القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ذو الرّمَة الكل
المجموع : 19
لَقَد جَشَأَت نَفسي عَشيَّةَ مُشرِفٍ
لَقَد جَشَأَت نَفسي عَشيَّةَ مُشرِفٍ / وَيَومَ لِوى حُزوى فَقُلتُ لَها صَبرا
نَحِنُّ إِلى مَيٍّ كَما حَنَّ نازِعٌ / دَعاهُ الهَوى فَارتادَ مِن قَيدِهِ قَصرا
فَقُلتُ اِربَعا يا صاحِبَيَّ بِدِمنَة / بِذي الرِمثِ قَد أَقوَت مَنازِلُها عَصرا
أَرَشَّت بِها عَيناكَ حَتّى كَأَنَّما / تَحُلّانِ مِن سَفح الدُموعِ بِها نَذرا
وَلا مَيَّ إِلا أَن تَزورَ بِمُشرِفٍ / أَو الزُرقِ مِن أَطلالِها دِمَناً قَفرا
تَعَفَّت لِتهتانِ الشِتاءِ وَهَوَّشَت / بِها نآئِجاتُ الصَيفِ شَرقيَّةً كُدرا
فَما ظَبيَةٌ تَرعى مَساقِطَ رَملَةٍ / كَسا الواكِفُ الغادي لَها وَرَقاً نَضرا
تِلاعاً هَراقَت عِندَ حَوضى وَقابَلَت / مِنَ الحَبلِ ذي الأَدعاصِ آمِلَةً عُفرا
رَأَت أَنَساً عِنَد الخَلاءِ فَأَقبَلَت / وَلَم تُبدِ إِلّا في تَصَرُّفِها ذُعرا
بِأَحسَنَ مِن مَيٍّ عَشيَّةَ حاولَت / لِتَجعَلَ صَدعاً في فُؤادِكَ أَو وَقرا
بِوَجهٍ كَقَرنِ الشَمس حُرٍّ كَأَنَّما / تَهيضُ بِهَذا القَلبِ لَمحَتُهُ كَسرا
وَعَينٍ كَأَنَّ البابِليّينِ لبَّسا / بِقَلبِكَ مِنها يَومَ مَعقُلَةٍ سَحرا
وَذي أَشُر كَالأَقحوانِ اِرتَدتَ بِهِ / حَناديجُ لَم يَقرَب سِباخاً وَلا بَحرا
وَجيدٍ وَلَبّاتٍ نَواصِعَ واضِحٍ / إِذا لَم تَكُن مِن نَضحِ جادِيّها صُفرا
فَيا مَيُّ ما أَدراكِ أَينَ مُناخُنا / مُعَرَّقَةَ الأَلحي يَمانيَةً سُجرا
قَدِ اِكتَفَلَت بِالحَزنِ وَاِعوَجَّ دونَها / ضَوارِبُ مِن خَفّانَ مُجتابَةٌ سِدرا
حَراجيجَ ما تَنفَكُّ إِلّا مُناخَةً / عَلى الخَسفِ أَو نَرمي بِها بَلَداً قَفرا
أَنَخنَ لِتَعريسٍ فَمِنهُنَّ صارِفٌ / يُغَنّي بِنابَيهِ مُطَلّحَةً صُعرا
وَمُنتَزِعٍ مِن بَينِ نِسعَيهِ جِرَّةً / نَشيجِ الشَجا جآءَت إِلى ضِرسِهِ نَزرا
طَواهَنَّ قَولُ الرَكبِ سيروا إِذا اِكتَسى / مِنَ الَليلِ أَعلى كُلِّ رابيَةٍ خِدرا
وَتَهجيرُنا وَالمَروُ حامٍ كَأَنَّما / يَطَأنَ بِهِ وَالشَمسُ حامِيَةٌ جَمرا
وَأَرضٍ خَلاءٍ تَسحَلُ الريحُ مَتنَها / كَساها سَوادُ الَليلِ أَردِيَةً خُضرا
قَموسٍ بِخِمسِ الرَكبِ تَيهآءَ ما يُرى / بِها الناسُ إِلّا أَن يَمُرّوا بِها سَفرا
طَوَتها بِنا الصُهبُ المَهارى فَأَصبَحَت / تَناصيبُ أَمثالَ الرِماحِ بِها غُبرا
مِنَ البُعدِ خَلفَ الرَكبِ يَلوونَ نَحوَها / بِأَعناقِهِم كَم دونَها نَظَراً شَزرا
إِذا خَلَّفَت أَعناقُهُنَّ بَسيطَةً / مِنَ الأَرضِ أَو خَشنآءَ أَو جَبَلاً وَعرا
نَظَرنَ إِلى أَعناقِ رَملٍ كَأَنَّما / يَقودُ بِهِنَّ الآلُ أَحصِنَة شُقرا
وَسِقطٍ كَعَينِ الديكِ عاوَرتُ صاحِبي / أَباها وَهَيَّأنا لِمَوقِعِها وَكرا
مُشَهَّرَةٍ لا يُمِكنُ الفَحلُ أُمَّها / إِذا نَحنُ لَم نُمسِك بِأَطرافِها قَسرا
أَخوها أُبوها والضَوى لا يَضُرُّها / وَساقُ أَبيها أُمُّها اِعتَقَرَت عَقرا
قَدِ اِنتَتَجَت مِن جانِبٍ مِن جُنوبِها / عَواناً وَمِن جَنب إِلى جَنبِها بِكرا
فَلَمّا بَدَت كَفَّنتُها وَهيَ طِفَلةٌ / بِطَلسآءَ لَم تَكمُل ذِراعاً وَلا شِبرا
فَقُلتُ لَهُ اِرفَعها إِلَيكَ وَأَحيِها / بِروحِكَ وَاِقتَتهُ لَها قيتَة قَدرا
وَظاهِر لَها مِن يابِسِ الشَختِ وَاِستَعِن / عَلَيها الصَبا وَاجعَل يَدَيكَ لَها سِترا
وَلَمّا تَنَمَّت تَأَكُلُ الرِمَّ لَم تَدَع / ذَوابِلَ مِمّا يَجَمعونَ وَلا خُضرا
فَلَمّا جَرَت في الجَزلِ جَرياً كَأَنَّهُ / سَنا الفَجرِ أَحدَثنا لِخالِقِنا شُكرا
وَقَريَةِ لا جِنٍّ وَلا أَنَسِيَّة / مُداخِلَةٍ أَبوابُها بُنِيَت شَزرا
نَزَلنا بِها لا نَبتَغي عِنَدها القِرى / وَلَكِنَّها كانَت لِمَنزِلِنا قَدرا
وَمَضروبَةٍ في غَيِرِ ذَنب بَريئَةٍ / كَسَرتُ لِأَصحابي عَلى عَجَل كَسرا
وَسَودآءَ مِثلِ التُرسِ نازَعتُ صُحبَتي / طَفاطِفَها لَم نَستَطِع دونَها صَبرا
وَأَبيَضَ هَفّافِ القَميصِ أَخَذتُهُ / فَجِئتُ بِهِ لِلقَومِ مُغتَصِباً ضَمرا
وَمَقرونَةٍ مِنها يَدَيها بِرِجلِها / حَمَلتُ لِأَصحابي وَوَلَّيتُها قُترا
مُكَنِّيَّةٍ لَم يَعلَمِ الناسُ ما اِسمُها / وَطِئنا عَلَيها ما تَقولُ لَنا هُجرا
وَإِن ظُلِمَت لَم تَنتَصِر مِن ظَلامَةٍ / وَلَم تُبدِ ناباً لِلقِتالِ وَلا ظُفرا
وَأَسوَدَ وَلاّجٍ بِغَيرِ تَحِيَّةٍ / عَلى الحَيِّ لَم يُحرِم وَلَم يَحتَمِل وِزرا
قَبَضتُ عَلَيهِ الخَمسِ ثُمَّ تَرَكتُهُ / وَلَم أَتَّخِذ إِرسالَهُ عِندَهُ ذُخرا
وَمَيِّتَةِ الأَجلادِ يَحيا جَنينُها / لأَِوَّلِ حَملٍ ثُمَّ يورِثُها عُقرا
وَأَشعَثَ عاري الضَرَّتَينِ مُشَجَّجٍ / بِأَيدي السَبايا لا تَرى مِثلَهُ جَبرا
كَأَنَّ عَلى أَعراسِهِ وَبِنائِهِ / وَئيدَ جِيادٍ قُرَّحٍ ضَبَرَت ضَبرا
وَداعٍ دَعاني لِلنَدى وَزُجاجَةٍ / تَحَسَّيتُها لَم تَقنِ ماءً وَلا خَمرا
وَذي شُعَبٍ شَتّى كَسَوتُ فُروجَهُ / لِغاشيَةٍ يَوماً مُقَطَّعَة حُمرا
وَخَضراءَ في وَكرَينَ عَرعَرتُ رَأَسَها / لِأُبلي إِذ فارَقتُ في صُحبَتي عُذرا
وَفاشَيةٍ في الأَرضِ تُلقي بَناتِها / عَواريَ لا تُكسى دُروعاً وَلا خُمرا
قَرآئِنَ أَشباهٍ غُذينَ بِنَعَمةٍ / مِنَ العَيشِ إِلّا أَنَّها خُلِقَت زُعرا
مُحَملَجَةَ الأَمراسِ مُلساً مُتونُها / سَقَتها عُصاراتُ الثَرى فَبَدَت عُجرا
إِذا ما المَطايا سُفنَها لَم يَذُقنَها / وَإِن كَانَ أَعلى نَبِتها ناعِماً نَضرا
وَأَقصَمَ سَيّارٍ مَعَ الحَيّ لَم يَدَع / تَراوحُ حافاتِ السَماءِ لَه صَدرا
وَأَصغَرَ مِن قَعبِ الوَليدِ تَرى بِهِ / قِباباً مُبَنّاةً وَأَوديَةً خُضرا
وَشِعبٍ أَبى أَن يَسلُكَ الغُفرُ بَينَهُ / سَلَكتُ قُرانى مِن قَياسِرَةٍ سُمرا
وَمَربوعَةٍ رِبعيَّةٍ قَد لَبأتُها / بِكَفَّيَّ مِن دَوِّيَّةٍ نَفَراً سَفرا
وَوارِدَةٍ فَرداً وَذاتِ قَرينَةٍ / تُبَيّنُ ما قالَت وَما نَطَقَت شِعرا
وَبَيضاءَ لَم تَطبَع وَلَم تَدرِ ما الخَنا / تَرى أَعيُنَ الشُّبَانِ مِن دوَنها خُزرا
إِذا مَدَّ أَصحابُ الصِبا بِأَكُفِّهِم / إِلَيها لِيُصبوها أَتَتهُم بِها صِفرا
وَمُنسَدِح بَينَ الرَجا لَيسَ يَشتَكي / إِذا ضَجَّ وَاِبتَلَّت جَوانِبُهُ فَترا
وَحامِلَة سِتّينَ لَم تَلقَ مِنهُمُ / عَلى مَوطِنٍ إِلّا أَخا ثِقَةٍ بَدرا
وَإِن ماتَ مِنهُم واحِدٌ لا يُهِمُّها / وَإِن ضَلَّ لَم تَتبَعهُ في بَلَدٍ شِبرا
