المجموع : 11
أَلا حيّ أَوطاني بِشِلبٍ أَبا بَكرٍ
أَلا حيّ أَوطاني بِشِلبٍ أَبا بَكرٍ / وَسَلهُنّ هَل عَهدُ الوِصال كَما أَدري
وَسَلِّم عَلى قَصر الشَراجيب عَن فَتىً / لَهُ أَبَداً شَوقٌ إِلى ذَلِكَ القَصرِ
مَنازِلُ آسادٍ وَبِيضِ نَواعِمٍ / فَناهيكَ من غيل وَناهيك مِن خِدرِ
وَكَم لَيلَةٍ قَد بِتُّ أَنعَمُ جُنحَها / بِمُخْصَبَة الأَرداف مُجدَبَة الخَصرِ
وَبيضٍ وَسُمرٍ فاعِلاتٌ بِمُهجَتي / فِعال الصِفاح البيضِ وَالأسلِ السُمرِ
وَلَيلٍ بِسُدّ النَهر لَهواً قَطَعتُهُ / بِذات سِوارٍ مِثلَ مُنعَطَفِ البَدرِ
نَضَت بُردَها عَن غُصنِ بان مُنَعَّمٍ / نَضيرٍ كَما اِنشَقّ الكِمامُ عَن الزَهرِ
وَبانَت تُسقيني المُدامِ بِلَحظها / فَمِن كأسِها حينا وَحينا مِن الثَغرِ
وَتُطربُني أَوتارُها وَكأَنَّني / سَمِعتُ بِأَوتار الطُلى نَغَمَ البُترِ
يَقُولونَ صَبراً لا سَبيلَ إِلى الصَبرِ
يَقُولونَ صَبراً لا سَبيلَ إِلى الصَبرِ / سَأَبكي وَأَبكي ما تَطاوَل مِن عُمري
نَرى زُهرَها في مأتمٍ كُلَّ لَيلَةٍ / يُخَمّشنَ لَهَفاً وَسطَهُ صَفحَةَ البَدرِ
يَنُحنَ عَلى نَجمَين أَثكَلنَ ذا وَذا / وَيا صَبرُ ما لِلقَلبِ في الصَبر مِن عُذرِ
مَدى الدهر فَليَبكِ الغَمام مُصابَهُ / بِصنوَيهِ يُعذَر في البُكاءِ مَدى الدهرِ
بِعَينِ سَحابٍ وَاِكِفٍ قَطر دَمعها / عَلى كُلّ قَبرٍ حَلَّ فيهِ أَخو القَطرِ
وَبرقٌ ذَكيُّ النارِ حَتّى كَأَنَّما / يُسَعَّرُ مِمّا في فُؤادي مِنَ الجَمرِ
هَوى الكَوكَبانِ الفَتحُ ثُمَّ شَقيقُهُ / يَزيدُ فَهَل بَعدَ الكَواكِب مِن صَبرِ
أَفَتحٌ لَقَد فَتَّحتَ لي بابَ رَحمَةٍ / كَما بِيَزيدِ اللَهُ قَد زادَ في أَجري
هَوى بِكُما المِقدارُ عَنّي وَلَم أَمُت / وَأدعى وَفيّا قَد نَكَصتُ إِلى الغَدرِ
تَوَلَيتُما وَالسنُّ بَعدُ صَغيرَةٌ / وَلَم تَلبثِ الأَيّامُ أَن صَغَّرت قَدري
تَوَلَيتُما حينَ اِنتَهَت بِكُما العُلى / إِلى غايَةٍ كُلٌّ إِلى غايَةٍ يَجري
فَلَو عُدتَما لاخترتُما العودَ في الثَرى / إِذا أَنتُما أَبصَرتُمانيَ في الأَسرِ
يُعيدُ عَلى سَمعي الحَديدُ نَشيدَهُ / ثَقيلاً فَتَبكي العَينُ بالجسّ وَالنَقرِ
مَعي الأَخَوات الهالِكات عَلَيكُما / وَأمّكما الثَكلى المُضَرّمة الصَدرِ
تُذَلِلُها الذِكرى فَتَفزَعُ لِلبُكا / وَتَصبر في الأَحيان شُحّاً عَلى الأَجرِ
