المجموع : 7
أَتَغلِبُني ذاتُ الدَلالِ عَلى صَبري
أَتَغلِبُني ذاتُ الدَلالِ عَلى صَبري / إِذَن أَنا أَولى بِالقِناعِ وَبِالخِدرِ
تَتيهُ وَلي حِلمٌ إِذا ما رَكِبتُهُ / رَدَدتُ بِهِ أَمرَ الغَرامِ إِلى أَمري
وَما دَفعِيَ اللُوّامَ فيها سَآمَةٌ / وَلَكِنَّ نَفسَ الحُرِّ أَزجَرُ لِلحُرِّ
وَلَيلٍ كَأَنَّ الحَشرَ مَطلَعُ فَجرِهِ / تَراءَت دُموعي فيهِ سابِقَةَ الفَجرِ
سَرَيتُ بِهِ طَيفاً إِلى مَن أُحِبُّها / وَهَل بِالسُها في حُلَّةِ السُقمِ مِن نُكرِ
طَرَقتُ حِماها بَعدَ ما هَبَّ أَهلُها / أَخوضُ غِمارَ الظَنِّ وَالنَظَرِ الشَزرِ
فَما راعَني إِلّا نِساءٌ لَقَينَني / يُبالِغنَ في زَجري وَيُسرِفنَ في نَهري
يَقُلنَ لِمَن أَهوى وَآنَسنَ ريبَةً / نَرى حالَةً بَينَ الصَبابَةِ وَالسِحرِ
إِلَيكُنَّ جاراتِ الحِمى عَن مَلامَتي / وَذَرنَ قَضاءَ اللَهِ في خَلقِهِ يَجري
وَأَحرَجَني دَمعي فَلَمّا زَجَرتُهُ / رَدَدتُ قُلوبَ العاذِلاتِ إِلى العُذرِ
فَساءَلنَها ما اِسمي فَسَمَّت فَجِئنَني / يَقُلنَ أَماناً لِلعَذارى مِنَ الشِعرِ
فَقُلتُ أَخافُ اللَهَ فيكُنَّ إِنَّني / وَجَدتُ مَقالَ الهُجرِ يُزرى بِأَن يُزري
أَخَذتُ بِحَظِّ مَن هَواها وَبَينِها / وَمَن يَهوَ يَعدِل في الوِصالِ وَفي الهَجرِ
إِذا لَم يَكُن لِلمَرءِ عَن عيشَةٍ غِنىً / فَلا بُدَّ مِن يُسرٍ وَلا بُدَّ مِن عُسرِ
وَمَن يَخبُرِ الدُنيا وَيَشرَب بِكَأسِها / يَجِد مُرَّها في الحُلوِ وَالحُلوَ في المُرِّ
وَمَن كانَ يَغزو بِالتَعِلّاتِ فَقرَهُ / فَإِنّي وَجَدتُ الكَدَّ أَقتَلَ لِلفَقرِ
وَمَن يَستَعِن في أَمرِهِ غَيرَ نَفسِهِ / يَخُنهُ الرَفيقُ العَون في المَسلَكِ الوَعرِ
وَمَن لَم يُقِم سِتراً عَلى عَيبِ غَيرِهِ / يَعِش مُستَباحَ العِرضِ مُنهَتِكَ السِترِ
وَمَن لَم يُجَمِّل بِالتَواضُعِ فَضلَهُ / يَبِن فَضلُهُ عَنهُ وَيَعطَل مِنَ الفَخرِ
تولُستويُ تُجري آيَةُ العِلمِ دَمعَها
تولُستويُ تُجري آيَةُ العِلمِ دَمعَها / عَلَيكَ وَيَبكي بائِسٌ وَفَقيرُ
وَشَعبٌ ضَعيفُ الرُكنِ زالَ نَصيرُهُ / وَما كُلُّ يَومٍ لِلضَعيفِ نَصيرُ
وَيَندُبُ فَلّاحونَ أَنتَ مَنارُهُم / وَأَنتَ سِراجٌ غَيَّبوهُ مُنيرُ
يُعانونَ في الأَكواخِ ظُلماً وَظُلمَةً / وَلا يَملُكونَ البَثَّ وَهوَ يَسيرُ
تَطوفُ كَعيسى بِالحَنانِ وَبِالرِضى / عَلَيهِم وَتَغشى دورَهُم وَتَزورُ
وَيَأسى عَلَيكَ الدينُ إِذ لَكَ لُبُّهُ / وَلِلخادِمينَ الناقِمينَ قُشورُ
أَيَكفُرُ بِالإِنجيلِ مَن تِلكَ كُتبُهُ / أَناجيلُ مِنها مُنذِرٌ وَبَشيرُ
