القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو العَلاء المَعَري الكل
المجموع : 55
جَرى المَينُ فيهِم كابِراً بَعدَ كابِرٍ
جَرى المَينُ فيهِم كابِراً بَعدَ كابِرٍ / عَنِ الخُبرِ يَحكي لا عَنِ السَلَفِ الحَبرُ
خَبَرتُ بني الدُنيا وَأَصبَحتُ راغِباً / إِلَيهِم كَأَنّي ما شَفاني بِهِم خُبرُ
جِبِلَّةُ ظُلمٍ لا قَوامَ بِحَربِها / وَصيغَةُ سَوءٍ ما لِمَكسورِها جَبرُ
تِلاوَتُكُم لَيسَت لِرُشدٍ وَلا هُدى / بِعِشرَينِ ما فيها اِدِّغامٌ وَلا نَبرُ
وَما العَيشُ إِلّا عُبرَ أَسفارِ ظاعِنٍ / لِمُقلَتِهِ مِمّا يُمارِسُهُ العَبرُ
تَغَبَّرتُها بِالسَيرِ حَتّى تَرَكتُها / طَليحَ رِكابٍ ما لِأَخلافِها غُبرُ
وَقَد ماتَ مِن بَعدِ التَغَشمُرُ جَهلُها / فَغُيَّبَ إِلّا أَنَّ هامَتَها القَبرُ
حَديثُ أَتانا عَن يَمانٍ وَمُشإِمٍ / وَأَولى البَرايا بِالَّذي فُرِيَ الكُبرُ
خَفِ اللَهَ حَتّى في جِنى النَحلِ ذُقتَهُ / فَما جَمَعَت إِلّا لِأَنفُسِها الدَبرُ
إِذا أَنتَ زَوَّجتَ العَجوزَ عَلى الصَبا / فَأَيّامُها صِنٌّ عَلَيكَ وَصِنَّبرُ
وَتَحطيمُ أَرماحِ الوَغى أَبَرٌ صَغا / بِها القَولُ كَم طَعنٍ يُهَيّجُهُ أَبرُ
وَصَبرُكَ فَضلٌ فيكَ إِن كُنتَ قادِراً / وَإِلّا فَعَجزٌ مِن خَلائِقِكَ الصَبرُ
لِقاؤُكَ مافيهِ لِمِثلِيَ خيرَةٌ / وَلا لَكَ فَاِنظُر أَينَ يُلتَمَسُ الشَبرُ
إِذا كانَ لَم يَقتُر عَلَيكَ عَطاءَهُ
إِذا كانَ لَم يَقتُر عَلَيكَ عَطاءَهُ / إِلَهُكَ فَليَهجُر أَنامِلَكَ القَترُ
وَنَحنُ بَنو الدَهرِ الَّذي هُوَ خاتِرٌ / فَلَيسَ بِناءٍ مِن خَلائِقِنا الخَترُ
أُمورٌ شَجَت إِن لَم تَتِمَّ فَإِنَّها / أَراقِمُ تُزجي الحَتفَ أَذنابُها البُترُ
وَلَم يَحمِ ظَبياً نافِراً كَونُ مَسكِهِ / عَتيرَةَ مِسكٍ أَن يُلِمَّ بِهِ العَترُ
وَحُبُّكَ هَذي الدارَ أُسُّ إِمامَةٍ / لِجَهلِكَ وَالبادي عَلى باطِنٍ سِترُ
عَجِبتُ لِرَكبِ المَوجِ يَرجونَ كَوكَباً / وَجَيشُ المَنايا مِن نُفوسِهِمُ فِترُ
مُدامَةُ سِنٍّ وافَقَتها مُدامَةٌ / إِذا هِيَ دَبَّت فَالعِظامُ بِها فَترُ
تَغولانِ لُبَّ المَرءِ مِن كُلِّ وِجهَةٍ / فَكِلتاهُما يَغشاكَ أَن يَغلِبَ الهُترُ
قِيانٌ غَدَت خَمساً وَعَشراً عَلى عَصا
قِيانٌ غَدَت خَمساً وَعَشراً عَلى عَصا / لِخَمسٍ وَعَشرٍ لا يُحَسُّ لَها جَذرُ
تَحَلَّت بِشَذرٍ بَعدَ أَطواقِ حِندِسٍ / قَديمٍ وَمِن صَوغِ النَدى ذَلِكَ الشَذرُ
