المجموع : 17
بحقِّ الإشارات التي كُنَّ بيننا
بحقِّ الإشارات التي كُنَّ بيننا / أتذكرها أم أنتَ غير ذَكُور
فمن عينك الكحلاء كانت بليَّتي / فويلاه من غنجٍ بها وفتورِ
تفرَّقتِ اللذّات عنّي لفقدكم / تفرُّقَ أجنادٍ لفقد أمير
هو البدر إلا أن فيه بدائعاً
هو البدر إلا أن فيه بدائعاً / من الحسن ليست في هلالٍ ولا بدرِ
وينظر في وجه القبيح بوجهه / فيكشف حسناً باقياً آخر الدهرِ
أخي لا تؤاخذني وإن كان لي ذنب
أخي لا تؤاخذني وإن كان لي ذنب / فجرم الفتى في السكر داعية العذرِ
وحسبك ظني أنني كنتُ مجرماً / على خَبَرٍ فيه اعتذرت على خُبرِ
فها أنا ذا أدرى بعُذري من الذي / جَناه عليَّ السُّكرُ إذ أنا لا أدري
وإن كان شِعري قد أتاك بزلةٍ / فقد جاء يستعفيك من ذنبه شعري
فدونك عذراً قام فكري بصنعه / على أن ذنبي لم يحس به فكري
ولمّا رأيتُ الحُبَّ قد مدَّ جسره
ولمّا رأيتُ الحُبَّ قد مدَّ جسره / ونوديَ في العُشاق ويحَكُمُ فرُّوا
تبادرتُ نحو الجسر كيما أجوزه / فأدرَكَني الحرمانُ وانقطع الجِسرُ
يقولون قد أخفى محاسنَهُ الشَعرُ
يقولون قد أخفى محاسنَهُ الشَعرُ / فهيهات هل يخفى على الظُّلمة البَدرُ
كم بين أرضٍ قِفارٍ لا نباتَ بها / وأرضٍ اُخرى عليها النبت والزهرُ
بدت لوداعٍ والتجمُّل سترُها
بدت لوداعٍ والتجمُّل سترُها / فزال لإشفاق التفرُّق هجرُها
فتاةٌ كأن الصبح يجلوه وجهُها / لنا وكأن الليل يدجيه شَعرُها
فلو أبصَرَتها أُمَّةٌ ثَنَويَّةٌ / لكان إله القوم ما ضمَّ خِدرُها
نفى حُسنُها عنها العتابَ لأنها / إذا ما أساءت كان في الحُسن عُذرُها
لقد زال طيبُ العيش عنّي لفقدها / كما زال عنها للتفجُّع كِبرُها
ولمّا تسارقنا الوداعَ تخالُساً / لعَيني رقيبٍ يغلب الليلَ خزرُها
جرى ماءُ جفنَيها على نار خدِّها / فصار لظاها في فؤادي وجمرُها
لقد قلَّ صبري بعدها وتجلُّدي / فيا ليت شعري بعدنا كيف صبرُها
فأصبحتُ حيرانَ الفؤاد لفُرقَةٍ / أُقاسي هَناةً ليس يجمل ذكرُها
وما افتقرت نفسي إذا كان إنما / يلوذ بإخوان التَّديُّنِ فقرُها
فكلُّ مُحبّي آل أحمد أنجمٌ / وآلُ أبيك السادةُ الغُرُّ زُهرُها
إذا اختلفت بالأكرمين مجالسٌ / فإنك في كلِّ المجالس صدرُها
وإن كنتَ في شرخ الشباب هلالها / فإنك في مستكمل القَدرِ بدرُها
تخلَّقتَ أخلاقاً هي الخمر لذَّةً / وطيباً ولكن في الصَّبابة سُكرُها
وليس قبيحاً سكرة اللهو بالفتى / ولا سيَّما والظَّرف والشَّكل خمرُها
وكان وصيُّ المصطفى خيرةِ الورى / له مزحات ينثر الأُنسَ نَشرُها
