المجموع : 7
بَقِيَّةُ قَومٍ آذَنوا بِبَوارِ
بَقِيَّةُ قَومٍ آذَنوا بِبَوارِ / وَأَنضاءُ أَسفارٍ كَشَربِ عُقارِ
نَزَلنا عَلى حُكمِ الرِياحِ بِمَسجِدٍ / عَلَينا لَها ثَوباً حَصىً وَغُبارِ
خَليلَيَّ ما هَذا مُناخاً لِمِثلِنا / فَشُدّا عَلَيها وَاِرحَلا بِنَهارِ
وَلا تُنكِرا عَصفَ الرِياحِ فَإِنَّها / قِرى كُلِّ ضَيفٍ باتَ عِندَ سِوارِ
إِذا لَم تَجِد ما يَبتُرُ الفَقرَ قاعِداً
إِذا لَم تَجِد ما يَبتُرُ الفَقرَ قاعِداً / فَقُم وَاِطلُبِ الشَيءَ الَّذي يَبتُرُ العُمرا
هُما خَلَّتانِ ثَروَةٌ أَو مَنِيَّةٌ / لَعَلَّكَ أَن تُبقي بِواحِدَةٍ ذِكرا
أَريقُكِ أَم ماءُ الغَمامَةِ أَم خَمرُ
أَريقُكِ أَم ماءُ الغَمامَةِ أَم خَمرُ / بِفِيَّ بَرودٌ وَهوَ في كَبِدي جَمرُ
أَذا الغُصنُ أَم ذا الدِعصِ أَم أَنتِ فِتنَةٌ / وَذَيّا الَّذي قَبَّلتُهُ البَرقُ أَم ثَغرُ
رَأَت وَجهَ مَن أَهوى بِلَيلٍ عَواذِلي / فَقُلنَ نَرى شَمساً وَما طَلَعَ الفَجرُ
رَأَينَ الَّتي لِلسِحرِ في لَحَظاتِها / سُيوفٌ ظُباها مِن دَمي أَبَداً حُمرُ
تَناهى سُكونُ الحُسنِ في حَرَكاتِها / فَلَيسَ لِراءٍ وَجهَها لَم يَمُت عُذرُ
إِلَيكَ اِبنَ يَحيى اِبنِ الوَليدِ تَجاوَزَت / بِيَ البيدَ عيسٌ لَحمُها وَالدَمُ الشِعرُ
نَضَحتُ بِذِكراكُم حَرارَةَ قَلبِها / فَسارَت وَطولُ الأَرضِ في عَينِها شِبرُ
إِلى لَيثِ حَربٍ يُلحِمُ اللَيثَ سَيفُهُ / وَبَحرِ نَدىً في مَوجِهِ يَغرَقُ البَحرُ
وَإِن كانَ يُبقي جودُهُ مِن تَليدِهِ / شَبيهاً بِما يُبقي مِنَ العاشِقِ الهَجرُ
فَتىً كُلَّ يَومٍ تَحتَوي نَفسَ مالِهِ / رِماحُ المَعالي لا الرُدَينِيَّةُ السُمرُ
تَباعَدَ ما بَينَ السَحابِ وَبَينَهُ / فَنائِلُها قَطرٌ وَنائِلُهُ غَمرُ
وَلَو تَنزِلُ الدُنيا عَلى حُكمِ كَفِّهِ / لَأَصبَحَتِ الدُنيا وَأَكثَرُها نَزرُ
أَراهُ صَغيراً قَدرَها عُظمُ قَدرِهِ / فَما لِعَظيمٍ قَدرُهُ عِندَهُ قَدرُ
مَتى ما يُشِر نَحوَ السَماءِ بِوَجهِهِ / تَخِرَّ لَهُ الشِعرى وَيَنخَسِفِ البَدرُ
تَرَ القَمَرَ الأَرضِيَّ وَالمَلِكَ الَّذي / لَهُ المُلكُ بَعدَ اللَهِ وَالمَجدُ وَالذِكرُ
كَثيرُ سُهادِ العَينِ مِن غَيرِ عِلَّةٍ / يُؤَرِّقُهُ فيما يُشَرِّفُهُ الفِكرُ
لَهُ مِثَنٌ تُفني الثَناءَ كَأَنَّما / بِهِ أَقسَمَت أَن لا يُؤَدّى لَها شُكرُ
أَبا أَحمَدٍ ما الفَخرُ إِلّا لِأَهلِهِ / وَما لِاِمرِئٍ لَم يُمسِ مِن بُحتُرٍ فَخرُ