وَأَسمَرَ قَوّامٍ إِذا نامَ صُحبَتي / خَفيفِ ثِيابٍ لا تُواري لَهُ أَزرا
عَلى رَأسِهِ أُمٌّ لَهُ يَهتَدي بِها / جِماعَ أُمورٍ لا يُعاصي لَها أَمرا
إِذا نَزَلَت قيلَ اِنزِلوا وَإِذا / عَدَت ذاتُ بِرزيقٍ تَخالُ بِها فَخرا
فَلَو كانَ عِمرانُ بنُ موسى أَتَمَّها
فَلَو كانَ عِمرانُ بنُ موسى أَتَمَّها / وَلَكِنَّ عِمرانَ بنَ حَيداءَ أَقصَرا
فَسَت أُمُّ موسى فَوقَهُ حينَ طَرَّقَت / فَما زالَ مِنها مُنتِنَ الريحِ أَبخَرا
لَئِن كانَ موسى لَحَّ مِنكَ بِدَعَوةٍ / لَقَد كانَ مِن ثُؤلولِ أَنفِكَ أَوجَرا
ألَا يا اِسلَمِي يا دارَ مَيٍّ عَلى البِلَى
ألَا يا اِسلَمِي يا دارَ مَيٍّ عَلى البِلَى / وَلا زالَ مُنهَلا بِجَرعائِكِ القَطرُ
فَإِن لَم تَكونِي غَيرَ شامٍ بِقَفرَةٍ / تَجُرُّ بِها صَيفِيَّةٌ كُدرُ
أَقامَت بِها حَتّى ذَوَى العودُ في الثَرَى / وَساقَ الثُرَيّا في مُلآءَتِهِ الفَجرُ
وَحَتّى اِعَتَرى البُهمَى مِنَ الصَيفِ نافِضٌ / كَما نَفَضَت خَيلٌ نواصِيَها شُقرُ
وَخاضَ القَطا في مَكرَعِ الحَيّ باللِوى / نِطافاً بَقاياهُنَّ مَطروقَةٌ صُفرُ
فَلَمّا مَضَى نَوءُ الزُبانَى وَأَخلَفَت / هَوادٍ مِن الجَوزآءِ وَاِنغَمَسَ الغَفرُ
رَمى أُمَّهاتِ القُردِ لَذعٌ مِنَ السَفا / وَأَحصَدَ مِن قُريانِهِ الزَهَرُ النَضرُ
وَأَجلَى نَعامُ البِينِ وَاِنَقلَبَت بِنا / نَوىً عَن نَوى مَيٍّ وَجاراتِها شَزرُ
وَقَرَّبنَ بِالزُرقِ الجَمائِلَ بَعدَما / تَقَوَّبَ عَن غِربانِ أَوراكِها الخَطرُ
صُهابِيَّةً غُلبَ الرِقابِ كَأَنَّما / تُناطُ بِأَلحِيها فَراعلَةٌ غُثرُ
تَخَيَّرنَ مِنها قَيَسرِياً كَأَنَّهُ / وَقَد أَنهَجَت عَنهُ عَقيقَتُهُ قَصرُ
رَفَعنَ عَلَيهِ الرَقمَ حَتّى كَأَنَّهُ / سَحوقٌ تَدَلَّى مِن جَوانِبِها البُسرُ
فَوَاللَهِ ما أَدري أَجَولانُ عَبَرةٍ / تَجودُ بِها العَينانِ أَحجى أَم الصَبرُ
فَفي هَمَلانِ العَينِ مِن غُصَّةِ الهَوى / شِفاءٌ وَفي الصَبرِ الجَلادَةُ والأَجرُ
إِذا الهَجرُ أَودى طولُهُ وَرَقَ الهَوى / مِنَ الإِلفِ لَم يَقطَع هَوى مَيَّةَ الهَجرُ
تَميمِيَّةٌ حُلالَةٌ كُلَّ شَتوَةٍ / بحِيثُ اِلتَقى الصَمَّانُ وَالعَقَدُ العُفرُ
بِأَرضٍ هِجانِ التُربِ وَسِميَّةِ الثَّرى / عَذاةٍ نَأَت عَنها المُلوحَةُ وَالبَحرُ
تَحَلُّ اللِوى أَو جُدَّةَ الرَملِ كُلَّما / جَرَى الرِمثُ في مآءِ القَرينَةِ وَالسِدرُ
تَطيبُ بِها الأَرواحُ حَتَّى كَأَنَّما / يَخوضُ الدُجى في بَردِ أَنفاسِها العِطرُ
بِها فِرَقُ الآجالِ فَوضى كَأَنَّها / خَناطيلُ أَهمالٌ غُرَيرِيَّةٌ زُهرُ
حَرىً حِينَ يُمسي أَهلُها مِن فِنآئِهِم / صَهيلُ الجِيادِ الأَعَوجيَّاتِ والهَدرُ
لَها بَشَرٌ مِثلُ الحَريرِ وَمَنطِقُ / دَقيقُ الحَواشِي لا هُرآءٌ وَلا نَزرُ
وَعَينانِ قالَ اللَهُ كونا فَكانَتا / فَعولانِ بِالأَلبابِ ما تَفَعلُ الخَمرُ
وَتَبسِمُ لَمحَ البَرقِ عَن مُتَوَضِّحٍ / كَنَورِ الأَقاحِي شافَ أَلوانَها القَطرُ
فَما زِلتُ أَدعو اللَهَ في الدَارِ طامِعا / بِخَفضِ النَوى حَتَّى تَضَمَّنَها الخِدرُ
فَلَمّا اِستَقَلَّت في حُمولٍ كَأَنَّها / حَدائِقُ نَخلٍ القادِسِيَّةِ أَو حَجرُ
رَجَعتُ إِلى نَفسِي وَقَد كَادَ يَرتَقي / بِحَوبائِها مِن بَينِ أَحشائِها الصَدرُ
وَحَيرانَ مُلتَجٍّ كأَنَّ نُجومَهُ / وَرآءَ القَتامِ العاصِبِ الأَعيُنُ الخُزرُ
تَعَسَّفتُهُ بِالرَكبِ حَتَّى تَكَشَّفَت / عَنِ الصُهبِ وَالفِتيانِ أَرواقُهُ الخُضرُ
وَماء هَتَكتُ الدِمنَ عَن آجِناتِهِ / بِأَسارِ أَخماسٍ جَماجِمُها صُعرُ
تَرَوَّحنَ فَاعصَوصَبنَ حَتَّى وَرَدنَهُ / وَلَم يَلفِظِ الغَرثَى الخُدارِيَّةَ الوَكرُ
بِمِثلِ السُكارَى هَتَكوا عَن نِطافِهِ / غِشَاءَ الصَرى عَن مَنهَلٍ جَالُهُ حَفرُ
وَغَيدٍ نَشاوَى خَضخَضوا طامِياتِهِ / لَهُنَّ وَلَم يَدرُج بِهِ الخامِسُ الكُدرُ
كَأَنَّ مَجَرَّ العِيسِ أَطرافَ خُطمِها / بِحَيثُ اِنتَهى مِن كِرسِ مَركُوِّهِ العُقرُ
مَلاعِبُ حَيّاتٍ ذُكورٍ فَيَمَّمَت / بِنا مَصدَراً وَالشَمسُ مشن دونِها سِترُ
إِذا ما اِدَّرَعنا جَيبض خَرقٍ نَجَت بِنا / غُرَيرِيَّةٌ أُدمٌ هَجائِنُ أَو سُجرُ
حَراجيجُ تُغِليها إِذا صَفَقَت بِها / قَبائِلُ مِن حَيدانَ أَوطانُها الشِحرُ
تَراني وَمِثلَ السَيفِ يَرمي بِنَفسِهِ / عَلى الهَولِ لا خَوفٌ حَدانا وَلا فَقرُ
نَؤُمُّ بِآفاقِ السَماءِ وَتَرتَمي / بِنا بَينَها أَرجاءُ دَوِيَّةٍ غُبرُ
نَصي اللَيلَ بِالأَيّامِ حَتَّى صَلاتُنا / مُقاسَمَة يَشتَقُّ أَنصافَها السَّفرُ
نُبادِرُ إِدبارَ الشُعاع بِأَربَعٍ / مِنَ اِثنَينِ عِندَ اِثنَينِ مُمساهُما قَفرُ
إِذا صَمَحَتنا الشَمسُ كَانَ مَقيلَنا / سَماوَةُ بَيتٍ لَم يُرَوَّق لَهُ سِترُ
إِذا ضَرَبَتهُ الرِيحُ رَنَّقَ فَوقَنا / عَلى حَدِّ قَوسَينا كَما رَنَّقَ النَسرُ
عَجِبتُ لِفَخرٍ لاِمرِئِ القَيسِ كاذِبٍ / وَما أَهلُ حَورانَ اِمرُؤُ القَيسِ وَالفَخرُ
وَما فَخرُ مَن لَيسَت لَهُ أَوَّليَّةٌ / تُعَدُّ إِذا عُدَّ القَديمُ وَلا ذِكرُ
تُسَمَّى اِمُرؤُ القَيسِ اِبنَ سَعدٍ إِذا اِعَتزَت / وَتأَبى السِبالُ الصُهبُ وَالآنُفُ الحُمرُ
وَلَكِنَّما أَصلُ اِمرِئِ القَيسِ مَعشَرٌ / يَحِلَّ لَهُم لَحمُ الخَنازِيرِ وَالخَمرُ
نِصابُ اِمرِئِ القَيسِ العَبيدُ وَأَرضُهُم / مَجَرُّ المَساحِي لا فَلاةٌ وَلا مِصرُ
تَخَطَّى إِلى الفَقرِ اِمرُؤُ القَيسِ إِنَّهُ / سَوآءٌ عَلى الضَيفِ اِمرُؤُ القَيسِ وَالفَقرُ
تُحِبُّ اِمرُؤُ القَيسِ القِرى أَن تَنالَهُ / وَتَأَبى مَقارِيها إِذا طَلَعَ النَسرُ
هَلِ الناس إِلا يا اِمرَأَ القَيسِ غادِرٌ / وَوافٍ وَما فِيكُم وَفاءٌ وَلا غَدرُ
إِذا اِنتَمَتِ الأَجدادُ يَوماً إِلى العُلى / وَشُدَّت لأَيّامِ المُحافَظَةِ الأُزرُ
عَلا باعُ قَومي كُلَّ باعٍ وَقَصَّرَت / بِأَيدي اِمرِئ القِيسِ المَذَلَّةُ وَالحَقرُ
تَفوتُ اِمرَأَ القَيسِ المَعالي وَدونَها / إِذا اِئتَمَر الأَقوامُ يُحتَضَرُ الأَمرُ
فَما لاِمرِئِ القَيسِ الحَصى إِن عَدَدتَهُم / وَما كَانَ يُعطيها بِأَوتارِها القَسرُ
أَرِحمٌ جَرَت بِالودِّ بَينَ نِسائكم / وَبَينَ اِبنِ حَوطٍ يا اِمرَأَ القَيسِ أَم صِهرُ
تَحِنُّ إِلى قَصرِ اِبن حَوطٍ نساؤُكُم / وَقَد مالَ بِالأَجيادِ وَالعُذَرِ السُّكرُ
حَنينَ اللِقاحِ الخورِ حَرَّقَ نارَهُ / بِغولانِ حَوضَى فَوقَ أَكبادِها العِشرُ
