المجموع : 64
صحا القلب لولا نسمةٌ تتخطَّر
صحا القلب لولا نسمةٌ تتخطَّر / ولمعةُ برق بالغضا تتسعَّر
وذكر جبين البابلية إذ بدا / هلال الدجى والشيء بالشيء يذكر
سقى الله أكناف الغضا سائل الحيا / وإن كنت أسقى أدمعاً تتحدَّر
وعيشاً نضا عنه الزمانُ بياضه / وخلَّفه في الرأسِ يزهو ويزهر
تغير ذاك اللون مع من أحبه / ومن ذا الذي يا عزّ لا يتغير
وكان الصبى ليلاً وكنتُ كحالمٍ / فيا أسفي والشيبُ كالصبح يسفر
يعللني تحت العمامة كتمه / فيعتاد قلبي حسرة حين أحسر
وينكرني ليلي وما خلت أنه / إذا وضعَ المرءُ العمامةَ ينكر
ألا في سبيل الله صوم عن الصَّبى / وقلب على عهد الحسان مفطر
تذكرت أوطان الوصالِ فأشهبٌ / من الدَّمع في ميدان خدِّي وأحمر
إذا لم تفضْ عيني العقيق فلا رأت / منازله بالوصلِ تبهى وتبهر
وإن لم تواصل غادة السفح مقلتي / فلا عادها عيشٌ بمغناه أخضر
ليالي تجني الحسن في أوجه الدّمى / وتجني على أجسامِها حين تنظر
يؤثر في خدِّ المليحة لحظها / وإن كانَ في ميثاقِها لا يؤثر
رأيت الصَّبى مما يكفّر للفتى / ذنوباً إذا كانَ المشيب يكفّر
إذا حلَّ مبيضّ المشيب بعارضٍ / فما هو إلاَّ للمدامعِ ممطر
كأنيَ لم أتبع صبى وصبابةً / خليع عذارٍ حيثما همت أعذَر
ولم أطرق الحيّ الخصيب زمانه / يقابلني زهرٌ لديه ومزهر
وغيداء أما جفنها فمؤنث / كليلٌ وأما لحظها فمذكَّر
يروقُك جمعُ الحسن في لحظاتها / على أنه بالجفنِ جمعٌ مكسَّر
من الغيد تحتفّ الظبا بحجابها / ولكنها كالبدرِ في الماءِ يظهر
يشفّ وراء المشرفيَّة خدها / كما شفَّ من دون الزجاجة مسْكر
ولا عيبَ فيها غير سحر جفونها / وأحبب بها سحَّارة حين تسحر
إذا جرّدت من بردها فهي عبلةٌ / وإن جرَّدت ألحاظها فهيَ عنتر
إذا خطرت في الروض طاب كلاهما / فلم يذْرِ من أزهى وأشهى وأعطر
خليليّ كم روضٍ نزلت فناءه / وفيه ربيعٌ للنزيل وجعفر
وفارقته والطَّير صافرةٌ به / وكم مثلها فارقتها وهي تصفر
إلى أعينٍ بالماءِ نضَّاحة الصفا / إذا سدَّ منها مِنخرٌ جاش منخرُ
نداماي من خودٍ وراحٍ وقينة / ثلاث شخوصٍ كاعبات ومعصر
قضيت لبانات الشبيبة والهوى / وطوَّلت حتَّى آن أنيَ أقصر
وربَّ طموح العزم إدماء جسرة / يظل بها عزمي على البيدِ يجسر
طوت بذراعي وخدها شقَّة الفلا / وكفّ الثريا في دجى الليل يشبر
ومد جناحي ظلها آلِقُ الضحى / فشدت كما شد النعام المنفّر
بصمّ الحصى ترمي الحداة كأنما / تغارُ على محبوبها حين يُذكر
إذا ما حروف العيس خطَّت بقفرةٍ / غدت موضع العنوانِ والعيس أسطر
فلله حرفٌ لا ترام كأنها / لوشك السرى حرف لدى البيد مضمر
تخطت بنا أرض الشآم إلى حمى / به روضة ريا الجنان ومنبر
إلى حرمِ الأمن المنيع جواره / إذا ظلت الأصوات بالروعِ تجأر
إلى من هو التبر الخلاصِ لناقدٍ / غداة الثنا والصفوة المتخير
نبيٌّ أتم الله صورةَ فخرِهِ / وآدم في فخاره يتصور
نظيم العلى والأفق ما مدَّ طرسهُ / ولا الزهر إلا والكواكب تنثر
ولا لعصا الجوزاء في الشهبِ آية / مجرّ النّجى من تحتها يتفجر
نبيٌّ له مجدٌ قديمٌ وسؤددٌ / صميمٌ وأخبارٌ تجل وتخبر
تحزم جبريلٌ لخدمة وحيه / وأقبل عيسى بالبشارة يجهر
فمن ذا يضاهيه وجبريل خادمٌ / لمقدمه العالي وعيسى مبشرُ
تهاوى لمأتاه النجوم كأنها / تشافه بالخدِّ الثرى وتعفّر
وينضب طام من بحيرة ساوة / ولم لا وقد فاضت بكفيه أبحر
نبيٌّ له الحوضان هذا أصابعٌ / تفيض وهذا في القيامةِ كوثر
وعن جاهه الناران هذي بفارسٍ / تبوخ وهذي في غدٍ حين تحشر
إذا ما تشفعنا به كُفّ غيظها / وقالت عبارات الصراط لنا اعبروا
تنقل نوراً بين أصلاب سادة / فلله منه في سما الفضل نير
به أيَّد الطهر الخليليّ فانتحت / يداه على الأصنام تغزو وتكسر
ومن أجله جيء الذبيحان بالفدى / وصين دمٌ بين الدماءِ مطهَّر
ورُدَّت جيوش الفيل عن دار قومه / فلله نصلٌ قبل ما سُلَّ ينصرُ
ولما أراد الله إظهار دينه / بدا قمراً والشرك كالليل يكفر
فجلى الدجى واسْتوثق الدِّين واضحاً / وقام بنصر الله داعٍ مظفر
بخوف السطا بالرعب ينصر والظبا / وداني الحيا في اليسر والعسر يهمر
عزائم من لا يختشي يوم غزوِهِ / ردًى وعطاً من ليسَ للفقرِ يحذر
علا من محاكاة الغمام لفضله / وكيف يحاكيه الخديم المسخَّر
يظلله وقت المسير وتارةً / يشير إليه بالبنان فيمطر
ألم ترَ أنَّ القطر في الغيم فارسٌ / إذا برزت آلاؤه يتقَطَّر
هو البحر فيَّاض المواردِ للورى / ولكنه العذبُ الذي لا يكدّر
فمن لي بلفظٍ جوهريّ قصائدٍ / تنظم حتَّى يمدح البحرَ جوهر
وهيهات أن تحصى بتقدير مادحٍ / مناقبُ في الذكر الحكيم تقرّر
إذا شعراء الذكر قامت بمدحه / فما قدرُ ما تنشي الأنام وتشعر
نبيٌّ زكا أصلاً وفرعاً وأقبلت / إليه أصولٌ في الثرى تتجرَّر
وخاطبه وحشُ المهامهِ آنساً / إليه وما عن ذلك الحسن منفر
له راحةٌ فيها على البأسِ والندى / دلائلُ حتَّى في الجمادِ تؤثر
فبينا العصا فيها وريقُ قضيبها / إذا هو مشحوذُ الغرارين أبتر