فَتَبكي بِدَمعٍ لَيسَ للقطرِ مِثلُهُ / وَتَزجُرُها التَقوى فَتُصغي إِلى الزَجرِ
أَبا خالِدٍ أَورَثتَني البَثَّ خالِداً / أَبا النَصرِ مُذ وُدّعتَ وَدَّعني نَصري
وَقَبلكُما ما أَودَعَ القَلبَ حَسرَةً / تُجَدّدُ طولَ الدَهرِ ثكلُ أَبي عَمرِو
بَكَت أَن رأت إِلفَين ضَمهُما وَكرُ
بَكَت أَن رأت إِلفَين ضَمهُما وَكرُ / مَساءً وَقَد أَخنى عَلى إِلفها الدَهرُ
بَكَت لَم تُرِق دَمعاً وَأَسبلتُ عَبرَةً / يُقصّرُ عَنها القطر مَهما هَما القطرُ
وَناحَت فَباحَت وَاِستَراحَت بِسرّها / وَما نَطقَت حَرفاً يَبوحُ بِهِ سِرُّ
فَماليَ لا أَبكي أَمِ القَلبُ صَخرَةٌ / وَكَم صَخرَةٍ في الأَرضِ يَجري بِها نَهرُ
بَكَت واحِداً لَم يُشجِها غَيرُ فَقدِهِ / وَأَبكِي لألّافٍ عديدهُمُ كُثرُ
بُنيٌّ صَغيرٌ أَو خَليلٌ مُوافِقٌ / يُمزّقُ ذا قَفرٌ وَيُغرِقُ ذا بَحرُ
وَنجمان زَينٌ لِلزَمان اِحتواهما / بِقُرطبةَ النكداء أَو رُندَةَ القَبرُ
عُذرتُ إِذاً إِن ضَنَّ جِفني بِقَطرَةٍ / وَإِن لؤُمَت نَفسي فَصاحِبُها الصَبرُ
فَقل لِلنُجومِ الزهرِ تبكيهِما معي / لِمِثلِهِما فلتَحزَنِ الأَنجُمُ الزهرُ
غَريب بِأَرضِ المغربينِ أَسيرُ
غَريب بِأَرضِ المغربينِ أَسيرُ / سَيَبكي عَلَيهِ مِنبَرٌ وَسَريرٌ
وَتَندُبُهُ البيضُ الصَوارِمُ وَالقَنا / وَينهلُّ دَمعٌ بينَهُنَّ غَزيرُ
سَبكيهِ في زاهيه وَالزاهرُ النَدى / وَطُلاّبُهُ وَالعَرفُ ثَمَّ نَكيرُ
إِذا قيلَ في أَغماتَ قد ماتَ جودُهُ / فَما يُرتَجى لِلجودِ بَعدُ نُشورُ
مَضى زَمَنٌ وَالمُلكُ مُستأنِسٌ بِهِ / وَأَصبَحَ مِنهُ اليَوم وَهوَ نَفورُ
بِرأيٍ مِن الدهرِ المُضلِل فاسِدٍ / مَتى صَلُحَت لِلصالِحينَ دُهورُ
أَذَلَّ بَني ماءِ السَماءِ زَمانُهُم / وَذُلُّ بَني ماءِ السَماء كَبيرُ
فَما ماؤُها إِلّا بُكاءً عَلَيهِمُ / يَفيضُ عَلى الأَكبادِ مِنهُ بُحورُ
فَيا لَيتَ شِعري هَل أَبيتنّ لَيلَةً / أَمامي وَخَلفي رَوضَةٌ وَغَديرُ
بِمُنبَتَةِ الزَيتونِ مورثةُ العُلى / يُغَنّي حَمامٌ أَو تَرِنُّ طُيورُ
بِزاهِرِها السامي الذُرَى جادَهُ الحَيا / تُشيرُ الثُرَيّا نَحوَنا وَنُشيرُ
وَيلحُظُنا الزاهي وَسعدُ سعودِهِ / غيورَينِ وَالصَبُّ المُحِبُّ غَيورُ
تُراهُ عَسيراً أَو يَسيراً مَنالُهُ / إِلّا كُلّ ما شاءَ الإِلَهُ يَسيرُ
قَضى اللَهُ في حِمصَ الحِمامَ وَبُعثِرَت / هُنالِكَ مِنّا لِلنُشور قُبورُ
