المجموع : 5
رَأَيْتُكَ لَمّا شِمْتُ بَرْقَكَ خُلَّباً
رَأَيْتُكَ لَمّا شِمْتُ بَرْقَكَ خُلَّباً / وَما أَرَبِي في عارِضٍ لَيْسَ يُمْطِرُ
فَأَخْطَأَنِي مِنْكَ الَّذِي كُنْتُ أَرْتَجِي / وَأَدْرَكَنِي مِنْكَ الَّذِي كُنْتُ أَحْذَرُ
وَما ذاكَ عَنْ عُذْرٍ فأَسْلُوهُ مَطْلَباً / تَعَذَّرَ لَكِنْ حَظِّيَ الْمُتَعَذِّرُ
وَكَمْ مانِعٍ رِفْداً وَما كانَ مانِعاً / وَلكنْ أَبى ذاكَ الْقَضاءُ الْمُقَدَّرُ
وَقَدْ كانَ فِيما بَيْنَنا مِنْ مَوَدَّةٍ / وَمَعْرِفَةٍ مَعْرُوفُها لَيْسَ يُنْكَرُ
مِنَ الْحَقِّ ما يَقْضِي عَلَيْكَ بِأَنْ أُرى / لَدَيْكَ وَحَظِّي مِنْ نَوالِكَ أَوْفَرُ
وَما هِيَ إِلاّ حُرْمَةٌ لُوْ رَعَيْتَها / رَعَيْتَ فَتىً عَنْ شُكْرِها لا يُقَصِّرُ
كَرِيماً مَتى عاطَيْتَهُ كَأْسَ عِشْرَةٍ / تَعَلَّمْتَ مِنْ أَخْلاقِهِ كَيْفَ يُشْكَرُ
إِذا عَزَّ نَفْسِي عَنْ هَواكَ قُصُورُها
إِذا عَزَّ نَفْسِي عَنْ هَواكَ قُصُورُها / فَمِثْلُ النَّوى يَقْضِي عَلَيَّ يَسِيرُها
وَهَلْ غادَرَ الهِجْرانُ إِلاّ حُشاشَةً / لِنَفْسٍ بأَدْنى لَوْعَةٍ يَسْتَطِيرُها
هَوىً وَنَوىً يُسْتَقْبَحُ الصَّبْرُ فِيهِما / وَحَسْبُكَ مِنْ حالٍ يُذَمُّ صَبُورُها
وَقَدْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ تَماسَكَ مُهْجَتِي / وَأَنَّكَ مِنْ جَوْرِ الْفِراقِ مُجِيرُها
فَما كانَ إِلاَّ غِرَّةً ما رَجَوْتُهُ / أَلا شَرُّ ما أَرْدى النُّفُوسَ غُرُورُها
وإِنِّي لَرَهْنُ الشَّوْقِ وَالشَّمْلُ جامِعٌ / فَكَيْفَ إِذا حَثَّ الْحُداةَ مَسِيرُها
وَما زِلْتُ مِنْ أَسْرِ الْقَطِيعَةِ باكِياً / فَمَنْ لِي غَداةَ الْبَيْنِ أَنِّي أَسِيرُها
وَكُنْتُ أَرى أَنَّ الصُّدودَ مَنِيَّةٌ / يَكُونُ مَعَ اللَّيْلِ التَّمامِ حُضُورُها
فَلَمّا قضَى التَّفْرِيقُ بِالْبُعْدِ بَيْنَنا / وَجَدْتُ اللَّيالِي كَانَ حُلْواً مَرِيرُها
أَعُدُّ سُرُورِي أَنْ أَراكَ بِغِبْطَةٍ / وَأَنْفَسُ ما يُهْدِي لِنَفْسٍ سُرُورُها
كَفى حَزَناً أَنِّي أَبِيتُ مُعَذَّباً / بِنارِ هُمُومٍ لَيْسَ يَخْبُو سَعِيرُها
وَأَنَّ عَدُوِّي لا يُراعُ وَأَنَّنِي / أَبِيتُ سَخِينَ الْعَيْنِ وَهْوَ قَرِيرُها