وَيَبكيكَ إِلفٌ فَوقَ لَيلى نَدامَةً / غَداةَ مَشى بِالعامِرِيِّ سَريرُ
تَناوَلَ ناعيكَ البِلادَ كَأَنَّهُ / يَراعٌ لَهُ في راحَتَيكَ صَريرُ
وَقيلَ تَوَلّى الشَيخُ في الأَرضِ هائِماً / وَقيلَ بِدَيرِ الراهِباتِ أَسيرُ
وَقيلَ قَضى لَم يُغنِ عَنهُ طَبيبُهُ / وَلِلطِبِّ مَن بَطشِ القَضاءِ عَذيرُ
إِذ أَنتَ جاوَرتَ المَعَرِّيَّ في الثَرى / وَجاوَرِ رَضوى في التُرابِ ثَبيرُ
وَأَقبَلَ جَمعُ الخالِدينَ عَلَيكُما / وَغالى بِمِقدارِ النَظيرِ نَظيرُ
جَماجِمُ تَحتَ الأَرضِ عَطَّرَها شَذىً / جَناهُنَّ مِسكٌ فَوقَها وَعَبيرُ
بِهِنَّ يُباهي بَطنُ حَوّاءَ وَاِحتَوى / عَلَيهُنَّ بَطنُ الأَرضِ وَهوَ فَخورُ
فَقُل يا حَكيمَ الدَهرِ حَدِّث عَنِ البِلى / فَأَنتَ عَليمٌ بِالأُمورِ خَبيرُ
أَحَطتَ مِنَ المَوتى قَديماً وَحادِثاً / بِما لَم يُحَصِّل مُنكِرٌ وَنَكيرُ
طَوانا الَّذي يَطوي السَمَواتِ في غَدٍ / وَيَنشُرُ بَعدَ الطَيِّ وَهوَ قَديرُ
تَقادَمَ عَهدانا عَلى المَوتِ وَاِستَوى / طَويلُ زَمانٍ في البِلى وَقَصيرُ
كَأَن لَم تَضِق بِالأَمسِ عِنّى كَنيسَةٌ / وَلَم يُؤوِني دَيرٌ هُناكَ طَهورُ
أَرى راحَةً بَينَ الجَنادِلِ وَالحَصى / وَكُلُّ فِراشٍ قَد أَراحَ وَثيرُ
نَظَرنا بِنورِ المَوتِ كُلَّ حَقيقَةٍ / وَكُنّا كِلانا في الحَياةِ ضَريرُ
إِلَيكَ اِعتِرافي لا لِقَسٍَّ وَكاهِنٍ / وَنَجوايَ بَعدَ اللَهِ وَهوَ غَفورُ
فَزُهدُكَ لَم يُنكِرهُ في الأَرضِ عارِفٌ / وَلا مُتَعالٍ في السَماءِ كَبيرُ
بَيانٌ يُشَمُّ الوَحيُ مِن نَفَحاتِهِ / وَعِلمٌ كَعِلمِ الأَنبِياءِ غَزيرُ
سَلَكتُ سَبيلَ المُترَفينَ وَلَذَّ لي / بَنونَ وَمالٌ وَالحَياةُ غُرورُ
أَداةُ شِتائي الدِفءُ في ظِلِّ شاهِقٍ / وَعُدَّةُ صَيفي جَنَّةٌ وَغَديرُ
وَمُتِّعتُ بِالدُنيا ثَمانينَ حِجَّةً / وَنَضَّرَ أَيّامي غِنىً وَحُبورُ
وَذِكرٌ كَضَوءِ الشَمسِ في كُلِّ بَلدَةٍ / وَلا حَظَّ مِثلُ الشَمسِ حينَ تَسيرُ
فَما راعَني إِلّا عَذارى أَجَرنَني / وَرُبَّ ضَعيفٍ تَحتَمي فَيُجيرُ
أَرَدتُ جِوارَ اللَهِ وَالعُمرُ مُنقَضٍ / وَجاوَرتُهُ في العُمرِ وَهوَ نَضيرُ
صِباً وَنَعيمٌ بَينَ أَهلٍ وَمَوطِنٍ / وَلَذّاتُ دُنيا كُلُّ ذاكَ نَزورُ
بِهِنَّ وَما يَدرينَ ما الذَنبُ خَشيَةٌ / وَمِن عَجَبٍ تَخشى الخَطيئَةَ حورُ
أَوانِسُ في داجٍ مِنَ اللَيلِ موحِشٍ / وَلِلَّهِ أُنسٌ في القُلوبِ وَنورُ
وَأَشبَهُ طُهرٍ في النِساءِ بِمَريَمٍ / فَتاةٌ عَلى نَهجِ المَسيحِ تَسيرُ
تُسائِلُني هَل غَيَّرَ الناسُ ما بِهِم / وَهَل حَدَثَت غَيرَ الأُمورِ أُمورُ
وَهَل آثَرَ الإِحسانَ وَالرِفقَ عالَمٌ / دَواعي الأَذى وَالشَرِّ فيهِ كَثيرُ