هُمُ الناسُ إِلّا أَنَّهُم مِن مَكارِمٍ / يُغَنّي بِهِم حَضرٌ وَيَحدو بِهِم سَفرُ
بِمَن أَضرِبُ الأَمثالَ أَم مَن أَقيسُهُ / إِلَيكَ وَأَهلُ الدَهرِ دونَكَ وَالدَهرُ
مَرَتكَ اِبنَ إِبراهيمَ صافِيَةُ الخَمرِ
مَرَتكَ اِبنَ إِبراهيمَ صافِيَةُ الخَمرِ / وَهُنِّئتَها مِن شارِبٍ مُسكِرِ السُكرِ
رَأَيتُ الحُمَيّا في الزُجاجِ بِكَفِّهِ / فَشَبَّهتُها بِالشَمسِ في البَدرِ في البَحرِ
إِذا ما ذَكَرنا جودَهُ كانَ حاضِراً / نَأى أَو دَنا يَسعى عَلى قَدَمِ الخِضرِ
وَوَقتٍ وَفى بِالدَهرِ لي عِندَ واحِدٍ
وَوَقتٍ وَفى بِالدَهرِ لي عِندَ واحِدٍ / وَفى لي بِأَهليهِ وَزادَ كَثيرا
شَرِبتُ عَلى اِستِحسانِ ضَوءِ جَبينِهِ / وَزَهرٍ تَرى لِلماءِ فيهِ خَريرا
غَدا الناسُ مِثلَيهِم بِهِ لا عَدِمتُهُ / وَأَصبَحَ دَهري في ذَراهُ دُهورا
أُطاعِنُ خَيلاً مِن فَوارِسِها الدَهرُ
أُطاعِنُ خَيلاً مِن فَوارِسِها الدَهرُ / وَحيداً وَما قَولي كَذا وَمَعي الصَبرُ
وَأَشجَعُ مِنّي كُلَّ يَومٍ سَلامَتي / وَما ثَبَتَت إِلّا وَفي نَفسِها أَمرُ
تَمَرَّستُ بِالآفاتِ حَتّى تَرَكتُها / تَقولُ أَماتَ المَوتُ أَم ذُعِرَ الذُعرُ
وَأَقدَمتُ إِقدامَ الأَتِيِّ كَأَنَّ لي / سِوى مُهجَتي أَو كانَ لي عِندَها وِترُ
ذَرِ النَفسَ تَأخُذ وُسعَها قَبلَ بَينِها / فَمُفتَرِقٌ جارانِ دارُهُما العُمرُ
وَلا تَحسَبَنَّ المَجدَ زِقّاً وَقَينَةً / فَما المَجدُ إِلّا السَيفُ وَالفَتكَةُ البِكرُ
وَتَضريبُ أَعناقِ المُلوكِ وَهامِها / لَكَ الهَبَواتُ السودُ وَالعَسكَرُ المَجرُ
وَتَركُكَ في الدُنيا دَوِيّاً كَأَنَّما / تَداوَلُ سَمعَ المَرءِ أَنمُلُهُ العَشرُ
إِذا الفَضلُ لَم يَرفَعكَ عَن شُكرِ ناقِصٍ / عَلى هِبَةٍ فَالفَضلُ فيمَن لَهُ الشُكرُ
وَمَن يُنفِقِ الساعاتِ في جَمعِ مالِهِ / مَخافَةَ فَقرٍ فَالَّذي فَعَلَ الفَقرُ
عَلَيَّ لِأَهلِ الجَورِ كُلُّ طِمِرَّةٍ / عَلَيها غُلامٌ مِلءُ حَيزومِهِ غِمرُ
يُديرُ بِأَطرافِ الرِماحِ عَلَيهِمِ / كُؤوسَ المَنايا حَيثُ لا تُشتَهى الخَمرُ
وَكَم مِن جِبالٍ جُبتُ تَشهَدُ أَنَّني ال / جِبالُ وَبَحرٍ شاهِدٍ أَنَّني البَحرُ
وَخَرقٍ مَكانُ العيسِ مِنهُ مَكانُنا / مِنَ العيسِ فيهِ واسِطُ الكورِ وَالظَهرُ
يَخِدنَ بِنا في جَوزِهِ وَكَأَنَّنا / عَلى كُرَةٍ أَو أَرضُهُ مَعَنا سَفرُ
وَيَومٍ وَصَلناهُ بِلَيلٍ كَأَنَّما / عَلى أُفقِهِ مِن بَرقِهِ حُلَلٌ حُمرُ
وَلَيلٍ وَصَلناهُ بِيَومٍ كَأَنَّما / عَلى مَتنِهِ مِن دَجنِهِ حُلَلٌ خُضرُ
