المجموع : 11
ظُهور التَرَقي في الكَمالات أَظهَرا
ظُهور التَرَقي في الكَمالات أَظهَرا / سَعوداً وَتَوفيقاً وَعِزّاً وَمَظهَرا
وَجَدد أَنسي بِالمَسَرة نَظمها / عُقوداً سَمَت بِالطَبع جَيِداً وَجَوهَرا
وَجَدت بِبُشراها المَطايا جَوائِباً / فَجاجاً فَجاراها النَسيم مُبَشِرا
وَلَو كانَ مَطلوق العَنان بَريدها / لَجابَ بِها سَهلاً وَوَعراً وَأَبحُرا
وَلَكِنَّهُ يَمشي الهوينا لَعَله / بِحُسن التَرَقي لِلعُلا يَحمَد السَرى
أَجابَ لَها الأَمر المُطاع وَإِنَّما / لَهُ العُذر مِن جاري البُروق فَقَصَرا
حَديقة أَخبار وَرَوضة مخبر / بِها الشَرق أَضحى كَالجِنان منوّرا
إِذا عَبَقت في الأَرض نَفحة طيبها / رَأيت بِها مَجرى القُبول مُعَطَرا
بَراعة لَفظ طرزتها يَراعة / تَدر عَلى القُرطاس مِسكاً وَعَنبَرا
تَنافس أَنفاس الصِبا بَعَبيرها / فَتَغدو بِطيب النَشر أَذكى وَأَذفَرا
تَحَلَت بِأَوصاف الخِديوي فَاِرتَقَت / لِزَهر الدَراري تنظم الدُر أَسطُرا
مَليك بِحُسن الرَأي دبر ملكه / وَقَد يَبلغ المَأمول شَهم تَدَبَرا
لَهُ قَد بَدا مِن طالع السَعد كَوكَب / هُوَ الشَمس إَشراقاً وَإِن كانَ أَظهَرا
أَذَل لَهُ التَدبير عِزة مِن طَغى / وَحاول أَن يَسمو العُلا فَتَحَدرا
كَذا فَلَيك الرَأي الملوكي إِن بَدا / تَستر وَجه الظُلم وَالعَدل أَسفَرا
وَتَبدو مِن الأَفكار كُلُ بَديعة / تَثَنَت كَدَوح بِالشَمائل أَنضَرا
رَوَت بازدياد النيل مَصر وَأَخضبت / فَأَجرى بِها مِن نيل جَدواه كَوثَرا
وَكَم ناظر شَذراً لَها فَتَمَنَعت / وَزَفَت إِلى من كان أَحسَن مَنظَرا
وَفي حلل مِن عَدلِهِ قَد تَبَرَجَت / وَحاكَت بشها وَشياً مِن الخَضب أَخضَرا
بَلَغَت بِتَوفيق العَزيز مَآربي / فَبالَغت في حُسن الثَناء تَشَكَرا
وَلَولا اِشتِغال الفكر أَجرَيت سَبقاً / تَجر لَتَجريد الوَقائع عَسكَرا
فَجارَت مَصابيح السَماء وَصيرت / ظُهور التَرَقي في الكَمالات أَظهَرا
لِمَظهر عز قَد سَما سَعد طالع
لِمَظهر عز قَد سَما سَعد طالع / بِمَولده يمناً تَسر العَشائر
فَبُشراكَ يا عَون الرَفيق مُؤرِخاً / بَدَت لَكَ مِن عَبد العَزيز البَشائر
تَبَسم ثَغر الصُبح فَالنور أَزهَر
تَبَسم ثَغر الصُبح فَالنور أَزهَر / وَشَمس الضُحى في الكَون لا البَدر أَظهَر
تَجَلى مَعَ الإِشراق لألاءُ غُرة / بِها الملك عَن وَجه السَعادة يُسفر
فَبينا تَرى الإِقبال أَقبَل رافِعاً / بُنوداً إِذا طيب المَسَرة يُنشَر
وَقَد أَشرَقَت في أَرض مصر كَواكب / لِطالِعِها فَوق المَنازل مَظهَر
وَقَد زَين المَجد السَني مملك / كَما زَين الملكين كِسرى وَقَيصَر
فَلا تَذكروا لي ما حَوى ملك تَبع / وَما أَحرزاه عَبد شَمس وَحَمير
