القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ أَبي الحَديد الكل
المجموع : 2
جَلَلتَ فلمَّا دَقَّ في عَينِك الورَى
جَلَلتَ فلمَّا دَقَّ في عَينِك الورَى / نَهَضتَ إلى أُمِّ القُرى أيِّدَ القرى
جَلبتَ لها قُبَّ البُطونِ وإنّما / تَقودُ لها بالقودِ أُمَّ حبوكرا
وَسُقتَ إليها كُلَّ أَسوَق لو بَدَت / لَه معفر ظنَّتهُ بالرَّملِ جُؤذرا
يَبيتُ عَلى أَعلى المصادِ كأنَّما / يَؤمُّ وكونَ الفتخ يَلتَمِسُ القِرى
يَفوقُ الرياحَ العاصفاتِ إذا مشى / وَيسبقُ رَجعَ الطَّرفِ شدّاً إذا جرى
جِيادٌ عَليها للوَجيه ولاحِقٍ / دَلائلُ صِدقٍ واضحاتٌ لمن يَرى
فَفيها سُلوٌّ للمُحِبِّ وَشاهِدٌ / على حِكمةِ اللَّه المدبِّر للورى
هي الرَّوضُ حُسناً غَيرَ أنكَ إن تَبِر / لها مِخبراً تَسمج لِعينيكَ مَنظرا
عليها كماةٌ من لَؤيِّ بن غَالِبٍ / يَجرُّونَ أذيالَ الحديد تَبخترا
رَمَيتَ أبا سفيان مِنها بِجحفَل / إذا قيسَ عَدّاً بالثّرى كَانَ أكثراً
يدبّره رأيُ النَّبي وَصارمٌ / بِكِفِّكَ أَهدى في الرّؤوس منَ الكرى
فَطارَ إلى أعلى السَّماءِ تَصاعداً / فَلمَّا رأى أن لا نَجاةَ تَحدّرا
وَحاذرَ غربي مشرفيٍّ مذكَّرٍ / هَزَزتَ فَألقى المشرفيَّ المذكَّرا
وَأعطى يَداً لَم يُعطِها عَن مَحبَّةٍ / وقَول هُدىً ما قالهُ مُتخيرا
فَكنتَ بذاك العفو أولى وبالعُلى / أحَقّ وبالإحسان أحرى وأجدَرا
لأَفصحتَ يا مُخفي العَداوَةِ ناطِقا / بتَعظيمِ مَن عاديتَهُ مُتستِّرا
وَحَسبُك أَن تُدعى ذَليلاً مُنافِقاً / وتُبطن ضدّاً للّذي ظلت مُظهرا
وجُستَ خِلال المروَتينِ فلم تدَع / حَطيماً وَلَم تَترُك ببكةَ مَشعرا
طَلعتَ عَلى البيتِ العتيقِ بعارضٍ / يَمجُّ نجيعاً مِن ظبى الهِندِ أحمَرا
فَألقى إليكَ السلمَ من بعدِ ما عَصى / جُلندى وأعيى تُبَّعاً ثُمّ قَيصرا
وَأظهرتَ نُورَ اللَّه بَينَ قَبائلٍ / مِنَ الناسِ لم يَبرح بِها الشِّركُ نَيِّرا
وَكسَّرتَ أصناماً طَعنتَ حُماتها / بسُمرِ الوَشيجِ اللَّدنِ حَتى تَكسَّرا
رَقيتَ بأسمى غارب أحدقت به / مَلائِكُ يَتلونَ الكتاب المسطَّرا
بغاربِ خَيرِ المرسلينَ وأشرف ال / أنام وأَزكى ناعِلٍ وطئ الثَّرى
فَسَبَّحَ جبريلٌ وَقَدّسَ هَيبةً / وَهَلَّلَ إسرافيلُ رُعباً وكبّرا
فَيا رُتبةً لَو شئتَ أن تلمسَ السُّها / بها لَم يَكن مَا رُمتَه مُتعذِّرا
ويَا قدَميهِ أيّ قُدسٍ وطَئتما / وأيّ مقامٍ قُمتُما فيهِ أنورا
بحيثُ أَفاءت سِدرَةَ العرش ظلَّها / بضوجَيه فَاعتدّت بذلك مَفخرا