وَما زالَ فِيهِم مُنذُ شَبَّت بَناتُهُم / عَوانٌ مِنَ السَوآتِ أَو سَوءَةٌ بِكرُ
وَإِنِّي لأَهجوكُم وَما لي بِسَبِّكُم / بِأَعراضِ فَومي عِندَ ذي نُهيَةٍ عُذرُ
خَليلَيَّ لا رَبعٌ بِوَهبينَ مُخبِرُ
خَليلَيَّ لا رَبعٌ بِوَهبينَ مُخبِرُ / وَلا ذو حِجىً يَستَنطِقُ الدارَ يُعذَرُ
فَسيرا فَقَد طالَ الوُقوفُ وَمَلَّهُ / قلَاَئِصُ أَمثالُ الحَنِيَّاتِ ضُمَّرُ
أَصاحٍ الَّذي لَو كَانَ مَا بي مِنَ الهَوى / بِهِ لَم أَدَعهُ لا يُعزَّى وَينُظَرُ
لَكَ الخَيرُ هَلاَّ عُجتَ إِذ أَنا وَاقِفٌ / أُغِيضُ البُكا في دارِ مَيٍّ وَأَزفَرُ
فَتَنظُرَ إِن مالَت بِصَبري صَبابَتي / إِلى جَزَعي أَم كَيفَ إِن كُنتُ أَصبِر
إِذا شِئتُ أَبكاني بِجَرعاءِ مالِكٍ / إِلى الدَحلِ مُستَبدىً لِمَيٍّ وَمَحضَرُ
وَبِالزُرقِ أَطلالٌ لِمَيَّةَ أَقفَرَت / ثلَاثَةَ أَحوالٍ تُراحُ وَتُمطَرُ
يَهيجُ البُكا أَن لا تَريمَ وَأَنَّها / مَمَرٌ لأَصحابِي مِراراً وََمنظَرُ
إِذا ما بَدَت حُزوى وَأَعرَضَ حارِكٌ / مِنَ الرَملِ تَمشي حولَهُ العِينُ أَعفَرُ
وَجَدتُ فُؤادِي كَادَ أَن يَستَفِزَّهُ / رَجيعُ الهَوى مِن بَعدِ ما يَتَذَكَّرُ
عَدَتني العَوادي عَنكِ يا مَيُّ بُرهَةً / وَقَد يُلتَوى دونَ الحَبيبِ فَيُهجَرُ
عَلى أَننَّي في كُلِّ سَيرٍ أَسيرُهُ / وَفي نَظَري مِن نَحوِ دارِكِ أَصوَرُ
فَإِن تُحدِثِ الأَيَّامُ يا مَيُّ بَينَنا / فلَا ناشِرٌ سِرَّاً وَلا مُتَغيِّرُ
أَقولُ لِنَفسي كُلَّما خِفتُ هَفوَةً / مِنَ القَلبِ في آثارِ مَيٍّ فَأُكثِرُ
ألَا إِنَّما مَيِّ فَصَبراً بَلِيَّةٌ / وَقَد يُبتَلى الحُرُّ الكَريمُ فَيَصبِرُ
تُذَكِّرُني مَيّاً مِنَ الظَّبي عَينُهُ / مِراراً وَفاها الأُقحوانُ المُنَوِّرُ
وَفي المِرطِ مِن مَيٍّ تَوالي صَريمَةٍ / وَفي الطَوقِ ظَبيٌ واضِحُ الجِيدِ أَحوَرُ
وَبَينَ مَلاثِ المِرطِ والطَوقِ نَفنَفٌ / هَضيمُ الحَشا رَأَدُ الوِشاحَينِ أَصفَرُ
وَفي العاجِ مِنها وَالدَماليجِ وَالبُرى / قَناً مالِئٌ لِلعَينِ رَيّانُ عَبَهرُ
خَراعيبُ أُملودٍ كَأَنَّ بَنانَها / بَناتُ النَقا تَخفَى مِراراً وَتَظهَرُ
تَرى نِصفَها نِصفاً قَناةً قَويمَةً / وَنِصفاً نَقاً يَرتَجُّ أَو يَتَمَرمَرُ
تَنوءُ بِأُخراها فَلأَياً قِيامُها / وَتَمشي الهَوينا مِن قَريبٍ فَتَبهُرُ
وَماءٍ كَلَونِ الغِسلِ أَقوى فَبَعضُهُ / أَواجِنُ أَسدامٌ وَبَعضٌ مُعَوَّرُ
وَرَدتُ وَأَردافُ النُجومِ كَأَنَّها / قَناديلُ فِيهِنَّ المَصابِيحُ تَزهَرُ
وَقَد لاحَ للسّاري الَّذي كَمَّلَ السُرَ / عَلى أُخرَياتِ اللَيلِ فَتقٌ مٌشَهَّرُ
كَلونِ الحِصانِ الأَنبَطِ البَطنِ قَائِماً / تَمايَلَ عَنهُ الجُلُّ وَاللَونُ أَشقَرُ
تُهاوي بي الظَلماءَ حَرفٌ كَأَنَّها / مَسَيَّحُ أَطرافُ العَجيزَةِ أَصحَرُ
سِنادٌ كَأَنَ المِسحَ في أُخَرياتِها / عَلى مِثل خَلقاءِ الصَفا حِينَ تَخطِرُ
نَهوضٌ بِأُخراها إِذا ما اِنبَرى لَها / مِنَ الأَرضِ نَهّاضُ الحَزابِيِّ أَغبَرُ
مُغَمِّضُ أَطرافَ الخُبوتِ إِذا اِكتَسى / مِنَ الآلِ جُلاًّ نازِحُ الماءِ مُقفِرُ
تَرى فِيهِ أَطرافَ الصَحارى كَأَنَّها / خَياشيمُ أَعلامٍ تَطولُ وَتَقصُرُ
يَظَلُّ بِها الحِرباءُ لِلشَّمس ماثِلا / عَلى الجَذلِ إِلا أَنَّهُ لا يُكَبِّرُ
إِذا حَوَّلَ الظِلُّ العَشِيَّ رَأَيتَهُ / حَنيفاً وَفي قَرنِ الضُحى يَتَنَصَّرُ
غَدا أَكهَبَ الأَعلَى وَراحَ كَأَنَّهُ / مِنَ الضِحِّ وَاِستِقبالِهِ الشَمسَ أَخضَرُ
أَنا اِبنُ الَّذين اِستَنزَلوا شَيخَ وائِلٍ / وَعَمرَو بنَ هِندٍ وَالقَنا يَتَكَسَّرُ
سَمَونا لَهُ حَتَّى صَبَحنا رِجالَهُ / صُدورَ القَنا فَوقَ العَناجيجِ تَخطِرُ
بِذي لَجَبٍ تَدعو عَديّاً كُماتُهُ / إِذا عَثَّنَت فَوقَ القَوانِسِ عِثيَرُ
وَإِنّا لَحَيٌّ ما تَزالُ جِيادُنا / تُوَطِّئُ أَكبادَ الكُماةِ وَتأَسِرُ
أَخَذنا عَلى الجَفَرينِ آلَ مُحَرِّقٍ / وَلاقَى أَبو قابوسَ مِنّا وَمُنذِرُ
وَأَبرَهَةَ اِصطادَت صُدورُ رِماحِنا / جِهارَاً وَعُثنونُ العَجاجَةِ أَكدَرُ
تَنَحَّى لَهُ عَمروٌ فَشَكَّ ضُلوعَهُ / بِنافِذَةٍ نَجلاءَ وَالخَيلُ تَضبِرُ
أَبي فارِسُ الحَواءِ يَومَ هُبالَةٍ / إِذ الخَيلُ في القَتلى مِنَ القَومِ تَعثُرُ
يُقَدِّمُها لِلمَوتِ حَتَّى لَبانُها / مِنَ الطَعنِ نَضّاحُ الجَدِيّاتِ أَحمَرٌ
كَأَن فُروجَ اللأَمَةِ السّردِ شَدَّها / عَلى نَفسِهِ عَبلُ الذِراعَينِ مُخدِرُ
وَعَمِّي الَّذي قادَ الرِبابَ جَماعَةً / وَسَعداً هوَ الرَأَسُ الرَئِيسُ المُؤَمَّرُ
يَزيدُ بنُ شَدّادِ بنِ صَخرِ بنِ مَالِكٍ / وَذَلِكَ عَمّي العُدمُلِيُّ المُشَهَّرُ
عَشيَّةَ أَعَطتنا أَزِمَّةَ أَمرِها / ضِرارُ بَنو القَرمِ الأَغَرِّ وَمِنقَرُ
أَبَت إِبِلي أَن تَعرِفَ الضَيمَ نِيبُها / إِذا اِجتِنبَ لِلحَربِ العَوانِ السَنَوَّرُ
أَبَى عِزُّ قَومي أَن تَخافَ ظَعائِني / صِياحاً وَأَضعافُ العَديدِ المُجَمهِرُ
لَها حَومَةُ العِزَّ الّتي لا يَرومُها / مُخيضٌ وَمِن عَيلانَ نَصرٌ مُؤَزَّرُ
تَجُرَُ السَلوقيَّ الرِبابُ وَراءَها / وَسَعدٌ يَهُزّونَ القَنا حِينَ تُذعَرُ
وَعَمرٌو وَأَبناءُ النَوارِ كَأَنَّهُم / نُجومُ الثُريَّا في الدُجا حِينَ تَبَهرُ
فَهَل شاعِرٌ أَو فاخِرٌ غَيرُ شاعِرٍ / بِقَومٍ كَقَومي أَيُّها الناسُ يَفخَرُ
عَلا مَن يُصَلِّي مِن مَعَدٍّ وَغَيرِها / بِطَمٍّ كَأَهوالِ الدُجَى حِينَ يَزخَرُ
هُمُ المَنصِبُ العادِيُّ مَجداً وَعِزَّةً / وَهُم مِن حَصى الدَهنا وَيَبرينَ أَكثَرُ
وَهُم عَلَّموا الناسَ الرِياسَةَ لَم يَسِر / بِها قَبلَهُم مِن سائِرِ الناسِ مَعشَرُ
وَهُم يَومَ أَجراعِ الكُلابِ تَنازَلوا / عَلى جَمعِ مَن ساقَت مُرادٌ وَحِميَرُ
بِضَربٍ وَطَعنٍ بِالرَماحِ كَأَنَّهُ / حَريقٌ جَرى في غابَةٍ يَتَسَعَّرُ
عَشِيَّةَ فَرَّ الحارِثيُّونَ بَعدَما / قَضى نَحبَهُ في مُلتَقى القَومِ هَوبَرُ
وَقالَ أَخو جَرمٍ ألَا لا هَوادَةٌ / وَلا وَزَرٌ إِلا النَجاءُ المُشَمِّرُ
وَعَبدُ يَغوثٍ تَحجِلُ الطَيرُ حَولَهُ / قَدِ اِحتَزَّ عُرشَيهِ الحُسامُ المُذكَّرُ
أَبى اللَهُ إِلا أَنَّنا آلَ خِندِفٍ / بِنا يَسمَعُ الصَوتَ الأَنامُ وَيُبصِرُ
لَنا الهَامَةُ الكُبرى الَّتي كُلُّ هامَةٍ / وَإِن عَظُمَت مِنها أَذَلُّ وَأَصغَرُ
إِذا ما تَمَضَّرنا فَما الناسُ غَيرُنا / وَنُضعِفُ إِضعافاً وَلا نَتَمَضَّرُ
إِذا مُضَرُ الحَمراءُ عَبَّ عُبابُها / فَمَن يَتَصدَّى مَوجَها حِينَ تَطحَرُ
