لِمن ظعنٌ بَينَ الغَميم وَحَاجر
لِمن ظعنٌ بَينَ الغَميم وَحَاجر / بَزَغنَ شُموساً في ظلام الديَّاجِر
شبيهات بيضات النعام يقلُّها / من العيس أشباه النعام النوافِر
ومن دونِ ذاكَ الخدرِ ظَبيةُ قايضِ / تُريق دِماء المشبلات الخوادِر
تَنوءُ بأعباءِ الحليِّ وإِنّها / لتَضعف عَن لَمحِ العُيونِ النَّواظِر
إذا اعتَجَرت قاني الشُّفوفِ فَيا لَها / تبارِيحُ وَجدٍ في قُلوبِ المغافِرِ
تَميلُ كَما مَالَ النَّزِيفُ وتَنثني / تَثنيَ مَنصورِ الكتيبَةِ ظافِر
لها مَحضُ وُدّي في الهوى وَتَحنُّني / وخالصُ إضماري وصفوُ سَرائِري
فَيا رَبِّ بَغِّضها إلى كل عَاشِقٍ / سوَايَ وقبِّحها إلى كل نَاظِرِ
وبَغِّض إليها النَّاسَ غَيري كَما أرى / قَبيحاً سواها كلَّ بَادٍ وَحاضر
فيا جَنَّة فِيها العَذابُ وَلم أخَف / حُلُولَ عذابٍ في الجنانِ النَّواضِر
يعاقَبُ في حُسبانِها غَيرُ مُشركٍ / ويُحرمُ من نعمائِها غَيرُ كافِر
علمتك لا قرب الدِّيار بنافعي / لديكَ ولا بُعدُ الديارِ بِضائِري
ومَا قُربُ أوطانٍ بها مُتَباعِدُ ال / مَوَدَّةِ إلا مثلُ قُربِ المقابِرِ
حلَفت بربِّ القعضبيَّة والقنا / المثقَّفِ والبيضِ الرّقاقِ البواتِر
وبالسَّابحَاتِ السَّابِقات كأنها / من النَّاشراتِ الفارِقاتِ الأَعاصِر
وعُوجٍ مُرنَّاتٍ وصفرٍ صوائب / وفُلكٍ بآذيِّ العُبابِ مَواخِر
لَقد فَازَ عَبدٌ للوَصيِّ ولاؤه / وَلو شَابَه بِالموبقاتِ الكَبائِر
وَخابَ مُعادِيه ولَو حَلَّقت بِه / قَوادِمُ فَتخاءِ الجناحَينِ كاسِر
هُوَ النَّبأ المكنونُ والجوهَر الذي / تَجسَّدَ مِن نُورٍ مِنَ القدس زاهِر
وذُو المعجزَاتِ الواضِحاتِ أقلُّها / الظهورُ على مُستودعات السَّرائِر
ووَارِثُ علمِ المُصطفى وشَقيقُه / أخاً ونَظيراً في العلي والأواصِر
ألا إنَّما الإسلامُ لَولا حُسَامهُ / كعفطةِ عَنزٍ أو قلامةِ حَافِر
ألا إنَّما التَوحيدُ لولا عُلومُه / كعُرضةِ ضِلّيلٍ وَنهبة كافِر
ألا إنَّما الأَقدارُ طوع يَمينِهِ / فَبوركَ من وترٍ مُطاع وقادِر
فَلو ركَضَ الصُّمّ الجلامِدَ واطِئاً / لفجَّرَها بالمترَعاتِ الزَّواخِر
ولَو رَامَ كَسفَ الشَّمسِ كوّرَ نورَها / وعَطَّلَ مِن أفلاكها كلَّ دَائِر
هُوَ الآيةُ العُظمى ومُستنبِطُ الهدى / وَحيرةُ أربابِ النُّهى والبَصَائِر
رَمى اللَّه منهُ يوم بَدرٍ خُصومَه / بِذي فُذذٍ في آلِ بدرٍ مُبادِر
وَقد جاشَتِ الأرضُ العريضةُ بالقَنا / فَلم يُلفَ إلا ضامرٌ فوقَ ضَامِر
فَلو نَتَجَت أمُّ السَّماء صَواعِقاً / لما شَجَّ منها سارِحٌ رأسَ حاسِر
فَكانَ وكَانُوا كالقُطاميّ نَاهَضَ ال / بُغَاثَ فَصرَّى شِلوَهُ في الأَظافِر
سرى نَحوهم رِسلاً فسَارَت قُلوبُهم / مِنَ الخَوفِ وخداً نحوَه في الحناجِر