وَحَيثُ الوَميضُ الشعشانيُّ فائضٌ / مِنَ المصدرِ الأَعلى تَباركَ مَصدَرا
فليسَ سُواعٌ بَعدَها بمعَظَّمٍ / وَلا اللاتُ مَسجُوداً لَها ومُعَفَّرا
وَلا ابن نُفَيل بَعدَ ذاكَ وَمقيسٌ / بأوَّل مَن وَسّدته عَفرَ الثَّرى
صدَمتَ قُريشاً والرِمَاحُ شَواجِرٌ / فقطَّعتَ مِن أرحامِها ما تشَجَّرا
فَلولا أنَاةٌ في ابنِ عمِّك جَعجَعَت / بِعَضبِك أجرى مِن دَمِ القومِ أَبحرا
وَلكنَّ سِرّ اللَّه شُطِّرَ فيكما / فَكنتَ لِتسطو ثمَّ كانَ لِيَغفِرا
وردتَ حُنيناً والمنايا شواخِصٌ / فَذلّلت مِن أركانِها ما توَعَّرا
فَكم مِن دم أضحى بسيفِكَ قَاطِراً / بِها من كميٍّ قَد تَرَكتَ مُقطَّرا
وكم فاجِرٍ فَجَّرتَ يَنبوع قَلبهِ / وَكم كافرٍ في التُّرب أضحى مُكفَّرا
وَكَم مِن رُؤوسٍ في الرّماح عَقدتَها / هُناكَ لأجسامٍ مُحلَّلةِ العُرا
وَأَعجبَ إنساناً مِنَ القوم كثرةٌ / فَلم يُغنِ شَيئاً ثُمَّ هَروَلَ مُدبِرا
وضاقَت عَليه الأرضُ مِن بَعد رحبها / وَلِلنَّصِّ حُكمٌ لا يُدافع بالمرا
وَليسَ بنكرٍ في حُنينٍ فِرارُه / فَفي أحدٍ قَد فرَّ خوفاً وَخيبرا
رُوَيدَكَ إنَّ المجدَ حُلوٌ لِطاعمٍ / غريبٌ فَإن مَارَسته ذُقتَ مُمقرا
وما كلُّ مَن رَامَ المعالي تحمَّلت / مَناكبهُ منها الرّكامَ الكنهورا
تَنَحَّ عن العلياءِ يَسحبُ ذيلَها / هُمامٌ تَردّى بالعُلى وتَأَزّرا
فَتىً لَم يُعرِّق فيه تيمُ بن مُرّةٍ / وَلا عَبدَ اللات الخبيثةَ أعصرا
ولا كانَ معزُولاً غداةَ بَرَاءةٍ / ولا عن صلاةٍ أمّ فيها مُؤخّرا
ولا كانَ في بَعثِ ابن زيدٍ مُؤمَّرا / عليه فأضحى لابنِ زيدٍ مؤمّرا
وَلا كَانَ يَومَ الغارِ يَهفو جنانهُ / حِذاراً وَلا يَوم العريش تستَّرا
إمام هُدىً بالقرص آثر فاقتضى / لَهُ القرصُ ردّ القرص أبيضَ أزهرا
يزاحمهُ جِبريلُ تَحتَ عَباءةً / لَها قيل كل الصيد في جانب الفرا
حَلفتُ بِمثواهُ الشّريفِ وَتُربةٍ / أحَالَ ثرَاها طيب ريَّاهُ عَنبرا
لأستنفدنّ العمرَ في مِدَحي لهُ / وإن لامَني فِيه العذولُ فَأكثرا
لِمن ظعنٌ بَينَ الغَميم وَحَاجر
لِمن ظعنٌ بَينَ الغَميم وَحَاجر / بَزَغنَ شُموساً في ظلام الديَّاجِر
شبيهات بيضات النعام يقلُّها / من العيس أشباه النعام النوافِر
ومن دونِ ذاكَ الخدرِ ظَبيةُ قايضِ / تُريق دِماء المشبلات الخوادِر
تَنوءُ بأعباءِ الحليِّ وإِنّها / لتَضعف عَن لَمحِ العُيونِ النَّواظِر
إذا اعتَجَرت قاني الشُّفوفِ فَيا لَها / تبارِيحُ وَجدٍ في قُلوبِ المغافِرِ
تَميلُ كَما مَالَ النَّزِيفُ وتَنثني / تَثنيَ مَنصورِ الكتيبَةِ ظافِر
