القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الأَبِيوَرْدي الكل
المجموع : 19
بَدَتْ عَقِداتُ الرّمْلِ والجَرَعُ العُفْرُ
بَدَتْ عَقِداتُ الرّمْلِ والجَرَعُ العُفْرُ / فَمِسْنا كما يَعْتَنُّ في المَرَحِ المُهْرُ
ودُسْنا بأخْفافِ المَطيِّ بِها ثَرًى / يَنُمُّ على مَسْرى الغَواني بهِ العِطْرُ
كأنَّ دِيارَ الحَيِّ في جَنَباتها / صَحائِفُ والرَّكْبَ الوُقوفَ بِها سَطْرُ
تَزيدُ على الإقْواءِ حُسْناً كأنّهُمْ / حُلولٌ بِها والدّارُ مِنْ أهلِها قَفْرُ
مَحا آيَها صَرْفُ اللّيالي وقَلَّما / يُرَجَّى لِما تَطْويهِ أيدي البِلى نَشْرُ
بِما قَدْ ترى مُخْضَرَّةً عَرصاتُها / يُجيب صَهيلَ الأعْوَجِيِّ بِها الهَدْرُ
ويأْوي إلَيها مِنْ لُؤَيِّ بنِ غالِبٍ / إذا شَبَّتِ الهَيْجاءُ ذو لَجَبٍ مَجْرُ
وكُلُّ فتًى يَرْدي بهِ الطِّرْفُ في الوَغى / مُشيحاً كَما أوفى على المَرْقَبِ الصَّقْرُ
وأرْوَعُ وافي اللُّبِّ والسِّلْمِ جامعٌ / وفي الحَرْبِ إن حكَّتْ بهِ بَرْكَها غَمْرُ
وكَمْ في هَوادي سِرْبِهِم مِنْ مُهَفْهَفٍ / إذا خَطَرَ استَعْدى على الكَفَلِ الخَصْرُ
يَميسُ اهْتِزازَ الخُوطِ غازَلَهُ الصَّبا / ويَنْظُرُ عنْ نَجلاءَ أضْعَفَها الفَتْرُ
ومِنْ رَشأٍ يَثْني عليَّ وِشاحَهُ / بِما حدَّثَتْهُ عنهُ مِنْ عِفَّتي أُزْرُ
لهُ ريقَةٌ ما ذُقْتُها غيرَ أنَّنِي / أظُنُّ وظنِّي صادِقٌ أنَّها خَمْرُ
ووَجْهٌ يَرُدُّ اللّيلَ صُبْحاً بهِ السَّنا / وفَرعٌ يُريكَ الصُّبْحَ لَيْلاً بهِ الشَّعْرُ
وجِيدٌ كما يَعْطُو إِلى البَانِ شادِنٌ / تُفيءُ علَيه الظِّلَّ أفْنانُهُ الخُضْرُ
وعَينٌ كما تَرْنو المَهاةُ إِلى طَلاً / إذا غابَ عَنها اغْتالَ خَطْوَتَهُ الذُّعْرُ
أقولُ لهُ والليلُ واهٍ عُقودُهُ / كأنَّ تَوالي شُهْبِهِ اللُّؤلُؤُ النَّثْرُ
أتَهْجُرُ مَن غادَرْتَ بينَ ضُلوعِهِ / جَوًى يتلظّى مثلَما يَقِدُ الجَمْرُ
وتُلْزِمُهُ أنْ يَكتُمَ السِّرَّ بَعدَما / أُطِيعَ له الواشي فسِرُّ الهَوى جَهْرُ
وتَزْعُمُ أن الهَجرَ لا يُعْقِبُ الرَّدى / وهَل حادِثٌ يخْشى إذا أُمِنَ الهَجْرُ
وَقَفْنا بِمُسْتَنِّ الوَداعِ وراعَنا / بِحُزْوى غُرابُ البَيْنِ لا ضَمَّهُ وكْرُ
وألَّفَ ما بينَ التَّبَسُّمِ والبُكا / سُلُوٌّ ووَجْدٌ عِيلَ بَينُهُما الصَّبْرُ
فواللهِ ما أدري أثَغْرُكِ أدْمُعي / غَداةَ تَفَرَّقْنا أمِ الأدْمُعُ الثَّغْرُ
تبَرَّمَتِ الأجفانُ بَعدَكِ بِالكَرى / فَلا تَلتَقي أو نَلْتقي ولها العُذْرُ
تَغيبُ فلا يَحلى بِعَيني مَنظَرٌ / ويَكثُرُ منّي نحوَهُ النّظَرُ الشَّزْرُ
ويلفِظُ سَمْعي مَنطِقاً لمْ تَفُهْ بهِ / على أنّهُ كالسِّحْرِ لا بل هو السّحْرُ
فَفيهِ وما كُلُّ الكَلامِ بِمُشْتَهى / سوى مَدْحِ فَخْرِ الدّينِ عن مِثْلِهِ وَقْرُ
خَطا فوقَ أعناق الأعادي إِلى عُلاً / لَها بَينَ أطرافِ القَنا مَسْلَكٌ وعْرُ
بِماضي الشَّبا رَطْبِ الغِرارَيْنِ لمْ يَزَلْ / يُراعُ بهِ صِيْدُ الكُماةِ أوِ الجُزْرُ
ومُرتَعِدِ الأُنْبوبِ يُرْوي سِنانَهُ / دَمٌ مائِرٌ والدُّهْمُ مِن نَضْحِهِ شُقُ
لهُ طَعَناتٌ إنْ سُبِرْنَ تَخاوَصَتْ / إِلى مَن يُداويهِنَّ أعْيُنُها الخُزْرُ
إذا ما دَعا لَبّاهُ كُلُّ سَمَيْدَعٍ / تُعَلُّ بِكَفَّيهِ الرُّدَيْنيَّةُ السُّمْرُ
يَظلُّ وفي ظَهْرِ الحِصانِ مَقيلُهُ / ويُمْسي وبَطْنُ المَضْرَحِيِّ لهُ قَبْرُ
مِنَ المَزيَديّينَ الذينَ نَداهُمُ / لِمُسْتَمطِريهِ لا بَكِيٌّ ولا نَزْرُ
أكُفٌّ سِباطٌ تُمْتَرى نَفَحاتُها / إذا لمْ يكُنْ في دَرِّ جاذِبةٍ غَزْرُ
وخَيْرٌ مِن المالِ الثَّناءُ لِماجِدٍ / يُراقِبُ أعقابَ الأحاديثِ والذِّكرُ
ولِلجارِ فيهمْ ذِمَّةٌ لَم يُهِبْ بها / وقَد أطْفأَ المُثْرونَ نارَ القِرى غَدْرُ
يَحِلُّ يَفاعاً يَخْزَرُ النَّجْمُ دونَهُ / ويَعْتَنِقُ الجَوْزاءَ في ظِلِّهِ الغَفْرُ
أذَلُّوا بِسَيفِ الدّولةِ ابنِ بَهائِها / رِقاباً فأرْخَى مِن عَلابِيِّها القَسْرُ
أغَرُّ إذا ما النِّكْسُ أرْتَجَ بابَهُ / فما دونَ ناديهِ حِجابٌ ولا سِتْرُ
وإن شامَ مَنْ ألوى بهِ المحْلُ بَرْقَهُ / تَيَقَّنَ أنَّ العُسْرَ يتْبَعَهُ اليُسْرُ
تُبيدُ يَداهُ ما يُفيدُ بِبَأسِهِ / فلَيسَ سِوى الذِّكْرِ الجَميلِ لهُ ذُخْرُ
عَليه رِداءٌ لمْ يَشِنْ صَنِفاتِهِ / أثامٌ ولَمْ يَعْلَقْ بأذْيالِهِ وِزْرُ
إذا القُبَّةُ الوَقصاءُ مالَ عَمودُها / وقصَّرَ مِن أطْنابِها نُوَبٌ تَعْرو
ولَمْ يَسْرِ مَرقوعُ الأظَلِّ على الوَجى / رَذِيّ مَطايا حَطَّ أكْوارَها السَّفْرُ
رَجا البَدْوُ مِنهُ ما يُرَجَّى مِنَ الحَيا / وأمَّلَهُ تأميلَ وابِلِهِ الحَضْرُ
لهُ نِعَمٌ تَنْمي على الشُّكْرِ في الوَرى / وإنْ جَحدَوها لمْ يَحُلْ دونَها الكُفْرُ
هو العُرْفُ إنْ يُشْكَرْ يُضاعَفْ وإنْ يُثَبْ / يُتابَعْ وإنْ يُكفَرْ ففي بَذْلِهِ الأجْرُ
وحَرْبٍ عَوانٍ لمْ يَخُضْ غَمَراتِها / سِوى أسَدِيٍّ هَمُّهُ الفَتْكَةُ البِكْرُ
