المجموع : 5
سَلِي الليْلَ عَنْ عَيْني إذَا رابَكِ الفَجْرُ
سَلِي الليْلَ عَنْ عَيْني إذَا رابَكِ الفَجْرُ / أَفَازَ بِهَا إلاكِ وَ الأنْجُمُ الزُّهْرُ
قَسَمْتُ فُؤَادِي بَيْنَ بُؤْسيَ وَ الهَوَى / فَهذا لَهُ شَطْرٌ وَ هَذا لَهُ شَطْرُ
حَيَاتيَ هَلْ ثَغْرُ البَنَفْسَجِ يَفْتَرُّ / كَعَهْدِي وَ هَلْ يجرِي كَعَادَتِهِ النَّهْرُ
وَهَلْ يَذْكُرُ الصَّفْصَافُ إِذْ نحْنُ عِنْدَهُ / وَ في أُذُنِ الظَّلْمَاءِ مِنْ هَمْسِنَا نَقْرُ
سُقِيتُ مَرَارَاتِ الحَيَاةِ فَلَمْ أَجِدْ / كَمِثْلِ الَّذِي يَسْقِيهِ مِنْ كَفِّكِ الهجْرُ
وَأَشْقَى شَقِّيٍ في الوَرَى قَلْبُ شَاعِرٍ / نَبَا الحَظُّ عَنْهُ وَ الْتَقَى الحُبُّ وَ الفَقْرُ
فَفِي كُلِّ أُفْقٍ مِنْ أَمَانِيِه مَأْتَمٌ / وَ فِي كُلِّ عُضْوٍ مِنْ جَوَارِحِهِ قبر
لستَ تدري ولا أنا منكَ أدري
لستَ تدري ولا أنا منكَ أدري / فعلام الخصامُ فالسلمُ أحرى
رُبّ سرٍّ طوتهُ ظاهرةٌ حمقاء / يطوي البسيط برا وبحرا
وبوالي حقائِقَ الأمس تهديما / ويبني على حقائق أخرى
ليسَ من يقرأ الصحائفَ في الكتبِ / كمن في صحائف الكون يقرا
أجهلُ الناس مدّعٍ يحسَبُ العلمَ / كتاباً ويحسَبُ الفنّ سطرا
ويحَ هذي العقول لم تُصِبِ / الرمية يوما إلا لتخطىء عشرا
دون ما تبتغيه من كنه هذا / الكون سر فيه الجواب استقرا
سمه الضفّةَ التي يعبرُ الأحياء / منها أو سمّ ذلك جسرا
سمّه المصنعَ الذي يفعلُ التحليل / في جوفهش عجائبَ كبرى
يتلقّى الأجسام وهيَ جمادٌ / ثم يعطيكها حياةص وفكرا
سمه المرقمَ العجيب الذي ما / انفكّ يمحو سطراً ويُثبشتُ سطرا
سمّه المعوَلَ المطلسَمَ لا / يرجىء حفرا ولا يؤخّر طمرا
سمه الهازىء العظيم إذا / راقك أو سمه إذا شئت قبرا
أيها الطائرُ الذي ألِفَ الروضَ
أيها الطائرُ الذي ألِفَ الروضَ / مقاماً وجاورَ الأنهارا
وتلهّى حيناً بسَقسقَةِ الماء / فكانت لشدوهِ أوتارا
وتهادى عليه من حلَلِ الريشِ / أفانينُ تأخذُ الأبصارا
من سواد يحكي قلنسوة القسيس / في راسه الصغير استدارا
وازرقاق كأنهُ حين زار / الأفق أهدى إليه منهُ إزارا
واغبِراراٍ كأنما تركَ الغيمُ / عليه مذ جازَهُ آثارا
كان في الروض ملعبٌ لك / يا طير وملهى تمضي عليه النهارا
تترامى في معطف الغصن حينا / وأحايين تلثمُ الأزهارا
وتحيي الصباح إذ يتلالا / وتحييه عندما يتوارى
تسجعُ السجعةَ البديعةَ في الفجر / وتأتي بمثلها تكرارا
أصلاةٌ في حمد ربّك لم تبقِ / افتناناً في نظمها وابتكارا
أم حنين إلى الحبيب الذي أقسمَ / أن لا يطيرَ عنك فطارا
نغمٌ لو وعنهُ أذنُ الليالي / لتمَنّت أن تغتدي أسحارا
كان في الروض كالهواء طليقاً / فغدا في الحديد يشكو الإسارا
هكذا أيها الشقيق أنا اليومَ / كلانا نحاربُ الأقدارا
ماذا أقولُ له إذا رجَعنا
ماذا أقولُ له إذا رجَعنا / يوما ولم يُبصركِ في القَصرِ
ماتت عليك أسىً أجيبيهِ / وإذا رأيت الحزن منطبعا
في وجهه الذواي من القهر / كوني له أختاً وعزيه
وإذا ترقّق لي ليستمعا / ما قلت ساعة نزعك المرّ
قولي له ابتسمت فتُسليه / وغذا أراد بأن نسير معا
للقبر كي يبكي على القبرِ / رحماكِ إنّ الدمع يؤذيه
صهٍ أيها الموتى ولو كان فيكمو
صهٍ أيها الموتى ولو كان فيكمو / حياة لصِحتُم ملء هذه الحناجرِ
لقد مَنعوا الأنوارَ عنكمُ وأنصفوا / متى احتاجَ للأنوارِ أهلُ المقابرِ