المجموع : 4
أَعَينَيَّ هَلّا تَبكِيانِ عَلى صَخرِ
أَعَينَيَّ هَلّا تَبكِيانِ عَلى صَخرِ / بِدَمعٍ حَثيثٍ لا بَكيءٍ وَلا نَزرِ
وَتَستَفرِغانِ الدَمعَ أَو تَذرِيانِهِ / عَلى ذي النَدى وَالجودِ وَالسَيِّدِ الغَمرِ
فَما لَكُما عَن ذي يَمينَينِ فَاِبكِيا / عَلَيهِ مَعَ الباكي المُسَلَّبِ مِن صَبرِ
كَأَن لَم يَقُل أَهلاً لِطالِبِ حاجَةٍ / وَكانَ بَليجَ الوَجهِ مُنشَرِحَ الصَدرِ
وَلَم يَغدُ في خَيلٍ مُجَنَّبَةِ القَنا / لِيُروِيَ أَطرافَ الرُدَينيَّةِ السُمرِ
فَشَأنُ المَنايا إِذ أَصابَكَ رَيبُها / لِتَغدو عَلى الفِتيانِ بَعدَكَ أَو تَسري
فَمَن يَضمَنُ المَعروفَ في صُلبِ مالِهِ / ضَمانَكَ أَو يَقري الضُيوفَ كَما تَقري
وَمَبثوثَةٍ مِثلَ الجَرادِ وَزَعتَها / لَها زَجَلٌ يَملا القُلوبَ مِنَ الذُعرِ
صَبَحتَهُمُ بِالخَيلِ تَردي كَأَنَّها / جَرادٌ زَفَتهُ ريحُ نَجدٍ إِلى البَحرِ
وَكائِن قَرَنتَ الحَقَّ مِن ثَوبِ صَفوَةٍ / وَمِن سابِحٍ طِرفٍ وَمِن كاعِبٍ بِكرِ
وَقائِلَةٍ وَالنَعشُ قَد فاتَ خَطوَها / لِتُدرِكَهُ يا لَهفَ نَفسي عَلى صَخرِ
أَلا ثَكَلَت أُمُّ الَّذينَ مَشَوا بِهِ / إِلى القَبرِ ماذا يَحمِلونَ إِلى القَبرِ
وَماذا يُواري القَبرُ تَحتَ تُرابِهِ / مِنَ الخَيرِ يا بُؤسَ الحَوادِثِ وَالدَهرِ
وَمِ الحَزمِ في العَزّاءِ وَالجودِ وَالنَدى / غَداةَ يُرى حِلفَ اليَسارَةِ وَالعُسرِ
لَقَد كانَ في كُلِّ الأُمورِ مُهَذَّباً / جَليلَ الأَيادي لا يُنَهنَهُ بِالزَجرِ
وَإِن تَلقَهُ في الشَربِ لا تَلقَ فاحِشاً / وَلا ناكِثاً عَقدَ السَرائِرِ وَالصَبرِ
فَلا يُبعِدَن قَبرٌ تَضَمَّنَ شَخصَهُ / وَجادَ عَلَيهِ كُلُّ واكِفَةِ القَطرِ
كَأَنَّ اِبنَ عَمروٍ لَم يُصَبَّح لِغارَةٍ
كَأَنَّ اِبنَ عَمروٍ لَم يُصَبَّح لِغارَةٍ / بِخَيلٍ وَلَم يُعمِل نَجائِبَ ضُمَّرا
وَلَم يُجزِ إِخوانَ الصَفاءِ وَيَكتَسي / عَجاجاً أَثارَتهُ السَنابِكُ أَكدَرا
وَلَم يَبنِ في حَرِّ الهَواجِرِ مَرَّةً / لِفِتيَتِهِ ظِلّاً رِداءً مُحَبَّرا
فَبَكّوا عَلى صَخرِ بنِ عَمروٍ فَإِنَّهُ / يَسيرٌ إِذا ما الدَهرُ بِالناسِ أَعسَرا
يَجودُ وَيَحلو حينَ يُطلَبُ خَيرُهُ / وَمُرّاً إِذا يَبغي المَرارَةَ مُمقِرا
فَخَنساءُ تَبكي في الظَلامِ حَزينَةً / وَتَدعو أَخاها لا يُجيبُ مُعَفَّرا
أَعَينَيَّ جودا بِالدُموعِ عَلى صَخرِ
أَعَينَيَّ جودا بِالدُموعِ عَلى صَخرِ / عَلى البَطَلِ المِقدامِ وَالسَيِّدِ الغَمرِ
لِيَبكِ عَلَيهِ مِن سُلَيمٍ جَماعَةٌ / فَقَد كانَ بَسّاماً وَمُحتَضَرَ القِدرِ
أَلا اِبكي عَلى صَخرٍ وَصَخرٌ ثِمالُنا
أَلا اِبكي عَلى صَخرٍ وَصَخرٌ ثِمالُنا / إِذا الحَربُ هَرَّت وَاِستَمَرَّ مَريرُها
أَقامَ جَناحَي رَبعِها وَتَرافَدوا / عَلى صَعبِها حَتّى اِستَقامَ عَسيرُها
بِبارِقَةٍ لِلمَوتِ فيها عَجاجَةٌ / مَناكِبُها مَسمومَةٌ وَنُحورُها
أَهَلَّ بِها وَكفُ الدِماءِ وَرَعدُها / هَماهِمُ أَبطالٍ قَليلٌ فُتورُها
فَصَخرٌ لَدَيها مِدرَهُ الحَربِ كُلَّها / وَصَخرٌ إِذا خانَ الرِجالُ يُطيرُها
مِنَ الهَضبَةِ العُليا الَّتي لَيسَ كَالصَفا / صَفاها وَما إِن كَالصُخورِ صُخورُها
لَها شَرَفاتٌ لا تُنالُ وَمَنكِبٌ / مَنيعُ الذَرى عالٍ عَلى مَن يُثيرُها
لَهُ بَسطَتا مَجدٍ فَكَفٌّ مُفيدَةٌ / وَأُخرى بِأَطرافِ القَناةِ شُقورُها
مَنِ الحَربُ رَبَّتهُ فَلَيسَ بِسائِمٍ / إِذا مَلَّ عَنها ذاتَ يَومٍ ضَجورُها
إِذا ما اِقمَطَرَّت لِلمَغارِ وَأَيقَنَت / بِهِ عَن حِيالٍ مُلقِحٍ مَن يَبورُها