إذا ورَدَتْها البِيضُ يَلْهَثْنَ مِنْ صدًى / رَجَعْنَ رِواءً وهْيَ قانِيَةٌ حُمْرُ
يَئِنُّ لها الأبطالُ مِنْ حَذَرِ الرَّدى / أنينَ هَوامي العِيسِ أضْجَرَها العِشْرُ
ويَزْأَرُ في حافاتِها كُلُّ ضَيْغَمٍ / إذا كَلَّ فيها نابُهُ خَدَشَ الظُّفْرُ
سَما نَحوها في غِلْمَةٍ ناشِرِيَّةٍ / لهَمْ في صَهيلِ الخَيلِ أو نَقْعِها نُذْرُ
يَفوتونَ بالأوْتارِ مَنْ عَلِقوا بِهِ / وتَأبى العَوالي أنْ يَفوتَهُمُ وِتْرُ
إذا صِيحَ بالشَّعْواءِ في الحَيِّ أُسْرِجَتْ / نَزائِعُ مَعْصوبٌ بأعْرافها النَّصْرُ
يَنُمُّ على أعراقِها مِنْ رُوائِها / تَباشِيرُ عِتْقٍ قَبلَ أن يُخْبَرَ الحُضْرُ
فما راعَهُمْ جَرْسُ الخَلاخيلِ والبُرى / ولا زالَ رُعْباً عنْ مَعاقِدِها الخُمْرُ
بَني أسَدٍ أنتُمْ مَعاقِلُ خِنْدِفٍ / إذا ما شَحا فاهٌ لَها حادِثٌ نُكْرُ
ولا خَيْرَ إلا في نِزارٍ وخَيْرُها / إذا حُصِّلَ الأحْسابُ دُودَانُ والنَّضْرُ
وفَرْعُ بني دُودانَ سَعدُ بنُ مالِكٍ / وكَهْفُ بني سَعْدٍ سُواءَةُ أو نَصْرُ
وناشِرَةٌ أعلى سُواءَةَ مَحْتِداً / إذا قيل أينَ العِزُّ والعَدَدُ الدَّثْرُ
وأثْبَتُها في حَومَةِ الحَرْبِ مالِكٌ / وعَوفٌ وذو الرُّمْحَينِ جَدُّكُمُ عَمْرو
ومَنْ كَحُيَيٍّ أو كَجِلْدٍ ومَرْثَدٍ / ورَيّانَ والآفاقُ شاحِبةٌ غُبْرُ
وأرْحَبُهُمْ باعاً عَليٌّ ومَزْيَدٌ / إذا السّنَواتُ الشُّهْبُ قَلَّ بها القَطْرُ
ومَن كَدُبَيْسٍ حينَ تُفْتَرَشُ القَنا / إذا النَّقْعُ لَيلٌ والظُّبَى أنجُمٌ زُهرُ
وما زالَ مَنصورٌ يُنيفُ على الوَرى / بهِ الشَّرَفُ الوَضَّاحُ والحَسَبُ الغَمْرُ
فسِرْتَ على آثارِهِ مُتَمهِّلاً / ولمْ يَختَلِفْ في السَّعْي بَيْنَكُما النَّجْرُ
ومِنْ أيِّ عِطفَيْكَ التَفَتَّ تَعَطَّفَتْ / عَليكَ بِهِ الشَّمْسُ المُضيئَةُ والبَدْرُ
ومَجدٌ مُعَمٌّ في العَشيرةِ مُخْوَلٌ / أحَلَّ أبا المِظْفارِ ذِرْوَتَهُ كِسْرُ
خَلفْتَهمُ في المَكْرُماتِ وفي العُلا / كما تَخْلُفُ السُّمْرَ المُهَنَّدَةُ البُتْرُ
ولو لم يَكُنْ فيهمْ مُؤَثَّلُ سُؤدَدٍ / كَفَتْهُم مساعِيكَ المُحَجَّلةُ الغُرُّ
وكَم شَيّدَتْ أيّامُكُمْ مِن مَناقِبٍ / يُحَدِّثُ عَنها في مَجالِسِها فِهْرُ
نشأنَ وظِئْراها القَواضِبُ والقَنا / لَديْكُمْ وتِرْباها الكَواكِبُ والدَّهْرُ
وقائِعُ رَدّتْ في قُضاعةَ مَذْحِجاً / يَهَشُّ لِذِكْراها ذُؤالةُ والنَّسْرُ
وقَد شارَكَتْ غسّانَ فيهنَّ حِمْيَرٌ / وما سَلِمَتْ مِنهُنَّ قَيْسٌ ولا بَكْرُ
وهانَ على حَيَّيْ خُزَيمَةَ أن ثَوى / عُتَيْبَةُ أو ذاقَ الرَّدى صاغِراً حُجْرُ
فإنَّ سُيوفاً أغْمَدَتْها حلومُهُمْ / لَتَفْري طُلى يَلْوي أخادِعَها الكِبْرُ
وآثارُها مَشهورَةٌ وغُمودُها / إذا جُرِّدَتْ هامُ المُلوكِ ولا فَخْرُ
عُرِفْنَ بحَيْثُ الشّمْسُ تُلقِي جِرانَها / وفي حَيْثُ يَجلو عن مَباسِمِهِ الفَجْرُ
وفي أيِّ عَصْرِ الجاهِليّةِ لمْ يَسُدْ / لكُمْ سَرَواتِ العُرْبِ مَن أمرُهُ الأمْرُ
ولمّا أتى الإسلامُ قُمتُمْ بنَصْرهِ / فلَمْ يُفتَتَحْ إلا بأسيافِكُمْ مِصْرُ
وأنتُمْ إذا عُدَّتْ مَعَدٌّ بمَنْزِلٍ / يُجاوِرُ أحْناءَ الفُؤادِ بهِ الصَّدْرُ
ومُنتَعِلاتٍ بالنَّجيعِ زَجَرْتُها / وهُنَّ بقايا هَجْمَةٍ سَوْطُها الزَّجْرُ
عَدا نَسَلانَ الذِّئْبِ في أخْرَياتِها / أُشَيْعِثُ مَشدودٌ بأمثالِهِ الأُزْرُ
رَحيضُ حواشي البُرْدِ ما شانَهُ الخِنَى / خَفيضُ نَواحي النُّطْقِ ما شابَهُ الهُجْرُ
نَهوضٌ بأعباءِ الرّفيقِ وإنْ غَلا / على مُنحَنى الأضْلاعِ مِنْ صَحْبِهِ غِمْرُ
إذا ما سِراجُ اليَومِ أطْفأَهُ الدُّجى / مَشى كَنَزيفِ القَومِ رنَّحَهُ السُّكْرُ
يَجوبُ بِها والنّومُ حُلْوٌ مَذاقُهُ / أديمَ الفَلا وهْناً وإسْآدُها مُرُّ
لَواغِبُ يُحْذَيْنَ السَّريحَ مِنَ الحَفا / وأوساطُها يَشكُو بِها القلَقَ الضُّفْرُ
أُنِخْنَ وقَد دانى خُطاها كَلالُها / إليكَ فأدْنَتْها البَشاشةُ والبِشْرُ
وقَد شَمِلَتْ عَدْنانَ نِعْمَتُكَ التي / نَعَشْتَ بِها قَحْطانَ إذْ خانَها الوَفْرُ
أرى كُلَّ قَيْسِيٍّ يَنالُ بكَ الغِنى / فَما لخُزَيْمِيٍّ يُحالِفُهُ الفَقْرُ
ولَو لمْ أُجاوِرْ تَغْلِبَ بْنَةَ وائِلٍ / قَرعْتُ ظَنابيبَ النَّوى ويَدي صِفْرُ
وحَولي أناسٌ تُنْفَضُ الرَّاحُ مِنهُمُ / كثيرونَ إلا أن يُقَلِّلَهُمْ خُبْرُ
وقد ساءَني طُولُ الصُّدودِ فلمْ أبُحْ / بِذاكَ وأعناقُ العِدا دونَنا صُعْرُ
وعيَّرْتَني تأخيرَ مَدْحِكَ بُرهةً / ومِنْ أينَ يَستوفي مَناقِبَكَ الشِّعْرُ
وفضُلُكَ لا يستوعبُ الحَصْرُ وصْفَهُ / ومجْدُكَ يَكبو دونَ غاياتِهِ الفِكْرُ
ومِنْ شِيَمي أن أُبليَ العُذْرَ فاسْتَمِعْ / ثَناءً كما يُثْني على الوابِلِ الزَّهْرُ
فإنّكَ بَحْرٌ والقَوافي لآلئٌ / ولا غَرْوَ أن يُستَوْدَعَ اللُّؤلُؤَ البَحْرُ
