المجموع : 3
غنينَا بآل الحضرميِّ وإنما
غنينَا بآل الحضرميِّ وإنما / غَنينا بآثارِ السّحابِ المواطرِ
بكلِّ فتىً كالسّيف إلا ارتياحَهُ / لِطَلْعَةِ شاكٍ أو لنَغْمَةِ شاكر
كريمِ المساعي هزَّ عِطْفَيَّ عطفُهُ / إلى أثَرٍ من مجدهِ ومآثر
بنىً شادها عيسى وشاد محمد / فيا فَلَكُ امسكها بفلك المفاخر
ضراعةَ مأمورٍ هفا متعمداً / فصاغ لها من درِّهِ لفظَ آمر
فلا ذنبَ لي إن لم أكنْ جدَّ عالمٍ / على أيّكمْ نبدا بِثَنْي الخنَاصر
بهاليلُ من قحطانَ ساروا بذكرهمْ / إلى مَثَلٍ في الجودِ والبأسِ سائر
هم جَنَبُوها بين بُصْرى وَجِلَّقٍ / ضوامرَ زَجُّوْهَا وغيرَ ضوامر
لياليَ اعطوها سليحَ إتاوةً / جَرَتْ مثلاً أُخْرَى الدهورِ الدواهر
وهمْ ذَعَرُوا أفناءَ عكٍ بوقعةٍ / أدارتْ على همدانَ إحدى الدَّوَائرِ
وهمْ زحموا أرضَ الحجاز بزحمةً / ببيض الظُّبا والراعفاتِ الشواجر
وهمْ ملأوا نجداً شَمَاماً وَنَجْدَةً / وِرِقَّةَ آدابٍ وطَيبَ عَنَاصر
لهمْ أجأٌ يحميه زيدٌ وحاتمٌ / بِشَدِّ المذاكي أو بشدِّ المَغَافر
وَجِلَّقُ في سلطانِ عمروِ بن عامرٍ / وكم لهمُ مِنْ مثلِ عمرو بن عامر
وطيبةُ مما أنزلتْهُ سيوفهم / فهل من مُباهٍ أو فَهَلْ مِنْ مفاخر
لياليَ طابتْ سُبْلها وَشِعَابُها / بأكرمِ منصورٍ وأكرمِ ناصر
بِحيَّينِ من أبناءِ قَيْلةَ أقْدَمُوا / على الموتِ إقدامَ الليوثِ الخوادر
سخاؤهُمُ ظلٌّ لكلِّ مُهَجّرٍ / وبأسُهُمُ أمنٌ لكلِّ مُهَاجر
وفي كلِّ أرضٍ بلّغوا المجد حقه / بحدِّ العوالي واحتمال الجرائر
ولا مثلَ عيسى منهمُ ومحمدٍ / طهارةَ أثوابٍ وحُسْنَ مناظرِ
ونعم الفَتَى إن أخلفَ الغيثُ مالكٌ / قِرَى النازلِ الثّاوي وزادُ المسافر
لك الفضلُ في ما صُغْتُهُ وَصنَعْتهُ / وما شاعرٌ لم يَمْتَدِحْك بشاعر
حذوتَ مثالاً فامتثلت فإن أُجِدْ / فلستُ لما أوْلَيْتَنِيهِ بكافر
وعلّمتني كيف المديحُ فليسَ لي / سوى فِقَرٍ للحاسدينَ فواقر
فإن تكنِ الأبصارُ تُجْلى بإثْمِدٍ / فإنّ المعالي إثمدٌ للبصائر
تَرَفّقْ فقد سالت بوسعي وطاقتي / غواربُ من تلك البحار الزواخر
أَنَحْسبني أسطيعُ جودَكَ كُلَّهُ / لك اللهُ دعني من لساني وناظري
شَكَرْتُ ولكنْ أينَ مني مواهبٌ / بواطنُ قد أتْحَفْتها بِظَواهرِ
ملأتَ يدي من كلِّ مجدٍ وَسُؤْدَدٍ / وأبقيتَ ذكري آيةً للذواكر
وَرِشْتَ جَنَاحي بالمواهبِ واللُّهَا / فطار بها حظّي ولستُ بطائر
وأعليتَ قَدْري أو نهضْتَ بقدرتي / فلا أمْرَ لي إن كنتُ أضعفَ قادر
وأنت الغمامُ الجَوْدُ يُرْجَى وَيُتقَى / على بدَرٍ منْ صَوْبهِ وبَوَادِر