لَقَد أَكثَرَت في يَومِها أُمُّ ناهِضٍ / مِنَ السَجعِ حَتّى مَلَّ مَنطِقَها الهَذرُ
وَقَد عُذِرَت في نَوحِها وَغِنائِها / فَلَمّا أَطالَت فيهِما بَطَلَ العُذرُ
تَقَنَّع مِنَ الدُنيا بِلَمحٍ فَإِنَّها
تَقَنَّع مِنَ الدُنيا بِلَمحٍ فَإِنَّها / لَدى كُلِّ زَوجٍ حائِضٌ ما لَها طُهرُ
مَتى ما تُطَلِّق تُعطِ مَهراً وَإِن تَزِد / فَنَفسُكَ بَعدَ الدَينِ وَالراحَةِ المَهرُ
وَلم تَرَ بَطنَ الأَرضِ يُلقي لِظَهرِها / رِجالاً كَما يُلقى إِلى بَطنِها الظَهرُ
بَنو الشَرخِ زادوا عَن بَني الشَيخِ قوَّةٌ / وَيَضعُفُ عَن ضُعفٍ بِقارِحِهِ المُهرُ
إِذا ما جَرَينا وَالَّذينَ تَقَدَّموا / مَضوا وَتَرامى في جَوانِحِنا البُهرُ
تَمَتَّعَ أَبكارُ الزَمانِ بِأَيدِهِ / وَجِئنا بِوَهنٍ بَعدَما خَرِفَ الدَهرُ
فَلَيتَ الفَتى كَالبَدرِ جُدِّدَ عُمرُهُ / يَعودُ هِلالاً كُلَّما فَنِيَ الشَهرُ
غَفَرتُ زَماناً في اِنتِكاسِ مَآثِمٍ
غَفَرتُ زَماناً في اِنتِكاسِ مَآثِمٍ / وَعِندَ مَليكِ الناسِ يُلتَمَسُ الغَفرُ
وَفي وَحدَةِ الإِنسانِ أَصنافُ لَذَّةٍ / وَكُلُّ صُنوفِ الوَحشِ يَجمَعُها القَفرُ
لَعَلَّ ذُنوباً كُنَ لِلدينِ سُلَّماً / وَنارُكَ دونَ الماءِ يَقدَحُها الحَفرُ
تَطَلَّ بِمِسكٍ أَو تَضَمَّخ بِعَنبَرٍ / أَرى أُمَّ دَفرٍ ما عَدانا اِبنُها دَفرُ
وَما القَبرُ إِلّا مَنزِلٌ نَفَرَت لَهُ / كَذوبُ المُنى ثُمَّ اِطمَأَنَّ بِها النَفرُ
بُيوتٌ فَمَهدومٌ يُرى وَمُقَوَّضٌ
بُيوتٌ فَمَهدومٌ يُرى وَمُقَوَّضٌ / بِكَسرٍ وَبَيتٌ مِن قَريضٍ لَهُ كَسرُ
حَوادِثُ فيها رَإِئحاتٌ وَمُغتَدٍ / وَأَمرانِ عُسرٌ في البَرِيَّةِ أَو يُسرُ
وَإِنَّ رِجالاً كانَ نَسرٌ لَدَيهِمُ / إِلهاً عَلَيهُم قَبلَنا طَلَعَ النَسرُ
وَعاشوا يَرَونَ اليُسرَ إِفضالَ مُكثِرٍ / عَلى مُقتِرٍ ثُمَّ اِنقَضى الناسُ وَاليُسرُ
لَهُم سُنَّةٌ أَن لا يُضَيَّعَ مُعدِمٌ / إِذا سُنَةٌ أَزرى بِأَنجُمِها الأُسرُ
وَما رَبَحُ الدُنيا بِمَمكِنِ تاجِرٍ / عَلى حالَةٍ بَل كُلُّ أَعمالِها خُسرُ
حَياةٌ كَجِسرٍ بَينَ مَوتَينِ أَوَّلٍ / وَثانٍ وَفَقدُ الشَخصِ أَن يُعبَرَ الجِسرُ
دَعي وَذَري الأَقدارَ تَمضي لِشَأنِها
دَعي وَذَري الأَقدارَ تَمضي لِشَأنِها / فَلَم تَحمِ مُلكاً لا دِمَشقُ وَلا مِصرُ
وَلا الحَرَّةُ السَوداءُ حاطَت سِيادَةً / وَلا البَصرَةُ البَيضاءُ حَصَّنَها البِصرُ