كانَّ ضُبَاتِ المشرَفيَّة من كرى / فَما يَبتَغي إلا مَقرَّ المَحاجِر
فَلا تَحسَبَنَّ الرَّعدَ رِجس غَمامَةٍ / ولكنَّه مِن بَعض تِلكَ الزماجِر
ولا تحسبنَّ البَرقَ نَاراً فإنه / وَمِيضٌ أتى مِن ذِي الفِقار بفاقِر
وَلا تَحسبنَّ المزنَ تَهمي فإنَّها / أنامِلهُ تَهمي بأوطفَ هامِر
تَعالَيتَ عَن مَدحٍ فأبلَغُ خاطب / بِمدحِكَ بَينَ الناسِ أَقصرُ قاصِر
صِفاتُكَ أسماءٌ وَذاتُكَ جَوهَرٌ / بَريء المَعالِي مِن صِفاتِ الجَواهِر
يجلُّ عَنِ الأعراضِ والأينِ والمتى / ويَكبرُ عَن تَشبيههِ بالعَنَاصِر
إذا طَافَ قَومٌ في المَشاعِرِ والصَّفا / فَقبرُكَ رُكني طَائِفاً وَمشاعِري
وإن ذَخِرَ الأقوامُ نُسكَ عِبادة / فحبُّكَ أَوفى عُدَّتي وذَخائِري
وإن صَامَ ناسٌ في الهواجِرِ حِسبَةً / فَمدحُكَ أَسنى مِن صِيامِ الهَواجِر
وأعلَمُ أنَّي إِن أطَعتُ غِوايَتي / فحبُّكَ أُنسي في بُطُونِ الحَفائِر
وإن أكُ فيما جِئتهُ شرَّ مذنبٍ / فَربُّكَ يا خَيرَ الوَرى خَيرُ غافِر
فَواللَّه لا أقلَعتُ عن لهو صَبوَتي / ولا سمعَ اللاحُونَ يَوماً معاذِري
إِذا كُنت للنِّيرانِ في الحَشر قاسماً / أطعت الهَوى والغيَّ غيرَ مُحاذِر
نَصَرتكَ في الدُّنيا بِما أَستَطيعه / فَكُن شَافِعي يَومَ المعادِ ونَاصِري
فَلَيتَ تُراباً حال دُونَكَ لم يَحل / وَساتِرَ وَجهٍ مِنكَ لَيسَ بِساتِر
لتنظرَ ما لاقى الحسينُ وَما جَنَت / عَلَيه العِدَى مِن مُفظِعاتِ الجَرائِر
مِنِ ابنِ زيادٍ وابنِ هندٍ وإمرة اب / نِ سعدٍ وأبناء الإماءِ العَواهِر
رَمَوهُ بِيَحمُومٍ أديمٍ غُطامطٍ / تُعيدُ الحَصى رَفغاً بِوقع الحَوافِر
لهامٌ فلا فَرع النُّجومِ بِمسبَلٍ / عَلَيهِ ولا وَجهُ الصَّباحِ بِسافِر
فَيا لَكَ مَقتولاً تَهدَّمت العلى / وثلَّت بِهِ أركانُ عرشِ المَفاخِر
ويا حَسرَتا إذ لَم أكُن في أوائِل / منَ النَّاسِ يتلى فضلُهُم في الأواخِر
فَأنصرَ قَوماً إن يكن فاتَ نَصرُهم / لَدى الرَّوع خطَّاري فَما فَاتَ خَاطِري
عَجِبتُ لأطوَادِ الأخاشِيبِ لَم تمد / ولا أَصبَحتَ غوراً مِياهُ الكوَافِر
وَلِلشَّمس لم تُكسَف وللبَدرِ لم يَحل / وللشُّهبِ لم تَقذف بأشأمِ طائِر
أما كانَ في رزء ابن فاطم مقتض / هُبوط رواسٍ أو كُسوف زواهِر
ولكنما غَدرُ النُّفوس سَجيَّةٌ / لَها وَعزيزٌ صَاحبٌ غير غادِر
بني الوحي هل أَبقى الكتابُ لناظِمٍ / مَقالَةَ مَدحٍ فيكمُ أو لناثِر
إذا كانَ مَولى الشَّاعِرين وَرَبُّهم / لَكم بانياً مَجداً فَما قَدرُ شاعِر
فَأُقسِمُ لَولا أنَّكُم سُبلُ الهُدى / لضلَّ الوَرى عَن لاحبِ النَّهجِ ظاهِر
ولَو لَم تَكُونوا في البَسيطَةِ زلزلت / وأُخربَ من أرجائِها كل عامِر
سأمنَحُكُم مني مَودة وامقٍ / يَغضُّ قلى عن غيركم طَرف هاجِر