تَهَلَّلَ وَجهُ الدينِ وَاِبتَسَم النَصرُ
تَهَلَّلَ وَجهُ الدينِ وَاِبتَسَم النَصرُ / فَمَن كانَ ذا نَذرٍ فَقَد وَجَبَ النَذرُ
وَوافى خَطيبُ العِزِّ في مَنبَرِ العُلا / يُنادي أَلا لِلَّهِ في صُنعِهِ الشُكرُ
وَإِنّا عَلى وَعدٍ مِنَ اللَهِ صادِقٍ / وَتَأخيرُهُ إِيّاهُ كَي يَعظُمَ الأَجرُ
وَلِلَّهِ في طَيِّ الحَوادِثِ حِكمَةٌ / يَحارُ بِها عَقلٌ وَيَعيا بِها فِكر
يُمَحِّصُ أَقواماً لَهُم عِندَهُ الرِضى / وَيَمحَقُ أَقواماً لَهُم عِندَهُ التَبرُ
إِذا خَطَّ ذو العَرشِ الشَقاءَ عَلى اِمرىءٍ / فَلَن تُغنِهِ الآياتُ تُتلى وَلا النُذرُ
وَإِلّا فَفيما قَد جَرى أَهلَ حائِلٍ / عَلَيكُم لَكُم لَكُم مِن غَيِّكُم وَالهَوى زَجرُ
وَقِدماً إِمامُ المُسلِمينَ دَعاكمُ / إِلى رُشدِكُم لكِن بِآذانِكُم وَقرُ
تَدارَكَكُم حِلمُ الإِمامِ وَعَفوُهُ / وَقَد بَلَغَ السَيلُ الزُبى وَطَما البَحرُ
فَأَصبَحتُمُ عَنهُ بِنَجوَةِ مُنعِمٍ / عَلَيكُم فَهَل يُلفى لَدَيكُم لَهُ شُكرُ
فَلا تَكفُروها نِعمَةً مُقرنِيَّةً / فَإِن كُفِرَت كانَت هِيَ الغُلُّ وَالأَصرُ
فَكَم خُوِّفَ النَعماءَ قَومٌ تَرَبَّصوا / فَأَرداهُمُ خُبثُ الطَوِيَّةِ وَالغَدرُ
فَلَولا التُقى وَالصَفحُ عَنكُم لَأَصبَحَت / مَنازِلُكُم يَشتو بِها الرُبدُ وَالعَفر
هُوَ المَلِكُ الوَهّابُ وَالضَيغَمُ الَّذي / لَهُ العَزَماتُ الشُمُّ وَالفَتكَةُ البِكر
هُوَ المَلِكُ السامي الَّذي سَطَواتُهُ / تُبيحُ حِمى مَن كانَ في خَدِّهِ صَعرُ
بِجَيشٍ يُغيبُ الشَمسَ عِثيرُ خَيلِهِ / وَيَحمَدُهُ بَعدَ اللِقا الذِئبُ وَالنَسرُ
كَأَنَّ اِشتِعالَ البيضِ في جَنَباتِهِ / سَنا البَرقَ وَالرَعدَ الهَماهِمُ وَالزَجرُ
وَصادِقِ عَزمٍ إِن طَما لَيلُ فِتنَةٍ / تَبَلَّجَ مِنهُ في حَنادِسِها فَجرُ
رَكوبٍ لِما يُخشى مِنَ الخَطبِ عالِمٍ / بِأَنَّ المَعالي دونَها الخَطرُ الوَعرُ
إِذا ذُكَرَت يَوماً مَغازيهِ لَم يَكُن / لِيَفضَحَها أُحدٌ وَلَم يَخزِها بَدرُ
مَغازٍ لَها في الغَربِ وَالشَرقِ رَجفَةٌ / وَفي أُفُقِ العَيا هِيَ الأَنجُمُ الزُهرُ
مَشاهِدُ فيها عُزِّزَ الدينُ وَاِعتَلى / وَأُدحِضَ فيها الجَورُ وَاِنمَحَقَ الكُفرُ
وَفيما مَضى لِلشّاهِدِ اليَومَ عِبرَةٌ / وَلكِن قُلوبٌ حَشوُها الغِلُّ وَالوَغُر
وَمَن كانَ عَمّا قُلتُهُ مُتَجاهِلاً / سَتَصدُقُهُ قَولي المُهَنَّدَةُ البُترُ
فَقُل لِحُسَينٍ دامَ في القَوسِ مَنزَعٌ / أَلا تَرعَوي مِن قَبلِ أَن يُقصَمَ الظَهرُ
