المجموع : 15
قليلٌ لها أن يتْبعَ الدَّمعُ غيرَها
قليلٌ لها أن يتْبعَ الدَّمعُ غيرَها / وقد أزمعَتْ يومَ الفراقِ مسيرَها
شفَا كَمَدي أُنْسُ الظِّباءِ وإنَّما / عَرَتْ فرقةٌ شتَّى الظِّباءِ نَفُورَها
وما عاقَني يومَ العقيقِ عن الجَوى / سُفورُ دُمىً أبدَتْ لبَيْنٍ سُفورَها
إذا رَدَّها كَرُّ العِناقِ عواطلاً / من الحَلْيِ حلَّتْ بالدُّموعِ نحورَها
غدا الشَّوقُ في الأحشاءِ ثَانِيَ عِطْفِهِ / غداةِ ثَنَتْ أعطافَها وخصورَها
دعَتْني إساءاتُ الخُطوبِ إلى السُّرى / وكم من سُرىً أهدَتْ لنفسٍ سرورَها
فبُحْتُ بما استودَعْتُ صَدْري من الهُوى / وباحَتْ بما استودَعْتُ منه صدورَها
فبِعتُ وِصالاً لا أَمَلُّ أصيلَه / بأيامِ هَجرٍ لا أملُّ هجيرَها
لقد حاوَلَتْ سِلْمَ الأميرِ عِداتُه / لتحمَدَ في سِلمِ الأميرِ أميرَها
فزارَتْهُ من أَعلى الصَّعيدِ وقد ثنى / إليها عِنانَ السَّيرِ كيما يزورَها
مُطِلٌّ على أرضِ العِراقِ بِعَزمَةٍ / وثاوٍ بأرضِ الشامِ يحمي ثغورَها
مُعِدٌ ليومِ الرَّوْعِ بِيضاً تذكَّرَتْ / ظُباتِ الاعادي فاستقالَتْ ذُكورَها
وسُمراً تَثنَّى في الطِّعانِ كأنَّها / نَشاوى سقَتْها الأَندرينَ خمورَها
فقد تارَكَتْه التُّركُ لمَّا تأمَّلَتْ / سَطاه ولو لاقَتْه لاقَتْ مُبيرَها
أَزارَهمُ أُسْدَ العرينِ خَوادراً / تُرَدِّدُ في غابِ الرِّماحِ زئيرَها
كتائبَ لو لاقَيْنَ كِسرى وقد سَمتْ / لإيوانِ كِسرى غادرَتْهُ كسيرَها
ورامَتْ حُماةُ الرُّومِ لُقياه فاغتدَتْ / مواقفُها يومَ اللِّقاءِ قبورَها
أمالَ إليهم أوجُهَ الخيلِ آلفاً / سُراها إلى أوطانِهم وبُكورَها
وجاءَهُمُ في الرِّيحِ رَيَّا عَجاجَةٍ / تَبُثُّ الصَّبا كافورَها وعبيرَها
فحلَّ بنَصْلِ السيفِ لُؤلُؤَ تاجِها / وحطَّ بأطرافِ الرِّماحِ سريرَها
وشَنَّ على الحُورِ الكواعبِ غارَةً / أغارَ بها غِيدَ النِّساءِ وحُورَها
فإنْ تَطْغَ يوماً عايَنَتْ منه حَتفَها / وإنْ تَستَجِرْ يوماً أضلَّتْ مجيرَها
وكم حومَةٍ حامَتْ عُقابُ لوائِها / عليكَ ونارُ الحربِ تُذكي سعيرَها
وشاهقةٍ يَحمي الحِمامُ سهولَها / وتمنَعُ أسبابُ المنايا وعورَها
إذا سترَتْ غُرُّ السَّحابِ وقد سرَتْ / جوانِبَها خِلْتَ السَّحابَ سُتورَها
