المجموع : 21
زَمانٌ كَثَوبِ الغولِ فيهِ تَلَوُّنٌ
زَمانٌ كَثَوبِ الغولِ فيهِ تَلَوُّنٌ / فَأَوَّلُهُ صَفوٌ وَآخِرُهُ كَدَر
خَليقَةُ شَهمٍ كُلَّما أَسمَحَت مَحَت
خَليقَةُ شَهمٍ كُلَّما أَسمَحَت مَحَت / مَعالِمَ جَدبٍ لَم يُطِق مَحوَها المَطَر
نُصِرتَ عَلى الأَعداءِ فَليَهنِكَ النَصرُ
نُصِرتَ عَلى الأَعداءِ فَليَهنِكَ النَصرُ / وَدانَت لَكَ الدُنيا وَذَلَّ لَكَ الدَهرُ
فَأَنتَ كَإِقبالِ الشَبيبَةِ وَالصِبا / تَطيبُ بِكَ الدُنيا وَيَنعَمِرُ العُمرُ
وَلَيسَ كِرامُ الناسِ إِلّا كَواكِباً / عَلى صَفحَتَي لَيلٍ وَأَنتَ لَهُم بَدرُ
وَفي الناسِ أَجوادٌ كَثيرٌ وَإِنَّما / أُولَئِكَ أَثمادٌ وَأَنتَ لَهُم بَحرُ
فَإِن أَظلَمَ الأَحداثُ وَاِسوَدَّ لَونُها / فَهُم شَفَقٌ فيها وَأَنتَ بِها فَجرُ
أَبا قاسِمٍ فَخراً عَلى المَجدِ وَالعُلا / فَإِنَّ العُلا رَوضٌ وَأَنتَ بِهِ زَهرُ
غَدَت أَرضُنا مِنكُم سَماءً مُظِلَّةً / لَها أَنجُمٌ مِن زُهرِ أَخلاقِكُم زُهرُ
كَأَنَّكَ في خَدِّ الزَمانِ تَوَرُّدٌ / وَفي فَمِهِ ضِحكٌ وَفي وَجهِهِ بِشرُ
فَمَن يَكُ مَمدوحاً بِنَظمٍ نَصوغُهُ / فَإِنَّكَ مَمدوحٌ بِكَ النَظمُ وَالنَثرُ
وَإِن يَكُ بَعضُ الأَكرَمينَ يَعُقُّني / فَإِنَّكَ مَدُّ البَحرِ إِن أَخلَفَ القَطرُ
تَواضَع إِذا مَدَّ العَلاءُ بِضَبعِهِ
تَواضَع إِذا مَدَّ العَلاءُ بِضَبعِهِ / كَما اِنحَطَّ ضَوءُ البَدرِ وَاِرتَفَعَ البَدرُ
زَبَرجَدَةٌ فيها قُراضَةُ فِضَّةٍ
زَبَرجَدَةٌ فيها قُراضَةُ فِضَّةٍ / فَإِن رَجَعَت تِبراً فَقَد خَسَّ أَمرُها
تُلِمُّ بِنا طَورَينِ في كُلِّ حِجَّةٍ / فَيَكثُرُ فينا خَيرُها ثُمَّ شَرُّها
فَعِندَ المِصَيفِ لَيسَ يُفقَدُ نَفعُها / وَعِندَ الخَريفِ لَيسَ يُؤمَنُ ضَرُّها
وَزائِرَةٍ في كُلِّ عامٍ تَزورُنا
وَزائِرَةٍ في كُلِّ عامٍ تَزورُنا / فَيُخبِرُ عَن طيبِ الزَمانِ مَزارُها
تُخَبِّرُ أَنَّ الجَوَّ رَقَّ قَميصُهُ / وَأَنَّ الرِياضَ قَد تَوَشّى إِزارُها
وَأَنَّ وُجوهَ الغُدرِ راقَ بَياضُها / وَأَنَّ وُجوهَ الأَرضِ راعَ اِخضِرارُها
تَحُنُّ إِلَينا وَهيَ مِن غَيرِ شَكلِنا / فَتَدنو عَلى بُعدٍ مِنَ الشَكلِ دارُها