أَنا اِبنُ النَبِيِّينَ الكِرامِ وَمَن دَعا / أَباً غَيَرهُم لا بُدَّ عَن سَوفَ يُقهَرُ
أَلَم تَعلَموا أَنّي سَمَوتُ لِمَن دَعا / لَهُ الشَيخُ إِبراهيمُ والشَيخُ يُذكَرُ
لَيالي تَحتَلُّ الأَباطِحَ جُرهُمٌ / وَإِذ بِأَبِينا كَعبَةُ اللَهِ تَعمُرُ
نَبيُّ الهُدى مِنّا وَكُلُّ خَليفَةٍ / فَهَل مِثلُ هَذا في البَرِيَّةِ مَفخَرُ
لَنا الناسُ أَعطاناهُمُ اللَهُ عَنَوةً / وَنَحنُ لَهُ واللَهُ أَعلى وَأَكبَرُ
أَنا اِبنُ مَعَدٍّ وَابِنُ عَدنانً أَنتَمي / إِلى مَن لَهُ في العِزّ وِردٌ وَمَصدَرُ
لَنا مَوقِفُ الداعِينَ شُعثاً عَشيَّةً / وَحَيثُ الهَدايا بالِمَشاعِرِ تُنحَرُ
وَجَمعٌ وَبَطحاءُ البِطاحِ الَّتي بِها / لَنا مَسجِدُ اللَهِ الحَرامُ المُطَهَّرُ
وَكُلُّ كَريمٍ مِن أُناسٍ سَوائِنا / إِذا ما التَقَينا خَلفَنا يَتأَخَّرُ
إِذا نَحنُ سَوَّدنا اِمرأً سادَ قَومَهُ / وَإِن لَم يَكُن مِنَ قَبلِ ذَلِكَ يُذكَرُ
هَلِ الناسُ إِلا نَحنُ أَم هَل لِغَيرِنا / بَني خِندِف إِلا العَواريَّ مِنَبرُ
أَبونا إِياسٌ قَدَّنا مِن أَديمِهِ / لِوالِدةٍ تُدهي البَنينَ وَتُذكِرُ
وَمِنَّا بُناةُ المَجدِ قَد عُلَمِت بِهِ / مَعَدٌ وَمِنَّا الجَوهَرُ المُتَخَيَّرُ
أَنا اِبنُ خَليلِ اللَهِ وَاِبنُ الَّذي لَهُ ال / مَشاعِرُ حَتّى يَصدُرَ الناسُ تُشعَرُ
لَقَد حَكَمَت يَومَ القَضيَّةِ بَينَنا
لَقَد حَكَمَت يَومَ القَضيَّةِ بَينَنا / وَبَينَ اِمرئِ القَيسِ الِرماحُ الشَواجِرُ
عَشيَّةَ جَمعٌ مِن عَديٍّ بِخَوفِها / مُهينٌ لِآنافِ اِمرِئِ القَيسِ حاقِرُ
قَتَلناكُمُ غَصباً وَرَدَّت عَلَيكُمُ / بِسُلطانِنا مِنَّا قُرَيشٌ وَعامِرُ
وَما كَانَ إِثرٌ لِامرِئِ القَيسِ عِنَدنا / بأَدنى مِنَ الجَوزاءِ لَولا المُهاجِرُ
لِمَيَّةَ أَطلالٌ بِحُزوَى دَوائِرُ
لِمَيَّةَ أَطلالٌ بِحُزوَى دَوائِرُ / عَفَتها السَوافي بَعدَنا وَالمَواطِرُ
كَأَنَّ فُؤادي هاضَ عِرفانُ رَبعِها / بِهِ وَعي ساقٍ أَسلَمَتها الجَبائِرُ
عَشِيَّةَ مَسعودٌ يَقولُ وَقَد جَرى / عَلى لِحَيتي مِن عَبَرةِ العَينِ قاطِرُ
أَفي الدارِ تَبكي أَن تَفَرَّقَ أَهلُها / وَأَنتَ اِمرُؤٌ قَد حَلَّمَتكَ العَشائِرُ
فلَا صَبرَ إِن تَستَعبرِ العَينُ إِنَّني / عَلى ذاكَ إِلا جَولَةَ الدَمعِ صابِرُ
فَيا مَيَّ هَل يُجزى بُكائي بِمِثلِهِ / مِراراً وَأَنفاسي إِلَيكِ الزَوافِرُ
وَأَنّي مَتى أُشرِف عَلى الجانِبِ الَّذي / بِهِ أَنتِ مِن بَينِ الجَوانِبِ ناظِرُ
وَأَن لا يَني يا مَيُّ مِن دونِ صُحبَتي / لَكِ الدَهرَ مِن أُحدوثَةِ النَفسِ ذاكِرُ
وَأَن لا يَنالَ الرَكبُ تَهويمَ وَقعَةٍ / مِنَ اللَيلِ إِلا اِعتادَني مِنكِ زائِرُ
وَإِن تَكُ مَيُّ حالَ بَيني وَبَينَها / تَشائِي النَوى وَالعادِياتُ الشَواجِرُ
فَقَد طالَ ما رَجَّيتُ مَيّاً وَشاقَني / رَسيسُ الهَوى مِنهُ دَخيلٌ وَظاهِرُ
فَقَد أَورثَتني مَيُّ مِثلَ الَّذي بِهِ / هَوى غَربَةٍ دانى لَهُ القَيدَ قاصِرُ
لَقَد نامَ عَن لَيلى لَقيطٌ وَشاقَني / مِنَ البَرقِ عُلويُّ السَنا مُتياسِرُ
أَرقتُ لَهُ وَالثَلجُ بَيني وَبَينَهُ / وَحَومانُ حُزوى فَاللَّوى وَالحَرائِرُ
وَقَد لاحَ لِلسّاري سُهَيلُ كَأَنَّهُ / قَرِيعُ هِجانٍ عارَضَ الشَولَ جافِرُ
نَظَرتُ وَرائي نَظرَةَ الشَوقِ بَعدَما / بَدا الجَوّ مِن حَيٍّ لَنا وَالدَّساكِرُ
لأَنظُرَ هَل تَبدو لِعينَيَّ نَظرَةً / بِحومانَةِ الزُرقِ الحُمولُ البَواكِرُ
أَجَدَّت بِأَغباشٍ فَأَضحَت كَأَنَّها / مَواقيرُ نَخلٍ أَو طُلوحٌ نَواضِرُ
ظَعائِنُ لَم يَسلُكنَ أَكنافَ قَريَةٍ / بِسيفٍ وَلَم تَنغُض بِهنَّ القَناطِرُ
تَصَيَّفنَ حَتّى اِصفَرَّ أَقواعُ مُطرِقٍ / وَهاجَت لأَعدادِ المِياهِ الأَباعِرُ
وَطارَ عَنِ العُجمِ العِفاءُ وَأَوجَفَت / بِرَيعانِ رَقراقٍ السَرابِ الظَواهِرُ
وَلَم يُبقِ أَلواءُ الثَماني بَقيَّةً / مِنَ الرُّطبِ إِلا بَطنُ وادٍ وَحاجِرُ
فَلَمّا رَأَينَ القِنعَ أَسفى وَأخلَفَت / مِنَ العَقرَبيّاتِ الهُيوجُ الأَواخِرُ
جَذَبنَ الهَوى مِن سِقطِ حَوضى بِسُدفَةٍ / عَلى أَمرِ ظَعّانٍ رَعَتهُ المَحاضِرُ
فَأَصبَحنَ قَد نَكَّبنَ حَوضى وَقابلَت / مِنَ الرَملِ ثَبجاءُ الجَماهيرِ عاقِرُ
وَتَحتَ العَوالي وَالقَنا مُستظِلَّةً / ظِباءٌ أَعارَتها العُيونَ الجآذِرُ
هِيَ الأُدمُ حاشا كُلُّ قَرنٍ وَمِعصَمٍ / وَساقٍ وَما ليثَت عَلَيهِ المَآزِرُ
إِذا شَفَّ عَن أَجيادِها كُلُّ مُلحَمٍ / مِنَ القَزِّ وَاِحَورَّت إِلَيكَ المَحَاجِرُ
وَغَبراءَ يَحمي دونَها ما وَراءَها / وَلا يَختَطيها الدَهرَ إِلا مُخاطِرُ
سَخاويَّ ماتَت فَوقَها كُلِّ هَبوَةٍ / مِنَ القَيظِ وَاِعَتَّمت بِهِنَّ الحَزاوِرُ
قَطَعتُ بِخَلقاءِ الدُفوفِ كَأَنَّها / مِنَ الحُقبِ مَلساءُ العَجيزَةِ ضامِرُ
سَديسٍ تُطاوي البُعدَ أَو حَدَُ نابِها / صَبيٌَ كخُرطومِ الشَّعيرَةِ فاطِرُ
إِذا القَومُ رَاحوا راحَ فيها تَقاذُفٌ / إِذا شَرِبَت ماءَ المَطيَّ الهَواجِرُ
نَجاةٌ يُقاسي لَيلَها مِن عُروقِها / إِلى حَيثُ لا يَسمو اِمرُؤٌ مُتَقاصِرُ
زَهالِيلُ لا يَعبُرنَ خَرقاً سَبَحنَهُ / بِأَكوارِنا إِلا وَهُنَّ عَواسِرُ
يُنَجَيَننا مِن كُلِّ أَرضٍ مَخوفَةٍ / عِتاقٌ مُهاناتُ وَهُنَّ صَوابِرُ
وَماءٍ تَجافى الغَيثُ عَنهُ فَما بِهِ / سَواءَ الحَمامِ الحُضَّنِ الخُضرِ حاضِرُ
وَرَدتُّ وَأَردافُ النُجومِ كَأَنَّها / وَراءَ السِماكَينِ المَها وَاليَعافِرُ
عَلى نِضوَةٍ تَهدي بِرَكبٍا تَطَوَّحوا / عضلى قُلُصٍ أَبصارُهنَّ الغَوائِرُ
إِذا لاحَ ثَورٌ في الرَهاءِ اِستَحَلنَهُ / بِخوصٍ هَراقَت مَاءَهُنَّ الهَواجِرُ
فَبَيَّنَّ بِراقَ السَراةِ كَأَنَّثه / فَنيقُ هِجانٍ دُسَّ مِنهُ المَساعِرُ
نَجائِبُ مِن آلِ الجَديلِ وَشارَكَت / عَلَيهِنَّ في أَنسابِهِنَّ العصَافِرُ
بَدأَنا عَلَيها بِالرحيلِ مِنَ الحِمى / وَهُنَّ جِلاسٌ مُسنمِاتٌ بَهازِرُ
فَجِئنَ وَقَد بُدِّلنَ حِلما وَصورَةً / سِوى الصورَةِ الأُولى وَهُنَّ ضَوامِرُ
إِذا ما وَطِئنا وَطأَةٍ في غروزِها / تَجافَينَ حَتّى تَستَقِلَّ الكَراكِرُ
فَيَقبِضنَ مِن عادٍ وسادٍ وَواخِدٍ / كَما اِنصاعَ بِالسيِّ النَعامُ النَوافِرُ
وَإِن رَدَّهُنَّ الرَكبُ راجَعنَ هِزَّةً / دَريجَ المَحالِ اِستَثقَلَتهُ المَحاوِرُ
يُقَطِّعنَ للإِبساسِ شاعاً كَأَنَّهُ / جَدايا عَلى الأَنساءِ مِنها بَصائِرُ
