القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مصطفى صادق الرافعي الكل
المجموع : 7
أراكَ الحمى هل قبَّلتكَ ثُغورها
أراكَ الحمى هل قبَّلتكَ ثُغورها / فمَالتْ بأعطافِ الغُصونِ خُمُورًها
وحنَّت إلى سَجَعِ الحَمامِ كأنَّه / رنينُ الحُلى إذ لاعبتْها صُدورها
عذيْرِيَّ من تَلكَ الحبيبةِ ما لها / تقولُ عُذيري والمًحِبُّ عذيرها
يقلِّبُ عينيه إليها ضَميرهُ / ويلفِتُ عينيها إليهِ ضَميرُها
وما كلُّ ما يخشاه منها يضيرُهُ / ولا كلُّ ما تخشاهُ منهُ يُضيرها
وقام إليَّ العاذلاتُ يلمْنَنِي / فقلنَ ألا تَنْفكَّ قُلتُ أسيرُها
لئِن لم يكُن للظبيِ سِحرُ عيونها / فما شيمةُ الغزلانِ إلا نُفورها
وما شفني إلا النَّسيم وتيهُهُ / عليَّ إذا ما لاعبتُه خُدُوروها
ألا فاعذلوا قد مرَّ ما كنتُ حاذراً / وعادتْ ليالي الدَّهرِ يحلو مرورُها
وأصبحتِ الدنيا تضاحكُ أهلها / ويُبْسُمُ فيهم بِشْرُها وبَشيرُها
وتتيهُ بأعيادِ الملوكِ وكيفَ لا / وعيدُ أميرِ المُؤمنينَ أميرُها
أعادَ بهِ روحَ الخلافةِ ربُّها / وجاءتْ لها بالنَصْرِ فيه نصيرها
فراعتْ صناديدُ الملوكِ وما سوى / مليكِ البرايا قد أقلَّ سريرها
وجارَ عليها الدهر شعثاً خُطوبُه / فهبَّ لها عبد الحميدِ يُجيرُها
بَصيرٌ بنورِ اللهِ في كلِّ أزمةِ / تردُّ عيونَ الصَّيدِ حسرى ستورها
وطارَ بها لا يَرتَضي النَّجمَ غايةً / تمدُّ جناحَيهَا عليهِ طُيورُها
يظنُّ عِداهُ أنَّ في النَّاس مثلهُ / فيا وَيْحَهُم شمسُ الضُّحى ما نَظيرها
وغرَّ فرنسا أن ترى الليثَ باسمِاً / فلم تدرِ حتّى لجَّ فيها سفيرها
أيجلوكَ يا عضبَ الشبا ما هذت بهِ / وقبلكَ ما ضرَِّ النبيُّ هريرها
وكم دولةٍ جالت أمامكَ جولةً / وسيقَت كما ساقَ الشياهُ غرورها
ملأتَ عليها الأرض أُسْداً عوابِساً / يردِّدُ بينَ الخَافِقَينِ زئيرها
فمالتْ بهم إن شئتَ يوماً قِفارُها / وماجتْ بهم إن شئتَ يوماً بُحورها
وقد صفتِ الآجالُ في حومةِ الوغى / وحامتْ على القومِ العُداةِ نُسورُها
إذا انتضلتْ رُسلُ المنيَّاتِ أحجمتْ / جيوشُهم فاستعجلتْها قبورُها
وما لسيوفِ التُركِ يجهَلُها العِدى / وقد عَرَفتها قبلَ ذاك نُحورُها
يهزُّ إليكَ المسلمينَ صليلُها / وإنْ ضمَّ منهمْ جانِبُ الصِينِ سُورُها
ليهنَ أمير المؤمنين جلوسه / على العرش وليهنَ البرايا سرورها
فقد طارح البوسفورُ مصر تحيةً / أضاءتْ لها في جانبَيها قصورها
وشاهدَ أهلها من الأفقِ نورهُ / ولاحَ لأهليهِ منَ الأفقِ نُورها
وقامَ فتاها ينطقُ الورقَ سَجْعهُ / وقد هزَّ عِطفيهِ إليها هَديرُها
