المجموع : 6
بكَت عَينُ مَن لم يَبكِ عِيسى بن قاسمٍ
بكَت عَينُ مَن لم يَبكِ عِيسى بن قاسمٍ / بأربعةِ حتَّى تَجِفُّ نَواظِرُهُ
فتى غابَ عنهُ أقربوه فلم يكُن / لهُ مَن يُحامِي دُونَهُ ويُؤازِرُه
مَرَرتُ على ربعٍ لهُ بَعدَ مَوته / فباطِنُهُ يَشكو الخَرابَ وظاهِرُه
تكادُ مَغانيه تَقولُ لِفَقدِهِ / لسائلها عن أهله ماتَ عامِرُه
سلامٌ على الأخوانِ والعيشِ بَعدَهُ / ومَن كُنتُ أصفيهِ الهَوَى وأعاشِرُه
ومَن كانَ يُسلى الهَمَّ عني حَديثُهُ / إليَّ إذا ضاقَت بأمري مَصادِرُه
فإن أسلُ عن شيءٍ فما عَنه سَلوَةٌ / ومَهما أضيعهُ فانيَ ذاكِرُه
لهُ في ذُرى المَعروفِ نُعمى كأنَّها
لهُ في ذُرى المَعروفِ نُعمى كأنَّها / مواقِعُ ماء المُزنِ في البَلَد القَفُرِ
إذا ما أتاهُ السائلونَ تَوقَّدت / عليهِ مصابيحُ الطَلاقةِ والبِشرِ
رأينَ الغَواني الشيبَ لاح بِعارضي
رأينَ الغَواني الشيبَ لاح بِعارضي / فأعرضن عنّي بالخُدودِ النَواضِرِ
وكُنَّ إذا أبصَرنني أو سَمِعنَ بي / سَعَينَ فَرَقَّعنَ الكُوى بالمحاجِرِ
لَئِن حُجَّبَت عَنَّي نواظِرُ أعينٍ / رَمينَ بأحداقِ المها والمحاجِرِ
فإني من قومٍ كِرامٍ أُصُولُهُم / لأقدامِهِم صِيغَت رُؤوسُ المنابِرِ
خلائِفُ في الإسلام في الشِّركِ قادَةٌ / بِهِم وإليهِم فَخرُ كُلِّ مفاخِرِ
وعما قليلٍ لن ترى باكياً لنا
وعما قليلٍ لن ترى باكياً لنا / سيضحكُ من يبكي ويُعرِضُ عن ذكري
ترى صاحبي يَبكي قليلاً لفُرقتي / ويضحكَ من طولِ الليالي على قبري
ويحدثُ إخواناً وينسى مَودَّتي / وتَشغَلُهُ الأحبابُ عنّي وعَن ذِكري
لقد شَمِتَ الأعداءُ بي وتَغيَّرت
لقد شَمِتَ الأعداءُ بي وتَغيَّرت / عُيونٌ أراها بعدَ مَوت أبي عَمرو
تَجَرا عليَّ الدَهرُ لمَّا فَقَدتُهُ / ولَو كان حيّاً لاجتَرأتُ على الدَهرِ
أسكانَ بَطنِ الأرض لو يُقبَلُ الفِدى / فَدَينا وأعطينا بِكُم ساكنَ الظَهرِ
فيا لَيتَ مَن فيها عَلَيها ولَيتَ مَن / عَليها ثَوى فيها مُقيماً الى الحَشر
وقاسمني دَهري بَنيَّ بشَطرِهِ / فلما تَوفَّى شَطرَهُ مال في شَطري
فَصاروا دُيوناً للمنايا ومَن يكُن / عليه لها دَينٌ قَضاهُ على عُسرِ
كأنهُمُ لم يَعرِفِ الموتُ غَيرَهُم / فَثُكلٌ على ثُكلِ وقَبرٌ على قَبرِ
وقد كُنتُ حَيَّ الخَوفِ قَبلَ وَفاتِهِم / فلمَّا تُوُفُّوا ماتَ خَوفي من الدَهرِ
وكنتُ به أُكنَى فأصبحت كُلَّما / كُنِيتُ بهِ فاضَت دُموعي على نَحري
ألا لَيتَ أُمّي لَم تلِدني وليتَني / سَبَقتُكَ إذْ كُنا إلى غايةٍ نَجري
وقد كُنتُ ذا نابٍ وظُفرٍ على العِدا / فأصبحتُ لا يَخشَونَ نابي ولا ظُفري
فللَّهِ ما أعطى ولِلَّهِ ما جرى / ولَيسَ لأيام الرَزِيَّةِ كالصَبرِ
فَحسبُك مِنهم مُوحِشاً فَقَدُ بِرّهِم / وحَسبُكَ مِنهُم مُسلِياً طَلَبُ الأجرِ
ولكن بنو خَيرٍ وشَرٍّ كلَيهما
ولكن بنو خَيرٍ وشَرٍّ كلَيهما / جَميعاً ومعروفٍ ألمَّ ومُنكَرِ