المجموع : 7
أَأَحْبَابَنا إِنّي وإِنْ رُمْتُ سَلْوةً
أَأَحْبَابَنا إِنّي وإِنْ رُمْتُ سَلْوةً / وَقَامَ بِهَا مِنْ جَوْرِكُمْ لِي إِعْذَارُ
لَعِنْدِي الْتِفَاتٌ نَحْوَكُمْ وتَشوُّقٌ / إِلَيْكُمْ وَمِنْكُمْ بَعْدُ في القَلْبَ آثارُ
لَعَمْرُكَ مَا الفَخْرُ العِرَاقيُّ مَيِّتٌ
لَعَمْرُكَ مَا الفَخْرُ العِرَاقيُّ مَيِّتٌ / وَإِنْ كَانَ مَا بَيْنَ القُبُورِ لَهُ قَبْرُ
وَلِكنَّها الأُخْرى أَتَتْ وَتَزَيَّنَتْ / وَفَاخَرَتِ الدُّنْيا وكان لَها الفَخُرُ
أَوائِلُ حُبٍّ ما لَهُنّ أَواخِرُ
أَوائِلُ حُبٍّ ما لَهُنّ أَواخِرُ / خَواطِرُ لا تَنْفكُّ عَنْهَا الخَواطِرُ
فَفِي الحُبّ مَعْنىً يَنْثَني عَنْكَ فِكْرهُ / وفِي القلبِ مَأْوىً يَلْتَوِي عَنْكَ نَاظِرُ
فَقلْبيَ في بَحْرِ الصَّبابةِ وَاقعٌ / غَرِيقٌ ولُبِّي في فَضَا الوَجْدِ طائِرُ
وَلي نَفَسٌ مِنْ لَوْعَتي مُتَصاعِدٌ / وَدَمْعي على شَطّ النَّوَى مُتَحادِرُ
وَمُعْتَدِلٍ قَدْ أَنْصَفَ الحُسْنُ خَلْقَهُ / ولكنَّهُ في مَذْهَبِ الحُبِّ جائِرُ
يُبرّدُ قلبي خَدُّه وهُوَ جَمْرَةٌ / ويَحْرِقُ قَلْبي طَرْفُهُ وهُوَ فَاتِرُ
أَبُوحُ وأُخْفِي هكذا سُنَّةُ الهَوَى / ولِلصَّبِّ في الشَّكْوَى عَذُولٌ وعَاذِرُ
وَلِلْوَجْدِ ما أَنْشَا لِسَاني ومَدْمَعِي / وَلِلْودِّ ما ضمَّت عليه السَّرائِرُ
رَأى الحُسْنَ في العُشَّاقِ مُمتَثلَ الأَمْرِ
رَأى الحُسْنَ في العُشَّاقِ مُمتَثلَ الأَمْرِ / فَجارَ وَنابتْ عَنْهُ عَيْنَاهُ في الغَدْرِ
وَقال خُذِ الهَجْرَ المُبرِّحَ بِالحَشَا / فَقُلْتُ خُذ الصَّبْرَ المُبرِّحَ بالهَجْرِ
وَلِي فِيكَ بَيْنَ القُرْبِ وَالبُعْدِ مَشْهدٌ / يُريني صِدْقَ الهَجْرِ في كَذِبِ السِّرِّ
أُمَثِّلُ ما أَخْتَارُ مِنْكَ بِخاطِري / فَيَمْنَحُنِي وَصْلاً وَإِنْ كُنْتَ لا تَدْرِي
أَأَحْبابَنا بِنْتُمْ وَخَلَّفْتُمُ الهَوَى / يُملل حَرَّ الشَّوْقِ مِنَّا على الجَمْرِ
هَلُمَّ إِلى العَهْدِ القَديمِ نُجِدُّهُ / وَنُنْشِي به مَيْتَ الهَوَى طَيب النَّشْرِ
فَنَحْنُ قَبِلناكُمْ على كُلّ حَالَةٍ / أَحبَّاءَ لا نَسْلوكُمْ آخِرَ الدَّهْرِ
وَنَحْنُ فَعَلْنَا ما يَليقُ مِنَ الوَفَا / فَلا تَفْعَلُوا ما لا يَلِيقُ مِنَ الغَدْرِ
وَإِنَّا وَإِنْ أَغْرَى بِنَا الحُسْنُ عَامِداً / نُؤَمِّلُ أَنْ يُجْرِي بِنَا اليُسْرُ ما يُجْرِي
أُسائِلُكُمْ هَلْ رَوَّضَ الشِّعْبُ بَعْدَنَا / وَهَلْ سَحَّ في سَاحَاتِهِ وَابِلُ القَطْرِ
وَهَلْ سَنَحَتْ فِيهِ جَآذِرُهُ الَّتي / تُعوِّضُ بالأَلْبابِ مَرْعىً عَن الزَّهْرِ
كَواكِبُ قالَ النَّاسُ هُنَّ كَواعِبٌ / تَقَلَّدْنَ بَالأَحْدَاقِ مِنَّا وَبِالدُّرِّ