وكُلُّ مَديحٍ فيكَ يخلُدُ ذِكرُهْ / فمجْدُكَ والمَدْحُ القِلادَةُ والنَّحْرُ
وخَيْرُ قَريضِ القوْمِ ما طالَ عُمْرُهُ / على عُقَبِ الأيامِ طالَ لكَ العُمْرُ
سَرَتْ وظَلامُ اللّيلِ سِتْرٌ على السّاري
سَرَتْ وظَلامُ اللّيلِ سِتْرٌ على السّاري / وقَدْ عَرَّجَ الحادي بِبَطْحاءَ ذي قارِ
بحَيْثُ هَزيزُ الأرْحَبيِّ أوِ الكَرى / يَميلُ بأعناقٍ ويَهْفو بأكْوارِ
ألَمَّتْ بِرَكْبٍ منْ قُرَيشٍ تَطاوَحَتْ / بهمْ عُقَبُ المَسْرَى وأنضاءُ أسْفارِ
فَقالَتْ وقدْ عَضَّتْ عَلَينا تَعجُّباً / أنامِلَ بَيْضاءَ التَّرائِبِ مِعْطارِ
سَقى ورَعى اللهُ المُعاوِيَّ إنهُ / حُشاشةُ مَجْدٍ تالِدٍ بينَ أطْمارِ
وإني بِما مَنَّى الخَيالُ لَقانِعٌ / وإنْ لَم يَكُنْ في ذاكَ حَظٌّ لمُخْتارِ
فعِفَّتيَ اليَقظَى سَجِيَّةُ ماجِدٍ / وضَمَّتُهُ الوَسْنَى خَديعةُ غَدَّارِ
يَجوبُ إليَّ البيدَ والليلُ ناشِرٌ / على مُنحَنى الوادي ذَوائِبَ أنوارِ
وأفْديهِ منْ سارٍ على الأيْنِ طارِقٍ / وأهْواهُ منْ طَيفٍ على النّأْيِ زَوَّارِ
فَحيَّاهُ عَنِّي كلَّ مُمْسَى ومُصبَحٍ / تَهَزُّمُ وَطْفاءِ الرَّبابَيْنَ مِدْرارِ
إذا ضَجَّ فيها الرَّعْدُ أُلْبِسَتِ الرُّبا / حَياً وألاحَ البَرْقُ بالمِنْصَلِ العاري
على أنّ سَلمى حالَ دونَ لِقائِها / رِجالٌ يخوضونَ الرَّدى خَشيَةَ العارِ
مَتى ما أزُرْها ألْقَ عِندَ خِبائِها / أُشَيْعِثَ يَحمي بالقَنا حَوزَةَ الدّارِ
وكمْ طَرَقَتْنا وهْيَ تَدَّرِعُ الدُّجى / وتَمشي الهُوَيْنى بينَ عُونٍ وأبْكارِ
ولمَّا رأيْنَ اللَّيلَ شابَتْ فُروعُهُ / رجَعْنَ ولمْ يَدْنَسْ رِداءٌ بأوزارِ
مَضى وحَواشيه لِدانٌ كأنَّما / كَساهُ النّسيمُ الرَّطْبُ رِقَّةَ أسْحارِ
وهُنَّ يُجَرِّرْنَ الذُّيولَ على الثَّرى / مَخافَةَ أن يَستَوضِحَ الحَيُّ آثاري
ومِمَّا أذاعَ السِّرَ وَرْقاءُ كلَّما / أمَلْتُ إلَيها السَّمْعَ نَمَّتْ بأسْراري
إذا هيَ ناحَتْ جاوَبَتْها حَمائِمٌ / كَما حَنَّ وَلْهَى في رَوائِمِ أظْآرِ
كأنّ رُواتي عَلَّموهُنَّ مَنطِقي / فهُنَّ إذا غَرَّدْنَ أنشَدْنَ أشعاري
أتَتْكَ القَوافي يا بْنَ عَمْرٍو ولمْ تَرِدْ / مُعَرَّسَ نُوَّامٍ عنِ الحَمدِ أغْمارِ
وقلَّدْتَنا نَعماءَ كالرَّوض عانَقَتْ / أزاهيرَهُ ريحُ الصَّبا غِبَّ أمْطارِ
أيادِيكَ نُهْبَى الحَمْدِ في كُلِّ مَوطِنٍ / تَميلُ بأسْماعٍ إليْكَ وأبْصارِ
وأنتَ الذي قلَّمْتَ أظْفارَ فِتْنَةٍ / ألَحَّتْ بأنْيابٍ علَينا وأظْفارِ
ومَلْحَمةٍ دونَ الخِلافَةِ خُضْتَها / بعَزْمَةِ أبَّاءٍ على القِرْنِ كَرَّارِ
إذا الحَرْبُ حَكَّتْ بَرْكَها بِابْنِ حُرَّةٍ / مُهيبٍ بأولى كُبَّةِ الخَيْلِ مِغْوارِ
تأَلَّى يَميناً لا يُفرِّجُ غَمْرَةً / بهِ السَّيفُ إلا عَنْ ذُحولٍ وأوتارِ
سَيعلَمُ راعي الذَّوْدِ أنَّكَ قادِحٌ / بزَنْدٍ تَفَرَّى عَنْ شَرارَتِهِ وارِ
ودُون الذي يَبْغيهِ أرْوَعُ ساحِبٌ / أنابيبَ رُمْحٍ في الكَريهَةِ أكْسارِ
إذا الشّرَفُ الوضّاحُ أظْلَمَ أُفْقُهُ / تَوشّحَ منْ فَرعَيْ تَميمٍ بأقْمارِ
يُراعُ العِدا مِنهُمْ إذا ما تحدَّبُوا / على كُلِّ رَقّاصِ الأنابيبِ خَطّارِ
بِكُلِّ طَويلِ الباعِ فَرَّاجِ كُرْبَةٍ / ووَهَّابِ أموالٍ ونَهَّابِ أعْمارِ
يُدِرُّون أخْلافَ الغَمامِ بأوْجُهٍ / شَرِقْنَ بسَلْسالِ النَّضارَةِ أحْرارِ
وأنتَ إذا ما خالَفَ الفَرْعُ أصْلَهُ / شَبيهُ أبيكَ القَرْمِ عَمْرو بنِ سَوَّارِ
تُلاثُ عُرا الأحداثِ منكَ بماجِدٍ / لَدى السِّلْمِ نَفَّاعٍ وفي الحَرْبِ ضَرّارِ
إذا ما انْتَضيتَ الرّأيَ أغمَدَ كَيْدُهُ / ظُبا كُلِّ مَعْصوبٍ بهِ النّقْعُ جَرّارِ
وأصْدَرْتَ ما أوْرَدْتَ والحَزْمُ باسِطٌ / يَدَيْكَ ولا إيرادَ إلا بإصْدارِ
ولمَّا انْزَوَتْ عَنَّا وُجوهُ مَعاشِرٍ / يَصُدُّونَ في المَشْتى عنِ الضَّيْفِ والجارِ
رَفَعْتَ لنا نارَ القِرى بعدَما خَبَتْ / عَداكَ الرَّدى أُكْرِمْتَ يا مُوقِدَ النَّارِ
على حينِ أخْفى صَوتَهُ كُلُّ نابِحٍ / وبَرَّحَ تَعطيلُ القِداحِ بأيْسارِ
فَلا مَجْدَ إلا ما حَوَيْتَ وقد بَنى / سِواكَ عُلاً لكنْ على جُرُفٍ هارِ
وواللهِ ما ضَمَّ انتِقادُكَ نَبْعةً / إِلى غَرَبٍ تُلْوي بهِ الرّيحُ خَوّارِ
وفي الخَيْلِ ما لَمْ تَخْتَبرْهُنَّ مَغْمَزٌ / أبَى العِتْقُ أن يَخفَى لدى كُلِّ مِضْمارِ
فعَدِّ عنِ الذِّئْبِ الذي شاعَ غَدرُهُ / ولا تَسْتَنِمْ إلا إِلى الضّيغَمِ الضّاري
تَراءَتْ لنا والبدْرُ وَهْناً على قَدْرِ
تَراءَتْ لنا والبدْرُ وَهْناً على قَدْرِ / فحَطَّتْ لِثامَ الليلِ عن غُرّةِ الفَجْرِ
بَدَتْ إذْ بَدا والحَليُ عِقْدٌ ومَبسِمٌ / وليسَ لهُ حَليٌ سوى الأنْجُمِ الزُّهرِ
فقُلتُ لصَحْبي والمطيُّ كأنّها / قَطاً بِجنوبِ القاعِ منْ بَلَدٍ قَفْرِ
أأحْلاهُما في صَفَعةِ الليلِ مَنْظَراً / أمَيمَةُ أم رأْيُ المُحِبِّ فلا أدري
أجلْ هِيَ أبْهى أينَ للبَدر زينَةٌ / كعِقْدَينِ من نَحرٍ وعِقْدَينِ من ثَغْرِ
