المجموع : 29
أَلا أَشرَقَت فَوزٌ مِنَ القَصرِ فَاِنظُرِ
أَلا أَشرَقَت فَوزٌ مِنَ القَصرِ فَاِنظُرِ / إِلى مَن حَباكَ الوُدَّ غَيرَ مُكَدَّرِ
وَلَمّا رَأَت أَن لا وُصولَ إِلى الهَوى / تَراءَت مِنَ السَطحِ الرَفيعِ المُحَجَّرِ
فَقُلتُ لَها يا فَوزُ هَل لي إِليكُمُ / سَبيلٌ فَقَالَت بِالإِشارَةِ أَبشِرِ
وَقَفتُ لَها في ساحَةِ الحَيِّ ساعَةً / أُشيرُ إِلَيها بِالرِداءِ المُعَصفَرِ
نَظَرتُ إِلى ما لَم تَرَ العَينُ مِثلَهُ / إِلى قَمَرٍ في رازِقِيٍّ وَمِئزَرِ
إِذا ماتَ عَبّاسٌ وَفَوزٌ فَإِنَّهُ / يَموتُ الهَوى وَاللَهوُ مِن كُلِّ مَعشَرِ
هَجَرتُ النَدامى خَشيَةَ السُكرِ إِنَّما
هَجَرتُ النَدامى خَشيَةَ السُكرِ إِنَّما / يُضيعُ الفَتى أَسرارَهُ حينَ يَسكَرُ
وَقَد خيرَ لي في الهَجرِ لَو كُنتُ صابِراً / وَمَن ذا عَلى هَجرِ الأَحِبَّةِ يَصبِرُ
أُجَرِّبُ بِالهِجرانِ نَفسي لَعَلَّها / تُفيقُ فَيَزدادُ الهَوى حينَ أَهجُرُ
وَأَحذَرُ أَن تَطغى إِذا بُحتُ بِالهَوى / فَأَكتُمُها جُهدي هَواها وَيَظهَرُ
أَغارُ عَلى طَرفي لَها وَكَأَنَّما / إِذا رامَ طَرفي غَيرَها لَيسَ يُبصِرُ
وَما عَرَضَت لي نَظرَةٌ مُذ عَرَفتُها / فَأَنظُرُ إِلاّ مُثِّلَت حَيثُ أَنظُرُ
فَيا واثِقاً مِنّي بِما قَد بَدا لَهُ / وَأَكثَرُ مِنهُ ما أُجِنُّ وَأُضمِرُ
تَفَكَّر فَما تَدري لَعَلَّكَ تُبتَلى / بِما بي وَيَصحو عَنكَ قَلبي وَيَصبِرُ
أَراجِعَةٌ تِلكَ اللَيالي كَعَهدِنا / بِهِنَّ وَمِصبَاحُ المَوَدَّةِ يَزهَرُ
إِذا ما اِستَقَلَّت رَدَّها عَن قِيامِها / لها عَجُزٌ عَنهُ المَآزِرُ تَقصُرُ
أَلا أَيُّها الناهونَ عَنها سَفاهَةً / قَدِ اِزدادَ وَجدي مُذ نَهَيتُم فَأَقصِروا
هُمُ كَتَموني سِرَّهُم حينَ أَزمَعوا
هُمُ كَتَموني سِرَّهُم حينَ أَزمَعوا / وَقالوا اِتَّعِدنا لِلرَواحِ وَبَكَّروا
فَوا حَزَني أَن كانَ آخِرَ عَهدِنا / بِهِم ذَلِكَ اليَومُ الَّذي أَتَذَكَّرُ
وَإِنّي لَأَهوى أَن أَرَى بَعضَ أَهلِها / وَإِن كانَ مِنهُم شانِئٌ يَتَذَمَّرُ
وَأَبدَأُ ما اِستَخبَرتُ عَنها بِغَيرها / لِتَحسَبَني عَن غَيرِها أَتَخَبَّرُ
وَقَد مُلِّيَت لينَ الشَبابِ كَأَنَّها / قَضيبٌ مِنَ الرَيحانِ رَيّانُ أَخضَرُ
أَتاني كِتابٌ مِن مَليكٍ بِخَطِّهِ