وإنْ عادَ خوفاً من سُيوفِكَ ربُّها / بِدِرَّتِها أضحَى لَديْكَ أسيرَها
مُقيمٌ تَمُرُّ الطَّيرُ دونَ مَقامِه / فليسَ تَرى عيناه إلا ظُهورَها
ثَنَيْتَ إلى غاياتِها الأُسْدَ فانثَنتْ / تُساوِرُ بالبِيضِ الصَّوارمِ سُورَها
وآثَرْتَ بالعَدْلِ الخلافةَ فاعتلَى / سَناها وكاد الجَوْرُ يُخمِدُ نورَها
بعثْتَ إليها تَغْلِبَ ابنةَ وائلٍ / فكانَتْ وقد عَمَّ الظَّلامُ بُدورَها
فإنْ تُدْعَ دونَ الأولياء لِنُصْرَةٍ / عَليَّ بنَ عبدِ اللهِ تُدْعَ نصيرَها
أَتتْكَ القوافي ظامئاتٍ إلى النَّدى / فأَوردْتَها عَذْبَ المياهِ نميرَها
وعادَتْ بكُفءِ منكَ يُكثِرُ مَهرَها / وقد عَدِمَتْ أكفاءَها ومُهورَها
فأيقنْتُ بالنُّجْحِ الذي كنتُ أرتجي / لديكَ وعاينتُ المُنى وغرورَها
هَلِ الصَّبرُ مُجْدٍ حينَ أدَّرِعُ الصَّبْرا
هَلِ الصَّبرُ مُجْدٍ حينَ أدَّرِعُ الصَّبْرا / وهل ناصرٌ للشِّعْرِ يُوسِعُه نَصْرا
تَحَيَّفَ شِعْري يا ابنَ فهدٍ مُصالِتٌ / ظلومٌ فقد أُعدِمْتُ منه وقد أَثرَى
وفي كلِّ يومٍ لِلْغَبِيَّيْنِ غارَةٌ / تُرَوِّعُ ألفاظي المحجَّلةَ الغُرَّا
إذا عَنَّ لي مَعنىً تَضاحَكَ لَفظُه / كما ضاحَكَ النُّوَّارُ في رَوْضِه الغُدْرا
غَريبٌ كَسَطْرِ البَرْقِ لَمَّا تبسَّمَتْ / مَخائِلُه للفِكْرِ أودَعْتُه سَطرا
فوَجهٌ من الفتيانِ يمسَحُ وَجهَه / وصَدْرٌ من الأقوامِ يُسكِنُهُ صَدْرا
تناوَلَهُ مُثْرٍ من الجَهْلِ مُعْدِمٌ / من الحِلْمِ معذورٌ متى خَلعَ العُذرا
فبعَّدَ ما قَرَّبْتُ منه غَباوَةً / ورَدَّدَ ما سهَّلْتُ من لَفْظِهِ وَعْرا
فمهلاً أبا عثمان مهلاً فإنَّما / يَغارُ على الأشعارِ مَنْ عَشِقَ الشَّعْرا
لأّطفأتُما تلك النُّجومَ بأَسرِها / ودنَّستُما تلكَ المَطارِفَ والأُزْرا
فوَيحَكُما هلاَّ بِشَطْرٍ قَنِعتُما / وأبقَيْتُما لي من مَحاسِنِها شَطرا
لَئِنْ وَتَرَتْ كَفِّي سعيدَ بنَ هاشمٍ / فقد نالَ من شِعْري بغارَتِه الوِترا
أبا جعفَرٍ كانت يداكَ سَحائباً
أبا جعفَرٍ كانت يداكَ سَحائباً / تَفيضُ على الرَّكْبِ العُفاةِ غِزارُها
فما للنَّدى قد سُدَّ منك سَبيلُهُ / وما للمَعالي عُطِّلَتْ منك دارُها
لقد قبضَتْ كَيْدَ المَكارمِ كفُّه / وقَلَّ على رُغمِ العُفاةِ غِزارُها
فأظلمَتِ الآفاقُ بعدَ محمدٍ / فسِيَّانِ منها ليلُها ونَهارُها
