاهر / وظلماً لهمْ والحقُّ أَنْجُمُه زُهرُ
ألستِ تخافين العزيزَ ومذ بدت / خلافَتُهُ لم يبق ظُلمٌ ولا غدر
صِليني لتُشْفَى غُلَّتي بِك مثلَ ما / شفتْ بأبي المنصور غُلَّتَها مصر
تباشرتِ الدنيا به وبمُلْكه / وردّ على الأيّام بهجتَها الدهرُ
هَنَاك قدومٌ حَفَّه السعد والعلا / ومدّ عليه عزّ سلطانِه النصر
رجعتَ وقد قضّيت ما لم يقضِّه / إمامٌ وما لم يحوِ أمثالهَ عصر
بفتح بشرقِ الأرض والغرب ذكرهُ / تَغَنّى به الدنيا ويحدو به السّفْر
فإن يك بَدْر لم يُقَسْ بشبيهه / فذى الوقعةُ الكبرى شبيهُتُها بدر
نصرت بها التوحيد والحق نُصْرَةً / عزيزيَّةً صَلَّى لها المجدُ والفخر
وأرهبتَ أهلَ الشامِ حتّى تركتُهَمْ / وليس لهم سرّ سواك ولا جهر
وسُسْتَهُمُ حَزْماً بما لم يَسُسهُمُ / بمعشاره يوماً زيادٌ ولا عَمْرو
فلو تَسْمَعُ الموتى لناديتُ مُسْمِعاً / يزيدَ بِخِزْيٍ قم فقد أدرِك الوِتر
نهضتُ بثارات الحسين وزيده / نهوضاً به من زَيْنب شُفيَ الصدر
ففاطمة الزهراءُ تُفْديك يابْنَها / وتسأل أن تَبْقَى ويبقَى لك العُمْرُ
وإنكَ للسَيفُ الذي الله ضاربٌ / به والهدى المدروسُ من نوره الذكر
فيا أيّها البحرُ الذي موجُه لُهىً / ويا أيّها الغيث الذي ماؤه تِبرُ
فداؤك قْوم طُلْتَهم وعلوتَهُمْ / أبوهُمْ إذا عدّوا أميَّةُ أو صخر
أراني إذا هذّبتُ فيك قصيدةً / يساعِدني في مدحك النظم والنّثر
ويجذِبُني قلبي إليك وهِمِّتي / ويعذبُ لي في حوك شعري لك الفكر
وهل أنا إلا ساعةٌ أنت يومُها / ويومٌ من الأيام أنت له شهر
وإني لممزوج بحبّك خِلْقةً / كما امتزجت بالماء في كأسها الخمر
كلانا لأصلٍ واحدٍ ولمَنبتٍ / تفرّع غُصْنانَا وما اختلف النَّجْر
فيا من عُلاه لي وإن كنتُ عبدَه / ومن أنا عند الانتساب له شَطْر
ضميرك يلقاني بخالص ودِه / ووجهُك ما إن ينقضي منه لي بشر
فإن كنُت في نشري لفضلك مُسْهِبا / ففضلكُ فضلٌ لا يحصِّله الذكر
أُهنّيك لا أَعني سواك بأَوبة / كأنك عِقْد وهْيَ من تحته نَحْرُ
ولو أنّ أرضاً هزّها الشوقُ أقبلت / إليك اشتياقاً أرضُ مصرك والقَصْرُ
سَقَى السفحَ من دَيْر القُصَير إلى النّهر
سَقَى السفحَ من دَيْر القُصَير إلى النّهر / إلى الجيزة الغرّاء فالشّط فالجسِر
من الغاديات الغُرّ كلّ مُخيّم / ضعيفِ الصَبَا عذب الحيَا مُسْبَل القَطْر
إذا جادها صوباً أجاد رياضَها / وألبَسها وَشْياً من النَوْر والزهر
فمن بُسُطٍ مسكيَّة ونمارقٍ / خَلُوقيّةٍ حفّت بأَقْبِيةٍ خُضْر
كأنّ الندى فوق الشقائق جائلاً / دموعٌ أرِيقت في الخدود على النحر
إذا الريحُ جالت بينهنّ تضوَّعت / بريح فتيتِ المسك أو عنبر الشِّحْرِ
خليلَيّ لا عيشٌ سوى اللهو والصِّبا / ولا لهوَ إلاّ في سماع وفي خمر
فَحُثّا كؤوس الرّاح صِرْفاً فإنني / أرى الدهرَ صَعْباً لا يَدُومُ على أمر
إذا الدهرُ أعطاك القِيادَ فلا تثِق / به فقُصَاراه التنقّل للغدر