مكارمُ تَنْدَى أو مَكَارِمُ تَلْتَظِي / توارثْتُموهَا كابراً بعدَ كابر
وكم لكَ مِنْ مَنٍ رَجَعْتَ به المنى / سوافرَ تُزْري الخدود السوافر
نظمتَ بها شَمْلي وكنتُ نَثرتُهُ / على خُطَّةٍ في كفِّ أخْرَق ناثر
ثلاثُ أثافِي نارِ صدريَ أُضْرِمَتْ / على واردٍ من همِّ صَدْري وصادر
ينامون عن ليلِ التمامِ أبِيتُهُ / كأني قطاةَ فوق فتخاءَ كاسِرِ
وأُخْرَى كريعانِ الشَّبابِ استحثَّها / نداءُ المنادي بالخليطِ المجاور
وبالظاعنين المستقلين إذ غَدَوْا / بأفئدةِ العُشَّاقِ لا بالأَباعر
وقد قَرَّبوا أجْمَالَهُمْ يُوْطِئُونها / بياضَ خدودٍ أو سوادَ نواظر
تقول وكفُّ البين حَيْرَى بجيدها / وكلٌّ بكلٍّ سادرٌ أوْ كَسَادر
فقلتُ لها يَقْضِي الذي كان قاضياً / فَسِيَّانِ إنْ حاذرتِ أو لم تُحَاذري
ثقي بابنِ عيسى مالكٍ ومحمد / بجبرِ كسيرٍ أو إقالةِ عاثر
سِرَاجَا المعالي أشْرَقَا فَتَكفَّلا / لما غارَ من تلك النجوم الغَوَائر
إليكَ أبا عبدِ الإلهِ ألوكةً / سهرتُ لها والنجمُ ليس بساهر
من اللائي صارتْ أسوةَ الشعر مذ بدت / أصابت لها فضلاً على كلِّ شاعر
جِوَارُكَ منْ ضَيْم الخُطُوبِ مُجيرُ
جِوَارُكَ منْ ضَيْم الخُطُوبِ مُجيرُ / وأنتَ على صَرْفِ الزَّمانِ أمير
وَكُلُّ جَوَادٍ عن مَدَاكَ مُقَصِّرٌ / وكلُّ كبيرٍ عن نَدَاكُ صغير
وظلُّكَ فَضْفَاضُ الغَلائِلِ سَجْسجٌ / وماؤُكَ فَيَّاض الجِمامِ نمير
وروضُكَ مطلولُ الجَنابِ صَقِيلُهُ / تَضَاحكَ نُوَّارٌ وأشْرَق نور
وَأرْضُكَ أرضٌ للمكارمِ والعلا / تُناوِحُ هُضْبٌ أو تَعُبُّ بحور
وذكرُكَ لا ما دَنْدنض المسكُ حوله / بكيتَ وكيتٍ والكلامُ كثيرُ
وبشرُكَ لا لمعٌ من البرقِ شامَه / مُلِظٌّ بأَكْنافِ البيوتِ حسير
يصرِّفه مَرُّ السنين بنهضةٍ / إلى الشيءِ أيْنٌ دونَهُ وفتور
وبات عليه ليلُ غَرْثَانَ بائسٍ / يطولُ على راعيه وهو قصير
تململَ والتفَّتْ عليه غياهبٌ / تَرَى النجم فيها يَهْتَدي ويَجُور
وضافتْهُ أبكارُ الخطوب وَعُونُها / فكلٌّ لكلٍّ مُنْجدٌ وظهير
فَبَيْناهُ يَقْريها حُشَاشَةَ نَفْسِهِ / وقد كاثَرتْهُ تَنْبرِي وَتَثُور
تَنَسّمَ تلقاءَ الجنوبِ أو الصَّبا / نسيمُ الحيا تسْري به وتسير
فما راعَه إلا تَبَسُّمُ بارقٍ / كما جال فكرٌ أو أشارَ ضمير
فأتْبَعَهُ طرفاً يودُّ لو أنَّهُ / عليه دليلٌ أو إليه سَفير
فما ارتدَّ حتى جلَّلَ الأُفْقَ مارجاً / يُوهّمه أنَّ الظلامَ سعير
وهبَّتْ على اسمِ الله أما نسيمها / فَرَوْحٌ وأما نَشْرُها فنشور
وهبت إلى أن ضاق عنها مهبها / صباً في ذيول المعصرات عثور