فَقَد أَشرَقَ الدست الجَليل بِمَن سَما / سُروراً لَهُ اِرتاحا سَرير وَمَنبَر
تَعالى عَلى مَن طاولَ النسر وَاِرتَقى / وَلَن يَستَوي في المَجد ظلف وَمنسر
لَنا بازدياد النيل وَرد وَمَرتَع / وَمِن نيلهِ الفَياض نيل وَكَوثَر
فَلا تَعدلوا قَطر النَدى بِنَواله / فَإِنَّ النَدى مِن فَيض جَدواه يَقطر
لَقَد شَرف الدست الخديوي قائم / عَظيم عَلا شَأناً وَشانيه أَبتَر
تَقَلَد بِالنَصر العَزيز مُتَوج / وَبِالشَرَف الأَعلى تَختم خنصر
فَسِرنا إِلى أَعتابِهِ سَير وَفده / عَلى سَبق مِن رَفدِهِ نَتَشَكَر
إِلى كَعبة الآمال تَسعى رِكابُنا / عَلى الخَج مِن آمالنا تَتَخَطر
أَناخَت عَلى أَبوابِهِ ثِقَةً بِما / تَرجته وَالمَرعى زَكا وَهُوَ أَخضَر
فَأَرسَل سُحُباً بَرقها غَير خلب / وَفي الغَيث غَوث أَن أَتى وَهُوَ مُمطر
لَهُ بِوَفاء الوَعد في الخَير عادة / لِأَن وَفاءَ الوَعد بِالحُر أَجدَر
فَيا نَسمة قَد طابَ مَسرى هَبوبها / وَصارَت بِبُشراها الربى تَتَعَطر
وَقَد ماسَت الأَغصان وَالطَير فَوقَها / تَرجع وَالأَفنان في الخصب تَخطر
وَأَيدي التَهاني بِالمَسَرات لِلعُلا / تُشير عَلى أَن السُرور المخبر
كَما أَسفَر الإِصباح عَن غُرة الهُدى / وَقَد لاحَ وَجه مِنهُ أَبهى وَأَبهَر
وَقَد أَرسَل الباري إَلَينا مُحَمَداً / وَفي وَجهِهِ نور الهِداية يَظهَر
وَفاء بِبُشرى الوَعد وافى مُؤرخاً / نجاز بِتَوفيق العَزيز يبشر
عَلَوت كَما شاءَ العَزيز وَأَظهَرا
عَلَوت كَما شاءَ العَزيز وَأَظهَرا / وَأَحرَزتُ عزاً زادَ عَلياكَ مَظهَرا
وَما كَلف الأَقمار إِلّا لِأَنَّها / رَأَت منكَ صُبحاً قَد مَحاها وَأَسفَرا
إِذا الشَمس حَلَت مَنزِلاً تَبتَغي بِهِ / عُلاكَ اِكتَسَت ثَوبَ الغُروب معصفرا
تَمَنى مَصابيح السَماء لَو أَنني / أَتيت بِها في نَظم مَدحك أَسطُرا
لِأَنك بَحر لَو أَرَدت اِمتِداحه / أَفاضَت مَعانيه البَديعة أَبحُرا
مُحيط هُوَ العَذب الفُرات وَإِنَّما / أَرى عَجَباً أَن يَلفظ العَذب جَوهَرا
تَخَيرت مِن تلكَ الفَرائد وَصفه / وَغاية جُهد المَرء أَن يَتَخَيرا
لَجَأت إِلَيهِ وَاِعتَصَمت بِجاهه / وَوَكَلت بِالوَادي الخَصيب الغَضَنفَرا
فَلَو حارَبَتني الحادِثات لَأَحجَمَت / ذِئاب رَأَت في ذَلِكَ الغيل حَيدَرا
همام دَعته لِلشَهامة همة / بِذي يَزن سارَت فَطاول قَيصَرا
نمته إِلى الجدين سام وَيافث / فُروع أُصول دَوحِها الغَض أَثمَرا
سَقَتها شَآبيب المَعالي فَأَنضَرَت / وَلَكن عَليّ كانَ أَعلا وَأَنضَرا
وَأَورثه الإِسكَندر العَزم فَاِرتَقى / وَلَم يَقتَصر حَتى تَرقى لحميرا
فَفي العرب العرباء قَد طابَ مغرساً / وَعنصره السامي تَناول كَومَرا