تَعافُ النُّفُوسَ الْمُرَّ مِنْ وِرْدِ عَيْشِها / وَتَكْرَهُ حَتّى يَسْتَمِرَّ مَرِيرُها
وَلا والْقَوافِي السّائِراتِ إِذا غَلَتْ / بِحُكْمِ النَّدى عِنْدَ الْكِرامِ مُهُورُها
لَئِنْ أَنا لَمْ يَمْنَعْ حِمايَ انْتِصارُها / وَيَثْنِي أَذى الْعادِينَ عَنِّي نَكِيرُها
فَلا ظَلَّ يُوْماً مُصْحِباً لِي أَبِيُّها / وَلا باتَ لَيْلاً آنِساً بِي نَفُورُها
قَطَعْتُ صُدُورَ الْعُمْرِ لَمْ أَدْرِ لَذَّةً / وَغَفْلَةَ عَيْشٍ كَيْفَ كَانَ مُرُورُها
وَلَمّا رَمانِي الدَّهْرُ عُذْتُ بِدَوْلَةٍ / جَلا الْحادِثاتِ الْفادِحاتِ مُنِيرُها
وَكَيْفَ يَخافُ الدَّهْرُ رَبُّ مَحامِدٍ / غَدا كَرَمُ الْمَنْصُورِ وَهْوَ نَصِيرُها
إِلى عَضُدِ الْمُلْكِ امْتطَيْتُ غَرائِباً / مُحَرَّمَةٌ إِلاّ عَلّي ظُهُورُها
ِإلى مَلِكٍ تَعْنُو الْمُلُوكُ لِبَأْسِهِ / ويَقْصُرُ يَوْمَ الْفَخْرِ عَنْهُ فَخُورُها
أَعَمُّهُمُ غَيْثاً إِذا بَخِلَ الْحيَا / وَأَطْعَنُهُمْ وَالْخَيْلُ تُدْمى نُحُورُها
إِلى حَيْثُ تَلْقى الْجُودَ هَيْناً مَرامُهُ / لِباغِيهِ وَالْحاجاتِ سَهْلاً عَسِيرُها
لَدى مَلِكٍ ما انْفَكَّ مِنْ مَكْرُماتِهِ / مَوارِدُ يَصْفُو عَذْبُها وَنَمِيرُها
يَزِيدُ عَلَى غُوْلِ الطُّرُوقِ صَفاؤُها / وَيَنْمِي عَلَى طُولِ الْوُرُودِ غَزِيرُها
أَغَرُّ لَوَ أَنَّ الشَّمْسَ يَحْظَى جَبِينُها / بِبَهْجَتِهِ ما كَانَ يُكْسَفُ نُورُها
غَنِيٌّ الْعُلى مِنْ كُلِّ فَضْلٍ وَسُؤْدَدٍ / وَلكِنَّهُ مِنْ كُلِّ مِثْلٍ فَقِيرُها
يُعُدُّ الْمَنايا مُسْتَساغاً كَرِيههُا / وَبِيضَ الْعَطايا مُسْتَقَلاًّ كَثِيرُها
سَقى اللهُ أَيّامَ الْمُؤَيَّدِ ما سَقَتْ / حَوافِلُ مُزْنٍ لا يُغِبُّ مَطِيرُها
فَما نَقَلَتْ جَرْداءُ سابِحَةٌ لَهُ / شَبِيهاً وَلا وَجْناءُ يَقْلَقُ كُورُها
سَقى لهذِه الدُّنْيا مِنَ الْعَدْلِ رَيَّها / فَأَصْبَحَ لا يَخْشَى الذَّواءَ نَضِيرُها
وَهَبَّ لَهُ فِيها نَسِيمُ غَضارَةٍ / مِنَ الْعَيْشِ حَتّى عادَ بَرْداً هَجِيرُها
عَفُوٌّ فَما عايَنْتُ زَلَّةَ مُجْرِمٍ / لَدى عَفْوِهِ إِلاّ صَغِيراً كَبِيرُها
لَهُ الرَّأْيُ وَالْبَأسُ اللَّذانِ تَكَفَّلا / لأَعْدائِهِ أَوْحى حِمامٍ يُبِيرُها
