المجموع : 9
عَلى جَسرَةٍ لا يُدرِكُ الطَرفُ شأوَها
عَلى جَسرَةٍ لا يُدرِكُ الطَرفُ شأوَها / إذا جَدَّ مِن نصِّ الوَجيفِ ذُمورُ
مُوَثِّقَةٍ لَم تَنحَضِ البيدُ لَحمَها / قَوائِمُها فَوقَ الصُخورِ صُخورُ
تُفَتَّقُ عَن ذاتِ الوِجادِ جرومُها / ولا يَبلُغُ الرُكبانُ حَيثُ تُغيرُ
مُضَبَّرَةٍ جَلسٍ فأمّا عِظامُها / فَرَصفٌ وأمّا ليطُها فَحريرُ
كأنّي إذا عالَيتُ جَوزَةَ مَتنِها / عَلى عُلويّاتِ الرياحِ أسيرُ
نُجَلّي ببازِيٍّ عيونَ ذَوي النُهى
نُجَلّي ببازِيٍّ عيونَ ذَوي النُهى / إليهِ لأبصار المَحاسنِ صُورُ
مكان سوادِ العَينِ مِنهُ عَقيقةٌ / وَتبرٌ عَلى خَطِّ السوادِ يَدورُ
تَمورُ إذا ما رنَّقَت في مآقِها / كما مار مِن ماءِ الزُجاجَةِ نورُ
فإن جحظَت عضنهُ استَوى في مدارِهِ / وإن مالَ عَن لحظٍ فَفيه شُطورُ
لَهُ قُرطقٌ البنائق أنمَرٌ / مُفوَّفُ ضاحي الشَقَّتَينِ طَريرُ
وَمِن تَحتِهِ دِرعٌ كأَنَّ رُقومَهُ / تعاريجُ وَشيٍ أَرضهنَّ حَريرُ
كأنَّ اندِماجَ الريشِ مِنهُ حبائِكٌ / بعقبِ سحاباتٍ لَهُنَّ نُشورُ
لَهُ هامَةٌ مَلساءُ إمّا قذالها / فموفٍ وإمّا جيدُها فقَصيرُ
ململمةٌ فرعاءُ لولا شكيرها / لقلت مَداكٍ ضُمِّنَتهُ صخورُ
معصَّبةٌ بالقِدِّ ذات نواشرٍ / لها من خطاطيف الحديد ظفور
لهُ مِنسَرٌ يحكي من الظَبي رَوقَهُ / إذا تمَّ للتجبير منه سطورُ
له فُرَقٌ فوقَ القذالِ كأنَّها / ولم يَعرُهُ وَخطُ القَتيرِ قَتيرُ
تَخَيَّرهُ القَنّاصُ من بين عصبةٍ / لهم عند فخرِ القانصينَ فخورُ
وهَذَّبَهُ حتى كأنَّ ضميرَهُ / له دون ما تهوى النفوس ضميرُ
أتانا بهِ من رأسِ خلقاءَ حَزنةٍ / لها فَوقَ أرآدِ الشعاف ذرورُ
مؤلَّلةٍ جَلسٍ إذا الطرف رامها / أعادت إليه الجفن وهو حسير
كآدٍ تحامها الأنوق فما لها / بأحضانها دون الرؤوس وكور
سباهُ صغيراً فاستمرَّ بحزمِهِ / وردَّ إليه العزمَ وهوَ كبيرُ
يقطِّع أسحار البغاث كأنَّما / له في نحور البائسات ثؤور
يُبَوَّأ أيدي مالكيه كأنه / على آمريه في الجلال أميرُ
غدونا وطرفُ الليلِ وسنانُ غابرُ
غدونا وطرفُ الليلِ وسنانُ غابرُ / وقد نزل الأصابح والليل سائرُ
بأجدلَ من حُمر الصقور مؤدَّب / وأكرمُ ما جرَّبتَ منها الأحامر
جريءٌ على قتل الظباء وأنني / ليعجبني أن يقتل الوحش طائرُ
قصير الذنابى والقُدامى كأنها / قوادم نسرٍ أو سيوف بواتر
ورُقِّشِ منه جؤجؤٌ فكأنما / أعارته أعجام الحروفِ الدفاترُ
وما زالت بالأضمار حتى صنعتهُ / وليس يحوز السبق إلا الضوامر