أَتاني كِتابٌ مِن مَليكٍ بِخَطِّهِ / فَما أَعظَمَ النُعمى وَما أَضعَفَ الشُكرا
فَظَلَّت تُناجيني بِما في ضَميرِها / أَنامِلُ قَد خَطَّت بِأَقلامِها سِحرا
وَإِني لَأَستَبطي المَنِيَّةَ كُلَّما / ذَكَرتُ الَّتي لا أَستَطيعُ لَها ذِكرا
فَلمّا تَفَهَّمتُ الكِتابَ رَدَدتُهُ / إِلَيها وَلَم أَبعَث بِرَدٍ لَهُ سَطرا
لَعَمري لَئِن أَقرَرتُمُ العَينَ بِالَّذي
لَعَمري لَئِن أَقرَرتُمُ العَينَ بِالَّذي / فَعَلتُم لَقَد أَسخَنتُمُ العَينَ أَكثَرا
سَلي إِن جَهِلتِ الحُبَّ مَن ذاقَ طَعمَهُ / وَإِن كُنتِ لا تَلقَين مِثلي مُخبِرا
لَقَد حُجِبَت عَينايَ عَن كُلِّ مَنظَرٍ / وَما خُلِقَت عَينايَ إِلّا لِتَنظُرا
وَقَد قَشَعَت عَني ظَلومُ بِصَدِّها / سَحابَ نَوالٍ بَعدَما كَانَ أَمطَرا
لَعَمري لَئِن أَمسى بِغَيرِكِ ظَنُّهُم
لَعَمري لَئِن أَمسى بِغَيرِكِ ظَنُّهُم / لَذَلِكَ أَخفى لِلوِصالِ وَأَستَرُ
يَظُنُّ بِيَ الناسُ الظُنونَ وَأَنتُمُ / هَوايَ الَّذي أُخفي إِلى يَومَ أُقبَرُ
فَلا تَحمِلي ذَنباً عَليَّ مَقالَهُم / وَلا تَذكُري مِن ذاكَ ما ليسَ يُذكَرُ
وَحَوراءَ مِن حورِ الجِنانِ مَصونَةٍ
وَحَوراءَ مِن حورِ الجِنانِ مَصونَةٍ / يَرى وَجهَهُ في وَجهِها كُلُّ ناظِرِ
وَقَفتُ بِها لا أَستَطيعُ إِشارَةً / وَلا نَظَراً وَالطَرفُ لَيسَ بِصابِرِ
فَما طَرَفَت عَينايَ لَمّا تَعَرَّضَت / لِشَيءٍ سِوى إيمائِها بِالمَحاجِرِ
تَواقَفَ مَعشوقانِ ثُمَّ تَناظَرا / فَما مَلكا فَيضَ الدُموعِ البَوادِرِ
تَضِنُّ إِذا اِستَمنَحتُها لِيَ نَظرَةً
تَضِنُّ إِذا اِستَمنَحتُها لِيَ نَظرَةً / أُداوي بِها ما يُحدِثُ الحُبُّ في صَدري
وَإِنّي لَتَبدو لي الكَواعِبُ كَالدُمى / فَيَحفَظُ قَلبي غَيبَها وَهيَ لا تَدري
وَيَحجُزُني مَن لا أَرى دونَ ما أَرى / شَهيدي عَلَيه عالَمُ السِرِّ وَالجَهرِ
وَيَحزُنُ قَلبي سِرَّها وَيَصونُهُ / وَلَيسَ لَدَيها مِن حِفاظٍ وَلا شُكرِ
خَشيتِ صُدودي لَيسَ ذاكَ بِكائِنٍ
خَشيتِ صُدودي لَيسَ ذاكَ بِكائِنٍ / أَتى دُونَهُ حُبٌّ لِعَينَيَّ مُسهِرَ
فَلو أَنَّ لي صَبراً لَقُلتُ لَعَلَّني / أَصُدُّ وَلكِن لَستُ وَاللَهِ أَصبِرُ
أَلا لَيتَ شِعري كَيفَ أَصبَحَ عَهدُها