سُيُوفٌ مِنَ التَّدْبِيرَ والْفَتْكِ لَمْ يَزَلْ / وَمُغْمَدُها فِي كَفِّهِ وَشَهِيرُها
رَأَى أَرْضَ صُورٍ نُهْبَةً لِمُغالِبٍ / يُنازِلُها يَوْماً وَيَوْماً يُغِيرُها
تداركها والنصر في صدر سيفه / أخو عز مات لا يخاف فتورها
هُمامٌ إِذا ما حَلَّ يَوْماً بِبَلْدَةٍ / فَخَنْدَقُها حَدُّ الْحُسام وَسُورُها
وَسُمْرٌ مِنَ الْخَطِّيِّ لا تَرِدُ الْوَغى / فَتُحْطَمَ إِلاّ فِي الصُّدُورِ صُدُورُها
أَرى أُمَراءِ الْمُلْكِ لِلْفَخْرِ غايَةً / وَأَنْتَ إِذا عُدَّ الْفَخارُ أَمِيرُها
وَما زِلْتَ تسْمُو لِلْعَلاءِ بِهِمَّةٍ / تَقِلُّ لَكَ الدُّنْيا بِها كيْفَ صُورُها
وَأَقْسِمُ لَوْ حاوَلْتَ قَدْرَكَ فِي الْعُلى / لَما آثَرَتْ عَنْكَ السَّماءَ بُدُورُها
وَإِنَّ بِلاداً أَنْتَ حائِطُ ثَغْرِها / بِسَيْفِكَ قَدْ عَزَّتْ وَعَزَّ نَظِيرُها
فَسَعْداً لأَمْلاكٍ عَلَيْكَ اعْتمِادُها / وَفَخْراً لأيّامٍ إِلَيْكَ مَصِيرُها
لَقَدْ عَطَّرَ الدُّنْيا ثَناؤُكَ فَانْثَنى / بِهِ ذا كَسادٍ مِسْكُها وَعَبِيرُها
فَتاهَتْ بِذِكْراهُ الْبِلادُ وَأَهُلُها / وَهَبَّتْ بِرَيّاهُ الصِّبا وَدَبُورُها
مَلأْتَ بِهِ الآفاقَ طِيباً مَتى دَعا / إِلى نَشْرِهِ الآَمالَ خَفَّ وَقُورُها
فَجِئتُكَ ذا نَفْسٍ يُقَيِّدُها الْجَوى / وَقَدْ كادَ حُسْنُ الظَّنِّ فِيكَ يُطِيرُها
رَمِيمٍ أُزَجِّيها إِلَيْكَ لَعَلَّهُ / يَكُونُ بِنُعْمى راحَتَيْكَ نُشُورُها
وَلَسْتُ بِشاكٍ مُدَّةَ الْخَطْبِ بَعْدَها / وَأَوَّلُ إِفْضائِي إِلَيْكَ أَخِيرُها
جَرى لَكَ بِالتَّوْفِيقِ أَيْمَنُ طائِرِ
جَرى لَكَ بِالتَّوْفِيقِ أَيْمَنُ طائِرِ / وَمُلِّيتَ مَأْثُورَ الْعُلى وَالْمآثِرِ
وَأَيَّدَكَ اللهُ الْعِليُّ ثَناؤُهُ / بَعاجِلِ نَصْرٍ خالِدِ الْعِزِّ قاهِرِ
وَلا زِلْتَ وَرّاداً إِلى كُلِّ مَفْخَرٍ / مَوارِدَ مَحْمُودٍ سَعِيدِ الْمَصادِرِ
لَقَدْ دَلَّ تَشْرِيفُ الْخَلِيفَةِ أَنَّهُ / بِخَيْرِ بَنِي أَيّامِهِ خَيْرُ خابِرِ
وَأَنَّ لَهُ فِي حَوْطَةِ الدِّينِ هِمَّةً / بِها يَسْتَحِقُّ النَّصْرَ مِنْ كُلِّ ناصِرِ
تَسَرْبَلْتَ عَضْبَ الدَّوْلَةِ الْمُلْكَ فَخْرَهُ / وَما الْفَخْرُ إِلاّ لِلسُّيُوفِ الْبَواتِرِ