فَيُعجِبُنا وَسطَ العِراصِ وُقوعُها / وَيُؤنِسُنا بَينَ الدِيارِ مَطارُها
أَغارَ عَلى ضَوءِ الصَباحِ قَميصُها / وَفازَ بِأَلوانِ اللَيالي خِمارُها
تَصيحُ كَما صَرَّت نِعالُ عَرائِسٍ / تَمَشَّت إِلَيها هِندُها وَنُوارُها
تُجاوِرُنا حَتّى تَشِبَّ صِغارُها / وَتَقضي لُباناتِ النُفوسِ كِبارُها
تَجَلّى لَكَ الإِملاكُ عَمّا تُحِبُّهُ
تَجَلّى لَكَ الإِملاكُ عَمّا تُحِبُّهُ / فَإِنَّكَ قَد فَصَّلتَ بِالتِبرِ جَوهَرا
فَصَيَّرتَهُ لِلدَهرِ عَقداً مُفَصَّلاً / وَطَيَّرتَهُ في الأُفقِ نَشراً مُعَطَّرا
هُوَ اليُمنُ لَم يُعدِمكَ مَحبوبَةً دَنَت / وَمَكروهَةً شَطَّت وَصَعباً تَيَسَّرا
وَقَد سَرَّني أَنّي رَأَيتُكَ واطِئاً
وَقَد سَرَّني أَنّي رَأَيتُكَ واطِئاً / عَلى عَقِبَي داءٍ تَراخى فَأَدبَرا
وَقَد ظَلَّ يَبغي رائِدُ البَرءِ مورِداً / لَدَيكَ وَيَبغي فارِطُ السَقمِ مَصدَرا
وَلا غَروَ أَن يَغشاكَ عارِضُ عِلَّةٍ / فَإِنّي رَأَيتُ الوَردَ يَغشى الغَضَنفَرا
وَلَو كُنتَ نَجماً ما خُسِفتَ وَإِنَّما / كُسوفُكَ أَن أَمسَيتَ بَدراً مُنَوَّرا
وَبَرقٍ سَرى وَاللَيلُ يُمحى سَوادُهُ
وَبَرقٍ سَرى وَاللَيلُ يُمحى سَوادُهُ / فَقُلتُ سِوارٌ في مَعاصِمِ أَسمَرا
وَقَد سَدَّ عَرضَ الأُفقِ غَيمٌ تَخالُهُ / يَزُرُّ عَلى الدُنيا قَميصاً مُعَنبَرا
تَهادى عَلى أَيدي الحَبائِبِ وَالصِبا / كَخَرقٍ مِنَ الفِتيانِ نازَعَ مُسكِرا
تَخالُ بِهِ مِسكاً وَبِالقَطرِ لُؤلُؤاً / وَبِالرَوضِ ياقوتاً وَبِالوَحلِ عَنبَرا
سَوادُ غَمامٍ يَبعُثُ الماءَ أَبيَضاً / وَغَرَّةُ أَرضٍ تُنبِتُ الزَهرَ أَصفَرا
أَتَتكَ بِهِ أَنفاسُ ريحٍ مَريضَةٍ / كَمَفظَعَةٍ رَعناءَ تَستاقُ عَسكَرا
فَأَلقى عَلى الغُدرانِ دَرعاً مَسَرَّداً / وَأَهدى إِلى القيعانِ بُرداً مُحَبَّرا
تَخالُ الحَيا في الجَوِّ دُرّاً مُنَظَّماً / وَفي وَجَناتِ الأَرضِ دُرّاً مُنَثَّرا
وَأَقبَلَ نَشرُ الأَرضِ في نَفَسِ الصِبا / فَباتَ بِهِ ثَوبُ الهَواءِ مُعَطَّرا
إِذا ما دَعَت فيهِ الرُعودُ فَأَسمَعَت / أَجابَ حُداةٌ وَاِستَهَلَّ فَأَغزَرا