مَكارم أَخلاق وَحُسن طَوية / وَرقة لَفظ كَالنَسيم إِذا سَرى
تَرفع عَن مَجرى الثُريا مَحَلَه / وَلَكن شُعاع الشَمس قَد يَطَأ الثَرى
عَلا وَاِستَفادَ الخَلق مِن فَيض فَضله / وَرَب سَحاب قَد سَما الأَرض أَمطَرا
بَلَغت مَن المَولى رَجائي وَإِنَّما / جَميل إِذا أَولى جَميلاً لَأَشكُرا
فَما العز مَقصور وَلا العز قاصر / وَلا المُرتَقى صَعب إِذا اللَه يَسَرا
وَإِني وَإِن لَم أَعطِ قَدرَك حَقَهُ / مِنَ الحَمد فَالمَولى مَتى شاءَ أَقدَرا
بَقيت بَقاء الدَهر لِلمَجد كُلَما / مَضى مِنهُ عَصر دُمت تَطويه أَعصرا
أَراكَ تَرى فكري عَلى الحَمد أَقدَرا
أَراكَ تَرى فكري عَلى الحَمد أَقدَرا / وَقَدرك أَجدى بِالمَديح وَأَجدَرا
وَقَصر عَنك الوَبل وَالقَطر في النَدى / فَجارَيت بِالآلاء كِسرى وَقَيصَرا
لِأَنك باريت السَموات رفعة / وَبرّك قَد أَجرى عَلى البَر أَبحُرا
وَإِني أَراكَ البَدر وَالشَمس في الضُحى / بِمَكة أَو كَالغَيث وَاللَيث في السَرى
وَكَيفَ تَباريك المُلوك وَمَن بَرا / أَحلك بِالبَيت المُحَرَم مَنبَرا
يؤمك مِن شَرق البِلاد وَغَربِها / مِن الوَفد راجي الرَفد أَشعَث أَغبَرا
وَذي ظِماءٍ وافى إِلى وَرد زَمزَم / فَأَورَده جَدوى يَمينك كَوثَرا
وَجَيش لهام يَضرب الهام في الوَغى / تَرَكتُ عَلَيهِ النسر قَد مَدّ منسرا
وَبيض بِبيض المُرهفات فَلقتها / وَسُمر جَلَت كَأس المَنية أَحمَرا
وَأَنعلت بِالتيجان خيلكَ فَاِنثَنَت / وَقَد صارَ مِنها أَخضَر اللَون أَشقَرا
إِذا أَصبَحت نَجداً أَظَل غُبارَها / هَذيلاً وَداسَ الهول دَوساً وَحَميرا
تَسير بِها مثل الجِبال كَتائِباً / تَخط بِسُمر الخَط في الأَرض أَسطُرا
فَتوردها صَدر الرَدى وَتردها / وَما كُل هاد أَورَد الخَيل أَصدَرا
بِذي لجب لَف السَباسب بِالرُبا / وَلَثَّم وَجه الأَرض حَتّى تَسَتَرا
تَعَرّض بَينَ الشَرق وَالغَرب وَاِرتَقى / لِنَجم الثُريا حينَ غَصَ بِهِ الثَرى
إِذا لَم تُطاولك المُلوك بِطولها / فَقَد بَسَطَت عُذراً لِمَن كانَ قَصرّا
وَمَن ذا الَّذي أَحرى بِمَجدك مِنهُمُ / وَمَدحك في التَنزيل جاءَ مُحَرَرا
وَأَعلى مُلوك الأَرض كِسرى وَلَم يَكُن / لَهُ نَسَب داني البُتول وَحَيدَرا
وَإِن كانَ بِالإِيوان أَظهَر فَخرَه / فَحَسبُك بِالمحراب وَالبَيت مَظهَرا
إِلى خَير خَلق اللَه تَنَمى أُصولَكُم / فَكُنتُم بِهِ في الناس أَكرَم عُنصُرا
وَقَد جاءَ مِنهُ لِلنَبيين خاتم / فَلَم يَرَ قَدرَ الكَون يَبلغ خُنصُرا
وَأَنتُم بَنوه وَالَّذين بِفَضلِهم / أَتى الروح بِالذكر المُبين مخبرا
وَمَن ذا الَّذي بِالشعر يَبلغ مَدحكم / وَفي هَل أَتى ما قَد أَتى وَتَصَدرا