كذا فليكن في شكرِها وصفاتها / يدٌ بينَ أوصاف النبيين تشكر
سخت ومحت شكوى قتادة فاغْتدت / بها العينُ تجري إذ بها العين تجبر
لعمري لقد سارتْ صفات محمدٍ / كذاك النجوم الزاهرات تسير
أرى معجز الرسل انْطوى بانْطوائِهم / ومعجزهُ حتَّى القيامة ينشر
كبير فخار الذكر في الخلقِ كلما / تلا قارئٌ أو قيلَ الله أكبرُ
هو المرتقي السبع الطباق إلى مدًى / لجبريل عنهُ موقفٌ متأخِّر
هو الثابت العليا على كلّ مرسلٍ / بحيثُ له في حضرة القدس محضر
هو المصطفى والمقتفى لا مناره / يحطّ ولا أنواره تتكوَّر
إليكَ رسولَ اللهِ مدَّت مطالبي / على أنَّها أضحت على الغور تقصر
خلقتَ شفيعاً للأنامِ مشفعاً / فرجواك في الدَّارين أجدى وأجدر
ولي حالتا دنيا وأخرى أراهما / يمرَّان بي في عيشةٍ تتمرَّر
حياةٌ ولكن بين ذلٍّ وغربةٍ / فلا العزّ يستجلى ولا البين يفتر
وعزمٌ إلى الأخرى يهمّ نهوضه / ولكنه بالذَّنبِ كالظَّهر مُوقَر
تصبرت في هذا وذاك كأنني / من العجز والبؤس قتيلٌ مصبر
وها أنا ذا أبلغت عذريَ قاصداً / وأيقنت أن النجح لا يتعذَّر
عليك صلاةُ الله في كلِّ منزلٍ / تعبر عنه سرّ الجنان وتعبرُ
وآلك والصحب الذين عليهمُ / تحلُّ حُبا مدحٍ ويعقد خنصر
بجاهك عند الله أقبلت لائِذاً / فكثرت حاجاتي وجاهك أكثر
ونظّمت شعري فيك تزهى قصيدةٌ / على كلِّ ذي بيتٍ من الشعر يعمر
معظّمة المعنى يكرَّر لفظها / فيحلو نباتيّ الكلام المكرَّر
دنت من صفات الفضل منك وإنها / لتفضل ما قالته طيُّ وبحترُ
وما ضرَّها إذ كانَ نشر نسيمها / رخاء إذا ما لم يكنْ فيهِ صرصرُ
تنبه لما أن رأى شبيه فجرا
تنبه لما أن رأى شبيه فجرا / فنزَّه عن عاداته الشّعر الشّعرا
وأعرض عن أغزاله وغزاله / فلا قامةٌ سمرا ولا وجنةٌ حمرا
ولا مقلةٌ نجلاءُ يحرس لحظها / لَمًى فأقول السيف قد حرس الثغرا
ولا مرشفٌ ماءَ الحياةِ حسبته / ولا نبتُ خدٍّ كنت أحسبه الخضرا
ولا قهوةٌ أستغفر الله تجتلى / ومن عجبٍ أنْ قد حلا منه ما مرا
وكانت كما لا يقتضي العقل غِرَّةً / فحنَّك ذاك الشيب ذاك الفتى الغرا
وذكَّرني فقدَ الأحبة مرجعي / إليهم وترحالي فلم أستطع صبرا
أحبَّاء ساروا قبلنا لمنازلٍ / فيا صاحبي رحلى قفا نبك من ذكرى
كأنَّهمُ لم يركبوا ظهرَ سابح / ولا ركبوا في يوم مكرمةٍ ظهرا
ولا بسطوا يمنى ببذلِ رغيبةٍ / ولا أوجدوا من بعد جائحه يسرا
لنا عبرةٌ فيهم تنبه مقلةً / ولو أرشدت كانت له مقلة غبرا
لقد غرَّت الدُّنيا بخدعة حربها / فما أكثر القتلى وما أرخص الأسرى
حمى الله من عين الزمان وأهله / لنا ملكاً قد أحرز الذكر والأجرا
ترجَّى لدنياه الملوك وإننا / لنرجوه للدنيا ملاذاً وللأخرى
مليكٌ سمت عيناه للنسك والعلى / فكانت قليلاً من دجى الليل ما تكرى
وأعذرَ في هجر التنعم نفسه / وقال للاحيه لعلَّ لها عذرا
على حين أعطاف الشبيبة لدنةٌ / وروضتنا في الملك أو نفسها خضرا
وما زال طهر الفعل حتى تشبهت / فعال رعاياه فكان يرى طهرا
ليهن بني أيوب أن محمداً / بنى لهمُ في كل صالحةٍ ذكرا
وبرّ البرايا عدله ونواله / فلا عدموا من شخصه البرّ والبحرا
وفي الناس من حاز الممالك جنةً / ولكنْ جنان الخلد مملكةٌ أخرى
أيا ملكاً نمسي إذا الدهر مظلم / نراقب من لألاء غرّته الفجرا
بقيت لنا تعلو عن الشعر رتبة / نعم وعلى هامِ السماكين والشعرى
وتذكرنا عهدَ الشهيدِ ودهرَه / سقى الغيثُ عنا ذلك العهد والدهرا
بدت في رداء الشعر باسمة الثغر
بدت في رداء الشعر باسمة الثغر / فعوَّذْتها بالشمس والليل والفجر
ولو شئت قسمت الذوائبَ مقسماً / بطيب ليالٍ من ذوائبها عشر
وقبلتها مصرية حلوةَ اللمى / أكرّرُ في تقبيلها السكّر المصري
ويعذلني من ليس يدري صبابتي / فأصرفه من حيث يدري ولا يدري
ومن عجب الأشياءِ حلوٌ ممنعٌ / أصبر عنه وهو حلوٌ مع الصبر
وكم لائمٍ في حب خنساء أعرضت / وعنّف حتى جانس الهَجر بالهُجر
وشيب رأسي خدَّها ومعنفي / وهذا رماد الشيب من ذلك الجمر
فيا قلب خنساء القويّ وأدمعي / على مثلك العينان تجري على صخر
ويا قلبُ صبراً في عطاها ومنعها / فلا بدَّ من يسرٍ ولا بد من عسر
أرى الشمسَ منها في العشاء منيرةً / ومن صدّها عني أرى النجم في الظهر
يذكرني عهد الوفا ما نسيته / ولكنه تجديدُ ذكرٍ على ذكر
زمان الصبى والقرب لا نحذر النوى / ولكن نقضي الحال أحلى من التمر
وأما وقد ضاء المشيب بمفرقي / فبالشيب لا بالطوع صرنا إلى الهجر
وفارقت خدّ الغانيات وجفنها / فجرحاً على جرحٍ وكسراً على كسر
وإني لمشتاقٌ إلى ظلِّ روضةٍ / على النيل أروي العيش منها عن النضر
لئن حثني باب البريد إلى مصر / لقد حثني باب الزيادة في النزر
إلى مصر يحلو نيلها مخصب الثرى / فيغني الورى في الحالتين عن القطر
وتقبيل حلو الغزو للمحل قاتل / حلاوته سكبٌ وجنديهُ يجري
ويجري بإسعاد العباد فحبذا / بسعدك يا سلطانها ساعياً يجري
لسلطان مصر الناصر بن محمدٍ / على كلِّ مصرٍ طاعةُ البحر والبرّ
تجمعتِ الأمصارُ في مصر طاعة / وهل تجمع الأمصار إلا على مصر