بصادحةِ لا يُطربُ القومَ غيرُها / وهل أنا للأشعارِ إلا جَريرُها
ترفُّ قوافيها إذا هيَ أقبَلتْ / تزفُّ معانِيها إليكَ سُطورُها
وما قدمَ الماضينَ أن زمانهم / تقدَّم إنْ بذَّ الجيادَ أخيرها
شكوتُ هواها فاشتكتْنِي إلى هَجرٍ
شكوتُ هواها فاشتكتْنِي إلى هَجرٍ / وقد غَلَبَ الأمرانِ فيها على أمري
وبتُّ ولا من حيلةٍ غيرَ أنني / أرى الذكرَ يصيبني فأصبو إلى الذِكرِ
مهاةٌ لعينيها تغزلتُ في المَهى / وما غَزَلي في سِحرِهِنَّ سِوى السِّحرِ
وأعشقُ فيها الشمسَ والبدرَ والذي / يشبهُ العشَّاق بالشمسِ والبدرِ
وما مضَّني إلا جفاها ولحظُها / فإنَّ كلا السيفين أُغمِدَ في صدري
تراءَتْ لنا بالقِصَرِ يوماً فلمْ تَزَلْ / تُرَفْرِفُ نفسي بعدَ ذاكَ على القَصرِ
وراحت وقد صدت ْ وبينَ قلوبنا / مسافةُ ما بين الوصالِ إلى الهجرِ
فقاسمتُها قلبي وقلتُ لعاذلي / لها شطرها مما قسمتَ ولي شطري
وأنفقتُ أيامي كما أسرفتْ يدي / جواداً بمالي في هواها وبالعمرِ
ولما تلاقينا ومالتْ تجافياً / كما تحذرُ الورقاءُ جارحة الصقرِ
شددت على قلبي يديَ ويد الهوى / تقلبهُ بينَ الضلوعِ على جمرِ
وقلت لها أبقي على الودِّ ساعة / لعلَّ لنا في الغيب يوماً ولا ندري
فقالت أغير العيد يومٌ لشاعرٍ / بحسبكَ يومَ العيدِ يا قمرَ الشعرِ
فقمتُ وقد ابصرتُ قصدي ولم أزل / بفكري حتى أشرق الفجر من فكري
وعنديَ من أشتاتِ ما في كنوزهِ / قلائد شتَّى من نظيمٍ ومن نثرِ
أعباس إن لم يبتدرْ مدحك الورى / فلا نطقت لسنٌ بمدحك لا تجري
على أنك استغنيت عن كلِّ مادحٍ / بأثاركَ الغرا وأيامكَ الغرِ
وأسديتَ لي ذا الشعرَ حتى كأنما / لقطتُ نفيسَ الدرِّ من ساحل البحرِ
ولم يكُ مدحي غيرَ أوصافكَ التي / هي الزهر إن يعبق مديحي كالعطر
وإنَّ رخيصاً كل قولٍ وإن غلا / لملكِ بلادٍ تربهنَ من التبرِ
جرى النيلُ فيها حاكياً نيل كفهِ / وهل في الورى من يعدل البحرَ بالنهرِ
فأغروا به الخزان حتى لخلتهُ / وصياً يريهِ كيف ينفقُ بالقدرِ
وما النيلُ في مصرٍ سوى دم قلبها / إذا حفظوهُ دامت الروح في مصرِ
يفيض بهِ في عصرِ عباسِ ما ترى / من العلمِ ما كانَ من نبإ الخدرِ
فتى الملكِ لا عسرٌ بعصركَ يشتكى / وقد كان هذا اليوم فاتحة اليسرِ
تضيءُ بك الأيامُ حتى كأنها / دياجي الليالي قابلتْ غرةَ الفجرِ
ويومَ تبواتَ الأريكةَ سطروا / معاليَ هذا الشعبِ في صحفِ الفخرِ
رأوكَ فتىً فوقَ الملوك عزيمةً / وشتانَ بينَ العصافير والنسرِ
على حلمِ عثمانٍ وهيبةِ حيدرٍ / وعدلِ أبي حفصٍ وحزمِ أبي بكرِ
فدمتَ مرجى في نبيكَ مهنئاً / دوامَ جلالِ البدرِ في الأنجمِ الزُهرِ