تَلَقّى العَوافي بالأيادي فإنها / مآثرُ لا يعفو على الدهر أثرُها
وتزكو الأيادي عند ذي الشكر مثل ما / تَضاعف في الأرض الزكيَّة بذرُها
مشاكلة الآداب والشكل فيهما / وسائل لا يُخشى من الحرِّ خَفرُها
فدُونَكها بِكر المعاني زففتُها / عروساً ومن خير العرائس بكرُها
إذا نحن قلنا طال عمرُك أيقنت / بذاك المعالي أنَّ عمرك عمرُها
أخدّاكَ وردٌ أم ثناياك جوهرُ
أخدّاكَ وردٌ أم ثناياك جوهرُ / وصدغاك مسك أم عذارك عنبرُ
وأقمرتَ يا بدرَ الملاحة كلِّها / فما ضرَّنا البدرُ الذي ليس يقمرُ
وما نظرت عيني إلى الشمس ساعةً / من الدهر إلا خلتُها لك تنظرُ
وما دمعتي تلك التي قد تحدَّرت / ولكنَّها وَدقٌ غدت تتحدَّرُ
أيا غصناً من تحت بدرٍ على نقاً
أيا غصناً من تحت بدرٍ على نقاً / على كثُبٍ قد انكَسف البَدرُ
أغارَ عليه الدهرُ من أعين الورى / فأنبَتَ شَعراً في منابته الشَّعرُ
رياضٌ بها للزَّعفران تكاثُفٌ / وقد سيَّرت فيها سَنابكَها الحُمرُ
ألا ما لعيني أشرقت لي بنورها / فأبصرتُ بدرَ الليل زاحمه الفجرُ
فديتك ما للدَّهر فيك وللقلى
فديتك ما للدَّهر فيك وللقلى / خلوتُ ولكن للصيانة والسترِ
لعلّي أنال الأنس في حجب خلوةٍ / كذاك يُنال الدرُّ في غامض البحرِ
أُريد بأن يخفى على الناسِ وَقفُه / فأخفى وهل يخفى الوقوف مع البدرِ
إذا ما رأيتُ الشوق يُجري خيوله / لكشف الهوى صيَّرتُ ميدانَه صدري
ثَنى عنك طرفي لحظُ طرفك فانثنى / كذاك خُمار الخمر يُكسَر بالخمرِ
ويصبح ريحانُ الهوى حين نلتقي / نَماءَ المنى من ذلك النظر الشزرِ
وتنظر في حالي وذاك هوى المنى / وفوق المنى لو كنتَ تنظر في أمري
عذرتُ حبيبي أن أقام على هجري / لأن ذنوبي قد كثرن على العذر
بُليتُ بذنبٍ فوق ذنبي لشقوتي / وما أوجع العَقر الأليم على العقرِ
وما أنا إلا مثل جابر عَظمِه / فلمّا بَرَا ثَنّى بكَسرٍ على الجَبرِ
أسأتُ إلى من لم يزل بيَ محسناً / فحقّي بأن أُرمي بقاصمة الظهرِ
أيعرف قدري ثم أجهل قدرَهُ / فلا عرف الرحمن من دونها قدري
حراميَّة منّي أتيه على الذي / بداخله تيه على الشمس والبدر
فيا ليلةً أدركتُها وحُرمتُها / وكنت كمحرومٍ رأى ليلة القدرِ
فيا نعمةً فاتت ويا محنةً أتت / فموتٌ على فَوتٍ وقتلٌ على كفرِ
أبا حسنٍ ما حيلتي ووسيلتي / أبِن لي فإني قد تحيَّرتُ في أمري
أأصبر للهجران أم أطلب الرضا / وهيهات أن ترضى وهيهات من صبري
أغار عليه لستُ أملك وصلَه
أغار عليه لستُ أملك وصلَه / وأخيب عشاق الملاح غيورُها