فَيا اِبن الَّذ قَد سادَ في الحلم أَحنَفا / وَبَذل اللها معناً وَفي اليَأس عَنتَرا
أَتاني كِتاب مِنكَ بِالعَتب أَشرَعَت / أَسِنة مِن أَملى الكِتاب وَحبرا
أَتَحسَب أَني قَد تنصلت في الَّذي / بَعَثت بِهِ كَي لا أُلام
بَرئت مِن الإِسلام إِن كُنتَ كاذِباً / عَلَيكُم بِما قالَ الطَبيب وَحذرا
فَخُذها لِجَيش الحَمد فيكُم طَليعَةٌ / تَريكَ نَظاماً قَد تَقَدَم عَسكَرا
سَأَجري عَلَيكُم بِالقَوافي سَوابِقاً / إِذا رامَ مَجراها النَسيم تَعَثَرا
وَأَنظُر مِن شَكوى الملال لِفكرتي / وَآتي الَّذي أَملى العِتاب فَأَثرا
فَلا زلت مَقصوداً وَلا زلت قاصِداً / أَراكَ تَرى فكري عَلى الحَمد أَقدَرا
إِذا وَردت بي العيس مَورد حاجر
إِذا وَردت بي العيس مَورد حاجر / رَعَت في خَضيب بَينَ تلكَ المَحاجر
وَحَلَت مِن البَيت المُحَرَم في حِمى / تَحط بِهِ الأَوزارعَن كُلِ زائر
هُنالك لا أَرضى سِوى أَرض مَعشَر / لَهُم يَعتَزي شَطري فَيَعتَز سائِري
لَهُم قَصَبات السَبق مِن قَبل يَعرُب / إِلى المَجد وَالعَلياء مِن قَبل عابر
إِذا ماجَ بي بَحر البَديهة في الدُجى / فَمَدح بَني الزَهراء مِثل الزَواهر
بِهُم يَهتَدي فكري إِلى ذكر حمدهم / عَلى أَنَّهُ فَرض عَلى كُل ذاكر
وَلي في مَعاليهم مَدائح ناظم / لَهُ مِن أَياديهم مَنائح ناثر
إِذا لَم أَكُن أَثني عَلَيهُم فَإِنَّني / كَمَن قالَ باستحلال تَرك الشَعائر
أَلَم تَنظُر الآمال ما بَينَ وارد / مَكارم عَبد اللَه شَوقاً وَصادر
مَليك تَحَدى الدَهر بِالمَدح فَاِنبَرى / يماتنه فيهِ لِسان المَنابر
مَتى خَطَرت بي الأَريحية لَم يَكُن / إِلى خاطِري يَوماً سِواه بِخاطر
سَما بي إِلى أَوج البَلاغة وَصفه / عَلى أَنَّني لا أَرتَضي باسم شاعر
فَكُدت أُباري البَدر تيهاً وَقَد بَدَت / أَهلة شعري بَينَ أَهل المَشاعر
وَهامَت بِها في كُلِ واد رَواتها / وَأَترابها مَقصورة في السَرائر
نَوابغ لا تَهدي لِغَير مَملك / لَهُ الشَرف المَعالي كَريم العَناصر
شَريف بَعيد الصيت لا الذكر خامل / وَلا الفَضل مَقصور رَهين البَوادر
لَهُ الجود طبع لا التجشم مَوجب / نَداه وَلَن تَلقى الجهام بِماطر
لَهُ الكَرَم الفَياض ساغَ لِوارد / أَرى كُل حَوض دونَهُ حَوض مادر
وَأَقصَر مِن عَمر العِدى عُمر وَعده / وَفاءً وَأَمضى مِن مَواضي البَواتر
وَيَبدَأ بِالآلاءِ وَهِيَ أَدلة / عَلى حَمدِهِ ما بَينَ بادٍ وَحاضر
وَتَستَبق الآمال فيهِ وَإِن نَأى / إِلى غاية مِن جوده المُتبادر
وَتَحذر أَسد الغيل في الغَيل بَأسه / فَخادرها في غابه مثل خاذر
يَنفذ بَينَ البيض وَالبيض حُكمه / وَيفرق ما بَينَ الطَلا وَالمَغافر
كَميٌّ إِذا اِلتَفَ الوَشيج عَلى العِدا / رَمى كُلُ هام مِن همام بِطائر