تَرومُ قِياساً لِلحَوادِثِ ضِلَّةً / وَتِلكَ أُصولٌ لَيسَ يَجمَعُها حَصرُ
وَعِندَ ضِياءِ الفَجرِ صُلِّيَتِ الضُحى / وَعِندَ غُروبِ الشَمسِ صُلِّيَتِ العَصرُ
وَما يَجمُلُ التَقصيرُ في كُلِّ مَوطِنٍ / وَلا كُلُّ مَفروضِ الصَلاةِ لَهُ قَصرُ
إِذا لَم يَكُن بُدٌّ مِنَ المَوتِ فاِلقَهُ / أَفُضَّ بِهِ الفَودانِ أَم فُرِيَ الخَصرُ
عَلِيٌّ مَضى مِن بَعدِ نَصرٍ وَعِزَّةٍ / وَحَمزَةُ أَودى قَبلَ أَن يُنزَلَ النَصرُ
وَإِنّي أَرى ذُرَيَّةَ الشَيخِ آدَمٍ / قَديماً عَلَيهِم بِالرَدى أُخِذَ الإِصرُ
إِذا زادَكَ المالُ اِفتِقاراً وَحاجَةً
إِذا زادَكَ المالُ اِفتِقاراً وَحاجَةً / إِلى جامِعيهِ فَالثَراءُ هُوَ الفَقرُ
أَلَم تَرَ أَنَّ المَلكَ لَيسَ بِدائِمٍ / عَلى مُلكِهِ إِلّا وَعَسكَرُهُ وِقرُ
تَتَبُّعُ آثارَ الرِياضِ حَمامَةٌ / وَيُعجِبُها فيما تُزاوِلُهُ النَقرُ
تَهُمُّ بِنَهضٍ ثُمَّ تَثني بِرَغبَةٍ / فَما شَعَرَت حَتّى أُتيحَ لَها صَقرُ
وَقدَ عَرَّفَتها أُمُّها أَمسِ شَرَّهُ / وَأَنَّ الرَدى يَقرو المَكانَ الَّذي تَقرو
وَمَن حانَ يوماً جارَ في عَينيهِ عَمىً / وَفي لُبِهِ ضَعفٌ وَفي سَمِعهِ وَقرُ
تَلَقَّبَ مَلِكٌ قاهِراً مِن سَفاهَةٍ
تَلَقَّبَ مَلِكٌ قاهِراً مِن سَفاهَةٍ / وَلِلَّهِ مَولاهُ المَمالِكُ وَالقَهرُ
أَتَغضَبُ أَن تُدعى لَئيماً مُذَمَّماً / وَحَسبُكَ لُؤماً أَنَّ والِدَكَ الدَهرُ
تَزَوَّجَ دُنياهُ الغَبِيُّ بِجَهلِهِ / فَقَد نَشَزَت مِن بَعدِ ما قُبِضَ المَهرُ
تَطَهَّر بِبُعدٍ مِن أَذاها وَكَيدِها / فَتِلكَ بَغيٌّ لا يَصِحُّ لَها طُهرُ
وَأَنفَقتُ بِالأَنفاسِ عُمري مُجَزِّئاً / بِها اليَومَ ثُمَّ الشَهرَ يَتبَعُهُ الشَهرُ
يَسيراً يَسيراً مِثلَ ما أَخَذَ المَدى / عَلى الناسِ ماشٍ في جَوانِحِهِ بُهرُ
كَذَرٍّ عَلى ظَهرِ الكَثيبِ فَلَم يَزَل / بِهِ السَيرُ حَتّى صارَ مِن خَلفِهِ الظَهرُ
إِذا كُنتُ قَد جاوَزتُ خَمسينَ حِجَّةً
إِذا كُنتُ قَد جاوَزتُ خَمسينَ حِجَّةً / وَلَم أَلقَ خَيراً فَالمَنِيَّةُ لي سِترُ
وَما أَتَوَقّى وَالخُطوبُ كَثيرَةٌ / مِنَ الدَهرِ إِلّا أَن يَحِلَّ بِيَ الهِترُ
أَحاديثُ عَن قَيلِ بنِ عِترٍ وَرَهطِهِ / رُوَيدَكَ ما قَيلٌ وَوالِدُهُ عِترُ
غَدَت أُمُّنا الدُنيا إِلَينا مُسيئَةً / لَها عِندَنا مِن كُلِّ ناحِيَةٍ وِترُ
وَنَحنُ كَرَكبِ المَوجِ ما بَينَ بَعضِهِم / وَبَينَ الرَدى إِلّا الذِراعُ أَوِ الفِترُ