تَفُضُّ الحَصى عَن مُجمِراتٍ وَقيعَةٍ / كَأَرحاءِ رَقدٍ زَلَّمَتها المَناقِرُ
مَناسِمُها خُثمٌ صِلابٌ كَأَنَّها / رُؤوسُ الضِبابِ اِستَخرَجَتها الظَهائِرُ
ألَا أَيُهذا الباخِعُ الوَجدُ نَفَسهُ / بِشَيءٍ نَحَتهُ عَن يَدَيهِ المَقادِرُ
فَكائِن تَرى مِن رَشدَةٍ في كَريهَةٍ / وَمِن غَيَّةٍ تُلقى عَلَيها الشَراشِرُ
تَشابَهُ أعناقُ الأَمورِ وَتَلتَوي / مَشاريطٌ ما الأَورادُ عَنهُ مَصادِرُ
إِلى اِبنِ أَبي موسى بِلالٍ طَوَت بِنا / قلِاصٌ أَبوهُنَّ الجَديلُ وَداعِرُ
بِلاداً يَبيتُ البومُ يَدعو بَناتِهِ / بِها وَمِنَ الأَصداءِ والجِنِّ سامِرُ
قَواطِعُ أَقرانِ الصَبابضةِ والهَوى / مِنَ الحَيّ إِلا ما تَجُنَّ الضَمائِرُ
تَمُرُّ بِرَحلي بَكرَةٌ حِميَرِيَّةٌ / ضِناكُ التَوالي عَيطَلُ الصَدرِ ضامِرُ
اَسَرَّت لَقاحاً بَعدَما كانَ راضَها / فِراسٌ فَفيها عِزَّةٌ وَمَياسِرُ
إِذا الرَكبُ أَسروا لَيلَةً مُصمَعِدَّةً / عَلى إِثرِ أُخرى أَصبَحَت وَهي عاسِرُ
أَقولُ لَها إِذ شَمَّرَ السَيرُ وَاِستَوَت / بِها البيدُ وَاِستَنَّت عَلَيها الحَرائِرُ
إِذا اِبن أَبي موسى بِلالٌ بَلَغتِهِ / فَقامَ بِفَأسٍ بَينَ وصلَيكِ جازِرُ
بِلالُ اِبنُ خَيرِ الناسِ إِلا نُبوَّةٍ / إِذا نُشِّرَت بَينَ الجَميعِ المآثِرُ
نَماكَ أَبو موسى إِلى الخَيرِ وَاِبنُهُ / أَبوكَ وَقَيسٌ قَبلَ ذاكَ وعامِرُ
أَسودٌ إِذا ما أَبدَتِ الحَربُ ساقَها / وَفي سائِرِ الدَهرِ الغُيوثُ المَواطِرُ
وَأَنتَ اِمرُؤٌ مِن أَهلِ بَيتِ ذُؤابَةٍ / لَهُم قَدَمٌ مَعروفَةٌ وَمَفاخِرُ
يَطيبُ تُرابُ الأَرضِ أَن يَنزِلوا بِها / وَتَختالُ أَن تَعلو عَلَيها المَنابِرُ
وَما زِلتَ تَسمو لِلمَعالي وَتَجتَبي / جَبا المَجدِ مُذ شُدَّت عَلَيكَ المآزِرُ
إِلى أَن بَلَغتَ الأَربَعينَ فَأُلقِيَت / إِلَيكَ جَماهيرُ الأُمورِ الكَبائِرُ
فَأَحكَمتَها لا أَنتَ في الحُكمِ عاجِزٌ / وَلا أَنتَ فيها عَن هُدى الحَقِّ جائِرُ
إِذا اِصطَكَّتِ الإِلباسُ فَرَّقتَ بَينَها / بِعَدلٍ وَلَم تَقحَز عَلَيكَ المَصادِرُ
لِني وَليَةً تُمرِع جَنابي فَإِنَّني / لِما نِلتُ مِن وَسمِيِّ نُعماكَ شاكِرُ
وَإِنَّ الَّذي بَيني وَبَينَك لا يَني / بِأَرضٍ أَبا عَمرٍو لَكَ الدَهرَ ذاكِرُ
وَأَنتَ الَّذي اِختَرتَ المَذاهِبَ كُلَّها / بِوَهبينَ إِذ رُدَّت عَلَيَّ الأَباعِرُ
وَأَيقَنتُ أَنِّي إِن لَقيتُكَ سالِماً / تَكُن نُجعَةً فيها حَياً مُتَظاهِرُ
وَأَلقَ اِمرَءاً لا تَنتَحي بَينَ مالِهِ / وَبَينَ أَكُفِّ السائِلينَ المَعاذِرُ
جَواداً تُريهِ الجودَ نَفسٌ كَريمَةٌ / وَعِرضٌ عَنِ التَبخيلِ وَالذَمِّ وافِرُ
رَبيعاً عَلى المُستَمطِرينَ وَتارَةً / هِزَبرٌ بِأَضغانِ العِدى مُتَجاسِرُ
إِذا خافَ شَيئاً وَقَّرَتهُ طَبيعَةٌ / عَروفٌ لِما خَطَّت عَلَيهِ المَقادِرُ
وَجَدنا أَبا بَكرٍ تُفَرِّعُ في العُلى
وَجَدنا أَبا بَكرٍ تُفَرِّعُ في العُلى / إِذا فارَعَت يَوماً عَلى المَجدِ عامِرُ
مَساميحَ أَبطالاً كِراماً أَعِزَّةً / إِذا شَلَّ مِن بَردِ الشِتاءِ الخَناصِرُ
تُعاقِبُ مَن لا يَنفَعُ العَفوُ عِندَهُ / وَتَعفو عَنِ الهافي وَقَبضُكَ قادِرُ
أَشَدُّ اِمرِئٍ قَبضاً عَلى أَهلِ ريبَةٍ / وَخَيرُ وُلاةِ المُسلِمينَ المُهاجِرُ
لِمَن طَلَلٌ عافٍ بِوَهبينَ راوَحَت
لِمَن طَلَلٌ عافٍ بِوَهبينَ راوَحَت / بِهِ الهوجُ حَتّى ما تَبينُ دَواثِرُه
بِتَنهِيَةِ الدَحلَينِ غَيَّرَ رَسمَهُ / مِنَ المورِ نَأّاجٌ تَمُرُّ أَعاصِرُه
لَيالِيَّ أُبدي في الدِيارِ وَلَم أَلِح / مَراخِيَ لَم أَزجُر عَنِ الجَهلِ زاجِرُه
أُطاوِعُ مَن يَدعو إِلى رَيِّقِ الصِبا / وَأَترُكُ مَن يَقلي الصِبا لا أُؤامِرُه
وَسِربٍ كَأَمثالِ المَها قَد رَأَيتُهُ / بِوَهبينَ حورِ الطَرفِ بيضٌ مَحاجِرُه
أَوانِسُ حورُ الطَرفِ لُعسٌ كَأَنَّها / مَها قَفرَةٍ قَد أَفرَدَتهُ جَآذِرُه
خِدالُ الشَوى نِصفانِ نِصفٌ عَوانِسٌ / وَنِصفٌ عَلَيهِنَّ الشُفوفُ مَعاصِرُه
إَذا ما الفَتى يَوماً رَآهُنَّ لَم يَزَل / مِنَ الوَجدِ كَالماشي بِداءٍ يُخامِرُه
يُرينَ أَخا الشَوقِ اِبتِساماً كَأَنَّهُ / سَنا البَرقِ في عُرفٍ لَهُ جادَ ماطِرُه
فَجِئتِ وَقَد أَيقَنتُ أَن تَستَقيدَني / وَقَد طارَ قَلبي مِن عَدُوٍّ أُحاذِرُه
فَقالَت بِأَهلي لا تَخَف إِنَّ أَهلَنا / هُجوعٌ وَإِنَّ الماءَ قَد نامَ سامِرُه
أَتَعرِفُ أَطلالاً بِوَهبينَ وَالحَضرِ
أَتَعرِفُ أَطلالاً بِوَهبينَ وَالحَضرِ / لِمَيٍّ كَأَنيارِ المُفَوَّفَةِ الخُضرِ
فَلَمّا عَرَفتُ الدارَ وَاِعتَزَّني الهَوى / تَذَكَّرتُ هَل لي أَن تَصابَيتُ مِن عُذرِ
فَلَم أَرَ عُذراً بَعدَ عِشرينَ حِجَّةً / مَضَت لي وَعَشرٌ قَد مَضَينَ إِلى عَشرِ
فَأَخفَيتُ شَوقي مِن رَفيقي وَإِنَّهُ / لَذو نَسَبٍ دانٍ إِلَيَّ وَذو حِجرِ
مَحَلَّ الحِواءَينِ الَّذي لَستُ ذاكِراً / مَحَلَّهُما إِلاّ غُلِبتُ عَلى الصَدرِ
وَضِبحاً ضَبَتهُ النارُ في ظاهِرِ الحَصى / كَباقِيَةِ التَنويرِ أَو نُقَطِ الحِبرِ
وَغَيرَ ثَلاثٍ بَينَهُنَّ خَصاصَةٌ / تَجاوَرنَ في رَبعٍ زَماناً مِنَ الدَهرِ
كَساهُنَّ لَونَ السودِ بَعدَ تَعَيُّسٍ / لِوَهبينَ إِحماشُ الوَليدَةِ بِالقِدرِ
أَرَبَّت عَلَيها كُلُّ هَوجاءَ رادَةٍ / شَمالٍ وَأَنفاسُ اليَمانِيَةِ الكُدرِ
تَسُحُّ بِها بَوغاءَ قُفٍّ وَتارَةً / تَسُنُّ عَلَيها تُربَ آمِلَةٍ عُفرِ
هِجانٍ مِنَ الدَهنا كَأَنَّ مُتونَها / إِذا أَبرَقَت أَثباجُ أَحصِنَةٍ شُقرِ
فَهاجَت عَلَيكَ الدارُ ما لَستَ ناسِياً / مِنَ الحاجِ إِلّا أَن تُناسي عَلى ذُكرِ
هَواكَ الَّذي يَنهاضُ بَعدَ اِندِمالِهِ / كَما هاضَ حادٍ مُتعِبٌ صاحِبَ الكَسرِ
إِذا قُلتُ قَد وَدَّعتُهُ رَجَعَت بِهِ / شُجونٌ وَأَذكارٌ تَعَرَّضنَ في الصَدرِ
بِمُستَشعِرٍ داءَ الهَوى عَرَّضَت لَهُ / سَقاماً مِنَ الأَسقامِ صاحِبَةُ الخِدرِ
إِذا قُلتُ يَسلو ذِكرُ مَيَّةَ قَلبَهُ / أَبى حُبُّها أَلّا بَقاءَ عَلى الهَجرِ
تَميمِيَّةٌ نَجدِيَّةٌ دارُ أَهلِها / إِذا مُوِّهَ الصَمّانُ مِن سَبَلِ القَطرِ
بِأَدعاصِ حَوضى ثُمَّ مَوضِعُ أَهلِها / جَراميزُ يَطفو فَوقَها وَرَقُ السِدرِ
مِنَ الواضِحاتِ البيضِ تَجري عُقودُها / عَلى ظَبيَةٍ بِالرَملِ فارِدَةٍ بِكرِ
تَبَسَّمُ إيماضَ الغَمامَةِ جَنَّها / رِواقٌ مِنَ الظَلماءِ في مَنطِقٍ نَزرِ