نوالُ أبي نصرٍ على الدَّهر ناصرُ
نوالُ أبي نصرٍ على الدَّهر ناصرُ / وَفَتْ لي به الأيامُ وهيَ غَوادِرُ
نَظَمْنا له دُرَّ الكَلامِ وإنَّما / يُنظَّمُ في الأشعارِ ما هو ناثرُ
أَغرُّ إذا ما الحادثاتُ تَنَكَّرَتْ / تَبلَّجَ لي معروفُه وهو سافِرُ
وهل يتعدَّى الحادثُ النُّكرُ أمرَه / وفي كَفِّهِ للدَّهرِ ناهٍ وآمِرُ
من الرُّقشِ أعلاهُ سِنانٌ مذرَّبٌ / وأسفلُه عَضبُ الغِرارَينِ باترُ
ولم أرَ سيفاً يرتدي الوَشْيَ قبلَه / وتُنثَرُ عندَ الهَزِّ منه الجَواهِرُ
فلا راكباً في ظُلمَةِ اللَّيلِ سائراً / مطيَّتُه بحرٌ من الخَوفِ زَاخِرُ
ولا مُفرداً يَثني الكتائبَ بأسُهُ / ويرتاعُ منه دارِعٌ وهو حاسِرُ
يُريكَ العطايا والمَنايا إذا جَرى / لوامعَ في الوَشيِ الذي هو ناشرُ
ولما أتتني من يدَيْكَ صنيعةٌ / شكرْتُك إني للصَّنائعِ شاكرُ
وأحسنُ مَنْ يُجزى على الحمدِ كاتبٌ / يُسَربِلُهُ وَشيُ الفَصاحَةِ شاعرُ
يَمُتُّ إليكم بالقَرابَةِ إنَّنا / عَشائِرُ قُربى حينَ تنأى العشائرُ
أبونا أبو اللَّفظِ البديعِ عُطارِدٌ / تَجيشُ له بالمُعجِزاتِ الخَواطِرُ
تُفرِّقُنا الأنسابُ في كلِّ مَجمَعٍ / وتجمَعُنا الآدابُ وهي أواصِرُ
أرى حاجتي لم يَنأَ منها أوائلٌ / فكيفَ نأى منها عليَّ الأواخِرُ
وما الذَّمُّ للأيامِ ذنباً لأنَّه / بأمرِكَ يجري صرفُها المتواتِرُ
ولا أظلِمُ المِقدارَ في بُعْدِ حاجَةٍ / تَمَسُّكَ والأقلامُ فيها المَقادِرُ
وأجردَ يسعى ليلَه ونهارَه
وأجردَ يسعى ليلَه ونهارَه / وفي وَسْطِهِ عَظْمٌ يُقَوِّمُ سَيْرَه
وما جارَ فيما سارَ قَدرَ قُلامَةٍ / ولكنَّهُ يَشقَى ويَستُرُ غيرَه
وَنَى في التَّصابي بعدَما كان شمَّرا
وَنَى في التَّصابي بعدَما كان شمَّرا / وقَصَّرَ في شأوِ الزَّمانِ فأقصرَا
وشابَ بلونِ الصُّبحِ ليلُ شَبابِه / فأصبحَ شتَّى الحُلَّتَيْنِ مُشَهَّرا
ولا عادَ رَدُّ المُستَعارِ مُسلَّماً / وَقُدَّمَ رَيعانُ الصَّبا وتأخَّرا
فلم يبقَ إلاّ الرَّاحُ بينَ كُؤوسِها / مُذاكَرَةٌ كالرَّوْضِ جِيدَ فأَزهَرا
أحاديثُ لو يجتازُها نَفَسُ الصَّبا / تأَرَّجَ من أنفاسِها وتعطَّرا
وساقيةٌ تَشدو فتُحسِنُ شَدوَها / وتَبسِمُ أحياناً فتَحسُنُ مَنظَرا