وتحمله منا أكفٌّ كريمةٌ / كما زُهِيَت بالخاطبين المنابر
فعنَّ لنا من جانب السفح ربربٌ / على سَنَنٍ تستنُّ فيه الجآذر
فجَلّى وحُلَّت عقدة السير فانتحى / لأولها إذ أمكنته الأواخر
يحثُّ جناحيه على حرِّ وجهه / كما فصِّلت فوق الخدود المغافر
فما تمَّ رجعُ الطرفِ حتى رأيتُها / مصرَّعة تهوي إليها الخناجر
كذلك لذاتي وما نالَ لذةً / كطالب صيدٍ ينكفي وهو ظافر
أقول كما قال الخليل بن أحمد
أقول كما قال الخليل بن أحمد / وإن شتَّ ما بين الناظمين في الشعر
عذلت على ما لو علمت ببعضه / فسحت مكان اللوم والعذل من عذر
جهلت ولم تعلم بأنك جاهل / فمن لي بان تدري بانك لا تدري
تبلَّج برَوحِ اليأسِ أو رَوحة الغِنى
تبلَّج برَوحِ اليأسِ أو رَوحة الغِنى / أو الصِدقِ لي في الوعدِ أو طلب العُذر
فما لي تُقى يحيى ولا حلمُ يوسُفٍ / ولا صبرُ أيوبٍ ولا مُدَّةُ الخِضرِ
خليليَّ هل للحُزنِ مُقلةُ عاشقٍ
خليليَّ هل للحُزنِ مُقلةُ عاشقٍ / أم النارِ في أحشائِها وهي لا تدري
أشارت إلى أرض العراقِ فأصبحت / وكاللؤلؤ المنثورِ أدمُعها تجري
سحابٌ حكَت ثَكلى أُصيبَت بواحدٍ / فعاجَت له نحوَ الرياضِ على قَبرِ
تَسَربل وشياً من حُزونٍ تطَرَّزَت / مَطارِفُها طرزاً من البَرق كالتِبرِ
فوَشيٌ بلا رقمٍ ورقمٌ بلا يَدٍ / ودمعٌ بلا عَينٍ وضِحكٌ بلا ثَغرِ
سلِ الليلَ عنّي كيف أرعى نجومَهُ
سلِ الليلَ عنّي كيف أرعى نجومَهُ / فإنَّ الليالي يطَّلعن على سرّي
لأقتَحِمَنَّ الدهرَ مِنّي بعَزمَةٍ
لأقتَحِمَنَّ الدهرَ مِنّي بعَزمَةٍ / تَخوَّفُ أعدائي وتمنَعُ جاري
وأُفضي إلى هذا الكريم بنائلي / وآخذُ من هذا اللئيم بثاري
وإِلّا فلا أهوَت أناملُ خُلَّتي / لِلَوثِ خمارٍ أو لوضعِ إِزارِ
وحاشيتُ أبصارَ العُداةِ ترقُّباً / بِشُربِ عُقارٍ أو بخلعِ عِذارِ
أَلِيَّةَ برٍّ إن عَشَت عينُ باخلٍ / إلى ضَوءِ ناري فاستضاءَ بناري
وإني لأوصي الأهلَ إن رام زَورَتي / وإن ضافني إلّا يُخلَّ بداري
وكيفَ يزورُ القومَ أو يستضيفُهم / فتىً لا يرى للزَورِ حَقَّ مزارِ
ولما توافَقنا غداة وداعنا
ولما توافَقنا غداة وداعنا / أشرنَ إلينا بالعيونِ الفواتِرِ
ولا شيءَ أقوى شاهداً عند ذي هوىً / من اللحظِ يأتيه بما في الضمائرِ
كأنَّ دموعاً قصَّرت عن مسيلها / حذارَ الأعادي من عيون الجآذر
بقايا رشاشٍ فوقَ روضٍ مُنوِّر / تحمَّله عن صائبات البواكر
إذا غفلوا رَقرَقنَها في جفونها / وإن رُقبوا غَيَّضنَها في المحاجِرِ