يُقَطِّعُ مَوضوعَ الحَديثِ اِبتِسامُها / تَقَطُّعَ ماءِ المُزنِ في نُزَفِ الخَمرِ
وَلَو كَلَّمَت مَيٌّ عَواقِلَ شاهِقٍ / رِغاثاً مِنَ الأَروى سَهَونَ عَنِ الغُفرِ
خَبَرنَجَةٌ خَودٌ كَأَنَّ نِطاقَها / عَلى رَملَةٍ بَينَ المُقَيَّدِ وَالخَصرِ
لَها قَصَبٌ فَعمٌ خِدالٌ كَأَنَّهُ / مُسَوِّقُ بَردِيٍّ عَلى حائِرٍ غَمرِ
سَقِيَّةُ أَعدادٍ يَبيتُ ضَجيعُها / وَيُصبِحُ مَحبوراً وَخَيراً مِنَ الحَبرِ
تُعاطيهِ بَرّاقَ الثَنايا كَأَنَّهُ / أَقاحِيُّ وَسمِيٍّ بِسائِفَةٍ قَفرِ
كَأَنَّ النَدى الشَتوِيَّ يَرفَضُّ ماؤُهُ / عَلى أَشنَبِ الأَنيابِ مُتَّسِقِ الثَغرِ
هِجانٍ تَفُتَّ المِسكَ في مُتَناعِمٍ / سُخامِ القُرونِ غَيرِ صُهبٍ وَلا زُعرِ
وَتُشعِرُهُ أَعطافَها وَتَسوفُهُ / وَتَمسَحُ مِنهُ بِالتَرائِبِ وَالنَحرِ
لَها سُنَّةٌ كَالشَمسِ في يَومِ طَلقَةٍ / بَدَت مِن سَحابٍ وَهيَ جانِحَةُ العَصرِ
فَما رَوضَةٌ مِن حُرِّ نَجدٍ تَهَلَّلَت / عَلَيها سَماءٌ لَيلَةً وَالصَبا تَسري
بِها ذُرَقٌ غَضُّ النَباتِ وَحَنوَةٌ / تُعاوِرُها الأَمطارُ كَفراً عَلى كَفرِ
بِأَطيَبَ مِنها نَكهَةً بَعدَ هَجعَةٍ / وَنَشراً وَلا وَعساءُ طَيِّبَةُ النَشرِ
فَتِلكَ الَّتي يَعتادُني مِن خَبالِها / عَلى النَأيِ داءُ السِحرِ أَو شَبَهُ السِحرِ
إِلى اِبنِ أَبي موسى بِلالٍ تَكَلَّفَت / بِنا البُعدَ أَنقاضُ الغُرَيرِيَّةِ السُجرِ
مُدَئِّبَةُ الأَيّامِ واصِلَةٌ بِنا / لَيالِيَها حَتّى تَرى واضِحَ الفَجرِ
يُأَوِّبنَ تَأَويباَ قَليلاً غِرارُهُ / وَيَجتَبنَ أَثناءَ الحَنادِسِ وَالقَمرِ
يُقَطِّعنَ أَجوازَ الفَلاةِ بِفِتيَةٍ / لَهُم فَوقَ أَنضاءِ السُرى قِمَمُ السَفرِ
تَمُرُّ بِنا الأَيّاُم ما لَمَحَت لَنا / بَصيرَةَ عَينٍ مِن سِوانا إِلى شَفرِ
تَقَضَّينَ مِن أَعرافِ لُبنى وَغَمرَةٍ / فَلَمّا تَعَرَّفنَ اليَمامَةَ عَن عَفرِ
تَزاوَرنَ عَن قُرّانَ عَمداً وَمَن بِهِ / مِنَ الناسِ وَاِزوَرَّت سُراهُنَّ عَن حَجرِ
فَأَصبَحنَ بِالحَومانِ يَجعَلنَ وِجهَةً / لِأَعناقِهِنَّ الجَديَ أَو مَطلَعِ النَسرِ
فَصَمَّمنَ في دَوِّيَةِ الدَوِّ بَعدَما / لَقينَ الَّتي بَعدَ اللَتَيا مِنَ الضَمرِ
فَرَغنَ أَبا عَمرٍو بِما بَينَ أَهلِنا / وَبَينَكَ مِن أَطراقِهِنَّ وَمِن شَهرِ
فَأَصبَحنَ يَجعَلنَ الكَواظِمَ يُمنَةً / وَقَد قَلِقَت أَجوازُهُنَّ مِنَ الضَفرِ
فَجِئنا عَلى خوصٍ كَأَنَّ عُيونَها / صَباباتُ زَيتٍ في أَواقي مِن صُفرِ
مُكِلّينَ مَضبوحي الوُجوهِ كَأَنَّنا / بَنو غِبِّ حِمى مِن سَمومٍ وَمِن فَترِ
وَقَد كُنتُ أُهدي في المَفاوِزِ بَينَنا / ثَناءَ اِمرِئٍ باقي المَوَدَّةِ وَالُشكرِ
ذَخَرتُ أَبا عَمرٍو لِقَومِكَ كُلِّهِمِ / بَقاءَ اللَيالي عِندَنا أَحسنَ الذُخرِ
فَلا تَيأَسَن مِن أَنَّني لَكَ ناصِحٌ / وِمَن أَنزَلَ الفُرقانَ في لَيلَةِ القَدرِ
أَقولُ وَشِعرٌ وَالعَرائِسُ بَينَنا / وَسُمرُ الذُرى مِن هَضبِ ناصِفَةِ الحُمرِ
إِذا ذُكِرَ الأَقوامُ فَاِذكُر بِمِدحَةٍ / بِلالا أَخاكَ الأَشعرَيَّ أَبا عَمرِو
أَخاً وَصلُهُ زَينُ الكَريمِ وَفَضلُهُ / يُجيرُكَ بَعدَ اللَهِ مِن تِلَفِ الدَهرِ
رَأَيتُ أَبا عَمرٍو بِلالا قَضى لَهًُ / وَلِيُّ القَضايا بِالصَوابِ وَبِالنَصرِ
إِذا حارَبَ الأَقوامَ يَسقي عَدُوَّهُ / سِجالاً مِن الذيفانِ وَالعَلقَمِ الخَضرِ
وَحَسبي أَبا عَمرٍو عَلى مَن تُصيبُهًُ / كَمُنبَعِقِ الغَيثِ الحَيا النابِتِ النَضرِ
فَإِن حارَدَ المَعطونَ أَلفَيتَ كَفَّهُ / هَضوماً تَسُحُّ الخَيرَ مِن خُلُقٍ بَحرِ
وَمُختَلَقٌ لِلمُلكِ أَبيَضَ فَدغَمٌ / أَشَمُّ أَبَجُّ العَينِ كَالقَمَرِ البَدرِ
تُصاغِرُ أَشرافَ البَرِيَّةِ حَولَهُ / لِأَزهَرَ صافي اللَونِ مِن نَفَرٍ زُهرِ
خَلَفتَ أَبا موسى وَشَرَّفتَ ما بَنى / أَبو بُردَةَ الفَيّاضَ مَن شَرَفِ الذِكرِ
وَكَم لِبِلالٍ مِن أَبٍ كانَ طَيِّباً / عَلى كُلِّ حالٍ في الحَياةِ وَفي القَبرِ
لَكُم قَدَمٌ لا يُنكِرُ الناسُ أَنَّها / مَعَ الحَسَبِ العادي طَمَت عَلى الفَخرِ
خِلالُ النَبِيِّ المُصطَفى عِندَ رَبِّهِ / وَعُثمانُ وَالفاروقُ بَعدَ أَبي بَكرِ
وَأَنتَم ذَوو الأُكلِ العَظيمِ وَأَنتُم / أُسودُ الوَغى وَالجابِرونَ مِنَ الفَقرِ
أَبوكَ تَلافى الدَين وَالناسَ بَعدَما / تَشاءَوا وَبَيتُ الدينِ مُنقَطِعُ الكَسرِ
فَشَدَّ إِصارَ الدينِ أَيّامَ أَذرُحٍ / وَرَدَّ حُروباً قَد لَقِحنَ إِلى عَقرِ
تُعِزُّ ضِعافَ الناسِ عِزَّةُ نَفسِهِ / وَيَقطَعُ أَنفَ الكِبرِياءِ عَنِ الكِبرِ
إِذا المِنبَرُ المَحظورُ أَشرَفَ رَأسَهُ / عَلى الناسِ فَوقَهُ نَظَرَ الصَقرِ
تَجَلَّت عَنِ البازي طَشاشٌ وَلَيلَةٌ / فَآنَسَ شَيئاً وَهوَ طاوٍ عَلى وَكرِ
فَسَلَّمَ فَاِختارَ المَقالَةَ مِصقَعٌ / رَفيعُ البُنى ضَخمُ الدَسيعَةِ وَالأَمرِ
لِيَومٍ مِنَ الأَيّامِ شَبَّهَ قَولَهُ / ذَوو الرَأيِ وَالأَحجاءِ مُنقَلِعَ الصَخرِ
فَمِثلُ بِلالٍ سُوِّسَ الأَمرَ فَاِستَوَت / مَهابَتُهُ الكُبرى وَجَلّى عَنِ الثَغرِ
إِذا اِلتَكَّتِ الأَورادُ فَرَّجتَ بَينَها / مَصادِرَ لَيسَت مِن عَبامٍ وَلا غَمرِ
وَنَكَّلتَ فُسّاقَ العِراقِ فَأَقصَروا / وَغَلَّقتَ أَبوابَ النِساءِ عَلى سَترِ
فَلَم يَبقَ إِلّا داخِرٌ في مُخَيِّسٍ / وَمُنحَجِرٌ مِن غَيرِ أَرضِكَ في حَجرِ
يَغارُ بِلالٌ غَيرَةً عَرَبِيَّةً / عَلى العَرَبِيّاتِ المُغيباتِ بِالمِصرِ
فَإِن تَقتُلوني بِالأَميرِ فَإِنَّني
فَإِن تَقتُلوني بِالأَميرِ فَإِنَّني / قَتَلتُكُمُ غَصباً بِغَيرِ أَميرِ
أَشاقَتكَ أَخلاقُ الرُسومِ الدَواثِرِ
أَشاقَتكَ أَخلاقُ الرُسومِ الدَواثِرِ / بِأَدعاصِ حَوضى المُعنِقاتِ النَوادِرِ
لِمَيٍّ كَأَنَّ القَطرَ وَالريحَ غادَرا / وُحولاً عَلى جَرعائِها بُردَ ناشِرِ
أَهاضيبُ أَنواءٍ وَهَيفانِ جَرَتا / عَلى الدارِ أَعرافُ الحِبالِ الأَعافِرِ
وَثالِثَةٌ تَهوي مِنَ الشامِ حَرجَفٌ / لَها سَنَنٌ فَوقَ الحَصى بِالأَعاصيرِ
وَرابِعَةٌ مِن مَطلَعِ الشَمسِ أَجفَلَت / عَلَيها بِدَقعاءِ المِعى فَقَراقِرِ
فَحَنَّت بِها النُكبُ السَوافي فَأَكثَرَت / حَنينَ اللِقاحِ القارِباتِ العِواشِرِ
فَأَبقَينَ آياتٍ يَهِجنَ صَبابَةً / وَعَفَّينَ آياتٍ بِطولِ التَعاوِرِ
نَعَم هاجَتِ الأَطلالُ شَوقاً كَفى بِهِ / مِنَ الشَوقِ إِلّا أَنَّهُ غَيرُ ظاهِرِ
فَمازِلتُ أَطوي النَفسَ حَتّى كَأَنَّها / بِذي الرِمثِ لَم تَخطُر عَلى بالِ ذاكِرِ