وَهَبَّتْ فهبتْ كلُّ وطفاءَ جَوْنَةٍ / تكادُ تَفَرَّى أو تكادُ تفور
من اللائي لم ينهضنَ إلا تَدافُعَاً / تَكَدَّسُ أعجازٌ لها وصدور
دَلُوحٌ على هزِّ الرياح وأزّها / تَرَاكمَ وَدْقٌ واكفهرَّ صبير
تمرُّ بِمَلْمُومِ الهِضَابِ فما تني / ولا تنثني حتى تَراهُ يصور
كذلك حتى حَدَّثَتْهُ عنِ المنى / فأصْغَى ولو أنَّ الملامَ عسير
وحتى أرَتْهُ كلَّ بيضاءَ شَحْمَةً / ولو أنها في راحتيه قَتير
خَشُنْتَ فلم تَتْرُكْ وأنتَ مُنَازَعٌ / وَلِنْتَ ولم تأخُذْ وأنت قدير
وَوَقَرْتَ والهيجا يَجيشُ غمارها / وحتى لداء الموت أنت مبير
وأنت إذا ما الخيلُ جرَّتْ شكيمَها / وللموتِ عِيْرٌ بينها وَنَفِير
من المجد دانِ دونه مُتَعرِّضٌ / إلى الهولِ سبَّاقٌ عليه جَسُور
وأنت ابنَ زهرٍ مُنْتَهى كلِّ سُؤْدَدٍ / وإن كان منه أوَّلٌ وأخير
قريعُ إبادٍ كلما رامَ أو رمى / فليس على الأَيَّامِ منه خفير
مِنَ الموقدين النارَ في كلِّ هَضْبَةٍ / تَضَاءَلَ عنها مِنْبَرٌ وسرير
بني الحربِ مازالوا يَشِبُّونَ حولها / على أنها قبلَ الفِطَامِ تَزُور
أحَلَّتْكَ أعْلَى ذِرْوَةِ المجدِ هِمَّةٌ / لها البأسُ رِدْءٌ والسماحُ سمير
وَجُرْدٌ عناجيجٌ ذكور يَكُرُّهَا / على الموتِ مُرْدٌ مُعْلَمُونَ ذكور
وكلُّ رقيقِ الشفرتين متى يَخُضْ / إلى المجدِ بَحْرَ الموتِ وهو شَفير
كفيلٌ بأَرْوَاحِ الأَنام مُوَكَّلٌ / عليمٌ بأسرارِ الحمام خبير
حذاءَكَ منه حين يُغْمَدُ رَوْضَةٌ / ودونَكَ منه إذ يُسَلُّ غدير
له كلَّ يومٍ في أعاديك وَقْعةٌ / تحارُ مُنَاهم دونها وتَحور
أطلَّ عليهمْ بالمنايا غِراره / فهلْ علموا أنَّ الحياةَ غُرُور
أتَعْلَمُ ما أوْلَيْتَها اليومَ حِمْيرٌ / فَتَشْكُرَهُ إنَّ الكريمَ شكور
نهضتَ بعبأَيْ جِدِّها واجتهادها / تَسُرُّ ليالي مُلكها وَتَسُور
وفيتَ بِحقَّيْ نُصْحِها وَوِدَادها / تُدَبِّرُ علماً أمْرَها وتدير
دعاكَ أميرُ المؤمنين لنصرِه / بحيثُ التوَى نَصْرٌ وَخَامَ نصير
ولم تُغْنِ عَنْهُ الضُّمَّرُ القُبُّ حَوْلَهُ / تَبَارى ولا البيضُ الرِّقاقُ تُبير
ولا كلُّ لدن القدِّ أمَّا مُعَرّضٌ / فأعمى وأمَّا مُشْرَعٌ فبصير
به غُلّةٌ شَمَّاءُ عن كلِّ مَوْرِدٍ / سوى ما أباحتْ أضلعٌ ونحور
وحسبُ وليِّ العهد منكَ وعَهْدِهِ / أخٌ وأب أو صاحبٌ وأمير
تحلَّيْتُما للمُلْك تَكْتَنِفَانِهِ / أبو حَسَنٍ يُسْدي وأنت تُنير
تقولُ أعادِيهِ عليّ مُصَمِّمٌ / بِيُمْنى يَديْهِ ذو الفَقَار شهير
أبا زُهْرُ والأحْزان حولي فوادحاً / ولولاكَ لم يَخْلُصْ إليّ سرور
