المجموع : 11
أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ
أَمِن آلِ نُعمٍ أَنتَ غادٍ فَمُبكِرُ / غَداةَ غَدٍ أَم رائِحٌ فَمُهَجِّرُ
لِحاجَةِ نَفسٍ لَم تَقُل في جَوابِها / فَتُبلِغَ عُذراً وَالمَقالَةُ تُعذِرُ
تَهيمُ إِلى نُعمٍ فَلا الشَملُ جامِعٌ / وَلا الحَبلُ مَوصولٌ وَلا القَلبُ مُقصِرُ
وَلا قُربُ نُعمٍ إِن دَنَت / وَلا نَأيُها يُسلي وَلا أَنتَ تَصبِرُ
وَأُخرى أَتَت مِن دونِ نُعمٍ وَمِثلُها / نَهى ذا النُهى لَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ
إِذا زُرتُ نُعماً لَم يَزَل ذو قَرابَةٍ / لَها كُلَّما لاقَيتُها يَتَنَمَّرُ
عَزيزٌ عَلَيهِ أَن أُلِمَّ بِبَيتِها / يُسِرُّ لِيَ الشَحناءَ وَالبُغضُ مُظهَرُ
أَلِكني إِلَيها بِالسَلامِ فَإِنَّهُ / يُشَهَّرُ إِلمامي بِها وَيُنَكَّرُ
بِآيَةِ ما قالَت غَداةَ لَقيتُها / بِمَدفَعِ أَكنانٍ أَهَذا المُشَهَّرُ
قِفي فَاِنظُري أَسماءُ هَل تَعرِفينَهُ / أَهَذا المُغيريُّ الَّذي كانَ يُذكَرُ
أَهَذا الَّذي أَطرَيتِ نَعتاً فَلَم أَكُن / وَعَيشِكِ أَنساهُ إِلى يَومِ أُقبَرُ
فَقالَت نَعَم لا شَكَّ غَيَّرَ لَونَهُ / سُرى اللَيلِ يُحيِي نَصَّهُ وَالتَهَجُّرُ
لَئِن كانَ إِيّاهُ لَقَد حالَ بَعدَنا / عَنِ العَهدِ وَالإِنسانُ قَد يَتَغَيَّرُ
رَأَت رَجُلاً أَمّا إِذا الشَمسُ عارَضَت / فَيَضحى وَأَمّا بِالعَشيِّ فَيَخصَرُ
أَخا سَفَرٍ جَوّابَ أَرضٍ تَقاذَفَت / بِهِ فَلَواتٌ فَهوَ أَشعَثُ أَغبَرُ
قَليلاً عَلى ظَهرِ المَطِيَّةِ ظِلُّهُ / سِوى ما نَفى عَنهُ الرِداءُ المُحَبَّرُ
وَأَعجَبَها مِن عَيشِها ظِلُّ غُرفَةٍ / وَرَيّانُ مُلتَفُّ الحَدائِقِ أَخضَرُ
وَوالٍ كَفاها كُلَّ شَيءٍ يَهُمُّها / فَلَيسَت لِشَيءٍ آخِرَ اللَيلِ تَسهَرُ
وَلَيلَةَ ذي دَورانَ جَشَّمتِني السُرى / وَقَد يَجشَمُ الهَولَ المُحِبُّ المُغَرِّرُ
فَبِتُّ رَقيباً لِلرِفاقِ عَلى شَفا / أُحاذِرُ مِنهُم مَن يَطوفُ وَأَنظُرُ
إِلَيهِم مَتى يَستَمكِنُ النَومُ مِنهُمُ / وَلى مَجلِسٌ لَولا اللُبانَةُ أَوعَرُ
وَباتَت قَلوصي بِالعَراءِ وَرَحلُها / لِطارِقِ لَيلٍ أَو لِمَن جاءَ مُعوِرُ
وَبِتُّ أُناجي النَفسَ أَينَ خِباؤُها / وَكَيفَ لِما آتي مِنَ الأَمرِ مَصدَرُ