سلي بعدكِ الواشينَ هل ذاعَ لي سرُّ
سلي بعدكِ الواشينَ هل ذاعَ لي سرُّ / وإن كانَ أضناني بتبريحهِ الهجرُ
على أنني كاتمتُ صدري ما بهِ / وفي كبدسي ما ليسَ يعلمهُ الصدرُ
حفظتكِ لا أني ارجي من الهوى / وفاءٌ ولكن ليسَ من شيمي الغدرُ
إذا هجعتْ عيناكِ جافاني الكرى / وباتتْ تناجيني الخواطرُ والفكرُ
أقاتلتي ظلماً لي الصبرُ والرضا / وإن كانَ قلبي ليسَ يحلو لي الصبرُ
إذا كانَ ذنبي أنني لكِ عاشقٌ / فمنكِ إليكِ العذرُ لو يشفعُ العذرُ
لكِ النهيُ إلا عن هواكِ وللهوى / بلحظكِ في ألبابنا النهيُ والأمرُ
وقد ذقتُ من حلوِ الزمانِ ومرِّهِ / فلا الحلو أنساني هواكِ ولا المرُّ
ويا رحمَ اللهُ الليالي التي مضتْ / ليالي كنا والزمانُ بنا نضرُ
وكانَ حماماتُ اللواحظِ بيننا / تروحُ وتعدو والقلوبُ لها وكرُ
الا ربَّ ليلٍ أسفرتْ تحتَ جنحهِ / فما شكَّ أهلُ الحيِّ أن طلعَ البدرُ
وقالتْ عذيري منكَ أمسيتَ غادراً / فقلتُ معاذَ اللهِ أن يغدرَ الحرُّ
فقالتْ فما للفجرِ تشكو لهُ الهوى / فقلتُ وهل ليلُ المحبِّ لهُ فجرُ
فقالتْ نسيتَ العهدَ قلتُ وهل سوى / غرامكَ خصمي يومَ يجمعنا الحشرُ
فقامتْ على كبرٍ تقولُ قتلتهُ / كأن لم تكنْ تدري أو عندها خبرُ
ومثلي فتى الدنيا الذي إن مشوا بهِ / إلى القبرِ يطوي مآثرهُ القبرُ
على الشمسِ من نسجِ الغمامِ ستورُ
على الشمسِ من نسجِ الغمامِ ستورُ / كما للغواني كلَّةٌ وسريرُ
وتحجبُ ذاتُ الحسنِ لكنَّ حسنها / يدورُ بأهلِ العشقِ حيثُ يدورُ
وبعضُ تكاليفِ الصبى يبعثُ الأسى / فكيفَ وأسبابُ الغرامِ كثيرُ
وفي كلِّ حسنٍ موضعُ الذكرِ للذي / يحبُّ فما يسلو الغرامَ ضميرُ
أراني إذا ألقيتُ للشمسِ نظرةً / كأني إلى وجهِ الحبيبِ أشيرُ
وما رقبتي للصبحِ إلا تعللاً / لعلَ طلوعَ الشمسِ منهُ بشيرُ
ولي زفراتٌ لو تجسمَ حرُّها / لأصبحَ شمساً في الفضاءِ تنيرُ
وإني ليرضيني على القربِ والنوى / إذا فاحَ منهُ في الصباحِ عبيرُ
هما خطتا ذلٍ فإما ارتوى الهوى / وإما صبرنا والكريمُ صبورُ
وأفئدةٌ الإنسانِ كُثر طباعها / وفي الناسِ أعمىً قلبُه وبصيرُ
وإني وإن لم أحتملْ أمرَ معشرٍ / فقلبي على كلِّ القلوبِ أميرُ
وإن أكُ بينَ الواجدينَ ابنَ ساعتي / فما أحدٌ بعدَ القنوعِ فقيرُ
وسيانَ إما أبلغَ لنفسَ سؤلها / كبيرٌ وإن أجللتهُ وصغيرُ
وما دامتِ الأفلاكُ في دورانها / ففيهنَّ من بعدِ الأمورِ أمورُ
وكم ليَ يومٌ دارتِ الشمسُ فوقهُ / وسارتْ عليهِ في الظلامِ بدورُ
لبستُ جناحَ اللهوِ فيهِ ولمْ أزلْ / أرفُّ بهِ حتى لكدتِ أطيرُ