حَياءً وَإِشفاقاً مِنَ الرَكبِ أَن يَروا / دَليلاً عَلى مُستَودَعاتِ السَرائِرِ
لِمَيَّةَ إِذ مَيٌّ مَعانٌ تَحُلُّهُ / فِتاخٌ فَحُزوى في الخَليطِ المُجاوِرِ
إِذا خَشِيَت مِنُه الصَريمَةَ أَبرَقَت / لَهُ بَرقَةً مِن خُلَّبٍ غَيرِ ماطِرِ
كَأَنَّ عُرى المَرجانِ مِنها تَعَلَّقَت / عَلى أُمِّ خَشفٍ مِن ظِباءَ المَشاقِرِ
تَثَوَّرَ في قَرنِ الضُحى مِن شَقيقَةٍ / فَأَقبَلَ أَو مِن حِضنٍ كَبداءَ عاقِرِ
حُزاوِيَّةٌ أَو عَوهَجٌ مَعقُلِيَّةٍ / تَرودُ بِأَعطافِ الرِمالِ الحَرائِرِ
رَأَت راكِباً أَو راعَها لِفَواقِها / صُوَيتٌ دَعاها مِن أُعَيِّسَ فاتِرِ
إِذا اِستَودَعَتهُ صَفصَفاً أَو صَريمَةً / تَنَحَّتَ وَنَصَّت جيدَها بِالمَناظِرِ
حِذاراً عَلى وَسنانَ يَصرَعُهُ الكَرى / بِكُلِّ مَقيلٍ عَن ضِعافٍ فَواتِرِ
إِذا عَطَفَتهُ غادَرَتهُ وَراءَها / بِجَرعاءَ دَهناوِيَّةٍ أَو بِحاجِرِ
وَتَهجُرُهُ إِلّا اِختِلاساً نَهارَها / وَكَم مِن مُحِبٍّ رَهبَةَ العَينِ هاجِرِ
حِذارَ المَنايا رَهبَةً أَن يَفُتنَها / بِهِ وَهيَ إِلّا ذاكَ أَضعَفُ ناصِرِ
وَيَومٍ يُظِلُّ الفَرخُ في بَيتِ غَيرِهِ / لَهُ كَوكَبٌ فَوقَ الحِدابِ الظَواهِرِ
تَرى الرَكبَ فيهِ بِالعَشِيِّ كَأَنَّما / يُدانونَ مِن خَوفٍ خَصاصَ المَحاجِرِ
تَلَثَّمَتُ فَاِستَقبَلتُهُ ثُم مِثلَهُ / وَمِثلَيهِ خِمساً وِردُهُ غَيرُ صادِرِ
وَماءٍ كَماءِ السُخدِ لَيسَ لِجَوفِهِ / سَواءَ الحَمامِ الوُرقِ عَهدٌ بِحاضِرِ
صَرى آجِنٌ يَزوي لَهُ المَرءُ وَجهَهُ / وَلَو ذاقَهُ ظَمآنُ في شَهرِ ناجِرِ
وَرَدتُ وَأَغباشُ السَوادِ كَأَنَّها / سَماديرُ غَشيٍ في العُيونِ النَواظِرِ
بِرَكبٍ سَرَوا حَتّى كَأَنَّ اِضطِرابَهُم / عَلى شُعَبِ المَيسِ اِضطِرابُ الغَدائِرِ
تَعادَوا بِيَهيا مِن مُدارَكَةِ السُرى / عَلى غائِرات الطَرفِ هُدلِ المَشافِرِ
كَأَنّا تُغَني بَينَنا كُلَّ لَيلَةٍ / جَداجِدُ صَيفٍ مِن صَريرِ المَآخِرِ
عَلى رَعلَةٍ صُهبِ الذَفارى كَأَنَّها / قَطاً باصَ أَسرابَ القَطا المُتَواتِرِ
شَجَجنَ الدُجى حَتّى إِذا قالَ صُحبَتي / وَحَلَّقَ أَردافُ النُجومِ الغَوائِرِ
كَأَنَّ عَمودَ الصُبحِ جيدٌ وَلَبَّةٌ / وَراءَ الدُجى مِن حُرَّةِ اللَونِ حاسِرِ
جَنَحنَ عَلى أَجوازِهِنَّ وَهَوَّموا / سُحَيراً لَدى أَعضادِهِنَّ الأَياسِرِ
أَلا خَيَّلَت خَرقاءُ بِالبينَ بَعدَما / مَضى اللَيلُ إِلّا خَطَّ أَبلَقَ جاشِرِ
سَرَت تَخبِطُ الظَلماءَ مِن جانِبي قَساً / فَأَحببِ بِها مِن خابِطِ اللَيلِ زائِرِ
إِلى فِتيَةٍ مِثلَ السُيوفِ وَأَينُقٍ / حَراجيجَ مِن آلِ الجِديلِ وَداعِرِ
جَذَبنَ البُرى حَتّى شَدِفنَ وَأَصعَرَت / أُنوفُ المَهارى لَقوَةً في المَناخِرِ
وَفي الميسِ أَطلاحٌ تَرى في خُدودِها / تِلاعاً لِتَذرافِ العُيونِ القَواطِرِ
وَكائِن تَخَطَّت ناقَتي مِن مَفازَةٍ / وَكَم زَلَّ عَنها مِن جُحافِ المَقادِرِ
وَكَم عَرَستَّ بَعدَ السُرى مِن مُعَرِّسٍ / بِهِ مِن كَلامِ الجِنِّ أَصواتٌ سامِرِ
إِذا اِعتَسَّ فيه الذِئبُ لَم يَلتَقِط بِهِ / مِنَ الكَسبِ إِلّا مِثلَ مُلقى المَشاجِرِ
مُناخَ قُرونِ الرُكبَتَينِ كَأَنَّهُ / مُعَرِّسُ خَمسٍ مِن قَطاً مُتَجاوِرِ
وَقَعنَ اِثنَتَينِ وَاِثنَتَينِ وَفَردَةً / حَريداً هِيَ الوُسطى بِصَحراءَ حائِرِ
وَبَينَهُما مُلقى زِمامٍ كَأَنَّهُ / مَخيطَ شُجاعٍ آخِرَ اللَيلِ ثائِرِ
وَمَغفى فَتىً حَلَّت لَهُ فَوقَ رَحلِهِ / ثَمانِيَةً جُرداً صَلاةُ المُسافِرِ
سِوى وَطأَةٍ في الأَرضِ مِن غَيرِ جَعَدةٍ / ثَنى أُختَها في غَرزِ عَوجاءَ ضامِرِ
وَمَوضِعِ عِرنينٍ كَريمٍ وَجَبهةٍ / إِلى هَدَفٍ مِن مُسرِعٍ غَيرَ فاجِرِ
طَوى طَيَّةً فَوقَ الكَرى جَفنَ عَينِهِ / عَلى رَهباتٍ مِن جِنانِ المَحاذِرِ
قَليلاً كَتَحليلِ الأَلى ثُمَّ قَلَّصَت / بِهِ شيمَةٌ روعاءُ تَقليصَ طائِرِ
إِلى نَضوَةٍ عَوجاءَ وَاللَيلِ مُغبِشٌ / مَصابيحَهُ مِثلَ المَها وَاليَعافِرِ
قَد اِستَبدَلَت بِالحِلمِ جَهلاً وَراجَعَت / وُثوباً شَديداً بِعدَ وَثبٍ مُبادِرِ
وِكانَت كِنازَ اللَحمِ أَورى عِظامَها / بِوَهبينَ آثارُ العِهادِ البَواكِرِ
إِلى مَعقُلاتٍ فَالشَماليلِ فَاِنطَوت / عَلى لَقَحٍ مِن شَدقَمٍ غَيرِ جافِرِ
فَما زِلتُ أَكسو كُلَّ يَومٍ سَراتَها / خَصاصَةَ مَعلوفٍ مِن المَيسٍ قاتِرِ
وَأَرمي بِها الأَهوالَ حَتّى أَحَلتُها / وَسَوَّيتُها بِالمُحرِثاتِ الحَدابِرِ
وَصارَت وَباقي النِقيِ مِن خَلفِ عَينِها / ظَنونٌ وَمُخُّ المُجمِراتِ الأَقاصِرِ
إِذا حَثَّهُنَ الرَكبُ في مُدلَهِمَّةٍ / أَحاديثُها مِثلُ اِصطِخابِ الصَرائِرِ
تَياسَرنَ عَن حَذوِ الفَراقِدِ في السُرى / وَيا مَن شَيئاً عَن يَمينِ المَغاوِرِ
حَراجِيجُ أَشباهٌ عَلَيهِنَّ فِتيَةٌ / بَأَوطانِ أَهليهِمُ وُحوشُ الأَباعِرِ
يَحُلّونَ من وَهبينَ أَو مِن سُوَيقَةٍ / مَشَقَّ السَوابي عَن أُنوفِ الجَآذِرِ
أَعاريبُ طَورِيّونَ مِن كُلِّ قَريَةٍ / يَحيدونَ عَنها مِن حِذارِ المَقادِرِ
فَشَدّوا عَلَيهِنَّ الرِحالَ فَصَمَّموا / عَلى كُلِّ هَولٍ مِن جَنانِ المُخاطِرِ
أَقولُ بِذي الأَرطى لَها إِذ رَحَلتُها / لِبَعضِ الهُمومِ النازِحاتِ المَزاوِرِ
عَشِيَّةَ حَنَّت في زِمامي صَبابَةً / إِلى إِبِلٍ تَرعى بِلادَ الجآذِرِ
سَتَستَبدِلينَ العامَ إِن عِشتُ سالِماً / إِلى ذاكَ مِن إِلفِ المَخاضِ البَهازِرِ
قَلوصَينِ عَوجاوَينِ بَلّى عَلَيهِما / هَواءُ السُرى ثُمَّ اِقتِراحُ الهَواجِرِ
مَنَنّاهُما بِالخِمسِ وَالخِمسِ قَبلَهُ / وَبِالحَلِّ وَالتِرحالِ أَيّامَ ناجِرِ
وَبِالسَيرِ حَتّى ما تَحِنانِ حَنَّةً / إِلى قارِبٍ آتٍ وَلا إِثرِ صادِرِ
رَتوعَينِ أَدنى مَرتَعٍ حَلَّتا بِهِ / بِلا زَمٍ تَقييدٍ وَلا صَوتِ زاجِرِ
طَوَيناهُما حَتّى إَذا ما أُنيخَتا / مُناخاً هَوى بَينَ الكُلى وَالكَراكِرِ
أَراني إِذا ما الرَكبُ جابوا تَنوفَةً / تُكَسِّرُ أَذنابُ القِلاصِ العَواسِرِ
كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ أَخنَسَ أَقفَرَت / لَهُ الرُزقُ إِلّا مِن ظِباءٍ وَباقِرِ
أَحَمَّ الشَوى فَرداً كَأَنَّ سَراتَهُ / سَنا نارِ مَحزونٍ بِهِ الحَيُّ ساهِرِ
نَمى بَعدَ قَيظٍ قاظَهُ بِسُوَيقَةٍ / عَلَيهِ وَأَن لَم يَطعَمِ الماءَ قاصِرِ
إَلى مُستَوى الوَعساءِ بَينَ حُمَيِّطٍ / وَبَينَ جِبالِ الأَشيَمَينِ الحَوادِرِ