فَدَلَّ عَلَيها القَلبُ رَيّا عَرَفتُها / لَها وَهَوى النَفسِ الَّذي كادَ يَظهَرُ
فَلَمّا فَقَدتُ الصَوتَ مِنهُم وَأُطفِئَت / مَصابيحُ شُبَّت في العِشاءِ وَأَنوُرُ
وَغابَ قُمَيرٌ كُنتُ أَرجو غُيوبَهُ / وَرَوَّحَ رُعيانُ وَنَوَّمَ سُمَّرُ
وَخُفِّضَ عَنّي النَومُ أَقبَلتُ مِشيَةَ ال / حُبابِ وَرُكني خَشيَةَ الحَيِّ أَزوَرُ
فَحَيَّيتُ إِذ فاجَأتُها فَتَوَلَّهَت / وَكادَت بِمَخفوضِ التَحِيَّةِ تَجهَرُ
وَقالَت وَعَضَّت بِالبَنانِ فَضَحتَني / وَأَنتَ اِمرُؤٌ مَيسورُ أَمرِكَ أَعسَرُ
أَرَيتَكَ إِذ هُنّا عَلَيكَ أَلَم تَخَف / وُقيتَ وَحَولي مِن عَدُوِّكَ حُضَّرُ
فَوَ اللَهِ ما أَدري أَتَعجيلُ حاجَةٍ / سَرَت بِكَ أَم قَد نامَ مَن كُنتَ تَحذَرُ
فَقُلتُ لَها بَل قادَني الشَوقُ وَالهَوى / إِلَيكِ وَما عَينٌ مِنَ الناسِ تَنظُرُ
فَقالَت وَقَد لانَت وَأَفرَخَ رَوعُها / كَلاكَ بِحِفظٍ رَبُّكَ المُتَكَبِّرُ
فَأَنتَ أَبا الخَطّابِ غَيرُ مُدافَعٍ / عَلَيَّ أَميرٌ ما مَكُثتُ مُؤَمَّرُ
فَبِتُّ قَريرَ العَينِ أُعطيتُ حاجَتي / أُقَبِّلُ فاها في الخَلاءِ فَأُكثِرُ
فَيا لَكَ مِن لَيلٍ تَقاصَرَ طولُهُ / وَما كانَ لَيلى قَبلَ ذَلِكَ يَقصُرُ
وَيا لَكَ مِن مَلهىً هُناكَ وَمَجلِس / لَنا لَم يُكَدِّرهُ عَلَينا مُكَدِّرُ
يَمُجُّ ذَكِيَّ المِسكِ مِنها مُفَلَّجٌ / رَقيقُ الحَواشي ذو غُروبٍ مُؤَشَّرُ
تَراهُ إِذا تَفتَرُّ عَنهُ كَأَنَّهُ / حَصى بَرَدٍ أَو أُقحُوانٌ مُنَوِّرُ
وَتَرنو بِعَينَيها إِلَيَّ كَما رَنا / إِلى رَبرَبٍ وَسطَ الخَميلَةِ جُؤذَرُ
فَلَمّا تَقَضّى اللَيلُ إِلّا أَقَلَّهُ / وَكادَت تَوالي نَجمِهِ تَتَغَوَّرُ
أَشارَت بِأَنَّ الحَيَّ قَد حانَ مِنهُمُ / هُبوبٌ وَلَكِن مَوعِدٌ مِنكَ عَزوَرُ
فَما راعَني إِلّا مُنادٍ تَرَحَّلوا / وَقَد لاحَ مَعروفٌ مِنَ الصُبحِ أَشقَرُ
فَلَمّا رَأَت مَن قَد تَنَبَّهَ مِنهُمُ / وَأَيقاظَهُم قالَت أَشِر كَيفَ تَأمُرُ
فَقُلتُ أُباديهِم فَإِمّا أَفوتُهُم / وَإِمّا يَنالُ السَيفُ ثَأراً فَيَثأَرُ
فَقالَت أَتَحقيقاً لِما قالَ كاشِحٌ / عَلَينا وَتَصديقاً لِما كانَ يُؤثَرُ