مِتّى عَقَد الرايات رَوّى حُسامه / وَإِن حَلَّ أَرضاً غَصَها بِالعَساكر
يَزف كَما زَف العِقاب لِواؤه / عَلى كُل نسر مِن كماة المَناسر
تَعَمم أَياديه أَعاديه رَحمة / وَأَحسَن ما في الوجود رَحمة قادر
أَجل بَني مَن جاءَ لِلرُسل خاتِماً / وَشاهده بِالمَجد عَقد الخَناصر
لَهُ النعم العُظمى الَّتي قَبل أَوجبَت / لَهُ الشُكر مني بَعدَ أَول فاطر
هُوَ الغَيث فَاِحذَر أَن تَدفق وَبله / وَقُم عَن مَجاري سَيلِهِ غَير صاغر
نَدى يَفضح الأَنداء وَاللَفظ لُؤلؤٌ / وَمِن عادة الدَأماءِ لَفظ الجَواهر
وَبَيني وَبَين المَجد وَالحَمد وَالعُلا / وَعَون ابن عَون مِثل لمحة ناظر
وَعَنهُ وَمِنهُ سَوفَ أَروي وَأَرتَوي / إِذا وَرَدَت بي العيس مَورد حاجر
بِزَهو لَيالي الصَفو جاءَ بَشير
بِزَهو لَيالي الصَفو جاءَ بَشير / وَأَيدي التَهاني بِالسُرور تُشير
مَواكب عزٍّ أَشرَقَت حينَ أَشرَقَت / كَواكب سَعد قَد بَدَت وَبدور
وَقَد نَشَرَت لِلنَصر فَوقَ رُؤوسِنا / مَع السُؤدد الأَعلام أَينَ نَسير
وَطارَت بِنا تلك المطي كَأَنَّها / وَقَد أَسرَعَت يَوم الرَحيل طُيور
قسيّ صَناديد الوَغى بمتونها / سِهام وَأَقطار الفَلاة نَحور
مَدَدنا عَلى أَعناقِها السوط فَاِعتَدَت / وَكادَت عَلى هام السماك تَسير
وَرَدنا بِها ماء العَروس فعرّجت / إِلى مَورد العَرجاء وَهِيَ تَغير
وَكَحلت الأَجفان بالميل مُذ هَوَت / كَما قَد هَوَت نَحوَ الحَمام صُقور
قَطَعنا المَروري فَدفداً بَعد فَدفَدٍ / إِلى ان وَصَلنا وَاِستَمَر مَرير
فيمَّمت المَرعى فَقُلنا لَها اِرجَعي / فَربع المَعالي مخصب وَنَضير
وَدونَك مَرعى الجود راعي رُبوعه / فَثم غَدير المكرمات غَزيز
فَحَنت لَما قُلنا وَأَلقَت رِحالها / وَذلل مِنها الصَعب وَهُوَ عَسير
ضَرَبنا خِيام المَجد شَرق عَنيزة / وَكُلٌّ لَهُ فَوقَ النُجوم سَرير
لَثمنا بِها كف ابن عَون محمد / فَفاضَت عَلَينا بِالنَوال بُحور
كميّ كَريم أَريحي غَضَنفر / يَكاد عَلى جور الزَمان يُجير
لَهُ همم في المَجد تَسمو كَأَنَّها / قَد اِرتَفَعَت فَوقَ النُسور نُسور
يُنادي مُنادي المَوت عِندَ مَجاله / وَخَيل المَنايا بِالعِداة تَدور
بِأَي النَواحي تَنزلون وَقَد غَدا / عَلَيكُم نَواح الصارِخات يَثير
وَأَسمَر مَثل الغُصن بِالمَوت مُثمر / عَلَيهِ قُلوب المُعتَدين تَطير
وَسَيف بِكَأس الحَتف طافَ عَلَيكُم / فَذوقوا فَما لِلظالمين نَصير
وَأَني لنجد نَجدة وَسيوفنا / لَها المَوت حَدّ وَالرِقاب جَفير
إِذا لَمَعَت كَالنجم في غَسق الوَغى / يَلوح لَها فَوق المَجَرة نور
وَأَرماحنا مِن صَدر كَل غَضَنفَر / لَها أَين كُنا مَورد وَصَدور
فَيا ملك الدُنيا وَمن حُسن ذكره / كَصارمه بَين الأَنام شَهير