مُهَفْهَفَةٌ كالرّيمِ تُرسِلُ نَظْرَةً / بِها تَنْفُثُ الحَسْناءُ في عُقَدِ السِّحرِ
بنَجلاءَ تَشكو سُقْمَها وهْوَ صِحّةٌ / إذا نَظَرَتْ لا تَسْتَقِلُّ منِ الفَتْرِ
كأنّي غَداة البَينِ منْ رَوعَةِ النّوى / أُقَلِّبُ أحْناءَ الضّلوعِ على الجَمْرِ
نأتْ بَعدَما عِشْنا جَميعاً بغِبْطَةٍ / وأيُّ وِصالٍ لم يُرَعْ فيه بالهَجْرِ
إذا ابْتَسَمَتْ عُجْباً بَكَيْتُ صَبابةً / فمِن لُؤلُؤٍ نَظْمٍ ومِنْ لُؤلؤٍ نَثْرِ
يُذَكّرُنيها البَرقُ حين أَشيمُهُ / وإنْ عَنَّ خِشْفٌ بِتُّ منْها على ذِكْرِ
وهَبْنيَ لا أرمي بطَرفي إلَيْهِما / فأذْكُرُها الشان في الشّمسِ والبَدْرِ
وقد غَرِيَتْ بالبُعْدِ حتّى بودّها / وبالبُخْلِ حتى بالخَيالِ الذي يَسْري
وبالهَضْبَةِ الحَمْراءِ منْ أيمَنِ الحِمى / لهَا مَنزِلٌ ألْوَتْ بهِ نُوَبُ الدّهْرِ
كأنّ بقايا نَشْرِها في عِراصِهِ / تَبُثُّ أريجَ المِسْكِ بالجُرَعِ العُفْرِ
فَلا بَرِحَتْ تَكْسوهُ ما هَبّتِ الصَّبا / أنامِلُ منْ قَطْرٍ غَلائِلَ منْ زَهْرِ
حَمَتْهُ سُراةُ الحَيِّ غُنْمُ بنُ مالِكٍ / وإخوَتُها الشّمُّ العَرانينِ منْ فِهْرِ
بصُيّابَةٍ مَجْرٍ وكُرّامَةٍ ثُبًى / ومُرهَفَةٍ بيضٍ ومُشرَعَةٍ سُمْرِ
وكَمْ فيهمُ منْ صارِخٍ ومُثَوِّبٍ / ومنْ مَجلِسٍ فَخْمٍ ومنْ نِعَم دَثْرِ
وسِرْبِ عَذارى بينَ غابٍ منَ القَنا / كَسِربِ ظِباءٍ في ظِلالٍ منَ السِّدْرِ
سَمَوْتُ لها والليلُ رَقَّ أديمُهُ / وكادَ يَقُصُّ الفَجْرُ قادِمةَ النَّسْرِ
ورُمنا عِناقاً نَهْنَهَتْ عنهُ عِفّةٌ / شَديدٌ بِها عَقْدُ النِّطاقِ على الخَصْرِ
ولمْ تَكُ إلا الوُشْحُ فينا مُذالَةً / وإنْ حامَ بي ظنُّ الغَيورِ على الأُزْرِ
وإني لَيُصْبيني حَديثٌ ونَظرَةٌ / يُعارِضُها الواشونَ بالنّظَرِ الشَّزْرِ
حَديثٌ رقيقٌ منْ سُعادَ كأنّها / تَشوبُ لَنا ماءَ الغَمامَةِ بالخَمْرِ
فما راعَنا إلا الصّباحُ كَما بَدا / مِنَ الغِمْدِ حَدُّ الهِنْدوانِيِّ ذي الأَثْرِ
ومنْ عَجَلٍ ما لَفَّ جيداً وداعُنا / بِجيدٍ ولا نَحْراً أضَفْنا إِلى نَحْرِ
فعُدْتُ أجُرُّ الذّيْلَ والسّيفُ مُنْتَضًى / وهُنَّ يُبادِرْنَ الخِيامَ على ذُعْرِ
وقَدْ مُحيَتْ آثارُها بذُيولِها / سِوى ما أعارَتْهُ التّرابَ منَ النَّشْرِ
مَشَيْنَ فعَطَّرْنَ الثّرى بِذَوائِبٍ / غَرِضْنَ بسِرّي لا نُفِضْنَ منَ العِطْرِ
كما نَمَّ حسّانُ بنُ سَعدِ بنِ عامِرٍ / بِغُرِّ مَساعِيهِ على كَرَمِ النَّجْرِ
أخو هِمَمٍ لمْ يَمْلأِ الهَولُ صَدْرَهُ / ولا نالَهُ خَطْبٌ بِنابٍ ولا ظُفْرِ
يُلاحِظُ غِبَّ الأمرِ قَبلَ وقُوعِهِ / ويَبلُغُ ما لا تَبلُغُ العَيْنُ بالفِكْرِ
ويَنظِمُ شَمْلَ المَجْدِ ما بَيْنَ مِنحَةٍ / عَوانٍ وتَصْميمٍ على فَتْكَةٍ بِكْرِ
إذا المُعْضِلاتُ استَقْبَلَتْ عَزَماتِهِ / فلَمْ يَلتَفِتْ إلا إِلى حادِثٍ نُكْرِ
نَكَصْنَ على الأعقابِ دونَ ارتيابِهِ / تَعَثّرُ في أذيالِهنَّ على صُغْرِ
وإنْ كان يومٌ غادَرَ المَحْلُ أُفْقَهُ / يَمُجُّ نَجيعاً وهْوَ في حُلَلٍ حُمْرِ
فَزِعْنا إليه نَمْتَري من يَمينِهِ / سَحائِبَ يَسْحَبْنَ الضُّروعَ منَ الغُزْرِ
أقَمْنا صُدورَ الأرحَبيَّةِ نَحْوَهُ / طَوالِبَ رِفْدٍ لا بَكِيٍّ ولا نَزْرِ
فمَدَّت لنا الأعناقَ طَوعاً وما اتّقَتْ / بِلَيِّ خُدودٍ في أزِمَّتِها صُعْرِ
تُرَنِّحُها ذِكراهُ حتّى كأنّنا / نَهُزُّ بِها أعْطافَهُنّ منَ السُّكْرِ
ويَسلُبُها السَّيْرُ الحَثيثُ مِراحَها / إِلى أنْ يَعودَ الخَطْوُ أقْصَرَ منْ شِبْرِ
وذي ثَرْوَةٍ هَبَّتْ بهِ خُيَلاؤُهُ / ومَنْشَؤُهُ بينَ الخَصاصَةِ والفقْرِ
دَعاها فَلوْ أصْغَتْ إليه مُجيبَةً / لقُلْتُ عَثَرْنا لا لَعاً لكَ منْ عَثَرِ
فَجاءَتْهُ لمْ تَذْمِمْ إليهِ طَريقَها / ولَمْ تَثْوِ منْ واديهِ بالمَبْرَكِ الوَعْرِ
وبالنَّظْرةِ الأولى تَيَقّنْتُ أنّهُ / إذا مُدِحَ اختارَ الثّناءَ على الوفْرِ
فَساقَ إلينا ما نَروم منَ الغِنى / وسُقْنا إليهِ ما يُحِبُّ منَ الشُّكْرِ
فَلا أحْسَبُ العَصْرَ الذي قد طَوَيْتُهُ / لَدى غَيْرِهِ طَيَّ الرِّداءِ منَ العُمرِ
ألَمْ آتِهِ والدَّهْرُ في غُلَوائِهِ / قَليلَ غِرارِ النّومِ مُنتَشِرَ الأمرِ
فأعْذَبَ منْ شِربي بِما مَدِّ منْ يَدي / وآمَنَ منْ سِرْبي بما شَدَّ منْ أزْري
وخَوّلني ما ضاقَ ذَرْعُ المُنى بهِ / منَ البِشْرِ في أثناءِ نائِلهِ الغَمْرِ
وقلَّدْتُهُ مَدْحاً يَروضُ لهُ الحِجَى / قَوافيَ لا تُعطي القِيادَ على القَسْرِ
إذا ما نَسَبْناهُنَّ كانَ انتِماؤُها / إليهِ الدُّرِّ يُعْزَى إِلى البَحْرِ
لَنِعْمَ مُناخُ الرَّكْبِ بابُكَ للوَرى / وآلُ عَدِيٍّ نِعْمَ مُنتَجَعُ السَّفْرِ
تُفيضُ ندىً غَمْراً ويُثْني عُفاتُهُ / علَيكَ كما تُثْني الرّياضُ على القَطْرِ
فعِشْ طَلَقَ الأيامِ للمَجْدِ والعُلا / صَقيلَ حَواشي العِرْضِ في الزّمنِ النَّضْرِ
أبَتْ إبِلي والليلُ وَحْف الغَدائِرِ