فَإِن كانَ ما لا بُدَّ مِنهُ فَغَيرُهُ / مِنَ الأَمرِ أَدنى لِلخَفاءِ وَأَستَرُ
أَقُصُّ عَلى أُختَيَّ بِدءَ حَديثِنا / وَما لِيَ مِن أَن تَعلَما مُتَأَخَّرُ
لَعَلَّهُما أَن تَطلُبا لَكَ مَخرَجاً / وَأَن تَرحُبا صَدراً بِما كُنتُ أَحصُرُ
فَقامَت كَئيباً لَيسَ في وَجهِها دَمٌ / مِنَ الحُزنِ تُذري عَبرَةً تَتَحَدَّرُ
فَقامَت إِلَيها حُرَّتانِ عَلَيهِما / كِساءانِ مِن خَزٍّ دِمَقسٌ وَأَخضَرُ
فَقالَت لِأُختَيها أَعينا عَلى فَتىً / أَتى زائِراً وَالأَمرُ لِلأَمرِ يُقدَرُ
فَأَقبَلَتا فَاِرتاعَتا ثُمَّ قالَتا / أَقِلّي عَلَيكِ اللَومَ فَالخَطبُ أَيسَرُ
فَقالَت لَها الصُغرى سَأُعطيهِ مِطرَفي / وَدَرعي وَهَذا البُردُ إِن كانَ يَحذَرِ
يَقومُ فَيَمشي بَينَنا مُتَنَكِّراً / فَلا سِرُّنا يَفشو وَلا هُوَ يَظهَرُ
فَكانَ مِجَنّي دونَ مَن كُنتُ أَتَّقي / ثَلاثُ شُخوصٍ كاعِبانِ وَمُعصِرُ
فَلَمّا أَجَزنا ساحَةَ الحَيِّ قُلنَ لي / أَلَم تَتَّقِ الأَعداءَ وَاللَيلُ مُقمِرُ
وَقُلنَ أَهَذا دَأبُكَ الدَهرَ سادِراً / أَما تَستَحي أَو تَرعَوي أَو تُفَكِّرُ
إِذا جِئتِ فَاِمنَح طَرفَ عَينَيكَ غَيرَنا / لِكَي يَحسِبوا أَنَّ الهَوى حَيثُ تَنظُرُ
فَآخِرُ عَهدٍ لي بِها حينَ أَعرَضَت / وَلاحَ لَها خَدُّ نَقِيٌّ وَمَحجَرُ
سِوى أَنَّني قَد قُلتُ يا نُعمُ قَولَةً / لَها وَالعِتاقُ الأَرحَبيّاتُ تُزجَرُ
هَنيئاً لِأَهلِ العامِرِيَّةِ نَشرُها ال / لَذيذُ وَرَيّاها الَّذي أَتَذَكَّرُ
وَقُمتُ إِلى عَنسٍ تَخَوَّنَ نَيَّها / سُرى اللَيلِ حَتّى لَحمُها مُتَحَسِّرُ
وَحَبسي عَلى الحاجاتِ حَتّى كَأَنَّها / بَقِيَّةُ لَوحٍ أَو شِجارٌ مُؤَسَّرُ
وَماءٍ بِمَوماءٍ قَليلٍ أَنيسُهُ / بَسابِسَ لَم يَحدُث بِهِ الصَيفَ مَحضَرُ
بِهِ مُبتَنىً لِلعَنكَبوتِ كَأَنَّهُ / عَلى طَرَفِ الأَرجاءِ خامٌ مُنَشَّرُ
وَرِدتُ وَما أَدري أَما بَعدَ مَورِدي / مِنَ اللَيلِ أَم ما قَد مَضى مِنهُ أَكثَرُ
فَقُمتُ إِلى مِغلاةِ أَرضٍ كَأَنَّها / إِذا اِلتَفَتَت مَجنونَةٌ حينَ تَنظُرُ
تُنازِعُني حِرصاً عَلى الماءِ رَأسَها / وَمِن دونِ ما تَهوى قَليبٌ مُعَوَّرُ
مُحاوِلَةً لِلماءِ لَولا زِمامُها / وَجَذبي لَها كادَت مِراراً تَكَسَّرُ