هجرتُ النُّدامى إذ بلوْتْ خِلالَهم / ونادَمْتُ كِسرى في الزُّجاجِ وقَيصرَا
أُعرِّيهما طَوراً وطَوراً أراهُما / يَجُرَّانِ مصقولَ البنائقِ أحمرا
فلو لم يكونا جَوْهَرَيْنِ كِلاهُما / نَفيسَينِ ما حَلاَّ من الكاسِ جَوهرا
وهيَّجَ من وَجدي حنينُ ابنِ قينةٍ / إذا استَنطَقَتْه بالأناملِ زمجرَا
خَفيفٍ إذا لا قاكَ في ذَهَبيَّةٍ / مزَّنرةٍ أرضاكَ مَرْأىً ومَخبَرا
بَراهُ صِناعُ القَلبِ والكَفِّ كلما / تَعذَّرَ مَعناه البديعُ تفكَّرا
وضَمَّتْهُ رَيَّا المِرْطِ ينفُضُ جِسمُها / على جِسْمِه مِسْكاً ذكيّاً وعَنبرا
فساقَ قلوبَ الشَّرْبِ إذ حنَّ غُلَّبا / وراقَ عيونَ البيضِ حينَ توقَّرا
سأبَعثُ حَمْدي غازياً وَفْرَ سيِّدٍ / إذا ما غزاه الحمدُ عاد مظفَّرا
كأنَّ ثَنَائي غِبَّ جَدواه مَرتَعٌ / تبسَّمَ غِبَّ السَّارياتِ ونَوَّرا
قديمٌ على الأيَّامِ إنْ عُدَّ مَعْشَرٌ / حديثُ المعالي عند عادٍ وحِمْيرَا
تسهَّلَ لي في أحمدَ الشِّعرُ طائعاً / ولو رُمْتُه في غيرِه لتعذَّرا
أطلْتُ وما اتسغرقتُ وصفَ خِلالِه / فرحتُ مُطيلاً في الثَّناءِ مُقَصِّرا
أأحمدُ إني بينَ قومً تبرَّؤُوا / من العُرْفِ حتَّى قد حَسِبناهُ مُنكَرا
إذا نزَلوا أبصرتُ للجهلِ نادياً / وإن رَحَلوا أبصرتُ للبُخلِ عسكَرا
أقولُ وقد عاينتُهم عَدَدَ الحَصى / عَدِمْتُكَ جيلاً ما أقلَّ وأكثرَا
كأنَّكَ فيهمِ شارقٌ في دِجنَّةٍ / إذا أغبشَتْ مُربَدَّةُ اللَّونِ أسفَرا
أتتْكَ القوافي الغُرُّ تطلُبُ حاجةً / جزاؤُكَ فيها أن تُثابَ وتُشكَرا
غرائبُ لو نادَيْنَ في المَحْلِ عارضاً / أجابَ ولو ناشدْنَ صخراً تَفجَّرا
عَدَلْتُ عن النابي الكَهامِ بِحَلْيِها / وألبسْتُه منك الحُسامَ المُذكَّرا
فلا تَردُدِ العِقْدَ المُفَضَّلَ خائباً / بصدِّكَ عنه والرِّداءَ المُحبَّرا
لنا قَهوَةٌ في الدَّنِّ تمَّتْ شهورُها
لنا قَهوَةٌ في الدَّنِّ تمَّتْ شهورُها / فرقَّتْ حَواشيها وأشرقَ نُورُها
يُحيَّيكَ بالمِسكِ الذَّكيِّ دُنُّوها / ويلقاكَ بالبِشْرِ الجميلِ بَشيرُها
وقد كَتَبْت أيدي الرَّبيعِ صحائفاً / كأنَّ سُطورَ البَرقِ حُسناً سطورُها
فمِن رَوْضَةٍ سارٍ إلينا نسيمُها / ومن مُزْنَةٍ مُرخىً علينا سُتورُها
وغرفتُنا الحسناءُ قد زادَ حُسنُها / بزائرةٍ في كلِّ عامٍ تَزورُها