أبَتْ إبِلي والليلُ وَحْف الغَدائِرِ / رَشيفَ صَرىً في مُنْحَنى الوِرْدِ غائِرِ
وباتَتْ تُنادي جارَها وهْوَ راقِدٌ / وهَيْهاتَ أن يرْتاحَ مُغْفٍ لساهِرِ
وقد كادَ أولادُ الوَجيهِ ولاحِقٍ / ترِقُّ لأبْناءِ الجَديلِ وداعِرِ
دَعي إبِلي رَجْعَ الحَنينِ بمَبْرَكٍ / يَضيقُ على ذَوْدِ الخَليطِ المُجاوِرِ
فعَنْ كَثَبٍ تَشْكو مَناسِمُكِ الوَجى / وتَطوي الفَلا مَخْصوفَةً بالحوافِرِ
وتُرْويكِ في قَيْسٍ حِياضٌ تُظِلُّها / ذَوابِلُ في أيْدي لُيوثٍ خَوادِرِ
بحيثُ رُغاءُ المُتْلِياتِ وَراءَهُ / صَهيلُ الجيادِ المُقْرَباتِ الضّوامِرِ
بَنو عَرَبيّاتٍ يَحوطُ ذِمارَها / كُماةٌ كأنْضاءِ السّيوفِ البَواتِرِ
لهُمْ في نِزارٍ مَحْتِدٌ دونَ فَرْعِهِ / تَخاوُصُ ألحاظِ النّجومِ الزّواهِرِ
ولما طَوَتْ عنّي خُزَيْمةُ كَشْحها / ولم تَرْعَ في حَيَّيْ قُرَيْشٍ أواصِري
لوَيْتُ عِناني والليالي تَنوشُني / إِلى أرْيَحيٍّ من ذُؤابَةِ عامِرِ
فأفْرَخَ رَوْعي إذ قَمَعْتُ بِهِ العِدا / وخَفَّضَ جَأشي حينَ رفَّعَ ناظِري
فَتى الحَيِّ يأبى صُحْبَةَ الدِّرْعِ في الوَغى / ولا تكْلَفُ الأرْماحُ إلا بحاسِرِ
ويومٍ تَراءَى شَمسُهُ منْ عَجاجِهِ / تَطَلُّعَ أسْرارِ الهَوى منْ ضَمائِرِ
وتَخْتَفِقُ الراياتُ فيهِ كأنّما / هَفَتْ بحَواشِيها قَوادِمُ طائرِ
تبَسَّمَ حتى انْجابَ جِلْبابُ نَقْعِهِ / بمَرْموقَةٍ تَطْوي رِداءَ الدّياجِرِ
تُضيءُ وَراءَ اللُّثْمِ كالشّمْسِ أشْرَقَتْ / وَراءَ غَمامٍ للغَزالَةِ ساتِرِ
فغَضَّ طِماحَ الحرْبِ وهْيَ أبيّةٌ / بكُلِّ عُقَيْليٍّ كَريمِ العَناصِرِ
وحَفّتْ بهِ مِنْ سِرِّ جوثَةَ غِلْمَةٌ / مَناعيشُ للمَوْلى رِقاقُ المآزرِ
إذا اعْتَنَقَ الأبْطالُ خلْتَ عُيونَهُمْ / تَبُثُّ شَرارَ النّارِ تحت المَغافِرِ
يَصولونَ والهَيْجاءُ تُلقي جِرانها / بمأثورَةٍ بِيضٍ وأيْدٍ قَوادِرِ
ويَرْجونَ منْ آلِ المُهَيّا غَطارفاً / عِظامَ المَقاري واللُّها والمآثِرِ
ويَنْمي ضِياءُ الدينِ منْ كُبَرائِهِمْ / إِلى خَيْرِ بادٍ في مَعَدٍّ وحاضِرِ
سَليلُ مُلوكٍ منْ نِزارٍ تَخيّروا / لهُ سَرَواتِ المُحْصَناتِ الحَرائِرِ
فجاءَ كَماءِ المُزْنِ مَحْضاً نِجارُهُ / مُقابَلَ أطرافِ العُروقِ الزّواخِرِ
يُطيفُ به أنّى تلَفَّتَ سُؤْدَدٌ / أوائِلُهُ مَشْفوعَةٌ بالأواخِرِ
بَني البَزَرى صاهَرْتُمُ منهُ ماجِداً / يَزينُكُمُ أخرى الليالي الغَوابِرِ
وسُقْتُمْ إِلى أحْسابِهِ منْ خِيارِكُمْ / عَقائِلَ لا تَشْرونَها بالأباعِرِ
فبوّأتُموها حيثُ يُلقي به التُّقى / مَراسِيهُ والعِزُّ مُرْخَى الضّفائِرِ
وحُزْتُمْ بكَعْبٍ في كِلابٍ مَناقِباً / تُنافي أنابيبَ الرِّماحِ الشّواجِرِ
ولو بَذَلَ البَدْرُ النّجومَ لخاطِبٍ / لمَدَّ إِلى ثَرْوانَ باعَ المُصاهِرِ
فإيهٍ أبا الشّدّادِ إنّ وراءَنا / أحاديثَ تُرْوى بَعْدَنا في المَعاشِرِ
فمَنْ لي بخِرْقٍ ثائِرٍ فَوقَ سابِحٍ / تَردّى بإعْصارٍ منَ النّقْعِ ثائِرِ
إذا حَفَزَتْهُ هِزّةُ الرّوعِ خِلْتَهُ / على الطِّرْفِ صَقْراً فوقَ فَتْخاءَ كاسِرِ
أتَرضى وما للعُرْبِ غيرَكَ مَلجأ / توَسُّدَهُمْ رَملَيْ زَرُودٍ وحاجِزِ
بهِمْ ظَمَأٌ أدْمى الجَوانِحَ بَرْحُهُ / وذمّوا إِلى الشِّعْرى احْتِدامَ الهَواجِرِ
وطوّقْتَهُمْ نُعْمى فهُمْ يَشكُرونَها / ولا تأنَسُ النَّعْماءُ إلا بشاكِرِ
فأينَ الجِيادُ الجُرْدُ تَخْطو إِلى العِدا / على عَلَقٍ تَرْوَى بهِ الأرضُ مائِرِ
وفِتْيانُ صِدْقٍ يَصْدُرونَ عن الوَغى / وأيدِي المَنايا دامِياتُ الأظافِرِ
على عارِفاتٍ للطّعانِ عَوابِسٍ / طِوالِ الهَوالي مُجْفَراتِ الخواصِرِ
تَقَدّتْ بآطالِ الظِّباءِ ومزّجَتْ / دَماً بدُموعٍ في عُيونِ الجآذِرِ
وحاجَتُهُمْ إحدى اثْنَتيْنِ من العُلا / صُدورُ العَوالي أو فروعُ المنابِرِ
مَعاهِدُها والعَهْدُ يُنْسى ويُذْكَرُ
مَعاهِدُها والعَهْدُ يُنْسى ويُذْكَرُ / على عَذَباتِ الجِزْعِ تَخْفى وتَظْهَرُ
وأشْلاءِ دارٍ بالمُحَصِّبِ منْ مِنىً / وَقَفْتُ بِها والأرْحَبيّ تَهْدِرُ
أُسائِلُها والعَيْنُ شَكْرى منَ البُكا / وهُنَّ نَحيلاتُ المَعالِمِ دُثَّرُ
وأسْتَخْبِرُ الأطْلالَ عنْ ساكِني الحِمى / فلا الدّمْعُ يَشْفيني ولا الرّبْعُ يُخْبِرُ
كأنّ دِيارَ العامريّةِ باللِّوى / صَحائِفُ تَطويها اللّيالي وتَنْشُرُ
فهَلْ عَبْرَةٌ تَقْضي المَعاهِدَ حَقّها / كما يَسْتهِلُّ اللّؤلُؤُ المُتَحدِّرُ
ولي مُقْلةٌ ما تَسْتَريحُ إِلى البُكا / بحُزْوى فقد ألْوى بدَمْعي مُحَجَّرُ
فهَلْ عَلِمَ الغَيْرانُ أني على النّوى / وإنْ ساءَهُ مِنْ حُبّ سَمْراءَ أسْهَرُ
وأُغْضي على حُكْمِ الهَوى وهْوَ جائِرٌ / فما لسُلَيْمَى واعُهَيْداهُ تَغْدِرُ
أتُنْصِفُني أُخْتُ العُرَيْبِ وقد أرى / مُوَشَّحَها يَعْدو علَيْهِ المُؤَزَّرُ
هِلاليّةٌ تَرْنو إليّ بمُقْلةٍ / على خَفَرٍ تَصْحو مِراراً وتَسْكَرُ