سلامٌ على إسكندر الوقت أن يفح / شذا الذكر عنه فالسلام على الخضر
سلام ثغور الخلق تنقش في الثرى / بأفواهها ختماً على أنفس الذخر
على باب سلطان العباد كأنها / لنظم ثناياها عقودٌ من الدُّرِّ
مليكٌ روت أعماله سيرَ التقى / عن الملك المصري عن الحسن البصري
له منزلا جيش وتحت مقامه / بهذا وذا في القلب حب وفي الصدر
أيالة ملكٍ لا فلان ولا فلٌ / ونحوُ علًى لا نحو زيد ولا عمرو
فملكٌ بلا جور وحكمٌ بلا هوًى / وأزرٌ بلا وِزْرٍ وعزّ بلا كبر
قضا عمرٍ في حلم عثمان جامعاً / لبأسِ عليٍّ في سماح أبي بكر
مضى الشفع من مرآى أبيه وجدّه / وجاءَ فلا زالت له دولةُ الوتر
إلى ناصرٍ من ناصرٍ وكذا على / مدى جدّه المنصور مسترسل النصر
أجلّ بيوت الملك بيت قلاونٍ / وأنت أجلّ البيت يا وارث الدهر
فملكك حقّ واضح الصبح أشرقت / سعادته كالظهر يا واحد العصر
مراد البرايا أن تدوم وإن توَوْا / وميراثك الباقي إلى ذلك الحشر
بصوتك أركان الشريعة شيّدت / وصينت ثغور كلها باسم الثغر
وخاض بها قوم تعدوا فقوبلوا / بما كل إنسانٍ لديه من الخسر
وليس الذي خاض الشريعة سالماً / من الأسد الحامي حماها من المكر
لك الله إما كسب حظٍّ من الثنا / يحوز وإما كسب حظٍّ من الأجر
ليهنك ما تجنيه من جنةٍ غدا / بإبطال ما تجنى الجناياتُ من وزر
ليهنك ما عمّرته من معالمٍ / سيثني على عمارهنّ أبو ذَرّ
ويمدحكم حسَّانها اليوم أو غدًا / بدار البقا بعد الطويل من العمر
فأيامك الأعياد عائدةٌ لمن / رَجاك ومنْ عاداك بالفطر والنحر
وكفَّاك للمدَّاح أيام عشرها / وليلة من تسعى لها ليلة القدر
ودولتك الزّهراء للجود والسّطا / فبالفلك السعديّ والفلك البشري
ونصر على الأعدا يبادرُ رُعبه / فيسبق مجرى الخيل بالعسكر المجرِ
ويعرض عن كيد العدا لاحتقارهم / بلا قاصدٍ ماشٍ ولا حائمٍ صقر
فأعداك هذا مسَّ في النوم رأسه / وآخر قبل السيف ماتَ من الذّعرِ
وكم لكَ في داني الدِّيار ونازحٍ / غيوثُ عطايا تخلط السهل بالوعر
يضنُّ بأحمال من التبن معشرٌ / إذا اتصلت أحمال جودك من تبر
مليك التقى والعلم والبأس والندى / فمدحٌ على مدحٍ وشكرٌ على شكر
تهنّ وكلّ الناس عافية روت / حديث التهاني عن بشيرٍ وعن بشر
بها حملت عنكَ السقام بمصرِها / عيون المها بين الجزيرة والجسر
فأحسن بها للملكِ في كلِّ حالةٍ / بشائرَ عند السيف والعزّ والنصر
وأحسن بها حيثُ الهناءُ مسطرٌ / صحائفها عند كاتب السرِّ والجهر
عوافيَ إلا أنها قاهرِيةٌ / حلت حالتاها في المسرةِ والقهر
فعافية الأجساد عند ذوي الهدى / وعافية الأطلال عند ذوي الكفر
هنيئاً لسلطان البرية سيرة / مزهَّرة الأوراق بالأنجمِ الزّهر
هنيئاً لأجلاب المدائح والرجا / لقد أصبحت تجري إلى ملك تجري
يبيع ولكن بالكلام نفائساً / من المال تلقاها غداً جمّة الوفر
ويبتاع لكن بالنفيس غوالياً / من الحمدِ إلا أنه عاطر النشر
غنينا عن السبعِ البحار بأنملٍ / أفيضت كما يغنى عن السبع بالعشر
وأحييت للآدابِ علماً ومعلماً / بنعماء تقري بالفوائدِ أو تقرِي
وجوهُ دنانير سبقنَ بمعجزٍ / ترينا وجوهَ النمّ في أوَّل الشهر
سبقنَ وإن لم يشتكي الفقر بالغنى / وقابلنَ من لم يشتكي الكسر بالجبر
كذلك أذهانُ الملوك نقيَّةٌ / ترى في مرَاةِ العقل أيان يستقري
تأملت ما تعطى للملوك من النهى / فعوذت فرداً بالثلاثِ من الحجر
أحقًّا أراني في ثرى عتباته / نباتاً يحيي وَاكفَ المزن بالزهر
وأنشدت أمداحاً تقول لمن أتت / مدحتك بالشعرى وغيرك بالشعر
وقائع حبّ حار في كرِّها فكرِي
وقائع حبّ حار في كرِّها فكرِي / فمنْ حُسَّدٍ تمشي ومن أدمعٍ تجري
ولاحٍ ثقيلٍ في مليحٍ ممنَّعٍ / فيا لكَ من أُحدٍ لديَّ ومن بدر
يظلّ أبا جهلٍ عليَّ بجهله / وأمسي بأوصاف السّقام أبا ذَرّ
وأغيد في فيه المدامُ ولحظه / وفيّ وفي أعطافه نشوة السُّكْر
تداويتُ من ألحاظهِ برضابِه / كما يتداوَى شاربُ الخمر بالخمر
ونزَّهت فكري في بدائعِ حسنهِ / وفي عقلِ عذَّالي على أنها تغري
تباركَ من أنشا بخدَّيه زخرفاً / وسبحان من أنشى عذولي بلا حجر
لعمرِي لقد قاسَ الهوى نحوَ صبوتي / مقاييسَ لم تعبأ بزيدٍ ولا عمرو
وأنفقت عمرِي في المليحِ محبَّةً / فإن يسلني عذلٌ فيا ضيعة العمر
وإني لعذري الصبابة إن روت / حديث الأسى عني الدموع فعن عذري
تسابق بيض المزن حمرُ مدامعي / فتسبقها والسبق من عادة الحمر
ويسهرني ومضُ البريق كأنما / تبسم في لُعس السحائب عن ثغر
أما ومليح العصر إنك بالبكى / وبالسهدِ يا إنسان عيني لفي خسر
معنى بوسنان اللواحظ سارق / كرى مقلتي من حيث أدري ولا أدرِي
يجرُّ بنون الصدغ قلبيَ للأسى / وما خلت أن النون من أحرف الجرّ
يقابل دمعِي باسماً فكأنما / ينظم ما أملت جفوني من النثر
وما ليَ لا أبكي على درّ مبسم / كما بكتْ الخنساء قبلي على صخر
وأجري عيون الدمع فائضة على / عيون المها بين الجزيرة والجسر
ظباء بشطّي نيل مصر لأجلها / يقولُ حنين الشوق آهاً على مصر