وَهَل سَلَكوا سُبلَ المَحَبَّةِ بَينَهُم / كَما يَتَصافى أُسرَةٌ وَعَشيرُ
وَهَل آنَ مِن أَهلِ الكِتابِ تَسامُحٌ / خَليقٌ بِآدابِ الكِتابِ جَديرُ
وَهَل عالَجَ الأَحياءُ بُؤساً وَشِقوَةً / وَقَلَّ فَسادٌ بَينَهُم وَشُرورُ
قُمِ اِنظُر وَأَنتَ المالِئُ الأَرضَ حِكمَةً / أَأَجدى نَظيمٌ أَم أَفادَ نَثيرُ
أُناسٌ كَما تَدري وَدُنيا بِحالِها / وَدَهرٌ رَخِيٌّ تارَةً وَعَسيرُ
وَأَحوالُ خَلقٍ غابِرٍ مُتَجَدِّدٍ / تَشابَهَ فيها أَوَّلٌ وَأَخيرُ
تَمُرُّ تِباعاً في الحَياةِ كَأَنَّها / مَلاعِبُ لا تُرخى لَهُنَّ سُتورُ
وَحِرصٌ عَلى الدُنيا وَمَيلٌ مَعَ الهَوى / وَغِشٌّ وَإِفكٌ في الحَياةِ وَزورُ
وَقامَ مَقامَ الفَردِ في كُلِّ أُمَّةٍ / عَلى الحُكمِ جَمٌّ يَستَبِدُّ غَفيرُ
وَحُوِّرَ قَولُ الناسِ مَولىً وَعَبدُهُ / إِلى قَولِهِم مُستَأجِرٌ وَأَجيرُ
وَأَضحى نُفوذُ المالِ لا أَمرَ في الوَرى / وَلا نَهيَ إِلّا ما يَرى وَيُشيرُ
تُساسُ حُكوماتٌ بِهِ وَمَمالِكٌ / وَيُذعِنُ أَقيالٌ لَهُ وَصُدورُ
وَعَصرٌ بَنوهُ في السِلاحِ وَحِرصُهُ / عَلى السِلمِ يُجري ذِكرَهُ وَيُديرُ
وَمِن عَجَبٍ في ظِلِّها وَهوَ وارِفٌ / يُصادِفُ شَعباً آمِناً فَيُغيرُ
وَيَأخُذُ مِن قوتِ الفَقيرِ وَكَسبِهِ / وَيُؤوي جُيوشاً كَالحَصى وَيَميرُ
وَلَمّا اِستَقَلَّ البَرَّ وَالبَحرَ مَذهَباً / تَعَلَّقَ أَسبابَ السَماءِ يَطيرُ
صحبت شكيبا برهة لم يفز بها
صحبت شكيبا برهة لم يفز بها / سواى على أن الصحاب كثير
حرصت عليها آنة ثم آنة / كما ضنّ بالماس الكريم خبير
فلما تساقينا الوفاء وتم لي / وداد على كل الوداد أمير
تفرّق جسمي في البلاد وجسمه / ولم يتفرّق خاطر وضمير
فداها نساء الأرض من جركسية
فداها نساء الأرض من جركسية / لها سيرة بين الملوك تدار
إذا برزت ود النهار قميصها / يُغير به شمس الضحى فتغار
وإن نهضت للمشي ودَّ قوامها / نساء طوال حولها وقصار
لها مبسم عاش العقيق لأجله / وعاشت لآل في العقيق صغار
وقطعة خد بينما هي جنة / لعينيك يا رائي إذا هي نار
محمد ما أخلفتنا ما وعدتنا
محمد ما أخلفتنا ما وعدتنا / صدقت وقال الحق فيك ضمير
فأنت خضم العلم حال سكونه / وأنت خضم العلم حين تثور
وأنت أمير الحفظ والقول والنهى / إذا لم ينل تلك الثلاث أمير
ففوق عليم القوم منك معلِّم / وفوق وزير القوم منك وزير
إذا جهلت يوما علينا خصومنا / فإنك من جهل الخصوم مجير
وإن جردوا الأقلام جردت إثرها / يراعا له في الخافقين صرير
إذا صال لاقى ضيغم القوم ضيغما / له في نفوس الشانئين زئير