أَجَلُّ سِلاحٍ يَتَّقي المَرءُ قِرنَهُ
أَجَلُّ سِلاحٍ يَتَّقي المَرءُ قِرنَهُ / بِهِ أَجَلٌ يَومَ الهِياجِ مُؤَخَّرُ
وَرُبَّ كَمِيٍّ يَحمِلُ السَيفَ صارِماً / إِلى الحَربِ وَالأَقدارُ تَلهو وَتَسخَرُ
وَكَنزُكَ في الغَبراءِ لا بُدَّ ضائِعٌ / وَلَكِن لَدى الخَضراءِ يُحمى وَيُذخَرُ
تُفاخِرُ ظَنّاً مِنكَ أَنَّكَ ماجِدٌ / وَحَسبُكَ مِن ذامٍ غُدوُّكَ تَفخَرُ
وَما شَرَفُ الإِنسانِ إِلّا عَطِيَّةٌ / حَدَتها اللَيالِيَ وَالقَضاءُ المُسَخَّرُ
إِذا صَغَّرَ اِسماً حاسِدوكَ فَلا تُرَع
إِذا صَغَّرَ اِسماً حاسِدوكَ فَلا تُرَع / لِذَلِكَ وَالدُنيا بِسَعدِكَ تَفغَرُ
فَإِنَّ الثُرَيّا وَاللُجينِ وَحَسبُنا / بِها وَسُهَيلاً كُلَّهُنَّ مُصَغَّرُ
لَعَمرِيَ لَقَد عَزَّ المُباحُ عَلَيكُمُ
لَعَمرِيَ لَقَد عَزَّ المُباحُ عَلَيكُمُ / وَهانَ بِجَهلٍ ما يُصانُ وَيُحظَرُ
وَفي الحَقِّ أَشباهٌ مِنَ الذَهَبِ الَّذي / نُشاهِدُهُ ثِقلٌ وَمَكثٌ وَمَنظَرُ
حَوَتنا شُرورٌ لا صَلاحَ لِمِثلِها
حَوَتنا شُرورٌ لا صَلاحَ لِمِثلِها / فَإِن شَذَّ مِنّا صالِحٌ فَهوَ نادِرُ
وَما فَسَدَت أَخلاقُنا بِاِختِيارِنا / وَلَكِن بِأَمرٍ سَبَّبَتهُ المَقادِرُ
وَفي الأَصلِ غِشٌّ وَالفُروعُ تَوابِعٌ / وَكَيفَ وَفاءُ النَجلِ وَالأَبُ غادِرُ
إِذا اِعتَلَتِ الأَفعالُ جاءَت عَليلَةً / كَحالاتِها أَسماؤُها وَالمَصادِرُ
فَقُل لِلغُرابِ الجَونِ إِن كانَ سامِعاً / أَأَنتَ عَلى تَغيِيرِ لَونِكَ قادِرُ
سَماحُكَ مَجهولٌ وَنَحُلُكَ واضِحٌ / وَمَجدُكَ ضاويٌّ وَجِسمُكَ حادِرُ
بَني العَصرِ إِن كانَت طُوالاً شُخوصُكُم / فَإِنَّكُم في المَكرُماتِ حَيادِرُ
وَمِن قَبلُ نادى الوَكرُ أَينَ اِبنُ أَجدَلٍ / أَواني وَقالَ الغابُ أَينَ الخَوادِرُ
وَفي كُلِّ أَرضٍ لِلمَنِيَّةِ غائِلٌ / عَلَيهِ يَمينٌ أَنَّهُ لا يُغادِرُ
فَوادٍ بِهِ ظَبيٌ وَلَيسَ لِنَفسِهِ / فَوادٍ وَتَردى في ذُراها الفَوادِرُ
دَعِ القَومَ سَلّوا بِالضَغائِنِ بَينَهُم
دَعِ القَومَ سَلّوا بِالضَغائِنِ بَينَهُم / خَناجِرَ وَاِشرَب ما سَقَتكَ الخَناجِرُ
طَعامُ غَنِيِّ الإِنسِ وَالفاقِدِ الغِنى / سَواءٌ إِذا ما غَيَّبَتهُ الحَناجِرُ
بَهِجتَ بِفَرعٍ لا ثَباتَ لِأَصلِهِ / فَفيمَ تُلاحي أَو عَلامَ تُشاجِرُ
إِذا أَنتَ هاجَرتَ القَبائِحَ وَالخَنى / فَأَنتَ عَلى قُربِ الدِيارِ مُهاجِرُ