وتَكْسِرُ جَفْنَيْها علي نَجَلٍ بِها / كما أطْبَقَ العَيْنَ الكَحيلَةَ جُؤْذَرُ
أسَمْراءُ كَمْ منْ نَظْرَةٍ فُلَّ غَرْبُها / بوَطْفاءَ يَطْغى دَمْعُها المُتَحيِّرُ
وألْوي إليكِ الجِيدَ حتى كأنني / لفَرْطِ التِفاتي نَحو يَبْرينَ أَصْوَرُ
ذَكَرْتُكِ والوَجْناءُ يَدْمى أظَلُّها / وتَشْكو الحَفى والأرْحَبيّاتُ تَزْفِرُ
كأني وإيّاها منَ السَّيْرِ والسُّرى / جَديلٌ كَجِرْمِ الأفعُوانِ مُخَصَّرُ
ولَولاكِ لمْ أقْطَعْ نِياطَ تَنوفَةٍ / كصَدْرِ أبي المِغْوارِ والعِيسُ حُسَّرُ
وإني إذا ما انْسابَ في الأعْيُنِ الكَرى / يَخُبُّ ببَزّي أعْوَجيٌّ مُضَمَّرُ
وأسْري بعيسٍ كالأهِلّةِ فوقَها / وُجوهٌ منَ الأقْمارِ أبْهى وأنْوَرُ
ويُعْجِبُني نَفْحُ العَرارِ وربّما / شَمَخْتُ بعِرْنيني وقد فاحَ عَنْبَرُ
ويَخْدِشُ غِمدي بالحِمي صَفحةَ الثّرى / إذا جرَّ مِن أذْيالِهِ المُتحضِّرُ
فما العَيْشُ إلا الضّبُّ يَحرِشُهُ الفَتى / ووِرْدٌ بمُسْتَنِّ اليَرابيعِ أكْدَرُ
بحَيثُ يلُف المَرْءُ أطْنابَ بَيْتِهِ / على العِزِّ والكُومُ المَراسيلُ تُنْحَرُ
ويُغْشى ذَراهُ حينَ يُسْتَعْتَمُ القِرى / ويَسْمو إليهِ الطّارِقُ المُتَنوِّرُ
كأني بهِ جارُ الأميرِ مفَرِّجٍ / فلا عَيْشَ إلا وهْوَ ريّانُ أخْضَرُ
ضَرَبْتُ إليهِ صَدْرَ كلِّ نَجيبةٍ / لها نَظَرٌ شَطرَ النّوائِبِ أخْزَرُ
فحَطّتْ بهِ رَحْلَ المُكِلِّ وظَهْرُها / منَ الشُّكْرِ والشِّعْرِ المُحَبَّرِ مُوقَرُ
ونِيرانُهُ حَيثُ العِشارُ دِماؤها / تُراقُ ويُذْكيها الوَشيجُ المُكَسَّرُ
وزُرْنا فِناءً لمْ تَزَلْ في عِراصِهِ / مِدائِحُ تُروَى أو جِباهٌ تُعَفَّرُ
وحاطَ حِمى المُلْكِ الذي دونَ نَيْلِهِ / يُقَدُّ بأطْرافِ الرِّماحِ السّنَوَّرُ
ويُفْلى لَبانُ الأعوَجيّ ويَرْتَدى / إذا اشْتَجرَتْ زُرْقُ الأسِنّةِ عِثْيَرُ
تَواضَعَ إذا ألْفى مُعرَّسَ مَجْدِهِ / مَناطَ السُّها يشْأَى المُلوكَ ويَبْهَرُ
وما هَزّهُ تِيهُ الإمارَةِ والذي / يُصادِفُها في ثِنْيِ عِطْفَيْهِ يَنْظُرُ
فكُلُّ حَديثٍ بالخَصاصَةِ عَهْدُهُ / إذا رَفَعَتْهُ ثَرْوَةٌ يتكبَّرُ
دَعاني إليكَ الفَضْلُ والمجْدُ والعُلا / وبَذْلُ الندىً والمَنْصِبُ المُتَخيَّرُ
وقد شَمَلَتْني نِعْمَةٌ أنتَ ربُّها / هيَ الرّوضُ غاداهُ الحَيا وهْوَ مُغْزِرُ
وكم ماجِدٍ يَبْغي ثَناءً أصوغُهُ / ولكنني عنْ مَدْحِ غَيرِكَ أزْوَرُ
فكُلُّ كِنانيٍّ بعِزِّكَ يَحْتَمي / وسَيْبِكَ يَستغْني وسيْفِكَ يُنصَرُ
ألا بأبي مَنْ حِيلَ دونَ مَزارِهِ
ألا بأبي مَنْ حِيلَ دونَ مَزارِهِ / وقد بِتُّ أسْتَسْقي الغَمامَ لِدارِهِ
عهِدْتُ بِها خِشْفاً أغَنَّ كأنّني / أرى بمَخَطِّ النُّؤْيِ مُلْقى سِوارِهِ
فلا بَرِحَتْ تَسري الرّياحُ مَريضةً / بِها ويُحيّيها الحَيا بانْهمارِهِ
وقَفْتُ بِها نِضْواً طَليحاً وشَجْوُهُ / يُلوّي عُرا أنْساعِهِ بهِجارِهِ
ويَعْذُلُني منْ غِلْمةِ الحيّ باسِلٌ / على شيمَتَيْهِ مَسْحةٌ منْ نِزارِهِ
ويزْعُمُ أنّ الحُبَّ عارٌ على الفتى / أما علِموا أني رَضيتُ بِعارِهِ
كأني غَداةَ البَيْنِ من دَهَشِ النّوى / صَريعُ يَدِ السّاقي عَقيرُ عَقارِهِ
فصاحَ غُدافيٌّ شَجاني نَعيبُهُ / يهُزُّ جَناحَيْ فُرْقَةٍ منْ مَطارِهِ
بجِزْعٍ بِطاحيٍّ يَنوشُ أراكَهُ / مَهاً في خَليطَيْ أُسْدِهِ ونِمارِهِ
حَبَسْتُ بها العِيسَ المَراسيلَ أجْتَلي / على مُنْحَنى الوادي عُيونَ صِوارِهِ
وأعْذُلُ حَيّاً منْ كِنانَةَ خيّموا / بحيْثُ شَكا الصّبُّ الطّوى في وِجارِهِ
وقد مَلأَتْ عُرْضَ السّماوةِ أينُقٌ / تلُفُّ خُزامى رَوضِها بِعَرارِهِ
أسرَّهمُ أن الربيعَ أظلَّها / وجرَّ بِها الكَلْبيُّ فَضْلَ إزارِهِ
وتحتَ نِجادي باتِرُ الحَدِّ صارِمٌ / تَدِبُّ صِغارُ النّملِ فوقَ غِرارهِ
فَلَيّاً بأعرافِ الجِيادِ على الوَجى / تَزُرْهُ هَوادي الخَيْلِ في عُقْرِ دارهِ
ورِمّةِ كَعْبٍ إنّ مالاً أُصيبُهُ / لِجاري وقد يُعْشَى إِلى ضَوْءِ نارِهِ
ولَسْتُ كمَنْ يُعْلي إِلى الهُونِ طَرْفَهُ / ولا يَرْكَبُ الخَطّيَّ دونَ ذِمارِهِ
فقدْ سادَ جَسّاسُ بنُ مرَّةَ وائِلاً / بقَتْلِ كُلَيْبٍ دونَ لَقْحةِ جارِهِ
حَلَفْتُ بمَحْبوكِ السّراةِ كأنّني / أنوطُ بذَيْلِ الرّيحِ ثِنْيَ عِذارِهِ
وتلْمَعُ في أعْلى مُحيّاهُ غُرّةٌ / هيَ الصُّبْحُ شَقَّ اللّيلَ غِبَّ اعْتِكارِهِ
وتَلْطِمُهُ أيْدي العَذارى بخُمْرِها / إذا انتَظَرَ السّاري مَشَنَّ غِوارِهِ
ويشتدُّ بي والرّححُ يلْثِمُ نَحْرَهُ / إِلى كلِّ قِرْنٍ للأسنّةِ كارِهِ
وتحتَ القَنا للأعْوَجيّاتِ رنّةٌ / بضَرْبٍ يُطيرُ الهامَ تحتَ شَرارِهِ
ويَزْجُرُها مني أُشَيْعِثُ يرْتَدي / بأبيضَ يُلقي عنهُ أعْباءَ ثارِهِ
لأَدَّرِعَنَّ اللّيلَ حتى أُزيرَهُ / أغَرَّ يُناصي الشُّهْبَ يومَ فَخارِهِ
إذا طاشَتِ الأحْلامُ واسْتَرْخَتِ الحُبا / تفيّأَتِ الآراءُ ظِلَّ وَقارِهِ
وألْوى بمَنْ جاراهُ حتى كأنّهُ / مُعنّىً يُداني خَطْوَهُ في إسارِهِ