كأحمق لم يمكنه يدخل قريةً / فقال أنا دهقانها وأميرُها
فراقك فيه حسرتي وتنغّصي
فراقك فيه حسرتي وتنغّصي / ولو عُدتَ عادت لذتي وسروري
بحقِّ الإشارات التي كُنَّ بيننا / أتذكرها أم أنتَ غير ذَكُور
فمن عينك النجلاء كانت بليتي / فويلاه من غنجٍ بها وفتورِ
تفرَّقتِ اللذّات عنّي لفقدكم / تفرُّقَ أجنادٍ لفقد أمير
أقرَّت نجومُ الحسن أنك بدرُها
أقرَّت نجومُ الحسن أنك بدرُها / وأنك في روض المحاسن زهرُها
ووجه لو اَنَّ الأعين العور كُحِّلت / ببهجته يوماً لراجَعَ بصرُها
وللجُدَري فيه رسوم محاسنٍ / يُرى فيه آثارَ المحاسن أثرُها
على قامةٍ مازال يُغبَط ردفُها / ويُحسَدُ ساقاها ويُرحَم خصرُها
فتسعة أعشار الملاحة قُسِّمَت / عليك وفي كلِّ الخلائق عُشرُها
وقد نُقِشت نقشَ الدنانير عدنا / صفاتك إلا أن عقلك تبرُها
محاسن زاد العقل فيها محاسناً / فيحسن مرآها ويحسن ذكرُها
لذكرك طِيبٌ في النفوس لو اَنَّه / لجسمك لم يُجلَب من الهند عطرُها
فصارت بك الأيامُ أعيادَ لذَّةٍ / فما كاد أضحاها يبين وفِطرُها
تقلِّبُ طرفاً لو تقلَّبَ سحرُهُ / على الأرض لم يظهر ببابل سِحرُها
فلو كنتَ في سوق الجواهر ضاحكاً / إذا عُرِضَت لم يغلُ في السوق قَدرُها
أرى لك قبل الأُنس مزح تَظرُّفٍ / كذلك قبل الشمس يطلع فجرُها
وما عابَ نفسَ المرء كثرةُ مزحها / إذا قلَّ منها خلف ذلك نُكرُها
وطبعاً وأخلاقاً إذا بانَ كشفُها / تبيَّن من تحت التكشُّف سترُها
تخلَّقتَ أخلاقاً هي الخمر لذَّةً / وطيباً ولكن في التظرُّفِ سكرُها
خلائق يُرضي اللهَ في السرِّ صونُها / ويرضي عباد اللَه في الجهر نشرُها
فيكثر عند الناس في ذاك حمدُها / ويكثر عند اللَه في ذاك أجرُها
وشمس خدورٍ لو بدت من خدورِها
وشمس خدورٍ لو بدت من خدورِها / لرضوان أزرَت بالجنان وحُورِها
إذا ما بدت لو لم يكن ماءُ وجهِها / يدافع عنّا لاحترقنا بنورِها
إذا ما أجالت طرفَها سجد الهوى / لأجفانها من غنجها وفتورِها
تَعلَّم غصنُ البان من حركاتها / فنوناً وما يأتي بعُشر عشيرِها
يُرى حَليُها من حسنها متزيناً / ومن طِيبها يزدادُ طِيبُ عبيرِها
إذا مسها لينُ الحريرِ فجسمُها / ينعِّم ما قد مسَّها من حريرها
لها نعمةٌ لو في المعاد تقسمت / لعاشت بها الموتى الى نفخ صُورها
ولو ضربت بين القبور بنَغمةٍ / لقهقهتِ الموتى لها من قبورِها
لو اَنَّ سليمانَ النبيَّ يخالُها / توهَّمها بلقيسَ فوق سريرِها
فتاةٌ لها عندي حديثٌ وإنما / لواحظُها قد حدَّثَت عن ضميرِها