وَغَيثٌ ظَنَنّا تَحتُهُ أَنَّ عامِراً / عَلا لَم يَمُت أَو في السَحابِ لَهُ قَبرُ
أَوِ اِبنَ اِبنِهِ الباقي عَلِيَّ بنَ أَحمَدٍ / يَجودُ بِهِ لَو لَم أَجُز وَيَدي صِفرُ
وَإِنَّ سَحاباً جَودُهُ مِثلُ جودِهِ / سَحابٌ عَلى كُلِّ السَحابِ لَهُ فَخرُ
فَتىً لا يَضُمُّ القَلبُ هِمّاتِ قَلبِهِ / وَلَو ضَمَّها قَلبٌ لَما ضَمَّهُ صَدرُ
وَلا يَنفَعُ الإِمكانُ لَولا سَخائُهُ / وَهَل نافِعٌ لَولا الأَكُفُّ القَنا السُمرُ
قِرانٌ تَلاقى الصَلتُ فيهِ وَعامِرٌ / كَما يَتَلاقى الهِندُوانِيُّ وَالنَصرُ
فَجاءا بِهِ صَلتَ الجَبينِ مُعَظَّماً / تَرى الناسَ قُلّاً حَولَهُ وَهُمُ كُثرُ
مُفَدّى بِئاباءِ الرِجالِ سَمَيذَعاً / هُوَ الكَرَمُ المَدُّ الَّذي مالَهُ جَزرُ
وَما زِلتُ حَتّى قادَني الشَوقُ نَحوَهُ / يُسايِرُني في كُلِّ رَكبٍ لَهُ ذِكرُ
وَأَستَكبِرُ الأَخبارَ قَبلَ لِقائِهِ / فَلَمّا اِلتَقَينا صَغَّرَ الخَبَرَ الخُبرُ
إِلَيكَ طَعَنّا في مَدى كُلِّ صَفصَفٍ / بِكُلِّ وَآةٍ كُلُّ ما لَقِيَت نَحرُ
إِذا وَرِمَت مِن لَسعَةٍ مَرِحَت لَها / كَأَنَّ نَوالاً صَرَّ في جِلدِها النِبرُ
فَجِئناكَ دونَ الشَمسِ وَالبَدرِ في النَوى / وَدونَكَ في أَحوالِكَ الشَمسُ وَالبَدرُ
كَأَنَّكَ بَردُ الماءِ لا عَيشَ دونَهُ / وَلَو كُنتَ بَردَ الماءِ لَم يَكُنِ العِشرُ
دَعاني إِلَيكَ العِلمُ وَالحِلمُ وَالحِجى / وَهَذا الكَلامُ النَظمُ وَالنائِلُ النَثرُ
وَما قُلتُ مِن شِعرٍ تَكادُ بُيوتُهُ / إِذا كُتِبَت يَبيَضُّ مِن نورِها الحِبرُ
كَأَنَّ المَعاني في فَصاحَةِ لَفظِها / نُجومُ الثُرَيّا أَو خَلائِقُكَ الزُهرُ
وَجَنَّبَني قُربَ السَلاطينِ مَقتُها / وَما يَقتَضيني مِن جَماجِمِها النَسرُ
وَإِنّي رَأَيتُ الضُرَّ أَحسَنَ مَنظَراً / وَأَهوَنَ مِن مَرأى صَغيرٍ بِهِ كِبرُ
لِساني وَعَيني وَالفُؤادُ وَهِمَّتي / أَوُدُّ اللَواتي ذا اِسمُها مِنكَ وَالشَطرُ
وَما أَنا وَحدي قُلتُ ذا الشِعرَ كُلَّهُ / وَلَكِن لِشِعري فيكَ مِن نَفسِهِ شِعرُ
وَماذا الَّذي فيهِ مِنَ الحُسنِ رَونَقاً / وَلَكِن بَدا في وَجهِهِ نَحوَكَ البِشرُ
وَإِنّي وَإِن نِلتُ السَماءَ لَعالِمٌ / بِأَنَّكَ ما نِلتَ الَّذي يوجِبُ القَدرُ
أَزالَت بِكَ الأَيّامُ عَتبى كَأَنَّما / بَنوها لَها ذَنبٌ وَأَنتَ لَها عُذرُ
أفيقا خُمارُ الهمِّ نغَّصَني الخَمرا
أفيقا خُمارُ الهمِّ نغَّصَني الخَمرا / وسكري من الأيامِ جنّبني السُكرا
