المجموع : 6
طلعت بنور السعد يا أيها البدر
طلعت بنور السعد يا أيها البدر / فلم يخل بحر من سناك ولا بر
ورب حجاب للملوك خرقتَه / بزرق رماحٍ من أسنتها النصر
نشرت طوايا كلّ حتفٍ عليهم / بمنشورة الرايات يطوي بها العمر
ومصقولة من مرهفاتك آذنت / بإرغام قوم حشو آنافهم كبر
صوارم كانت للرقاب صوارما / كما جدع الظلماء ما شحذ الفجر
مضارب تفري كل درع وجوشن / إذا الصخر لاقى بعضها انطبع الصخر
بمثلك نال المجد سالف ثاره / وللازمة الصماء يدخر الذخر
رأى الدهر ما استودعته من سرائر / فألقى العصا طوعاً لمن أمره الأمر
وذي همة توطا بها عنق السها / كذاك لعمري تفعل الهمم الغر
ابت خيله إلا الأسنة مرتعا / وهل سمرات الملك إلا القنا السمر
وزير حوت منه الوزارة باسلا / يحط به من كل وازرة وزر
سليمان عصر فرج العسر يسره / ولو لم يكن تفرجيه عسر العصر
خليليّ ما أدرى وإن كنت داريا / أأخلاقه أزهى أم النجم الزهر
إذا أنتما كررتما نظريكما / بأحسن معنى منه غالكما الفكر
فلا تعجبا من بشره في جلاله / فأن كريم الطبع آيته البشر
عجائبه في السلم والحرب جمة / ولا عجيب إن أحدث العجب البحر
وعزم يفل الزغف من قبل قرعها / ألا هكذا فلتصنع الخدم البتر
تجيش مواضيه بمكنونة الردى / فتحسبها سرا يجيش به صدر
ويفتر عن نيل الأماني كلها / نداه كما يفتر عن شنب ثغر
نقيّ من الأدران يابى جوارها / كذا العقل يأبى أن تخامره الخمر
نضا كالحسام الهندوانيّ جوده / فنادى منادي جوده قتل الفقر
ورب بغاث قد تصدى لصيدها / من اللَه صقر لا يناهزه صقر
هو الباز ما للورق منه سلامة / ولو كان في أوج الثريا لها وكر
أعد أيها الراوي لنا ذكر وصفه / وحدث عن اليم المحيط ولا نكر
صفوح عن الجاني ولكن لسيفه / تألق إيماض يجف له القطر
مقيل من الأيام زلة نعلها / لمثل علاه كان ينتظر الدهر
كبا البرق حتى لم ينل شأو رفده / وإن لم ينفت مسراه سهل ولا وعر
به صحت الأيام بعد اعتلالها / ولولا وجود الخمر ما وجد السكر
متى خفقت في أرض قوم بنوده / أماتهم من قبل موتهم الذعر
وإن كان للأطواد صبر فإنها / إذا رمقت مرآه أعوزها الصبر
فكم معشر أدبتهم بمواعظ / من الصمّ ما للصم عن سمعها وقر
جلبت لهم شر الطعان فعالهم / ويا حبذا شر به يدفع الشر
ومذ بسطوا للغدر كفا أريتهم / عواقب ما يجني على أهله الغدر
ونزّهت نفسا حرة عن دمائهم / فجئت بهم أسرى وفي إثرك الفخر
لك الرأي مصقول الحواشي كما صفت / صفاح المواضي أو كما خلص التبر
وما نوء ثجّاج من الوبل واكف / يهش لرؤيا ريقه البلد القفر
ولا روضة غنّى بها الرعد مرزما / فظل على ذاك الغنا يرقص الزهر
بأطيب من ريّا مكارمك التي / يذر على كل النواحي لها عطر
وما أنت إلا صورة البدر طالعا / وفي كل شطر من إنارته شطر
يضيء به محلولك الأفق أبهما / ويحدو به في كل ناحية سفر
وما عتبة ما حاتم ما ابن مامة / على أنها العنقاء طار بها ذكر
يمينا برب الراقصات الى منى / وما ضمن البيت المحجب والحجر