نَحرْنَ جُفُونِي بالدُّمُوعِ وإِنَّما / سَلَبْنَ عُقُودَ الدُّرِّ مِنْ ذَلِكَ النَّحْرِ
رَعَى اللَّهُ نَفْساً كم أُكَلِّفُهَا الهَوَى / وَأَجْنِي بِها حُلْوَ الأُمُورِ مِنَ المُرِّ
وَأَلْقَى صُرُوفَ الدَّهْرِ مُسْتَقْبِلاً لَها / فَلسْتَ تَرى تَأْثِيرَها في سِوَى صَدْرِي
وَقَدْ شَابَ فَوْدي قَبْلَ أَنْ يَنْقَضِي لَهُ / سِوَى الخَمْسِ والعِشْرِينَ مِنْ مُدَّةِ العُمْرِ
أُحِبُّ ورُودَ الماءِ يُحْرَسُ بالظُّبَى / وَأَهْوَى ازْدِيارِ الحَيِّ يُمْنَعُ بالسُّمْرِ
وَلِي بِابْنِ عَبْدِ الظَّاهِرِ الهِمَّةُ الَّتي / أَجَادَ بِهَا جَدِّي وأَعْلى بِهَا قَدْرِي
هُوَ البَرُّ إِلَّا أَنَّه إِنْ قَصَدْتَهُ / تَيَقَّنْتَ أَنَّ البَحْرَ مِنْ ذَلِكَ البَرِّ
يُقاسِمني قَلْبِي إِلَيْهِ اشْتِياقُهُ / فَيَرْجَحُ شَطْرَ الشَّوْقِ مِنْهُ عَلَى الشَّطْرِ
أَسِيرُ لِحاظٍ كَيْفَ يَنْجُو مِنَ الأَسْرِ
أَسِيرُ لِحاظٍ كَيْفَ يَنْجُو مِنَ الأَسْرِ / وَعَاشِقِ ثَغْرٍ كَيْفَ يَصْحُو مِنَ السُّكْرِ
وَلَا سِيَّما صَبٌّ يَذُوبُ صَبابةً / بما جلَّ عَنْ حَصْرٍ بِما دَقَّ مِنْ خَصْرِ
يُهدّده الوَاشي وَيَبْكِي صَبَابةً / فَيَفْرِقُ من نَهْرٍ ويَغْرَقُ في نَهْرِ
تَأَلَّقَ في أُفقِ الملاحَةِ كَوْكَباً / تَألُّقَ دُرّي وضاحِكٍ عَنْ دُرّ
فَفِي كُلِّ جَوٍّ مِنْهُ نَقْعٌ مِنَ الهَوَى / وَفي كُلِّ قُطْرٍ مِنْه وَقْعٌ مِنَ القَطرِ
خُذُوا خَبَراً عَنْ نَظْمِ دَمْعِي وَنَثْرِهِ
خُذُوا خَبَراً عَنْ نَظْمِ دَمْعِي وَنَثْرِهِ / عَنِ الحُبِّ يُنْبِيكُم بِغَامِضِ سِرِّهِ
وَلا تَسْأَلوا عَمَّنْ هَويْتُ فإِنَّني / أَغارُ عَليْهِ أَنْ أَبُوحَ بِذكرِهِ
وَإِنْ رُمْتُمُ وَصْفِي بَدِيعَ جَمالِهِ / فَأَيْسَرُ مَا فِيهِ الجمالُ بِأَسْرِهِ
مَليحٌ جَلا لِي ضَوْء بَدرٍ كمالُهُ / وَلكِنْ أَراني يَوْمَ بَدْرٍ بِهَجْرِهِ
أَميرُ جَمالٍ ما انْتَضَى سَيْفَ ناظرٍ / على عاشِقٍ إِلَّا وقامَ بِنَصْرِهِ
غَزالٌ غَزا قَلْبِي بِفاتِرِ طَرْفِهِ / وَأَحْرَق أَحْشائِي بِبَارِدِ ثَغْرِهِ
وَقَدْ كانَ عَهْدِي الدُّرُّ في البَحْرِ قَبْلَما / رَأَيْتُ رِضَاباً مِنْهُ يَجْرِي بِدُرِّهِ
مَليحٌ حَكاهُ البَدْرُ عِنْدَ طُلوعِهِ
مَليحٌ حَكاهُ البَدْرُ عِنْدَ طُلوعِهِ / فَلا سِرَّ أَنْ يَحْكِيه عِنْدَ سِرَارِهِ
أَغَرُّ غِرارُ الجَفْنِ مِنْهُ إِذَا سَطا / جَفا فيهِ جَفْنُ الصبِّ طيبُ غِرارِهِ
أَبيتُ وَلِي جَفْنٌ غَريقٌ بِمَائِهِ / عَلَيْهِ وَلِي قَلْبٌ حَريقٌ بِنَارِهِ
فَديْتُ مُؤذِّناً تَصْبو إِليهِ / بِجَامِعِ جِلَّقٍ مِنَّا النُّفُوسُ
يَطيرُ النِّسْرُ مِنْ شَوْقٍ إِليهِ / وَتَهْوَى أَنْ تُعَانِقَهُ العَرُوسُ