ونالَ الهوى منهُ عرائسَ لذَةٍ / لها الراحُ ريقٌ والكؤوسُ ثغورُ
زمانُ كأنْ قدْ كانَ للهوِ منزلاً / فساعاتهُ للملهياتِ خدورُ
أحذنا على الدهرِ المواثيقَ عندهُ / فأيامهُ للنائباتِ قبورُ
وأحسنُ أيامِ الفتى يومَ لهوهِ / على فطرةِ الأطفالِ وهوَ كبيرُ
وإنَّ همومَ الدهرِ موتٌ لأهلهِ / فما كامَ من لهوٍ فذاكَ نشور
طريدة بؤس ملَّ من بؤسها الصبر
طريدة بؤس ملَّ من بؤسها الصبر / وطالت على الغبراءِ ايامها الغبرُ
وكانت كما شاءت وشاءَ جمالها / كما اشتهت العليا كما وصف الشِعرُ
تلألأُ في صدر المكارم درَّةُ / يحيط بها من عقد انسابها درُّ
تقاسمتِ الحسن الالهيَّ وانثنى / يقاسمها فالامر بينهما امرُ
فللشمس منها طلعة الحسن مشرقاً / وفيها من الشمس التوقد والجمرُ
وللزهر منها نغمة الحسن عاطراً / وفيها ذبول مثلما ذبل الزهرُ
وللظبي منها مقلتاها وجيدها / وفيها من الظبي التلفُّت والذعرُ
وما الحرب الاَّ ديمة دموية / اذا دنست روح الورى فهيَ الطهرُ
وما الحرب الاَّ غضبة الله لامست / مخازيَ هذا الدهر فانفجر الدهرُ
ففي كل نفس غصة ما تسيغها / وفي كل قلب كسرة ما لها جبرُ
وما لوت الأسياف في الأرض عروةً / من البغض إلاَّ والرؤُوس لها زرُّ
وكم قيل إنسانية ومحبة / وعلم وتمدين وأشباهها الكثرُ
تغيرت الدنيا فهل هي زُورُ
تغيرت الدنيا فهل هي زُورُ / أمِ الفلكُ الدوّار ليس يدورُ
رماها نفاق السيف في شر غضبةٍ / تلظَّى بأحقاد الورى وتضورُ
تمجُّ شرارا يضرمُ الماءَ والثرى / ويشوي طيورَ الجوّ وهي تطيرُ
شرارة نيران العقول وانما / شرارة نيران العقول شرورُ
تجهَّم يوماً وجه غليومَ وانزوى / فما في وجوه العالمين سرورُ
ولا ضحِكٌ في الارض الاَّ ابتسامة / لها القاضباتُ اللامعاتُ ثغورُ
وأبرأَ داءَ الحب في كل منزع / من البغض داءٌ لا يُساغ مريرُ
فللشعب من شعبٍ وللأَخ من اخ / ولليثلا ظبي الكناس نفورُ
وما انبثَّ ما بين الورى من علائقٍ / ففيهنَّ لا في الغانيات فتورُ
أَغِن اظلمت في وجه غليوم عبسةٌ / تغشت بها الدنيا فليس تنيرُ
وعادت حداداً للثواكل داجياً / ومنها على اقمارهنَّ ستورُ
وفي كل ارض يقشعرُّ ترابها / على ظلها فالكون أجرد بورُ
فياسورة لو أن غليوم رازها / ولكنّ شيطان الملوك جسورُ
أزاحت عمود الأرض عن مستقرهِ / فكادت الى مهوى الفناء تصيرُ
بضرب هامات المغاوير عندهُ / أهنَّ حديد ام فهنَّ صخورُ
ونارٍ يُحَمُّ الدهرُ من لفحاتها / فللدهر منها رعدة وحرورُ
بها اخترع الخلق الضعافُ جهنماُ / لأَنفسهم بئس الغرورُ غرورُ
لقد صهر الانسان من كل معدن / وباءَ بسرّ النار وهو خبيرُ