تَعَرَّضَ لِلطَيرِ السَوانِحِ زاجِرٌ / أَما لَكَ مِن عَقلٍ يَكُفُّكَ زاجِرُ
وَلَكِنَّها الدُنيا أَرَت مَن يُحِبُّها / مَحاجِرَ تُسقى دونَهُنَّ المَحاجِرُ
مَتى مافَعَلتَ الخَيرَ ثُمَّ كَفَرتَهُ / فَلا تَأسَفَن إِنَّ المُهَيمِنَ آجِرُ
وَلَو لَم يَبَرَّ الحُرُّ إِلّا مَخافَةً / مِنَ الخِزيِ بَينَ الناسِ إِن قيلَ فاجِرُ
فَنَزِّه جَميلاً جِئتَهُ عَن جَزايَةٍ / تُؤَمَّلُ أَو رِبحٍ كَأَنَّكَ تاجِرُ
وَبِالجِدِّ زارَ اللاتَ أَهلُ ضَلالَةٍ / وَعُظِّمَتِ العُزّى وَأُكرِمَ باجِرُ
شَتَونا وَصِفنا وَاِرتَبَعنا فَلَم يَدُم / شِتاءٌ وَزالَ القَيظُ عَنّا وَناجِرُ
أَرى كُلَّ أُمٍّ عُبرُها غَيرُ مُبطِئٍ
أَرى كُلَّ أُمٍّ عُبرُها غَيرُ مُبطِئٍ / وَما أُمُّ دَفرٍ بِالَّتي بانَ عُبرُها
هِيَ النَفسُ تَهوى الرُحبَ في كُلِّ مَنزِلٍ / فَكَيفَ بِها إِن ضاقَ في الأَرضِ قَبرُها
وَآخِرُ عَهدِ القَومِ بي يَومَ تَنطَوي / عَلَيَّ جَرورُ الوَردِ يُكرَهُ زَبرُها
فَهَل يَرتَجي خُضرَ المَلابِسِ ظاعِنٌ / وَقَد مُزِّقَت في باطِنِ التُربِ غُبرُها
أَتَتنِيَ أَنباءٌ كَثيرٌ شُجونُها / لَها طُرُقٌ أَعيا عَلى الناسِ خُبرُها
هَفا دونَها قَسُّ النَصارى وَموبَذُ ال / مَجوسِ وَدَيّانُ اليَهودِ وَحَبرُها
وَخَطّوا أَحاديثاً لَهُم في صَحائِفٍ / لَقَد ضاعَت الأَوراقُ فيها وَحِبرُها
تَخالَفَتِ الأَشياعُ في عُقَبِ الرَدى / وَتِلكَ بِحارٌ لَيسَ يُدرَكُ عِبرُها
وَقيلَ نُفوسُ الناسِ تَسطيعُ فِعلَها / وَقالَ رِجالٌ بَل تَبَيَّنَ جَبرُها
وَلَو خُلِقَت أَجسادُنا مِن صَبارَةٍ / لَقَلَّ عَلى كَرِّ الحَوادِثِ صَبرُها
يَجيئُكَ شَهراً ناجِرٍ بَعدَ قَرِّها / وَصِنَّبُرها بَعدَ المَقيظِ وَوَبرُها
وَما أَحرَزَت نَفسَ المُدَجَّجِ في الوَغى / مُضَبِّرَةٌ يَستَأسِرُ الوَحشُ ضَبرُها
أَو النَثرَةُ الحَصداءُ قورِبَ نَسجُها / لَها حَلَقٌ هالَ الأَسِنَّةَ عَبرُها
إِذا أودِعَتها جُثَّةٌ وَتَعَرَّضَت / لِبيضِ الظُبى لَم يُمكِنِ السَيفَ هَبرُها
وَأَودَت بَنو وَبَرٍ وَبَبرٍ فَما حَمى / عَزيزٌ وَلا شُمٌّ تَوَقَّلَ وَبرُها
وَقَد سُمِّيَ المَرءُ الهِزَبرَ تَفاؤُلاً / وَلَيسَ بِباقٍ في اللَيالي هِزَبرُها
نَوائِبُ أَلقَت في النُفوسِ جَرائِحاً / عَصى كُلَّ آسٍ في البَريَّةِ سَبرُها
لِيَ القوتُ فَليَعمُر سَرنَديبَ حَظُّها / مِنَ الدُرِّ أَو يَكثُرُ بِغانَةَ تِبرِها