خليليّ شابت في النواظر لمتي / وشبَّ الأسى نار التذكُّر في صدري
فلا تنكرا تعبيس وجهي فإنما / تنقل ذاك الابتسام إلى شعري
وزالت بصبح الشيب عنيَ خلني / فكان زوال الشمس للصبح لا الظهر
ويا رُبّ ليلٍ كان لي بكؤوسه / ومبسمه سلكٌ ينظم بالدّرّ
تولى ووافى بالهموم كدملٍ / أكابده في الحالتين بلا فجر
كأن النجوم المائلاتِ بأفقه / مفارقُ شيبٍ لا تسرّ ولا تسري
سقى الله أيام الشباب التي خلت / من السحب أحلى ما يسيل من القطر
رأيت شباب المرء عوناً على الهوى / وجود ابن فضل الله عوناً على الدهر
إذا ذُكرت أهل السيادة والعلى / فعدّ ابن فضل الله فاتحةَ الذكر
إذا شمت منه طلعةً علويةً / فغالِ الثنا وأرفض سنا الأنجم الزهر
إذا ما علاءُ الدّين حام فخاره / فسل ثم عن نسرِ الكواكب لا النسر
وزيرٌ بلا وزرِ وقاضٍ بلا هوًى / وغيث بلا عيب وبحرٌ بلا ضرّ
يسابقني لفظي لوصف زمانه / وبالطبع تشدو الورق في الورق الخضر
ويخدعه مثلي فيخدع للندى / سريعاً ولا والله ما هو بالغمر
فسيح مجال الصدر بالبرِّ للورى / فيا لك من بحرٍ ويا لك من برّ
ويا لك من لفظٍ وفضلٍ لطالبٍ / يحقق أن الصدرَ والكف من بحر
ويا لك مجداً جلّ رائيه عن عمى / ويا لك بحراً جلّ عافيه عن نهر
يسرّ به ملكٌ ويحمي ثغورَه / فليس يزال الملك مبتسم الثغر
وما زال شفعاً بأسه ونواله / لدى الملك حتى ما ينام على وتر
فما الشمس في ظهر مثيلة وصفه / ولا مثله فيما تقدّم من عصر
وما فيه من عيبٍ يعدّ لناقدٍ / سوى أنه بالجود مستعبد الحرّ
وأن ثناه فاضحٌ حصرَ الورى / وأنَّ ندَاه لا يحاوَل بالحصر
من القوم في بطحاءِ مكة أصلهم / وأفناؤهم في الخلق فوَّاحة الزّهر
إذا فرَّق الفاروقُ في الخلق ذكرهم / فيا حبَّذا الأطهارُ تعزَى إلى الطّهر
إذا ذكرت أقلامهم وسيوفهم / فناهيك بالحمر الرَّواعف والسمر
طوى شخصهم دهرٌ وقام بمجدهم / يفوح ثناً يستقبل الطيَّ بالنشر
له قلمٌ يدعو الدواة كتابةً / ويعزى به عيش الملوك إلى النّضر
حفيّ غداةَ المكرمات أو الوغى / ببيض أياديها وأعلامها الصّفر
ونظم ونثر يخرجان ذوي النهى / لعمرك من أرض التثبت بالسّحر
لأجيادنا منه وللطّرس حليةٌ / فأجيادُنا بالجود والطرس بالشّذر
وللحرب صفّ من سطورٍ كأنها / حديدٌ يسوق الناكثين إلى الحشر
بكف كريم الإرث والكسب في العلى / فمن خبرٍ نامي الفخار ومن خبر
همامٌ إذ الآراءُ حثَّت لغارةٍ / كريمٌ إذا حثت على الكلم الغرّ
له منزلٌ في القلب من كلِّ جحفلٍ / وفي المحفل السامي محلٌّ من الصَّدر
بزهرٍ من الآراء والقول واللُّهى / روينا صحيحَ الحمد منها عن الزُّهري
فيا حبَّذا عبدُ الرحيم توسلاً / ويا حبَّذا الطائي في الجود والشعر
ألم ترني أني نهضت بمدحه / وألقيت أمداحَ البرية عن فكري
أمولاي قد غنى بمدحي لك الورى / وسارت به الركبان في السهل والوعر
وقصّر عن نظمي الأنامُ وشُيّدت / عليك مباني بيته فهو كالقصر
إذا رفعت قدري بمدحك ليلةٌ / تيقَّن قصدي أنها ليلةُ القدر
وقضَّيتها والنيراتُ تمدني / سلاماً وتسليماً إلى مطلعِ الفجر
على أنَّ عندي كأس شكوى أديرها / على السمع ممزوجاً بمدمعيَ الغمر
أيكسر حالي بالجفاء وطالما / تعوَّدت من نعماك عاطفة الجبر
ويدفعني عن قوت يوميَ معشرٌ / وأنت عليهم نافذُ النهي والأمر
ولو كانَ ذنبٌ لاعْترفت بهِ ولا / تحيَّلتُ في عذرٍ ولا جئت من غفر
أحاشيكَ أن يدجو زمانيَ بعدما / أضاءت بشعرى في المدائحِ من شعري
بنيت على ضمٍّ وَلاءَك في الحشا / فلا تبنِ بيت القلب مني على كسر
وإن تخف يا ذا السرّ عنك محبَّتي / فشاهد حبِّي عالم السرّ والجهر
تجلَّى فقلت البدر والليل شعره
تجلَّى فقلت البدر والليل شعره / وماسَ فقلت الغصن والحلي زهره
وأفصح عن ألفاظه وابتسامه / فأعجبني نظم الجمان ونثره
مليح يغيظُ الوردَ حمرةَ خدّه / ويطوي حديث العنبر الورد نشره
كأنَّ بما في الثغر نظم عقدُه / وإلاَّ بما في العقد نظّم ثغره
عجبت لمخضرّ العِذار بخدِّه / على أنَّه يذكو ويلهب جمره
وليس عِذاراً ما أرى غير أنَّه / لماءِ حياةِ الرِّيق أقبل خضره
كلفت بهِ حلوَ اللَّمى بابليه / فمن أين يحلو عنه للمرء صبره
وأسكنته قلبي الذي طارَ فرحةً / فطائره قلبي الحزين ووكره
ووالله ما وفيته حقَّ نزله / إذا كانَ في نارِ الحشا مستقره
عليَّ له أن أبذل القلب والحشا / على ما يرى في الحبِّ والأمر أمره
ويعجبني طرفٌ تدرُّ دموعه / على حسنه الغالي فلله درّه
أحنُّ لوجهٍ تهتُ فيه صبابةً / فلله صبّ ضلّ إذ لاح بدرُه
وأنصب طرفي نحو طرف يشوقني / إذا ما الْتقى في الحبِّ نصبي وكسره
أما والذي قاست عليهِ جوانحي / من الضنك ما قاسَى من الردف خصره
لقد زيَّن قلبي المستهام بحبِّه / كما بشهاب الدِّين قد زيّن دهره
رئيس كما ترضى السيادة والعلى / بهِ زال ذلّ الدهر واشْتدَّ أزره
كثير الأيادي البيض في كلِّ مقصدٍ / إذا ما غدت تسعى على الطرس حمره
عليك به إن عافت المدح الورى / وضاق به سهل الرَّجاءِ ووعره
سجاياه لا زَهر الرِّياض وعرفها / وجدواه لا ظلّ الغمام وقطره