وناظرَ من صَنع الطبيعة ما ابتغى / وابدع صنعاً ليس منهُ نظيرُ
فلم يرَ الاَّ معدِن الروح معدناً / لصنع حلَى الاملاك حين تجورُ
فَوَيلُهَا حرباً ضراراً زَريةً / بها كل دين للأنام كفورُ
ترى الموت غير الموت فيها وكيف لا / واول مقتول هناك ضميرُ
قليلٌ لعمري ما جنى الناس بينهم / ولكنما قتلُ الضمير كثيرُ
وزادت بحور الارض بحراً ملوّناً / من الدم جمر قاعهُ وسعيرُ
تدفَّع في تيَّاره وعُبابهِ / يمدُّ على امطارها ويمور
وكم صبّ فيهِ للمدامع جدول / وكم هبّ فيهِ للقلوب زفيرُ
وتجري بهِ سُفُنٌ من الهام عُوَّمٌ / مرافئها في الساحلين قبورُ
تمدُّ عليها كالمجاذيف اذرع / وكل سواريها هناك نحورُ
اغليوم اذللت المعالي فلم تزل / على بابك العالي لهنَّ عثور
اذا جنحوا للسلم زلزلتها لهم / زئيراً بهِ حلق الليوث جديرُ
على خطبٍ يندى لروض بيانها / ضباب من البارود فهو مطيرُ
قوارعُ سوءٍ يُشعر الموتَ لذعها / وليس لمن يرمي بهنّ شعورُ
كأنك للمريخ في الارض مرصد / بهِ كل حين للحروب نذيرُ
وقد يبدع الله الملوك بقوة / لتهلك مما يبدعون عصور
أليس عجيباً ان نرى الحسن زينة / وما كان لولا الحسن قطُّ فجورُ
تصرصر كالبازي ومن ساسة الورى / لديك عصافير لهنَّ صفيرُ
حواليهمو ظلُّ السلام وبردهُ / وحولك لفح محرق وهجيرُ
وغرَّك من لهو الشعوب تغافلٌ / رخيٌّ على لذاتهنَّ طريرُ
رياحينُ في جد الحياة وهزلها / لهم روضة من عيشهم وغديرٌ
انافت عليهم منك دوحةُ نقمة / بها للمنايا الحائمات وُكورُ
واثمارها هامٌ واغصانها الظبى / ومن زهرها ذاك الرصاص نثيرُ
وكل الذي في ارضهم من مدافع / لجذعك يا روح القتال جذورُ
فلما استطار الشر طار جنونهم / وعفَّت على تلك الامور امورُ
وكم من شعوب كلما مسَّها الصدا / جلاهنَّ من نار الحوادث كيرُ
واضرمتها في الارض حتى تلاطمت / عليك بهاتيك الجيوش بحورُ
ورى الغيظ منها كل صدر فاقبلت / وليس بها قلب عليك صبورُ
فجعتهمو في العز والخدر والهوى / وجيشك في هذي الفعال شهيرُ
هو الجيش لولا ان فيهِ شجاعةً / تساوت حصون عندها وخدورُ
يزفُّ زفيق الجنّ في فلواتها / لهن هرير منكر وهديرُ
ويقتل حتى العهد منهُ مجندلٌ / ويأسر حتى الحق فيه اسيرُ
واحميتهم بالظلم حتى توقَّدوا / وما منهمو الاَّ اشمُّ فخورُ
اذا استنجد القلبَ الحميَّ ابن همةٍ / لما همّ لم يعسر عليهِ عسيرُ
فجاؤا يُرجُّون البلاد كأنهم / زلازل والمدنُ الحصينة دورُ
بكل كميّ عندهُ الموت ميتٌ / وفي همهِ امر الحياة حقيرُ
جنود يرون الحق بعض سلاحهم / فمن حربهم نارٌ عليك ونورُ
مدافعهم فيها سعير صدورهم / فكلُّ حديدٌ مضرم وصدورُ