وما جَهِلَتْ نُعْماهُ عِنْدَكَ قَدْرَها / وَقَدْ كَشَفَتْ عَمّا طَوى فِي الْضّمائِرِ
وَما نَبَّهَتْ إِلاّ عَلَى ذِي نَباهَةٍ / كَما سُقِي الرَّوْضُ الْخَطِيبُ بِماطِرِ
وَما كانَ إِلاّ الْعَنْبَرَ الْوَرْدَ فِعْلُهُ / أُضِيفَ إِلى نَشْرٍ مِنَ الْمِسْكِ عاطِرِ
وَما شاءَ إلاّ أَنْ تُحَقِّقَ عِنْدَهُ / مَحَلَّكَ مِنْ طاوٍ هَواهُ وَناشِرِ
وَأَنَّكَ مَعْقُودٌ بِأَكْبرِ هِمَّةٍ / وَأَنَّكَ مَعْدُودٌ لَهُ فِي الذَّخائِرِ
وَلَيْسَ يَبِينُ الدَّهْرَ إِخْلاصُ باطِنٍ / إذا أَنْتَ لَمْ تُدْلَلْ عَلَيْهِ بِظاهِرِ
رَآكَ بِعَيْنِ اللُّبِّ أَبْعَدَ فِي الْعُلى / وَأَسْعَدَ مِنْ زُهْرِ النُّجُومِ الْبَواهِرِ
وَأَبْهى مَحَلاً فِي الْقُلُوبِ وَمَوْقِعاً / وَأَشْهى إِلى لَحْظِ الْعُيُونِ النَّواظِرِ
وَأَطْعَمَ فِي الَّلأْواءِ والدَّهْرُ ساغِبٌ / وَأَطْعَنَ فِي صَدْرِ الْكَمِيِّ الْمَغامِرِ
فَناهَزَ فَخْراً باصْطِفائِكَ عاجِلاً / عَلَى كُلِّ باقٍ فِي الزّمانِ وَغابِرِ
وَما ذاكَ مِنْ فِعْلِ الْخَلِيفَةِ مُنْكَرٌ / وَلا عَجَبٌ فيض البحور الزواخر
وما عد إلا من مناقبه التي / مثلن بِهِ فِي الفِعْلِ طِيبَ الْعَناصِرِ
وَما كانَ تَأْثِيلٌ شَرِيفٌ وَسُؤْدُدٌ / لِيُنْكَرَ مِنْ أَهْلِ النُّهَى وَالْبَصائِرِ
وأَنْتَ الَّذِي مِنْ بَأْسِهِ فِي جَحافِلٍ / وَمِنْ مَجْدِهِ فِي أُسْرَةٍ وَعَشائِرِ
بِعَزْماتِ مَجْدٍ ثاقِباتٌ هُمُومُها / وَآراءِ مَلْكٍ مُحْصَداتِ الْمَرائِرِ
يَراها ذَوُو الأَضْغانِ بَثَّ حَبائِلٍ / وَما هِيَ إلاّ أَسْهُمٌ فِي الْمَناحِرِ
وَآياتُ مَجْدٍ باهِراتٌ كَأَنَّها / بَدائِعُ تَأْتِي بِالْمَعانِي النَّوادِر
وَأَخْلاقُ مَعْشُوقِ السَّجايا كَأَنَّما / سَقاكَ بِها كَأْسَ النَّدِيمِ الْمُعاقِرِ
يَبيتُ بَعِيداً أَنْ تُوَجَّهَ وَصْمَةٌ / عَلَى عِرْضِهِ والدَّهْرُ باقِي الْمَعايرِ
إِذا دَفَعَ الطُّلابَ إِلْحاحُ لَزْبَةٍ / فأَنْتَ الَّذِي لا يَتَّقِي بِالْمُعاذِرِ
وَما لِلْبُدُورِ أَنْ تَكُفَّ ضِياءَها / وَلا الْبُخْلُ فِي طَبْعِ الْغَمامِ البَواكِرِ
لَعَمْرِي لَقَدْ أَتْعَبْتَ بِالْحَمْدِ مَنْطِقِي / وَأَكْثَرتَ مِنْ شُغْلِ الْقَوافِي السَّوائِرِ