وكيفَ يُبارَى في السّماحَةِ ماجِدٌ / متى يختَلِفْ وَفْدُ الرّياحِ يُبارِهِ
تعطّفَ كهْلانُ بنُ زَيدٍ وحِمْيَرٍ / علَيْهِ فأرْسى مَجْدَها في قَرارِهِ
إلَيكَ زَجَرْنا يا عَديَّ بنَ مُهْرِبٍ / أَمُوناً وصَلْنا لَيلَهُ بنَهارِهِ
يُلِمُّ بمَغْشيِّ القِبابِ ويَنثَني / حَقائِبُهُ مَملوءَةٌ منْ نُضارِهِ
إذا السّنَةُ الشّهْباءُ ألْقَتْ جِرانَها / كَفَيْتَ أبا الأطْفالِ عامَ غِيارِهِ
وزارَكَ منْ عُلْيا أميّةَ مِدْرَهٌ / تهزُّ اللّيالي سَرْحَهُ لِنِفارِهِ
ولولاكَ لم أخْبِطْ دُجى الليلِ بعدَما / أُعيدَ قُمَيْراً بَدْرُهُ في سِرارِهِ
وكم مَهْمَهٍ نائي المُعرَّسِ جُبْتُهُ / وذي مَرَحٍ أنْضَبْتُهُ في قِفارِهِ
فجاءَكَ منْهوكَ العَريكَةِ ناحِلاً / وقد فارَقَ الجَرْعاءَ مِلْءَ ضَفارِهِ
أَنَا ابْنُ المُلُوكِ الصِّيدِ مِنْ فَرْعِ خِنْدِفٍ
أَنَا ابْنُ المُلُوكِ الصِّيدِ مِنْ فَرْعِ خِنْدِفٍ / وَفي الأَزْدِ خالي لِلغَطارِفَةِ الزُّهْرِ
مِنَ السّاحِبينَ السّابِغاتِ إِلى الوَغَى / كأَنَّهُمُ بُزْلٌ تَناهَضْنَ في غُدْرِ
يُزيرونَ أَطْرافَ القَنا ثُغَرَ العِدا / وَقَد أَقْعَتِ الجُرْدُ المَذاكِي على قُتْرِ
وَفِيَّ إِذا ما ضُنَّ بِالرِّفْدِ جُودُهُمْ / وَإِقْدامُهُمْ عِنْدَ الرُّدَيْنِيَّةِ السُّمْرِ
وَلَكنْ رَمَتْني بِابْنِ آخِرِ لَيْلَةٍ / خُطوبٌ أَذَلَّتْ مِدْرَهَ القَوْمِ لِلْغُمْرِ
يَغُلُّ يَدَيْهِ الصَّحْوُ حَتّى إِذا انْتَشى / حَبا بِالقَليلِ النَّزْرِ فَالشُّكرُ لِلسُّكْرِ
خَليليّ هَلا ذُدْتُما عن أَخيكما
خَليليّ هَلا ذُدْتُما عن أَخيكما / أَذَى اللَّوْمِ إِذْ جانَبْتُما ما يَسُرُّهُ
أَلَمْ تَعْلما أَنِّي على الخَطْبِ إِنْ عَرا / صَبورٌ إِذا ما عاجِزٌ عِيلَ صَبْرُهُ
تُعَيِّرُني بِنْتُ المُعاوِيِّ أَنْ أُرَى / على عَجُزِ الأَمْرِ الذِي فَاتَ صَدْرُهُ
وَقَدْ جَهِلَتْ أنِّي أَسُورُ إِلى العُلا / وَيَعْيَى بِها مَنْ لَمْ يُساعِدْهُ دَهْرُهُ
وَأَجْشَمُ ما يُوهِي القُوى في طِلابِها / وَسِيَّانَ عِندي حُلْوُ عَيْشٍ وَمُرُّهُ
فَلا عِزَّ حَتّى يَحْمِلَ المَرْءُ نَفْسَهُ / على خُطَّةٍ يَبْقَى بِها الدَّهْرَ ذِكْرُهُ
وَيَغْشَى غِماراً يُتَّقَى دُونَها الرَّدَى / فَإِنْ هُوَ أَوْدَى قيلَ للهِ دَرُّهُ
وَمَنْ يَتَّخِذْ ظَهْرَ الوَجِيهيِّ في الوَغَى / مَقيلاً فَبَطْنُ المَضْرَحِيَّةِ قَبْرُهُ
وَلا بُدَّ لي مِنْ وَثْبَةٍ أُمَوِيَّةٍ / بِحيْثُ العجاجُ اللَّيْلُ وَالسَّيْفُ فَجْرُهُ
إِذا ما بَكَى في مَأْزِقِ الحَرْبِ صارِمِي / دَماً أَوْ سِنانِي ضاحَكَ الذِئْبَ نَسْرُهُ
أَقُولُ لِنَفْسي وَهِي تُطْوَى ضُلوعُها
أَقُولُ لِنَفْسي وَهِي تُطْوَى ضُلوعُها / عَلى كَمَدٍ يَمْتَارُ وَقْدَتَهُ الجَمْرُ
أَبَى اللهُ إِلَّا أَنْ تَلوذِي بِمَعْشَرٍ / على لُؤْمِهِمْ أَلْقَى مَراسِيَهُ الوَفْرُ
لَئِنْ رَمَّ في أَحْوالِهِمْ حَادِثُ الغِنى / فَقَدْ كادَ مِنْ أَفْعالِهِم يَقْطُرُ الفَقرُ
وَمَنْ زارَهُمْ شَدَّ الحَيازيمَ فِيهِمُ / على ما يعانِيهِ وَإِنْ غَلَبَ الصَّبْرُ
فَإِنَّ مُقاساةَ اللِّئامِ على الفَّتى / بَلاءٌ وَلَمْ يَرْعفْ بِأَمْثالِها الدَّهْرُ
وَمُتَّشِحٍ بِاللُّؤْمِ جَاذَبَني العُلا
وَمُتَّشِحٍ بِاللُّؤْمِ جَاذَبَني العُلا / فَقَدَّمَهُ يُسْرٌ وَأَخَّرَني عُسْرُ
وَطَوَّقْتُ أَعْناقَ المَقادِيرِ ما أَتَى / بِهِ الدَّهْرُ حَتَّى ذَلَّ لِلْعَجُزِ الصَّدْرُ
وَلَوْ نِيلَتِ الأَرْزاقُ بِالفَضلِ وَالحِجَى / لَمَا كانَ يَرْجُو أَنْ يَثُوبَ لَهُ وَفْرٌ
فَيا نَفْسُ صَبْراً إِنَّ لِلْهَمِّ فُرْجَةً / وَما لَكِ إَلّا العِزُّ عِنْدِي أَو القَبْرُ
وَلي حَسَبٌ يَسْتَوْعِبُ الأَرْضَ ذِكْرُهُ / على العُدْمُ وَالأَحْسابُ يَدْفِنُها الفَقْرُ
رَمَى اللهُ سَعْداً بِالَّذي هُوَ أَهْلُهُ
رَمَى اللهُ سَعْداً بِالَّذي هُوَ أَهْلُهُ / فَقَدْ مَلَّ قَبْلَ الفَجْرِ سَوْقَ الأَباعِرِ
يُلِحُّ على الأَقْدارِ بِاللَّوْمِ إِذْ وَنى / وَليْسَ على طَيِّ الفَيافِي بِصابِرِ
وَبِئْسَ زَميلُ السَّفْرِ مَنْ كانَ دَأْبُهُ / إِذا عُيِّرَ التَقْصيرَ ذَمُّ المَقادِرِ
فَلَمْ أَجُبِ البَيْداءَ إِذْ أَرْخَتِ الدُّجَى / ذَلاذِلَها مِنْهُ بِأَبْيَضَ باتِرِ
وَلَوْ أَرِّقَتْهُ هِمَّةٌ أُمَويَّةٌ / لَما نَامَ عَمّا أَقْتَني مِنْ مَآثِرِ
فَبات ضَجيعاً لِلْهُوَينى وَقَلَّصَتْ / بِرَحْلِي بُنَيَّاتُ الجَديلِ وَداعِرِ
وَقَدْ شَرِبَتْ أَكْوارُها مِنْ ظُهورِها / دَمَاً وَالكَرى يُلْقِي يَداً في المَحاجِرِ
لَئِنْ سَلِمَتْ مِنّي وَلَمْ أَبْلُغِ المَدَى / فَلَسْتُ لِصِيدٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَعامِرِ
إِلى الأَمْنِ يُفْضِي بِالفَتى مَا يُحاذِرُ
إِلى الأَمْنِ يُفْضِي بِالفَتى مَا يُحاذِرُ / فَلِلْكَلْمِ مِنْ يَأْسُو وَلِلْكَسْرِ جابِرُ