أَطاعَكَ خَوفاً فَيصَل مِن سميه / وَذلّ وَما كُل السُيوف ذُكور
وَأَبصر في كَف ابن عَون مُهنداً / يَرويه قرم بِالضراب خَبير
فَظَل يَذود النَوم عَنهُ لرعبه / وَمِن حَولِهِ لِلثاكلات زَفير
وَأَطفَأ نيران الحُروب بِدَمعه / وَما أَطفَئت بِالدَمع قَبل سَعير
رَآها وَما شَبَت فَشابَت قُرونه / وَما اتقدمت فَانقاد وَهُوَ صَغير
وَيا طالَما أَفنى الجموع بِسَيفه / وَمِن حَولِهِ لِلأعوجية سور
كَتائب أَبطال يَبدد شَملها / هَزبر عَلى هَول الحُروب جُسور
وَما كُل مَن وافاه مثل مُحمد / خَبير بِتَدبير الجُيوش بَصير
رَأى ملكاً في الحكم كَالرُمح عادِلاً / وَفي الحَرب كَالسَيف الصَقيل يَجور
مَنون بِهِ طَرف العَدو مُسهد / أَمانٌ بِهِ طَرف الصَديق قَرير
رَأتهُ الأَعادي كَالقُبول إِذا سَرى / فَوَلّت عَلى الأَعقاب وَهِي دبور
لِهَذا قَد اِندَقَت مَفاصل فَيصَل / وَكادَت عَلَيهِ الدائِرات تَدور
وَلَكنهُ لِلحادِثات مُجَربٌ / وَيَعلم عُقبى ما إِلَيهِ يَصير
تُلافي أُمور الملك قَبل تلافه / وَمِن غَير رأي لا تَتم أُمور
وَلما رَأى عَبد العَزيز بَريدة / أَتاها نَذير مِنهُ جاءَ يَزور
وَوافى يَقود القود وَالخَيل مُسرِعاً / عَلى الرأَس يَمشي وَالفُؤاد يَطير
يُبَشِرُنا عَقد اللِواء بِنَصرة / بِها ابن لُؤيّ لِلعَدو نَذير
سَمونا عَلى هام السماك تَرفعاً / فَلَيسَ لَنا في ذا الزَمان نَظير
بِبيض رِقاب القَوم أَضحَت قرابها / وَسمر لَها صَدر الخَميس سَمير
وَكَم مِن أَغَرٍّ بِالسِنان محجل / بِأَدمية لا يَعتريه فتور
إِذا ما عَدا صُبحاً وَغارَ عَلى العِدى / تَرى موريات القَدح كَيف تَغير
تَرَكنا مَطيراً في الفَدافد شردا / فَمنهم قَتيل في الوَغى وَأَسير
طَويناهُم طَيّ السجل بِأَرضهم / فَلَيسَ سِوى يَوم النُشور نُشور
نَهَبنا نُفوس القَوم وَهِيَ عَسيرة / وَعَفنا نَفيس المال وَهُوَ يَسير
رَميناهُم بِالشُهب وَالصُبح واضح / فَأظلم مِن لَيل العَجاجة نير
كَأَنَّهُم فَوقَ السَوابق خَرّد / لَهُنَّ مُتون الصافِنات خُدور
فَما فيهم قُرم يُمانع عَنهُم / وَقَد هُزموا أَو بِالثَبات يَشير
وَلِلبيض في الأَعناق عِندَ اِعتِناقَهم / صَليل وَللسمر الدقاق صَرير
فَكانَ دَمار القَوم بَعدَ حَياتَهُم / دَليلاً عَلى أَن الحَياةَ غُرور
وَلَم يَبقَ مِنهُم مَن يُواري مجندلاً / فَلَيسَ سِوى جَوف الطيور قُبور
وَكَم عُرباً مِن شدة الرعب غادَرَت / لهيبتنا الغدران حينَ نثور
يَرون إِذا ناموا كَأَنّا نَدوسَهُم / وَلِلخَيل في تلك الرُؤوس عَثير
يَروعَهُم سَيف ابن عَون بِن مُحسن / فَتى مِنهُ تَصريف الزَمان حذور
كَذا يَطرد الأَعداء مَن يَطلب العُلى / وَيَرقى مَراقي المَجد وَهُوَ جَدير