وأنت قريب في الولاء مؤمل / وأنت أبىّ في الخصام كبير
ويعجبني منك ألتقى حين لا تقى / وجدك حين الهازلون كثير
شجوني إذا جُن الظلام كثير
شجوني إذا جُن الظلام كثير / يؤلبها عادي الهوى ويثير
إذا دهمت والليل من كل جانب / فنومي قتيل والصباح أسير
مشت لجناح واهن من جوانحي / ومالت على القلب الضعيف تُغير
فما ثار هذا الليل عندي وإنني / أليف له في جُنحه وسمير
إذ رقد الحياء نادمت نجمه / أدير له ذكر الكرى ويدير
ضعيفين لا نعطى حَراكا على الدجى / كلانا عليه مُقعد وعثور
نشدنا دفين الصبح في كل ظلمة / عليه كأنا منكر ونكير
يسائلني الساقي أَما لك نشوة / لعلك رضوى أو عساك ثبير
تكاد تخف الكأس من نفحاتها / وأنت على مر الكؤوس وقور
فقلت عوادي الهم بيني وبينها / تكاد تصدّ الكأس حين تدور
أتشغل قلبي الراح عن بعض ما به / وأشغال قلبي لو علمت كثير
برى البين ظُفريه وأذهب ريشه / وهدّ جناحيه فكيف يطير
يكاد يلين الجذع من زفراته / وييبس منها الفرع وهو نضير
كلانا غريب في المضاجع ليله / طويل وليل العالمين قصير
أقول له والغُدر بيني وبينه / ومن مدمعينا جدول وغدير
يلوم أناس ليس يدرون ما الهوى / لعلك دار يا حمام عذير
بعيشك خبرني وإن كنت عالما / هل الحب إلا جنة وسعير
أهنتُ عزيز الصبر فيك وخانني / إباء وفىٌّ في الخطوب وفير
وما أنا من ينضو عن النفس شيمة / ولكن سلطان الغرام قدير
خُلقت رحيم القلب آوى إلى الهوى / وأنكر ضيف الحقد حين يزور
وما خذلتني في بلاء سجية / وبعض السجايا خاذل ونصير
ولا رمت إلا النفع للناس مطلبا / ولا ارتاح لي إلا إليه ضمير
ومن يصحِب الأملاك عشرين حجة / يُجَمِّله خُلق في الخلال أمير
سما بي مديح الكابر ابن محمد / إلى حيث لا يبغى المزيد كبير
تجلى على الأبصار والصبح فانثنت / تباهي به شمس الضحى وتغير
وما استقبلت إلا ضياها تعيره / دليل الهوى من نورها ويعير
أغر تحلى بالحياء وبالهدى / فأعلاه نور والغضون نمير
فمتى الهمة الشماء فضلك سابق / وشعبك جاز بالولاء شكور
يروم رعاياك الذي نال غيرهم / وأنت بتحقيق المرام جدير
جمعت الأدانين الشجاعة والحجى / فكل عسير إن عزمت يسير
أتعلو علينا في المشارق أمة / وجدّك دل الشرق كيف يسير
حباه حياة في الحضارة جمة / يشير إليها العصر وهو فخور
وقد ترفع الأوطانَ للنجم همةُ / ويُرجع قوما للحياة شعور
ويبعث نورُ العلم شعبا تضمه / من المجهلات الحالكات قبور
ويمضي على حال ويأتي بضدها / زمان ظروف كله وأمور
أيا لورد في طول البلاد وعرضها
أيا لورد في طول البلاد وعرضها / زغاليل من حر الفراق تطير
فكلها إذا حطت لديك بلندن / فأمثالها في دنشواى كثير
ولكن هذى هضمها فيه راحة / وتلك لعمري هضمهن عسير