تَسُرُّ خليلَيَّ المدامَةُ والذي / بقَلبيَ يَأبى أن أُسَرَّ كَما سُرّا
لبستُ صروفَ الدهرَ أخشَنَ ملبَسٍ / فعَرَّقنَني ناباً ومزَّقنني ظُفرا
وفي كُلِّ لحظٍ لي ومَسمَعِ نغمَةٍ / يُلاحظُني شَزراً ويوسِعني هُجرا
سدِكتُ بصَرفِ الدهرِ طفلاً ويافِعاً / فأفنَيتُهُ عزماً ولم يُفنني صبرا
أريدُ من الأيام مالا يريدُهُ / سوايَ ولا يجري بخاطرهِ فكرا
وأسألُها ما أستحقُّ قضاءَهُ / وما أنا ممّن رام حاجَتَهُ قسرا
ولي كبدٌ من رأيِ همِّتِها النوى / فتُركِبُني من عزمِها المركبَ الوعرا
تروق بني الدنيا عجائبُها ولي / فُؤادٌ ببيضِ الهند لا بيضها مغرى
أخو همَمٍ رحّالَةٌ لا تزالُ بي / نَوىً تقطع البيداءَ أو أقطعَ العُمرا
ومَن كان عزمي بين جنَبيهِ حثَّهُ / وخيَّلَ طول الأرضِ في عينه شِبرا
صحِبتُ ملوكَ الأرضِ مغتبِطاً بهم / وفارقتُهم ملآنَ من شنفٍ صدرا
ولمّا رأيتُ العبدَ للحُرِّ مالِكاً / أبيتُ إباء الحُرِّ مسترزقاً حُرّا
ومصرُ لعمري أهل كلِّ عجيبَةٍ / ولا مثل ذا المخصِيِّ أعجوبَةً نُكرا
يُعَدُّ إذا عُدَّ العجائِبُ أوّلاً / كما يُبتدى في العدِّ بالأصبَعِ الصُغرى
فيا هِرمَلَ الدنيا ويا عبرَة الورى / ويا أيُّها المخصِيُّ مَن أُمُّكَ البظرا
نُوَيبيَّةٌ لم تدرِ أن بُنَيَّها ال / نُوَيبيَّ بعدَ اللَه يُعبَدُ في مِصرا
ويستَخدمُ البيضَ الكواعِبَ كالدُمى / ورومَ العِبِدَّى والغطارِفَة الغُرّا
قضاءٌ من اللَه العلِيِّ أرادَهُ / ألا رُبَّما كانت إرادتُهُ شَرّا
وللَه آياتٌ ولَيسَتَ كهَذهِ / أظُنُّكَ يا كافورُ آيتَهُ الكبرى
لعَمريَ ما دهرٌ بهِ أنت طيِّبٌ / أيَحسَبُني ذا الدهرُ أحسَبُهُ دَهرا
وأكفُرُ يا كافورُ حين تلوحُ لي / ففارَقتُ مُذ فارقتُكَ الشركَ والكُفرا
عثَرت بسَيري نحو مصرَ فلا لَعاً / بها ولَعاً بالسيرِ عنها ولا عَثرا
وفارَقتُ خيرَ الناس قاصِدَ شرِّهِم / وأكرَمَهُم طُرّاً لأنذلِهِم طُرّا
فعاقَبني المَخصِيُّ بالغَدرِ جازِياً / لأنَّ رحيلي كان عن حَلَبٍ غَدرا
وما كنتُ إلا فائِلَ الرأي لم أُعَنْ / بحزمٍ ولا استصحَبتُ في وجهتي حِجرا
وقد أُرِي الخنزيرُ أنّى مدَحتُهُ / ولو علِموا قد كانَ يُهجى بما يُطرا
جسَرتُ على دهياء مصرَ ففُتُّها / ولم يَكُنِ الدهياءَ إلا من استجرا
سأجلُبُها أشباهَ ما حمَلَتْهُ من / أسنَّتِها جرداً مُقَسطلَةً غُبْرا
وأُطلِعُ بيضاً كالشموسِ مُطِلَّةً / إذا طلعَت بيضاً وإن غرَبَت حُمرا
فإن بلَغَت نفسي المُنى فبِعَزمِها / وإلا فقد أبلَغتُ في حرصِها عُذرا