لِيَهْنِ دمشقاً أَن كُرسيّ مُلْكِها
لِيَهْنِ دمشقاً أَن كُرسيّ مُلْكِها / حُبي منك صَدْراً ضاق عن هَمِّه الصَّدْرُ
وأَنك نورَ الدين مُذْ زُرتَ أَرضها / سمتْ بك حتى انحطّ نَسرها النسر
هي الثَّغْر أَمسى بالكراديس عابساً / وأَصبح عن باب الفراديس يَفْتَرّ
فإِمّا وقفت الخيل ناقعة الصَّدى / على بردى من فوقها الوَرَق النَّصْر
فمن بعد ما أَوردتها حَوْمةَ الوغى / وأَصدرتها والبيض من عَلَقٍ حُمْر
وجلّلتها نقعاً أَضاع شِياتِها / فلا شُهْبُها شهب ولا شُقْرها شقر
علا النهرُ لما كاثَرَ القصب القنا / مكاثرةً في كل نَحْرٍ لها نَحْرُ
وقد شرِقتْ أَجْرافه بدم العِدى / إِلى أَن جرى العاصي وضحضاحه غَمر
صدعْتَهمُ صَدْعَ الزُّجاجة لا يدٌ / لجابرها ما كلُّ كسرٍ له جَبْر
فلا ينتحل من بعدها الفخرَ دائلٌ / فمن بارز الإِبرنز كان له الفخر
ومَنْ بزّ أَنطاكية مِنْ مليكها / أَطاعته أَلحاظُ المُؤلّلَةِ الخُزْر
أَتى رأسه ركضاً وغودر شِلْوُهُ / وليس سوى عافي النسور له قبر
كما أَهدتِ الأَقدارُ للقمص أَسْرَهُ / وأَسْعَدُ قِرنٍ من حواه لك الأَسْر
فأَلْقتْ بأَيديها إِليك حصونُه / ولو لم تُجِبْ طوعاً لجاء بها القَسْر
وأَمستْ عَزاز كاسمها بك عِزَّةً / تشُقّ على النَّسريْن لو أَنها الوَكْر
فسِرْ تملإِ الدُّنيا ضياءً وبَهْجةً / فبالأُفُق الداجي إِلى ذا السَّنا فَقْر
كأَني بهذا العزم لا فُلّ حَدُّه / وأَقصاه بالأَقصى وقد قُضِيَ الأَمر
وقد أَصبح البيت المقدَّسُ طاهراً / وليس سوى جاري الدماء له طُهْر
وإِن تتيمَّمْ ساحِل البحر مالكاً / فلا عجبٌ أَن يملِك الساحلَ البحر
سللتَ سيوفاً أَثكلت كلَّ بلدة / بصاحبها حتى تخوفك البدر
إِذا سار نور الدين في عَزَماته / فقُولا لِلَيْلِ الإِفك قد طلَع الفجر
هُمامٌ متى هَزَّت مواضي سيوفه / لها ذكراً زُفّت له قَلْعةٌ بِكْر
خلعتَ على الأَيّام من حُلَلِ العُلى / ملابِس من أَعلامها الحمد والشكرُ
فلا تفتخر مصرٌ علينا بنيلها / فيمناكَ نيلٌ كلُّ مِصْرٍ به مِصْرُ