بمُبيَضَّةِ الأحشاءِ سودٍ ظُهُورُها / مُزَنَّرةِ الأذنابِ حُمْرٍ نُحورُها
مُرَفرِفَةٍ حولَ البيوتِ وفودُها / مُحَلِّقَةٍ حَولَ السُّقوفِ وكورُها
لهُنَّ لغاتٌ مُعْجِماتٌ كأنَّها / صَريرُ نعالِ السِّبتِ عالٍ صريرُها
تُجاورنُا حتى تَشِبَّ صِغارُها / فيَلحَقُ فينا بالكَبيرِ صَغيرُها
فزُرْنا ترَى اللذَّاتِ بِيضاً وُجوهُها / مُحبَّبَةً رَوْحاتُها وبُكورُها
وبادِرْ إلى الرَّاحِ التي أنتَ خُلُّها / فقد قامَ ساقينا الأَغَرُّ يُديرُها
ذَكَرناهُ فانهلَّت مدامعُنا تترى
ذَكَرناهُ فانهلَّت مدامعُنا تترى / مُخبَّرَةً عن كلِّ ذي كَبِدٍ حرَّى
عَهِدناكَ مَخصوصاً من البيتِ كلِّه / بمنزِلَةٍ في الصَّدرِ أنتَ بها أحرَى
تَظَلُّ لها رِجلاكَ في قَعرِ وَهْدَةٍ / إذا ما عَلَتْ إحداهُما هَوَتِ الأُخرى
وفوقَك صَفراوانِ إن شئتَ غَنَّتا / كذاكِرَتيْ فَرخَينْ شفَّهُما الذِّكرى
وكم أرسلَتْ يُمنى يَديك رسولَها / فما لَبِثَتْه حينَ صافحَتِ اليُسرى
عَجِبْتُ له طِرفاً يَجُرُّ عِنانَهُ / ولا يتشكَّى الأينَ ما بَعُدَ المَسرى
يَشُقُّ نقيَّ المتنِ جَعْداً كأنَّه / غديرٌ تمشَّى الرِّيحُ من فوقِه حَسرى
فيا هالكاً أعرى الصديقَ بهُلْكِه / وعَزَّ على تلكَ الأناملِ أن تَعرى
إذا صَغُرَتْ يوماً رَزِيَّةُ صاحبٍ / بصاحِبه كانت رَزيَّتُكَ الكُبرى
ورَوْضٍ كَساهُ الغَيثُ إذ جادَ أرضَه
ورَوْضٍ كَساهُ الغَيثُ إذ جادَ أرضَه / مَجاسِدَ وَشْيٍ من بهارٍ ومَنثورِ
به أبيضُ الوردِ الجَنيِّ كأنَّما / تَبسَّمَ للناشي بمِسكٍ وكافورِ
كأنَّ اصفراراً منه فوقَ ابيضاضِهِ / بُرادةُ تِبرٍ في مَداهنِ بَلُّورِ
وجُندُبةٍ تمشي بساقٍ كأنَّه
وجُندُبةٍ تمشي بساقٍ كأنَّه / على فَخِدٍ كالعُودِ منشارُ عرعرِ
مُكتَّبةٍ تجلو الجَناحَ كأنَّها / عروسٌ تجلَّت في عِطافٍ مُعنبَرِ
وأزهرَ وَضَّاحٍ يَروقُ عيونَنا
وأزهرَ وَضَّاحٍ يَروقُ عيونَنا / إذا ما رَميناه بِلَحْظِ النَّواظِرِ
له أربعٌ تأبى السُّرى غيرَ أنَّها / تُصافِحُ وجهَ الأرضِ مثلَ الحوافرِ
يَقِلُّ جسوماً بعضُها من مُورَّدٍ / وسائُرها في مثلِ صِبْغِ الدَّياجرِ
نواصِلُه أيامَ للقُرِّ سطوَةٌ / ونهجُرُه أيامَ لَفْحِ الهَواجرِ
بَعثْتَ بِها عذراءَ حاليةَ النَّحْرِ