لئن شئت صيرت الجبال بزجرة / كما يتثنى في ذرى غصن نظر
بك استقصت الأيام ما في نفوسها / ولولا هبوب الريح ما التطم البحر
من الركب يطفو في السراب ويغمر
من الركب يطفو في السراب ويغمر / كنانة أم شم العرانين يشكر
أم استصحبوا من آل قحطان فتية / ينص بهم خد الفخار ويصعر
أساطين قد حلوا السنام من العلى / فزان بهم دست وزين منبر
يؤمهم هاد من اللَه لو دجا / عويص فعن عين العناية ينظر
كريم السجايا ذو محيا منور / ألا حبذا ذاك المحيا المنور
يرومون طوساً جاد طوسا مجلجل / من السحب خفاق البوارق ممطر
فأكرم بها من بلدة قد تقدست / بصاحبها والجار بالجار يفخر
همام تزل العين عنه مهابة / ويعظم عن رجم الظنون ويكبر
فسل محكم التنزيل عنه فإنه / سيعرب ما عنك النواصب تضمر
مغان أبت غلا العلى فكأنها / تطالب وتراً عند كيوان يذكر
فكيف وقد جلّت بلا هوت قدرة / تحير أرباب النهى فتحيروا
بحيث دلالات النوبة شرع / تجلى وأنوار الإمامة تزهر
وللملأ الأعلى هبوط ومعرج / وللعائذين الهيم ورد ومصدر
وكم قد علا منها مقام ومعشر / فجل مقام ما هناك ومشعر
ولما دعا داعي الهدى قلت أرّخوا / أجبت ابن موسى صادق الحزم جعفر
خليليَّ ما هذي الضعون السوائر
خليليَّ ما هذي الضعون السوائر / أعفر كِناس أم نجوم زواهر
تخيلها البيض الهجان كأنها / معاصم قد عضت عليها أساور
فنبهت الأشواق مثنى وموحداً / كما ذعر السرب المهوم ذاعر
ألا يا فتاة الحي قومي لتنظري / فعال فتى من فعله الليث حاذر
وإني أبي الضيم كهلا ويافعا / فهل لابيّ يا ابنة القوم عاذر
وربّ صريخ في ظلام أجبته / كما ثار من رقش الأراقم ثائر
فأبت إلى قومي أرى الفضل فضله / وآب إلى أصحابه وهو شاكر
ونافثة بالسحر من كلماتها / وبعض كلام الناس للب ساحر
فلا تعجبن مني بصحبة ناقص / فقد تصحب الليل النجوم الزواهر
أرى اللهو يا سلمى لغيري بضاعة / وغير فؤادي بالدنية تاجر
ظفرت بما يعيى الأوائل بعضه / ولكن بغيض للنفوس المعاصر
ومارث مجدي حيث رثت ملابسي / فقد تودع الحق الحقير الجواهر
رقدتم وأسهرنا العيون لأجلكم / وكم راقد يسعى له الليل ساهر
أتلوي ذوات الدل عني عنانها / ومثلي من تلوى عليه الخناصر
عرضن لنا والبدن تدمى نحورها / مها الانس إلا أنهن نوافر
تباه لهن عني إذ طرقت مسلما / وسالت على تلك الوجوه النواظر
وأنكرن عرفاني غداة رأينني / وقد يذكر المنسيّ يا سعد ذاكر
وكيف التصابي بعد ما انصرم الصبا / لقد طويت ياميّ تلك الدفاتر
ذكرت الصبا فاغرورق الجفن دامياً / وقد أفصحت بالغدر تلك الغدائر
قذفت الصبا قذف السيول غشاءها / متى أتضحت للشيب مني معاذر
وأضرم نار الوجد قلبي فما له / ضمير بود العامرية عامر
قفي قبل تفريق أبثك ساعة / أحاديث دهر كلهن نوادر
أقلي من التعليل يا أخت تغلب / فما زغب التعليل بالحر طائر
وقد نمت ليلا كنت أرعى نجومه / لعل خيال الأخيلية زائر
صحا اليوم من سكر الشبيبة شارب / وعاد إلى بحبوبة الفيض سائر