زَجَرتَ طُيورَ النَحسِ تَحسَبُ أَنَّها / سُعودٌ فَلا طَرقٌ أَفادَ وَلا زَجرُ
أَماني مَخدوعٍ يُعَلِّلُ نَفسَهُ / وَمِن دونِ هاتيكَ المُنى المَشرَبُ المُرُّ
وَضَربٌ كَأَفواهِ المُخاضِ مُجاجُهُ / دَمٌ تَمتَريهِ البيضُ وَاللَدنَةُ السُمرُ
تَرَقَّب لَها مَلمومَةً تَملَأُ الفَضا / يَسوقُ إِلَيكَ الوَحشَ مِن لَغطِها الذُعرُ
تَظَلُّ عَلَيها شُغَّبُ الطَيرِ عُكَّفاً / مُعَوَّدَةً أَنَّ القَبيلَ لَها جَزرُ
يُدَبِّرُها عَزماً وَرَأياً وَمُنصَلاً / مُديرُ رَحاها لا كَهامٌ وَلا غَمرُ
إِمامُ الهُدى عَبدُ العَزيزِ الَّذي رَنَت / إِلَيهِ المَعالي قَبلَ أَن تَكمُلَ العَشرُ
أَتانا بِهِ اللَهُ الكَريمُ بِلُطفِهِ / عَلى حينَ ماجَ الناسُ وَاِستَفحَلَ الشَرُّ
وَشَعَّبَتِ الأَهواءُ دينَ مُحَمَّدٍ / وَلَم يَكُ نَهيٌ عَن فَسادٍ وَلا أَمرُ
وَوَليَ أُمورَ الناسِ مَن لا يَسوسُهُم / بِشَرعٍ وَخافَ الفاجِرَ المُؤمِنُ البَرُّ
فَأَسفَرَ صُبحُ المُسلِمينَ وَأَشرَقَت / بِطَلعَتِهِ أَنوارُهُم وَاِنتَفى العُسرُ
وَأُعطوا بُعَيدَ الذُلِّ عِزّاً وَبُدِّلوا / مِنَ الخَوفِ أَمناً وَالشَقا بَعدَهُ اليُسرُ
مَتى ما تُيَمِّم دارَ قَومٍ جُيوشُهُ / إِذا لَم يَكُن عَفوٌ فَعُمرانُها قَفرُ
أَلَيسَ الَّذي قادَ المَقانِبَ شُزَّباً / إِلى كُلِّ دَغائِلُهُ المَكرُ
فَلَم يُغنِهِ طولُ الدِفاعِ وَحِصنُهُ / وَلَم يُؤرِهِ لَو فَرَّ بَحرٌ وَلا بَرُّ
مُفيدٌ وَمِتلافٌ إِذا جادَ أَو سَطا / فَما الأَسَدُ الضاري وَما الوابِلُ الهَمرُ
طَلوبٌ لِأَقصى غايَةِ المَجدِ إِن يَصِل / إِلى رُتبَةٍ مِنها يَقُل فَوقَها القَدرُ
إِلَيكَ أَميرَ المُؤمِنينَ تَطَلَّعَت / لِتَرعى بَنيها الشامُ وَاِنتَظَرَت مِصرُ
وَناداكَ مُلتَفُّ الحَطيمِ وَيَثرِبٌ / وَلَولا اِحتِرامُ البَيتِ قَد قُضِيَ الأَمرُ
وَأَيُّ اِمرىءٍ لَم يَعتَقِدكَ أَميرَهُ / فَإيمانُهُ لَغوٌ وَعِرفانُهُ نُكرُ
وَهَل مُؤمِنٌ إِلّا يَرى فَرضَ نُصحِكُم / وَطاعَتِكُم حَقّاً كَما وَجَبَ الذِكرُ
وَمَن شَذَّ عَن رَأي الجَماعَةِ حَظُّهُ / وَإِن صامَ أَو صَلّى مِنَ العَمَلِ الوِزرُ
وَدونَكَها وَلّاجَةً كُلَّ مِسمَعٍ / يُقالُ إِذا تُتلى كَذا يَحسُنُ الشِعرُ
بِكَ اِفتَخَرَت في كُلِّ نادٍ وَمَحفِلٍ / وَكَيفَ وَأَنتَ الفَخرُ ما فَوقَهُ فَخرُ
وَصَلِّ إِلهَ العالَمينَ عَلى الَّذي / لَهُ الحَوضُ وَالزُلفى إِذا ضَمَّنا الحَشرُ
مُحَمَّدٍ الهادي الأَمينِ وَآلِهِ / وَأَصحابِهِ ما اِفتَرَّ بَعدَ الدُجى فَجرُ