يَجورُ على قَلبي هَوىً وَيُجيرُ
يَجورُ على قَلبي هَوىً وَيُجيرُ / وَيأمُرني إِنَّ الحَبيبَ أَميرُ
أَطوعُ لأمرِ الحُبِّ طَوعَ مُسلِّمٍ / وَإِن كانَ مِن شأني إِباً وَنُفورُ
أَغارُ عَلَيهِ مِن لِحاظي صِيانَةً / وَأكرِمُهُ إِنَّ المُحِبَّ غَيورُ
أَخِفُّ عَلى لُقيا الحَبيبِ وَإِنَّني / لَعَمرُكَ في كُلِّ الأُمورِ وَقورُ
كَلامٌ كَمِثلِ الدُرّ تَنثرُهُ نَثراً
كَلامٌ كَمِثلِ الدُرّ تَنثرُهُ نَثراً / وَوَصلٌ كَظِلِّ الرَوض تُعطيكَهُ نَزرا
وَلَو لَم تَشُب وَصلي بِهَجرٍ لَخِلتَني / أُشافِهُ مِنها الشَمسَ أَو أَلثُمُ البَدرا
يَطولُ عَلَيَّ الدَهرُ إِن لَم ألاقِها
يَطولُ عَلَيَّ الدَهرُ إِن لَم ألاقِها / وَيَقصُرُ إِن لاقَيتُها أَطوَلُ الدَهرِ
لَها غُرَّةٌ كالبَدرِ عِندَ تَمامِهِ / وَصَدغا عَبيرٍ نَمَّقا صَفحَةَ البَدرِ
وَقَدٌّ كَمِثلِ الغُصنِ مالَت بِهِ الصَبا / يَكادُ لِفَرطِ اللينِ يَنقَدُّ في الخَصرِ
وَمَشيٌ كَما جاءَت تَهادى غَمامَة / وَلَفظٌ كَما اِنحَلَّ النِظامُ عَنِ الدُرّ
يُصَبِّرُني أَهلُ المَوَدَّةِ دائِباً
يُصَبِّرُني أَهلُ المَوَدَّةِ دائِباً / وَإِنَّ فُؤادي وَالإِلَهِ صَبورُ
أَغارُ عَلى مَغنى الرِئاسَةِ إِنَّني / عَلى كُلِّ حُسنٍ في الزَمانِ لَغَيُّورُ
أُصَرِّفُ ذِهني في أُمورٍ كَبيرَةٍ / وَأَعلَمُ أَنَّ الدائِراتِ تَدورُ
أَطَلتُ فَخارَ المَجدِ بالبيضِ وَالسُمرِ
أَطَلتُ فَخارَ المَجدِ بالبيضِ وَالسُمرِ / وَقَصَّرتُ أَعمارَ العُداةِ عَلى قَسرِ
وَوَسَّعتُ سُبُلَ الجودِ طَبعا وَصَنعَةً / لأشياءَ في العَلياءِ ضاقَ بِها صَدري
فَلا مَجدَ لِلإِنسانِ ما كانَ ضِدُّهُ / يُشارِكُهُ في الدَهر بالنَهي وَالأَمرِ
وَلَيلٍ أَدَمنا فيهِ شُربَ مَدامَةٍ
وَلَيلٍ أَدَمنا فيهِ شُربَ مَدامَةٍ / إِلى أَن بَدا لِلصُبحِ في اللَيلِ تأثيرُ
وَجاءَت نُجومُ الصُبحِ تَضربُ في الدُجى / فَوَلَّت نُجومُ اللَيلِ وَاللَيلِ مَقهورُ
فَحُزنا مَنَ اللَذاتِ أَطيَبَ طيبِها / وَلَم يَعدنا هَمٌّ وَلا عاقَ تَكديرُ
خَلا أَنَّهُ لَو طالَ دامَت مَسَرَّةٌ / وَلَكِن لَيالي الوَصلِ فيهِنَّ تَقصيرُ
كَأَنَّ عَشيَّ القَطرِ في شاطىءِ النَهرِ
كَأَنَّ عَشيَّ القَطرِ في شاطىءِ النَهرِ / وَقَد زَهَرَت فيهِ الأَزاهِرُ كالزَهرِ
تَرُشُّ بِماءِ الوَردِ رَشّاً وَتَنثَني / لِتَغليفِ أَفواهٍ بِطَيِّبَةِ الخَمرِ