بَعثْتَ بِها عذراءَ حاليةَ النَّحْرِ / مشهَّرَةَ الجِلبابِ حُوريَّةَ النَّجرِ
تأنَّى لها طَبٌّ بإخلاصِ طيبِها / فأفرغ فيها رُوحَ رَيحانةِ الزَّهْرِ
وألبسَها وَشياً يَزُرُّ جيوبَه / على النَّحْرِ منها والذُّيولَ على الخَصرِ
مُضمَّنةً ماءً صَفا مثلَ صفوِها / فجاء كذَوْبِ التِّبْرِ في جامدِ الدُّرِّ
ينوبُ بكفِّي عن أبيه وقد مضى / كما نُبْتَ عن آبائِك السادةِ الغُرِّ
وَيَشْرَكُني في نَشرِهِ الريحُ غُدوةً / فتجري إلى الآفاقِ طَيِّبَةَ النشرِ
فيا لكَ من بَرٍّ يخبِّرُ عن فتىً / حَفِيٍّ بنا في كل نائبةٍ بَرِّ
فإنْ يَكُ حيَّاني بها فارسيَّةً / فسوفَ أحيِّيه بمُعربَةِ الشُّكْرِ
وكم من يَدٍ للحُرِّ عنديَ ثَيِّبٍ / كشفْتُ محُيَّاها بقافيةٍ بِكْرِ
كَفْرتُ ولم أشكُرْ نصيحةَ فارسٍ
كَفْرتُ ولم أشكُرْ نصيحةَ فارسٍ / وكم من نصيحٍ مِثله حُرِمَ الشُّكرا
أراني طريقَ الإعتزالِ ولم يُرِد / سوى أن أَسُبَّ اللهَ والعالمَ الطُّهْرا
سأستأذنُ القرآنَ فيما دعوتَني / إليه ولا أَعْصِي لِمُنْزِلِه أمرا
خَليليَّ إنَّ الغيثَ أَوَّلُه قَطْرُ
خَليليَّ إنَّ الغيثَ أَوَّلُه قَطْرُ / ونارُ الهَوى قد صار دُخانُها جَمْرُ
فلا تعذُلاني إن هَوِيتُ فإنَّني / هَويتُ رجاءً أن يُساعِدَني الدَّهرُ
فلمّا أبانَ الدهرُ لي غدرَ أهِله / تولَّيتُ عنهم إذ تَدارَكَني الصَّبرُ
فكم من مُحِبٍّ قد تبيَّنَ عُذْرُهُ / فرامَ اصطباراً فاستقادَ له الصَّبرُ
فلم يَكُ قلبي في الهَوى مثلَ قلبِه / فللهِ حمدٌ دائمٌ وله الشُّكرُ
سأتُرُكُ مَنْ أهوى بما هو أهلُه / ولو كانَ مَنْ أهوى يُشاكِلُه البَدرُ
وأصبو إلى قولِ الذي قد عرَفتما / ألا سَقِّني خمراً وقل لي هي الخمرُ
ألا سَقِّياني من سلافَةِ خَمرةٍ / يجانبُها المَحمودُ والأبلَهُ الغَمْرُ
مُصَفِّقَةً كأساً كأنَّ شُعاعَها / تَوَرُّدُ خَدٍّ حينَ يبدو به السُّكْرُ
فإن كسروها بالمِزاجِ حكَتْ لنا / غلائِلَ عُشَّاقٍ أضرَّ بهم هَجْرُ
فلا خَيْرَ في القُربى إذا ما مَلْلتَني / ولا خَيْرَ في نُعمى يُقارِبُها كُفرُ
وذي غَنَجٍ يَرنو بمُقلَةِ جُؤذُرٍ
وذي غَنَجٍ يَرنو بمُقلَةِ جُؤذُرٍ / متَى يَغْدُ فيه خالعَ العُذرِ يُعذَرِ
له فَوقَ وَرْدِ الخَدِّ خالٌ كأنَّه / إذا احمرَّ وَرْدُ الخَدِّ نُقطةُ عَنبَرِ