عَجِبتُ لِوَرقاءِ الجَناحَينِ شَأنُها
عَجِبتُ لِوَرقاءِ الجَناحَينِ شَأنُها / إِذا غَنِيَ الأَقوامُ بِالمالِ فَقرُها
غَدَت أَمسِ في قُرِّيَّةٍ صَفَرِيَّةٍ / بَقِرِّيَّةٍ يوعى بِها الزادَ نَقرُها
فَما أَخَذَت إِلّا ثَلاثاً وَنَحوَها / مِنَ الحُبِّ حَتّى جاءَ بِالحَتفِ صَقرُها
وَما رَجَعَت يَوماً إِلى عُقرِ دارِها / وَكانَ بِكَفَّي ذَلِكَ السَهمِ عَقرُها
أَرى أَدهَمَ الظَلماءِ يَعقُبُ شُقرَةً / فَتودي بِها دُهمُ الجِيادِ وَشُقرُها
فَعَظِّم أَخا النَسكِ التَقِيَّ لِدينِهِ / وَنَفسَكَ فَاِحقَر نافِعٌ لَكَ حَقرُها
وَلا تَقرَإِ الكُتُبَ المُضَلِّلَ دَرسُها / وَقَد وَضُحَت طُرقُ الهِدايَةِ فَاِقرُها
فَيا مُهجَةً كَالعَودِ أَمسَت مُناخَةً / إِذا شَكَت الأَثقالَ ضوعِفَ وِقرُها
مَتى سَمِعَت أُذني مَقالَةَ ناصِحٍ / أُتيحَ لَها عَن قاتِلِ النُصحِ وَقرُها
أَرى أُمَّنا وَالحَمدُ لِلَّهِ رَبِّنا
أَرى أُمَّنا وَالحَمدُ لِلَّهِ رَبِّنا / يَهُبُّ عَلَينا بِالحَوادِثِ مورُها
فَما زيدَ مِنها قَبضَةَ الكَفِّ زَبدُها / وَلا عَمِرَت فيها لِخَيرٍ عُمورُها
وَلَم تَدرِ يَوماً ضَأنُها وَمَعيزُها / بِما اِحتَلَفَت آسادُها وَنُمورُها
تَشَتَّتَ فيها رَأيُنا وَتَوَفَقَّت / عَلى ريبَةٍ أَمواهُها وَخُمورُها
تَوامَرُ فيما لا يَحِلُّ نُفوسُنا / بِتَيهاءَ لا تُخفى عَلَينا أُمورُها
تَسَمّى سُروراً جاهِلٌ مُتَخَرِّصٌ
تَسَمّى سُروراً جاهِلٌ مُتَخَرِّصٌ / بِفيهِ البَرى هَل في الزَمانِ سُرورُ
نَعَم ثَمَّ جُزءٌ مِن أُلوفٍ كَثيرَةٍ / مِنَ الخَيرِ وَالأَجزاءُ بَعدُ شُرورُ
يَسارٌ وَعُدمٌ وَاِدِّكارٌ وَغَفلَةٌ / وَعِزٌّ وَذُلٌّ كُلُّ ذاكَ غُرورُ
حَوانا مَكانٌ لايَجوزُ اِنتِقالُهُ / وَدَهرٌ لَهُ بِالساكِنيهِ مُرورُ
فَكُرَّ عَلى الأَبطالِ أَو كُرَّ في الوَغى / لِهَذي اللَيالِيَ حَملَةٌ وَكُرورُ
نَأَت عَن ذَرورِ العَينِ مُقلَةُ شارِقٍ / لَها كُلَّما لاحَ الصَباحُ دَرورُ
عُقولُكُم في كُلِّ حالٍ بَكِيَّةٌ
عُقولُكُم في كُلِّ حالٍ بَكِيَّةٌ / وَلَكِن دُموعُ الباكِياتِ غِزارُ
يَعودُ فَنيدُ المُلكِ إِن عادَ جَدُّهُ / مُعَدٌّ إِلَيكُم أَو أَبوهُ نِزارُ
وَما صَحَّ لِلمَرءِ المُحَصِّلِ أَنَّهُ / بِكُفوانَ قَبرٌ لِلإِمامِ يُزارُ
أَخو الدينِ مَن عادى القَبيحَ وَأَصبَحَت / لَهُ حُجرَةٌ مِن عِفَّةٍ وَإِزارُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025