فَلَمّا رَأَيتُ الضَرَّ مِنها وَأَنَّني / بِبَلدَةِ أَرضٍ لَيسَ فيها مُعَصَّرُ
قَصَرتُ لَها مِن جانِبِ الحَوضِ مُنشَأً / جَديداً كَقابِ الشِبرِ أَو هُوَ أَصغَرُ
إِذا شَرَعَت فيهِ فَلَيسَ لِمُلتَقى / مَشافِرِها مِنهُ قِدى الكَفِّ مُسأَرُ
وَلا دَلوَ إِلّا القَعبُ كانَ رِشاءَهُ / إِلى الماءِ نِسعٌ وَالأَديمُ المُضَفَّرُ
فَسافَت وَما عافَت وَما رَدَّ شُربَها / عَنِ الرَيِّ مَطروقٌ مِنَ الماءِ أَكدَرُ
يَقولُ خَليلي إِذ أَجازَت حُمولُها
يَقولُ خَليلي إِذ أَجازَت حُمولُها / خَوارِجَ مِن شَوطانَ بِالصَبرِ فَاِظفَرِ
فَقُلتُ لَهُ ما مِن عَزاءٍ وَلا أَسىً / بِمُسلٍ فُؤادي عَن هَواها فَأَقصِرِ
وَما مِن لِقاءٍ يُرتَجى بَعدَ هَذِهِ / لَنا وَلَهُم دونَ اِلتِفافِ المُجَمَّرِ
فَهاتِ دَواءً لِلَّذي بي مِنَ الجَوى / وَإِلّا فَدَعني مِن مَلامِكَ وَاِعذِرِ
تَباريحَ لا يَشفي الطَبيبُ الَّذي بِهِ / وَلَيسَ يُؤاتيهِ دَواءُ المُبَشِّرِ
وَطَورَينِ طَوراً يائِسٌ مَن يَعودُهُ / وَطَوراً يُرى في العَينِ كَالمُتَحَيِّرِ
صَريعُ هَوىً ناءَت بِهِ شاهِقِيَّةٌ / هَضيمُ الحَشى حُسّانَةُ المُتَحَسَّرِ
قَطوفٌ أَلوفٌ لِلحِجالِ غَريرَةٌ / وَثيرَةُ ما تَحتَ اِعتِقادِ المُؤَزَّرِ
سَبَتهُ بِوَحفٍ في العِقاصِ مُرَجَّلٍ / أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَكَوِّرِ
وَخَدٍّ أَسيلٍ كَالوَذِيلَةِ ناعِمٍ / مَتى يَرَهُ راءٍ يُهِلُّ وَيُسحِرُ
وَعَينَي مَهاةٍ في الخَميلَةِ مُطفِلٍ / مُكَحَّلَةٍ تَبغي مَراداً لِجُؤذَرِ
وَتَبسِمُ عَن غَرٍّ شَتيتٍ نَباتُهُ / لَهُ أُشُرٌ كَالأُقحُوانِ المُنَوِّرِ
وَتَخطو عَلى بَردِيَّتَينِ غَذاهُما / سَوائِلُ مِن ذي جَمَّةٍ مُتَحَيِّرِ
مِنَ البيضِ مِكسالُ الضُحى بَختَرِيَّةٌ / ثَقالٌ مَتى تَنهَض إِلى الشَيءِ تَفتِرُ
فَلَمّا عَرَفتُ البَينَ مِنها وَقَبلَهُ / جَرى سانِحٌ لِلعائِفِ المُتَطَيِّرِ
شَكَوتُ إِلى بَكرٍ وَقَد حالَ دونَها / مُنيفٌ مَتى يُنصَب لَهُ الطَرفُ يَحسِرِ
فَقُلتُ أَشِر قالَ اِئتَمِر أَنتَ مُؤيَسٌ / وَلَم يَكبُروا فَوتاً فَما شِئتِ فَأمُرِ
فَقُلتُ اِنطَلِق نَتبَعهُمُ إِنَّ نَظرَةً / إِلَيهِم شِفاءٌ لِلفُؤادِ المُضَمَّرِ