إذا رمت أن تتلو على يدهِ الرَّجا / فتيسير عنوان الندى منه نشره
رأيت لهُ فضلاً على جامعي الثنا / كما فضل الشهر المحرَّم عشره
وقدراً إذا أضحى به الذكر طائراً / غدا واقعاً عنه من الليل نسره
من الباذلي الأموال والقامعي العدا / فأعداؤهُ تشكو النثارَ ونثره
له قلمٌ تنهلّ بالجودِ سحبه / وتشرق في أفق الفضائلِ زُهره
عجبت له من طاهر اللفظ ظاهر / على أنه قد حاقَ في الناسِ سحره
أما وأبي العليا لقد سادَ في الورى / سيادة من أربى على الحصرِ شكره
أثاب فقلنا الغيث أبداه شامه / وزادَ فقلنا النيل أهدته مصره
هو المتلقي رفعةً بتواضعٍ / ورُبَّ رفيع حطَّ علياه كبره
وأفعاله أوفى ندًى من مقاله / وأكرم من أخباره الغرّ خبره
وأفسح من بحرِ البلاد وبرّها / ومدحي وآمالي نداه وصدره
علقت بحبل من مودته التي / هيَ الذَّخر لا بيض الثراء وصفره
وعاودته بالقصدِ أجلو مدائحي / على فكرِه الأذكى وحسبي فكره
ومن كانَ مثلي واثقاً بولائه / فيا ليت شعري ما يحاول شعره
نفرتُ عن الظبي الذي كانَ ينفر
نفرتُ عن الظبي الذي كانَ ينفر / وحلت عن العشق الذي كان يؤثر
دعوني فما عين الغزالة كحيلة / بعيني ولا وجه الغزالة نير
وخلوا أحاديثَ الجفون فواتراً / فقد حلَّ بي الخطب الذي ليسَ يفتر
ونبهني الحال الذي بأقله / ينبه من سكر الغرام كثَير
مشيبٌ وإقتار هو الشيب ثانياً / ألا هكذا يأتي الشَّقاء المكرَّر
أبى الدهر أن يصغي لألفاظ معربٍ / له أملٌ بين المقادير مضمر
فهل للأيادِي الناصريَّة عطفةٌ / يغاثُ بها داعي الرَّجاء وينصر
رئيسٌ له رأي كما وضحت ذُكا / وجودٌ كما يهمي الغمام ويهمر
وعلمٌ إذا ما غاصَ في الفكرِ غوصةً / رأيت لآلي لفظه كيفَ تنثر
وبأسٌ يذيب الصخر لكن وراءه / عواطفُ من أحلامهِ حين يقدر
علا عن فخارِ البرمكيّ فخارُه / وما قدر ما يبدِي لدى البحر جعفر
وقد سكنت في قلبهِ الطهر رحمةٌ / يكادُ بمسرى نشرها الميتُ ينشر
فمن مبلغٌ تلك العواطفَ قصَّةً / تكادُ لها صمُّ الصفا تتفطَّر
إلى مَ وأنت الغيثُ أرجعُ ظامئاً / وحتى مَ يا ظلّ العفاة أهجر
وكم يشرح البطال سيرته التي / يكافحها من حادث الدَّهر عنتر
وقالوا فلانٌ رمّ بالشعر عيشه / فيا ليت أني ميتٌ لست أشعر
تصرّم أقصى العمر أدعوك للمنى / وأرقبُ آفاق الرَّجاء وأنظر
وأصبر والأيام تقتلني أسًى / فها أنا في الدُّنيا قتيلٌ مصبر
أرى دون حظِّي مسلكاً متوعراً / إذا ما جرت فيه المنى تتعثر
ويحمرُّ دمعي حين تصفرُّ وجنتي / فألبس ثوبَ الهمِّ وهو مشهَّر
ولا ذنبَ لي عند الزمان كما ترى / سوى كلمٍ كالروض تبهى وتبهر
سوابق من نظم الكلام ونثره / لها خبرٌ في الخافقين ومخبر
وأنت الذي نطَّقتني ببديعِها / وأحوجتني أنشي الكلام وأنشر
فوائد إن عادتْ عليَّ مصائباً / فأنت بتدبير القضيَّةِ أجدر
وما هيَ إلاَّ مدَّةٌ وقد ارْتوى / رجائِي فأضحى وهو فينان أخضر
وطرس إذا ما النقش عذّر وجهه / فإنَّ وجوه القصد لا تتعذَّر
قصدتك للتنويه والجاه لا لما / تبيض من هذي اللّهى وتصفّر
إذا جمع الإنسانُ أطرافَ قصدِه / لنفحةِ مالٍ فهو جمعٌ مكسر
هنيئاً لأفق الفضل إنك بدرهُ
هنيئاً لأفق الفضل إنك بدرهُ / وإن سجاياك الكريمة زُهره
قدمت قدومَ الغيث يهمي نواله / ويعبق ريَّاه ويبسم ثغره
وقبلك لم تبصر بنو الشام وابلاً / من الغيثِ تهدِيه إلى الشامِ مصره
وأقبلت إقبالَ البدور حقيقةً / على جائر الأيام أظلم دهره
وما كانَ لولا نور وجهك طالعاً / من الغربِ بدرٌ يملأ الأرض بشره
وأنت الذي في مصر والشام أشرقت / معاليه فاسْتولى على النجمِ قدره
لك الصدر من ديوان تلك وإنَّما / لصدرِك من هذا مدى الدهر سرّه
وكم أفقٍ طالت قوامُ نجمه / يقصر عن أدنى خوافيك نسره
تقر لك السادات طوعاً وعنوةً / ويحسن سرّ الفضل فيك وجهره
كأنَّك في العليا أبوك سقى ثرى / أبيكَ حياً يهمي فلله درّه
وقارك في حزم الأمور وَقارُه / وبشرك في صنع المعارف بشره
ترحلت يا يحيى وفضلك خالدٌ / هو البحر إلاَّ أنَّ جعفرَ نهره
إلهي أطلْ للدهرِ في عمرِ أحمدٍ / فيا حبَّذا الشخص الكريم ودهره
يؤَازِرُ أملاك الزَّمان كما ترى / فيشتدُّ بنيان الزَّمان وأزره
ويعجبهُ فعلُ الجميل مطابقاً / فيحفظ علياه ويبذل وفره
ولا عيبَ فيه غير إفراط سؤددٍ / يشقُّ على جهد المدائح حصره
فتى النسب الوضَّاح والشيمِ التي / يقلّ لها من بارع الحمد كثرُه
وذو البيت أما آلُ يحيى فنظمه / وأما أبو حفصِ الإمام فبحره
تقر له السادات طوعاً وعنوةً / ويحسن سرّ الفضل فيه وجهره
له قلمٌ ينحو الجميل فرفعه / لرتبة داعيه وللضدّ كسره
إذا قامَ يحيى دولة بسوادهِ / عنت دونه بيض القرَاع وسمره
قصيرٌ لأمرٍ ما يجدّع أنفه / إلى أن رأينا الملك قد عزَّ نصره
بكف فتىً لو كان للبحر جودُهُ / لفاضَ كما فاضَ في الطرسِ درّه
وممتدح يلقاك منه إذا بدَا / مديد العلى باهي المحيا أغرّه
يرنحه شدْوُ السؤال كأنما / تثنَّت بعطفيه وحاشاه خمره
أنجلَ العلى قابلتني ساعة العلى / مقابلةً لاقى بها القلبَ جبره