أَلا لَيتَ شِعري كَيفَ أَصبَحَ عَهدُها / أَدامَ عَلى ما كانَ أَم قَد تَغَيَّرا
فإِن يَكُ مَرُّ الدَهرِ غَيَّرَ وُدَّها / وَأَودى بِهِ طولُ الزَمانِ فَأَدبَرا
فَإِني لَباقي الوُدِّ لا مُتَبَدِّلٌ / سِواها بِها حَتّى أَموتَ فَأُقبَرا
فَلَم أَرَ مِثلَ الحُبِّ أَبلى لِأَهلِهِ / وَلا مِثلَ أَهلِ العِشقِ أَشقى وَأَصبَرا
وَأَهجُرُ عَمداً كَي يُقالَ لَقَد سَلا
وَأَهجُرُ عَمداً كَي يُقالَ لَقَد سَلا / وَلَستُ بِسالٍ عَن هَواكِ إِلى الحَشرِ
وَلكِن إِذا كانَ المُحِبُّ عَلى الَّذي / يُحِبُّ شَفيقاً عامَلَ الناسَ بِالهَجرِ
وَإِنّي لَقاسي القَلبِ إِن كُنتُ صابِراً
وَإِنّي لَقاسي القَلبِ إِن كُنتُ صابِراً / وَحِبّي غَدا فيمَن يَسيرُ يَسيرُ
فَإِن لَم أَمُت غَمّاً وَهَمّاً وَحَسرَةً / فَلي حَسَراتٌ بَعدَهُ وَزَفيرُ
سَأَلتُكُمُ عَن سَيرِكُم فَكَتَمتُمُ / وَقَد حانَ مِنكُم لِلفِراقِ بُكورُ
وَكَيفَ نَوَوا بَيناً وَأَنتِ أَميرَةٌ / عَلى كُلِّ بَينٍ ما عَلَيكِ أَميرُ
عَرَضتُ عَلى قَلبي الفِراقَ فَقالَ لي
عَرَضتُ عَلى قَلبي الفِراقَ فَقالَ لي / مِنَ الآنَ فَاِيأَس لا أَغُرُّكَ مِن صَبرِ
إِذا صَدَّ مَن أَهوى وَأَسلَمَني العَزا / فَفُرقَةُ مَن أَهَوى أَحَرُّ مِنَ الجَمرِ
وَما طِبتُ نَفساً عَنكِ لَمّا هَجَرتِني
وَما طِبتُ نَفساً عَنكِ لَمّا هَجَرتِني / وَلَيسَ سُكوتي عَن سُلُوٍّ وَلا صَبرِ
وَلَكِن سَخَت نَفسي بِنَفسي لِتَبلُغي / رِضاكِ بِقَتلي إِن عَزَمتِ عَلى الهَجرِ
وَأَيقَنتُ أَنّي إِن تَكَلَّمتُ ضَرَّني / كَلامي فَآثَرتُ السُكوتَ عَلى الخُسرِ
أَلا كَتَبَت تَنهى وَتَأَمُرُ بِالهَجرِ
أَلا كَتَبَت تَنهى وَتَأَمُرُ بِالهَجرِ / فَقُلتُ لَها يالَيتَ قَلبَكِ في صَدري
سَأَهجُرُ كَي تَرضَي وَأَهلِكَ حَسرَةً / وَحَسبِيَ أَن تَرضَي وَيُهلِكَني هَجري
وَمَحجوبَةٍ في الخِدرِ عَن كُلِّ ناظِرٍ / وَلَو بَرَزَت في اللّيلِ ما ضَلَّ مَن يَسري
يُقَطِّعُ قَلبي حُسنُ خالٍ بِخَدِّها / إِذا سَفَرَت عَنهُ وَيَنفُثُ بِالسِحرِ
لَخالٌ بِذاكَ الخَدِّ أَحسَنُ عِندَنا / مِنَ النُكتَةِ السَوداءِ في وَضَحِ البَدرِ
لِيَهنِئَكُمُ أَن قَد أَرَحتُم قُلوبَكُم / وَأَن قَد قَذَفتُم بِالصَبابَةِ في سَحري
إِذا ما دَعَوتُ الصَبرَ بَعدَكِ وَالبُكا