فَرُحنا وَقُلنا لِلغُلامِ اِقضِ حاجَةً / لَنا ثُمَّ أَدرِكنا وَلا تَتَغَبَّرِ
سِراعاً نَغُمُّ الطَيرَ إِن سَنَحَت لَنا / وَإِن يَلقَنا الرُكبانُ لا تَتَحَيَّرِ
فَلَمّا أَضاءَ الفَجرُ عَنّا بَدا لَنا / ذُرى النَخلِ وَالقَصرُ الَّذي دونَ عَزوَرِ
فَقُلتُ اِعتَزِل ذِلَّ الطَريقِ فَإِنَّنا / مَتى نُرَ تَعرِفنا العُيونُ فَنُشهَرِ
فِظِلنا لَدى العَصلاءِ تَلفَحُنا الصَبا / وَظَلَّت مَطايانا بِغَيرِ مُعَصَّرِ
لَدُن غُدوَةٌ حَتّى تَحَيَّنتُ مِنهُمُ / رَواحاً وَلانَ اليَومُ لِلمُتَهَجِّرِ
فَلَمّا أَجَزنا الميلَ مِن بَطنِ رابِغٍ / بَدَت نارُها قَمَراً لِلمُتَنَوِّرِ
فَقُلتُ اِقتَرِب مِن سِربِهِم تَلقَ غَفلَةً / مِنَ الرَكبِ وَاِلبِس لِبسَةَ المُتَنَكِّرِ
فَإِنَّكَ لا تَعبى إِلَيها مُبَلِّغاً / وَإِن تَلقَها دونَ الرِفاقِ فَأَجدِرِ
فَقالَت لِأَترابٍ لَها اِبرَزنَ إِنَّني / أَظُنُّ أَبا الخَطّابِ مِنّا بِمَحضَرِ
قَريباً عَلى سَمتٍ مِنَ القَومِ تُتَّقى / عُيونُهُمُ مِن طائِفينَ وَسُمَّرِ
لَهُ اِختَلَجَت عَيني أَظُنُّ عَشِيَّةً / وَأَقبَلَ ظَبيٌ سانِحٌ كَالمُبَشِّرِ
فَقُلنَ لَها لا بَل تَمَنَّيتِ مُنيَةً / خَلَوتِ بِها عِندَ الهَوى وَالتَذَكُّرِ
فَقالَت لَهُنَّ اِمشينَ إِمّا نُلاقِهِ / كَما قُلتُ أَو نَشفِ النُفوسَ فَنُعذِرُ
وَجِئتُ اِنسِيابَ الأَيمِ في الغيلِ أَتَّقى ال / عُيونَ وَأُخفي الوَطءَ لِلمُتَقَفِّرِ
فَلَمّا اِلتَقَينا رَحَّبَت وَتَبَسَّمَت / تَبَسُّمَ مَسرورٍ وَمَن يَرضَ يُسرَرِ
فَيا طيبَ لَهوٍ ما هُناكَ لَهَوتُهُ / بِمُستَمَعٍ مِنها وَيا حُسنَ مَنظَرِ
أَلا لَيتَ حَظّي مِنكِ أَنِّيَ كُلَّما
أَلا لَيتَ حَظّي مِنكِ أَنِّيَ كُلَّما / ذَكَرتُكِ لَقّاكِ المَليكُ لَنا ذِكرا
فَعالَجتِ مِن وَجدٍ بِنا مِثلَ وَجدِنا / بِكُم قَسمَ عَدلٍ لا مُشِطّا وَلا هَجرا
لَعَلَّكِ تَبلينَ الَّذي لَكِ عِندِنا / فَتَدرينَ يَوماً إِن أَحَطتِ بِهِ خُبرا
لِكَي تَعلَمي عِلماً يَقيناً فَتَنظُري / أَيُسراً أُلاقي في طِلابِكِ أَم عُسرا
فَقالَت وَصَدَّت أَنتَ صَبٌّ مُتَيَّمٌ / وَفيكَ لِكُلِّ الناسِ مُطَّلِبٌ عُذرا