إذا شيد في نظمِ امتداحك بيته / فما هو إلا في ذوي النظم قصره
لمدحك يا معنى النسيب تأخرت / قوافي نسيبٍ طالما طار شعره
على أنني مغرًى بكلّ مقرطقٍ / بما خدّه ماءُ الحياة وخضره
عجبت له في كأس مرشفه الطلاً / وفينا ولم يقرب من الكأس سكره
ثناؤك أشهى من لماه إلى فمي / ولفظك لا حلو الوصال ومرّه
فحسبك من قلبي صفاه وودّه / وحسبك من لفظي دعاه وشكره
وحسبك عبدٌ بالجميل ملكتهُ / على أنه مستمجد القلب حرُّه
بقيت لداعي المدح وجهك عيده / وأنمل كفيك الكريمة عشره
تذكرت مصراً والأخلاّء والدهرا
تذكرت مصراً والأخلاّء والدهرا / سقى الله ذاك السفح والناس والعصرا
وقالت ظنوني في الشآم ادعُ لذةً / فقال لها ماضي الزمان اهبطوا مصرا
تقول أناسٌ إن جلق جنةٌ / فما بال أحشاء الغريب بها حرّى
بروحي فتان اللواحظ أغيد / شديد التجني ما أضرّ وما أضرى
من الغيد يحمي لحظُ عينيه ثغرَه / ولم أرَ سيفاً وحده قد حمى ثغرا
تثنى قضيباً فاح مسكاً رنا طلاً / سطا أسداً غنى حماماً بدا بدرا
وصيرني الواشون حتى حذرتهم / فها أنا مقتولٌ على حبه صبرا
أحاكي حبابَ البابليّ وتغرَه / بدمعيَ واللفظ الجماليّ والدرا
رئيس محا وِزْرَ الزمان بجوده / وشدّ لأبناء الرجا مئزراً إزرا
إذا ما رأيت الدهر يلهب تارة / فنل يا لإبراهيم نأمن به الدهرا
ولذ بحماه للمكارم والهدى / تجد علمه يقري وأضيافه تقرى
ومعدن خير بالفضائل والهدى / لطلابه يهدي الجواهر والنثرا
بفضل يديه أو بفضل دعائه / تشيم وتستسقي الغمائم والقطرا
وقال أناس جاوز الشعرُ قدرَه / فقلت نعم والله قد جاوز الشعرى
ألا أيها المجري له اللوم في الندى / لقد جئت شيئاً في مسامعه نكرا
سريّ سما للفضل والناس هجد / فسبحان من بابن السيادة قد أسرى
له قلم قد جاوز الغيث فاغتدى / ينمق في أرجاء مهرقه الزّهرا
ويبعث من دهم السطور إلى العلى / محجلة في طيِّ أدراجه غرَّا
زهى غصنه حتى إذا خيفت الوغى / رنا وانثنى كالسيف والصعدة السمرا
بيمن امرئٍ أحيى به ميت الرجا / وبدّل عسر الحادثات لنا يسرا
وما فيه من عيب يعد لعائب / سوى أنه بالجود يستعبد الحرَّا
ولله سرٌ في معاليه مودعٌ / ولا عجبٌ للسرّ يستودع الصدرا
أمولاي لي قصدٌ تخطى لك الورى / كما يتخطى الليلَ من يطلب الفجرا
فدونك آمالاً قديماً رجاؤها / ودونك من نظم الثنا غادة عذرا
تناهى الحيا وقتاً وغالبها الجوى / فجاءت تعد السهل نحوك والوعرا
وتشكو عقوق المعرضين وبخلهم / إليك فتلقى عندك البرّ والبحرا
على مثلها فلتهمِ أعيننا العبرى
على مثلها فلتهمِ أعيننا العبرى / وتطلق في ميدانها الشهب والحمرا
فقدنا بني الدنيا فلما تلفتَّت / وجوهُ أمانينا فقدنا بني الأخرى
لفقدك إبراهيم أمست قلوبنا / مؤجَّجةً لا برد في نارها الحرى
وأنت بجنَّات النعيم مهنأ / بما كنت تبلى في تطلبه العمرا
عريت وجوّعت الفؤاد فحبَّذا / مساكن فيها لا تجوعُ ولا تعرى
بكى الجامع المعمورُ فقدَك بعد ما / لبثت على رغم الدِّيار به دهرا
وفارقته بعد التوطن سارياً / إلى جنةِ المأوى فسبحان من أسرى
كأنَّ مصابيحَ الظلام بأفقهِ / لفقدك نيرانُ الصبابة والذكرى
كأنَّ المحاريبَ القيام بصدرهِ / لفرقةِ ذاك الصدر قد قوّست ظهرا
مضيت وخلَّفت الديار وأهلها / بمضيعةٍ تشكو الشدائدَ والوزرا
فمن لسهام الليل بعدك إنَّها / معطلةٌ ليست تراشُ ولا تبرى
ومن لعفافٍ عن ثراً وبني الورى / عبيِد الأماني وانْثنيت به حرَّا
سيعلم كلّ من ذوي المال في غدٍ / إذا نصب الميزان من يشتكي الفقرا
عليك سلام الله من متيقظٍ / صبورٍ إذا لمْ يستطعْ بشرٌ صبرا
ومن ضامر الكشحين يسبق في غدٍ / إلى غايةٍ من أجلها تحمد الضّمرا
أيعلم ذو التسليك أن جفوننا / على شخصه النائي قد انْتثرت دُرَّا
وأن الأسى كالحزن قد جالَ جولة / فما أكثر القتلى وما أرخص الأسرى
ألا رُبَّ ليلٍ قد حمى فيه من وغى / حمى الشام والأجفان غافلة تكرى
إذا ضحك السمار حجب ثغره / كذلك يحمي العابد الثغر والثغرا
إلى الله قلباً بعده في تغابنٍ / إلى أن رأى صف القيامة والحشرا
لقد كنت ألقاهُ وصدريَ محرج / فيفتح لي يسراً ويشرحُ لي صدرا
وألثم يمناه وفكريَ ظامئٌ / كأنيَ منها ألثم الوابل الغمرا
أمولاي إني كنت أرجوكَ للدعا / فلا تنسني بالخلدِ في الدعوة الكبرى
سقى القطر أرضاً قد حللت بتربِها / وإن كنت أستسقي برؤيتك القطرا
ومن كانَ يرجى منه في المدحِ أجرة / فإني أرجو في مدائحِكَ الأجرا
برغم العلى تاجٌ تحلى به الثرى
برغم العلى تاجٌ تحلى به الثرى / وكانت ثراهُ هامةَ السحب في الذرا
وكان عليه جوهر الذكر أبيضاً / فزاوجت فيه جوهر الدمع أحمرا
وكنت أرى عيشي مناماً بقربه / فيا أسفي بالبعد كيف تفسرا
وأجريت دمعاً كان يحسب فقده / زماناً لسوء الحظ لي وكذا جرى
بروحي الأولى أفناهمُ الدهر مبقياً / ببعدهُم هماً من الخطب أكبرا
سقانا بكأس قد سقاهم بمثلها / ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