وَيَبكي إِذا ما أَضحَكَ البَرقُ سِنَّهُ / فَيَجعَلُ نارَ البَرقِ ماءً مُفَجَّرا
كَأَنَّ بِهِ رُؤدَ الشَبابِ خَريدَةً / قَدِ اِتَّخَذَت ثِنيَ السَحابَةِ مِعجَرا
فَثَغرٌ يُرينا مِن بَعيدٍ تَبَلُّجاً / وَدَمعٌ يُرينا مِن بَعيدٍ تَحَدُّرا
رَكوبٌ لَأَعناقِ الأُمورِ وَلَم يَكُن
رَكوبٌ لَأَعناقِ الأُمورِ وَلَم يَكُن / يَدُبُّ عَلى أَعجازِها مُتَقَفِّرا
إِذا أَدبَرَ المَطلوبُ عَنهُ فَخَلِّهِ / فَإِنَّ عَناءً أَن تُحاوِلَ مُدبِرا
قَبيلُكُمُ في العِزِّ يَعلو قَبائِلاً
قَبيلُكُمُ في العِزِّ يَعلو قَبائِلاً / وَواحِدُكُم في المَجدِ يَكثُرُ مَعشَرا
فَلا زالَتِ الأَقدارُ دونَ مَحَلِّكُم / سَواقِطَ وَالمَكروهُ عَنكُم مُقَصِّرا
عَلَيكَ سَلامُ الأَصبَحِيَّةِ كُلَّما
عَلَيكَ سَلامُ الأَصبَحِيَّةِ كُلَّما / يَحِنُّ أَخو شَوقٍ لِبُعدِ دِيارِ
فَأَنتَ أَخو شَينٍ وَخِدنُ دَناءَةٍ / وَصاحِبُ عارٍ وَاِبنُ أُمِّ شَنارِ
أَيا عَجَباً مِن آنِسٍ لَكَ نافِرٍ
أَيا عَجَباً مِن آنِسٍ لَكَ نافِرٍ / يُعاوِدُ وَصلاً وَهوَ في حالِ هاجِرِ
يَزورُ عَلى بُعدِ المَكانِ وَلَم يُرِد / وِصالاً فَقُل في زائِرٍ غَيرِ زائِرِ
لَهُ في الذُرا شَذرٌ يَمُرُّ وَيَنثَني / كَما حَرَّكَ الكَعبَينِ كَفُّ مُقامِرِ
وَأُخبِرُ أَنّي رُحتُ في حِلَّةِ الضَنى
وَأُخبِرُ أَنّي رُحتُ في حِلَّةِ الضَنى / لَيالِيَ عَشراً ضامَها اللَهُ مِن عَشرِ
تُنَفِّضُني الحُمّى ضُحىً وَعَشِيَّةً / كَما إِنتَفَضَت في الدَجنِ قادِمَتا نِسرِ
تَذُرُّ عَلَيَّ الوَرسَ في وَضَحِ الضُحى / وَتُبدِلُهُ بِالزَعفَرانِ لَدى العَصرِ
إِذا اِنصَرَفَت جاءَ الصُداعُ مُشَمِّراً / فَأَربى عَلَيها في الأَذِيَّةِ وَالشَرِّ
وَتَجعَلُ أَعضائي عُيوناً دَوامِعاً / تُواصِلُ بَينَ السَكبِ وَالسَجمِ وَالهَمرِ
فَتَحسَبُهُ طَلّاً عَلى أُقحُوانَةٍ / وَعَهدي بِهِ يَحكي حُباباً عَلى خَمرِ
وَلَمّا تَمادَت عُذتُ مِنها بِحِميَةٍ / كَمَن تَرَكَ الرَمضاءَ وَاِنفَلَّ في الجَمرِ
وَما مِنهُما إِلّا بَلاءٌ وَفِتنَةٌ / وَضَرٌّ عَلى الأَحرارِ يالَكَ مِن ضَرِّ
وَقَد عادَني الإِخوانُ مِن كُلِّ جانِبٍ / وَما قَصَّروا في العُرفِ وَالفَضلِ وَالبِرِّ