وأقداح راح نصطليها مجامراً / ممسكة للَه تلك المجامر
وحمراء أقبسنا لها نار جذوة / على جبهة المريخ منها مآثر
تدور على أيدي الندامى كأنها / حظوظ على أهل الحظوظ دوائر
طردنا بها المستصعبات كأنها / عفاريت شلتها النجوم الزواهر
أدرنا بطون الأمر مثل ظهوره / بواطن لم تكدر لنا وظواهر
قبسنا من النار التي قبساتها / قضى اللَه أن تفنى بهن الدياجر
زمان حلا بالبيض لكنه خلا / على مثل ذكراه تشق المرائر
أخذت بأطراف البلاد كأنني / بها مثل في الشرق والغرب سائر
فما السهم حتى يرفض القوس صائب / وما السيف حتى يهجر الغمد باتر
سنخرق أطراف الستائر بالقنا / متى أغلقت دون الملوك الستائر
ململة الأطراف ذات بوارق / تطن طنين الرعد فيها الزماجر
تعلم منا كل ملك سداده / وفي جودة الآراء للعمي ناظر
وصمت ملوك الأرض عما أقوله / وماذا عسى تجدي الجياع الجواهر
متى يطلق المأسور منك بزورة / ألم تدر أن الوعد للمرء آسر
ولا تيأسن من فرجة بعد شدة / فقد يرخص الغالي وتغلو البوائر
لك الود مني والنصيحة كلها / ومالك مني يا نديم السرائر
وفينا ولم نغدر بافشاء سرهم / وكل مذيع للسرائر غادر
وممتلىء من كامن الغدر باطناً / تشكل منه بالأمانة ظاهر
يريك خداعاً أن وجدك وجده / ويطرب لو دارت عليك الدوائر
أقام مقام الكلب عاقر وده / ومن عدّة الصيد الكلاب العواقر
بسطت له وجه الرضا عابثاً به / وللشهم رأي بالأحيمق ساخر
أرى الخيل لا تخفى على من يسوسها / وإن حسنت للغير منها مناظر
أرى الكوكب الهادي إذا أحلو لك الدجى / وهل نافع لولا الضياء النواظر
والمح أعقاب الأمور بفطنة / تلوح لها قبل الورود المصادر
وقد تدرك الأشياء قبل وقوعها / وتعرف في أولى الأمور الأواخر
فدع منظري ليس الرجال مناظراً / وخذ مخبري إن الرجال مخابر
فقد تصدق الأشياء عما سمعته / وتكذب في بعض الأمور النواظر
كفى حمقاً بالمرء انفاق زيفه / على صيرفيّ حنكته البصائر
وإني لادرى الناس بالمكر كله / ولكن متى نال الغنيمة ماكر
وما أنا ممن يزجر الطير مشفقا / وأين من الأمر الربوبيّ طائر
ويعجبني من لا يوازي صديقه / على فعل عيب وهو للعيب ساتر
ذخرتكما يا صاحبي لشدة / وللساعة الخشنا تصان الذخائر
أعيذكما أن تجعلا الجبن متجراً / فصاحب هاتيك التجارة خاسر
وللخمر خمر لا تخامر أهلها / ولكنها للأجنبي تخامر
ومن لج في استمطاء عشوا كبت به / وكل ركوب للجاجة عاثر
ومن سافرت عن ساحة العجز نفسه / إلى نيل ما تهوى فنعم المسافر
إذا لم تكن أيدي الرجال بواتراً / فيا ليت شعري ما تفيد البواتر
ولا تجعلا إلا المشقة مركبا / قضى اللَه أن ينسى المشقة ظافر
ومن ركب الليث الهصور فلا يلم / سوى نفسه أن تدم منه الأظافر
وكم قانع بالجبن لا طال عمره / يخاف حضور الموت والموت حاضر
وللأجل المحتوم للمرء كافل / كما حفظت خوط العيون المحاجر
طرقناهم والطعن بالطعن مردف / كأن القناناب عن الموت كاشر
أرى الخير في الدنيا بطيئا مسيره / فما بال ساعي الشر بالشر بادر