ألا في سبيل الله سارٍ للحده / وفي كل أفق ذكر علياهُ قد سرى
حميد المساعي كيفما حل بلدة / غدت بلدة فوق السماء وأزهرا
مضى طاهر الآثار في كل منزل / ألذّ من الماء الزلال وأطهرا
عفيف السجايا باسط اليد بالندى / وإن كان إلا من غنى النفس مقترا
يطوف بعلياه الثناء محلقاً / وإن كان عن أدنى مداه مقصرا
ويهتز للذكر الجميل كأنه / وحاشا بقاه قد تناول مسكرا
ويظهر مجداً والتعبد قبله / وإنَّا لنرجو فوق ذلك مظهرا
أتى الشام من مصرٍ ولم نر مثله / غماماً أتى من مصر للشام ممطرا
فنور مرعى القاصدين وسبلهم / فيا لك في الحالين روضاً منوَّرا
ومد يد النعمى إلى كل فضة / دنا وَرَقٌ منها إليه فأثمرا
وقابل أسرار الملوك بصدره / وأورد عنهم باليراع وأصدرا
وأخدمهم من رأيه ومداده / صواباً كما ترضى الملوك وعنبرا
وصان حمى الإسلام بالقلم الذي / إذا مد حبراً خلت درًّا محبرا
ونظم أسلاك السطور فحليت / من التاج أجياد الممالك جوهرا
وصادفني في معشرٍ بديارهم / بعيداً من الحيَّين داراً ومعشرا
فكمل منقوصاً من اسمي لديهم / وعرفني فيهم وكنت منكرا
ويسر من رزقي بيمن بنانه / فيمَّن ما شاءت يداه ويسرا
وحاول جبري رأفة وتعطفاً / وقد كان جمع الحال جمعاً مكسرا
وأثنى على جهدي بما هو أهله / وأظهر أفعال الجميل وأضمرا
فما ليَ لا أثني علي جود كفه / لديَّ كما أثنى على المطر الثرى
وأبكي بلفظ من رثاء وأدمع / منظمَ درٍّ تارةً ومنثرا
على ذاهب قد كان للقصد ملجأً / وللظن مرتاداً وللعين منظرا
وعاد إلى جنات عدن تزينت / ونحن إلى نيران حزن تسعرا
فلهفي على دنيا العفاة تنكرت / ولهفي على ربع السماحة أقفرا
ولهفي على بيت السيادة والتقى / ولهفي على حي القراءة والقرى
ولهفي على حكم تحف بلينه / بوادر تحمي صفوه إن يكدرا
ولهفي على رأي يضيء به الهدى / إذا النجم في أفق السماء تحيرا
ولم أنس مسرى نعشه يوم جمعة / تجمع هماً كالخميس إذا سرى
ولهفي على جار من الجود طالما / جرى معه صوب الحيا فتعطرا
وقد وعظتنا الحال منه كأنه / خطيب رقى من صهوة النعش منبرا
مواعظ من حيث السكوت وإنها / لأبلغ من نطق الفصيح إذا انبرى
كأن لم يسر والكاتبون أمامه / يجهز وفداً أو يجهز عسكرا
كأن لم يجل يومي وغى وسماحة / يراعاً كما سُل القضيب وأزهرا
كأَنْ لم يهزّ القصد منه شمائلاً / ولا قلماً يعزى إلى الخضر أخضرا
على مثل هذا شارطَ الدّهر أهله / إذا سرّ أبكى أو إذا ودّ غيرا
فمن سبر الأحوالَ لم يتعجب لها / ومن عرف الأيامَ لم يرَ منكرا
ومن ناله صبحُ المشيبِ ولم يفقْ / إلى طلب الأخرى فما وهب من كرى
كما طلب ابن الخضر دارَ مُقامه / فغلَّس في بغيا النعيم وبكَّرا
وما تركَ ابن الخضر ميراثَ واجدٍ / سوى الذكر فيَّاحاً أو الأجر نيرا
وأعناق أحرارٍ تملك رقّها / وأحوال قوم قبل ما مات دبرا
عليك سلام الله من مترّحلٍ / تخيرت قدماً ودّه وتخيَّرا
فألبسني ثوبَ الولاءَ معتَّقاً / وألبسته ثوبَ الثناءِ محرَّرا
وغيداء يعزى طرفها لكنانةٍ
وغيداء يعزى طرفها لكنانةٍ / ومعطفها الميَّاد يعزى إلى النضر
حمتْ ثغرها عن راشفٍ بلحاظِها / كذاك سيوف الهند تحمي حمى الثغر
كأن جفوني حين تسفح بالبكى / على حبِّها كفُّ المؤيد بالتبر
رعى الله أيام المؤيد إنَّها / ولا برحتْ فينا مواسم للدهر
مليك تساوى علمه ونواله / كأنَّهما بحران جاءا على بحر
مليكَ العلى بشراك بالعيد مقبلاً / وبشرى الورى من سحب كفَّيك بالعشر
وهنئت بالفطر الذي قام ناحراً / عداتك حتَّى أشكل الفطر بالنحر
لقد نفَّر الحسناء شيبي فأصبحت
لقد نفَّر الحسناء شيبي فأصبحت / على كبري بعد الوداد تكبر
وقد كنت بالغيدِ الحسان مشبباً / فها أنا للغيدِ الحسان منفّر
وقد نفرت حتى عن الشعر صبوتي / ولولا الثنا التَّاجيّ ما كنت أشعر
أيا من ذكرنا الشافعيّ وحاتماً / بآلائه والشيء بالشيء يذكر
وتاجاً على رأس السيادة يجتلى / فينظم درّ المدح فيه وينثر
مزجنا بحور الفضل والشعر بيننا / فها نحنُ في هذا وذا نتبختر
لعمري لقد قلت الرَّقيق لمدحه / وإن رقيقاً قلتهُ لمحرَّر
على حركات اليمن والأمن والهنا
على حركات اليمن والأمن والهنا / سكنتَ بدارِ العلم والحلم والقرى
وعمَّرتها يا عمرك الله للعلى / فعشْ مثلها عالي المنار معمّرا
تبادرها الطلاّب علماً وأنعماً / فتحمد عند الصبح من بشرك السرى
وتزداد بالتَّرخيم حيناً خلاف ما / يقاس وترضي الوفد ورداً ومصدرا
وتذكرك الجنَّات بالنسك والتقى / بشيران بالإحسان والعدل في الورى
لقد زادها في الحمد يوسف فاغْتدت / تباع بمرآها القلوب وتشترى
وما هي إلاَّ جنَّةٌ بدليلِ ما / وصفت وقلبي عاشق قبل أن يرى
خليلي عن حال المحبّين سلْ فما
خليلي عن حال المحبّين سلْ فما / ينبيك بالأحوال مثلُ خبير
فريقان هذا في الوصال بجنةٍ / وهذا كمثلي في الجفا بسعير
وسلْ في التقى عن مثل كافور مصره / يبشركَ ذكرى وقتنا لبشير
أمير على السادات أيّ مقدمٍ / وفي واجب المدَّاح أيّ كبير
لو أنَّك قابلت النجوم بقدرهِ / لألفيته قد جازها بكثير