فَيا مَن سَما فَوق السَماكين قَدره / فَلا سُؤدد إِلّا إَلَيهِ يَصير
وَيا فالق الهامات مِن دون جُنده / وَللأَسد مِن تَحت العَجاج زَئير
قَطَعت إَلَيكَ البيد في طَلب العُلى / وَذاكَ بِفَضل مِن نداك يَصير
وَلَيسَت يَدي عَما أَروم قَصيرة / وَلَكِنَّما باعَ الزَمان قَصير
لَعَلّي بِفَضل منك أَبلَغ خطة / يَقصر عَنها أَول وَأَخير
أَهوّن بِذُل النَفس مِن دون عزّها / وَكَيف يَهون الأَمر وَهُوَ عَسير
سَتصحب مني يا ابن عَون غَضَنفَراً / وَإِن كُلّ مِنهُ الظَفر فَهُوَ ظَفور
وَإِن ضَعفت أَعضاؤه إِنّ قلبه / قويّ عَلى ما يَعتريه صَبور
وَسَوف تَرى مني اللَيالي عَجائِباً / وَتَحَدَث مِن بَعد الأُمور أُمور
لحى اللَه دَهراً ساوَرَتني صُروفه / ليعظم في عَينيّ وَهُوَ حَقير
رَأى صَغري فَاِستَصغَر الدَهر همتي / وَلي همم لَو صادمته يَمور
فَلا تَعذلوه إِنّ مِنهُ تَعجبي / قَليل وَلَكن مِن بَنيه كَثير
إِذا ما اِستَقام المَرء فيهُم تَعَوَجوا / كَأَن سُرور المخلفين شُرور
قَد اِتَفَقوا لَكن عَلى الخَلف بَينَهُم / وَكُل امرئٍ يَهوى الخِلاف غَدور
عَسى وَلَعَل اللَه يَرغم أَنفَهُم / بِسَيف اِبن عَون وَالإِله قَدير
وَدونَك يا نَسل الكِرام قَصيدة / لَها البَدر طرس وَالنُجوم سُطور
بَلاغة قَول ما لَها مِن مُطاول / يَقصّر عَنها عَنتر وَجَرير
بِحَمدك قَد سادَت وَما كُل شاعر / لَهُ بِاِمتِداح الأَكرَمين شُعور
أَتاكَ بِها كَالشَمس في الحُسن وَالبَها / مُحبٌّ لَما أَسدَت يَداك شُكور
إِذا ما اِستَهَلَّت في بَراعة مَدحَكُم / تفاوح مِن مسك الخِتام عَبير
تَتيه عَلَينا مُذ رزقت مَلاحة
تَتيه عَلَينا مُذ رزقت مَلاحة / وَتسبل طرفاً مِنكَ لمحتهُ سحر
وَتَمشي تَجُرّ الذَيل تيهاً إِلى مَتى / رُوَيدَك يَكفي بَعض تَيهك يا بَدر
فَيا طالَما كُنا ملاحاً وَطالَما / هَجَرنا وَكُنا لا يُطاق لَنا هَجر
تَشببت العُشاق فينا وَعَنهُم / صَدَدنا وَتهنا ثُم غَيرنا الدَهر
أَيا بَدر تَم صار قَلبي مَنزِلاً
أَيا بَدر تَم صار قَلبي مَنزِلاً / إَلَيهِ وَطَرفي في الدَياجي سَميره
أَجب دَعوة المُشتاق مِنكَ بزورة / لِتحيي قَتيل الهَجر حينَ تَزوره
كَأَني بِكُم قُلتُم تَرى الأَمر ظاهِراً
كَأَني بِكُم قُلتُم تَرى الأَمر ظاهِراً / نَعم إِن عِندي باطن الأَمر ظاهره
إِذا جَرد الصمصام يَبدو فَرنده / وإِن قَلَّ ماء البَحر تَبدو جَواهره
إِلى رَحمة الرَحمَن مِن ظَمإٍ سَما
إِلى رَحمة الرَحمَن مِن ظَمإٍ سَما / لِيَشرَب مِن عَين كَأدمُعِنا تَجري
كَذَلِكَ آل البَيت آل مُحَمَد / تَصير إِلى الفَردوس وَالحلل الخُضر
وَلما قَضى صَبري عَلى البُعد بَعده / وَأَصبَح تاريخاً حسين مَضى صَبري