ويا زُهْرُ يا كلّ الحياة وبعضُهُمْ / وحاشاك نار لا أقول حرور
إليكَ تولاّني هوايَ وإنني / إليكَ وإن أغْنَيْتَني لفقير
أعِنْدَكَ أني ضِعْتُ بعدك ضَيْعَةً / تَعَلَّمَ منها الدهرُ كيفَ يَجورُ
وأنِّيَ وَلَّيْتُ العدوَّ مَقَاتلي / فأصبح يُوْمِي نَحْوَهَا وَيُشير
سأولي أبا مروانَ شُكْرِيَ كلَّهُ / وإني بِشُكْرِ الأكرمين جَدير
فماليَ قد ضاقت عليَ مسالكي / وساعات ليلي في النهار شهور
وراحتك الطُّولي إلى كلّ مَفْخرٍ / وإنْ طالَ فخرٌ أو أطالَ فخُور
إليك الهنا يا أبا العلاء قوافياً / تَضَوَّعَ منها عَنْبَرٌ وَعَبير
وَدُمْتَ على غيظِ الحَسُودِ بِغِبْطَةٍ / تجورُ على صَرْفِ الرَّدَى وتجير
ونبئتُ ذاك الوجهَ غَيّرَهُ البِلى
ونبئتُ ذاك الوجهَ غَيّرَهُ البِلى / على قُرْبِ عَهْدٍ بالطّلاقة والبِشْرِ
بكيتُ عليه بالدُّموعِ ولو أبَتْ / بكيتُ عليه بالتجلُّدِ والصبر
فليتهم واروا ذكاء مكانه / ولو عرفت في أوجه الأنجم الزهر
وليتهمُ وارَوْهُ بين جَوَانحي / على فَيْضِ دَمْعي واحْتدامِ لظى صدري
أمُخْبِرَتي كيفَ استقرّتْ بكِ النّوَى / على أنّ عندي ما يزيدُ على الخبر
وما فعلتْ تلك المحاسنُ في الشّرى / فقد ساءَ ظنّي بينَ أدري ولا أدري
يهوِّنُ وَجْدِي أن وَجْهَكِ زَهْرةٌ / وأن ثَرَاها من دموعي على ذِكْرِ
وَيَحْزُنني أني شُغِلْتُ ولم أكنْ / أسائلُ عمّا يفعلُ الدمعُ بالزّهر
دَعينيْ أعلّللْ فيكِ نفسيَ بالمنى / فقد خفتُ ألا نلتقي آخرَ الدهر
وإن تسْتَطيبي فابْدَئيني بزورةٍ / فإنك أولى بالزيارةِ والبر
مُنىً أتمناها ولا يدَ لي بها / سوى خطراتٍ لا تريش ولا تبري
وأحلامُ مذعورِ الكرى كلما اجْتلى / سُروراً رآهُ وهو في صورةِ الذُّعْر
أآمِنَ أن أجزعْ عليك فإنني / رُزِئتُكَ أحْلى مِنْ شبابي ومن وفْري
أآمِنَ لا والله ما زلتُ موقناً / ببينك لو أني أخذتُ له حِذْري
خُذِي حدِّثيني هل أطقتِ على النّوى / أُحَدِّثْكِ أني قد ضَعُفْتُ عن الصبر
مغالطةً لولا الأسى ما حملتُها / على مركبٍ مما وصفت به وعر
ونيتهم قد أجْمعُوا عنكِ سَلْوةً / لعشرينَ مَرّتْ من فراقك أو عشر
وأذهلهمْ حبُّ التُراثِ فكفكفوا / به زفرةً تعتادُ أو عَبْرةً تجري
ولم يبقَ إلا ذكرةٌ ربما امترتْ / بقية دمعِ الشوقِ في أكؤوس الخَتْر
وأمّا أنا فالتَعْتُ واللهِ لوعةً / هي الخمرُ لو سامحتِ في لَذَةِ السكر
أهزُّ لها عطفيّ منْ غيرِ نشوةٍ / على ما بجسمي من كلال ومن فَتْر
وأودِعُها عينيّ لا لِصَبَابةٍ / ولكن لِتَمْرِي دَمْعَ عيني كما تمري