فَظَلَّ بِعَيني قانِصٍ كان قَصَّهُ / مِنَ المُغتَدى حَتّى رَأى غَيرَ ذاعِرِ
يَرودُ الرُخامى لا يَرى مُستَرادَهُ / بِبَلّوقَةٍ إِلّا كَبيرُ المَحافِرِ
يَلوحُ إِذا أَفضى وَيَخفى بَريقُهُ / إِذا ما أَجَنَّتهُ غُيوبُ المَشاعِرِ
فَلَما كَسا اللَيلُ الشُخوصَ تَحَلَّبَت / عَلى ظَهرِهِ إِحدى اللَيالي المَواطِرِ
وَهاجَت لَهُ مِن مَطلَعِ الشَمسِ حَرجَفٌ / تَوَجَّهُ أَسباطَ الحُقوفِ التَياهِرِ
وَقَد قابَلَتهُ عَوكَلاتٌ عَوانِكٌ / رُكامٌ نَفَينَ النَبتَ غَيرَ المآزِرِ
تُناصي أَعاليهِنَّ أَعفَرِ حابياً / كَقِرمِ الهِجانِ المُستَشيطِ المُخاطِرِ
فَأَعنَقَ حَتّى اِعتامَ أَرطأةَ رَملَةٍ / مُحَفَّفَةً بِالحاجِزاتِ السَواتِرِ
فَباتَ عَذوباً يَحدُرُ المُزنُ ماءَهُ / عَلَيهِ كَحَدرِ اللُؤلُؤِ المُتَناثِرِ
تَصابَيتُ في أَطلالِ مَيَّةَ بَعدَما
تَصابَيتُ في أَطلالِ مَيَّةَ بَعدَما / نَبا نَبوَةً بِالعَينِ عَنها دُثورُها
بِوَهبينَ أَجلى الحَيُّ عَنها وَراوَحَت / بِها بَعدَ شَرقِيِّ الرِياحِ دَبورُها
وَأَنواءُ أَحوالٍ تِباعٍ ثَلاثَةٍ / بِها كانَ مِمّا يَستَحيرُ مَطيرُها
عَفَت عَرَصاتٌ حَولَها وَهيَ سُفعَةٌ / لِتَهييجِ أَشواقٍ بِواقٍ سُطورُها
ظَلِلنا نَعوجُ العيسَ في عَرَصاتِها / وُقوفاً وَتَستَنعي بِنا فَنَصورُها
فَما زالَ في نَفسي هُلاعٌ مُراجِعٌ / مِنَ الشَوقِ حَتّى كادَ يَبدو ضَميرُها
عَشِيَّةَ لَولا خَشيَتي لَتَهَتَّكَت / مِنَ الوَجدِ عَن أَسرارِ قَلبي سُتورُها
فَما ثَنيُ نَفسي عَن هَواها فَإِنَّهُ / طَويلٌ عَلى آثارِ مَيٍّ زَفيرُها
خَليلَيَّ أَدِّ اللَهُ خَيراً إِلَيكُما / إِذا قُسِمَت بِينَ العِبادِ أُجورُها
بَميٍّ إِذا أَدلَجتُما فاطرُدا الكَرى / وَإِن كانَ آلى أَهلُها لا أَطورُها
يَقَرُّ بِعَيني أَن أَراني وَصُحبَتي / نُقيمُ المَطايا نَحوَها وَنُجيرُها
أَقولُ لِرِدفي وَالهَوى مُشرِفٌ بِنا / غَداةَ دَعا أَجمالَ مَيٍّ مَصيرُها
أَلا هَل تَرى أَظعانَ مَيٍّ كَأَنَّها / ذُرى أَثأُبٍ راشَ الغُصونَ شَكيرُها
تَوارى فَتَبدو لي إِذا ما تَطاوَلَت / شُخوصُ الضُحى وَاِنشَقَّ عَنها غَديرُها
فَوَدَّعنَ أَقواعَ الشَماليلِ بَعدَما / ذَوى بَقلُها أَحرارُها وَذُكورُها
وَلَم يَبقَ بِالخَلصاءِ مِمّا عَنَت بِهِ / مِن الرَطبِ إِلّا يَبسُها وَهَجيرُها
فَما أَيأَسَتني النَفسُ حَتّى رَأَيتُها / بِحَومانَةِ الزُرقِ اِحزَأَلَّت خُدورُها
فَلَمّا عَرَفتُ البَينَ لا شَكَّ أَنَّهُ / عَلى صَرفِ عَوجاءَ اِستَمَرَّ مَريرُها
تَعَزَّيتُ عَن مَيٍّ وَقَد رَشَّ رَشَّةً / مِنَ الوَجدَ جَفنا مُقلَتي وَحُدورُها
وَكائِن طَوَت أَنقاضُنا مِن عِمارَةٍ / لِنَلقاكَ لَم نَهبِط عَلَيها نَزورُها
وَجاوَزنَ مِن أَرضٍ فَلاةٍ تَعَصَّبَت / بِإِحشادِ أَمواتِ البَوارِح قورُها
وَمِن عاقِرٍ يَنفي الأَلاءَ سَراتُها / عَذارَينِ عَن جَرداءَ وَعثٍ خُصورُها
إِذا ما عَلاها راكِبُ الصَيفِ لَم يَزَل / يَرى نَعجَةً في مَرتَعٍ فَيُثيرُها
مُوَلَّعَةً خَنساءَ لَيسَت بِنَعجَةٍ / يُدَمِّنُ أَجوافَ المِياهِ وَقيرُها
وِمِن جَردٍ غُفلٍ بَساطٍ تَحاسَنَت / بِهِ الوَشي قَرّاتُ الرِياحِ وَخورُها
تَرى رَكبَها يَهوونَ في مُدلَهِمَّةٍ / رَهاءٍ كَمَجرى الشَمسٍ دُرمٌ حُدورُها
بِأَرضٍ تَرى فيها الحُبارى كَأَنَّها / قَلوصٌ أَضَلَّتها بِعِكمَينِ عيرُها
وَمِن جَوفِ أَصواءٍ يَصيحُ بِها الصَدى / لِمُترِبَةِ الأَخفافِ صُفرٍ غُرورُها
وَحَومانَةٍ وَرقاءَ يَجري سَرابُها / بِمُنسَحَّةِ الآباطِ حُدبٍ ظُهورُها
تَطيلُ الوِحافُ الصُدأُ فيها كَأَنَّها / قَراقيرُ مَوجٍ غَضَّ بِالساجِ قيرُها
مُلَجَّجَةٌ في الماءِ يَعلو حَبابُهُ / حَيازيمَها السُفلى وَتَطفو سُطورُها
تُجاوِزنُ وَالعُصفورُ في الحُجرِ لاجِئٌ / مَعَ الضَبِّ وَالشِقذانُ تَسمو صُدورُها
بِمَسفوحَةِ الآباطِ طاحَ اِنتِقالُها / بِأَطراقِها وَالعيسُ باقٍ ضَريرُها
تُهَجِّرُ خوصاً مُستَعاراً رَواحَها / وَتُمسي وَتُضحي وَهيَ ناجٍ بُكورُها
كَأَنّي وَأَصحابي وَقَد قَذَفَت بِنا / هِلالَينِ أَعجازَ الفَيافي نُحورُها
عَلى عانَةٍ حُقبٍ سَماحيجَ عارَضَت / رِياحَ الصِبا حَتّى طَوَتها حُرورُها
مَراويدُ تَستَقري النِقاعَ وَيَنتَحي / بِها حَيثُ يَهوي مِن هَوى يَستَشيرُها
خَميصُ الحَشا مُخلَولِقُ الظَهرِ أَجمَعَت / لَهُ لَقَحاً مِرباعُها وَنَزورُها
تَرى كُلَّ مَلساءِ السَراةِ كَأَنَّها / كَساها قَميصاً مِن هَراةَ طُرورُها
تَلَوَّحنَ وَاِستَطلَقنَ بِالأَمسِ وَالهَوى / إِلى الماءِ لَو تُلقى إِلَيها أُمورُها
فَظَلَّت بِمَلقى واحِفٍ جَرَعَ المِعا / قِياماً يُفالي مُصلَخِمّاً أَميرُها
بِيَومٍ كَأَيّامٍ كَأَنَّ عُيونَها / إِلى شَمسِهِ حوصُ الأَناسِيِّ عورُها
فَما زالَ فَوقَ الأَكوَمِ الفَردِ رابِئاً / يُراقِبُ حَتّى فارَقَ الأَرضَ نورُها
فَراحَت لِإِدلاجٍ عَلَيها مُلاءَةٌ / صُهابِيَّةٌ مِن كُلِّ نَقعٍ تُثيرُها
فَما أَفجَرَت حَتّى أَهَبَّ بِسُدفَةٍ / عَلاجيمَ عَينٍ اِبني صُباحٍ يُثيرُها
تَرى لِأَياءِ الشَمسِ فيها تَحَدَّرا
تَرى لِأَياءِ الشَمسِ فيها تَحَدَّرا /
فَلا وَصلَ إِلاّ أَن تُقارِبَ بَينَنا
فَلا وَصلَ إِلاّ أَن تُقارِبَ بَينَنا / قَلائِصُ تَجسُرنَ الفَلاةَ بِنا جَسرا
أَما أَنتَ عَن ذِكراكَ مَيَّةَ مُقصِرُ
أَما أَنتَ عَن ذِكراكَ مَيَّةَ مُقصِرُ / وَلا أَنتَ ناسي العَهدِ مِنها فَتَذكُرُ
تَهيمُ بِها ما تَستَفيقُ وَدونَها / حِجابٌ وَأَبوابٌ وَسِترٌ مُسَتِّرُ
أَفي كُلِّ يَومٍ أَنتَ مِن غُبَّرِ الهَوى
أَفي كُلِّ يَومٍ أَنتَ مِن غُبَّرِ الهَوى / إِلى عَلَمٍ مِن دارِ مَيَّةَ ناظِرُ
بِعَينَيكَ مِن طولِ البَكاءِ كَأَنَّما / بِها خَزَرٌ أَو طَرفُها مُتَخازِرُ
وَمِن أَزمَةٍ حَصّاءَ تَطرَحُ أَهلَها / عَلى مَلَقِيّاتٍ يَعبُرنَ بِالغُفرِ
وُقوفاً لَدى الأَبوابِ طُلاّبَ حاجَةٍ
وُقوفاً لَدى الأَبوابِ طُلاّبَ حاجَةٍ / عَوانٍ مِنَ الحاجاتِ أَو حاجَةً بِكرا
يُعَقِّدُ سِحرَ البابِلِيّينَ طَرفُها
يُعَقِّدُ سِحرَ البابِلِيّينَ طَرفُها / مِراراً وَيَسقينا السُلافَ مِنَ الخَمرِ
رَأَيتُ غُراباً ساقِطاً فَوقَ قَضبَةٍ
رَأَيتُ غُراباً ساقِطاً فَوقَ قَضبَةٍ / مِنَ القُضبِ لَم يَنبُت لَها وَرَقٌ خُضرُ
فَقُلتُ غُرابٌ لِاِغتِرابٍ وَقَضبَةٍ / لِقُضبِ النَوى تِلكَ العِيافَةُ وَالزَجرُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025