المجموع : 15
بِندَّاتِ دَمعِ العينِ مزدحم الصَّبرِ
بِندَّاتِ دَمعِ العينِ مزدحم الصَّبرِ / فَخدُكَ ما ينفكُّ من عَبرةٍ تَجرِي
وألَّفَ بين الجسم والسقمِ كامِنٌ / من الشوقِ عاقَ الصبرَ عن ساحةِ الصدرِ
أإن بان من تهوى ركنتَ إلى الأسى / ونادى منادِي الشوقِ قبلك بالذكرِ
فما قرَّ مذ فارقته في مكانهِ / ولا كانَ إلا طارئاً ضل عن فكري
أحادثُ نفساً ترتقي كل ساعةٍ / فأحبسُها بين الترائبِ والنحرِ
ويبلغنيها غصتي وكأنها / ملذعةٌ بين الجوانحِ بالجمرِ
أجِب قد دعاكَ الجِسمُ إن كنتَ لا تدري
أجِب قد دعاكَ الجِسمُ إن كنتَ لا تدري / ألا إن إخواني أباحت حمى وَكري
ولم أشك ما بالقلب مما أرى به / من الشوقِ حتى كاد يخرجُ من صدري
إذا زفرةٌ غصَّت فؤادي بحسرةٍ / بعثت بها من مقلتي عبرةً تجري
وهل يقدر المحزون إلا على الرضا / وحسبُ اشتياقي إذ هتكتُ له ستري
أبيت كأن الليلَ قال لنجمهِ / أقِم لا تجب داعي الصباحِ ولا تسرِ
وأضحى جديدُ الهم والشوق بالياً / ولا أحسبُ الآفاتِ إلا من الهجرِ
صَبرتُ وإنَّ الصبر عنك عسيرُ
صَبرتُ وإنَّ الصبر عنك عسيرُ / وموتُ محبٍّ في هواكَ يسيرُ
أما رحمت عيناك من في فؤاده / عليكَ غليلٌ دائمٌ وزفيرُ
وكسرةُ جفنٍ ما تكادُ تقلهُ / وفترة طرفٍ ما تكادُ تدورُ
لأنت الذي ما إن أرى لك مشبها / كما ما لمن يهواكَ فيه نظيرُ
بعينيكَ ما ألقى وتعلمُ أنَّ لي
بعينيكَ ما ألقى وتعلمُ أنَّ لي / فُؤادا سَيلقى بالهوَى آخر الدهرِ
وتزجُرني العذالُ عن طاعةِ الهَوى / وقد علِموا أن لا سبيلَ إلى الصبرِ
وقد كنتُ أخفي الشوقَ ما ستر الهوى / عليَّ فنمت عبرةٌ بدمٍ يجري
فيا حسنَ أيامي وطولَ سلامتي / ولذةَ عيشي لو علمتُ من الهجرِ
ولما رأيتُ الدمعَ غاصَ إلى الحشا
ولما رأيتُ الدمعَ غاصَ إلى الحشا / وأن فؤادي من دموعي في بحرِ
نظرت إلى عينيَّ لا ماءَ فيهما / فأيقنت أن الدمعَ تحتهما يجري
فلولا استبانَ الدمعُ في مضمرِ الحشا / تفجرَ أنهارُ الدموع من الصدرِ
على أن قلبي ينشفُ الدمعَ حرهُ / وأين بقايا الدمعِ في وَهَجِ الجَمرِ
ومستنجدٍ بالحُزنِ دمعاً كأنهُ
ومستنجدٍ بالحُزنِ دمعاً كأنهُ / على الخدِّ مما ليسَ يرقاهُ حائرُ
إذا ديمةٌ منهُ استقلت تهللت / أوائل أخرى ما لهنَّ أواخرُ
يرى مقلتيهِ الدمع حتى كأنَّهُ / لما انهلَّ من عينيهِ في الماءِ ناظرُ
وينظرُ من تحتِ الدموعِ بمقلةٍ / رنا الشوقُ في إنسانها فهو ساحِرُ
سترتكَ حتى طال حبكَ عن ستري
سترتكَ حتى طال حبكَ عن ستري / وأسررتُ حتى أثرَ السرُّ في صدري
وحتى وجدتُ الصبرَ مُراً ولم أجِد / لقلبي سبيلاً في هواكَ إلى الصبر
وحتى رأيتُ العينَ تمطُر وجنتي / دماً ودموعاً بين أجفانِها تجري