فلا تبعدي إن الصبابة خطه / لشخصك في قلبي وإن كان في القلب
ولا تَبْعَدي إني عليكِ لواجدٌ / ولكنْ على قدرِ الهَوَى لا على قدري
ذكرتُكِ ذكرَ المرءِ حاجةَ نفسهِ / وقد قيل إن الميتَ مُنْقَطِعُ الذكر
ووالله ما وَفّيْتُ رُزْءَكِ حَقّهُ / ولكنه شيء أقمتُ به عذري
أصيخي إلى الدّاعي فليس بنازحٍ / وما بكِ عنه من وقارٍ ولا وَقْرِ
ولا تبعثي طيفَ الخيالِ فإنه / سميرُ همومٍ لا يُضيفُ ولا يَقْري
متى يَسْرِ نحوي يلقَ دوني كتائباً / من السُّهْدِ آلتْ لا تسيرُ ولا تَسْري
وعهدي به إنْ لم تُحِلْهُ يدُ البِلى / جديراً بأن يَشْكو الوَنَى وهي في الخِدْرِ
إذا أجْرَسَ الحليُ استُطيرَ وقلّما / مشى فيه إلا ريث يختال للزهر
فإن يأبَ إلا برّه فابعثي به / على رقْبَةٍ مما هناك وفي سشتْر
وكان الأسى نذراً عليكِ نَذَرْتُهُ / ولكن أراد الشوقُ أكبرَ مِنْ نذري
ومن لي بعينٍ تحملُ الدمعَ كلّهُ / فأبكيكِ وحدي لا اقَرُّ ولا أدري
ولي مقلةٌ أفضتْ بها لحظاتها / إلى عَبَرَاتٍ جَمّةٍ وكرىً نَزْر
وكان حراماً أن تجودَ بدمعةٍ / وقد تركتْها الحادثاتُ بلا شَفر
ولكنْ حداها الحُزْنُ فاستوسقتْ به / وأكبرُ ما يُعِطي البخيلُ على قسر
فإنْ أنا لم استسقها لك نجدتي / فلا عرك الورَّاد من سَبَل القطر
أنمضِي الليالي لا أراكِ وربّما / عَدَتْنِي العَوَادي عنْ طِلابِكِ في الحَشْر
في عَزْمَةٌ لو خِفْتُها لَسَبَقْتُها / إليكِ ولو بين السماكينِ والنسر
ألا ليتَ شِعْري هل سمعتِ تأوهي / فقد رعْتُ لو أسْمعتُ قاسيةَ الصخر
وهل لعبتْ تلك المعاطفُ بالنُّهى / كسالفِ عهدي في مجاسِدِها الحمرِ
ونبئتُ ذاك الجيدَ أصبحَ عاطلاً / خذي أدمعي إن كنتِ غضبي على الدر
خُذي فانظميها فهيَ كالدرِّ إنني / أرى علتي أوْرى بها وهي كالجمر
خذي اللؤلؤَ الرطب الذي لَهِجوا به / مَحارَتُهُ عيني ولُجّتُه صَدْري
لعلكِ يَوْماً أن تَرَيْهِ فتذكري / وسائلَ لم تَعْلَقْ بلومٍ ولا عُذْر
خُذِي فانظميه أو كليني لِنَظْمِهِ / حليّاً على تلكَ الترائبِ والنحر
ولا تخبري حُوْرَ الجنانِ فربما / غَصَبْنَكِهِ بين الخديعةِ والمكر
أيا قُرّةَ العينِ اعتباراً وَحَسْرَةً / أَجِدَّكِ قد أصبحتِ قاصمةَ الظهر
برغميَ خُلّي بين جِسْمِكِ والثَّرى / وإن كنتُ لا أخْشى الترابَ على التبر
هنيئاً لقبرٍ ضمّ جسمَكَ إنه / مَقَرُّ الحيا أو هالةُ القمر البدر
وإنك فيه كلما عَبَثَ البلى / بأرجائهِ كالغُصْن في الورق النضر
إذا جئتِ عدناً فاطلبينا فقلَّما / تقدمتنِي إلا مشيتُ على الأثر
ولا تَعْذُليني إن أَقمتُ فربَّما / تأخَّر بي سعيي وأَثْقَلني وِزْري