مَلولٌ لِمَن يَهواكَ مُستَطرِفُ الهَوى / أَخو شَهَواتٍ تَبذُلُ المَذقَ وَالنَزرا
فَقُلتُ لَها قَولَ اِمرِئٍ مُتَجَلِّدٍ / وَقَد بَلَّ ماءُ الشَأنِ مِن مُقلَتي نَحرا
سَلَبتِ هَداكِ اللَهُ قَلبي فَأَنعِمي / عَلَيهِ وَرُدّي إِذ ذَهَبتِ بِهِ قَمرا
وَقَطَّعتِ قَلبي بِالمَواعِدِ وَالمُنى / وَغُصتِ عَلى قَلبي فَأَوثَقتِهِ أَسرا
فَما لَيلَةٌ تَمضي عَلى الناسِ تَنجَلي / وَلَم أُذرِ فيها عَبرَةً تُخضِلُ النَحرا
عَلَيكِ وَلَم أَشرَق بَريقٍ وَلَم أَجِد / مِنَ الحُبِّ سَوراتٍ عَلى كَبِدي فَطرا
وَلَكِنَّ قَلبي سيقَ لِلحَينِ نَحوَكُم / فَجِئتُ فَلا يُسراً لَقيتُ وَلا صَبرا
يَقولُ عَتيقٌ إِذ شَكَوتُ صَبابَتي
يَقولُ عَتيقٌ إِذ شَكَوتُ صَبابَتي / وَبَيَّنَ داءٌ مِن فُؤادي مُخامِرُ
أَحَقّاً لَئِن دارُ الرَبابِ تَباعَدَت / أَوِ اِنبَتَّ حَبلٌ أَنَّ قَلبَكَ طائِرُ
أَفِق قَد أَفاقَ العاشِقونَ وَفارَقوا ال / هَوى وَاِستَمَرَّت بِالرِجالِ المَرائِرُ
زَعِ القَلبَ وَاِستَبقِ الحَياءَ فَإِنَّما / تُباعِدُ أَو تُدني الرَبابَ المَقادِرُ
فَإِن كُنتَ عُلِّقتَ الرَبابَ فَلا تَكُن / أَحاديثَ مَن يَبدو وَمَن هُوَ حاضِرُ
أَمِت حُبَّها وَاِجعَل قَديمَ وِصالِها / وَعِشرَتِها أَمثالَ مَن لا تُعاشِرُ
وَهَبها كَشَيءٍ لَم يَكُن أَو كَنازِحٍ / بِهِ الدارُ أَو مَن غَيَّبَتهُ المَقابِرُ
فَإِن أَنتَ لَم تَفعَل وَلَستَ بِفاعِلٍ / وَلا قابِلٍ نُصحاً لِمَن هُوَ زاجِرُ
فَلا تَفتَضِح عَيناً أَتَيتَ الَّذي تَرى / وَطاوَعتَ هَذا القَلبَ إِذ أَنتَ سادِرُ
وَما زِلتُ حَتّى اِستَنكَرَ الناسُ مَدخَلي / وَحَتّى تَراءَتني العُيونُ النَواظِرُ
يَقولونَ لي أَقصِر وَلَستُ بِمُقصِرٍ
يَقولونَ لي أَقصِر وَلَستُ بِمُقصِرٍ / وَحُبُّكِ يا سُكنَ الَّذي يَحسِمُ الصَبرا
عَلى الهائِمِ المَشغوفِ بِالوَصلِ ما دَعا / حَمامٌ عَلى أَفنانِ دَوحَتِهِ وِترا
ثَلاثَ حَماماتٍ وُقوعٍ إِذا دَعا / رَدَدنَ إِلَيهِ الحُزنَ إِذ هَيَّجَ الهَدرا
بِصَوتٍ حَزينٍ مُثكِلٍ مُتَوَجِّعِ / وَنَفسِ مَريضِ القَلبِ أَورَثنَهُ ذِكرا
بِكُلِّ كَعابٍ طَفلَةٍ غَيرِ حَمشَةٍ / وَتَمشي الهُوَينا ما تُجاوِزُهُ فِترا