تُؤخِّر عن قلبي نصيبَ سرورِه / وقد عَجَّلت للعين بعضَ سرورِها
إذا جئت عطشاناً إلى ماء وصلها / فما يُنقَع الصادي بصفو غديرِها
لها صدقُ إعراضٍ وزُورُ تعرُّضٍ / فيا حَسرَتا من صدقها لي وزُورِها
تُرضّي خيال الناس عند مغيبها / وتُبدي إشارات المنى في حضورِها
وقولوا لها إني أسيرٌ بحبِّها / فهل عندها من رحمةٍ لأسيرِها
ستتلف روحي وهي روحٌ خطيرة / لئن بخلت عنّي ببذل خطيرِها
فإن أحسنت جازيتُ ذاك وإن يكن / غروراً فلا جازيتُها بغرورِها
فيا سُؤلَ قلبي أوضِحي مسلك المُنى / لروحي فقد حَيَّرتِها في أُمورها
أجَنَّة وصلٍ نرتعي في نعيمها / أنارُ صدودٍ نصطلي في سعيرِها
فإنَّ حراماً أن تُعَرَّض مهجة / لموتٍ ولم يُعلَم مكانُ مصيرِها
فها أنا روحي في السياق فزَخرفي / جِنانَ مناها وابعثي ببشيرِها
وشاهدُ ما ألقاه مني رسالتي / أتَتكِ سطورُ الدمع فوق سطورِها
أتجرؤ في تلبيس ذكرك في ذكري
أتجرؤ في تلبيس ذكرك في ذكري / وتطمع في تدليس قدرك في قدري
وإنك إذ تزري عليَّ مغدَّرٌ / لأني أرى التنينَ يزري على البَدرِ
فيا زارياً ما زال تمصيعُ لفظه / اذا قرأ القرآنَ يدعو الى الكُفر
يقول له الشيطانُ عند قِرائه / أجَدتَ بما حَرَّفتَ من محكم الذِّكرِ
لو اَنَّ رسول اللَه يسمع درسَه / إذن قال ذا غير المنزَّل في صدري
إذا ما قرا حرفاً لتنفيس حفظه / فمقصوده أن نختم الحمدَ في شهرِ
يمدُّ لنا سين السراط كأنه / يُجَرّي صبيّاً فهو يَجري إذا أُمري
يُكذِّب يُسراً بالقِران قِرانه / لما قد نقاسي في القراءة من عُسرِ
يُنازع في والنازعاتِ إذا قرا / ويعصر منه العين في عَينِ والعَصرِ
اذا ما قرا والفجرِ في عتماتِهِ / تراه يقاسيها إلى مطلع الفجرِ
قرا الحشرَ يوماً بالغداة مصلياً / فطوَّل حتى خِلتها وقفةَ الحَشرِ
يُزَهِّد في الإسلام قُبحُ قِرائه / فيكسب فينا الإثمَ من موضع الأجرِ
ويحسب من جهلٍ وعُجبٍ بأنه / كعاصمٍ المقري أو كأبي عمرو
عميت أبا الحسن ثم عميتَ عن / عماك كما قد قيل في سالف الدهرِ
جهلتَ ولم تعلم بأنك جاهلٌ / فمَن لي بأن تدري بأنك لا تدري
مؤازرةُ الإخوانِ ذخرٌ من الذخرِ
مؤازرةُ الإخوانِ ذخرٌ من الذخرِ / وللحُرِّ أن يشكو هواه إلى الحرِّ
ومَن لم يُجانب شهوةً لمروءةٍ / كذلك لا يحظى بحمدٍ ولا أجرِ
بقلبيَ جمرٌ من هواه فإن أكن
بقلبيَ جمرٌ من هواه فإن أكن / شكوتُ فهذا الوجد من ذلك الجمرِ
إذا سألوني عنك مَوَّهت قصَّتي
إذا سألوني عنك مَوَّهت قصَّتي / ولجلجتُ لجلاج الضفادع في البحرِ