فأَعط من العيش الشبابَ نَصيبَهُ / ولا تنتظرْ كَرَّ البياض على الشعر
وغضبيّ من الإدلال والتيه في الهوى / بلا غَضَب سَكْرَي الجفونِ بلا سُكر
كأن على لَبَّاتها رونَق الضُّحى / وفي حيثُ يَهْوِي القُرْط منها سنا الفجر
ترى البدر مثل البدر في صحن خدّها / وتفترّ عن مثل الجُمَان من الثغر
حَلَفت ببيض الهند تجري متونُها / نجيعاً وأطرافِ المثقَّفة السُمْر
وخوض الوغَى للموت في كل مأْقِطٍ / بهيمٍ يَخاف الذعرُ فيه من الذّعر
أليَّةَ من لاَقى الحِمامَ بمثله / ومارسَ منه الدهرُ أَمْضَى من الدهر
لأَنتَ العزيزُ المصطفَى والَّذي به / غدا المُلْكُ غَضَّ الفرع مجتمِعَ الوَفْر
وأنت سراجُ الحقّ في كلّ شبهة / وغوثُ الورى واليسرُ في أثَر العسر
ولا زلت تني مذ ولِيت أمورَنا / غلى الخُلُق المرضيّ والرُتَبُ الزُهْر
تسير بسيرات النبي وهَدْيه / وتَتْبع ما قد صحّ عنه من الأَثْر
وتضربُ مَن عاداك بالذّلِّ صاغراً / وتصحب من والاك بالعزّ والنصر
إلى أن نَعَشْتَ الملكَ بعد اضطرابه / وأمَّنت من قد كان منه على حذْر
ولولاك لم نلق الغني متبسّطاً / ولم نَجِدِ الأيامَ طيِّبة النَشْر
صَفُوحٌ بذولٌ للنَّدى مُتَكَرّم / إذا جُدْت أتبعت السماحة بالعذر
كأنّ رِواقَ الملكِ مذْ لاح تحته / جبينُك مضروبٌ على الشمس وَالبدر
بدتْ لك آياتٌ عليك شواهدٌ / بأنك أنت المصطفَى من أُولى الأْمر
وأنك أنت الخامسُ القائم الّذي / تَدينُ له أرضُ العِراقين عن قَسْر
وأنك مهديّ الأئِمة كلِّهم / وصاحبُ ذا الوقِت المسمَّى وذا العصر
ولما اختلفنا في النجوم وعلمها / وفي أنها بالنَّفع والضّرّ قد تَجْري
فمِن مؤمن هنّا بها ومكذِّب / ومن مُكْثِرٍ فِيها الجِدالَ ولا يَدْرِي
ومِن قائل تجري بسَعْدٍ وَأَنْحُسٍ / وتَعْلَمُ ما يأتي من الخير والشر
فعلّمَتنا تأويلَ ذلك كلِّه / بما فيه من سِرّ وما فيه من جهر
عن الطاهر المنصور جدِّك ناقلاً / وكان بها دونَ البريّة ذا خُبْر
وأخبرتَنا أنَّ المنجِّم كاهن / بماقال والكهان من شيعة الكفر
وأن جميع الكافرين مصيرُهُمْ / إلى النار في يوم القيامة والحشر
فجمّعتَنا بعد اختلاف ومِرْية / وألفَّتنا بعد التنافر والزَّجْر
وأوضحتَ فيها قول حقّ مبرهَن / يجلِّي ظلامَ الشّكّ عن كلّ ذي فكر
فعدْنا إلى أنّ الكواكب زِينةٌ / وفيها رجومٌ للشياطين إذ تسري
مسخّرة مضطرة في بروجها / تسِير بتدبير الإله على قَدْر
وأن جميع الغَيبِ لله وحدَه / تباركَ من ربّ ومن صَمَد وَتْر
وما علمتْ منه الأئمّة إنما / رَوَوه عن المختار جدِّهم الطُهْر
وكم لك فينا مثلها من هداية / سلِمتَ أبا المنصور للمجد والفخر
فإنك حبلُ الله بين عباده / وحُجَّتُه يا مُبْدِيَ الحُجَج الغرّ
إذا ما ملوكُ الأرِض سامَتْك في العلا / فَضَلتْهَمُ فَضْلَ الهلال على النسر