وَظَلَّت تَهادى ثُمَّ تَمشي تَأَوُّداً / وَتَشكو مِراراً مِن قَوائِمِها فَترا
إِذا ما دَعَت بِالمِرطِ كَيما تَلُفَّهُ / عَلى الخَصرِ أَبدَت مِن رَوادِفِها فَخرا
لَعَمري لَقَد كانَ الفُؤادُ مُسَلَّماً / صَحيحاً فَأَمسى لا يُطيقُ لَها هَجرا
فَجازي وَدوداً كانَ قَبلَكِ في الهَوى / دَؤولاً فَقَد أَورَثتِهِ السُقمَ وَالأَسرا
أَفي الحَقِّ إِذ حُكِّمتُمُ فَحَكَمتُمُ / صَواباً فَما أَخطاتُمُ الظُلمَ وَالكُفرا
أَتَحذَرُ وَشكَ البَينِ أَم لَستَ تَحذَرُ
أَتَحذَرُ وَشكَ البَينِ أَم لَستَ تَحذَرُ / وَذو الحَذَرِ النَحريرُ قَد يَتَفَكَّرُ
وَلَستَ مُوَقّىً إِن حَذِرتَ قَضِيَّةً / وَلَيسَ مَعَ المِقدارِ يُكدي التَهَوُّرُ
تَذَكَّرتُ إِذ بانَ الخَليطُ زَمانَهُ / وَقَد يُسقِمُ المَرءَ الصَحيحَ التَذَكُّرُ
وَكانَ اِدِّكاري شادِناً قَد هَوَيتُهُ / لَهُ مُقلَةٌ حَوراءُ فَالعَينُ تَسحَرُ
كَأَنِّيَ لَمّا أَن تَوَلَّت بِهِ النَوى / مِنَ الوَجدِ مَأمومُ الدِماغِ مُحَيَّرُ
إِذا رُمتُ عَيني أَن تُفيقَ مِنَ البُكا / تَبادَرَ دَمعي مُسبِلاً يَتَحَدَّرُ
لَقَد ساقَني حَينٌ إِلى الشادِنِ الَّذي / أَضَرَّ بِنَفسي أَهلُهُ حينَ هَجَّروا
وَلَو أَنَّهُ لا يُبعِدُ اللَهُ دارَهُ / وَلا زِلتُ مِنهُ حَيثُ أَلقى وَأُخبَرُ
لَقَد كانَ حَتفي يَومَ بانوا بِجُؤذَرٍ / عَلَيهِ سِخابٌ فيهِ دُرٌّ وَعَنبَرُ
فَقُلتُ أَلا أَيُّها الرَكبُ إِنَّني / بِكُم مُستَهامُ القَلبِ عانٍ مُشَهَّرُ
بَلى كُلُّ وُدٍّ كانَ في الناسِ قَبلَنا / وَوُدِّيَ لا يَبلى وَلا يَتَغَيَّرُ
فَقالوا لَعَمري قَد عَهِدناكَ حِقبَةً / وَأَنتَ اِمرُؤٌ مِن دونِ ما جِئتَ تَخطِرُ
وَقالَت لِأَترابٍ لَها حينَ عَرَّجوا / عَلَيَّ قَليلاً إِنَّ ذا بِيَ يَسخَرُ
وَقالَت أَخافُ الغَدرَ مِنهُ وَإِنَّني / لَأَعلَمُ أَيضاً أَنَّهُ لَيسَ يَشكُرُ
فَقُلتُ لَها يا هَمَّ نَفسي وَمُنيَتي / أَلا لا وَبَيتِ اللَهِ إِنّي مُهَبَّرُ
مُصابٌ عَميدُ القَلبِ أَعلَمُ أَنَّني / إِذا أَنا لَم أَلقاكُمُ سَوفَ أَدمُرُ
وَشِكرِيَ أَن لا أَبتَغي بِكِ خُلَّةً / وَكَيفَ وَقَد عَذَّبتِ قَلبي أَغدُرُ
وَإِنّي هَداكِ اللَهُ صَرمي سَفاهَةٌ / وَفيمَ بِلا ذَنبٍ أَتَيتُهُ أُهجَرُ