وَكَمْ أَنْفُسٍ لَمْ تَنْتَفِعْ بِموارِدٍ / وَرَوَّى صَداها بَعْدَ يَأْسٍ مَصادِرُ
فَلا تَعْذُلِينا يَا بْنَةَ القَوْمِ إِنَّنا / بِمَنْزلَةٍ تُمتاحُ مِنْها المَفاقِرُ
وَلَولا انْتِكاسُ الدَّهْرِ زِينَتْ أَسِرَّةٌ / بِنا حَيْثُ أَلْقَيْنا العَصا وَمَنابِرُ
وَنَحْنُ سَراةُ النّاسِ في كُلِّ مَوْطِنٍ / فَلا تُلْزمينا ما جَنَتْهُ المَقادِرُ
وَلَلْفَقْرُ خَيْرٌ مِنْ غِنىً في مَذَلَّةٍ / إِذا أَخَذَتْ مِنّا الجُدودُ العَواثِرُ
وَعاداتُنا أَلّا نَرُومَ سِوى العُلا / وَأُمُّ المعالي في زَمانِكِ عاقِرُ
أَلَسْنا بني مَرْوانَ كَيْفَ تَصَرّفَتْ
أَلَسْنا بني مَرْوانَ كَيْفَ تَصَرّفَتْ / بنا الحالُ أَوْ دارَتْ عَلَيْنا الدوائرُ
إِذا وُلِدَ المَوْلود مِنّا تَهَلَّلَتْ / لَهُ الأَرْضُ وَاهْتَزَّتْ إِلَيْهِ المَنابرُ
مَضى زَمَنٌ كُنتَ الذُّنابَى لِأَهلِهِ
مَضى زَمَنٌ كُنتَ الذُّنابَى لِأَهلِهِ / وَفُزتَ بِنُعمَى نَشَّ عَنكَ غَديرُها
نَعَم وَقَدِ استوزِرتَ جَهلاً فَما الَّذي / يُرامُ مِنَ الدُّنيا وَأَنتَ وَزيرُها
فَلا خَطَرٌ يا بنَ اللِّئامِ لِدَولَةٍ / وَأَنتَ عَلى رَغمِ المَعالي خَطيرُها
وَسِربِ عَذارى مِن رَبيعَةِ عامِرٍ
وَسِربِ عَذارى مِن رَبيعَةِ عامِرٍ / تَشابَهَ مِنها العِقدُ وَالدَّمعُ وَالثَّغرُ
وَفيهنَّ مِقلاقُ الوِشاحِ إِذا مَشَتْ / وَأَثقَلَها الرِّدفانِ خَفَّ بِها الخَصرُ
أَقولُ لَها وَاللَيلُ مَدَّ رِواقَهُ / عَلَينا وَلَم يَهتِك جَوانِبَهُ الفَجرُ
وَقَد سَفرَت عَن وَجهِها فَتَمَزَّقَتْ / دُجاهُ وَلكِن رَدَّ ظُلمتَهُ الشَّعرُ
خُذي رَمَقِي إِن رُمتِ قَتلي فَإِنَّهُ / بَقيَّةُ ما أَبقاهُ حُبُّكِ وَالهَجرُ
وَمالِئَةِ الحَجْلَينِ تَملأُ مَسمَعِي
وَمالِئَةِ الحَجْلَينِ تَملأُ مَسمَعِي / حَديثاً مُريباً وَهيَ عَفٌّ ضَميرُها
لَها نَظرَةٌ تُهدي إِلى الصَبِّ سَكرَةً / كَأَنَّ بِعَينَيها كؤوساً تُديرُها
عَلى التَّلَعاتِ الحُوِّ مِن أَيمَنِ الحِمى
عَلى التَّلَعاتِ الحُوِّ مِن أَيمَنِ الحِمى / لِكَعبيَّةٍ آباؤُها طَلَلٌ قَفرُ
كَأَنَّ بَقاياهُ وَشائِعُ يُمنَةٍ / يُنشِّرُها كَيما يُغالي بِها التَّجرُ
وَقَفنا بِهِ وَالعَينُ تَجري غُروبُها / وَتُرزمُ عِيسٌ في أَزِمَّتها صُعرُ
وَيَعذِلُني صَحبي وَيُسبِلُ دَمعَهُ / خَليلي هُذَيمٌ بَلَّ هامَتَهُ القَطرُ
وَلَستُ أُبالي مَن يَلومُ عَلى الهَوى / فَلي في هَوى سَلمى وَأَترابِها عُذرُ
نَحيلَةُ مُستَنِّ الوِشاحِ خَريدَةٌ / إِذا نَهَضَت لَم يَستَطِع رِدفَها الخَصرُ
تَميسُ اِهتِزازَ الغُصنِ مِن نَشوَةِ الصِّبا / أَمِنْ مُقلَتَيها أَسكَرَ القَدَمَ الخَمرُ
وَما أَنسَ لا أَنسَ الوَداعَ وَقَولَها / بَني عَبدِ شَمسٍ أَنتُمُ في غَدٍ سَفْرُ
أَجَل نَحنُ سَفْرٌ في غَدٍ وَدموعُنا / بِنَحرِكِ أَو بالمَبسِمِ العِقدُ وَالثَّغرُ
وَرُحنا سِراعاً وَالقُلوبُ مَشوقَةٌ / أَقامَت بِها الأَشجانُ واِرتَحَلَ الصَّبرُ
حَمامَةَ ذاتِ السِّدرِ بِاللَهِ غَرِّدي / يُجاوبكِ صَحبي بالنَقا سُقِيَ السِّدرُ
أَيُسعِدُ مَن يُدمي جَوانِحَهُ النَّوى / حَمامٌ لَدَيهِ الإِلفُ وَالفَرخُ وَالوَكرُ
يُناغيهما حَتَّى يَميلَ إِلَيهما / إِذا اِكتَنَفاهُ الجيدُ مِنهُ أَوِ النَّحرُ
وَلا يَستَفِزُّ الشَّوقُ إِلّا مُتَيَّماً / إِذا ذُكِرَ الأَحبابُ رَنَّحَهُ الذِّكرُ
وَبالقارَةِ اليُمنى عَلى عَذَبِ الحِمى / عِذابُ الثَّنايا مِن سَجيَّتِها الهَجرُ
تَذَكَّرتُها وَاللَّيلُ يُسبِلُ ظِلَّهُ / فَبِتُّ أريقُ الدَّمعَ حَتَّى بَدا الفَجرُ
خَلا الجِزعُ مِن سَلمى وَهاتيكَ دارُها
خَلا الجِزعُ مِن سَلمى وَهاتيكَ دارُها / كَأَنَّ مَخَطَّ النُؤيَ مِنها سِوارُها
وَقَد نَزَفَ الوَجدُ المُبَرِّحُ أَدمُعي / فَهَل عَبرَةٌ يا صاحِبَيَّ أُعارُها
هيَ الدَّارُ جادَتها الغَوادي مُلِثَّةً / تُهَيِّجُ أَشجاناً فأَينَ نَوارُها
ضَعيفَةُ رَجعِ النَّاظرَينِ خَريدَةٌ / يَرِقُّ لأَثناءِ الوِشاحِ إِزارُها
وَقَفتُ بِها أَبكي وَتَذكُرُ أَينُقي / مَناهِلَ يَندى رَندُها وَعرارُها
وَتَمتاحُ ماءَ العَينِ مِنيَ لَوعَةٌ / مِنَ الوَجدِ تَستَقري الجَوانِحَ نارُها
وَأَذكُرُ لَيلاً خُضتُ قُطرَيهِ بالحِمى / وَبِتُّ يُلَّهيني بِسَلمى سِرارُها
نَفَضتُ بِهِ بُرديَّ عَن كُلِّ ريبَةٍ / تَشينُ وَلَمَّا يَلتَبسْ بِيَ عارُها
شَجاني بأَعلامِ المُحَصِّبِ من مِنىً
شَجاني بأَعلامِ المُحَصِّبِ من مِنىً / خَفِيُّ حَنينٍ رَجَّعَتْهُ الأَباعِرُ
وَقَد رَفَعَ الشُّعثُ المُلَبُّونَ أيدِياً / بحاجاتِهِم وَاللَّهُ مُعطٍ وَغافِرُ
فَيا رَبِّ إِنَّ المالكيَّةَ حاجَتي / وَأَنتَ عَلى أَن تَجمَعَ الشَّملَ قادرُ
وَلَم أَرَها إِلّا بنعمانَ مَرَّةً / وَقَد عَطَّرتْ منها ثراهُ الضَّفائرُ
فَلا الحُبُّ يُجديني ولا الشَّوق ينقضي / ولا دارُها تدنو ولا القَلب صابِرُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025