وَما نَوَّهَتْ مِنْكَ الْقَوافِي بِخامِلٍ / وَلكِنْ رَأْيْتُ الشِّعْرَ قَيْدَ الْمَفاخِرِ
إِذا أَنْتَ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْكَ جانِباً / فَمَنْ يَقْتَنِي الْحَمْدَ اقْتِناءَ الْجَواهِرِ
وَما زِلْتَ مَشْغُوفاً لَدَيَّ مُتَيَّماً / بِكُلِّ رَداحٍ مِنْ بَناتِ الْخَواطِرِ
لَهُنَّ إِذا وافَيْنَ مَجْدَكَ قُرْبَةُ الْ / حِسانِ وَدَلُّ الآنِساتِ الْغَرائِرِ
يَرِدْنَ رَبِيعاً مِنْ جَنابِكَ مُمْرِعاً / وَيَرْتَعْنَ فِي إِثْرِ الْغُيُومِ الْمَواطِرِ
وَإِنِّي لَقَوّالٌ لِكُلِّ قَصِيدَةٍ / إِذا قِيلَ شِعْرٌ أَقْحَمَتْ كُلَّ شاعِرِ
فَمِنْ كَلِمٍ يَكْلُمِنْ أَكْبادَ جُسَّدِي / وَمِنْ فِقَرٍ تَرْمِيهِمْ بِالفَواقِرِ
ألا لَيْتَ شِعَرِي هَلْ أَفُوزُ بِدَوْلَةٍ / تُصَرِّفُ كَفِّي فِي عِنانِ الْمَقادِرِ
وَهَلْ تَنَهْضُ الأَيّامُ بِي فِي مَقاوِمٍ / تَطُولُ بِناهٍ لِلزَّمانِ وَآمِرِ
فإِنَّ مِنَ الْعَجْزِ الْمُبِينِ وَأَنْتَ لي / نُزُولِي عَلَى حُكْمِ اللَّيالِي الْجَوائِرِ
أَلا هكَذا فَلْيُحْرِزِ الْحَمْدَ وَالأَجْرا
أَلا هكَذا فَلْيُحْرِزِ الْحَمْدَ وَالأَجْرا / وَيَحْوِ جَميلَ الذِّكْرِ مَنْ طَلَبَ الذِّكْرا
لَقَدْ كَرَّمَ اللهُ ابْنَ دَهْرٍ تَسُودُهُ / وَشَرَّفَ يا تاجَ الْمُلُوكِ بِكَ الدَّهْرا
وَمَنَّ عَلَى هذا الزَّمانِ وَأَهْلِهِ / بِأَرْوَعَ لا يَعْصِي الزَّمانُ لَهُ أَمْرا
حُسامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ تَكنْ / حُساماً لَهُ فَلْيَقْتُلِ الْخَوْفَ وَالْفَقْرا
هَزَزْناكَ لَدْناً وانْتَضَيْناكَ صارِماً / فَطُلْتَ الْقَنا صُمَّاً وَغُلْتَ الظُّبى بُتْرا
حُساماً نَرى ِي صَفْحِهِ الصَّفْحَ وَالنَّدى / وَفِي حَدِّهِ الْجَدَّ الْمُظَفَّرَ والنَّصْرا
وَفِي قُرْبِهِ الزُّلْفى وَفِي نَيْلِهِ الْعُلى / وَفِي حُكْمِهِ الْبُقْيا وَفِي ظِلِّهِ الْيُسْرا
فَتىً لا يَرى إِلاّ الْمَحامِدَ مَغْنَماً / وَلا يَقْتَنِي إِلاّ الثَّناءَ لَهُ ذُخْرا
وَمُقْرَبَةً جُرْداً وَزُغْفاً سَوابِغاً / وَهِنْدِيَّةً بِيضاً وَخَطِّيَّةً سُمْرا
إِذا صالَ بَأْساً قَطَّعَ الْبِيضَ وَالْقَنا / وَإِنْ فاضَ جُوداً بخَّلَ الدَّيَمَ الْغُزْرا