فَلِمَ لَم تَكُن فيهِم فَيَكمَلَ حُسنُهُم / أَيا ظالِماً أَخلى النُجومَ مِنَ البَدرِ
وَإِذ كُنتَ لَم تَنهَض إِلَيَّ وَلَم تَكَد / فَلِمَ لَم تَسَل عَنّي فَتُخبَرَ عَن أَمري
وَما لَكَ لَم تَبعَث إِلَيَّ بِأَسطُرٍ / تُمَجمِجُها إِحدى يَمينِكَ في ظَهرِ
تَضُنُّ بِتَسليمٍ وَزَورَةِ ساعَةٍ / فَكَيفَ يُرَجّى جودُ كَفَّيكَ بِالوَفرِ
فَإِن كُنتَ لا تُبقي عَلى الحالِ بَينَنا / فَهَلّا تَخافُ سوءَ بادِرَةِ الشِعرِ
إِذا لَم تَكونوا لِلحُقوقِ فَمَن لَها / وَأَنتُم كِرامُ الناسِ في البَدوِ وَالحَضرِ
وَأَنتَ إِذا أَنحَيتَ تَفري أَديمَها / فَما ذَنبُ ذي جَهلٍ فَرى مِثلَ ما تَفري
وَما لِعُداةِ العِلمِ تَذكُرُ عَيبَهُم / وَأَنتَ عَلى أَمثالِ غابِرِهِم تَجري
أَلا إِنَّما النُعمى تُجازى بِمِثلِها
أَلا إِنَّما النُعمى تُجازى بِمِثلِها / إِذا كانَ مَسداها إِلى ماجِدٍ حُرِّ
فَأَمّا إِذا كانَت إِلى غَيرِ ماجِدٍ / فَقَد ذَهَبَت في غَيرِ أَجرٍ وَلا شُكرِ
إِذا المَرءُ أَلقى في السِباخِ بُذورَهُ / أَضاعَ فَلَم تَرجِع بِزَرعٍ وَلا بَذرِ
أَفي هَذِهِ الأَيّامُ زِدتَ وَلَم تَزَد
أَفي هَذِهِ الأَيّامُ زِدتَ وَلَم تَزَد / سَناءً تَعالى فيهِ قَدرُكَ عَن قَدري
أَغَرَّةُ إِسماعيلَ أَم سُنَّةُ البَدرِ
أَغَرَّةُ إِسماعيلَ أَم سُنَّةُ البَدرِ / وَفَيضُ نَدى كَفَّيهِ أَم باكِرُ القَطرِ
تُطالِعُنا بَينَ الغُصونِ كَأَنَّها
تُطالِعُنا بَينَ الغُصونِ كَأَنَّها / خُدودُ عَذارى في مَلاحِفِها الخُضرِ
أَتَت كُلَّ مُشتاقٍ بِرَيّا حَبيبِهِ / فَهاجَت لَهُ الأَحزانَ مِن حَيثُ لا يَدري
تَرَكتُ سَمينَ اللَحمِ يَبيَضُّ بَعضُهُ
تَرَكتُ سَمينَ اللَحمِ يَبيَضُّ بَعضُهُ / وَيَحمَرُّ بَعضٌ خَلطَكَ الدُرَّ بِالتِبرِ
وَأَعرَضتُ عَن حَلواءَ شَقَّ فُنونُها / فَبيضٌ إِلى حُمرٍ وَحُمرٌ إِلى صُفرِ
إِلى ثَردَةٍ رَقطاءَ قُطِّعَ فَوقَها / مُقَفَّعَةٌ خَضراءَ في وَرَقٍ خُضرِ
لَبِسنا إِلى الخَمّارِ وَالنَجمُ غائِرِ
لَبِسنا إِلى الخَمّارِ وَالنَجمُ غائِرِ / غُلالَةَ لَيلٍ بِالصَباحِ مُطَرَّرِ
كَأَنَّ بَياضَ النَجمِ في خُضرَةِ الدُجى / تَفَتُّحَ وَردٍ بَينَ رَندٍ وَعَبقَرِ