المجموع : 4
يَقولُ لي الخلّانُ لَو زُرتَ قَبرَها
يَقولُ لي الخلّانُ لَو زُرتَ قَبرَها / فَقُلتُ وَهَل غَيرَ الفُؤادِ لَها قَبرُ
عَلى حين لَم أَحدُث فَأَجهَل فَقدَها / وَلَم أَبلُغ السِّنِّ الَّتي مَعَها الصَّبرُ
لَعَمري لَقَد قَرَّت عُيونٌ رَأَيتُها
لَعَمري لَقَد قَرَّت عُيونٌ رَأَيتُها / وَلكِنَّ عَيني لَم تُمَتَّع مِنَ النَّظَر
إِذا سَخِطَت أَومَت إِلى الدَّهرِ بِالَّذي / تُحاوِلُهُ فِيَّ فَلم يَعصِها القَدَر
وَلا عَيبَ إِلَّا أَنَّها بَشَرِيَّةٌ / فَلَولاهُ كانَت ثالِث الشَّمسِ وَالقَمَر
لَئِن كانَ أَشقى اللَّهُ قَوماً بِحُبِّهِم / فَقَد أَسعَدَ اللَّهُ المُحِبَّ إِذا قَدَر
أَلا مَن عَذيرُ النَّفسِ مِمَّن يَلومُها
أَلا مَن عَذيرُ النَّفسِ مِمَّن يَلومُها / عَلى حُبِّها جَهلاً أَلا مَن عَذيرُها
تَذَكَّرتُ أَيّاماً تَوَلّى سُرورُها / فَدر لعَيني عِندَ ذاكَ دَرُورُها
فَبِتُّ كَأَنّي بِالنُّجومِ مُوَكَّلٌ / أُقَلِّبُ فيها مُقلَتي وَأُديرُها
كَأَنَّ بَناتَ النَّعشِ باسِطٌ كَفَّهُ / وَقَد مَدَّ كَفاً لِلسُّؤالِ فَقيرُها
كَأَنَّ الثُّريا في الدُّجى وَاِجتِماعِها / عِصابَةُ طَيرٍ فَزَّعَتها صُقورُها
يخالُ بِها النَّسرُ الَّذي هُوَ واقِعٌ / أَثافِيَّ لَم يُنصَب عَلَيها قُدورُها
أَلا يا لَها مِن لَيلَةٍ حارَ نَجمُها / وَغابَ الكَرى فيها وَطالَ قَصيرُها
تَذَكَّرتُ أَيّاماً تَوَلَّت حَميدَةً / فَعادَ لِنَفسي بَثُّها وَزَفيرُها
لَيالِيَ كانَت مَن تُحِبُّ أَميرَةً / عَلَيكَ وَمَولاةً وَأَنتَ أَميرُها
وَكانَت أَسيراً في وِثاقِكَ يَنتَهي / إِلى كُلِّ مَن تَهوى وَأَنتَ أَسيرُها
فَأَعقَبتُ أَيّاماً جَرَت بِمُساءَتي / قَريبَةُ بُؤسٍ وَاستشاط غيورُها
وَفي الصَّدرِ مِنّي غُصَّةٌ لا أُحيرُها / وَفي الصَّدرِ مِنها غُصَّة لا تُحيرُها
دَهاني وَإِيّاها العُداةُ فَأَصبَحَت / وَقَد أُسبِلَت دوني عَلَيها سُتورُها
وَكانَت وَأَبوابٌ لَها خَمسُ عَشرَة / تَطولُ عَلَيها لَيلَةً لا أَزورُها
وَكُنتُ أَثيراً عِندَهُنَّ يَرَينَني / كَتُفّاحَةٍ قَد فُضَّ فيها عَبيرُها
وَكانَت عَلاماتي إِلَيها تَنَحنُحي / وَيُنذِرُها مِن حِسِّ نَعلي صَريرُها
وَكانَت إِذا ما جاءَ غَيري تَسَتَّرَت / وَكانَ لَدَيَّ بَذلُها وَسُتورُها
فَأَصبَحتُ أَرضى بِالقَليلِ وَرُبَّما / طَلَبتُ فَلَم يَعسُر عَلَيَّ كَثيرُها
وَأَعزِز عَلَيها أَن تَكونَ إِشارَتي / إِلَيها بِطُهر لا يُجابُ مُشيرُها
تَطاوَلَتِ الأَيَّامُ مُنذُ رَأَيتُها / فَكانَت عَلَيَّ كَالسِّنينِ شهورُها
وَلَو أَنَّ ما أَلقى مِنَ الوجدِ ساعَةً / بِأَجبالِ رَضوى هُدَّ منَها صُخورُها
وَلَو أَنَّ ما أَلقى مِنَ الوجدِ ساعَةً / بِرُكنَي ثَبيرٍ ما أَقامَ ثَبيرُها
وَلَو أَنَّني أدعى لَدى المَوتِ باسمِها / لَعادَ لِنَفسي باذن رَبّي نُشورُها
أُعَلِّلُ نَفسي بِالأَماني مَخافَةً / عَلَيها إِذا ما الشَّوقُ كادَ يُطيرُها
وَأَدعو إِذا ما خِفتُ أَن يَغلبَ الهَوى / عَلَيها غَرامي بِاِسمِها أَستَجيرُها
فَإِن تَكُنِ الأَيَّامُ أَغشتكَ نقمَةً / فَقَد أَدبَرت أَعجازها وَصُدورُها
وَإِنِّي لَآتي الشَّيءَ مِن غَيرِ عِلمِها / فَيُخبِرُها عَنّي بِذاكَ ضَميرُها
وَقَد زَعِمتُ أَنِّي سَمَحتُ لِغَيرِها / بِوَصلٍ وَلا وَالبُدنِ تَدمي نحورُها
وَرَبِّ المَنايا لا أُميلُ زِيارَتي / إِلى غَيرِها أُنثى وَلا أَستَزيرُها
وَلكِنَّني كَنَّيتُ عَنها بِغَيرِها / مَخافَةَ عَينٍ لا يَنامُ بَصيرُها
عَلَيَّ نُذورٌ جَمَّةٌ في لِقائِها / فَلَيتَ نذوري أَوجَبَت وَنُذورُها
أَما مِن مُشير سَدَّدَ اللَّهُ رَأيَهُ / يَرى أَنَّ فيها حيلَةً لا يُضيرُها
لسكر الهَوى أَروى لِعَظمي وَمِفصَلي
لسكر الهَوى أَروى لِعَظمي وَمِفصَلي / إِذا ظَمِيا يا روح مِن سُكرَةِ الخَمرِ
وَاحسِن مِن رَجعِ المَثاني دفقها / مَراجيع نَغم الثَّغرِ يقرَعُ بِالثَّغرِ