لَعَمْرِ لَئِنْ أَعْدَتْ أَنامِلُكَ الْحَيا / سَماحاً لَقَدْ أَعْدَتْ شَمائِلُكَ الْخَمْرا
وَكائِنْ مَنَحْتَ الرّاحَ مِنْ خُلْقِكَ الصَّفا / وَأَكْسَبْتَها مِنْ نَشْرِكَ الطَّيِّبِ النَّشْرا
وَأَوْدَعْتَها مِنْ حَدِّ بَأْسِكَ سَورَةً / وَعَلَّمْتَها مِنْ أَرْيَحِيَّتِكَ السُّكْرا
كَأَنَّ الثُّرَيّا تَلْثِمُ الْبَدْرَ كُلَّما / تَمَطَّقْتَها فِي الْكَأْسِ عانِسَةً بِكْرا
أَبا الأَْنجُمِ الزُّهْر الأُولى لَوْ تَحَلَّتِ السَّ / ماءُ بِهِمْ لَمْ تَحْفِلِ الأَنْجُمَ الزُّهْرا
إِذا واحدٌ مِنْهُمْ جَلَتْهُ مَخِيلَةٌ / تَبَيَّنْتَ فِي أَعْطافِهِ الْعَسْكَرَ الْمَجْرا
وَكَمْ لَيْثِ غابٍ كانَ شِبلاً مُرَيَّناً / وَعادِيِّ نَبْعِ قَدْ غَدا غُصُناً نَضْرا
رَجَوْتُكَ بَحْراً يُخْجِلُ الْبَحْرَ نائِلاً / وَزُرْتُكَ بَدْراً جَلَّ أَنْ يُشْبِهَ الْبَدْرا
وَقَدْ خَطَبَ الأَمْلاكُ مَدْحِي فَصُنْتُهُ / لأكْرَمِهِمْ نَجْراً وَأَشْرَفهِمْ قَدْرا
وَما كانَ لِي أَنْ لا أَزُفَّ عَرائِسِي / إِلَيْكَ وَقَدْ أَغْلَيْتَها دُونَهُمْ مَهْرا
جَعَلْتُ لَها مِنْ مَدْحِكَ الْفاخِرِ الْحُلى / وَمِنْ جُودِكَ النُّعْمى وَمِنْ ظِلِّكَ الْخِدْرا
وَإِنْ طالَ عُمْرٌ لَمْ تُقَصِّرْ غَرائِبٌ / يَعُزُّ اللَّيالِي أَنْ تُطاوِلَها عُمْرا
بَدائِعُ إِنْ بَغْدادُ هامَتْ بِحُبِّها / فَفَدْ تَيَّمَتْ مِنْ قَبْلِها وَشَجَتْ مِصْرا
وَوَاللهِ لا أَغْبَبْتُ شُكْراً وَسَمْتُهُ / بِمَدْحِكَ ذا ما اسْتَوجَبَ الْمُحْسِنُ الشُّكْرا
لِيَلْبَسَ جِيدُ الْمَجْدَ مِنْ حَلْيِ مَنْطِقِي / قَلائِدَ دُرٍّ تَزْدَرِي عِنْدَهُ الدُّرّا
إِذا قُلْتُ فِي تاجِ الْمُلُكِ قَصِيدَةً / مِنَ الشِّعْرِ قالُوا قَدْ مَدَحْتَ بِهِ الشِّعْرا
جَرى النَّهْرُ مِنْ شَوْقٍ إِلى ما حِلِ الثَّرى
جَرى النَّهْرُ مِنْ شَوْقٍ إِلى ما حِلِ الثَّرى / وَأَجْرَيْتُ دَمْعاً شاقَهُ الْمَنْزِلُ الْقَفْرُ
فَلَوْ كُنْتَ يَوْمَ الْبَيْنِ شاهِدَ عَبْرَتِي / وَعَبْرَتِهِ لَمْ تَدْرِ أَيُّهُما النَّهْرُ
فَيا نَهْرَ ثَوْرا قَدْ أَثَرْتَ مِنَ الْهَوى / دَفِيناً أَجَنَّتْهُ الْجَوانِحُ وَالصَّدْرُ
فَلَو كانَ لِي صَبْرٌ كَفَفْتُ مَدامِعِي / وَلكِنَّ مَنْ يَشْتاقُ لَيْسَ لَهُ صَبْرُ