إذا بشر الإنسان في الحين مرة / على وجه وضَّاح الهلال منير
فيا رب خلد ملك من لحظُ طرفه / يرى كل يومٍ منه وجه بشير
تهنّ به عيداً أجلّ كبيرا
تهنّ به عيداً أجلّ كبيرا / غدوت به للسائدين أميرا
وعش بين عيدٍ بالحجاز مهنئاً / وعيدٍ على أوطانِ مصر قريرا
لقد عشت نور الدين في أفق العلى / وفي العلم والفضل البهي شهيرا
ووفيتني حقّ الجوار يكاد أن / يكون من الحظّ الحرون مجيرا
لغلمانِ مولانا عليّ مودَّةٌ / ينقصها بعض الأمور يسيرا
لئن خدموني خدمةً مستجادةً / لقد بخلت بخلاً عليَّ كثيرا
ينفرّ من قد عطَّفته كأنما / تصحف لي معنى السرور شرورا
ذكرتك والأسماءُ تذكر بالكنى
ذكرتك والأسماءُ تذكر بالكنى / فلله يا أسما الكنافة والذكر
يذكر صحنَ الوجه صحنُ كنافة / هما الحلو ممَّا تشهد العين والفكر
ليالي فطر الصوم إذ كلّ ليلةٍ / بإحسان نور الدِّين عيدٌ هو الفطر
وأنعامهُ عندِي وشكريَ عندهُ / ولكن متى يوفي بإنعامه الشكر
إذا كانَ ذا جودٍ وشعرٍ مجيبني / وأحسن من شعري له ذاك الشعر
ولم أنسَ ليلات الكنافة قطرها / هو الحلو إلاَّ أنه بالسحب الغزر
يجود على ضعفي فأهتزُّ فرحةً / كما انْتفض العصفور بلله القطر
سقاك وحيَّاك الحيا أيُّها القبر
سقاك وحيَّاك الحيا أيُّها القبر / وفاضت على مغناك أدمعه الغزر
وزارت ثراك الطهر سحبٌ وفية / لدى المحل حتَّى يجمع الطهر والطهر
تجود بسقياها على جدث العلى / وإن كانَ في أرجائهِ البحر والبرّ
إمام تقىً للملكِ في رأيه هدى / وصدر علماً لله في أمره سر
فقدناه مشكور المساعي منزهاً / عن الوزر إن أودى بذي تربة وزر
فلهفي على آرائه / إليها الرماح السمر والعذب الصفر
ولهفي على أقلامه السود أوحشت / إليها السيوف الحمر والنعم الخضر
سلام على الإنشاء بعد فراقه / سلام امرئٍ أمسى لأدمعه نثر
عليكَ ابن فضل الله شقت جيوبها / فضائل في طيّ البلاد لها نشر
رحلت فألقى رحله كلّ قاصدٍ / وقطع من أسبابه بعدك الشعر
وكانت بك الأوقات فجراً ولا دجى / فأمست دجى لما انقضيت ولا فجر
وليس بقفرٍ ما سكنت وإنَّما / أرى كلّ مغنًى لست فيه هو القفر
مضيتَ غنيًّا عن سواك موقراً / وللدين والدُّنيا إليك إذاً فقر
كأنك لم تنفع ولياً ولم تضر / عدوًّا ولك تحمدك في أزمةٍ سفرُ
ولم يغزُ ذو الأملاك مغمدة الظُّبا / بجيشٍ من الآراء يقدمه النصر
ولم تنضَ في الأعداء كتباً جليةً / سواء بها صفّ الكتيبة والسطر
ولم تخف أسرار الملوك إذا ارْتمت / إليك ولم يفسح لمقدمك الصدر
ولم تلق أعباء الأمور ولم يجل / يراعاً ولم يذعن لك النهيُ والأمر
بل كنت تجمي الناس من كيدِ دهرهم / فكادك موتورٌ وقد يدْرَك الوتر
جزيت عن الإسلام خيراً فطالما / خبا شرَرٌ عنه بعزمِك أو شرّ
أفاض الدّجى حزناً لباسَ حداده / عليك وحارتْ في مطالعها الزّهر
ولم لا وقد أحييت ذاك تهجّداً / وكم كثرت هاتيك أوصافك الغرّ
وكم قاصدٍ يبكي عليكَ وقاصدٍ / فهذا له بشرٌ وهذا له أجر
فلا يبعدنك الله من مترحلٍ / له العزَّةُ القعساء والسؤدد الدثر
يودّ العدى لو بلغوا ما بلغته / وكانَ لهم من عمرك العشر لا الشطر
عزاءً عليه اليوم يحيى ببيته / وصبراً صلاح الدِّين قد صلح الصبر
ألا إنَّها الأيام من شأنها الرِّضا / إذا احْتكمت يوماً ومن شأنها الغدر
وما الناس إلاَّ راحلٌ إثر راحلٍ / إذا ما انْقضى عصرٌ بدا بعدهُ عصر
تبدَّت لدى البيدا مطايا قبورهم / ليعلَم أهلُ العقل أنهم سفرُ
عجائب تعيي النَّاظرين وحكمةٌ / ممنعةٌ قد زَلَّ من دونها الفكر
وغاية أهل البحث والفحص قولهم / هو الرزق يمضي وقته وهو العمر
بحقّك قلْ لي أينَ من طارَ ذكره / فأصبح في كلِّ البقاع له وَكرُ
وأينَ ابن فضل الله ذو الرتب التي / عنت لسناها الشمس أو قصر البدر
مضى وبحقّ أن يقالَ له مضى / فقد كانَ عضباً في الأمور له إثر
سقى عهده المشكور عنا ولا غدا / معانيه عفوٌ لا بكيٌّ ولا نزْر
وأكرم به من صائمٍ متخشِّعٍ / تولى فأمسى في الجنان له فطر
ألا ليتني حمّلت ما بك من ضنا
ألا ليتني حمّلت ما بك من ضنا / على أنَّ لي منهُ الأذى ولك الأجر
فأقسم لولا أنتَ ما أعتب الرجا / لمستعتبٍ منَّا ولا سكت الدهر
أحاشيك من ضرٍّ ألمَّ وإنما / بطلعتك الغرَّاء يستدفع الضرّ
وما زدت بالأدواء إلاَّ محاسناً / كما اعتلَّ فازْدادت محاسنه النشر
فلا تخشَ ممَّا يوجب الصبرَ مرَّةً / كأنَّك بالنعمى وقد وجب الشكر
وحقّك لا خابَ الدعاءُ ولا دجى / سنا النصف إلا زنت ما يشرق البدر
سلامٌ كنشر الروض لفَّ بمدرجٍ
سلامٌ كنشر الروض لفَّ بمدرجٍ / يريك بديع الحب في اللف والنشر
عليك أخا العلياء والعلم والحجى / وفضل الندى واليأس والنظم والنثر
لعمري لقد حملت بينك في الورى / من الشهب العالي السنا ومن الشعر
ولو شفعتك المكرمات بآخر / لما باتَ شاكي الدهر منه على وتر
أخا العلمِ إنَّ الشمس بادٍ ضياؤها
أخا العلمِ إنَّ الشمس بادٍ ضياؤها / فسرْ بسناءٍ حيثما أنت سائِر
وخلّ فتى شيرازَ عنكَ فإنما / هو القطب قد دارت عليه الدوائر