لها مَحضُ وُدّي في الهوى وَتَحنُّني / وخالصُ إضماري وصفوُ سَرائِري
فَيا رَبِّ بَغِّضها إلى كل عَاشِقٍ / سوَايَ وقبِّحها إلى كل نَاظِرِ
وبَغِّض إليها النَّاسَ غَيري كَما أرى / قَبيحاً سواها كلَّ بَادٍ وَحاضر
فيا جَنَّة فِيها العَذابُ وَلم أخَف / حُلُولَ عذابٍ في الجنانِ النَّواضِر
يعاقَبُ في حُسبانِها غَيرُ مُشركٍ / ويُحرمُ من نعمائِها غَيرُ كافِر
علمتك لا قرب الدِّيار بنافعي / لديكَ ولا بُعدُ الديارِ بِضائِري
ومَا قُربُ أوطانٍ بها مُتَباعِدُ ال / مَوَدَّةِ إلا مثلُ قُربِ المقابِرِ
حلَفت بربِّ القعضبيَّة والقنا / المثقَّفِ والبيضِ الرّقاقِ البواتِر
وبالسَّابحَاتِ السَّابِقات كأنها / من النَّاشراتِ الفارِقاتِ الأَعاصِر
وعُوجٍ مُرنَّاتٍ وصفرٍ صوائب / وفُلكٍ بآذيِّ العُبابِ مَواخِر
لَقد فَازَ عَبدٌ للوَصيِّ ولاؤه / وَلو شَابَه بِالموبقاتِ الكَبائِر
وَخابَ مُعادِيه ولَو حَلَّقت بِه / قَوادِمُ فَتخاءِ الجناحَينِ كاسِر
هُوَ النَّبأ المكنونُ والجوهَر الذي / تَجسَّدَ مِن نُورٍ مِنَ القدس زاهِر
وذُو المعجزَاتِ الواضِحاتِ أقلُّها / الظهورُ على مُستودعات السَّرائِر
ووَارِثُ علمِ المُصطفى وشَقيقُه / أخاً ونَظيراً في العلي والأواصِر
ألا إنَّما الإسلامُ لَولا حُسَامهُ / كعفطةِ عَنزٍ أو قلامةِ حَافِر
ألا إنَّما التَوحيدُ لولا عُلومُه / كعُرضةِ ضِلّيلٍ وَنهبة كافِر
ألا إنَّما الأَقدارُ طوع يَمينِهِ / فَبوركَ من وترٍ مُطاع وقادِر
فَلو ركَضَ الصُّمّ الجلامِدَ واطِئاً / لفجَّرَها بالمترَعاتِ الزَّواخِر
ولَو رَامَ كَسفَ الشَّمسِ كوّرَ نورَها / وعَطَّلَ مِن أفلاكها كلَّ دَائِر
هُوَ الآيةُ العُظمى ومُستنبِطُ الهدى / وَحيرةُ أربابِ النُّهى والبَصَائِر
رَمى اللَّه منهُ يوم بَدرٍ خُصومَه / بِذي فُذذٍ في آلِ بدرٍ مُبادِر
وَقد جاشَتِ الأرضُ العريضةُ بالقَنا / فَلم يُلفَ إلا ضامرٌ فوقَ ضَامِر
فَلو نَتَجَت أمُّ السَّماء صَواعِقاً / لما شَجَّ منها سارِحٌ رأسَ حاسِر
فَكانَ وكَانُوا كالقُطاميّ نَاهَضَ ال / بُغَاثَ فَصرَّى شِلوَهُ في الأَظافِر
سرى نَحوهم رِسلاً فسَارَت قُلوبُهم / مِنَ الخَوفِ وخداً نحوَه في الحناجِر
كانَّ ضُبَاتِ المشرَفيَّة من كرى / فَما يَبتَغي إلا مَقرَّ المَحاجِر
فَلا تَحسَبَنَّ الرَّعدَ رِجس غَمامَةٍ / ولكنَّه مِن بَعض تِلكَ الزماجِر
ولا تحسبنَّ البَرقَ نَاراً فإنه / وَمِيضٌ أتى مِن ذِي الفِقار بفاقِر