واسيافهم غضبى يطير فرندها / كالحاظهم في البأس حين تدورُ
ومنهم على ظهر التراب ضراغمٌ / ومنهم على متن السحاب نسورُ
جرى الحقد في مجرى الدمامن عروقهم / وثارت بهم غلفَ القلوب ثؤرُ
فان جرحت منهم سيوف عداتهم / فبالشُّعل الحمرِ الجراحُ تفورُ
وبَدأة شر لم تكن فابتدأتها / كأنك فيها اول واخيرُ
واصغرتها والشر في بطن امهِ / ولمَّا تلدهُ لو علمتَ كبير
ولم تخشَ ما يخشى اللبيب فراسة / ولم تتبصَّر واللبيب بصيرُ
مطامعُ خلتَ الدهر فيهنَّ خادماً / كأنك مولًى والزمان أجيرُ
زعمتَ لها في غيب ربك اعيناً / فلما اجتليناها اذا هي عورُ
وتحسب سيف الله سيفك ضلَّةً / ولله سيف ليس منهُ مجيرُ
وقلت رسول للزمان ومن ترى / من الأنبيا ذو لبدتين هصورُ
رسول ولكن بالعذب لدهرهِ / وعزريل منهُ صاحب وسفيرُ
ووحيك تتلوهُ المدافع اذ لها / اصابع من تلك السيوف تشيرُ
ومزّقت للاسلام والشرق دولة / تملَّى بها ملكٌ وسرّ سريرُ
لقد كان عون الله فيها ونصرهُ / ففارقها مذ قيل انت نصير
تمكنت من عرنينها فاستقدتها / بحبلي بلاءٍ قائد ووزيرُ
واطفأتَ ماضيها بطلعة انورٍ / فيا انور لم يبق في اسمك نورُ
وحين سما للحق جيش مرفرفُ / وجيشك ذيَّال الجناح كسيرُ
فررت فراراً كل ذنبك عندهُ / وان كان ملء المغربين صغيرُ
عساك طوال الحرب قد كنت نائماً / ولم ترَ ليلاً في الصباح يغورُ
واوفيتها خمسين شهراً ونيفاً / وأنت على عرش الوساد أميرُ
ولم تخرب الدنيا ولكن رأيتها / كذلك في حلم وأنت قريرُ
فلما مسحت النوم قمت مهنئاً / يلاقيك من وجه الصباح بشيرُ
فيا عبرة لم تشهد الأرض مثلها / وللأرض أجيال خلت ودهورُ
بغليوم بالألمان بالعلم بالغنى / أضيفت لتاريخ الخراب سطور
ألا يا نسيم الفجر سلم على فجري
ألا يا نسيم الفجر سلم على فجري / فقد غاب في الليل الطويل من الهجر
تضيء الليالي بالنجوم وبدرها / وليل الجفا من غير نجم ولا بدر
وقفت وماذا أستطيع بوقفتي / حسيراً وأقدار الغرام بنا تجري
أدور بعيني نحو كل شعاعة / على الأفق في نجم أو الأرض في زهر
فيا ويح قلبي ماله حن كلما / تراءى له شبه انتسام على ثغر
متى يا حبيب القلب هجرك ينتهي / ومن أول الأيام فيه انتهى صبري
ألا يا نسيم الفجر إن جزت في الربى / خفيا كتسليم الحبيبة في سر
وقامت عذاراها للقياك تنثني / دلالاً وتيهاً في غلائلها الخضر
وفتح نوار الغصون جفونه / وفيها البقايا الناعسات من السحر
وأصبحت كالسلوى ترفرف نازلاً / سلاماً على قلب الغدير أو النهر
فجئني بسر الزهر والماء والندى / لعلي بها أطفي جوى الحب في صدري

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025