ولو كاثر الغيث الملث بقَطْره / يَمِنَك أربتْ في نداه على القطر
ولو وازنتْك النفسُ منّي جعلتُها / فداءكَ أو كثّرتُ عمرك من عمري
وقد خصّك الرحمنُ قبلَ مقالتي / بطولِ بقاءِ العمرِ في مرتضَى الذّكْرِ
فيا واحدَ الأملاك طرّاً وما عسى / أُحَصِّله من نظم فضلك في الشعر
ولو جلَّ عن شكرٍ من الناس ماجدٌ / لأصبحتَ في الدّنيا جليلاً عن الشكر
لك الشرف الأعلى الذي كان هاشمٌ / له بانياً بين المشاعر والحجْر
فَضَلْت البرايا أوّلاً ثم آخِراً / وسُدْتَهُمُ طَوْعاً بنائلك الغَمْر
وجاريتَ للمجد الملوك فَفُتَّهُمْ / ولم يبلغوا من عشر شأوك للعُشْر
ففي كلّ صدر صفوُ حبّك ثابتٌ / ولكنّه دونَ الذي لك في صدري
عليك صلاةُ الله ما ذَرَّ شارقٌ / فإنك برّ ما تملّ من البِرّ
إذا كنتُ ذا قلبٍ عَزوفٍ وهِمَّة
إذا كنتُ ذا قلبٍ عَزوفٍ وهِمَّة / يُقَصِّر عنها يَذْبُلُ وثَبِير
ولم ترضَ نفسي أن تذِلّ وتختذي / لغيرك إذ لا مَن سواك كثير
فما بال وعدي لم يتمَّ وماله / تلوح عليه كَأْبَةٌ وفتور
تأنَّيتُه شهراً أرجِّي قضاءه / وشهرٌ رهين الانتظار شهور
أيرجِعَ من يرجوك للدّهر صاغراً / وأنت على كلّ الأمور قدير
وكيف يخِيب المرتجِي منك نائلاً / وطائره بالسعد ظَلَّ يطيرُ
أأجزع من صَرْف الزمان ورَيْبه / وأنت على صرف الزمان أمير
وإني وإن لم أُعطَ حظّاً لَعالِمٌ / جَليد على كرِّ الخطوب صَبُورُ
إذا لم أكنْ نِكْساً جَهْولاً فَهَيِّنٌ / عَلَيّ بُؤُوسٌ نالني وحَبُورُ
وما زلتُ أَسمو للغني بك والعُلا / ومثلي بما يَسمو إليه جَدِير
فيا ليتَ شِعْرِي ما الّذي فيك عَاقني / وأنت عليمٌ بالرجال بصير
قضاؤك حقّ فاقضِ ما شئتَ إنني / على كلّ ما تَقضِي الغداةَ شَكور
إذا رحتُ من سكرٍ غدوتُ إلى سكرِ
إذا رحتُ من سكرٍ غدوتُ إلى سكرِ / وأنفقتُ في الهوى وفي لذَّتي عمري
ولِمْ لا أجُرّ الذَيْل في ساحة الصِبَا / وشَرْخُ شبابي قائمٌ لي بالعذر
ومعشوقةِ الألحاظِ تهتزّ للصِّبا / كما اهتز غُصْنُ البان في الوَرَق الخُضْر
مُهفهَفة صفراء إلاَّ لآلِئاً / إذا ابتسمتْ بِيضاً يَلْحْنَ من الثغر
قطعتُ بها ليل التِّمام وبدره / إذا ما رآها ظنَّها غُرَّةَ البدرِ
سل عن فِعَالي الراحَ والصحوَ والسُكْرا
سل عن فِعَالي الراحَ والصحوَ والسُكْرا / وعن راحتي الجَدْوَى وعن همَّتِي الدهرا
ألستُ إذا صاحبتُ أكرَمَ مَنْ صحا / وأكرمَ من أَسُقَى ومن شرِب الخمرا
أحسّن للنفس الوفاءَ وطُرْقَهُ / وأمنعها هَجْر الأَخِلاَّءِ والغدرا
إذا ما انتشى صحْبي من الراحِ لم أكن / ولو أسمعوني مُسمِعاً لهمُ هُجْرا
ولم تخش نَدْماني لسانِي ولا يدي / ولم أُبْدِ للعافين دون الندى عذرا
بلوتُ خِلالَ الخيرِ والشرّ والورى / سُدىً وسلكتُ السهلَ للمجِد والوعرا
أنا ابن مُعِزّ الدِّين أَبنِي كما بَنَى / وأُشبِهه سِراً وأٌشبِهه جهرا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025