إِذا ما دَعَوتُ الصَبرَ بَعدَكِ وَالبُكا / أَجابَ البُكا طَوعاً وَلَم يُجِبِ الصَبرُ
فَإِن تَقطَعي مِنكِ الرَجاءَ فَإِنَّهُ / سَيَبقى عَلَيكِ الحُزنُ ما بَقِيَ الدَهرُ
أَخٌ لا رَأَيتُ السوءَ فيهِ فَإِنَّني
أَخٌ لا رَأَيتُ السوءَ فيهِ فَإِنَّني / إِلى أَن تَعافى نَفسُهُ لَفَقيرُ
أَعودُ فَلا أَلقاهُ فيمَن يَعودَهُ / وَيَلقاهُ عُوّادٌ سِوايَ كَثيرُ
كَتَمتُ وَمَن أَهوى هَوانا فَلَم نَبُح
كَتَمتُ وَمَن أَهوى هَوانا فَلَم نَبُح / وَقَد كانَتِ الأَسرارُ بِاللَمحِ تَظهَرُ
فَنَحنُ كِلانا مُقصَدٌ في فُؤادِهِ / مِنَ الشَوقِ نارٌ حَرُّها يَتَسَعَّرُ
فَلا أَنا أُبدي ما أُجِنُّ وَلا الَّذي / بِهِ مِثلُ ما بي لِلمَخافَةِ يَذكُرُ
فَيا عَجَبا مِنّي وَمِنها وَصَبرُنا / عَلى ما نُلاقي كَيفَ نَصبو وَنصبِرُ
وَما صَبرُنا أَلّا نَبوحَ فَنَشتَكي / سَرائِرَ ما يُخفي الضَميرُ وَيُضمِرُ
مَلالاً وَلَكِن نَتَّقي قَولَ كاشِحٍ / يُبَلِّغُ عَنّا ما نَقولُ وَيُظهِرُ
فَنَكتُمُ ما يُخفي الضَميرُ تَحَفُّظاً / وَخَيرُ الهَوى ما كانَ يُخفى وَيُستَرُ
عَلى أَنَّهُ يَبدو مِراراً مِنَ الفَتى / طَوالِعُ إِن هاجَ الفُؤادَ التَذَكُّرُ
إِذا غَلَبَ الصَبرَ البُكاءُ وَهُيِّجَت / تَباريحَهُ فَالصَبُّ بِالذِكرِ يُعذَرُ
هَجَرتُم وَلَم نَقِدر عَلى ما قَدَرتُمُ
هَجَرتُم وَلَم نَقِدر عَلى ما قَدَرتُمُ / عَلَيهِ وَأَنتُم تَرقُدونَ وَنَسهَرُ
أَدومُ بِعَهدي ما حَييتُ وَقَلَّ مَن / يَدومُ عَلى عَهدٍ وَلا يَتَغَيَّرُ
وَمُستَفتِحٍ بابَ البَلاءِ بِنَظرَةٍ
وَمُستَفتِحٍ بابَ البَلاءِ بِنَظرَةٍ / تَزَوَّدَ مِنها حَسرَةً آخِرَ الدَهرِ
فَوَاللَهِ ما يَدري أَتَدري بِما جَنَت / عَلى قَلبِهِ أَو أَهلَكَتهُ وَما تَدري
أَنا الهائِمُ المَشغوفُ بِالبَدرِ إِذ بَدا / وَهَيهاتَ مَن لي بِالسَبيلِ إِلى البَدرِ
وَما اِستَمكَنَت عَيني مِنَ النَظَرِ الَّذي / أُداوي بِهِ قَلبي وَأَشفي بِهِ صَدري
وَلَو كانَ حُبّيها كَما هِيَ أَهلُه / لَمُتُّ وَما لي غَيرُ ذَلِكَ مِن عُذرِ
تَخاذَلَتِ الأَوصالُ مِنّي فَلَم أُطِق / نُهوضاً بِوَقرِ الحُبِّ وَالحُبُّ ذو وَقرِ
وَلِلشَوقِ سُلطانٌ عَلى الدَمعِ كُلَّما / دَعاهُ تَداعى غَيرَ وانٍ وَلا نَزرِ