وَلا تَحسبنَّ المزنَ تَهمي فإنَّها / أنامِلهُ تَهمي بأوطفَ هامِر
تَعالَيتَ عَن مَدحٍ فأبلَغُ خاطب / بِمدحِكَ بَينَ الناسِ أَقصرُ قاصِر
صِفاتُكَ أسماءٌ وَذاتُكَ جَوهَرٌ / بَريء المَعالِي مِن صِفاتِ الجَواهِر
يجلُّ عَنِ الأعراضِ والأينِ والمتى / ويَكبرُ عَن تَشبيههِ بالعَنَاصِر
إذا طَافَ قَومٌ في المَشاعِرِ والصَّفا / فَقبرُكَ رُكني طَائِفاً وَمشاعِري
وإن ذَخِرَ الأقوامُ نُسكَ عِبادة / فحبُّكَ أَوفى عُدَّتي وذَخائِري
وإن صَامَ ناسٌ في الهواجِرِ حِسبَةً / فَمدحُكَ أَسنى مِن صِيامِ الهَواجِر
وأعلَمُ أنَّي إِن أطَعتُ غِوايَتي / فحبُّكَ أُنسي في بُطُونِ الحَفائِر
وإن أكُ فيما جِئتهُ شرَّ مذنبٍ / فَربُّكَ يا خَيرَ الوَرى خَيرُ غافِر
فَواللَّه لا أقلَعتُ عن لهو صَبوَتي / ولا سمعَ اللاحُونَ يَوماً معاذِري
إِذا كُنت للنِّيرانِ في الحَشر قاسماً / أطعت الهَوى والغيَّ غيرَ مُحاذِر
نَصَرتكَ في الدُّنيا بِما أَستَطيعه / فَكُن شَافِعي يَومَ المعادِ ونَاصِري
فَلَيتَ تُراباً حال دُونَكَ لم يَحل / وَساتِرَ وَجهٍ مِنكَ لَيسَ بِساتِر
لتنظرَ ما لاقى الحسينُ وَما جَنَت / عَلَيه العِدَى مِن مُفظِعاتِ الجَرائِر
مِنِ ابنِ زيادٍ وابنِ هندٍ وإمرة اب / نِ سعدٍ وأبناء الإماءِ العَواهِر
رَمَوهُ بِيَحمُومٍ أديمٍ غُطامطٍ / تُعيدُ الحَصى رَفغاً بِوقع الحَوافِر
لهامٌ فلا فَرع النُّجومِ بِمسبَلٍ / عَلَيهِ ولا وَجهُ الصَّباحِ بِسافِر
فَيا لَكَ مَقتولاً تَهدَّمت العلى / وثلَّت بِهِ أركانُ عرشِ المَفاخِر
ويا حَسرَتا إذ لَم أكُن في أوائِل / منَ النَّاسِ يتلى فضلُهُم في الأواخِر
فَأنصرَ قَوماً إن يكن فاتَ نَصرُهم / لَدى الرَّوع خطَّاري فَما فَاتَ خَاطِري
عَجِبتُ لأطوَادِ الأخاشِيبِ لَم تمد / ولا أَصبَحتَ غوراً مِياهُ الكوَافِر
وَلِلشَّمس لم تُكسَف وللبَدرِ لم يَحل / وللشُّهبِ لم تَقذف بأشأمِ طائِر
أما كانَ في رزء ابن فاطم مقتض / هُبوط رواسٍ أو كُسوف زواهِر
ولكنما غَدرُ النُّفوس سَجيَّةٌ / لَها وَعزيزٌ صَاحبٌ غير غادِر
بني الوحي هل أَبقى الكتابُ لناظِمٍ / مَقالَةَ مَدحٍ فيكمُ أو لناثِر
إذا كانَ مَولى الشَّاعِرين وَرَبُّهم / لَكم بانياً مَجداً فَما قَدرُ شاعِر
فَأُقسِمُ لَولا أنَّكُم سُبلُ الهُدى / لضلَّ الوَرى عَن لاحبِ النَّهجِ ظاهِر
ولَو لَم تَكُونوا في البَسيطَةِ زلزلت / وأُخربَ من أرجائِها كل عامِر
سأمنَحُكُم مني مَودة وامقٍ / يَغضُّ قلى عن غيركم طَرف هاجِر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025