ولما رأيتُ السرَّ يختلِبُ الصبا / ويَشرعُ في الصبرِ استرحتُ إلى الهجرِ
ولم أشكُ حتى ذابَ قلبيَ في صدري
ولم أشكُ حتى ذابَ قلبيَ في صدري / ولم يبقَ لي من مقلتي عبرةٌ تجري
وحتى سقيتُ الخدَّ من بعدِ عبرتي / سحابَ دمٍ مما بكيتُ على صدري
بعيني ونفسي من حياتيَ قربهُ / على كلّ حالٍ من وصالٍ ومن هَجرِ
ولو لم أجِد ما حلَّ بي من فراقهِ / وشوقي إليهِ ما عتبتُ على دهري
أطعتَ وخَالَفت الهَوى والتذكرا
أطعتَ وخَالَفت الهَوى والتذكرا / فكدَّرت عَيشاً صافياً فتكدَّرا
على دنفٍ لو آثرَ العتبَ قلبُهُ / وأوحشَهُ طُولُ الضنا ليُبصرا
ولكنَّه أمسى كئيباً متيماً / ألحَّ عليهِ شوقُهُ فتحيرا
وطارَ من البينِ المشتِّ فؤادُهُ / وقد كان من ذكرِ الفِراقِ تطيَّرا
ولما تقضيتُ الدموعَ جرى دمٌ
ولما تقضيتُ الدموعَ جرى دمٌ / من العينِ لا تبقي عليه المحاجرُ
ولا عذرَ لي في صبوةٍ عند غادرٍ / من الناسِ إلا أنَّني لك ذاكرُ
إذا غبراني أربعينَ ملالةً / من الحينِ أو أن يعذرَ الشوق حاضرُ
ولي زفرةٌ أذكى من النارِ حالفَت / أوائلَ شوقٍ ما لهنَّ أواخِرُ
سلوتُ وفي قلبي على الهجرِ خطرةً
سلوتُ وفي قلبي على الهجرِ خطرةً / من الوَجدِ لم يدخُل مداخلها الصبرُ
أصدُّ فيدعوني فلطَّفتُ راجِعاً / إليها على نأيٍ فَيمنَعُني الهجرُ
فأصبحتُ لا أدري لأيتةِ وجهةٍ / أسيرُ ولا في أيِّ حالٍ له عذرُ
ولما رأيتُ الدهرَ يَهوى فِراقنا / ويَحسدُنا صِرنا إلى ما يرى الدَّهرِ
أَصابَ فُؤادِي منكَ ما كنتُ أحذرُ
أَصابَ فُؤادِي منكَ ما كنتُ أحذرُ / وما ذاكَ إلا أنه ليسَ يقصرُ
وعينٍ كعينِ الماءِ من كثرةِ البُكا / يُرى نومها شوقاً معَ الدَّمعِ ينظرُ
إِذا استتبَع الدَّمعُ الكَرى مَر مُسرعاً / إِلى الوردِ جيران له عنهُ يصدرُ
ولو كانَ صَبرِي مثلَ شَوقي تقاوما / ولكنَّ شَوقي من عزائيَ أكبرُ
وعينٍ قذاها الدمعُ والنومُ دمعُها
وعينٍ قذاها الدمعُ والنومُ دمعُها / ترى نومها في أيٍّ عينٍ بها يجري
خبَت ما خنَت من شدةِ الشوقِ والبُكا / على نفسِها والنفسِ والقلب والصدرِ
بكت عبرةً ثم امترت جَفنها دماً / جرى طاعةً للوجدِ والنومِ والصبرِ
عدمتُكِ عيناً طال عتبي بما جَنَت / على نفسِها ما دُمتُ حياً على الدهرِ
ولامسَهُ قلبي فآلمَ كفَّهُ
ولامسَهُ قلبي فآلمَ كفَّهُ / فمِن لَمسِ قلبي في أنامِلهِ عقرُ
وَمرَّ بِفكرِي خاطِراً فَجرحتُهُ / وَلم أرَ خلقاً قطُّ يجرحُهُ الفِكرُ
أراني ذليلَ النَّفسِ مذ أنتَ عاتبٌ
أراني ذليلَ النَّفسِ مذ أنتَ عاتبٌ / وأيَّةُ نفسٍ لا تذلُّ على الهَجرِ
يُعاتبُ بَعضي فيكَ بَعضاً وكلهُ / إليكَ وحبُّ العَفوِ يَسمحُ بالعُذرِ