وَقَد حالَ دونَ الكُفرِ وَالغَدرِ أَنَّني / أُعالِجُ نَفساً هَل تُفيقُ وَتَصبِرُ
فَقالَت فَإِنّا قَد بَذَلنا لَكَ الهَوى / فَبِالطائِرِ المَيمونِ تُلقى وَتُحبَرُ
فَقُلتُ لَها إِن كُنتِ أَهلَ مَوَدَّةٍ / فَميعادُ ما بَيني وَبَينَكِ عَزوَرُ
فَقالَت فَإِنّا قَد فَعَلنا وَقَد بَدا / لَنا عِندَ ما قالَت بَنانٌ وَمِحجَرُ
فَرُنِّحَ قَلبي فَهوَ يَزعَمُ أَنَّهُ / سَيَهلِكُ قَبلَ الوَعدِ أَو سَوفَ يَفتُرُ
تَقولُ اِبنَةُ البَكرَينِ يَومَ لَقَينَنا
تَقولُ اِبنَةُ البَكرَينِ يَومَ لَقَينَنا / لَقَد شابَ هَذا بَعدَنا وَتَنَكَّرا
فَمِثلُ الَّذي عايَنتُ شَيَّبَ لِمَّتي / وَمِثلُ الَّذي أُخفي مِنَ الحُزنِ نَكَّرا
فَكَم فيهِمُ مِن سَيِّدٍ قَد رُزِئتُهُ / وَذي شَيبَةٍ كَالبَدرِ أَروَعَ أَزهَرا
أولَئِكَ هُم قَومي وَجَدِّكَ لا أَرى / لَهُم شَبَهاً فيمَن عَلى الأَرضِ مَعشَرا
أَذَبَّ وَراءَ المُستَضيفِ إِذا دَعا / وَأَضرَبَ في يَومِ الهِياجِ السَنَوَّرا
وَأَفضَلَ أَحلاماً وَأَعظَمَ نائِلاً / وَأَقرَبَ مَعروفاً وَأَبعَدَ مُنكَرا
وَإِن أَنعَموا ثُنّوا عَلَيهِ بِصالِحِ / وَلَم يُتبِعوا الإِحسانَ مِنّاً مُكَدَّرا
سَلامٌ عَلَيها ما أَحَبَّت سَلامَنا
سَلامٌ عَلَيها ما أَحَبَّت سَلامَنا / فَإِن كَرِهَتهُ فَالسَلامُ عَلى أُخرى
رَأَينَ الغَواني الشَيبَ لاحَ بِعارِضي
رَأَينَ الغَواني الشَيبَ لاحَ بِعارِضي / فَأَعرَضنَ عَنّي بِالخُدودِ النَواضِرِ
وَكُنَّ إِذا أَبصَرنَني أَو سَمِعنَني / سَعَينَ فَرَقَّعنَ الكُوى بِالمَحاجِرِ
فَإِن جَمَحَت عَنّي نَواظِرُ أَعيُنٍ / رَمينَ بَأَحداقِ المَها وَالجَآذِرِ
فَإِنِّيَ مِن قَومٍ كَريمٍ نِجارُهُم / لِأَقدامِهِم صيغَت رُؤوسُ المَنابِرِ
عَفا اللَهُ عَن لَيلى الغَداةَ فَإِنَّها
عَفا اللَهُ عَن لَيلى الغَداةَ فَإِنَّها / إِذا وَلِيَت حُكماً عَلَيَّ تَجورُ
أَأَترُكُ لَيلى لَيسَ بَيني وَبَينَها / سِوى لَيلَةٍ إِنّي إِذاً لَصَبورُ
لَعَمري لَقَد نِلتُ الَّذي كُنتُ أَرتَجي
لَعَمري لَقَد نِلتُ الَّذي كُنتُ أَرتَجي / وَأَصبَحتُ لا أَخشى الَّذي كُنتُ أَحذَرُ
فَلَيسَ كَمِثلي اليَومَ كِسرى وَهُرمُزٌ / وَلا المَلِكُ النُعمانُ مِثلي وَقَيصَرُ