هو الملك أهل أن يقلّ له السفر
هو الملك أهل أن يقلّ له السفر / ومن لم ينل بالسيف فخراً فلا فخر
فهاجر عن الأوطان في طلب العلى / فليس بمصطاد على الوكن الصقر
ومن لمي ر الهندي سائس ملكه / فلا نهيه نهي ولا أمره أمر
وقاس بأقداح الخديعة أهلها / فليس بمكر ما يزاح به المكر
وما الأمر إلا بين راض وساخط / لقد ذمت الأشلاء ما حمد النسر
وإن رمت أمراً فارتقب ما وراءه / فبعد انتزاع السهم لا ينفع الحذر
وخذ بالمعالي واطرح ما وراءها / فذخر الملوك الجند والسوقة الوفر
ورب كريم يفتدى بأكارم / وتقطع دون الهامة الأنمل العشر
وإن رمت سبر المرء فانظر كتابه / فعنوان عقل الحبر ما كتب الحبر
وقابل بحسن العفو كل إساءة / فإن جزاء العود للمحرق العطر
ولا تجعلن المكر للنفس ديدناً / فكم بترت أوداج صيقلها البتر
ولا تطلبن السعد إلا بأسعد / فلولا ضياء الشمس لم يشرق البدر
وإن شئت أن تعلو من العز ذروة / يكاد لها يعلو السماك بل النسر
فذرها تلف السهل بالوعر قاصدا / سليمان رب المكرمات ولا فخر
فتىً يشتري الذكر الجميل بماله / وما المال إلا ما به يشترى الذكر
وكم جاس نقعاً فانجلى عن جبينه / بأبلج رفّاف على تاجه النصر
وأظهر في الآفاق كل عجيبة / ولا عجب أن يقذف الدرر البحر
وكم سار والرايات تخفق خلفه / مواردها بيض مصادرها حمر
وبحر سماح ليس يجزر مده / وكل عباب شأنه المد والجزر
ويا ربما بالغيب وكل ظنه / فاضحى له وجه الغيوب ولا ستر
وإن راح يكفي الناس أيسر جوده / فلم يكفه للناس أيسر جوده
وكيف تضاهيه الغوادي بنائل / ونائلها ماء ونائله تبر
فظالمه من قاس بالطود حلمه / وطاعنه من قال نائله البحر
ورب رعاع ناضلوه جهالة / واخطأ رام من رميته البدر
وما كل من هاج الوغى بحميها / فكم وكل لليث أبرزه الخدر
وغر رماه التيه بالتيه ضلّة / فأضحى ولا بحر يقيه ولا بر
ولا ورد الأمواه إلا وأصبحت / تراءى له منها المحجلة الغر
فنهنهت عنه جحفلا وهو الردى / ووكلت فيه جحفلا وهو الذعر
ومن عجب الدنيا أبو العجل أن يرى / لقاء أبي شبل ومن شأنه الفر
ولو كان شهما لاويا جذّ راسه / أجل له من أني ولى له الدبر
ومن حارب المسعود قد حارب القضا / إلا إن أمر اللَه ما فوقه أمر
فيا ملك الأعناق عفواً ورأفة / فغير عجيب أن عفا الملك البر
لتهنأ بعيد فيك أصبح عيده / ولولا انهماء القطر لم يشرق القطر
ولا زلت محفوظاً بعين عناية / تجلى بك الجلى ويحيا بك الثغر
فيا لك فتحاً طبق الكون ذكره / فغنى به الشادي وسار به الذكر
وقال به اليوم الأغر مؤرخا / سليمان مجلوب له الفتح والنصر
ترى يختشي من حلّ عقوة حيدرِ
ترى يختشي من حلّ عقوة حيدرِ / وإن ساورته موبقات الكبائر
وفي محكم التنزيل مس اسم مشرك / حرام على غير الأكف الطواهر
هي القهوة السوداء فانعم بشرخها
هي القهوة السوداء فانعم بشرخها / ودع عنك شمطاء طوتها دهورها
فإن بياض العين للعين ظلمة / وإن سواد العين للعين نورها